دراسة بعض الموضوعات القرآنية وعلاقتها بالكتب السابقة، هو مشغل استشراقي قديم، وبالنسبة لموضوع الأخرويات والجنة تحديدًا فقد خصص لها يوسف هوروفيتس كتابًا، إلّا أن هذه الدراسات وفقًا لنويفرت لم تستطع ربط خطاب القرآن عن الجنة بالوضعية الاجتماعية له كما يفترض وفقًا لها.
فوفقًا لنويفرت فإنّ الاستفادة الحقيقة من الترتيب الكرونولجي للقرآن تأتي حين يتم ربطه بالوضعية الاجتماعية للقرآن وجدالاته مع متلقِّي النص من أصحاب الديانات الأخرى، وهو ما تحاول نويفرت هنا تفعيله في دراسة موضوع الجنة في القرآن.
تحاول نويفرت هنا قراءة خطاب الجنّة في القرآن عبر التناص مع النصوص الدينية في سياق الشرق الأدنى القديم المتأخر، وفي سياق الجدال كذلك مع الرؤية العربية الخاصة حول الإنسان، حيث ترى نويفرت أن أحد الأهداف الأساسية للقرآن كانت مواجهة هذا التصور العربي الجاهلي وإيجاد تصورات بديلة عنه، ما يجعل الجنة في القرآن -في رأيها- أحد الموضوعات المركزية المرتبطة بالمرتكزات الرئيسة للتوحيد القرآني، فخطاب الجنة -بالنسبة لنويفرت- هو قلب لخطاب الانغماس في اللحظة، وقلب لخطاب اليأس والفوات وغياب المعنى عبر إشاعة التفاؤل والقيمة، وهو كذلك تبديل لصورة الطبيعة المتوحشة والقاسية لصورة طبيعة أنيسة ومراعية تتوافق مع تعالِي الله عنها وقـيُّوميته عليها.
إنّ هذه الورقة تقدّم قراءة للجَنّة في القرآن تختلف عن القراءات الغربية الشائعة، حيث تحاول فهم طرح القرآن حول الجنة ضمن سياق الخطاب القرآني ككل وكذا ضمن وضعية تلقّيه، وبغض النظر عن تحليلات الورقة ونتائجها فإن الغرض هو تعريف الدارسين بهذا الطرح الغربي الجديد الذي يمثّل تطبيقًا لمنظور أحد أبرز الوجوه الاستشراقية الغربية المعاصرة على القرآن.
الملفات المرفقة
مواد تهمك
- مساءلة التفسير البنيوي للقرآن
- نظرتان للتاريخ والمستقبل البشري؛ الوعود الإلهية في القرآن والكتاب المقدّس
- الإسرائيليات في الدرس الحداثي للقرآن
- مريم وعيسى، موازنة الآباء التوراتيين
- النصّ المقدّس، الشعر، وصناعة المجتمع: قراءة القرآن كنصٍّ أدبي. لأنجيليكا نويفرت
- الدراسات القرآنية والفيلولوجي التاريخي النقدي: انطلاق القرآن من التراث الكتابي وتغلغله فيه وهيمنته عليه