أنواع الكلام وتفسير القرآن

تهتمّ الدراسات الغربية المعاصرة للقرآن بتوسعة العدّة المنهجية المشغّلة على القرآن، حيث تحاول هذه الدراسات الخروج من ضيق المناهج الاستشراقية الكلاسيكية نحو استفادة أوسع من المنهجيات الكتابية والمنهجيات الأدبية المطبّقة على الكتاب المقدّس، في هذه الورقة يقترح ستيوارت استخدام نظرية (أنواع الكلام) في تفسير القرآن، ويطرح بعض النماذج التطبيقية في هذا السياق.

   تهتمّ الدراسات الغربية للقرآن في العقود الأخيرة اهتمامًا كبيرًا بتوسعة العدّة المنهجية المشغّلة على القرآن، حيث تحاول هذه الدراسات الخروج من ضيق المناهج الاستشراقية الكلاسيكية المقتصرة غالبًا على الفيلولوجي التقليدي نحو استفادة أوسع من المنهجيات الكتابية والمنهجيات الأدبية المطبّقة على الكتاب المقدّس، فبعد نجاح هذه المنهجيات في ميدان دراسات الكتاب المقدّس وبروز كفاءتها في استكشاف أكثر دقة لبنيته وتاريخه، اهتم هؤلاء الباحثون بتطبيقها على القرآن بغية تطوير حقل الدراسات القرآنية الغربية من الناحية النظرية والمنهجية.

وتعدّ نظرية الأنواع الأدبية التي تبلورت مع الشكلانيين الروس بشكل أساسي، والتي يتميز ويبرز فيها بصورة كبيرة اسم ميخائيل باختين بدراساته الواسعة حول الرواية وطابعها الحواري وأنواع الكلام التي تتشكّل منه وعلاقة الأنواع الأدبية داخل الرواية ببعضها =إحدى النظريات المهمة في حقل الدراسات الأدبية؛ لذا فقد حاول الكثير من الدارسين الاستفادة من هذه الأدوات المنهجية التي تبلورت في هذا الميدان في دراسة الكتب المقدسة التي نظر لها الكثيرون باعتبارها تضم خطابات وأنواع كلامية وخطابية متعدّدة ومترابطة، إلا أن تطبيق هذه المنهجيات على القرآن يظلّ في بداياته في ساحة الدرس الغربي.

في هذه الورقة يقدّم ديفين ستيوارت سردًا تحليليًّا لتاريخ مناهج «نقد الشكل» و«نظرية النوع» في دراسة الكتاب المقدّس، وكذلك يحاول الوقوف على ما يمكن اعتباره بداية لهذا النوع من الاشتغال؛ سواء داخل التقليد الإسلامي أو في الدراسات الغربية الكلاسيكية والمعاصرة، ويحاول إيضاح الوظائف التي قام بها هذا الاستدعاء لأنواع الكلام في دراسة القرآن عند بعض الأسماء؛ مثل وانسبرو ونويفرت وجيرد بوين، ثم يقدّم اقتراحه حول استخدام نظرية النوع الأدبي في تفسير القرآن، حيث يمكن -بحسب ستيوارت- أن يساعد معرفة النوع الأدبي الذي تنتمي له بعض الآيات في عملية التأويل، سواء بترجيح تفسير بعينه، أو تقليل احتمالية صواب بعض التفسيرات، ومن أجل إبراز اقتراحه بشكل تطبيقي، يشتغل ستيوارت على بعض الآيات أو تحديدًا الألفاظ داخل بعض الآيات: «الحاقة» «القارعة»، «ببعيد» في قوله تعالى: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾، «الكوثر»، ويحاول إبراز كيف يمكن لتحديد النوع الأدبي الذي تنتمي له هذه الآيات أن يسهم في اختيار أو ترجيح أو استبعاد معانٍ محددة.

بغضّ النظر عن نتائج هذه الورقة فإنّ أهميتها تكمن في أن هذا التطبيق لنظرية الأنواع الأدبية على القرآن يعدّ نمطًا جديدًا من الاشتغال الغربي على القرآن، وأحد فضاءات اتجاه هذا الدرس لمحاولة الاستفادة من بعض المنهجيات الجديدة، مما يجعل من المهم أن يطّلع عليه الباحث العربي. 

المؤلف

ديفن ج. ستيوارت - DEVIN J. STEWART

أستاذ الدراسات الإسلامية واللغة العربية وآدابها بجامعة إيموري، تتركز اهتماماته على القرآن والشريعة الإسلامية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))