وجهان للقرآن: القرآن والمصحف

المترجم : د. حسام صبري
في هذه الدراسة تبحث نويفرت العلاقة بين القرآن الشفاهي والقرآن المدوّن، فتحاول استعادة الجانب الشفاهي وما ينطوي عليه من دراما -كما تعبر- تستحضر أصوات المعارضين وتبني حجاجها في مقابلهم، ويتركّز بحثها في موضوع الشفاهة ذاته وعلاقته بالمرجعية الذاتية وسلطة النص.

  لطالما كانت الصلة بين المصحف والقرآن في تنزّله الشفاهي موضوعًا رئيسًا للدراسة في الكتابات الاستشراقية الكلاسيكية، ومع تطوّر المناهج التي تدرس بنية النصوص الشفهية والمكتوبة ومناهج تحليل الخطاب وأنماط التلقي، أخذ هذا الموضوع أبعادًا جديدة في دراسته، خصوصًا مع ظهور عدد من الإشكالات التي أضحت موضوعًا أساسًا لدرس القرآن؛ مثل قضية المرجعية الذاتية للنصّ، والسلطة، وعلاقة التدوين بهذه السلطة.

في هذه الدراسة تقوم أنجيليكا نويفرت ببحثٍ للعلاقة بين النصّ القرآني في حالته الشفاهية وبين حالته كمصحف، ومدار البحث هنا هو عملية تأسيس القرآن لشفاهيته ذاتها، وحجاجه عنها في مقابل أمم الكتاب من جهة والأمم الوثنية التي تقيم أحد معارضاتها للقرآن باعتباره كتابًا لم يُلْقَ جملة واحدة من جهة أخرى.

وترى نويفرت في سياق بحث هذه العلاقة أن مناهج دراسة القرآن في الحالتين لا بد أن تكون مختلفة؛ لتباين الطبيعتين، وأن دراسة القرآن في حالته الشفاهية يمكن جدًّا أن تكون بابًا لدراسة وضعية المتلقِّين له والمخاطَبين به وسماع صوت حجاجهم واعتراضاتهم، وطريقة تأسيس القرآن حججه في مقابلهم. فهذه الدراما متعددة الأصوات -كما تعبِّر- والتي تكشفها دراسة الشكل الشفهي للنصّ، تحتجب كثيرًا عند دراسة النصّ في وضعيته كمصحف.

وتختم نويفرت بحثها بدراسة تطبيقية لسورة الإخلاص، محاولة استكشاف ما تحكيه كبلاغ شفهي يواجه العقائد المسيحية المقرة في نيقية عبر إعادة بناء لبعض نصوص التوراة.

إنّ أهم ما تنطوي عليه هذه الدراسة، ليست بالضرورة نتائجها، ولكن قدرتها على تناول العلاقة بين قضايا؛ مثل: الشفاهة وبناء النصّ وحجاجه وتأسيس سلطته بشكل منهجي، مما يجعل لترجمتها أهمية في إثراء الدرس العربي بمثل هذا القضايا ومناحي الدرس.

المؤلف

أنجيليكا نويفرت - ANGELIKA NEUWIRTH

أستاذ الدراسات السامية والعربية في جامعة برلين الحرة، تُعد من أشهر الباحثين الألمان والأوروبيين المعاصرين في الدراسات القرآنية والإسلامية.
درست الدراسات السامية والعربية والفيلولوجي في جامعات برلين وميونيخ وطهران، عملت كأستاذ ومحاضر في عدد من الجامعات، مثل: برلين وميونيخ وبامبرغ، كما عملت كأستاذة زائرة في بعض الجامعات مثل: جامعة عمان بالأردن، وجامعة عين شمس بالقاهرة.
أشرفت على عدد من المشاريع العلمية، منها مشروع (كوربس كورانيكوم).
ولها عدد من الكتابات والدراسات المهمّة في مجال القرآن ودراساته.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))