الفردوس كخطاب قرآني

المترجم : د. حسام صبري
دراسة الجنة في القرآن، من المشاغل الاستشراقية القديمة، حيث اهتم المستشرقون ومنذ مراحل مبكرة، بتسييق الجنة القرآنية في سياق النصوص اليهودية والمسيحية، وكذلك في سياق الأشعار الوثنية السابقة على الإسلام، في هذه الورقة تحاول نويفرت قراءة الجنة القرآنية ضمن خطاب القرآن الأوسع عن الإنسان والتاريخ، وكذلك في علاقته بالمخاطبين ورؤيتهم للعالم.

  دراسة بعض الموضوعات القرآنية وعلاقتها بالكتب السابقة، هو مشغل استشراقي قديم، وبالنسبة لموضوع الأخرويات والجنة تحديدًا فقد خصص لها يوسف هوروفيتس كتابًا، إلّا أن هذه الدراسات وفقًا لنويفرت لم تستطع ربط خطاب القرآن عن الجنة بالوضعية الاجتماعية له كما يفترض وفقًا لها.

فوفقًا لنويفرت فإنّ الاستفادة الحقيقة من الترتيب الكرونولجي للقرآن تأتي حين يتم ربطه بالوضعية الاجتماعية للقرآن وجدالاته مع متلقِّي النص من أصحاب الديانات الأخرى، وهو ما تحاول نويفرت هنا تفعيله في دراسة موضوع الجنة في القرآن.

تحاول نويفرت هنا قراءة خطاب الجنّة في القرآن عبر التناص مع النصوص الدينية في سياق الشرق الأدنى القديم المتأخر، وفي سياق الجدال كذلك مع الرؤية العربية الخاصة حول الإنسان، حيث ترى نويفرت أن أحد الأهداف الأساسية للقرآن كانت مواجهة هذا التصور العربي الجاهلي وإيجاد تصورات بديلة عنه، ما يجعل الجنة في القرآن -في رأيها- أحد الموضوعات المركزية المرتبطة بالمرتكزات الرئيسة للتوحيد القرآني، فخطاب الجنة -بالنسبة لنويفرت- هو قلب لخطاب الانغماس في اللحظة، وقلب لخطاب اليأس والفوات وغياب المعنى عبر إشاعة التفاؤل والقيمة، وهو كذلك تبديل لصورة الطبيعة المتوحشة والقاسية لصورة طبيعة أنيسة ومراعية تتوافق مع تعالِي الله عنها وقـيُّوميته عليها.

إنّ هذه الورقة تقدّم قراءة للجَنّة في القرآن تختلف عن القراءات الغربية الشائعة، حيث تحاول فهم طرح القرآن حول الجنة ضمن سياق الخطاب القرآني ككل وكذا ضمن وضعية تلقّيه، وبغض النظر عن تحليلات الورقة ونتائجها فإن الغرض هو تعريف الدارسين بهذا الطرح الغربي الجديد الذي يمثّل تطبيقًا لمنظور أحد أبرز الوجوه الاستشراقية الغربية المعاصرة على القرآن.

المؤلف

أنجيليكا نويفرت - ANGELIKA NEUWIRTH

أستاذ الدراسات السامية والعربية في جامعة برلين الحرة، تُعد من أشهر الباحثين الألمان والأوروبيين المعاصرين في الدراسات القرآنية والإسلامية.
درست الدراسات السامية والعربية والفيلولوجي في جامعات برلين وميونيخ وطهران، عملت كأستاذ ومحاضر في عدد من الجامعات، مثل: برلين وميونيخ وبامبرغ، كما عملت كأستاذة زائرة في بعض الجامعات مثل: جامعة عمان بالأردن، وجامعة عين شمس بالقاهرة.
أشرفت على عدد من المشاريع العلمية، منها مشروع (كوربس كورانيكوم).
ولها عدد من الكتابات والدراسات المهمّة في مجال القرآن ودراساته.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))