تفسير البيضاوي "أنوار التنزيل"
قراءة في تاريخ هيمنته وانتشاره في العمل التفسيري
تهتم الكثير من الدراسات الغربية المعاصرة حول التفسير بمحاولة إعادة بناء التصوّرات الغربية حول تاريخ التفسير وحول طبيعة هذا العلم في التراث الإسلامي وحول طبيعة مدوناته والموقع الدقيق لكلّ منها ضمن التاريخ الطويل للحقل منذ فترته التكوينية وإلى فترته الوسيطة، في محاولة منها لتحقيق معرفة أكثر دقّة بهذا الحقل تتجاوز التأطيرات الكلاسيكية له والنظرات السائدة عن تاريخ مدوّناته وعن مركزيات هذا التاريخ كما استقرّت في الدرس الغربي وكذلك في الدراسات العربية المعاصرة.
وتهتم هذه الدراسات من أجل تحقيق هذه الأهداف بالكشف عن الجدالات الحديثة حول القرآن والتفسير وما صاحبها من سياسات التحقيق والنشر ضمن الأهداف العلمية والأيديولوجية المختلفة، وأثرها في رسم صورة خاصة عن تاريخ التفسير كان لها أثرها على الدراسات الغربية والعربية، إلى جانب العودة للتراث التفسيري واستكشاف مدوناته المركزية وفق تاريخه الخاصّ، وبحث السياقات التي أدّت إلى دفع بعض التفاسير إلى موقع المركزية ضمن هذا التراث وحيازتها قدرًا من المرجعية سواء ضمن المرحلة الكلاسيكية أو ضمن مرحلة التحشية والتدريس، فتبحث في الأسباب المعرفية والعقدية التي أدت لهذا، وتجتهد في استحضار الجدال العلمي الذي يقع في خلفية نشأة هذه المركزيات، بغية إبراز صورة دقيقة عن العملية التاريخية التي تشكّلت ضمنها.
ويعدّ وليد صالح واحدًا من أهم الدارسين ضمن سياق الأكاديميا الغربية الذين يهتمون ببناء رؤية حول تاريخ التفسير تجتهد -من وجهة نظرهم- في أن تقترب من طبيعته الخاصة وديناميكيات تاريخه الخاصّ، في هذه الورقة يدرس صالح تاريخ (أنوار التنزيل) للبيضاوي، حيث يحاول تتبع العملية التاريخية التي أدت لحيازة (الأنوار) مركزية ومرجعية ضمن تاريخ التفسير في مرحلة الحواشي، وعلاقة هذه العملية بالجدل حول كشاف الزمخشري، فيستعرض التلقي العلمي للكشاف ودور الأنوار في هذا والجدل العلمي المصاحب، والصيرورة التي انتهت باستقلال الأنوار ككتاب مركزي وأصل للتحشية، سواء في العالم العربي بشكل أساسي أو في مركز الخلافة العثمانية.
وتأتي أهمية هذه الترجمة من كونها تفيد في تسليط الضوء على اشتغال تفسيري متنامٍ في الأوساط الغربية يجتهد في تقديم مقاربات معينة تتبع السياقات التاريخية للتفسير والجدل العلمي حول مدوناته والأهمية المعطاة لهذه المدونات ضمن تاريخ استقبال وتدريس التفسير، بحيث يتم التبصر بهذا الاشتغال والوقوف على أبعاده ومعطياته، هذا التبصر الذي هو أمر ضروري لإحداث حالة تثاقف واشتباك مع أمثال هذه الأطروحات في السياق العربي وبيان ما لها وما عليها، وهو المأمول من وراء فعل التعريب للطرح الاستشراقي.
الملفات المرفقة
مواد تهمك
- التفسير في الدراسات الغربية المعاصرة؛ الجزء الثاني: الدراسة الداخلية لكتب التفسير
- إعادة قراءة الطبري بعيون الماتريدي: إطلالة جديدة على القرن الثالث الهجري
- التفسير في الدراسات الغربية المعاصرة؛ الجزء الأول: الإشكالات النظرية في الدراسة الغربية للتفسير
- دراسة التفسير القرآني في الحقبة الإسلامية الوسيطة والاستشراق الحديث
- تفاسير القرآن تاريخها، مناهجها، وظائفها، واقع دراستها في الأكاديميا الغربية
- الملف الخامس على قسم الترجمات: مدخل تعريفي