القرآن، والكتاب المقدّس كنصٍّ ضمنيٍّ له
لجبريل سعيد رينولدز
يُمثل كتاب جبريل سعيد رينولدز[1] «القرآن، والكتاب المقدّس كنصٍّ ضمنيٍّ له»[2] صوتًا جديدًا ومتحديًا في ميدان النقاش العلمي حول وضعية النصّ القرآني في مواجهة تفسيراته التقليدية. يشجب المؤلف -بحقّ- الاستبعاد الطويل لدراسة القرآن نصًّا في مقابل قراءته تفسيرًا. ويقترح في كتابه «أزمة الدراسات القرآنية» (صفحات 3-36) -ومن أجلِ حلِّ هذه المفارقة التاريخية- تفسيرَ القرآن في ضوء الصلة بما سبقه من التقاليد الكتابية وما بَعد الكتابية. ويضرب رينولدز مثالًا على هذا المشروع بالمقارنة السياقية بين ثلاثة عشر من المقاطع القرآنية -قصيرة في غالب الأحوال- أو نقاشات الموضوعات، وبين ما ترتبط به من التقليد الكتابي وما بَعد الكتابي (دراسات حالة، صفحات 39-199). يأتي هذا الإجراء مسبوقًا بقراءة النصوص القرآنية نفسها من منظور التفاسير التقليدية -وهي خطوة مفاجئة نوعًا ما- بالتأمل في الحكم الصارم الذي يصدره المؤلّف بأن التفاسير التقليدية للقرآن لا تسهم في فهم نصّه إلا قليلًا، ومع ذلك فإنّ إدراج التفسيرات الإسلامية يدعم حجته القائلة بأنّ اللجوء إلى التفاسير يسفر عن نتائج مختلفة عن تلك المُستمَدة من القراءة المقارنة بالتقليد الكتابي. «ربما لم يتطلب هذا إثباتًا؛ إِذْ يشكِّل كلٌّ من القرآن والتفسير خطابًا مختلفًا كلّ الاختلاف عن الآخر، تمامًا كالاختلاف بين الكتاب المقدّس وبين الأدبيات البطريركية والحاخامية على سبيل المثال، والتي لا تؤخذ بعين اعتبار أيّ باحث حديث كأدوات للشرح العلمي للكتاب المقدّس، بصفتهم هيئات نصيّة مستقلة، لا يفترض أن يمثل أيّ منها حجة على الآخر، كذلك الحال بالنسبة إلى التفسير»[3]. تتلخص ملاحظات رينولدز حول مناهج التفاسير التقليدية في قسم ثالث من الكتاب (في الصفحات بين 200 حتى 229). بينما جاء الفصل الأخير (في الصفحات بين 230 حتى 258) بمثابة نداءٍ لقراءة القرآن بوصفه موعظة.
تمثّل (دراسات الحالة) الممثلة جوهر العمل علامة خاصّة على التقدّم المحرز في الدراسات القرآنية، ليس كمجرد مثال لتحليلات مثمرة مناسبة لإلقاء الضوء على النصوص القرآنية، بل أيضًا -من المنظور التاريخي الذي يرفضه رينولدز نفسه- كإسهامات مفيدة في معرفتنا بالخطابات التي كان من المفترض أن تشغل انتباه مجتمع القرآن أثناء عملية الدعوة. تهتم هذه الدراسات بالمقاطع القرآنية أو النقاشات الموضوعاتية الآتي ذكرها:
1. سجود الملائكة: [سورة البقرة: آية 30].
2. الشيطان الرجيم: [سورة الحجر: آية 34، سورة ص: آية 37].
3. آدم والريش: [سورة الأعراف: آية 26].
4. إبراهيم الموحّد: [سورة الشعراء: الآيات من 70 حتى 75].
5. ضحك زوجة إبراهيم: [سورة هود: الآيات من 69 حتى 72].
6. هامان وبناء صرح فرعون إلى السماء: [سورة القصص: آية 38][4].
7. مسخ بني إسرائيل: [سورة الأعراف: آية 166][5].
8. يونس وقومه: [سورة يونس: آية 98، سورة الصافات: الآيات من 139 حتى 148، سورة الأنبياء: آية 87].
9. ميلاد السيدة مريم: [سورة آل عمران: الآيات من 35 حتى 37].
10. {قُلُوبُنَا غُلْفٌ}: [سورة النساء: الآيات من 153 حتى 156، وسورة البقرة: آية 88][6].
11. {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا}: [سورة آل عمران: آية 169].
12. أهل الكهف: [سورة الكهف].
13. مُحمَّد: [سورة آل عمران: آية 144، سورة الأحزاب: آية 40، سورة محمد: آية 2، سورة الصف: آية 6].
والرائع في مناقشة رينولدز للنصّ القرآني في ضوء التقليدَيْن الكتابي وما بَعد الكتابي، هو تضلّعه بمدًى واسعٍ من مادةٍ متعددةِ اللغات، الوضع الذي يكون في بعض الحالات ملائمًا لاستدعاء أسئلة ثيولوجية مهمّة، وبرغم إدراك رينولدز لمُضِيِّه على خُطا هاينريش شباير[7][8]، إلَّا أنه على بعض الأصعدة قد تفوّق على مناقشاته؛ فأورد رينولدز عددًا من الأدلة المكتشفة حديثًا، كما يشتبك بشكلٍ متكررٍ في نقاشات لغويّة ممحصة حول وحدات صرفية/ معجمية مفردة. كذلك أثبتت معرفته بالنصوص السيريانية نفعًا بارزًا. كما أنه يطرح مسائل ثيولوجية وثيقة الصلة لم تكن ضمن نطاق أفكار شباير، كمسألة صورة الإله التي تحيط بقصة سجود الملائكة: (دراسة الحالة 1)؛ لذلك يعدُّ عمله إسهامًا مهمًّا في ميدان الدراسات القرآنية.
رغم ذلك، يثير هذا الكتاب تساؤلات خطيرة، منها على سبيل المثال، العشوائية البادية في اختيار الأدلة المناقشة؛ إِذْ لا تتصل ببعضها بعضًا، ولا يبدو أن المؤلف قد اجتهد لربطهم بمجموع القرآن، المأخوذ ببساطة كنصّ متّصل. وكان من الممكن أن تكون هذه الأدلة أكثر دقّة لو أنها وُضِعت في المبحث القرآني المناسب لها، بدلًا من تداولها بشكلٍ منعزلٍ باعتبارها (دراسات حالة)، كما كان من شأنها مساعدة المؤلّف على تقييم سمات التفسيرات الفردية الناشئة حديثًا مقارنةً بالأقدم؛ فلا نجد مثلًا في مسألة الشيطان الرجيم (دراسة الحالة 2) إلّا ذكرًا عابرًا لمقالة جيرالد هوتنج[9] «استراق الشياطين السمع من الملأ الأعلى وحفظ الوحي من الإفساد الشيطاني». ومع ذلك لا نلمحُ في هذه الدراسة اهتمامًا بهذا الاستدلال الدقيق القائل بأن بناء السماء في ضوء القرآن جاء بتحصينٍ منيع ضدّ الشياطين؛ حامٍ الوحيَ القرآني حماية فذَّة عن غيره من مسارات المعرفة السماوية، إضافةً إلى ذلك فإنّ الفروق الحاسمة بين النصّ القرآني والتقليد المتقدم عليه ليست مدركة بوضوح على نحوٍ دائمٍ. وهكذا -وبدون شكّ- فإنّ تصوّر الذين قتلوا في المعركة (دراسة الحالة 11) يشبه الشهداء في المسيحية المبكرة -وهناك بالفعل إعادة تمثيل للشهادة في القرآن- لكن من الحقيقي أيضًا أن مصطلح (الشهيد) رغم كونه مألوفًا في القرآن، إلا أنه لا ينطبق على أولئك الموتى، بل هو مقتصرٌ على الشهداء التاريخيين في التقليد المسيحي (سيلفيا هورش)[10][11]. وهذا يشير إلى التجاهل المقصود للتشابه الصريح بين شهداء المدينة وبين الشهداء في المسيحية، على الرغم أنّ كِلَا الفريقين نالَا ذات الأجر والجزاء. ويبدو الخطاب القرآني رافضًا المفهوم المسيحي المألوف عن الاستشهاد (راجع بحثي السابق[12]).
ومن منظور الموقف السلبي للمؤلف تجاه تصور وضعية اجتماعية قرآني ‘Sitz im Leben’ ا[13]، أي: سياق تاريخي حقيقي، فمن المثير للدهشة عدم اعتباره الدراسات الدياكرونية/ التعاقبية، مثل: مقالة كاتبة هذا العرض[14] حول قصة آدم وإبليس، جديرة بالذكر. وربما استخفاف رينولدز بخصوصية إعادة القراءة وإعادة الصياغة القرآنية للتراث المتقدم، وكذلك الإنكار القرآني في بعض المناسبات لقبول بعض مدلولات التقليد المتقدم، يأتي نابعًا من عدم اكتراثه بشكلٍ عامّ لاستراتيجيات السلطة الذاتية القرآنية، إِذْ لا تتناسب فكرته مع مخطط الدرس غير الموجه تاريخيًا. وربما للسبب عينه يفشل رينولدز في إدراك النزعة المجازية في سرد القصص القرآني، أي: إعادة قراءة القصص الكتابي بإقصاء التأويل المجازي للنصّ المقدّم عن طريق قراءة مسيحية وسيطة، وهي إستراتيجية قرآنية اكتشفها وشرحها جوزيف ويتزتوم[15][16]. ويظهر مثل هذا التأويل المجازي جليًّا في زوج من قصص مريم، المذكورة في دراسة الحالة 9 (راجع ميكائيل ماركس[17] ونويفرت[18]). في واحدة من الحالات يتجاهل رينولدز بكلّ بساطة الدراسات الفيلولوجية المبكّرة، وكان من شأن النظر في ذلك، إخراج هدف تفسيره المقترح عن مساره، فيفضل في دراسة الحالة الأخيرة اتباع تفسير تأملي في اسم (مُحمّد) لا يمكن مواجهته نحويًّا ليتمكن من فصل القرآن عن سياقه التاريخي المقبول. هناك مجموعة أخرى من الدراسات التي تجاهلها رينولدز تتعلق بدراسات حالة مفردة، مثل: دراسات هربرت بوسه[19][20]، بالنسبة إلى (دراسة الحالة 6: هامان)، ودراسة هارتموت بوبزين[21][22] في (دراسة الحالة 13: محمد).
يطالب رينولدز بقراءة القرآن في ضوء شرط تكرّر التصريح به مرارًا في الدراسات الصادرة مؤخرًا، وهو قراءة القرآن بفصله فصلًا صارمًا عن التفاسير التقليدية، وعن سيرة النبي بوجه أخصّ. لكن يجدر بنا التساؤل، أهي سيرة النبي حقًّا التي يرجو رينولدز فصلها عن القرآن؟ أم يقصد الإطار الزماني والمكاني بأسره -وهي الفرضية الموجهة التي تدعمها الأبحاث التاريخية القائلة بأن القرآن قد ظهر في مكة والمدينة في القرن السابع، بعد أن روّج له متحدّث مؤثّر عربي اللسان؟- والحقيقة أنّنا من أجل فهم القرآن، ينبغي ألا نعتمد على تفاصيل حياة محمد، التي لا نعرف عنها إلا قليلًا (كرون)[23]، والتي تعدُّ منتجًا متأخرًا لتخيّل مجتمعي. ما نحتاج إليه بشكلٍ حقيقيّ هو وضع فرضية فعالة فيما يخصّ موضوع النوع الرئيس للخطاب القرآني. وتقدّم الدراسة خيارَيْنِ إذا كنا سنتعامل معه (نصًّا مفتوحًا) باعتباره إعلانًا شفهيًّا يخاطب جمهورًا متزايدًا ومتغيرًا، أو (مدونة مغلقة) باعتباره تجميعًا مقصودًا من المؤلف (أو بشكلٍ جماعي) للتقاليد المتقدمة ذات الدلالة التعليمية أو الأخلاقية. وستختلف العلاقة بشكلٍ جذري بين «النصّ» و«النصّ الضمني» في كلٍّ من الحالتين، (في الخيار الأول)، في حال افتراض أنّ القرآن ظهر إعلانًا يتضمن جمهورًا متأصلًا في «الفكر القديم المتأخّر»؛ يجب أن نتوقع تفاوضًا مستمرًّا حول مدى ملاءمة التقاليد المتقدمة مع قناعات الحركة الجديدة. كما يظهر القرآن كنصّ غير متجانس، كوثيقة مستمرة من إعادة صوغ أفكار لاهوتية سابقة غير مستمدة من وحيٍ إلهيٍّ. ومع ذلك، (في الخيار الثاني) فإن افترَضْنا أنه تأليف جماعيّ -ما دام القرآن لم يوجد من تلقاء نفسه، ويجب على الأقل أن نفترض نشأته بصورة ما-؛ فسيتعيَّن علينا (على حدّ قول رينولدز) التسليم بنصٍّ قد يتعارض مع التقاليد السابقة، ولكن يُعيد استخدامها ويتشبّع بها جزئيًّا دون ترك أثرٍ للمفاوضات. ببساطة، يُفسد هذا البديل الأساسي التفكير في العلاقة بين «النصّ» و«النصّ الضمني». ويجب وضع القرآن في سياقٍ تاريخيٍّ ما، بشكلٍ أو بآخر.
وبسبب ندرة الأدلة المخطوطة في زمن جون وانسبرو[24] -الذي يستشهد رينولدز بحججه بين الحين والآخر-، فلا يمكن تقديم فرضيته نموذجًا؛ إِذْ بمقدورها التشكيك في الإحداثيات التقليدية الزمانية والمكانية للقرآن، وترك مشكلة نشأته التاريخية جدلًا مفتوحًا: نحن في موقف ملائم لامتلاك أدلّة نصيّة[25] من القرن السابع تجعل من الفرضية القائلة بالتجميع المتأخّر غير معقولة تمامًا. كذلك يمكننا استبعاد فرضية التجميع المتأخر للقرآن بمجرد تطبيقنا للأساليب الأدبية النقدية باطراد، كما ينطبق ذلك على الفرضية التي وضعها هؤلاء الباحثون -غير الحياديين تمامًا للأسف- والتي تدّعي أنّ القرآن نصّ غير عربي الأصل، بل عُرِّب في وقت لاحق. ونصل هكذا إلى المشكلة الحقيقية في منهج رينولدز؛ فالدراسات النصيّة ينبغي أن ترتكز على أسس منهجية وتاريخية محددة وواضحة، وبالنسبة لرينولدز فإنّه يتخلى عن مثل هذه التمهيدات المفاهيمية، وبذلك يترك مشاكل مهمّة بدون حلّ، وهو مدين للقارئ بمحاولة استيعاب -على الأقل- الميزات الأبرز للنصّ، في ضوء مفهومه الخاصّ عن القرآن، مثل:
1- تنوّع البناء والطول والتعقيد في الآيات القرآنية، وهي وفقًا للبحث التاريخي (النقد النصي/ النقد الأدبي الأدنى)، ميزات مدينة بتنوعها للتطور التاريخي[26].
2- حقيقة أن الدوال/ الموتيفات القصصية المتكررة تحمل وظائف مختلفة في سياقاتها المفردة؛ وظائف وفقًا للبحث التاريخي (نقد الشكل) هي نتيجة التطور التدريجي للأفكار اللاهوتية لدى المتحدث/ المحاور وجمهوره/ مستمعيه[27].
3- إرجاع تركيز بعض الخطابات على مجموعات مفردة من السور إلى التطور الليتورجي التدريجي في الدراسات الأخيرة (نقد النوع). أخيرًا وليس آخرًا:
4- ينبغي تعليل الإضافات أو «التأويلات» الكثيرة المدرجة في أكثر من نصف السور القرآنية (النقد النصي، النقد التحريري)[28] التي نادرًا ما تكون منطقية بالنسبة إلى النص الأصلي. ومن الواضح أنّ التناصّ القرآني داخلي وخارجي، يصعُبُ تفسيره بغضّ الطرف عن حدوث (معالجة) تاريخية، أي: إنّ ملاحظات الجمهور الحيّة والمستمرة على البيان جعلت من هذه التعديلات إلزامية. كما كان على رينولدز الانتباه إلى:
5- أن وحدة السورة لم تحدث بسبب التقليد الإسلامي، إنما هو أمر واقع بالفعل في أقدم المخطوطات الموجودة (نقد تحريري). كانت مهمةُ تجريب واستيعاب هذه الظواهر بالمفهوم النظري للنصّ القرآني مهمةً شاقّة بالطبع؛ إِذْ تطلَّبَت قبل كلّ شيء مراجعة شاملة لافتراض رينولدز وجود وحدة متجانسة هي (القرآن). وبفحص دقيق، لا نجد القرآن نصًّا أحاديَّ النوع/ متجانس، بل إنه يستلزم مجموعة من الأنواع الفرعية، بالرغم من ذلك لا يمكننا اعتماد ذلك إلا على أساس تحليل أدبي يتعاطى مع العناصر الشكلية والهيكلية للسورة بجديّة. وقد تتناسب القراءة الوعظية -التي يدعو إليها رينولدز- مع بعض المقاطع المعيّنة[29] من النصّ القرآني، ولكن من الصعب تطبيق مثل هذه القراءة على تصنيف عامّ مثل القرآن، الذي هو نصّ نبوي في المقام الأول.
بناءً على ما سلف ذكره، (وبغضّ النظر عن كاتبة العرض) فنحن مدينون لثيودور نولدكه[30] بالهدف الأهمّ لطرح رينولدز المثير للجدل إلى حدٍّ ما في مقدمته؛ فقد كان نولدكه هو من أرسى قواعد التأمل في التطور التاريخي للنصّ القرآني، المفهوم الذي نبّه الباحثين إلى المسائل المذكورة آنفًا، كما كان أول من أَوْلَى الوحدة الرئيسة للسورة اهتمامًا كاملًا. ونحن الآن نحتاج إلى إعادة النظر في كرونولوجيا نولدكه بطريقة ترتكز على الملاحظات الأدبية والتناصية؛ حتى نتكمن من مواصلة نهجه الذي ينبغي ألّا يُرفض بسبب اعتماده بالكامل على المفاهيم التقليدية للبحث الإسلامي والاستشراقي. ولا تتماثل كرونولوجيا نولدكه مع تأريخ الوحدات النصيّة القرآنية المرتبطة بفترة معينة من حياة محمد، بل على العكس من ذلك؛ فغالبًا ما يتوصل نولدكه إلى مواضع لوحدات نصيّة متعارضة بوضوح مع الوضع (التقليدي) لمقطع معيّن. ولا يعني البحث عن الكرونولوجيا ضرورة اتباع تقاليد بعينها؛ لكن لتقديم عمل تمهيدي ومنهجي، عليه -بناءً على دراسات الكتاب المقدّس القانوني- التفوق على الأحكام العامة حول جُذاذ النصّ. وبإلقاء نظرة فاحصة على النصّ القرآني -مع مراعاة تعقد بنائه- تنكشف لنا حقيقة كون القرآن «سيرورة» أكثر من كونه نصًّا ثابتًا (راجع سيناي[31] «القرآن كسيرورة»). يركز رينولدز -المهتم بمسألة: «أفضل طريقة لقراءة النصّ المعتمد للقرآن» (صفحة 13)- على مرحلة من تطوير النصّ لم تحدث إلا في وقت متأخر، من خلال جهود الواسطة نفسها التي يرفضها بشدة: (التقليد الإسلامي). رغم ذلك، فإنّ «النصّ القرآني قبل جمعه» والمُخاطِب متلقين حاصلين على معرفتهم في العصور القديمة المتأخرة والملمين بالتقليد الكتابي، وهي حالة يمكن افتراضها بالنسبة إلى المتلقين الأوائل، الذين تركت محادثاتهم بشأن التقاليد المتقدمة آثارًا جلية في الصورة النهائية التي خرج بها القرآن. وعلى النقيض من ذلك، فإنّ النصّ المجموع (المصحف) -الذي يحتمل كونه نصًّا ثابتًا/ مُثبَّتًا بعد بضعة عقود من وفاة النبي- يخاطب مجتمعًا سريع النمو من المتلقين المسلمين، الذين اختلفت خلفيتهم المعرفية إلى حدٍّ كبيرٍ -كما وضّح المفسِّرون القدامى-، والذين آمنوا بعقيدة جديدة، أي: بشرعية عززت وضعهم الجديد[32]. يمكننا هنا الحديث عن خطابين مختلفين أنتج كلّ منهما تفسيرًا مختلفًا، فيظهر القرآن قبل جمعه المشهد الديني لوسطه وسطًا مألوفًا، حيث يكون المرء حرًّا لأن يؤيد أو أن يناقش أو حتى أن يرفض الآراء المختلفة المُعبَّر عنها بالتقاليد الدينية الفردية التي تشكّل جزءًا من المعرفة العامّة. اعتُبِرت الآراء الدينية القديمة المتأخّرة -الخاصة بالطوائف الوثنية على الأقل- ما يشبه إرثًا عامًّا. ولوقت طويل، لا نجد أيّ نزاع صريح ضد اليهود أو المسيحيين، فالنزاع لم يَنْمُ إلا بمواجهة مع (الورثة الحقيقيين) للتقليد الكتابي في المدينة، حيث تتحيّز مجموعات فردية لآراء تُناقَش أو تُدحَض غالبًا. ولكن رغم ذلك، فهذا النزاع يحدث تحت ناظرنا[33].
وعلى العكس، يعتمد الخطاب المهتم بالجدالات المتأخرة (حول حياة الرسول كما في الأدبيات التفسيرية) على «هوية إسلامية» نخبوية ناشئة، ويُحتسب الآن ممثلي التقاليد القديمة في صفوف المعارضة المهزومة، التي لا تمثل مجادلاتها اللاهوتية أكثر من تحدٍّ ثانوي. يساعدنا هذا الاختلاف الجوهري على التفرقة بين نوعين من التفاسير، هما: الفهم التكاملي (في ضوء العصور القديمة المتأخرة) للتقاليد المتقاربة من جهة، ومن الأخرى فهمًا جدليًّا لهذه التقاليد من جهة أخرى (في ضوء الإسلام). وعلى المرء ألا يتعجل التركيز على النصّ القرآني المجمع (المصحف)، البعيد نوعًا ما عن جوهر الجدلات السابقة الدائرة في المجتمع القرآني، إذا كان مهتمًّا بفهم التناص القرآني، وبكيفية استجابة القرآن للتقاليد المتقدمة، ولكن عليه أن يقترب بأقصى درجة ممكنة من القرآن القديم المتأخر، أي: قبل الدعوة إلى جمع المصحف.
وربما ملاحظة نيكولاي سيناي على المنهج التزامني لفانشبورغ تنطبق على عمل رينولدز أيضًا[34]:
«نظرًا للإعجاب الكبير الذي أبداه فانشبورغ نحو الأناقة المنهجية للدراسات الإنجيلية، فالمفارقة هي أن افتراضه تعقيد أسلوب القرآن أتت دون شرح لائق، كما يمكن القول أنه معتمد على خرق فادح لتسلسل الخطوات المنهجية اللازمة للتحليل الكتابي، فلا يُخضِع فانشبورغ القرآن أبدًا لما يشير إليه الباحثون في العلوم الكتابية بالنقد الأدبي؛ من أجل تفحصه بطريقة منهجية منضبطة إذا ما كان بالفعل يشكّل تجميعًا ثانويًّا من مختلف المصادر... أو إذا ما كانت بنيته الأدبية أكثر منطقية في تفسيره من الادّعاء التقليدي القائل بأن تداعياته الأدبية مشكلة عبر معالجة خطية للنمو والتطور.».
لقد برهن رينولدز مجددًا على الأهمية الكبيرة للتقليد الكتابي في البحث القرآني، ولكنه في الوقت نفسه ذكّرَنا بأن الإهمال التام لمجموع الخطوات المنهجية في البحث المتعلق بالكتب المقدّسة يمثل مشكلة حقيقية. وما دمنا نتعامل مع النصوص، فلا بد أن ينبني العمل التاريخي على نقد أدبي منهجي دقيق.
[1] جبريل سعيد رينولدز، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة نوتردام الأمريكية، وهو محرر كتاب «القرآن في سياقه التاريخي، روتليدج، لندن، 2008»، وهو كتاب يضم بحوثًا لمجموعة من المستشرقين يدور بالأساس حول السياق التاريخي للقرآن؛ فيبحث صلات القرآن بالمسيحية وبالسيريانية الآرامية، ويبحث في تاريخ القرآن، وواقع أطروحات الاستشراق الجديد. ورينولدز باحث مهتم بدراسة القرآن في سياقه التاريخي، وكذا بدراسة العلاقات بين القرآن والكتاب المقدّس، وكتَب عددًا من الكتب والبحوث في هذا السياق، منها: «القرآن، والكتاب المقدّس كنصٍّ ضمنيٍّ له، 2010» وكتاب «القرآن والكتاب المقدّس، النصّ والتفسير، 2018». (قسم الترجمات).
[2] المقصود بالنصّ الضمني في الدراسات الأدبية، هو أن يعتمد نصٌّ ما في بنائه على نصٍّ آخر، لكن بحيث يظلّ النص المعتمد عليه مضمّن داخل النصّ الجديد وغير مصرّح بالاعتماد عليه، لكن يظهر لمحلّل النصّ. (قسم الترجمات).
[3] كان بإمكان المؤلف الاستفادة من مراجعة عمل بيتر هيث: «تأويلات مبدعة؛ تحليل مقارن لثلاثة مناهج إسلامية» أرابيكا 36 (1989) ص173-210. وكان بإمكانه الاستفادة بشكلٍ أكبر من عمل نيكولاي سيناي: «التحديث والتفسير؛ دراسات حول التفاسير القرآنية المتقدمة وخطابات الدراسات العربية»، 16 (فيسبادن: دار نشر هاراسوفيتس، 2009) وفصل: «القرآن كسيرورة» لنيكولاي سيناي، في كتاب: «القرآن في سياقه» لمحرريه: أنجيليكا نويفرت، ونيكولاي سيناي، وميكائيل ماركس (منشورات بريل: لايدن، 2009 و2011) ص407-439. (المؤلفة).
[4] أحالت نويفرت إلى الآية الخامسة من سورة القصص: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، بينما ذُكر بناء الصرح في السورة نفسها في الآية الثامنة والثلاثين في قول الله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}. (المترجمة).
[5] أحالت الكاتبة إلى الآية 163 من سورة الأعراف: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}، والصواب هو الآية 166 فهي التي ذُكر فيها المسخ: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}. (المترجمة).
[6] أحالت الكاتبة إلى الآية 87 من سورة البقرة: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}، لكن القلوب الغُلْف ذُكرت في الآية التالية لها 88 في قوله -عز وجل-: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ}. (المترجمة).
[7] «السرد الكتابي في القرآن» لهينريش شباير، (ج. أولمز: غريفينهاينيشن، 1931، المعادة طباعته في هيلدسهايم: ج. أولمز 1988). (المؤلفة).
[8] هاينرش شباير (1897-1935)، مستشرق ألماني، درس في جامعة فرانكفورت مع هورفتس، وحصل على الدكتوراة منها عام 1921، وهو أستاذ في المدرسة الحاخامية بجامعة برسلاو، واهتماماته الأساسية تتعلّق بالقصص الكتابي وعلاقته بالقرآن، أشهر كتاباته في هذا كتابه الذي نشر عام 1935 بعد وفاته: «القصص الكتابي في القرآن»، وفيه مقارنة تفصيلية للقصص الكتابي مع القرآن، وقد ترجم: نبيل فياض، بعض فصوله للعربية، في كتاب بعنوان: «قصص أهل الكتاب في القرآن»، وصدر عن دار الرافدين، عام 2018. (قسم الترجمات).
[9] جيرالد هوتنج (Gerald Hawting) باحث ومؤرخ بريطاني، مختص بالإسلاميات، ولد عام 1944، وهو أستاذ متقاعد في تاريخ الشرق الأدنى والشرق الأوسط بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن (SOAS). وهوتينج تلميذ مباشر لجون وانسبرو (1928-2002) وبرنارد لويس (1916-2018)، وتركز أبحاثه بالأساس على التكوين الديني للبيئة التي ظهر فيها الإسلام، وعلى الفترة الأموية، ومعظم آرائه تتماشى مع الاتجاه التنقيحي الذي يعدّ من الأسماء المهمّة على خارطته. له عددٌ من الكتب حول هذه الاهتمامات: الأسرة الحاكمة الأولى في الإسلام، الدولة الأموية، 1986. مقاربات للقرآن، 1993.فكرة عبادة الأوثان ونشوء الإسلام، 1999. المسلمون والمغول والحروب الصليبية، 2000. (قسم الترجمات)، وقد ترجمنا لهوتنج عرضًا لكتاب: «البدايات المبهمة؛ بحث في بدايات الإسلام»، ترجمة: هند مسعد، وهو منشور ضمن الملف الأول على قسم الترجمات، ملف (الاتجاه التنقيحي)، يمكن مطالعته على هذا الرابط: tafsir.net/translation/12.
[10] «الموت في المعركة؛ تصوير الشهيد في المؤلفات السنية المبكرة» لسيلفيا هورش (دار نشر فيرلاغ- فورتسبورغ، 2011). (المؤلفة).
[11] سيلفيا هورش، ولدت في النمسا عام 1975، وقد أسلمت عام 1996، درست الدراسات العربية في جامعة برلين الحرة، وحصلت على الدكتوراه، وهي الآن باحثة في معهد اللاهوت الإسلامي بجامعة أوسنابروك الألمانية، وباحثة في معهد الدراسات العربية بجامعة برلين الحرة. (قسم الترجمات).
[12] «القرآن بوصفه نصًّا من العصور القديمة المتأخرة: مقاربة أوروبية» لأنجيليكا نويفرت. (منشورات فيلت ريلغيونين - فرانكفورت وماين 2010 و2011، ص548-560). (المؤلفة).
[13] هذا المصطلح مستخدم في النقد الكتابي، ويعني -تحديدًا- سياق إنشاء نصٍّ ما، ووظيفته، والغرض منه في هذا السياق، وهو أشمل مما قد يفهم من الوضعية الاجتماعية، ولا يوجد مقابل إنجليزي دقيق له؛ لذا أثبته الكاتب كما هو بلغته الألمانية في نصّه. (قسم الترجمات).
[14] «القرآن والأزمات والذاكرة؛ الطريق القرآني نحو إعطاء المرجعية والقداسة/ الكانونيزاشن كما تنعكس على الحسابات البشرية» لأنجيليكا نويفرت، تحرير: أنجليكا نويفرت، وأندرياس بفليتش، و«الأزمة والذاكرة في المجتمعات الإسلامية» (دار نشر فيرلاغ – فورتسبورغ، 2001) ص133-152.
[15] جوزيف ويتزتوم، «رفع القواعد من البيت. سورة البقرة: 127»، و«نشرة كلية الدراسات الشرقية والأفريقية» عدد 72:1، 2009، ص25-40. (المؤلفة).
[16] جوزيف ويتزتوم، أستاذ اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية، حاصل على الدكتوراه من جامعة برنستون، تتركز اهتمامته في تفسير القرآن، وعلاقة القرآن بالتقاليد الكتابية، والأدبيات السيريانية السابقة على الإسلام. (قسم الترجمات).
[17] مقالة: «لمحات من الماريولوجيا في القرآن؛ من سير القديسين حتى اللاهوت من خلال المناظرات الدينية السياسية» لميكائيل ماركس، من كتاب: «القرآن في سياقه» لمحرريه: أنجيليكا نويفرت، ونيكولاي سيناي، وميكائيل ماركس (منشورات بريل: لايدن، 2009 و2011) ص533-546. (المؤلفة).
[18] «القرآن بوصفه نصًّا من العصور القديمة المتأخرة» لنويفرت، ص528-541، وص590-595. (المؤلفة).
[19] «نماذج الحكام في القرآن» لهربرت بوسه، تحرير: بيتر باخمان، و«العالم الإسلامي بين العصور الوسطى والعصر الحديث» (المعهد الألماني للدراسات الشرقية - مجلة الجمعية الشرقية الألمانية: بيروت 1979) ص56-80. (المؤلفة).
[20] هربرت بوسه، مستشرق ألماني، ولد عام 1926، حاصل على الدكتوراه من جامعة هامبورغ، عمل كأستاذ زائر في عدد من الجامعات، مثل: جامعة بوردو، اهتماماته تتركز في الصلة بين الإسلام واليهودية المسيحية، الإسلام واليهودية والمسيحية، الانتماءات اللاهوتية والتاريخية، 1995. (قسم الترجمات).
[21] مقالة: «خاتم النبيين؛ نحو فهم نبوة محمد» لهارتموت بوبزين من كتاب: «القرآن في سياقه» تحرير: أنجيليكا نويفرت، ونيكولاي سيناي، وميكائيل ماركس (منشورات بريل - لايدن 2009 و2011) ص565-584. (المؤلفة).
[22] مستشرق ألماني، ولد عام 1946، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة إرلانغن، درس علم اللاهوت البروتستانتي والدراسات الدينية بجامعة ماربورغ، مهتم بالقرآن، وتحديدًا القرآن في أوروبا وترجمات القرآن إلى الألمانية، من أهم كتبه: «القرآن في عصر الإصلاح؛ دراسات عن التاريخ المبكر للدراسات العربية والإسلامية في أوروبا، 1995»، كما قام بتحرير كتاب: «القرآن الكريم في ترجمة فريدريش روكرت، 1995»، كذلك له ترجمة شهيرة للقرآن عمل عليها لمدة عشر سنين، وصدرت عام 2010 في ألمانيا. (قسم الترجمات).
[23] «ماذا نعرف حقًّا عن محمد؟» لباتريشا كرون، تحليل إخباري منشور على أوبن ديموكراسي بتاريخ (10 /6 /2008) www.opendemocracy.net. (المؤلفة).
[24] جون وانسبرو (1928م - 2002م)، مستشرق أمريكي، يعتبر هو رائد أفكار التوجّه التنقيحي، وتعتبر كتاباته منعطفًا رئيسًا في تاريخ الاستشراق؛ حيث بدأت في تشكيك جذري في المدونات العربية الإسلامية وفي قدرتها على رسم صورة أمينة لتاريخ الإسلام وتاريخ القرآن، ودعا لاستخدام مصادر بديلة عن المصادر العربية من أجل إعادة كتابة تاريخ الإسلام بصورة موثوقة، ومن أهم كتاباته: «الدراسات القرآنية؛ مصادر ومناهج تفسير الكتب المقدسة» (1977م)، وقد ترجمنا عرضًا لهذا الكتاب، كتبه كاول كيرستن، ترجمة: هند مسعد، وهو منشور ضمن الملف الأول على قسم الترجمات، ملف (الاتجاه التنقيحي)، ويمكن مطالعته على هذا الرابط: tafsir.net/translation/10 (قسم الترجمات).
[25] «النقل الكتابي للقرآن في بدايات الإسلام» لفرانسوا ديروش (منشورات بريل - لايدن 2009)، و«المخطوطات المرافقة للنبي وقرآن النبي»، بينام ساديغي، وأوي بيرمان (مجلة أرابيكا العدد 57- 2010) ص343-436. (المؤلفة).
[26] «القرآن كسيرورة» لسيناي ص407-440، ومقالة: «التحليل الكمي للنصّ وتطبيقه على القرآن» لنورا كاترينا شميد في كتاب: «القرآن في سياقه» لمحرريه: نويفرت، وسيناي، وميكائيل ماركس (منشورات بريل - لايدن 2009 و2011). ص441-460. (المؤلفة).
[27] «لمحات من الماريولوجيا»، لماركس، ص533-564. (المؤلفة).
[28] «القرآن بوصفه نصًّا من العصور القديمة المتأخرة»، لنويفرت، ص310-313. (المؤلفة).
[29] «القرآن بوصفه نصًّا من العصور القديمة المتأخرة» لنويفرت، ص498-590. (المؤلفة).
[30] تيودور نولدكه (1836- 1930)، شيخ المستشرقين الألمان كما يصفه عبد الرحمن بدوي، درس عددًا من اللغات السامية: العربية، والعبرية، والسيريانية، وآرامية الكتاب المقدّس، ثم درس -وهو طالب في الجامعة- الفارسية والتركية، وفي العشرين من عمره حصل على الدكتوراه عن دراسته حول «تاريخ القرآن»، وهي الدراسة التي قضى عمره في تطويرها، وقد صدر الجزء الأول من: «تاريخ القرآن» في 1909، وعمل عليه مع نولدكه تلميذه شفالي، ثم صدر الجزء الثاني عن تحرير تلميذه فيشر عام 1920، وصدر الجزء الثالث عام 1937 عبر تحرير تلميذه برجستشر ثم برتزل. كذلك درس نولدكه: «المشنا»، وتفاسير الكتاب المقدس أثناء عمله معيدًا في جامعة جيتنجن. له إلى جانب كتابه الشهير «تاريخ القرآن» كتبٌ حول اللغات السامية، منها: «في نحو العربية الفصحى»، و«أبحاث عن علم اللغات السامية»، عمل أستاذًا في جامعة كيل ثم جامعة اشتراسبورج، كتابه: «تاريخ القرآن» مترجم للعربية، حيث ترجمه: جورج تامر، وصدر عن منشورات الجمل، بيروت، 2008. (قسم الترجمات).
[31] باحث ألماني، أستاذ الدراسات الإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية بجامعة أكسفورد، حاصل على الدكتوراه من جامعة برلين الحرة بألمانيا، تتركز اهتمامه في القرآن والتفسير واللاهوت الإسلامي، له عديد المؤلفات في هذا السياق منها:
- كتاب الإسلام المقدس؛ أهم الحقائق عن القرآن الكريم، 2012.
- الحديث والتفسير؛ دراسات في تفسير القرآن المبكر، 2009.
- القرآن؛ مقدمة تاريخية نقدية، 2017.
فضلًا عن عديد المقالات والدراسات حول التفسير والقرآن، وقد ترجمنا له دراسة منشورة على قسم الترجمات، ضمن مواد الملف الثاني (تاريخ القرآن)، بعنوان: «متى أصبح القرآن نصًّا مغلقًا؟»، يمكن مطالعتها على هذا الرابط: tafsir.net/translation/31.
[32] «رسالة محمد في مكة؛ الإنذارات والعلامات والمعجزات: حادثة شقّ القمر [سورة القمر: آية 1- 2]» ليوري روبين، تحرير: جوناثن بروكوب، و«دليل كامبريدج لمحمد» (مطبوعات كامبريدج: جامعة كامبريدج 2010) ص39-60. (المؤلفة).
[33] من الأفكار الأساسية لأنجيليكا نويفرت، والتي تناولتها في عددٍ كبيرٍ من كتابتها خصوصًا دراستها: «وجهان للقرآن»، هو التفريق بين القرآن في حالته الشفاهية، والقرآن كمصحف، وموضع التفريق هاهنا يتعلق بمدى إمكان تجسيد كلّ من هذين البُعدين للقرآن للوضعية الحوارية والتفاوضية التي شهدها تلقِّي النصّ من قِبل أهل الكتاب وتفاعله معهم وحجاجه تجاههم، حيث تصوّر هذه الوضعية بأنها وضعية درامية متعددة الأصوات، نستطيع من خلال استحضارها في شكلها الشفهي أن نتعرف على هذه الدراما التي بُنِي في قلبها هوية المجتمع الجديد تجاه المجتمعات القائمة، في حين تحتفي هذه الدراما في المصحف -بسبب جمع النصّ- بترتيب خاصّ مختلف في وضع اجتماعي جديد لا يستحضر هذه الوضعية الحوارية والتفاوضية.
[34] «القرآن كسيرورة» لسيناي، ص9. (المؤلفة).
مواد تهمك
- الدراسات القرآنية والمنعطف الأدبي؛ قراءة في أهم الدراسات الأدبية الغربية للقرآن
- النصّ المقدّس، الشعر، وصناعة المجتمع: قراءة القرآن كنصٍّ أدبي. لأنجيليكا نويفرت
- مصاحف الأمويين: نظرة أولية، لفرنسوا ديروش
- القرآن والكتاب المقدّس: النصّ والتفسير
- موت النبي، نهاية حياة محمّد وبدايات الإسلام لـ ستيفن ج. شوميكر