تقرير اللقاء الـ77 من لقاءات أهل التفسير

حول "تدبرات محمد الطاهر ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير): عرض ووقفات" كان موضوع اللقاء الـ77 من لقاءات أهل التفسير، مستضيفًا فضيلة الدكتور/ محسن بن حامد المطيري، وهذا تقرير موجز عن اللقاء.

  أقام مركز تفسير للدراسات القرآنية مساء الثلاثاء الموافق 24 ربيع الأول 1447هـ الموافق 16/ 9/ 2025م بمدينة الرياض اللقاء الـ77 من لقاءاته الشهرية لأهل التفسير بعنوان: "تدبرات محمد الطاهر ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير): عرض ووقفات"، مع الأستاذ الدكتور/ محسن بن حامد المطيري، وذلك في ديوانية أ. عبد الله الشدي.

افتتح اللقاء الدكتور د. يوسف بن صالح العقيل بكلمة ترحيبية رحّب فيها بالدكتور/ محسن بن حامد المطيري، الأستاذ بجامعة الملك سعود.

ابتدأ د/ المطيري اللقاء بالإشارة إلى أن استخلاص الفوائد العلمية من المؤلفات الموسوعية ولفْت الانتباه إليها هو منهج متبع لدى العلماء، وخاصة ممَّن تميزت تآليفهم بالتحقيق والنظر، ثم أشار إلى مكانة تفسير (التحرير والتنوير) لابن عاشور، وذكر أنه لا يكاد يستغني عنه متخصص في التفسير، وأنه يُعد -بحسب بعض الباحثين- الأكثر دراسة وبحثًا في الرسائل العلمية بين التفاسير.

ثم ذكر د/ المطيري أن من المسائل اللافتة التي تستحق الدراسة في تفسير ابن عاشور عنايته بالاستنباط والتدبر لكتاب الله تعالى؛ حيث تميَّز تفسيره بكثافة الفوائد واللطائف في كل آية، بل في كل لفظ قرآني، حيث يُبرز ابن عاشور المعاني الخفية والدقيقة من خلال استعمال جميع الآلات التفسيرية الممكنة، مثل علم النحو والصرف والاشتقاق والدلالات الأصولية والبلاغية وأصول التفسير وعلوم الفقه والسنة.

كما نبَّه د/ المطيري أن ابن عاشور لا يكتفي ببيان أوجه الاستنباط والتدبر؛ بل يسبق ذلك ببيان المنزِع الذي اعتمده، ويطيل ويستطرد في تحرير الأصل وذِكر خلاف العلماء للوصول إلى ثمرة الخلاف والاستنباط، وقد وضع في مقدماته ثمانية مقاصد لمبتغي الإصلاح والاستهداء بالقرآن، ونصَّ على أن الإصلاح هو المقصد الأعظم للقرآن، وذكر د/ المطيري أنّ خمسًا من مقدمات ابن عاشور لها ارتباط وثيق بمنهجيته في التدبر والاستنباط، ونقل منها بعض عبارات ابن عاشور الكاشفة عن منهجه في هذا الباب.

ومما أشار إليه د/ المطيري في هذا الجانب ما يتعلق بسعة المعاني عند ابن عاشور، والتي استدل عليها ابن عاشور بإيراد تفسيرات النبي -صلى الله عليه وسلم- التي أيقظت الأذهان لأخذ أقصى المعاني من الألفاظ، وضرب أمثلة ذلك، كما أشار إلى عناية ابن عاشور الخاصة بتبيين معاني المفردات في اللغة العربية وضبطها وتحقيقها بما يفوق معاجم اللغة مع ربطها بالسياق، وأهمية الصياغة العالية التي يضفيها ابن عاشور على الفوائد، ونقل عن ابن عاشور رأيه في أن ملاك وجوه الإعجاز يرجع إلى بلوغ الغاية القصوى في البلاغة، وأشار إلى أن المطالع لتفسيره مع تأصيل سابق في علم البلاغة سينال الكثير من هذا العلم.

ثم عرض د/ المطيري عددًا من النماذج التطبيقية لتدبرات ابن عاشور، وقد أوضح أنه تبنَّى المعنى الواسع للتدبر في مؤلفه (تدبرات ابن عاشور)، والذي يشمل: المعنى القلبي الإيماني، والمعنى الظاهر الذي يحتاج إلى تأمل وتفكر، والمعنى الخفي الدقيق الذي هو مقدمة الاستنباط.

وتابع د/ المطيري عرض جملة من أمثلة تطبيقية من تدبرات ابن عاشور في مجالات متعددة، منها ما يتعلَّق بالأخلاق وأدواء القلوب، وما هو من باب التدبرات الإيمانية الوعظية، وفي مقام الدعوة والإصلاح، وما يتعلق بعقائد الملل الأخرى والرد عليها، وغير ذلك، وعلَّق على غالب هذه الأمثلة بتعليقات كاشفة عن أبرز ملامح هذه التدبرات، والتي من أهمها: دلالتها على سعة اطلاع ابن عاشور، وطبيعة سرده الفوائد المتتابعة في الموضع الواحد، وحُسن توظيفه للمجاز والاستعارة في توسيع المعاني وتكثيرها، وربطه بين الألفاظ المقترنة لاستنباط المعاني والعلل.

هذا وقد حظي اللقاء بحضور طيب ومشاركة فاعلة من الباحثين والأكاديميين وطلاب العلم.

 

شاهد اللقاء كاملًا

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))