الدراسات القرآنية والفيلولوجي التاريخي النقدي
انطلاق القرآن من التراث الكتابي وتغلغله فيه وهيمنته عليه

المترجم : محمد عبد الفتاح
تقدّم نويفرت في هذه الورقة قراءة في سمات النصّ القرآني محاولة ربطها بسياق تلقي النصّ، بغية استكشاف مراحل تطور الخطاب المرتبطة بمراحل تطور وعي الأمة المؤمنة بموقعها في التاريخ الروحي، وكيفية إعادة القرآن بناء النصّ الكتابي في رسمه تاريخ الأمة الناشئة.

  أنجيليكا نويفرت واحدة من أهم الأسماء على ساحة الدرس الاستشراقي المعاصر، وتعدُّ مقارباتها للقرآن (والتي تستخدم عُدّة منهجية تطعم التحليل الدياكروني للنصّ بمراعاة البنية الكلية له بالإضافة لمراعاة سياقه الشامل المستوعب لسياقات تلقيه ولعلاقاته بصناعة الأمة ولسياقات تناصه مع النصوص السابقة) -من المقاربات اللافتة على ساحة هذا الدرس والتي تحتاج للفت أنظار الباحثين العرب إليها.

هذه المادة هي ورقة ألقتها المستشرقة الألمانية في مؤتمر جمعية الدراسات القرآنية الدولية عام 2014، ونستطيع القول بأن هذه الورقة قادرة على إبراز الكثير من سمات اشتغال نويفرت متعدد المنهجية، حيث تحاول هنا دراسة سمات النصّ القرآني الثلاث؛ كونه بلاغًا وتنزيلًا وهُدًى، في ضوء ربط هذه السمات بوضعيات التلقي له، من أجل استكشاف مراحل تطوّر الخطاب باعتبارها هي مراحل صنع هوية الأمة المؤمنة وبناء وعيها بموقعها في تاريخ الأمم السابقة، محاولة إبراز استخدام القرآن للكتاب المقدّس وإعادة بنائه من أجل بناء هذه الهوية الجديدة.

من هنا تركز نويفرت على صلة النصّ القرآني بالنصّ الكتابي، والتطور في هذه الصلة، ومراحلها، من حيث مدى التوسع الزماني والمكاني في التعامل معه والمرتبط بتطوّر نظرة الأمة لنفسها وصلاتها بالأمم السابقة ونظرتها لموقعها الروحي في جدل الميثاق، ومركز هذه الصلة والتي يشكلها وفقًا لها قصة موسى.

كما أنّ هذه الورقة -كما يتضح من عنوانها- تعدُّ امتحانًا للأدوات المنهجية المتاحة والمعهودة في الدرس الاستشراقي، واستكشافًا لإمكانات تطويرها، حيث ترى نويفرت أنّ الدراسة الكرونولوجية للنصّ والمعهودة في الكتابات الاستشراقية الكلاسيكية لا بد أن تُطعِّم بالدراسة الأدبية لمعرفة نوع النصّ المدروس، لتَبيُّن طرق تعامله مع المتلقين ومدى علاقته بهم وأثر ذلك في بنائه.

قد يختلف القارئ مع بعض تلك النتائج التي تصل لها أنجيليكا نويفرت في ورقتها هذه، لكن يظلّ من المفيد للدارس النظر في المنهجيات التي تقترحها ومدى أهميتها ونجاعتها من عدمه ومحاولة استشراف النظر لآفاق مثل هذه التطويرات وأثرها في الدرس الغربي للقرآن.

المؤلف

أنجيليكا نويفرت - ANGELIKA NEUWIRTH

أستاذ الدراسات السامية والعربية في جامعة برلين الحرة، تُعد من أشهر الباحثين الألمان والأوروبيين المعاصرين في الدراسات القرآنية والإسلامية.
درست الدراسات السامية والعربية والفيلولوجي في جامعات برلين وميونيخ وطهران، عملت كأستاذ ومحاضر في عدد من الجامعات، مثل: برلين وميونيخ وبامبرغ، كما عملت كأستاذة زائرة في بعض الجامعات مثل: جامعة عمان بالأردن، وجامعة عين شمس بالقاهرة.
أشرفت على عدد من المشاريع العلمية، منها مشروع (كوربس كورانيكوم).
ولها عدد من الكتابات والدراسات المهمّة في مجال القرآن ودراساته.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))