نقط الحروف والقرآن الشفهي

في هذه المقالة يحاول هيثم صدقي أن يستثمر الاهتمام المتزايد بدراسة المخطوطات القرآنية في السياق الغربي، والتطوّر الحاصل في دراساتها، وتيسير الوصول للمخطوطات، في بحث الأصل الذي جاءت منه القراءات، ويجادل عن وجود جوهر مشترك بين القراءات نتج عن قراءة شفوية كانت موازية للنص المكتوب، وأن القراءات لم تنشأ عن محاولة لفكّ رموز النصّ الخالي من النقط.

  رغم أنّ الاهتمام بدراسة المخطوطات القرآنية هو اهتمام قديم ضمن الدراسات الغربية، قد ميز هذه الدراسات منذ مرحلتها الكلاسيكية، إلا أنّ هذا الاهتمام عَرَفَ تزايدًا كبيرًا في الآونة الأخيرة؛ لأسباب كثيرة، يأتي على رأسها الاهتمام بدراسة الأدلة المادية لدراسة الإسلام المبكِّر، وتوافر العديد من المخطوطات المبكّرة، وتطوّر الأدوات العلمية في دراسة المخطوطات ورقمنتها.

وقد مكَّن هذا التطورُ الباحثين من بحث الكثير من القضايا المتعلّقة بتاريخ المصحف؛ مثل تاريخ التدوين، والتساؤل حول وجود أصل مكتوب نُسخت منه المصاحف الأُولى، وطبيعة عملية النَّسْخ، وعلاقات المصاحف المبكّرة ببعضها. 

في هذه المقالة يحاول هيثم صدقي أن يستثمر هذا التطوّر في الدراسات وفي إتاحة المخطوطات في بحث الأصل الذي جاءت منه القراءات، ومن خلال دراسة وجود وغياب نقط الحروف في الكلمات التي حدث فيها خلاف بين القراءة العشرة، وقيامه بتحليلات وإحصائيات معينة؛ انتهى صدقي إلى أن النقاط المرتبطة بالقراءات التي تناقلها القرّاء العشرة تشكّل خمس قراءات إقليمية مستقلّة، وأن هذه القراءات تتشارك جوهرًا مشتركًا لم يكن النقل الكتابي للقرآن هو المسؤول عن حضوره، ولكنه حضر بسبب قراءة شفوية موازية للنصّ المكتوب، وأن القراءات لم تكن نتيجة لمحاولات تتغيَّا فكّ رموز النصّ الخالي من النقط كما قد يتصوّره البعض. 

كما أنه وفي أثناء اشتغاله أثار صدقي الكثيرَ من الأسئلة حول القراءات وتطوّرها ومنشأها، وحاول إجابة سؤال العلاقة بين القراءات القرآنية من خلال استثمار الدراسات المعاصرة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))