مسار «قراءات في كتب» على موقع تفسير؛ الرؤية والخطوات والآليات

أَطلق مركز تفسير على موقعه مسارًا يستهدف التقويم المنهجي لمؤلفات الدراسات القرآنية تحت مسمى «قراءات في كتب»، ونستعرض في هذه المقالة رؤية المسار، وأهم أهدافه، ونبيِّن للراغبين في المشاركة من متابعي الموقع خطوات إعداد القراءة المنهجية.

  لا يخفى على مطالعٍ أهميةُ التقويم المنهجي للمؤلفات والإصدارات التي تظهر تباعًا في حقل التخصص، وكيف أنه يعدّ عملًا مفيدًا في كشف حقيقة الأوزان العلمية للتآليف وبيان ما لها وما عليها، لا سيما مع تزايد الإنتاج العلمي وكثرته بصورة كبيرة جدًّا وتعذُّر متابعة جديده وفرزه وتبيُّن أولاه بالمطالعة والقراءة، فضلًا عن تمهيده لإمكان عقد دراسات أكثر عمقًا عن النتاج العلمي في فروع التخصصات تبعًا لما يثيره هذا التقييم من ملحوظات وإشكالات وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي تعود من جرّاء مثل هذا النمط من التقييم المنهجي للتصانيف.

ومن هاهنا أطلق مركز تفسير على موقعه -إبّان إعادة إطلاقه له في حُلّته الجديدة- مسارًا لتقويم المؤلفات في باب الدراسات القرآنية تحت عنوان «قراءة في كتاب»، وهذا المسار يُعنى في جملته بالكشف عن الأوزان العلمية لمؤلفات الدراسات القرآنية بصورة منهجية وعلميّة دقيقة.

ويهدف المركز من وراء طرح هذا المسار إلى جملة من الأهداف؛ منها:

  • تسليط الضوء على طبيعة الواقع الحالي للتأليف في حقول الدراسات القرآنية، وكشْف جوانب القوة والضعف فيه، وتحديد مواطن النضج والقصور.
  • فتح آفاق بحثية ومجالات معرفية للباحثين عبر ما تثيره هذه القراءات من إشكالات وملحوظات على المؤلفات وحركة التأليف.
  • بيان حقيقة الجهود المبذولة في مؤلفات الدراسات القرآنية؛ تمهيدًا لمحاولة إتمامها.
  • بَلْوَرَة العديد من المقترحات اللازمة، التي تُسهم بدورها في رَسْم ملامح أفق تطوير واقع البحث في الدراسات القرآنية وتحسينه.
  • فتح الأبواب أمام الدارسين للعديد من الدراسات المعمّقة حول واقع التأليف في الدراسات القرآنية بمساراتها المتنوعة.
  • فتح الباب أمام عمل دراسات تقويمية أكثر توسعًا وعمقًا في فروع الدراسات القرآنية عبر ما تثيره هذه القراءات من إشكالات وملحوظات.
  • إثراء حركة النقد المنهجي في الساحات العلمية وتنميتها في الفضاء البحثي بصورة عامة؛ لأهميتها وضرورتها في النهوض بالواقع البحثي والارتقاء به.

وفي ضوء ما نشره الموقع من قراءات في الفترة السالفة وما تحصّل لديه من نظر في سبل إعداداها وتحريرها والإشكالات التي يواجهها الباحثون في التعامل معها، وكذلك رغبة منه في أن تتسع رقعة هذه القراءات والمراجعات على الموقع وأن يشارك فيها قطاع واسع من الباحثين في مختلف فروع الدراسات القرآنية =قامت اللجنة العلمية للموقع بإعداد هذه المقالة لبيان أهم الخطوات اللازمة لذلك؛ بحيث تتجلى صوى طريقة السير في إعدادها وتتحدّد معالمها وتتضح مسالكها، ومن ثَمَّ يكون الخطو إليها أكثر سهولة ويُسْرًا لراغبي المشاركة فيها من قرّاء الموقع الكرام ومتابعيه. وبيانه على النحو التالي:

خطوات إعداد القراءة:

لا شك أن إعداد قراءة منهجية لأحد المؤلفات يُعَدّ عملًا شاقًّا ومرهقًا، وسوف نذكر أهم الخطوات اللازمة التي تعين متّبعيها على إنشاء قراءة جيدة، وإن كان الأمر يتعلق بطبيعة الحال بالقدرة البحثية والعلمية للباحث وخبرته وطول باعه في النظر ومدى درجة اتصاله بالبحث ودربته في ممارسته.

وسوف نقسم خطوات إعداد القراءة إلى ثلاث خطوات رئيسة:

الخطوة الأولى: ما قبل صياغة القراءة:

وهاهنا مجموعة من الأمور[1]:

- قراءة الكتاب قراءة معمّقة:

وهذه الخطوة خطوة بدهيّة لمن يريد القيام بقراءة منهجية لأحد المؤلفات، حيث يحتاج إلى قراءته كاملًا قراءة معمّقة والعودة لذلك -بشكلٍ كاملٍ أو جزئي- مرة أو مرتين أو أكثر بحسب ما يتطلبه الحال، وذلك حتى يُحسن تصوّر قضايا الكتاب ومسائله على نحوٍ دقيقٍ. وكذلك قد يحتاج إلى قراءة بعض أعمال الكاتب ذات الصلة إن وُجدت فهو أدعى بلا شك لتكوين فكرة أكثر دقة عن الكاتب والكتاب.

- النظر في إشكالية الكتاب وأهدافه:

لكلّ عمل أو تأليف إشكالية ينطلق منها ويسعى لحلها والإجابة عنها عبر الكتابة والتصنيف، وهذه الإشكالية هي النقطة الرئيسة التي يقف عليها الكاتب قبل التأليف والتي تكون سببًا في دفعه للكتابة والبحث، وفي ضوئها يَبْنِي بحثَه بشكلٍ كاملٍ؛ فيوظّف من بين المناهج ما يتلاءم مع مقاربتها والتعامل معها، ويتأمل المحددات المنهجية التي تفضي إلى بحثها بطريقة علمية لا مطعن عليها، ويرتّب نسق البحث ويقسّم أجزاءه للوصول إلى معالجتها بشكلٍ متكاملٍ ومُوعبٍ.

وكذلك لكلّ كتاب جملة من الأهداف والغايات يريد تحقيقها والوصول إليها عبر البحث والتصنيف.

وإن النظر لهذين الجانبين له أهمية كبيرة في القراءة المنهجية للبحوث والأعمال العلمية؛ فمن المهم جدًّا النظر للإشكالية وتقويمها في ذاتها ومدى جدوى استحقاقها للمطارحة البحثية من عدمه، وأيضًا مدى انضباطها وواقعيتها منهجيًّا، وكذلك التأمل في كيفيات مقاربتها ومعالجتها وما اتخذه الباحث من إجراءات في سبيل بحثها والإجابة عنها. 

وكذلك الحال في الأهداف وضرورة تأملها ومدى دقتها وانضباط حدودها في ضوء إشكالية البحث، وكذلك مدى توفية البحث بتحصيلها.

تنبيهات:

أولًا: من أبرز الآفات التي تعتري إشكاليات البحوث هو ما يظهر فيها من اتساع؛ فبعضها يختار لنفسه إشكالية متسعة تحتاج لجملة من البحوث، وبالتالي سيضعف البحث حتمًا ويعجز عن التوفية بمعالجة إشكاليته وتكون معالجته سطحية، أو تكون الإشكالية غير محرَّرَة في ذاتها وليست دقيقة علميًّا.

ثانيًا: من أبرز أخطاء معالجة الإشكالات العلمية للبحوث هو ضعف الإجابة عنها لوجودِ خللٍ لدى البحث في تصوّر اللازم لمعالجتها وغير ذلك، وهو ما يُبقي الإشكال ذاته قيد البحث مفتوحًا وغير مجاب عنه، وقد يكون ذلك بصورة جزئية أو كلية بحسب ما اعترى المعالجة من ضعف؛ فقد لا يجيب البحث عن إشكاله إلا بصورة جزئية فقط، وأحيانًا يحدث انزياح كامل عن معالجة الإشكالية، حيث يُعْنَى البحث بمعالجة أمور لا ترتبط بإجابة الإشكال قيده بشكلٍ دقيقٍ؛ وذلك كأن يعمد البحثُ في إشكاله إلى الموازنة بين كتابين في مجموعة أمور ثم ينصرف عن ذلك بصورة كبيرة إلى بيان كلامهما في الموضوعات محلّ الموازنة ولا يوازن إلا بصورة جزئية أو لا يوازن أصلًا؛ ومن ثم تصبح إشكاليته مفتوحة بهذه الصورة جزئيًّا أو غير معالجة كلية.

الانتباه للمحددات المنهجية في الكتاب:

 لكلّ كتاب مجموعة من المحدّدات والأُطُر المنهجية التي يصدر عنها في مقاربته لموضوعه وإشكاليته، والتي عبرها يحاول أن يؤطِّر سَيْرَهُ العام والخاص في تناوله لموضوعه؛ لئلا يتسرب له خلل يفسد علمية التناول ويطعن على علمية النتائج ويشكك فيها، وذلك كأن يضيّق حدود بحثه لموضوعه فيجعله مأطورًا بحقبة زمنية محددة ومشتغلًا بِعَلَمٍ معين أو كتاب محدد... إلخ، أو يتخذ لنفسه جملةً من المحدّدات الإجرائية في كيفيات المعالجة الداخلية للموضوع وبحث جزئياته في ضوء الإطار العام الذي أَطَّر به عمله.

وهذه الأُطُر والمحددات من الأمور المهمّة جدًّا في التقييم؛ إذ هي التي تتحكم في مسار البحث وفي تناوله للموضوع، ومن ثَمَّ فإن الانتباه إليها في كلام الكاتب ضرورة لا تخفى لعقد التقويمات المنهجية، إذ تلعب دورًا محوريًّا في الحكم على المقاربة البحثية ومدى اعتبار علميّتها في الطرح.

- تبيّن أهم المميزات وأهم الملحوظات والسلبيات:

وهذه إحدى الثمرات الرئيسة للقراءة، حيث تُعنى ببيان خلاصات النظر في الكتاب والموقف منه ومن مقاربته، فتحاول أن تحدد بوضوح أهم المزايا والإيجابيات التي ظهرت في الكتاب، وكذا رصد أبرز السلبيات والعيوب، وكلّ ذلك في إطار يتصل بالبعد المنهجي للكتاب لا التفاصيل والجزئيات.

تنبيهات:

أولًا: عدم العجلة بالحكم بالمزايا أو العيوب إلا بعد التأمل الطويل وإحكام الأسباب والمسوغات الخاصّة بكلّ منهما.

ثانيًا: من الأمور المهمّة التي تُكسب القراءة المنهجية عمقًا هو البحث عن التعليل والتفسير لما تطرحه من سلبيات وإيجابيات وغير ذلك، فهذا يكسبها عمقًا في التأصيل والاستيعاب المنهجي ويبعدها عن التناول السطحي للأمور.

الخطوة الثانية: صياغة القراءة:

من الممكن أن تصاغ القراءة المنهجية بأكثر من طريقة، وفيما يلي بيان لبعض العناصر التي يمكن أن تصاغ القراءة في ضوئها، والتي تُعِينُ على تحقيق الغرض منها على نحو حسن[2]:

1- عرض بيانات الكتاب والكاتب:

وهنا يَذْكُر البيانات الببليوغرافية المعهودة للكتاب:

  • اسم الكاتب.
  • عنوان الكتاب كما هو بالغلاف.
  • نوع الكتاب (ويحدد فيه هل الكتاب أطروحة أكاديمية (ماجيستير-دكتوراه) أم أنه ليس عملًا أكاديميًّا).
  • أعداد الصفحات (شاملة الفهارس وقائمة المصادر).
  • دار النشر وسنة النشر.
  • رقم الطبعة.

2- المؤلف في سطور:

وفي هذا العنصر يتم التعريف بإيجاز بالمؤلف وأهم البيانات الخاصّة به وبسيرته العلمية.

3- تمهيد:

وهو مدخل عام للقراءة يبيّن فيه باختصار أهمية الكتاب والموضوع، وكذلك أهمية تخصيصه بالقراءة والأسباب الداعية لمثل ذلك، وأبرز المساحات التي ستُعنى القراءة بالكشف عنها في الكتاب. وهذه الأمور من المهم تحريرها بدقة في التمهيد حتى يكون القرّاء على بصيرة ووعي بها.

ويمكن تلمّس أهمية الكتاب من جوانب عديدة كأن يكون موضوع الكتاب مُهمًّا ويعاني فقرًا في دراسته، أو أن يكون قد تبنّى إشكالية لها تميّز معيّن في أحد الموضوعات وولوج لمساحات جديدة غير مطروقة وتحتاج إلى تحرير، أو لمكانة كاتبه ذاته في التخصص، أو غير ذلك مما قد يظهر تميّز الكتاب ومقاربته وأهمية العناية بتسليط الضوء عليه.

وأما أبرز الجوانب التي ستُعْنَى القراءة بالتركيز عليها فإنها تصاغ تبعًا لما ذكر في أسباب أهمية الكتاب كأن تتساءل مثلًا عن إشكاليته أو أهدافه وفرضياته وكيفية تحقّقها وحضورها في الكتاب والتعامل المنهجي معها ونحو ذلك.

ومن المهم أن يُصاغ التمهيد بطريقة:

  • مُركَّزة: لتبرز بوضوح أهمية الكتاب وقراءته وأهم المساحات التي سيجري التركيز عليها.
  • مشوِّقة: لتجذب القرّاء لمواصلة القراءة والإقبال عليها، ولذلك يحسن أن تختم بأسئلة مركّزة في بيان الجوانب التي ستسلط القراءة عليها النظر وتفحصها.
  • مختصرة: لتتاح المساحة الأكبر لصلب العمل.

4- ذكر محتويات الكتاب:

وفيه تُستعرض محتويات الكتاب رهن المعالجة، ويشترط في ذلك الاختصار قدر الطاقة بما لا يخلّ بإطلاع القارئ على أهم محتويات الكتاب وأبرزها ليسهل عليه بعد ذلك تصوّر التحليل والنقد وسائر ما يعرضه الباحث في قراءته.

ولا يشترط أن يُعْرَض فهرس الكتاب بتمامه إلا إن كان قصيرًا، وإنما يسرد أهم ما تناوله الكاتب من موضوعات بشكلٍ سرديٍّ مجملٍ.

5- ذكر هدف الكتاب:

ويستلّه الباحث عادة إما من مقدمات الكاتب إن كان نصّ عليه، أو من خلال تصفّح الباحث لمادة الكتاب وفهمه لها. ومن المهم هاهنا:

أولًا: ذكر الهدف كما ذكره الكتاب، ويفضّل نقل نصّ الكاتب نفسه متى وُجِدَ.

ثانيًا: أن يبين الباحث في حالة عدم نصّ الكتاب على هدفه أنه لم ينصّ على هدفه، وأن ما سيذكره من أهداف هو نابع من نظره العام في الكتاب أو غير ذلك، كأن يقول مثلًا: لم ينصّ الكاتب على هدفه، ولكن يظهر من استعراض مقدمته أو النظر في عنوانه أن أهدافه هي كذا وكذا.

6- ذكر الإشكالات المعرفيّة التي يقوم عليها الكتاب:

الإشكالات لا يُعْنَى بها السلبيات التي في الكتاب، وإنما الإشكالات المعرفيّة التي انطلق المؤلف منها وسعى لمعالجتها في كتابه. وهذه النقطة من أهم نقاط القراءة؛ إذ فيها يبيّن الباحث كيفية نظر المؤلف لإشكاليته وتعامله معها وحركة فكره في مقاربتها، وكذلك الأنساق التي توسّلها المؤلف لمعالجتها ودراستها، وعرض ذلك كلّه بطريقة حسنة ومتسلسلة.

إنّ مادة الكتاب تمر بمراحل عديدة حتى تنضبط لكاتبها -كما هو معلوم- في ضوء ما يتحرّر لديه من نظر في الفكرة قيد البحث ويتحدد له من مسالك هي أَوْلى في مقاربتها وأرتب في الخطو لمناقشتها، وهذا البناء الفكري الذي أسّس عليه وصاغ في إطاره مادة كتابه يظلّ خفيًّا بصورة كبيرة عن القراء، وقد لا يظهر لديهم جوهره ولا يتضح تسلسله وترابطه وكيفية تخلّقه وتكوّنه.

ومن هاهنا فإنّ عرض الإشكالات المعرفية للكتاب ليس توسعًا في عرض محتوياته وبسط القول في مسائله، وإنما هو عرض للفكر القابع خلف هذه المحتويات والمتحكّم في إنتاجها وظهورها وفق هذا النّسق الذي سبكه المؤلف، وسبح في الفضاء الفكري له وفي تعاطيه مع إشكاليته والذي تولَّدت عنه مادة الكتاب.

إنّ استدعاء مادة الكتاب أو عيونها في هذا العنصر يكون فقط لبيان ما خفي من جهد الكاتب في كيفيات إعدادها وترتيبها والنظر المنطقي الذي أسّس عليه ودعاه لسبكها على النحو ليصل إلى مقاربة إشكاليته.

ولا شك أن هذا العنصر له أهمية كبيرة في القراءة ليس فقط لبيانه للفكر المنهجي للمؤلف في مقاربة موضوعه، وإنما أيضًا لكونه بمثابة التأسيس للحكم على المقاربة ذاتها سلبًا أو إيجابًا عبر ما يورده من معطيات.

7- ذكر مزايا الكتاب:

وفيه تُسَجَّل أهم مزايا الكتاب لا سيما المزايا المنهجية بشكلٍ إجمالي، والتي ترتبط رأسًا بطبيعة الإشكال المعرفي الذي يقوم عليه الكتاب وموقعه في التخصص، ودرجة تحريره وتأصيله، وطريقة مقاربته منهجيًّا... إلى آخر ذلك مما يراه الباحث مما له اتصال بالجوانب المنهجية. كما تستعرض بإيجاز أيضًا أهم المزايا الفنيّة كسهولة اللغة وجودة الأسلوب وحسن التبويب والتقسيم ونحو ذلك.

ومن المهم هاهنا الحرص على:

- عنصرة المزايا وقسمتها بحسب ما يظهر للباحث.

- كذلك استحضار التسويغ والتعليل لما يورده الباحث من مزايا.

8- ذكر أهم الملحوظات:

وفي هذا العنصر تُذكر أبرز الملحوظات والسلبيات التي تم تسجيلها على الكتاب، ويراعى في هذه الملحوظات أن تكون مُرَكَّزة بشكلٍ كبيرٍ في البعد المنهجي للكتاب والأنساق الكليّة للمعالجة، وليس تتبع جزئيات وتفاصيل الأخطاء إلا بحسب الحاجة، وكذلك يراعى تقسيمها وعنصرتها وتسويغها.

9- خاتمة:

وهي كلمة أخيرة يختم بها الباحث القراءة، وقد تكون تنويهًا بأهمية الموضوع وضرورة المضيّ نحو مزيد من الدرس له أو لصاحب الكتاب، أو ذكر بعض النتائج، أو عرض بعض التوصيات المهمّة، بحسب ما يرى الباحث ويقدّر.

الخطوة الثالثة: أسلوب كتابة القراءة:

يجب أن يتسم أسلوب كتابة الباحث بالجذب والتشويق؛ لأن التشويق في كتابة القراءة من أهم الأمور في جذب القرّاء وتحفيزهم لمواصلة القراءة ومتابعتها والصبر على مطالعتها، فعلى الباحث أن يحاول قدر الطاقة أن يكتب بطريقة جذّابة ومشوقة ومنمقة، ولكي يحدث هذا فعليه:

أولًا: يبتعد عن الجفاء في الطرح، وأن يجمع بين الطريقة الأكاديمية والأدبية في صياغة القراءة.

ثانيًا: يوازن بين التقيّد بالكاتب والكتاب وبين التعبير الحرّ عن القضايا والمسائل، فلا يلتزم دائما التعبير بـ(قال المؤلف، وذكَر المؤلف، ويرى المؤلف)، وإنما يحاول أن يضمّن إلى جانب هذا الكتابة الحرة بالولوج المباشر للقضية أو المسألة التي سيتناولها عبر المؤلف. على أن يركّز هذه المداخل والمقدمات في الجدليات المباشرة والصريحة التي تمسّ الكتاب.

وهذه الطريقة في العرض لها أفضليتها في صياغة القراءة؛ لما تتيحه من فرصة للباحث في عرض ما يريد بطريقة مركّزة ومباشرة، وكذلك لما تضفيه على أسلوب الكتابة من جاذبية؛ لأن التقيد بالكتاب وعبارته والإكثار من النقل عنه يعرّض الأسلوب للضعف والقارئ للملل.

ثالثًا: يقوم بتركيز كتابته؛ وذلك حتى يستطيع إيصال مراده ومعلوماته وقراءته كما يريد ولا يَضيق به المقام؛ لأن المقالة لها مساحة محددة وعدد كلمات معينة، فإن لم يركّز الباحث كلامه فربما جاء بعضه على بعض، وأذهب بعضه بهاء بعض، وأضاع ما هو أهم لضيق المقام.

ومعلوم أن قراءة كتاب وتقييمه يحتاج إلى بسط أكبر مما هو متاح من خلال مقالة على موقع، ولذلك يجتهد الباحث في تركيز الكلام وتدقيقه قدر الطاقة.

رابعًا: يبتعد عن الإغراب، وهو أمر مهم؛ فالقراءة فيها بيان لجهد الكتاب وموضَعَة لهذا الجهد وتسجيل أحكام عليه سلبًا أو إيجابًا، وهي أمور تستلزم أن تكون العبارة المستخدمة فيها واضحة وبيّنة لا لَبْسَ فيها.

وأخيرًا فقد كانت هذه مجموعة من الأمور التي تساعد على القيام بقراءات منهجية للمؤلفات لها اعتبارها في نفع الباحثين وتزويدهم بتقارير علميّة رشيدة حول النتاج البحثي وما له وما عليه، وإثراء ساحة البحث في التخصص ودفع عجلته للأمام، والله الموفِّق.

 


[1] هذه الأمور ذكرناها فقط للتأكيد عليها والتنبيه على أهميتها وإلا فهي أمور بدهية لكلّ قراءة تبغي التقويم المنهجي.

[2] وهي ذات العناصر المسلوكة في القراءات المنشورة على موقع تفسير.

الكاتب

فريق موقع تفسير

موقع مركز تفسير للدراسات القرآنية

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))