متى أصبح القرآن نصًّا مغلقًا؟

المترجم : حسام صبري
في هذه الورقة يتناول نيكولاي سيناي أهم النظريات الغربية المعاصرة حول تاريخ القرآن، منذ منجانا ومرورًا بشفالي وصولًا إلى ساديغي وشولر وويلان، فيعرض أهم حججها ومناهجها والجدالات بين أصحابها، مبلورًا نظرته الخاصّة في مواجهتها؛ مما يجعلها مادة شديدة الأهمية في التعرّف على أهم وأبرز ملامح الدرس الغربي لتاريخ المصحف.

هناك تنوّعٌ كبيرٌ في النظريات الغربية حول تاريخ القرآن من منجانا ومرورًا بشفالي وإلى وانسبرو وكون ثم ويلان وشولر وساديغي وغيرهم، وهو تنوّع لا يقتصر على النتائج بطبيعة الحال، بل يتعداها إلى التنوّع في المنطلقات والمنهجيات كذلك، في هذه الورقة يقوم الباحث الألماني نيكولاي سيناي بقراءة في هذه النظريات والمقارنة بينها في محاولة للوصول إلى نظرية مقبولة في هذا الشأن.

ويقوم سيناي في هذه الورقة بتقسيم النظريات الغربية حول تاريخ المصحف إلى نظريتين كبيرتين: الأولى تضع إغلاق المصحف في حدود نهاية القرن السابع الميلادي (الأول الهجري). والثانية تضع إغلاق المصحف في النصف الأول من القرن السابع الميلادي (الأول الهجري). وسيناي يعتبر أن النظرية الأولى هي الأكثر قبولًا؛ انطلاقًا من عدم ثقة كثيرٍ من المستشرقين بالنظرية الثانية التي تقارب كثيرًا التأريخ التقليدي الإسلامي، وفي ضوء اعتبار نظريات وانسبرو وكرون عن تأخّر الإغلاق للقرن الثامن (الثاني الهجري) نظرية واهية لا يوجد ما يدلّ عليها.

ومن أجل توضيح للنظرية الأولى يتحدّث سيناي عن ما أسماه «نموذج قرآني ناشئ»، ويقصد بهذا المفهوم أنه حتى التعديل الذي طال المصحف قبل إغلاقه ويصل به إلى نهاية القرن الهجري الأول هو تعديل قائم على نسخة معتمدة ترجع غالبًا لمنتصف القرن الأول.

في الأخير يصل سيناي لرأي مركّب حول تاريخ استقرار المصحف، حيث يتبنّى بشكلٍ ما النظرية الثانية، والتي تضع استقرار المصحف في النصف الأول من القرن الهجري الأول كما هو التأريخ الإسلامي التقليدي، موضحًا أنّ الأكثر منطقية في مواجهة الفريقين هو مطالبة مَن يؤخِّرُون تاريخ الاستقرار إلى نهاية القرن الأول بالدليل على هذا، في ذات الوقت يتوقّف بحذرٍ عن إعطاء تاريخ تفصيلي لاستقرار النصّ في النصف الأول، إلا أنه يضعه بعد عَقْد على الأقل من وفاة النبي، كما يطرح ضرورة دراسة السّور القرآنية كجزء من دراسة استقرار المصحف.

في سياق المقارنة بين هذه النظريات وعقد حوار بين أعلامها ورؤاهم للنظريات المعاكسة، يستطيع القارئ الاطلاع على الجدل الغربي المعاصر حول تاريخ القرآن من جهة نتائجه ومن جهة مناهجه؛ مما يجعل هذه المقارنة شديدة الأهمية للقارئ العربي، حيث يطّلع من خلالها على تاريخ النقاش الغربي لمساحة من أهم مساحات القرآن، أي: تاريخ المصحف واستقراره.

المؤلف

نيكولاي سيناي - Nicolai Sinai

باحث ألماني، أستاذ الدراسات الإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية بجامعة أكسفورد، حاصل على الدكتوراه من جامعة برلين الحرّة بألمانيا، يتركّز اهتمامه في القرآن والتفسير واللاهوت الإسلامي.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))