في إطار تطوّر الدراسات الأدبية في السياق الغربي، والاستفادة التي حقّقها الباحثون في مجال دراسات الكتاب المقدّس باستخدامها؛ اتجه كثيرٌ من الباحثين لمحاولة الاستفادة من هذه المناهج في دراسة القرآن.
في هذه الدراسة[1] التي بين أيدينا يحاول آدم فلاورز -الباحث المتخصّص في جامعة شيكاغو- الاستفادة من المنجزات الحاصلة في النظرية الأدبية حول الأنواع الأدبية لوضع إطار منهجي لدراسة النوع الأدبي للقرآن.
وينطلق فلاورز بالأساس من غياب مثل هذا الإطار المنهجي عن الدرس الاستشراقي، مما يجعل تناول الأنواع الأدبية في القرآن في هذا الدرس مشوبًا بعدم الدقة المنهجية وبالاشتغال الجزئي المقتصر على بعض نطاقات النصّ القرآني، مما يقف حجر عثرة أمام إمكان اكتشاف الأنواع الأدبية داخل القرآن؛ مقاطعَ وسورًا ونصًّا كاملًا.
كما يكشف اشتغال فلاورز عن العلاقة بين دراسة النوع الأدبي للقرآن ودراسة الترتيب الزمني له، سواء ما يمكن اعتباره جمعًا بينها في الكتابات الكلاسيكية؛ مثل كتاب (تاريخ القرآن) لنولدكه، أو ما يُعَدّ به تفعيل إطارٍ منهجي لدراسة النوع الأدبي للقرآن من اكتشاف الصلة بين الأنواع الأدبية للقرآن وتاريخه، مما يتيح فهمًا أكبر لكلٍّ من: تاريخ النصّ، وأنواعه وتطوّرها، وسياقات استعمالها.
ولا يتوقف فلاورز عند حدّ وضعِ إطارٍ نظري منهجي للعمل على دراسة النوع القرآني، ولكنه يقدّم مثالًا تطبيقيًّا لطرحه عبر الاشتغال على سورة آل عمران، محاولًا تحديد الأنواع الكلامية فيها والأنواع الأدبية الأولية والثانوية التي تنظم هذه الأنواع الكلامية.
إنّ أهم ما في دراسة فلاورز ليس نتائجها، بل كونها تمثِّل نموذجًا تطبيقيًّا لتفعيل الدرس الغربي المعاصر (المناهج الأدبية) على النصّ، مما يجعلها اكتشافًا لآفاقها وحدودها، وكذلك كونها تمثّل إيضاحًا للشكل الجديد الذي اتخذه البحث في قضية ترتيب القرآن عبر انفتاحه على المناهج الأدبية.
[1] هذه الترجمة هي لدراسة Reconsidering Qur’anic Genre، والمنشورة في Journal of Qur’anic Studies، في 2018.
الملفات المرفقة
مواد تهمك
- أنواع الكلام وتفسير القرآن
- الدراسات القرآنية والمنعطف الأدبي؛ قراءة في أهم الدراسات الأدبية الغربية للقرآن
- القرآن، والكتاب المقدّس كنصٍّ ضمنيٍّ له، لجبريل سعيد رينولدز
- القرآن في أوروبا؛ قراءة في التعامل الأوروبي مع القرآن في بدايات العصر الحديث
- بين كتابي؛ نظم القرآن لميشيل كويبرس، والأحاديث حول تثبيت مصحف عثمان لفيفيان كوميرو