الثنائية والتقابل والتيبولوجي في القرآن من منطلق رُؤيوي

المترجم : حسام صبري
يحاول لاوسون في هذه الورقة، وعبر استلهام المنجزات المنهجية في الدراسات الأدبية والكتابية، الوقوف على الملامح التي تشكّل القرآن كـ(خطاب رؤيوي) بالمعنى المحدّد داخل هذه الدراسات، فيدرس (الثنائية) و(التقابل) و(التيبولوجي) باعتبارهم أهم هذه الملامح، كما يبرز دورهم في كشف وتكثيف المفاهيم القرآنية الأكثر مركزية؛ مثل التوحيد.

  تتعدّد في السياق المعاصر للدراسات القرآنية الغربية المناهجُ والمفاهيم المطبَّقة على القرآن، وتعدّ المناهج الأدبية أحد أهم هذه المناهج فوق ساحة الاستشراق المعاصر، ويُعَدّ تود لاوسون من أبرز محاولي الاستفادة من هذه المناهج.

يهتم لاوسون بصورة كبيرة بالإنجازات التي حقّقها نورثرب فراي في دراسته حول التوراة والأدب، ويحاول الاستفادة منها -ضمن عدد من الإنجازات البحثية لأمثال جونكيل وفون راد وجوناثان سميث- واستلهامها في دراسة القرآن، ويرى أن دراسات القرآن تحتاج لمثل هذا التطبيق حتى تستطيع النضوج كحقل علمي يوازي الدراسات الكتابية والمنجزات المنهجية التي حققتها.

في هذه الورقة يحاول لاوسون الوقوف على الملامح الأدبية القرآنية التي تشكّل رؤيوية القرآن أو تشكّل القرآن كـ(خطاب رؤيوي) بالمعنى المحدّد داخل الدراسات الأدبية والكتابية، حيث يدرس في هذا السياق (الثنائية) و(التقابل) باعتبارهما العمود الفقري لرؤيوية القرآن، ويسعى لكشف دورهما في إبراز مفهوم (التوحيد) كمفهوم مركزي قرآني يُستدعَى عبر عملية التثنية والتقابل ذاتها، كما يحاول دراسة ما يعتبره «تيبولوجي قرآني» باعتباره أحد تجلّيات هذا الخطاب الرؤيوي خصوصًا في كونه إيقافًا للزمن يعمل على تثبيت حضور الرؤية الأخروية على مدار تاريخ النبوّة، محاولًا في النهاية الوقوف على الملامح الخاصّة التي تميّز الخطاب القرآني كخطاب رؤيوي.

ويستعين الكاتب في هذه الدراسة بعدد من المفاهيم الأدبية التي تتعلّق بعلاقة القارئ بالنصّ، من أجل محاولة كشف الأبعاد التأثيرية للخطاب الرؤيوي والمفاهيم المشكلة له، ودورها في صنع علاقة خاصة بين القرآن والقارئ، يسمِّيها متابعًا دي نويا بـ«قرآنية الوعي».

وبغضّ النظر عن نتائج دراسة لاوسون هذه، إلا أنّ هذه الدراسة تبرز مناهج وسياقات اشتغال غربية على القرآن الكريم ربما لم تأخذ بعدُ حظها من الدرس والفحص في سياق البحث العربي والإسلامي المتصل بمساجلة الاستشراق، كما أنها تفيد كثيرًا في توضيح هذه المناهج وطرُق تطبيقها وآفاق استخدامها وطبيعة رهاناتها وما يمكن أن تقدّمه في التعاطي مع القرآن الكريم، وكذلك تُعِين على معرفة العديد من المصادر الغربيّة المهمّة؛ لذا فإنّ تقديمها للقرّاء يظلّ غاية مهمة في تبصير الدارسين بهذه المناهج حتى يقوموا بتقويمها والتثاقف معها، الأمر الذي يظلّ هو الغاية الرئيسة المرجوّة من وراء فعل الترجمة.

المؤلف

تود لاوسون - Todd Lawson

أستاذ مشارك في قسم حضارات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة تورنتو، تتركّز اهتماماته في القراءة الأدبيّة للقرآن، والتفاسير الصوفية، وتاريخ الفكر الإسلامي.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))