مقاربات (نقد-نصية) لبنية السورة القرآنية:
الجمع بين القراءتين التزامنية والتعاقبية لسورة البقرة

تقدّم ماريانا كلار في هذه الدراسة مقارنةً بين عدد من البرامج الفاحصة للنّسق التركيبي لمتن القرآن والتي تنتمي للاتجاهين البارزين في الدرس الاستشراقي: الدياكروني والسانكروني، وذلك في محاولة منها للاستفادة من نتاجات الاتجاهين وأدواتهم المنهجيّة في إيجاد تركيب منهجي يقدّم نسقا أفضل لفهم تركيب وبناء النصّ القرآني.

  مع بروز الاتجاه (السانكروني) التزامني على ساحة الدرس الاستشراقي للقرآن، بتوظيفه عدة منهجية مستمدة من حقل دراسات الكتاب المقدس وحقل الدراسات الأدبية، برزت للجميع تلك التبايُنات بين هذا الاتجاه الجديد وبين الاتجاه الدياكروني التعاقبي أو التاريخي التطوري الذي سيطر على الدرس الاستشراقي منذ بداياته، حتى بات النظر للاتجاهين كاتجاهين شديدي التمايز، فقد تم النظر لهما كاتجاهين يقدمان صورتين متغايرتين تمامًا لِما عليه النص القرآني من حيث النظام والتركيب، فالاتجاه السانكروني هو الذي قدم الأفكار حول وجود بنية واضحة للنص القرآني، تحتاج للاستكشاف، بعدما كان النظر المتكرس من قبل الدياكرونيين هو أن النص خالٍ من أيّ نظام.

الرهان الأساس لهذه الدراسة لماريانا كلار هو محاولة إيضاح كيف يمثل هذا الفصل بين الاتجاهين -خصوصًا على المستوى المنهجي- عائقًا أمام فهمٍ أفضل لبنية النص القرآني؛ لذا تحاول كلار القيام بمحاولة للتركيب بين تلك المحددات والمعايير التي قدمها الاتجاهان في دراسة النص القرآني من المنظورين المختلفين، للوصول لتوليفة منهجية قادرة على تقديم قراءة أفضل للسور القرآنية.

وقد قسمَت ورقتها إلى أربعة أقسام: فتم تخصيص قسمَيْها الأولَيْن لنتاج الاتجاه السانكروني، حيث تقدم كلار مقارنةً وتحليلًا لعدد من افتراضات بعض الباحثين لبنية سورة البقرة، بحثًا عن الاتفاقات والاختلافات في معايير التقسيم وأدواته. أمّا في القسم الثالث فتقارن بين النظام التعاقبي للقرآن الذي اقترحه مهدي بازركان وبين اقتراحات نولدكه وبيل. لتختم دراستها بقسم رابع يتناول إمكان الاستفادة مما تقدمه البرامج الهرمنيوطيقية مختلفة المناهج هذه من أدوات ومعايير ومحددات تستطيع أن تضيء بنية النص القرآني، مطبقة هذا على سورة البقرة.

ونحن، وبعد أن ترجَمْنا عددًا من المقالات والدراسات التي تتناول مسألة التحليل السانكروني للقرآن ونظامه وبنية سوره بمعزل عن استخدام الأدوات الدياكرونية؛ تأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على المزاوجة المنهجية بين الاتجاهين، والتي يقوم بها عدد من المستشرقين على رأسهم أنجيليكا نويفرت، فمثل هذا يستطيع أن يكشف الأثر الكبير للقراءة التزامنية للنص في تشكيل الدرس الاستشراقي المعاصر وإثرائه عبر الأدوات والمناهج الجديدة، كما يلقي ضوءًا على آفاق هذه القراءة.

المؤلف

ماريانا كلار - Marianna Klar

باحثة بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية جامعة لندن، مهتمة بالدراسة الأدبية للقرآن والتفاسير التقليدية، شاركت في تحرير عدد من الكتب في هذا السياق.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))