أسباب تراجع الاهتمام بدراسة العلاقة بين القرآن والكتب السابقة في الدراسات الغربية المعاصرة
قراءة تحليلية

دراسة العلاقة بين القرآن والكتب السابقة، هو أحد الاهتمامات المركزية للدراسات الغربية للقرآن منذ نشأتها، وقد خضع هذا الاهتمام لعدد من التحولات منذ الحرب العالمية الثانية، يحلل ديفين ستيوارت في هذه الدراسة طبيعة هذه التحولات، وأسباب ما يعتبره تراجعًا في الاهتمام بهذه المساحة في النصف الثاني من القرن العشرين.

  دراسة العلاقة بين القرآن والكتب السابقة، هي مساحة مركزية في الدراسات الغربية للقرآن منذ نشأتها كحقل علمي في القرن التاسع عشر؛ إِذْ برز في هذه الفترة عددٌ من الكتابات التي باتتْ مركزية في دراسة هذه العلاقة لاحقًا، مثل: (ماذا أخذ محمد من اليهودية؟) لإبراهام جايجر، و(قصص أهل الكتاب في القرآن) لهاينريش شباير، و(المصادر الأصلية للقرآن)، وقد عادت دراسة صِلَة القرآن بالكتب السابقة للاهتمام مرّة أخرى في العقود الأخيرة، وإن كان وفق منهجيات مغايرة.
في هذه الدراسة يؤرّخ ديفين ستيوارت لتراجع الاهتمام بدراسة العلاقة بين القرآن والكتب السابقة، والذي تمّ بعد الحرب العالمية الثانية، مع صعود النازية ورحيل كثير من الأسماء البارزة في الحقل وانقطاع تسلسل التقاليد البحثية التي تركها المؤسِّسون للحقل، ويرى أن هذا التراجع ظلّ مسيطرًا على الحقل رغم انتعاشه في دراسة مساحات أخرى، ويحاول ستيوارت أن يفسِّر الأسباب التي أدّت لتراجع الاهتمام بهذه المساحة.
يجمل ستيوارت هذه الأسباب في نقطتين؛ الأولى: هي تراجع الاهتمام بالقرآن لصالح الاهتمام بسيرة نبيّ الإسلام، وهو ما يرجعه للتأثّر بدراسات حياة المسيح في ثلاثينيات القرن العشرين، والتأثر بمقالة يوهان فوك حول وضع الدراسات القرآنية، وهو ما تزامن مع محاولات إيجاد حوار بين المسيحية والإسلام، مما أدى لمحاولة إزاحة المساحات التي تثير إشكالًا، وعلى رأسها علاقة القرآن بالكتب السابقة. النقطة الثانية: هي تأثير دراسات ويلفرد كانتويل سميث حول الأديان، والتي تؤكّد على ضرورة معاملة النصوص المقدّسة في شكل تلقّيها لدى المؤمنين بها، والاهتمام بالتراث التفسيري الذي تركه المسلمون في دراستهم للقرآن بدلًا عن التجاهل الغربي المستمرّ له. أدّى هذان العاملان وفق ستيوارت إلى اتجاه الاهتمام في الدراسات الغربية إلى التفسير وإلى سيرة الرسول وإلى تراجع مساحة دراسة علاقة القرآن بالكتاب المقدّس.
كما يلقِي ستيوات الضوء على بعض المحاولات المعاصرة لاستعادة دراسة هذه العلاقة، وإن كان عبر استخدام منهجيات مختلفة، تنطلق من إعادة الاعتبار لصنيع القرآن في حواره مع الكتب السابقة لعرض رؤاه العقدية الجديدة.
تأتي أهمية هذه الدراسة من كونها تقدِّم تأريخًا لإحدى أهمّ مساحات الدراسات الغربية للقرآن، وتحاول بيان أسباب تحولاتها، مما يجعل الاطلاع عليها مفيدًا للقارئ العربي.

المؤلف

ديفن ج. ستيوارت - DEVIN J. STEWART

أستاذ الدراسات الإسلامية واللغة العربية وآدابها بجامعة إيموري، تتركز اهتماماته على القرآن والشريعة الإسلامية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))