البحث العلمي وربطه بالمستجدات في الدراسات القرآنية العليا
واقع وآفاق

لا تخفى أهمية البحث العلمي في النهوض بالعلوم، وضرورة توافق حاجات الواقع مع ما ينتج عن البحث العلمي، وهذا البحث يتناول مفهوم البحث العلمي في الدراسات القرآنية، ومدى أصالته وأهميته في الوسط الإسلامي، كما يُسَلِّط الضوء على خصائص المتغيرات المبحوثة في هذا الميدان.

  اشتملت الدراسة على ثلاثة مباحث تطرَّق الباحث ضمنها إلى ما يتميَّز به البحث العلمي في مجال الدراسات القرآنية العُليا من خاصِّية وأهميَّة كبرى تُعْنَى بالجانب النظري وخصائص المتغيرات المبحوثة (الشخصية الباحثة وواقعه الأكاديمي وطموحاته). وقد تجلَّت مشكلة البحث في أن المجتمعات اليوم بأمسّ الحاجة إلى تخطيط وتنظيم علمي مقنّن لتحقيق التنمية للشعوب لتكون أسوة بالدول المتقدمة تقنيًّا، فالملاحظ حاليًا عند تصنيف الجامعات من حيث التقدّم التقني أنّ الجامعات الإسلامية -والكليات القرآنية منها خاصّة- يأتي تصنيفها في مراتب متأخرة من حيث ابتكار التقنيات وتطبيقها ومواكبة المستجدات المعاصرة.

وإذا ما أردنا التقصّي عن قصور بعض الأبحاث في هذا المجال، فإننا سنجد قصورًا في الربط بين مخرجات البحوث في الدراسات القرآنية العليا واحتياجات المجتمع، وذلك من خلال عدم توافق حاجات الواقع مع ما تقدّمه بعض الأبحاث في هذا المجال؛ مما أبعد تلك الأبحاث عن الميدان، بسبب تخلّفها عنه وبعدها عن المستجدات المعاصرة، فضلًا عن ضعف الإحساس بالمسؤولية لدى بعض الباحثين في الدراسات القرآنية تجاه خدمة الدين والمجتمع، إذ لا يقدِّر بعضهم قيمة البحوث العلمية حول متطلباتها، ويعدّونها نوعًا من البعد العلمي الذي لا طائل من ورائه، ولا فائدة تُرجی منه، والمهم عندهم الوظيفة أو الترقية.

وقد حاول البحث دراسة كيفية تفعيل سبل الابتكار، والتجديد في البحث العلمي في مجال الدراسات القرآنية العليا من أجل ترسيخ وجودِه، وضمان استمراره في أداء رسالته المعرفية والتربوية والتنموية، ومواءمته لمتطلبات العصر، من أجل الحثّ على التأطير العملي للتوفيق بين مخرجات الأبحاث القرآنية والمشاريع النهضوية في مختلف المجالات کي تُشكل القاعدة الأساسية لقدرتنا على الاختراع السِّلمي، والابتكار الجدّي، وتطوير المناهج والفكر، ولا يمكن أن يكون ذلك إلّا إذا تعاقبت أنشطة تلك الأبحاث إلى اكتشاف ما هو جديد ومحاكاة الواقع، ومن ثَم المبادرة إلى وضع حلول ودراسات تهدف إلى تعزيز حفظ الإنسان وكرامته وحقوقه کي تنتظم الحياة[1].

 

[1] نُشر ضمن بحوث المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية، ط. مركز تفسير، الطبعة الأولى 1436هـ/ 2015م، (1/ 349-408).

المؤلف

الدكتور أحمد عبد الكريم الكبيسي

رئيس قسم أصول الدين بجامعة الشارقة، تخصص التفسير وعلوم القرآن قسم القراءات، وله ‏عدد من المؤلفات والبحوث العلمية المنشورة.‏

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))