إسماعيل كذبيح إبراهيم: ابن تيمية، وابن كثير، والذبيح المقصود

المترجم : مصطفى الفقي
يمثّل هذا المقال محاولة لاستكشاف التعامل التفسيري مع الإسرائيليات، حيث يقارن فيها ميرزا بين تفسير الطبري من جهة وتفسير ابن تيمية وابن كثير من جهة أخرى لمن هو الذبيح المقصود في قصة إبراهيم، ويعقد هذه المقارنة بالأساس حول المستندات التفسيرية لكلّ مفسّر، وخصوصًا الاعتماد على الإسرائيليات ومدى إمكان استخدامها كمستند تفسيري عند كلّ مفسر.

  من أوجُهِ ثراء التقليد التفسيري الإسلامي الطويل الذي نشأ حول القرآن ذاك التباينُ بين المفسرين في المستندات التفسيرية التي يلجؤون إليها في سبيل الوصول للمعنى القرآني، ويعدّ من السّبل الكاشفة عن الأبعاد المنهجية لهذا التقليد الطويل: المقارنة بين تناول المفسرين لآيات بعينها بغية الوقوف على المنظورات المنهجية المختلفة بينهم في محاولة اكتشاف المعنى القرآني.

الورقة التي بين أيدينا يحاول فيها يونس ميرزا -الباحث المهتم بالتفسير وبالصلة بين التفسير والكتاب المقدّس- أن يتناول قضية تفسيرية، ألَا وهي تعيين الذبيح في قصة إبراهيم -عليه السلام-، واختياره لهذه القضية بالذات (والتي لها صلة بالتوراة والإنجيل) ينبع من كونها تضيف إلى المصادر التفسيرية: القرآن والسنة واللغة، مصدرًا آخر هو الإسرائيليات، مما يجعل تتبع مقولات المفسرين فيها قراءة في التعامل المنهجي مع الإسرائيليات وصلتها بالحديث واللغة.

 ومما يزيد من أهمية تحليل ميرزا هو اختيار المفسرين الذين قرّر المقارنة بينهم؛ حيث يقارن بين الطبري من جهة وابن تيمية وابن كثير من جهة أخرى، وهو ما يكشف عن موقفين مختلفين من التعامل مع الإسرائيليات ومسألة إيرادها في التفسير وإمكانية الاعتماد عليها في بيان المعنى القرآني.

يصل ميرزا -عبر تحليله لاجتهادات الطبري وابن تيمية في تعيين الذبيح- لنتيجة ربما غير متوقعة، وهي أن ابن تيمية رغم رفضه للإسرائيليات إلّا أنه مع هذا يستخدم التوراة كأحد مستنداته في تقرير كون إسماعيل هو الذبيح وليس إسحاق، إلى جانب التقريرات اللغوية والحديثية.

إن الغرض من ترجمة هذه الورقة ليس نصرة نتيجة تفسيرية محدّدة في مقابل أخرى، ولكن إبراز جهد بحثي بغضّ النظر عن تقييمنا له، إلّا أنه يمثّل محاولة في استكشاف التعامل مع الإسرائيليات، تلكم المسألة الشائكة والتي لا تزال تحتاج لمزيد من الجهود البحثية في استكشاف أبعاد توظيفها في مدونة التفسير.

المؤلف

يونس ميرزا - Younus Y. Mirza

حاصل على الدكتوراه من جامعة جورج تاون في الدراسات العربية والإسلامية، وعمل كأستاذ مساعد وأستاذ للدراسات العربية والإسلامية في عدد من الجامعات.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))