عرض كتاب
ظهور الإسلام في العصور القديمة المتأخرة
عزيز العظمة

المترجم : آسية أحمد بكر
يُعَدّ كتاب «ظهور الإسلام في العصور القديمة المتأخرة» لعزيز العظمة، من الكتب الغربية الصادرة مؤخرًا على ساحة الدرس الاستشراقي، حيث يناقش ظهور الإسلام من منظور تنقيحي معيَّن، في هذا العرض يقدّم هوتنج قراءة نقدية للكتاب، من حيث التزامه بالإطار المنهجي الذي انطلق منه، خصوصًا فيما يتعلّق بالاستناد إلى المصادر الإسلامية.

عرض كتاب
ظهور الإسلام في العصور القديمة المتأخرة
عزيز العظمة [1][2]

  حاول الدكتور العظمة في هذا الكتاب الذي وصفه بأنه «كتاب ضخم»، تقديمَ تفسير للأدلة والدراسات العلمية، لوصف وشرح ما سمّاه الإسلام القديم (Paleo-Islam)، ويشير مصطلح الإسلام القديم هنا إلى ما قد يطلق عليه بعضهم الإسلام المبَكِّر، أو نشأة الإسلام، أو الإسلام فحسب كما في عنوان هذا الكتاب، وقد تعمد الكاتب هذه التسمية لتحاشي «افتراض خطية حتمية دقيقة للغاية» (ص358)، وبعبارة أخرى أراد العظمة تأكيد الاختلاف في الدِّين ونظام الحُكْم المقترن به حتى نهاية العصر الأموي وتجنب تفسير تلك الحقبة في ضوء التطورات اللاحقة، ويدل عنوان الكتاب أنه لا يركز على الدين ونظام الحكم فحسب، بل يعكس حقيقة أن جزءًا كبيرًا منه (ص: 164- 357) مُنصبٌّ على الطريقة -كما يراها الكاتب- التي ظهرت بها عقيدة التوحيد وعبادة الله بدلًا من عبادة آلهة متعددة قبَلية ومحلية، ولا بد أن ينتبه قارئ هذا المقال إلى أن الفصل السابع من الكتاب قد خُصص لظهور القرآن ولعملية اعتماده.

وقد تعهد العظمة في مقدمته بأن يتبع منهجًا مبتكرًا وأن يتحدث عن الحالة المتردية والمتشذرة لكثير من الكتابات الأكاديمية عن ظهور الإسلام، وقد استشهد بجملة واسعة من الدراسات الأكاديمية المعاصرة المتعلقة بالموضوع وأحال إليها (بالرغم من أنه فوجئ بإخفاقه أحيانًا في الإحالة إلى مقالات أو كتب ذات صلة بالموضوع)، وتضمنت هذه المجموعة كتابات يُنسب كُتَّابها غالبًا إلى التنقيحيين أو التشكيكيين (بالرغم من ميله لعدم ذكرهم في فهرسه للأعلام)[3] ، وقد استعان بمواد ذات صلة تزيد عن تلك التي يرجع إليها المتخصصون في الدراسات الإسلامية والعربية عادةً، ويُعَدّ فهرسه الواسع للمراجع مصدرًا قيّمًا للعلماء والباحثين في هذا المجال وخاصةً القسم الذي عَنون له بـ: «الأعمال المعاصرة»، وكثيرًا ما يشير إلى مشكلات المنهجية وإلى تاريخ البحث العلمي، ويُعنى بربط نقاشه بتطورات البحث العلمي في المجالات الأخرى ذات الصلة، ومع هذا فإن الخطاطة الأساسية لـ: «ماذا حدث» -وهو وصف لظهور الإسلام القديم- لا تعدّ مختلفة كثيرًا عما يمكن إيجاده في العديد من الكتب الأخرى.

وأعني بذلك أنه على الرغم من تقديم العظمة لنظريات وتفسيرات مميزة للأدلة في عدد من القضايا؛ إلا أنه بعبارة مجملة؛ زعم أن الإسلام القديم (Paleo-Islam) قد ظهر -باعتبار المكان الجغرافي والأحداث والشخصيات والإطار الزمني- بكيفية ليست مختلفة كثيرًا عما في المؤلفات الإسلامية التقليدية، وبأسباب مشابهة إلى حد كبير لتلك التي في الدراسات العلمية السابقة عن الموضوع، وبالتالي فإن الخلفية هي التي تُشَكِّلُ هويةً عرقية عربية وتُطَوِّرُ أنماطَ سلوكٍ ديني يميل إلى التوحيد بداخل الجزيرة العربية، إلا أن المصطلح المفضل هنا هو «عبادة إله واحد»، وبتوارث هذه التطورات فإن محمدًا كان مسهِمًا في تأسيس جماعة دينية مركزها مكة، واتسعت رقعة المجتمع الذي أنشأه على يد خلفائه إلى ما وراء الجزيرة العربية وخاصة المناطق التي كانت تحت سيطرة المسيحية البيزنطية وتحولت إلى الإسلام، بينما تُعْرف نشأة النص القرآني المعتمد على أنها عملية معقدة مرت بعدة مراحل، وقد كان محمد هو المزوِّد لما سيصبح فيما بعد الكتابَ المقدَّس للحراك الذي يُعَدّ محمد هو «محور ارتكازه»، وقد قام كل من أبي بكر وعمر وعثمان بدورٍ مهم في تأسيس النص القرآني الذي نعرفه.

وقد وُصفت هذه السلسة من الأحداث وأُثبتت صحتها بأسلوب أدبي مثير لاهتمام القارئ كثيرًا؛ لاستعانة المؤلف بالتاريخ والدين المقارن والأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية الأخرى، مناقشًا جملة من الأحداث والمواضيع بشكل مطول، وكثيرًا ما يعتمد بشكل أساسي على مراجع علمية ثانوية لكنه يورد أيضًا أدلة من نصوص الأدبيات الإسلامية وغيرها من الأدلة، وتُظهر النقاشات سعةَ الاطلاع والعمق النظري والعناية بالمنهجية البحثية التي أسفر عنها تقديم تفسير لسلسة من الأحداث تعدّ خطوطها العريضة مقبولةً بشكل واسع ومنطقي للتاريخ والعلوم الإنسانية، ومع ذلك يبقى السؤال: إلى أيّ مدى فُسِّرت الأدلة لتأييد مجموعة واسعة من مخطط الأحداث والتي بدت واضحة بالفعل لدى المؤلف أو لدى المصادر العلمية الثانوية التي يعتمد عليها في الغالب؟!

ومن أبرز السمات في هذا الكتاب هي القبول بأن ما يتصور المؤلف أنه التأثير لنماذج التوحيد الأخرى له دور محدود في ظهور الإسلام القديم (Paleo-Islam)، وبالرغم من زعمه أنّ ظهوره جزء لا يتجزأ من تاريخ العصور القديمة المتأخرة إلا أنه حاول تأكيد السمة الطبيعة لتحوّل العرب من الوثنية (ليس مصطلحًا علميًّا ولكن العظمة يشير إلى الحجاز على أنها محميَّة وثنية) إلى الإسلام، وهذا التطور الطبيعي استفاد «في آخر الأمر» من النماذج الكتابية، إلا أن تلك الاستفادة كانت بطرق معقدة للغاية، فلم يكن «تواجد الكتاب المقدس وما شابهه من المواد هو التعليل لوجود القرآن، ولكن الحاجة اقتضت نصًّا مقدسًا جديدًا في مرحلة التكوين...» (ص494)، وقد هيّأت دراسة الأثر المحتمل لتوحيد الديانتين المسيحية واليهودية على ظهور الإسلام القديم (Paleo-Islam) الكاتبَ لتصور قيامهما بدور صغير مقترن بالأهمية السياسية والاجتماعية للدول المحيطة بالجزيرة العربية الوثنية والتي كان لها ارتباط بإحدى الديانات الموحِّدة أو بالأخرى [المسيحية واليهودية]، ولكنه زعم بأن هذا الأثر قليل «...إن للديانات الموحِّدة المحيطة أصداء وآثارًا جلية في نشأة توحيد الإسلام القديم (Paleo-Islam) وخصوصًا أنّ آثارًا كهذه استطاعت إيجاد مكان لها بداخل محميَّة وثنية... ورغم وضوحها إلا أنها عامة ومرتبطة بأمور أخرى إلى حد كبير وأثرها مبهم، فلا يستطيع أحدٌ القول بأن (أصول) الإسلام القديم مسيحية أو يهودية مع أن هاتين الديانتين كان لهما أثر في تفصيل قصصه ولا سيما عند نشأة علم التفسير واللاهوت».

ويبدو أن المؤلف هنا أراد القول بأنه في حين كانت الأديان الموحدة مهيمنة دينيًّا وسياسيًّا على منطقة الشرق الأوسط خارج الجزيرة العربية وحتى على بعض المناطق داخل الجزيرة العربية في عهد محمد؛ جاء العرب إلى التوحيد بشكل مستقل خلال ظهور الإسلام القديم (Paleo-Islam) ولكن فكرة أن الإسلام نشأ نتيجة لعملية دخول العرب إلى التوحيد مرفوضة؛ لأنها تبدو متناقضة نوعًا ما، ومن ثَمّ يأمل العظمة أن يجعل هذا الكتاب «تاريخ الإسلام يبدو أقل غرابة وانغلاقًا على نفسه».

وكما أشرنا من قبل، ففي حين أن النقاش يستند في الغالب إلى مصادر ثانوية؛ فهناك أيضًا اقتباسات متعددة من المؤلفات الإسلامية التقليدية كأدلة داعمة لبعض المسائل، وعلى الرغم من نزعة المؤلف المعلَنة إلى التشكيك وخاصة التشكيك في الأدبيات العربية، فإن المرء يشعر بأن تشكيكه له نطاقه قطعًا؛ لإشارته إلى أن الإثارة السهلة للنقد المفرط هي أمر يتسبب في انحراف البحث بدلًا من تحسينه، ويبدو أن تشكيكه قد اضمحلّ بصورة أكبر أثناء تأليف هذا الكتاب، ولا يتضمن هذا العمل مناقشة للمشكلات المتعلقة بالاستعانة بهذه الأدبيات بل يحيل القارئ إلى كتاب آخر -مطبوع بالفعل- يتضح من عنوانه أنه نقد لمناهج المصادر والأدبيات العربية، ويخيل للمرء أن هذا النقد يدعو إلى اتباع منهج متجرد ومنصف للنصوص التي تعدّ مصدرًا للحقائق بغية إعادة بناء التاريخ، وربما يعطي التحليل التالي لنقاشه قضيةَ بعض مدّعي النبوة -والذين صرحت المصادر التقليدية أنهم عاشوا قبل زمن محمد أو عاصروه- فكرة بسيطة عن منهج الكتاب.

ويُظهِر العظمة أحيانًا عند ذكره لما يعرف بأنبياء الرِّدَّة (على سبيل المثال ص 392 وما يليها) إدراكه بأننا لا يمكن أن نراهم إلا من خلال عدسة الآثار الإسلامية، وهذا يحدُّ ما يمكننا معرفته عنهم، لكنه رغم ذلك يعدّ الزعم بأن مسيلمة كان موجودًا قبل زمن محمد وأنّ الاثنين «ربما قد» التقيا قبل الهجرة؛ «غير مستبعَد»، ولم يوضح هذا الإشكال على الرغم من أهميته؛ لتعلقه بمسألة: أكان أنبياء الرِّدة مجرد مقلدين لمحمد ومتأثرين بنجاحه؟ أم كانت حركة محمد هي الوحيدة -وإن كانت الوحيدة الناجحة- من بين عدة حركات ظهرت في الجزيرة العربية إبّان الشطر الأول من القرن السابع الميلادي؟ والمرجع الوحيد الذي استشهد به العظمة لتأييد ظنه هو كتاب مسيلمة الحنفي للمؤلف/ جمال عليّ الحلاق، والذي نشر في كولونيا عام 2008م، وترتبط هذه المسألة التي لم يوضحها لنا: هل كان مسيلمة نبيًّا وقت حياة محمد أو ربما قبله بتفسير سورة الرعد (آية 30)، والتي تتحدث عن أن الله أرسل رسوله لأناس يكفرون بالرحمن، وكما روى ابن إسحاق أن هذه الآية كانت إشارة إلى حقيقة اتهام خصوم محمد له بأنّ مَن علَّمه هو رجل من اليمن يُدعى الرحمن، وأنهم قالوا: «(لن نؤمن بالرحمن)، ورَدًّا على ذلك أمَر الله النبي أن يبلغهم بقية الآية 30 من سورة الرعد: {قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} إلخ» (سيرة ابن إسحاق، القاهرة 1995م، ص311)، وبالطبع فإن (رجل اليمن) هو مسيلمة الذي ذُكر في روايات أخرى من هذا الخبر، وقد دفعت هذه القصة الواردة في تفسير الآية 30 من سورة الرعد العديدَ إلى استنتاج أن مسيلمة كان نبيًّا قبل محمد، وتبدو هذه القصة مستبعدة كتفسير لهذه الآية، وسواء قَبِلْنا هذه القصة أم لا فإنه يجب إعلام القارئ بطبيعة الدليل، ولا يكفي التوضيح البسيط بالقول بأن الادّعاء بوجود مسيلمة قبل محمد غير مستبعد وحسب.

إن تعامل المؤلف مع قضية العديد من مدعي النبوة الذين صوَّر التراث الإسلامي أنهم عاشوا في زمن محمد أو حوله لا يبين افتقار المؤلف إلى الوضوح في نقاشه فحسب، بل بالإضافة إلى ذلك يتركه مرة أخرى عُرضة لتهمة السذاجة أو استعداده لاختيار وتفسير الحقائق في ضوء التصورات المسبقة.

وقد ناقش في (ص: 253- 254) مسألة شخص معيّن وهو خالد بن سنان، والذي -كما ورد في الآثار/ المرويات التقليدية- أنّ محمدًا نفسه أقرَّ بنبوته لقبيلة عَبْس، وقد كان ذلك قبل زمن محمد بقرن أو نحو ذلك، وطرح العظمة هذه المسألة للنقاش لرغبته في إثبات وجود «عدد من الأنبياء ممن عاصروا محمدًا أو كانوا قبله مباشرة»، وقدّم هذه الحجة ليؤيد ادعاءه بوجود «معتقد أسطوري حول نبوة العرب قبل محمد» في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وقد لخص المرويات الواردة عن خالد بن سنان، ولكنه -خلافًا للعادة- أغفل واحدة من أهم الوقائع، وأهمل الإشارة إلى الدراسة للمواد الواردة عنه أيضًا، والتي قامت بها إيلا لانداو تاسرون: JSAI 21 ـ(1997)، ص (42-61) ؛ [Jerusalem Studies In Arabic And Islam مجلة القدس للدراسات العربية والإسلامية].

ومع هذا فإن النقطة الأكثر أهمية هنا: أنه لم يتساءل أبدًا لِمَ نقَل التراث الإسلامي أخبارًا عن خالد (وغيره من الموحدين العرب قبل محمد)؟! ولكنه يفترض صحة الوقائع التاريخية ثم يفسر الأخبار بطريقة تناسب أفكاره الخاصة، وبينما يخبرنا التراث الإسلامي عن معرفة خالد لكلمات بيان الوحدة الإلهية والموجودة الآن في سورة الإخلاص (سورة 112)؛ فإن العظمة يرجح بأنّ «صانع المعجزات هذا قد يكون مناصرًا لضرب من ضروب توحيد الإله فوق السماء»، ومن وجهة نظري فإنه يجب على المرء قبل القفز من المادة الأدبية إلى إنشاء حقيقة تاريخية (ومن ثم إعادة تفسيرها) أن يتساءل: لِمَ يرغب التراث الإسلامي في جعل الجزيرة العربية آهلةً بالأنبياء قبل محمد؟!

وهناك نوع آخر -بالأحرى نوع مختلف من الشخصيات- مذكور في التراث لأحد مدّعي النبوة الذين عاصروا محمدًا، وهو اليهودي ابن صيَّاد (ص: 348- 349) والذي أورده العظمة كنموذج ممارسات شبيهة بالكهانة، وقد أتى العظمة هنا بابن صيَّاد (وعدد من الشخصيات الأخرى) -مع التسليم بصعوبة تقييم الروايات الواردة عنهم من الناحية التاريخية- إلا أنهم «مع ذلك يحملون أصداء توحي بالظروف المتعلقة بتلقِّي الإلهام إبّان زمن محمد»، وقد يتساءل المرء عن كيفية معرفته لهذا؛ بالنسبة لابن صيَّاد فقد اعتمد العظمة بشكل أساسي على مقال نُشِرَ عام 1976م بقلم ديفيد هالبرين، وأغفل الإحالة إلى كتاب ديفيد كوك "دراسات في أدب الكشف الإسلامي" (برينستون: داروين برس 2002م) والذي يتضمن عددًا من الصفحات خُصصت لهذه الشخصية، وبالتالي فإن العظمة يقدِّم ابن صيَّاد كنبيٍّ منافِس لمحمد، وليس تجسيدًا للدجّال كما هو التصور الشهير عنه في التراث الإسلامي، وتحتوي بعض كتب الحديث على فصول مخصصة لابن صياد في أبوب الفتن والملاحم، غير أن العظمة يتبع هالبرين في رؤيته لابن صياد كمُدَّعٍ للنبوة، والذي اقترن لاحقًا بالمسيح الدجال، وكان مستعدًا للاستعانة به في دعم نظرياته حول طبيعة التأثر النبوي في زمن محمد، ومن ناحية أخرى فإن كوك قد استنتج أنه يجب علينا النظر إلى المواد المتعلقة بابن صيَّاد كنتاج للتأملات التنبئية للقرن الأول من الإسلام، وأنه من المستحيل أن نعرف أيَّ شيء عن ابن صياد كشخصية تاريخية إذا سلَّمْنا بوجوده، وهنا نجد العظمة مندفعًا مرة أخرى إلى اعتبار المواد التراثية حقائق تاريخية دون أن يعير اهتمامًا كافيًا للتساؤل: لِمَ نقَل المسلمون الأوائل هذه الأخبار؟ ولِم رووها بهذه الكيفية؟!

وهذه الأمثلة تتكرر كثيرًا في كتابه، والسؤال الذي يطرح نفسه إذًا: إلى أيّ مدى يقف على أرض صلبة هذا النموذج الذي وصفه العظمة لظهور الإسلام القديم وتفسيراته لهذا الظهور؟! وعلى صعيد أشمل فإن التصور بظهور الإسلام القديم كنتيجة للتطور الديني والسياسي الطبيعي بداخل «محميَّة وثنية» والتي كانت جزءًا داخل الجزيرة العربية قبل الإسلام = يبدو مستبعدًا، وبإمكاننا حتمًا افتراض ظهور التوحيد -(إذا افترضنا إمكانية تعريفه بصورة مُرضية)- بشكل مستقلّ في مجموعات مختلفة كنتيجة لعمليات التطور المتعددة -عن طريق التكوُّن وليس الانتشار-، إلا أن افتراض حدوث ذلك بين العرب داخل الجزيرة العربية في أواخر القرن السادس ومطلع القرن السابع الميلادي في وقت كانت فيه أنماط التوحيد مهيمنة على الشرق الأوسط، وكانت الدول والمجتمعات الموحدة موجودة على حدود الجزيرة العربية وبداخلها = يعدُّ غريبًا جدًّا، والأكثر غرابة هو الدراية المسلَّم بها التي يظهرها القرآن بالقصص والشخصيات التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس وبالتجديد الذي حدث للمرويات اليهودية والمسيحية، وبالنقد للعقائد والممارسات اليهودية والمسيحية ولديانات التوحيد الأخرى.

 

[1] هذه الترجمة هي لعرض كتاب

The Emergence of Islam in Late Antiquity. Allāh and His People. By Aziz al-Azmeh. Cambridge: Cambridge University Press, 2014. Pp. 634

المنشورة في: Journal of Qur’anic Studies ، في عام 2015.

[2]  ترجم هذه المادة، آسية أحمد بكر، مترجمة، لها عدد من الأعمال المنشورة.

[3] الاتجاه التنقيحي هو اتجاه بحثي معاصر في الدراسات الغربية للقرآن ينطلق من التشكيك في مدى موثوقية المصادر العربية الإسلامية وبالتالي مدى إمكان المؤرخ الاعتماد عليها في بناء سردية عن تاريخ بدايات الإسلام وتاريخ القرآن، ويعتمد هذا الاتجاه بدلًا عن هذا على المصادر غير العربية أو على الأدلة الأركيولوجية مثل النقوش، وقد نشرنا ملفًا حول هذا الاتجاه يعرض رؤاه من وجهات نظر مختلفة، (قسم الترجمات).

المؤلف

جيرالد هوتنج - Gerald Hawting

باحث ومؤرخ بريطاني، مختص بالإسلاميات، وهو أستاذ متقاعد في تاريخ الشرق الأدنى والشرق الأوسط بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))