ما قبل مصحف القاهرة
إطلالة على دراسة المصاحف المبكّرة
ما وراء مصحف القاهرة
إطلالة على دراسة المصاحف المبكّرة[1][2]
كما هو معلوم فإنّ الغالبية العظمى من الطبعات الحديثة للقرآن في صورته العربية مأخوذة في الأصل من النسخة التي صدرت في القاهرة سنة 1924 تحت رعاية الأزهر، والتي أصبحت الطبعة القياسية المعتمدة للقرآن في شتى الاستخدامات[3]، من الدينية حتى الأكاديمية[4]. وفي ضوء التقيّد بالرسم العثماني، الذي ضُبط واشتمل على النقط والإعجام بحسب قراءة عاصم أحد علماء القرن الثامن (وبرواية تلميذه حفص) وجاء وَفق نظام العدّ الكوفي في تقسيم الآيات، فإنّ النصّ وطريقة الرسم والإملاء في هذه الطبعة لا يستندان إلى شاهد مخطوط بعينه ولا إلى العرض والمقابلة على عدد من هذه الشواهد؛ وإنما اعتمدَا على التوليف بين نواحٍ متعدّدة من بين التقليد المعمول به في الأوساط العلمية القرآنية في القرون الوسطى بشأن علامات الضبط والتحريك والتحزيب والتجزئة وطريقة إملاء النصّ القرآني.
ومن الجلي أنّ النهج الذي سار عليه القائمون على أمر الطبعة القاهرية سنة 1924 يعتمد بشكلٍ جذري على حقيقة أنّ القرآن بوصفه الكتاب المقدّس للدين الإسلامي هو ظاهرة شفاهية سمعية بقدر ما هو ظاهرة مكتوبة[5][6]. وانسجامًا مع هذه الحقيقة، فإن المخطوطات القرآنية التي تعود إلى القرون الإسلامية المبكّرة تشتمل على عدد قليل نسبيًّا من علامات النقط والإعجام التي تميّز بين الحروف المتشابهة في الرسم (مثل الباء والتاء والثاء المتوسطة، أو النون والياء) فضلًا عن غياب الحركات الإعرابية[7]، مما يستلزم من القارئ الاعتماد على معرفة كبيرة مسبقة بالنصّ. وقد كانت هذه المعرفة تُكتسب أولًا بالمشافهة إلى أن انتهى بها الحال إلى التدوين في المصاحف[8].
هناك إذن انفصام غريب بين نسخة النصّ القرآني التي عليها معتمد العمل الأكاديمي من جانب، والدليل المادي للنقل الخطِّي للقرآن وبخاصة النقل المبكّر على الجانب الآخر. ويتعزّز هذا الانفصام بفضل الهيمنة شبه التامّة للرسم القرآني المعتمد الوارد في النسخة القياسية standard recension، والمشار إليه آنفًا، فيما اصطُلح على تسميته بالنصّ العثماني؛ فالطالب الذي يدرس القرآن ويأخذ على عاتقه مهمّة النظر في المصاحف المبكرة سوف يجد بوجه عام نسخة غير منقوطة ولا مضبوطة بالحركات للرسم ذاته الذي ترتكز عليه الطبعة الحديثة من المصحف، مع وجود بعض اختلافات في الرسم والإملاء (مثل إثبات الألف المتوسطة أو إسقاطها)، فضلًا عن بعض الفروق النصية الطفيفة مثل وجود واو العطف أو إسقاطها[9]. وهيمنة الرسم القرآني المعتمد canonical rasm، التي لا شكّ أنها ظهرت في وقت مبكّر، جديرة بأن تثبط من همّة العلماء ممن ليسوا متخصّصين في الدراسة الكوديكولوجية أو المعنيين بدراسة الخطوط القديمة وتطوّرها ولا مؤرخي الفنون وتصرفهم عن العناية بالمخطوطات القرآنية.
وفي المقابل، فإنّ الأدبيات والمصنّفات الإسلامية في القراءات المختلفة للرسم المعتمد وفي اختلافات المصاحف التي يُقال إنها موجودة في النُّسَخ القرآنية التي كتبها صحابة محمد تحتفظ لنا بالكثير من الاختلافات النصِّية المثيرة[10]. ومع ذلك يجد المرء في نفسه شيئًا حيال ما تقرّره الدراسة الأكاديمية الحديثة للقرآن حتى منتصف القرن العشرين بشأن الدور الهامشي نسبيًّا للنقل الخطِّي للنصّ القرآني، رغم العمل الرائد لباحثين من أمثال جوتهلف برجستراسر (ت: 1933)[11]، أو فرنسوا ديروش[12] بعده بنصف قرن من الزمان[13].
ويشتمل الإصداران محلّ الدراسة هنا على نشرة لمخطوطات قرآنية مبكّرة على جانب كبير من الأهمية، ويثبتان أنّ العناية بحقل المخطوطات القرآنية قد شهد طفرة حقيقية وإقبالًا ملحوظًا خلال العقدين الأخيرين. ولا ريب أنّ من أسباب هذا التطوّر ذاك الجدل الذي اندلع منذ أواخر السبعينيات حول التاريخ المحتمل لنشأة القرآن. فهل نقبل بالرواية التراثية في تحديد تاريخ ظهور النُّسخة المعتمدة للقرآن في منتصف القرن السابع الميلادي على أقلّ تقدير أو نقدّر تاريخًا متأخرًا بكثير كما اشتهر عن جون وانسبرو[14][15]؟
من الجلي أن لدى الشواهد المادية القرآنية المبكّرة، سواء في صورة مخطوطات أو نقوش (كتلك التي في قبة الصخرة) الكثير لتدلي به في هذا الجدل الدائر، رغم أن النطاقات التاريخية المطلقة المستندة إلى التحليل بالكربون المشعّ لم تظهر إلا حديثًا نسبيًّا، ولا يمكن الخروج منها بقول قاطع في بعض الأحيان بفعل طبيعتها الاحتمالية والشذوذات العارضة[16]. وبالطبع يمكن القول بأنّ المدى الذي خلصت إليه الفرضيات المحتملة بشأن تاريخ القرآن قد تقلص إلى القرن السابع الميلادي[17]، مما يخمد أوار بعض هذا الجدل المحموم الذي استمر ردحًا طويلًا من الزمان. لكن حتى إذا تجاوزنا مسألة تاريخ القرآن، تظلّ المخطوطات القرآنية المبكّرة مصدرًا لا غنى عنه لفهم العملية التدريجية لتوحيد النصّ القرآني والاستقرار على صورته القياسية ودوره وطبيعة استخدامه في عصر صدر الإسلام.
مخطوطان قرآنيان مبكّران:
طرس صنعاء ومصحف أمرينسيس:
يعدّ طرس صنعاء الشهير المخطوطة الأهم في تاريخ النقل المبكر للنصّ القرآني، وهو الموضوع الذي تتناوله أسماء هلالي في كتابها. والطرس هو مخطوطة حلّ فيها نصّ جديد محلّ الكتابة القديمة ويكون ذلك عادة بعد محو المحتوى الأصلي أو إزالته. ومن خلال الدراسة المتأنية بمساعدة التكنولوجيا الحديثة يمكن فكّ رموز بعض الأجزاء المتبقية من النصّ الأصلي، وعادة ما يُشار إليه بلفظ الكتابة السفلية للطرس. وفي حالة طرس صنعاء، نجد أمرًا غير مألوف، فكِلا طبقتي الطرس قد اشتملتا على نصّ قرآني[18]، وإن كانت كلّ طبقة متضمنة لجزء مختلف من الكتاب المقدّس الإسلامي. وهناك ما يزيد على ثلاثين ورقة من المخطوطة محفوظة بدار المخطوطات في صنعاء برقم إيداع (01- 27.1)؛ هذا بالإضافة إلى عدد مماثل من ورقات الطرس محفوظ في المكتبة الشرقية، إلى جانب ورقات أربع وجدت طريقها إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، يُفترض أنها تعود للمصحف ذاته[19]، حتى وإن أبدت أسماء هلالي تشكّكها في نسبة ورقات المكتبة الشرقية[20]، واتخذت موقفًا محايدًا على الأقلّ فلم تقطع بقول في شأن نسبة الورقات الأربع[21]. وترتكز أهمية الطرس في المقام الأول على التأريخ المحتمل لهذا الرّق الذي يعود إلى النصف الأول من القرن السابع الميلادي؛ مما يجعله واحدًا من أقدم النُّسخ المعروفة حتى وقتنا الحالي التي تشتمل على أجزاء كبيرة من القرآن[22]. بل الأهم أن النصّ السفلي يبقى الشاهد المادي الوحيد على حدوث تنقيح للرسم القرآني يختلف عن الرسم القياسي المعتمد[23].
وقد صدرت في عام 2010 دراستان مفصلتان حول الاختلافات النصّية التي يمكن ملاحظتها في الطبقة السفلية من الطرس مقارنة بالرسم القياسي[24]. وتشمل هذه الاختلافات حدوث تقديم وتأخير في بعض الكلمات، أو إبدال عبارة أو كلمة محلّ أخرى من باب الترادف، أو تغيير في استخدام زمن الجُملة أو بعض النواحي النحوية فضلًا عن زيادات وسقط في بعض الكلمات والعبارات، وفي أحد المواضع لا نجد في الطبقة السفلية من الطرس آية كاملة هي الآية الخامسة والثمانون من سورة التوبة، ومن الممكن أن يكون هذا مجرّد خطأ من الناسخ[25]. وباستثناء الحالة الأخيرة فإنّ ترتيب الآيات داخل السور القرآنية بحسب ما نراه في الأجزاء الحالية من مخطوطة دار المخطوطات (01- 27.1) مطابق للنسخة القياسية من المصحف. وفي الوقت ذاته، فإن العدد المحدود للورقات المشتملة على نهاية سورة ومطلع أخرى يُظهر وجود اختلاف في ترتيب السور عن الرسم المعتمد[26]. لذا، فإن طرس صنعاء على ما يبدو يعطينا لمحة مثيرة عن لحظة زمنية لم يكن فيها الرسم القياسي للقرآن قد فرض هيمنته بصورة تامّة. وجدير بالذِّكْر أن هذا الأمر يتّفق مع المسار العام الذي سلكه التراث الإسلامي؛ إِذْ جاءتنا الأخبار بأن العقود الأولى التي تَلَتْ وفاة النبي قد شهدت تداول مجموعة متنوّعة من النُّسَخ القرآنية المختلفة[27]. ورغم عدم اكتشاف مخطوطة بعينها لأيّ من (مصاحف الصحابة) التي تحدّثت عنها المصادر الإسلامية، إلا أنّ الأنواع العامة للاختلافات النصِّية المنسوبة إليها تتفق مع الاختلافات التي نراها في الطبقة السفلية من طرس صنعاء[28]. ولذا، فإن هذا الطرس يعزّز الفكرة التي ترى وجود أكثر من نسخة مدوّنة من القرآن في الأصل، وأن المصادر الأدبية الإسلامية تحتفظ لنا بصورة دقيقة بوجه عام عن حجم هذا التفاوت النصِّي بين تلك النسخ المختلفة من الكتاب العربي المقدس [القرآن] وطبيعة هذا التفاوت.
يدرس كتاب أسماء هلالي النصّ السفلي في تسع ورقات ونصف (أي ما يعادل 19 صفحة) من طرس صنعاء، ولا يتطرّق إلى الطبقة السفلية لثماني عشرة ورقة ونصف؛ إِذْ تذكر هلالي أنه لم يتسنَّ لها الحصول على بعضها وأنّ بعضها الآخر قد أصابه تلف شديد أو تعذّرت قراءته (يُنظر إطلالة عامة في الصفحتين 34- 35). ولذا، فإن هذا الجزء من كتاب هلالي يتداخل مع دراسة صادقي وجودارزي الصادرة سنة 2012 وتناولَا فيها النصّ السفلي في الأجزاء المتبقية من إحدى وثلاثين ورقة مودعة في دار المخطوطات برقم 01- 27.1 (ولم يتمكن الباحثان من فكّ رموز أجزاء منها، كان من بينها صفحتان كاملتان) علاوة على ورقات أربعة منفصلة سبق أن أشرنا إليها[29]. وعلاوة على ذلك تدرس أسماء هلالي النصّ السفلي في نصف ورقة لم تتضمنها دراسة صادقي وجودارزي (برقم 20-أ بحسب طريقتها في العدّ)[30] إلى جانب النصّ العلوي لسبع وعشرين ورقة. ويأتي كتاب هلالي مشفوعًا بتعليقات مستفيضة وبخاصّة حول النص السفلي ومُصدّرًا بدراسة تمهيدية في تسعين صفحة.
وكما تبيّن هلالي فإنّ دراستها للنصّ السفلي للطرس معتمدة على ثلاث مجموعات مختلفة من الصور، منها مجموعة خضعت للمعالجة بأن أُخفي النصّ العلوي بصورة يدوية (ص4). وفي ضوء الصعوبة البالغة في إعادة بناء النصّ السفلي والتسلسل الأصلي لورقاته، ربما لا يكون من المستغرب تمامًا أن تختلف قراءات هلالي عمّا اعتمده صادقي وجودارزي[31]. والأهم، أنه في جميع المواضع التي فحص فيها صادقي وجودارزي النصّ السفلي في ورقات الطرس التي درستها هلالي من جديد، وذهبَا إلى اشتماله على فروقات نصِّية واختلافات تتفق مع ما ورد في كتب القراءات، نجد هلالي تضع فراغًا في هذه المواضع موضحة أنها لم تقف على أيّ أثر يشهد للنصّ الذي أعاد بناءه المؤلّفان (كما في الصفحات: 98، 100، 106، 108، 110، 116)[32]. والحقيقة أن التباين في حجم النصّ السفلي الذي استطاع صادقي وجودارزي من جهة وأسماء هلالي من جهة أخرى تمييزه وقراءته =يمكن أن يكون مذهلًا بصورة هائلة كما يتجلى من مقارنة طريقة كلّ فريق في التعامل مع الورقة العاشرة (وجه)، فنرى عند هلالي بضع كلمات موزّعة بين سقط كبير وفراغ هائل، أمّا عند صادقي وجودارزي فقد استطاعَا فهم قدر كبير من النصّ[33]. وهذا التباين بين الدراستين متكرّر بصورة منهجية تدفع المرء للتفكير في وجود أسباب أخرى وراءه غير درجة الاعتماد على القراءة الذاتية في فكّ رموز مخطوطة قد مُحيت كتابتها. ولعلّ المحيّر في الأمر أنّ كلتا الدراستين قد اعتمدتا كما قيل على مجموعة الصور ذاتها لمخطوطة دار المخطوطات رقم (01- 27.1) التي أُعدّت سنة 2007 بإشراف سرجو نوزاده وكريستيان روبين (وأتيحت في كلتا الحالتين بفضل الأخير)[34].
وبالمقارنة مع عمل بوين، فإنّ نسخة هلالي تميل إلى الإقرار بتعذّر القراءة، وهناك حالات اتفقت فيها إليزابيث بوين مع صادقي/ جودارزي في مقابل هلالي (رغم وجود خلاف كذلك بين بوين وصادقي/ جودارزي)[35]. ولا تهدف الدراسة التي بين أيدينا إلى تقديم محاولة شاملة للفصل في هذه الاختلافات التحريرية، وإن بات من المتاح الآن إمكانية تنزيل مجموعتين من مصوّرات طرس صنعاء، ومن بينهما مجموعة استخدمت الأشعة فوق البنفسجية وبالتالي أتاحت قراءة الطبقة السفلية بصورة أيسر[36]. وبالرجوع سريعًا إلى صور الأشعة فوق البنفسجية في ثلاث مناسبات مختلفة تأكّدت لدينا صحة قراءة صادقي/ جودارزي مقارنة بالقراءة التي ذكرتها أسماء هلالي[37].
ولذا، فإنّ إتاحة الوصول الميسر لجميع الصور الموجودة للطرس أمر لا غنى عنه للحكم على دقة أيّ إعادة بناء تحريري لطبقته السفلية. وهذا بدوره يلفت الأنظار إلى الأهمية الأساسية للدراسة الثانية التي يدور الحديث عنها هنا، وهي دراسة إلينور سِلار لمخطوطة قرآنية تعود (على الأرجح) للقرن الثامن مكتوبة بالخطّ الحجازي بشكل مستطيل وتُعرف باسم مصحف أمرينسيس (Codex Amrensis) وهو موزّع في الوقت الحالي بين المكتبة الوطنية الروسية في سانت بطرسبرغ (مارسيل 9) والمكتبة الوطنية الفرنسية برقم (Arabe 326a) وتُتممه ورقات أخرى عُرضت في مزاد في مدينة رين سنة 2011، وورقة أخرى محفوظة ضمن مجموعة ناصر خليلي للفنّ الإسلامي في لندن. ويقدّم كتاب سِلار، الذي يعدّ الأول ضمن سلسلة افتتاحية جديدة أُطلق عليها اسم سلسلة الوثائق القرآنية (Documenta Coranica)، قراءة لنصّ المخطوطة بالخطّ العربي في صفحة خاصّة، وفي الجهة المقابلة توجد صورة عالية الجودة للمخطوطة، مع المقابلة بينها سطرًا بسطر. وهذا النمط الإجمالي الذي يتسم بقدر هائل من الشفافية يعتمد على مصورة لمخطوطة المكتبة الوطنية الفرنسية (Arabe 328a) ومخطوطة المكتبة البريطانية (Or.2165) من إعداد فرنسوا ديروش وسرجو نوزاده[38].وتجدر الإشارة إلى أن التحدي في توثيق السجل المخطوط المبكّر للقرآن يكمن في كونه غالبًا تسجيلًا للغياب لا تدوينًا للمعلومات؛ ولذا، تستخدم سِلار شأنها في ذلك شأن هلالي الحروف العربية غير المنقوطة إِذْ تغيب علامات الإعجام والنقط في المخطوطة. وفي الحالات التي تختلف فيها المخطوطة مع طبعة القاهرة، يُدرج ما جاء في الطبعة القاهرية في الحاشية لغرض المقارنة. وقد استُخدم مخطّط تصنيف لوني دقيق لجذب الأنظار إلى هذه الاختلافات فضلًا عن مواضع السقط والتصويبات[39]. وبالنظر إلى مصحف أمرينسيس، نجد ما اعتدنا عليه في الرسم العثماني، رغم أنّ هذا المصحف كغيره من المخطوطات الحجازية الأخرى يشتمل على عدد من اختلافات الرسم والإملاء إذا ما قُورن بطبعة القاهرة، وتسوق سِلار تصنيفًا لهذه الاختلافات على وجه صحيح (ص: 13- 14). وعلاوة على ذلك، فإنّ طريقة تقسيم الآيات لا تتفق بصورة تامة مع طريقة دون سواها من طرق العدّ المعروفة التي نقلها لنا التراث الإسلامي (ص: 12- 13)، كما أن قراءات النصّ القياسي التي توعز بها علامات النقط القليلة تكشف عن درجة من الانتقائية بحسب معايير الدراسة العلمية الإسلامية المتأخرة (ص: 11- 12). وهناك على الأقل فيما يتعلّق بتقسيم الآيات تشابه مع الأدلة التي نجدها في المصاحف الأخرى المبكّرة[40]، بما في ذلك الطبقة العليا من طرس صنعاء[41]، مما يعضد الظنّ بأن أنظمة التجزئة المتكاملة للرسم القياسي وتقسيمه إلى آيات على النحو الموصوف في المصادر المتأخّرة ما هي إلا محاولة بأثر رجعي لفرض النظام على «وضع اتسم في الأصل بقدر أكبر من السيولة والتغير»[42].
وهذه الشفافية والسهولة التي اتّسمت بها منهجية مقابلة النصّ العربي بمصورة المخطوطة على نحو ما ظهر في (سلسلة الوثائق القرآنية) تضع مقاييس عرض جديدة لنشر المصاحف القرآنية المفردة، وكلّنا شوق ولهفة للإصدار القادم من هذه السلسلة الذي يتناول المخطوط المحفوظ بدار المخطوطات برقم 01- 27.1. ومع ذلك، لا يزال من الضروري النظر في مدى الحاجة إلى تكييف هذا الشكل الذي ابتكرته سِلار في كتابها ليتناسب مع طرس صنعاء خاصّة إذا ما راعينا أننا لا نتعامل هنا مع مجموعة واحدة من الصور، وإنما ثلاث مجموعات مختلفة. وعليه، قد يكون من المناسب استخدام صيغة رقمية، ربما على طريقة ألبا فيديلي في تناولها لطرس آخر اشتمل النصّ السفلي منه على نصّ قرآني، هو طرس منجانا-لويس، وتفرض هذه الصيغة نفسها في ظلّ التحديات الخاصّة الماثلة في تحرير وثائق متعدّدة الطبقات كالطروس[43].
نحو تقييم نقدي نصِّي لطرس صنعاء:
إنّ الهيمنة التامّة تقريبًا لنسخة بعينها من الرسم القرآني على سجل المخطوطات القرآنية معناها أن الباحثين المعنيين بدراسة هذه المخطوطات نادرًا ما احتاجوا إلى النظر في الاعتبارات النقدية النصّية المعقّدة التي تمثل مكونًا رئيسًا في دراسات الكتاب المقدّس. ومعرفتنا المتزايدة بالطبقة السفلية لطرس صنعاء خلال العقد الأخير أو نحوًا من ذلك تدلّ على أن هذا الوضع قد تغير الآن. وفي ظلّ الوقوف على عددٍ كبيرٍ من الزيادات ومواضع السقط والإبدال والتقديم والتأخير لبعض الكلمات أو حتى لعبارات قصيرة في هذا الطرس عند مقارنته بالرسم القياسي، هل يمكن التحقّق من الصياغة التي يُرجح أن تكون الأصلية؟ وهل يمكننا تقديم صورة عامة عن العلاقة بين النُّسختين (التنقيحين) وربما تكوين نظرية عن علاقة النسب التاريخية بينهما[44]؟ إن أول محاولة حقيقية لإحراز تقدُّم منهجي في التصدي لهذه الأسئلة تجسّدت في دراسة بهنام صادقي سنة 2010 التي تناولت الاختلافات التي وقف عليها في ورقات أربع نسبها (بصورة منطقية في تصوّري) إلى مخطوطة دار المخطوطات برقم (01- 27.1). وقد رأى صادقي بشكلٍ مبدئي أن النوع النصِّي الموجود في الطبقة السفلية من طرس صنعاء يمكن أن يكون مشتقًّا من النسخة القياسية أو نموذج أوّلي منها، أي من نسخة للنصّ القرآني أقرب إلى النسخة القياسية المنقحة[45] منه عن الكتابة السفلية في الطرس[46]. ومن بين البراهين التي ساقها لدعم هذه النتيجة ما لاحظه من أن جميع المواضع التي وجد فيها النصّ السفلي في الطرس مشتملًا على إضافات مهمّة، أي كلمات أو عبارات زائدة عمّا في الرسم القياسي (المصحف الإمام)، فإنّ صياغة الطرس يُمكن اعتبارها منبثقة من الرسم القياسي بطريق التداخل الذاتي[47]، وتحديدًا عندما يقع الناسخ في خطأ غير مقصود يُعرف باستيعاب النظير فيخلط الآية المرادة مع عبارات مناظرة سواء قريبة منها أو في موضع آخر من القرآن. وفي المقابل، فيما يخصّ الزيادات النصِّية التي تظهر في الرسم القياسي مقارنة بطرس صنعاء فإنّ صادقي يرى أن بعضها على الأقل لا يمكن أن يكون ناجمًا عن هذا الاستيعاب والتجانس مع السياق؛ إِذْ لا نظير لها مناسب. ولذا رأى أن الاحتمال الأرجح في هذه الحالات أن يكون قد حدث تطور في عبارة النسخة القياسية هذه المرة عبر خطأ من الناسخ تمثل في السقط لا الاستيعاب، فسقطت من عبارة النصّ المكتوب في الطرس لا العكس[48]. ولا بد من القول هنا أن تقييم صادقي يعتمد على فرضية ذهب فيها إلى أن حالات «الخطأ غير المقصود» كما في السقط والاستيعاب كان أمرًا شائعًا في نقل النصّ القرآني أكثر من زيادات النُّسّاخ المتعمّدة التي أُقحمت لغرض ديني، أو شرعي، أو سياسي، أو لأيّ غرض آخر[49].
ونظرًا لأن معالجة صادقي في دراسته الصادرة سنة 2010 اعتمدت على جزء صغير نسبيًّا من النصّ السفلي لطرس صنعاء، فإنّ التوسع في تحليله ليشمل عيّنة أكبر من الاختلافات هو مطلب ضروري وعمل مبتكَر غير مسبوق. ومما لا شكّ فيه أنّ سلوك هذا المسار البحثي هو أمر لم تُقدم عليه أسماء هلالي إِذْ تقول (ص65): «إن الاختلافات الموجودة في النصّ السفلي لا يُنظر إليها هنا من منظور أخطاء النُّسّاخ، كما أن النصّ (الأصلي) المفترض ليس موضع عناية هذه الدراسة». ومع ذلك فلو سلّمنا تمامًا بإمكانية أن يكون النصّ الأصلي القرآني (urtext)[50] متّسمًا بدرجة لا يمكن اختزالها من تعددية الأشكال النصية[51]، يظلّ تعزيز فهمنا للعلاقة النصِّية الحاصلة بين النسخة القياسية وتلك التي تتجلى في الطبقة السفلية من الطرس عملًا في غاية الأهمية، فرغم كلّ شيء يبقى الطرس متفردًا في أهميته إذا ما قُورن بغيره من المخطوطات القرآنية، وتحديدًا بفضل النصّ السفلي المخالف للقياسي، ولا نريد أن نتعجّل في استنتاجاتنا فنقرّر أن جميع النُّسَخ القرآنية أُعدّت بطريقة متساوية أو أنّ الشكّ يفسّر لصالح النسخة القياسية in dubio pro vulgata.
وفي الحقيقة يقدّم كتاب هلالي انطلاقة مهمّة للمحاولات المستقبلية الرامية لمواصلة عمل صادقي؛ إِذْ تزوّدنا بفهرسة مفصلة للاختلافات النصّية بين الطرس والنصّ القياسي (ص: 46- 62) يعقبها تصنيف ثم بعض التعليقات العامة الموجزة (ص: 62- 65)[52]. كما أن تناولها للاختلافات نفسها مصحوب بإعادة تكوين لأجزاء من النصّ السفلي بصورة رسومية، مما يعطينا انطباعًا مباشرًا عن الطريقة المتبعة في محاولة قراءة هذا النصّ وفكّ رموزه.
وبحسب التصنيف العام لهلالي فإنّ جلّ الاختلافات في النصّ السفلي تشتمل على نصّ أطول من مقابله في الطبعة القاهرية (ص: 65). وعلى الأقل هناك أجزاء كبيرة في نسخة صنعاء يظهر منها اتجاه ملموس نحو الإضافات النصِّية مقارنة بالنصّ القياسي، على نحو ما يمكن التثبت منه وتحديد عدده بإجراء تصنيفي سريع يراعي الاختلافات التي ساقتها هلالي في الملحق الثاني (ص: 248- 250) والاختلافات الأخرى التي تناولتها إليزابيث بوين (وعادة ما ترِد في ورقات لم تدرسها هلالي)[53].
ومن البديهي أن الملحق الذي أوردته هلالي يستند إلى نسختها وما تسوقه في كتابها، وقد يتبين في النهاية أنه بحاجة إلى بعض التصويبات والتتمات. ومع ذلك فإنّ مجموع الاختلافات المحدّدة التي تغطي جزءًا كبيرًا من الطرس وإن لم تستوعبه كلّه[54]، ربما يعطينا لمحة أوّلية عن الاتجاهات العامة. وفي الواقع يتّضح أن الطبقة السفلية من الطرس مشتملة على قرابة ثماني عشرة إضافة لكلمة أو أكثر في حين أن النصّ القياسي اشتمل على ست إضافات فقط[55]. وهذا بدوره يؤكّد النظرة العامة التي تبنّتها هلالي بشأن اشتمال الطبقة السفلية على نصّ أوسع.
وقبل تفصيل الكلام في طبيعة هذه الإضافات، تجدر الإشارة إلى وجود قرابة ثماني عشرة حالة (تجمع بين ما ذكرته هلالي وما أوردته إليزابيث بوين)، وفيها إبدال في بعض الكلمات أو العبارات الواردة في النصّ السفلي للطرس عند مقارنته بالنسخة المعتمدة، ولم تشتمل على زيادة أو سقط[56]. على سبيل المثال نجد في الطرس كلمة: {بِظُلْمِهِمْ} بدلًا من {بِكُفْرِهِمْ} التي وردت في النصّ المعتمد في الآية الثامنة والثمانين من سورة البقرة، وكذلك {الْمُفْلِحِينَ} بدلًا من {الْمُهْتَدِينَ} في الآية الثامنة عشرة من سورة التوبة، فضلًا عن {النَّارُ} بدلًا من {جَهَنَّمُ} في الآية الثالثة والسبعين من سورة التوبة (كتاب هلالي، ص: 248- 249)[57].
وعادةً ما يصعب تحديد الأولوية النقدية النصّية أو يستحيل تحديدها في مواضع الترادف هذه أو الإبدال الأقرب للترادف، وبخاصّة إذا كان الخياران مشتملين على عدد مماثل من التناظرات القريبة في مواضع أخرى في القرآن. ومع ذلك تسلّط هذه الظاهرة الضوء على المرحلة الأوّلية من تاريخ انتقال القرآن، بقدر ما تشير إلى درجة ما من الانتقال الشفاهي الذي اضطُرّ فيه النَّقَلة للاعتماد على ذاكرتهم لاستحضار ما يُقال بدلًا من القدرة على التثبّت من أصل مكتوب.
وكما أبرز صادقي فإنّ فحص الطبقة السُّفلية من الطرس يسفر عن عدد لا بأس به من مواضع الإبدال الأقرب للترادف، لكن دون أن يصل ذلك إلى حدّ الكثرة المفرطة، وأفضل تفسير لهذه الحال هو الاعتماد على كلٍّ من النقل الشفاهي والمكتوب[58]. وقد نتابعه فيما ذهب إليه من النظر إلى النقل النصِّي للقرآن على أنه معتمد بشكلٍ جذري على عملية استنساخ التلاوات الشفاهية التي تُتلى بشكلٍ سريع، مما يفسّر الاختلاف في بعض الأحيان بين النُّسّاخ الأصليين حيال آية بعينها واشتمالها على لفظ النار أو جهنم[59]. وحقيقة أن المصنّفات الإسلامية تعزو حالات الإبدال الأقرب للترادف إلى بعض المصاحف غير العثمانية، التي قيل إنها كُتبت من جانب بعض صحابة النبيّ؛ تعزّز من هذه الفرضية[60].
بالعودة إلى هذا الاتجاه الواضح في طرس صنعاء للاشتمال على بعض الإضافات، تميل أسماء هلالي -على ما يبدو- إلى اعتبار هذه الإضافات في مرتبة ثانوية بالنسبة للنسخة القياسية فتقول: «وتمثّل جلّ هذه الاختلافات تطوّرات وتفاسير لأجزاء من المقطع القرآني عبر حروف العطف وبعض الصيغ القرآنية» (ص: 65). ورغم أنها لا تقدّم معايير منهجية نحكم من خلالها على التطوّر النصِّي المفترض وترجيح كونه تطورًا من لفظ النصّ القياسي إلى لفظ الطرس لا العكس، إلا أنّ الملاحظة المنقولة عنها هنا تقتضي تقاربًا ملحوظًا مع فرضية صادقي التي درسها بعناية حول الطبيعة الاشتقاقية للنسخة القرآنية الواردة في الطرس. وفي المقابل حين تتحدّث هلالي عن «تطورات وتفاسير» فلا يتوافق هذا مع تحذير صادقي من المبالغة في التأكيد على دور الزيادات المتعمّدة من جانب النُّسّاخ كوسيلة أساسية نفترض وقوع التطور النصِّي من خلالها[61]. ويبدو أن هلالي تتخذ موقفًا مخالفًا وتمضي لتقرّر أن «الإشكالات النصِّية» في الكتابة السفلية -وأظن أنها تقصد الاختلافات النصية الموجودة في الطرس- «هي في أغلبها حواشٍ» (ص: 23). وحقيقة الحال أن هذا القول لا يستقيم إذا نظرنا إلى موضع سورة البقرة في الآية الحادية والتسعين والذي ورَد في النصّ الرسمي بلفظ: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} في حين جاءت في الكتابة السفلية في طرس صنعاء مشتملة على زيادة لفظ: (مِنْ كُتُبٍ)، فتقول الآية: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مِنْ كُتُبٍ} (يُنظر: كتاب أسماء هلالي، ص: 46، 248).
ومع ذلك، لو أن الاختلافات الأخرى الواردة في الطرس تشتمل على جانب تفسيري معيّن، كما سنرى حالًا، إلا أن هذا لا ينفي الشك في تصوّري إزاء إمكانية عدّ غالبية هذه الاختلافات من قبيل الحواشي. وعلى أيّة حال، فإن السؤال الأساسي الذي يظلّ قائمًا يتعلّق بمدى صحة الفرضية التي أشارت إليها هلالي بصورة روتينية بخلاف صادقي الذي بذل جهدًا واضحًا في صياغتها من أن النصّ السفلي للطرس مأخوذ من التنقيح القياسي. فبحسب النمط الذي كشفه صادقي فإنّ الوسيلة المثلى للتعامل مع الإضافات التي اشتمل عليها النصّ السفلي من الطرس أن ننظر إليها على أنها تطوّر انبثق من النصّ القياسي، فهل هناك سبب يجعلنا نفترض انطباق هذا النمط على ورقات أخرى غير التي تولى دراستها وتحليلها؟ ورغم أنّ المجال لا يتّسع هنا لدراسة مستوعبة، إلا أنه ربما كان من الأنسب أن نسلّط الضوء على عدد من النماذج.
في الآية السادسة عشرة من سورة التوبة، نجد في الطرس: {الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ فِي سَبِيلِهِ} بدلًا من عبارة النسخة القياسية، وفيها: {الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} (هلالي، ص: 50)[62]، وذلك بإضافة الجار والمجرور {فِي سَبِيلِهِ} بما يتفق مع مواضع أخرى في القرآن ترِد فيها صيغ الفعل جاهد مع لفظة: {فِي سَبِيلِ اللهِ}، ومن ذلك على سبيل المثال: (البقرة: 218، والنساء: 5، والمائدة: 54 في النسخة القياسية) أو مع عبارة: {فِي سَبِيلِهِ} (كما في سورة المائدة: الآية 35، والتوبة: 24)[63]. وأول ما نلاحظه في هذا الصدد أن عبارة الطرس هي عبارة تفسيرية بالنسبة لما جاء في النصّ القياسي إِذْ تخصّص عموم المجاهدة بالقتال، مما يقدّم مزيدًا من التوضيح لما تقصده أسماء هلالي في حديثها عن الاختلافات الموجودة في الطبقة السفلية من الطرس وأنها محض تفسيرات. وثانيًا، يبدو من المنطقي حدوث تطور نصِّي محتمل على النحو الآتي: (1) الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ (النسخة القياسية) ← الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ فِي سَبِيلِهِ (عبارة الطرس)؛ ومن الممكن أن يكون العامل الأساسي وراء هذا الأمر هو الوقوع في خطأ الاستيعاب، لكن حقيقة كون النتيجة التي نجمت عن هذا هي عبارة أقلّ غموضًا بصورة طفيفة ربما تجعلها عاملًا مساهمًا لا بأس به كذلك. ومع ذلك، من الصعب أن نستبعد تمامًا احتمالية التطور العكسي. (2) الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ فِي سَبِيلِهِ (عبارة الطرس) ← الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ (النسخة القياسية)، خاصة أن القرآن يشتمل على مواضع جاءت فيها صور الفعل (جاهَد) غير متبوعة بالجار والمجرور {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (من ذلك على سبيل المثال: سورة آل عمران: الآية 142، وسورة الأنفال: الآية 75؛ وسورة النحل: الآية 110، وسورة العنكبوت: الآية 6 في النسخة القياسية). وربما يرى بعضهم أن هذه النظائر الأخيرة هي سبب وقوع الناسخ في هذا السقط لا أن يزيد {فِي سَبِيلِهِ} في الآية السادسة عشرة من سورة التوبة.
وتزداد المسألة تعقيدًا بوجود ازدواج لفظي تقريبًا لما جاء في مطلع سورة التوبة في الآية السادسة عشرة من النسخة القياسية في قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}، إِذْ يتكرّر في الآية الثانية والأربعين بعد المائة من سورة آل عمران في قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} دون أن تأتي لفظة: {فِي سَبِيلِهِ}. فهل نأخذ هذا دليلًا يعزّز السيناريو الثاني الذي مَرّ آنفًا على أساس أنها لو جاءت هذه التتمة لكانت في الأصل من قبيل استيعاب النظير في آية آل عمران، نجم عنه إسقاط {فِي سَبِيلِهِ} في آية التوبة من النسخة القياسية؟ بعبارة أخرى؛ هل نتبنّى تفضيلًا عامًّا للاختلاف الذي يخلّ بتوقّعات التعبيرات والصيغ القرآنية المعتادة؟ أم ينبغي لنا الاستشهاد بآية آل عمران دليلًا يعزّز السيناريو الأول على أساس أنّ التقارب الكبير بين الآيتين في نواحٍ أخرى مقرونًا بتلك الكثافة العالية في استخدام ألفاظ الصيغ في القرآن[64] يرجّح كفّة عبارة النسخة القياسية في آية التوبة بوصفها الصياغة المتوقعة، وبذلك تكون هي الأصل في الأرجح؟ يبدو أنّ إعمال المعايير التي اعتمدها صادقي، تشير إلى السيناريو الثاني؛ مما يقوّض وجهة النظر الافتراضية التي ترى أنّ إضافات الطرس تأتي في المرتبة الثانوية من الناحية النصية على نحو ما ذهب إليه؛ لكني لا أجد أدلّة كافية تقضي باستبعاد السيناريو الأول الذي يظلّ احتمالًا قائمًا.
وبالطبع هذا الطريق المسدود تحديدًا الذي وصَلْنا إليه بعد طول نظر وتفكُّر في النظائر على مستوى العبارة والصياغة وكذلك على مستوى الجملة أو الآية =قادرٌ على أن يبعث اليأس في النفوس إزاء آفاق النقد النصِّي القرآني، ويضفي منطقية على قرار هلالي بألّا ننشغل كثيرًا بمسألة «النص "الأصلي" المفترض» (ص: 65)[65]. ومع ذلك، في ضوء قلّة ما نُشر من دراسات حول هذه المسائل، هناك مجال واضح على الأقل لأطروحة دكتوراه تسعى لصياغة معايير منطقية للنقد النصِّي القرآني، ثم تتناول اختلافات الطرس واحدًا تلو الآخر.
وعلاوة على ما سبق، ثمة اختلاف آخر يتمحور حول العبارات المتمّمة التي تأتي مع الفعل (جاهَد) يبين أنه من الممكن على الأقلّ في بعض الأحيان الخروج بنتيجة لا لبس فيها أكثر وضوحًا من المثال السابق. ففي الآية الرابعة والسبعين من سورة الأنفال، نجد في النسخة القياسية قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، بينما تقول الآية في الطبقة السفلية من طرس صنعاء: {جَاهَدُوا مَعَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (هلالي، ص: 47)[66]. وفي هذه الحالة جاء الفعل (جاهَدُوا) مع عبارة الجار والمجرور (بأموالهِم وأنفسِهم) في موضع قريب جدًّا قبلها بآيتين، وذلك في الآية الثانية والسبعين، فنجد في النسخة القياسية قوله: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (قارِن ذلك بما جاء في الآية الخامسة عشرة من سورة الحجرات). ولذا من المنطقي النظر إلى الاختلاف المذكور في الطرس على أنه ناجم عمّا أسماه صادقي «استيعاب الألفاظ القريبة»[67]، مع التأكيد مجدّدًا على البُعد التفسيري في زيادة الطرس المفترضة في قوله: (بأموالهِم وأنفسِهم). وعلى نحو وثيق الصِّلَة، نرى في القرآن موضعًا ثالثًا لتكرار متسلسل في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا} في الآية العشرين من سورة التوبة. ومع ذلك، فإن النظير في هذه الحالة على خلاف سابقتها لا يقوِّض السيناريو المحتمل وإنما يعزّزه؛ ذلك أن الآية العشرين من سورة التوبة، مثلها مثل الآية الثانية والسبعين من الأنفال، تسوق الفعل (جاهَدوا) مع تتمة ثنائية هي (بأموالهِم وأنفسِهم في سبيلِ الله)؛ لذا من المفترض أنها تعزّز التأثير الاستيعابي الذي انعكس على الآية الرابعة والسبعين من سورة الأنفال، مما يقوِّي احتمال حدوث تطوّر في اتجاه يبتعد عن عبارة النصّ القياسي التي تخلّ قليلًا بعامل الصيغ والتعابير القرآنية بدلًا من تطور يصبّ في اتجاهها.
مسألة اكتمال طرس صنعاء:
يتضح من دراسة سِلار التي تجمع بين ورقات عدّة محفوظة في أماكن أربعة مختلفة أن دراسة المخطوطات القرآنية دائمًا ما تصطدم بعقبة تفَرُّق المخطوطات وما يترتب على هذا من ضرورة إعادة تكوين المصاحف بناء على معايير كوديكولوجية وباليوغرافية محدّدة تشترك فيها هذه الورقات[68]. وفضلًا عن مصحف أمرينسيس، هناك مثلًا قطعة مكتشفة حديثًا تم تحديد تاريخ لها بطريقة الكربون المشعّ هي قطعة برمنجهام منجانا للدراسات الإسلامية والعربية في مكتبة جامعة برمنجهام برقم (1572b)، وقد رأت ألبا فيديلي أنها تنتمي لنفس مخطوطة المكتبة الوطنية الفرنسية رقم (Arabe 328c)[69]. وكما أشرنا أعلاه فإن قضية تفرُّق المخطوطات تنعكس كذلك على طرس صنعاء وتلوح في الأفق وراء واحدة من أهم النقاط الرئيسة التي أبرزتها هلالي في كتابها؛ وهي تشككها الواضح حيال كون الكتابة السفلية أو العلوية في طرس صنعاء قد شكّلت جزءًا أو حتى أُريد لها أن تشكّل جزءًا من مصحف مكتمل يحتاج إلى تحديد موقع باقي أجزائه وجمعها من جديد مع مجموعة الورقات الأساسية الموجودة في دار المخطوطات بوسم (01- 27.1). وأجدني مضطرًّا لمخالفة أسماء هلالي في هذه النقطة.
ومن المفيد في هذا الصدد إيراد بعض الاقتباسات لتوضيح فكرة هلالي؛ فإنّ الطبقة السفلية من الطرس تجسّد «مقاطع قرآنية كُتبت للاستخدام الشخصي للناسخ» بينما «النصّ العلوي هو نصّ قرآني غير مكتمل تظهر منه أمارات العمل غير المُنجَز» (ص: 4). وكلتا الطبقتين «على الأرجح تجميع لورقات متنوعة» لا تشكِّل جزءًا من «مصحف مكتمل في صورته النهائية» (ص: 19). والنصّ السفلي على وجه التحديد «يمثّل على الأرجح تدريبًا للناسخ وتعليمًا له» (ص: 19) «إذ يشتمل على مقاطع قليلة من القرآن» (ص: 44) وهو نتاج أنشطة جرت في «وسط تعليمي» (ص: 67- 70) حيث «أُملي النصّ وفُسّر بطريقة أثّرت في شكله ومضمونه» (ص: 65). كما أن النصّ العلوي هو الآخر «عمل غير مكتمل» (ص: 70) يجرّب فيه النُّسّاخ والمزخرفون أساليب مختلفة قد تظهر ضمن عمل نهائي لكن في صفحات محددة لم تنعقد النية على إخراجها كجزء من هذا العمل (ص: 75). وتظهر زخارف النصّ العلوي بشكل «يضفي على المخطوطة مظهر كتاب مكتمل» (ص: 75)؛ «وربما تكون الزخرفة في النصّ العلوي أداة لمنح الورقات انطباعًا بأنها جزء من كتاب، لكنها مع ذلك أداة لا تلتزم بنمط ثابت» (ص: 17).
وإذا أصابت أسماء هلالي فيما ذهبت إليه فإنّ الطبقة السفلية من طرس صنعاء تحديدًا ليست سوى مجموعة من تدريبات الكتابة وورقات منفردة لم يكن الغرض منها أن تكون جزءًا من مصحف كامل، مما يعني أن الطرس ليس لديه الكثير ليخبرنا به عن شكل مصاحف القرن الأول الهجري. وكذلك لو كان كلامها صحيحًا، فإنّ المقاطع القرآنية الواردة في الكتابة السفلية ربما لم يكن الغرض منها أن تجسد النصّ القرآني بصورته التي كان عليها أو التي اعتُبرت كذلك؛ بل تميل هلالي -على ما يبدو- إلى اعتبار النصّ السفلي مزيجًا غير متمايز يجمع بين النصّ القرآني وحواشٍ تفسيرية متنوعة أخفق نُسّاخ الطرس في التمييز بينها وبين النصّ القرآني؛ لأنهم ظنّوا أن عملهم هذا سيكون مقصورًا على استخدامهم الشخصي لن يتعدّاهم لقرّاء آخرين[70]. وسوف يسفر هذا كلّه في تصوّري عن نظرة للنصّ المخالف في الطبقة السفلية من الطرس تشبه ما سعى إليه ابن الجزري (ت: 833/ 1429) ونقَله لنا السيوطي (ت: 911/ 1505) من محاولة تفسير نشأة القراءات الشاذة التي وردت في التراث الإسلامي: «وربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة إيضاحًا وبيانًا؛ لأنهم محقّقون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنًا، فهم آمنون من الالتباس، وربما كان بعضهم يكتبه معه»[71].
ما الدليل الذي استندت إليه أسماء هلالي في تقييمها لطبيعة طرس صنعاء، وتحديدًا ما جاء في النصّ السفلي فيه؟ وتشير هلالي في مواضع عدّة إلى ما يظهَر في المخطوط من دليل على حدوث مراحل متعدّدة للتصويب (ص: 19) وغياب الاتساق بين الورقات خاصّة في الطرق المتّبعة في الفصل بين السور والآيات في النصّ العلوي (ص: 20)[72]. كما أنها تؤكّد بصورة كبيرة على ما تسميه: «توجيه للقراءة» في مطلع سورة التوبة. ففي النسخة القياسية من القرآن، تعدّ سورة التوبة السورة الوحيدة التي لا تبدأ بالبسملة. وفي المقابل فإن الكتابة السفلية في الطرس بحسب قراءة أسماء هلالي تبدأ بالبسملة، لكنها متبوعة بتوجيه ونهي يقول: لا تقل بسم الله، قبل الشروع في الآية الأولى من السورة (ص: 103، الورقة 5-أ، السطران: 9- 8، ويُنظر أيضًا: ص: 39- 40)[73]. وترى هلالي أن هذا التوجيه لم يكن ليظهر في بداية ورقة تنتمي إلى مصحف مكتمل (ص: 19، 20)[74]. وختامًا، هناك حالتان اشتملت فيهما الطبقة السفلية من الطرس على كلمة أو حرف جرى تصويبه بإعادة الكتابة عليه دون أن تُمحى آثار الكتابة الأصلية (ص: 38- 39). على سبيل المثال في ظهر الورقة التاسعة (السطر التاسع، الآية 61 من سورة الأحزاب)، نجد أن حرف القاف كان موجودًا في الأصل بصورته التي يأتي عليها في نهاية الكلمة ثم صُوِّب للشكل المعهود حين يتوسّط الكلمة، لكن الناسخ لم يمحُ ذيل الحرف المتطرف. وبالنسبة لهلالي فإنّ هذا الخلل في التصويب الذي لم يتمكن من إزالة الآثار المتبقية للكتابة الأصلية يوحي بأن الطبقة السفلية من الطرس «لم تكن معدّة للتداول والنقل، وإنما كان الهدف الإبقاء عليها حتى يتعلّم الشخص من أخطائه» (ص: 39).
ولا أجد أيًّا من هذه الحجج مقنعًا بشكلٍ ضروري لا يقبل الجدال. وبداية، فإنّ كون طبقتي الطرس تفتقران إلى الاتساق في نواحٍ متعدّدة لا يبدو لي أمرًا مستغربًا ولا شاذًّا بالنسبة لمصحف مكتوب في مثل هذه الحقبة الزمنية المبكّرة. ولنأخذ على سبيل المثال ملاحظة هلالي أنّ علامات التعشير أو العلامات المميزة للآية الخمسين أو المائة في النصّ العلوي تظهر بأشكال مختلفة وتَرِد في بعض الأحيان في الموضع الخطأ (ص: 75). فلِمَ نفترض أن النسّاخ الذين كتبوا النصّ العلوي كانوا سيتفادون الوقوع في هذه الاختلافات والمواضع الخاطئة لو كتبوا نسخة مكتملة من المصحف؟ ولِـمَ يتوجب علينا أن نستشهد باختلاف نظام عدّ الآيات في النصّ العلوي عمّا هو متعارف عليه من طرق العدّ المختلفة في المصنّفات الإسلامية المتأخّرة لتعزيز فرضيه هلالي في أنّ «المخطوط كُتب في الأصل على هيئة قطع متفرقة» (ص: 82)؟ ففي نهاية المطاف، نجد هذا النوع من الانتقائية والتلفيق، بحسب المعايير المتأخرة، حاضرًا كذلك في مصحف باريسينو ومصحف أمرينسيس[75]. وبالمثل، ما الذي يدعونا لافتراض أنّ الناسخ أو النسّاخ الموكّلين بكتابة النصّ السفلي كانوا سيتحلّون بقدر أكبر من الحذر والعناية بمحو بقايا القاف المتطرّفة لو أنهم كتبوا نسخة مكتملة من القرآن؟ يبدو أن هناك خطورة حقيقية في أن نعتمد في تقييمنا للطرس على تصوّرات واهية عن معايير الدقّة والاتساق والتطابق في النساخة والزخرفة، التي كان من الممكن اعتبارها مناسبة في القرن الأول الهجري لإخراج مصاحف مكتملة معدّة لشكل من أشكال الاستخدام العام[76]. أمّا فيما يخصّ التوجيه الخاصّ بالقراءة، فعلى فرض أن قراءة هلالي للنصّ هنا صحيحة[77]، ما زلتُ لا أرى سببًا يجعلها بالضرورة متعارضة مع احتمالية أن تكون الكتابة السفلية للطرس جسّدت في مرحلة من المراحل مصحفًا مكتملًا. وحقيقة أن المصاحف الأخرى المبكرة اشتملت على عبارة في مطلع السورة وأخرى في ختامها أضيفت من جانب ناسخ متأخّر تثبت بالطبع أنه حتى وقت متأخّر نوعًا ما لم يكن هناك بأس في درجة من التحشية التحريرية -إن جاز التعبير- في مطلع السور وختامها في المصاحف القرآنية[78].
جدير بالذِّكْر أن أسماء هلالي تدرك تمامًا أن فرضيتها مثار جدل، وتتصدّى لبعض الاعتراضات التي قد تُثار بشأنها. ولذا في معرض ردّها على ما أُثير من غرابة الإقدام على التضحية بهذا الكمّ الكبير من الرّق لا لشيء إلا للتدريب على الكتابة أوضحت هلالي أن الرّق المستخدم كان ذا جودة منخفضة على ما يبدو (ص: 70)[79]؛ بل ربما كان الرق معدًّا من البداية لإعادة الاستخدام من جديد، بمعنى أن الكتابة السفلية «كان مقررًا لها أن تُمحى لاحقًا» (ص: 70)[80]. وعلاوة على ذلك فإن أسماء هلالي تدرك جيدًا أن موقفها الذي يرفض أن تكون ورقات الطرس شكّلت في أيّ وقت من الأوقات جزءًا من مصحف مكتمل أو كانت هناك نية لذلك، يظهر ضعفه شيئًا فشيئًا كلما زاد حجم النصّ القرآني المتصل الذي نجده في هذه الورقات؛ ولذا نجدها تقرّ بالبراهين التي ساقها صادقي وجودارزي في معرض استدلالهم على نسبة الورقات الأربع الإضافية للطرس (ص: 32). ومع ذلك، ورغم الخطورة الواضحة في إبداء وجهة نظر معينة في المسألة دون أن تكون هناك القدرة على الأقل على مقارنة صور هذه الورقات الأربع بمخطوطة دار المخطوطات رقم (01- 27.1)، إلا أن بعضهم قد يتساءل عن مدى نجاح هلالي في دحض هذه الاعتبارات[81].
وثمة حقيقة أخرى تتمثّل في أنّ دراستها للطبقة السفلية مقصورة على عدد صغير من الورقات أقلّ مما تناولته دراسة صادقي وجودارزي، فكان ما تركته أكبر مما درسته (ص: 34). وإذا كانت هناك أسباب مبرّرة لإحجامها عن دراسة هذه الورقات؛ مثل عدم إمكانية الوصول إليها أو تلف الرق أو تعذر القراءة، إلا أنه كان يتحتم عليها أن تتحقّق على الأقل من مدى صحة ما ذهب إليه صادقي وجودارزي من أن الكتابة السفلية في هذه الورقات تتفق مع المقاطع القرآنية التي استطاعوا تمييزها. وإذا كان الأمر كذلك، فإنّ حجم النصّ القرآني الذي اشتملت عليه الطبقة السفلية سوف يزداد بصورة كبيرة مما يقوّض فرضية هلالي في اشتمالها على مقاطع قليلة من القرآن (ص: 44). وإحجام هلالي الصريح عن أنْ تقطعَ بقولٍ في مدى كون الورقات الأربع المفردة التي وردت في دراسة صادقي وجودارزي وكذلك المجموعة المختلفة من ورقات الطرس التي اكتُشفت في المكتبة الشرقية في صنعاء تنتمي لنفس المخطوطة المودعة في دار المخطوطات برقم (01.- 27.1)[82] يبدو تفاديًا لأسئلة ستكون معالجتها المفصّلة أمرًا لا غنى عنه لفرضيتها الأساسية.
وفي تصوّري فإنّ أقوى دليل يعضد وجهة النظر التقليدية في أن ورقات المخطوطة المودعة في دار المخطوطات بوسم (01.- 27.1) كانت في الأصل مصحفًا مكتملًا هو تسلسل الآيات بلا انقطاع في هذه الورقات أو فيما أمكن قراءته منها. وعلاوة على ذلك هناك عدد من الورقات تشتمل على نهاية السورة ومطلع السورة التالية بما يتفق مع (بعض أشكال) الطول المتناقص في ترتيب السور على نحو ما يتجلى في ترتيب السور المختلفة في النسخة القياسية من القرآن. وهذه الانتقالات بين السور في الكتابة السفلية نجدها في وجه الورقة الخامسة والثالثة والعشرين في دراسة هلالي (أي وجه الورقة الثانية والعشرين عند صادقي وجودارزي) وهناك أربع حالات أخرى ترِد كذلك في الكتابة السفلية في نسخة صادقي وجودارزي[83]. ولذا فإن مخطوطة دار المخطوطات (01- 27.1) كما حقّقها صادقي وجودارزي تشتمل على سورة التوبة كلّها (وإن كان هناك فراغ تعذّرت قراءته) علاوة على أجزاء من سورة الأنفال قبلها وسورة مريم بعدها[84]. ولذا من الواضح أن الطبقة السفلية من الطرس، سواء اشتملت على القرآن كلّه بصورته المعروفة اليوم أم لا، قد وردت فيها سلسلة من السور الكاملة مرتبة بطريقة شائعة معمول بها في المصاحف القرآنية. ولا ريبَ أن تسلسل الآيات والسور بهذه الطريقة ليس ما نتوقّعه في نسخة تنتقي مادة قرآنية معينة للتدريب على النساخة، بل ينسجم تمامًا مع عملية إخراج مصحف مكتمل. والقول بأن الطبقة السفلية من الطرس اشتملت على قدرٍ كبيرٍ من النصّ القرآني أكثر مما يستلزمه التدريب على الكتابة هو أمر تعزّزه عدد صفحات الظَّهْر التي نراها في هذه الورقات تكمل النصّ الذي جاء في صفحات الوجه بشكلٍ عام، وكذلك عدد الحالات التي تتابعت فيها الورقات المنفصلة وراء بعضها بعضًا[85]. وبناء على هذا يبدو من المرجّح أن الناسخ أو النُّسّاخ الذين تولّوا كتابة طبقتي الطرس كانوا قد سعوا إلى إنجاز مشروع كتابة مصحف مكتمل. وبالطبع لا يمكننا أن نثبت اكتمال هذا المشروع (أو أن النصّ القرآني الذي تولّى نُسّاخ الطرس كتابته تضمن 114 سورة بما يطابق النسخة القياسية تمامًا). ويبقى احتمال آخر في أن تكون أيّ طبقة من الطبقتين ظلّت غير مكتملة، وهو احتمال يجب التسليم به أيضًا رغم أن الأدلة الداعمة لهذا الأمر تظلّ مقصورة بشكلٍ كبيرٍ على جوانب من زخرفة الطبقة العليا[86]. ومع ذلك، فإنّ المصحف غير المكتمل يختلف تمامًا عن مجموعة من الورقات لم يكن الهدف منها أن تشكِّل جزءًا من مصحف مكتمل، وإنما أُرِيدَ محوها واستخدامها من جديد.
[1] العنوان الأصلي لهذه المقالة هو:
Beyond the Cairo Edition: On the Study of Early Quranic Codices
وقد نُشرت في:
Journal of the American Oriental Society 140.1 (2020)
[2] ترجم هذه المقالة، د/ حسام صبري، مدرس بجامعة الأزهر، كلية اللغات والترجمة قسم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية (اللغة الإنجليزية)، قام بترجمة عدد من الكتب والبحوث، منها: ترجمة كتاب (مصاحف الأمويين)، فرنسوا ديروش، عن مركز نهوض للبحوث والدراسات، بيروت، 2023.
[3] يصف العديد من الباحثين الغربيين مصحف القاهرة بالمصحف القياسي standard، والمقصود كون هذا المصحف هو المعتمد في عمل الباحثين انطلاقًا من وضوح خطة لجنته، فضلًا عن كونه المصحف الأكثر انتشارًا في البلدان العربية، ولا يعني هذا الوصف كون عملية اعتماد المصحف القياسي تأخرت إلى 1924، فالمصحف في شكله القياسي المعتمد موجود منذ عهد عثمان على رأي معظم هؤلاء الدارسين ومنهم مؤلّف هذه المادة، وقد انتقد بعض الباحثين مثل صادقي وبيرجمان استخدام بعض الدارسين مثل ألبا فيدلي لوصف القياسي في وصف مصحف القاهرة، من أجل الفصل بين واقعة إنشاء المصحف القياسي المعتمد وبين عملية طباعة المصحف في العصر الحديث، في محاولة ربما لضبط اختلاف المصطلحات في مجال دراسات المصاحف في السياق الغربي. انظر: موازنة بين مصحف عثمان وإحدى مخطوطات صنعاء، دراسة في تدوين القرآن، بهنام صادقي وأوري بيرجمان، ترجمة: د/ حسام صبري، موقع تفسير، ص40، هامش رقم 1. (قسم الترجمات).
[4] يُنظر:
M. W. Albin, “Printing of the Qurʾān,” in Encyclopaedia of the Qurʾān, ed. J. D. McAuliffe, 6 vols. (Leiden: brill, 2001– 2006), 4: 264– 76, at 272.
[5] المرجع المعتمد في هذه المسألة هو:
W. A. Graham, Beyond the Written Word: Oral Aspects of Scripture in the History of Religion (Cambridge: Cambridge Univ. Press, 1987).
[6] اعتمدت لجنة إعداد مصحف القاهرة على الكتب التراثية في علوم الرسم والعدّ كأساس لعملها، والنقاش بين المستشرقين حول عمل لجنة المصحف قديم، حيث كتب برجستراسر تقريرًا بالألمانية حوله وصف فيه ومدح عمل اللجنة، كما عكس كيفية تعامل العلماء المسلمين مع الطبعات الغربية مثل مصحف فلوغل، للتوسّع في النقاش حول عمل لجنة المصاحف والنظرة الغربية له والنظرة العربية للطبعات الاستشراقية من المصحف التي لا تعتمد على تاريخ علوم القرآن بشكل أساسي، وكذلك النقاش حول الطباعة نفسها وتأخر طباعة القرآن والأسباب التي أدّت لهذا؛ راجع: طباعة المصحف بين فيلولوجيا المستشرقين وعلم القراءات: موازنة بين مصحف فلوغل 1834 ومصحف القاهرة 1924، إسلام دية، مجلة التفاهم، العدد 45، 2014، وزارة الأوقاف والشؤون الدينة، سلطنة عمان، ص281- 297. (قسم الترجمات).
[7] دائمًا ما نجد في الكتابات الإنجليزية مصطلح Case Vowels ويُراد به الإشارة إلى أثر الحركات الإعرابية بوجه عام. فإذا كانت كلمة Vowel مسبوقة بالوصف Short أُريد بهذا الحركات الثلاث (الفتح والضم والكسر)، أمّا إذا سُبقت بالوصف Long فعندئذ يكون قصد الكاتب أحد حروف العلة (الواو، والألف، والياء). (المترجم).
[8] للوقوف على الأنظمة المبكرة المتبعة في ضبط المصاحف القرآنية واستخدام الحركات، يُنظر:
A. George, “Coloured Dots and the Question of Regional Origins in Early Qur’ans,” Journal of Qur’anic Studies 17.1 (2015): 1– 44, and 17.2 (2015): 75– 102.
[9] يُنظر على سبيل المثال:
F. Déroche, La transmission écrite du Coran dans les débuts de l’islam: Le codex Parisinopetropolitanus (Leiden: Brill, 2009), 51– 108.
[10] يُنظر في هذا الصدد:
K. E. Small, Textual Criticism and Qurʾān Manuscripts (Lanham, MD: Lexington Books, 2011), 124.
وللاطلاع على اختلاف المصاحف كما ورد في المصادر الإسلامية، يمكن الرجوع إلى كتاب معجم القراءات للخطيب، 11 جزءًا (دمشق: دار سعد الدين، 2002). وكذلك ما كتبه آرثر جفري:
A. Jeffery, Materials for the History of the Text of the Qurʾān: The Old Codices (Leiden: E.J. Brill, 1937).
[11] جوتهلف برجستراسر Gotthelf Bergsträsser (1886- 1933): مستشرق ألماني، وُلِد عام 1886، وهو مختصّ باللغات وبالدراسات الساميّة، حصل على الدكتوراه من جامعة ليبزج الألمانية عن أطروحة حول الحروف النافية في القرآن، وهو أستاذ اللغات الساميّة بجامعة هيدلبرج ثم جامعة ميونخ الألمانية، ومعروف للمثقفين المصريين في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات، حيث ألقى عددًا من المحاضرات في جامعة القاهرة بمصر في العام الدراسي 1929/ 1930، حول التطوّر النحوي في اللغات السامية، وحول نقد النصوص، وقد جُمعت هذه المحاضرات في كتب لاحقًا، وقد حرص الكثيرون على حضورها مثل طه حسين، وبسبب اتساع اهتماماته وتعمّقها، فقد ترك عددًا كبيرًا من الدراسات في اللغات السامية وفي تاريخ القرآن وفي السيميائيات وفي اللغة العربية، منها: مشاركته في إكمال كتاب نولدكه الشهير (تاريخ القرآن)، (معجم قراء القرآن وتراجمهم)، و(التطور النحوي في اللغات السامية)، و(أصول نقد النصوص ونشر الكتب)، و(اللامات لأحمد بن فارس)، و(القراءات الشاذة في كتاب المحتسب لابن جني)، و(قراءة الحسن البصري)، و(رسالة حنين بن إسحاق في الترجمات السيريانية والعربية لكتاب جالينوس)، كما نشر عددًا من النصوص العربية في القراءات وفي الطب وفي العلوم مثل: (ابن خالويه: القراءات الشاذة في القرآن). (قسم الترجمات).
[12] وُلد فرانسوا ديروش François Déroche في متز Metz يوم 24 أكتوبر 1952م، وهو مستشرق فرنسي متخصّص في دراسة المخطوطات القديمة codicologie، والباليوغرافيا؛ أي علم قراءة النصوص القديمة paléographie.
بدأ ديروش مشواره في المدرسة العليا للأساتذة سنة 1973م، وحَصَلَ على شهادة التبريز في الآداب القديمة سنة 1976م؛ مما خوَّل له الحصول على دبلوم الدراسات المعمقة في علم المصرياتégyptologieسنة 1978م. تقاعد عن عمله في المكتبة الوطنية الفرنسية، حيث كان يَشتغل على دراسة النصوص القرآنية بقسم المخطوطات.
وقد تُوِّجَت جهوده في تصنيف المخطوط القرآني ودراسته في رحاب المكتبة الوطنية بباريس بمبادرة كوليج دي فرانس CollègedeFrance، الذي أحدث لأول مرة كرسيًّا لدراسة القرآن سمّي كرسي تاريخ القرآن: النصّ والنقل،La chaire Histoire du Coran. Texte et transmission ، وعَهد به إلى فرانسوا ديروش سنة 2015م، وذلك إقرارًا منه بمركزية الموضوع في الدَّرس الاستشراقي والتاريخي المعاصر، واعترافًا بمكانة ديروش في هذا الحقل المهم.
نذكر من بين أهم أعماله:
1983م: دليل المخطوطات العربية:
Catalogue des manuscrits arabes, fascicules 1 et 2, Bibliothèque nationale (France), département des manuscrits, Bibliothèque nationale.
2004م: الكتاب العربي المخطوط، مقدمات تاريخية:
Le Coran, Que sais-je ?, PUF.
2009م: النقل الكتابي للقرآن في بدايات الإسلام (المخطوط الباريزينو بتروبوليتانوس):
La transmission écrite du Coran dans les débuts de l'islam. Le codex Parisino-petropolitanus, Brill
وقد ترجم مؤخرًا كتابه (مصاحف الأمويين)، ترجمة: د/ حسام صبري، عن مركز نهوض للبحوث والدراسات، بيروت، 2023. (قسم الترجمات).
[13] Th. Nöldeke, G. Bergsträsser, and O. Pretzl, Geschichte des Qorāns, 2nd ed., vol. 3: Die Geschichte des Qorāntexts (Leipzig: Dieterich’sche Verlagsbuchhandlung, 1938); F. Déroche, Les manuscrits du Coran: Aux origines de la calligraphie coranique (Paris: Bibliothèque Nationale de France, 1983).
[14] للوقوف على نظرة عامة على هذه القضية، يُنظر:
N. Sinai, “When Did the Consonantal Skeleton of the Quran Reach Closure?,” Bulletin of the School of Oriental and African Studies 77 (2014): 273– 92, 509– 21.
[15] جون وانسبرو John Wansbrough، (1928م- 2002م): مستشرق أمريكي، يعتبر هو رائد أفكار التوجه التنقيحي، وتعتبر كتاباته منعطفًا رئيسًا في تاريخ الاستشراق؛ حيث بدأت في تشكيك جذري في المدونات العربية الإسلامية وفي قدرتها على رسم صورة أمينة لتاريخ الإسلام وتاريخ القرآن، ودعا لاستخدام مصادر بديلة عن المصادر العربية من أجل إعادة كتابة تاريخ الإسلام بصورة موثوقة، ومن أهم كتاباته:
Quranic Studies: Sources and Methods of Scriptural Interpretation, Oxford University Press, 1977.
«الدراسات القرآنية، مصادر ومناهج تفسير النصوص المقدسة» (1977م)، ونُشِرَ على موقع تفسير عرضٌ له كتبه كارول كيرستن، ترجمة: هند مسعد.
The Sectarian Milieu: Content and Composition of Islamic Salvation History, 1978
الوسط الطائفي: محتوى وتشكل «تاريخ الخلاص» الإسلامي. (قسم الترجمات).
[16] للاطلاع على استعراض سريع لأهم نتائج التأريخ بالكربون المشع للمخطوطات القرآنية المبكرة والوقوف على عدد من المراجع الإضافية، يُنظر:
N. Sinai, “The Qurʾān,” in Routledge Handbook on Early Islam, ed. H. Berg (Abingdon and New York: Routledge, 2017), 9–24, at 18–19.
ويُنظر كذلك ما ورد من تعليقات في دراسة ياسين دتون:
Y. Dutton, “Two ‘Ḥijāzī’ Fragments of the Qurʾan and Their Variants, or: When Did the Shawādhdh Become Shādhdh?,” Journal of Islamic Manuscripts 8 (2017): 1–56, at 44–46.
[17] للاطلاع على استدلال ينتصر للإطار الزمني التقليدي لظهور القرآن، يُنظر:
Sinai, “When Did the Consonantal Skeleton”
وللوقوف على المحاولات الحديثة في تحديد نشأة بعض الأجزاء التي شكّلت المادة القرآنية في العقود التي تلت وفاة محمد، يُنظر:
S. J. Shoemaker, “Christmas in the Qurʾān: The Qurʾānic Account of Jesus’ Nativity and Palestinian Local Tradition,” Jerusalem Studies in Arabic and Islam 28 (2003): 11–39; T. Tesei, “‘The Romans Will Win!’ Q 30:2–7 in Light of 7th C. Political Eschatology,” Der Islam 95 (2018): 1–29.
[دراسة سيناي المشار إليها، مترجمة للعربية بعنوان، متى أصبح القرآن نصًّا مغلقًا؟ ترجمة: د/ حسام صبري، منشورة على موقع تفسير، وفيها تناول سيناي النظريات الغربية حول تاريخ القرآن، واعتبر أنه باستثناء نظرية وانسبرو حول تأخر تدوين القرآن وجمعه في نسخة قياسية معتمدة إلى القرن الثامن الميلادي؛ فإن النظريات الغربية على اختلافها تميل لوضع تدوين القرآن وجمعه في نسخة قياسية ومعتمدة في القرن السابع في تاريخ قريب من السردية التقليدية، وأن الاختلاف بين هذه النظريات وكون بعضها يضع تاريخ اكتمال النسخة المعتمدة من القرآن في نهاية القرن السابع، يرجع فقط للخلاف حول ضبط الاصطلاحات الخاصّة بعملية التحرير والنشر والتكميل، حيث تتفق هذه النظريات في حقيقتها مع تلك التي تضع الجمع في منتصف القرن السابع، لكنها تركّز على كون النصّ ظلّ عرضة للإضافة والتحرير حتى نهاية هذا القرن، إلا أنّ هذا التحرير اقتصر -كما يقول سيناي- على التكميلات النصّية مثل النقط والتحريك والتقسيم وغيرها من أمور لا تتعلّق بصلب النصّ بل فقط بتسهيل مقروئيته، مما يعني أن هذه النظريات تتفق في وضع الرسم العثماني المعتمد «المصحف العثماني المجرّد» في منتصف القرن السابع، فيما يسميه بـ«سيناريو النص القرآني المعتمد الأولي». (قسم الترجمات)].
ويُنظر أيضًا:
N. Sinai, The Qur’an: A Historical Critical Introduction (Edinburgh: Edinburgh Univ. Press, 2017), 48, 52–54, 57 n. 50.
[18] حول ندرة الطروس في المخطوطات الإسلامية بوجه عام، وندرة الطروس القرآنية بوجه خاصّ، يُنظر:
F. Déroche, Qur’ans of the Umayyads: A First Overview (Leiden: Brill, 2014).
[19] للاطلاع على معلومات حول الورقات السبع والثلاثين الإضافية، يُنظر:
Déroche, Qur’ans of the Umayyads, 48; Hilali, Sanaa Palimpsest, 15–16;
وفيما يخصّ الورقات الأربع، يُنظر ما جاء في الجدول الثالث من دراسة صادقي وجودارزي.
B. Sadeghi and M. Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1 and the Origins of the Qurʾān,” Der Islam 87 (2012): 1– 129, at 37– 39.
[20]جاء ذلك في الصفحة التاسعة والعشرين في الحاشية العاشرة.
[21]كما ورد في الصفحتين الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين.
[22] للاطلاع على نتائج الفحص بالكربون المشعّ لورقة من الورقات التي يُحتمل أن تكون جزءًا من طرس صنعاء، يُنظر:
B. Sadeghi and U. Bergmann, “The Codex of a Companion of the Prophet and the Qurʾān of the Prophet,” Arabica 57 (2010): 343–436.
[دراسة صادقي وبيرجمان مترجمة للعربية بعنوان: موازنة بين مصحف عثمان وإحدى مخطوطات صنعاء (طرس صنعاء 1)، نظرات حول تاريخ تدوين القرآن. ترجمة: حسام صبري، موقع تفسير. (قسم الترجمات)].
وقد اختار فرنسوا ديروش القول بتاريخ متأخر قليلًا لطرس صنعاء، يُنظر:
Déroche, Qur’ans of the Umayyads, 54.
إذ يقول: «ووجود أسماء السور والعناصر الزخرفية بينها مؤشرٌ على تاريخ متأخر في القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي؛ لأن هذه العناصر لم تكن موجودةً في الأساس في مصاحف كالمصحف الباريسي (باريسينو بيتروبوليتانس) لكنها زيدت في وقت لاحق».
[23] وهذا ما أكّدته دراسة صادقي وبيرجمان بعنوان: “Codex of a Companion”، ص344.
[24] Sadeghi and Bergmann, “Codex of a Companion”; E. Puin, “Ein früher Koranpalimpsest aus Ṣanʿāʾ (DAM 01- 27.1). Teil III: Ein nicht- ʿuṯmānischer Koran,” in Die Entstehung einer Weltreligion I: Von der koranischen Bewegung zum Frühislam, ed. M. Groß and K.- H. Ohlig (Berlin: Hans Schiler, 2010), 233– 305.
[25] Puin, “Früher Koranpalimpsest,” 258– 301; Sadeghi and Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1,” 61, with n. 203 (fol. 20b ll. 12– 13).
[26] يُنظر دراسة صادقي وجودارزي: Sadeghi and Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1,” 25.
[27] استخدم الكاتب لفظة recensions في الحديث عن هذه النُّسخ القرآنية، وتُستخدم هذه الكلمة في اللغة الإنجليزية للتعبير عن نص مُنقّح. (المترجم). [وسيأتي معنا تعليق على استعمال هذه اللفظة ووجهات الكتبة الغربيين فيها. (قسم الترجمات)].
[28] يُنظر دراسة صادقي وبيرجمان بعنوان: Codex of a Companion، ص360، وجاء فيها أن اختلافات الطرس تشبه في طبيعتها تلك الاختلافات التي رويت بشأن مصاحف الصحابة. (وردت عبارة في طبيعتها في الأصل مكتوبة بخط مائل).
[29] Sadeghi and Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1.”
[دراسة صادقي وجودارزي مترجمة للعربية بعنوان: طرس صنعاء 1 وأصول القرآن، ترجمة: حسام صبري، موقع تفسير، (قسم الترجمات)].
[30] حرف الألف المذكور في بيان رقم ورقة الطرس يُراد به وجه الورقة، في حين أن الباء تشير إلى ظهر الورقة. (المترجم).
[31] توضح أسماء هلالي في الصفحة الرابعة والثلاثين من كتابها الاختلاف في قراءة محتوى الورقة التاسعة عشرة بين كتابها ودراسة صادقي وجودارزي. ومع ذلك، فإن الاختلاف في هذه الحالة ليس اختلافًا جذريًّا كما يُتصور لأول وهلة؛ إِذْ إن الورقة التاسعة عشرة عند هلالي مطابقة على ما يبدو للورقة الثامنة عشرة عند صادقي وجودارزي في ظلّ الطريقة التي سار عليها كلّ طرف في تحديد النصّ السفلي والعلوي.
[32] يُنظر أيضًا موضع سورة مريم، الآية التاسعة عشرة (ورقة 23ب عند هلالي = ورقة 22ب عند صادقي وجودارزي، السطر الخامس عشر) حيث قرأتها هلالي: {لِأَهَبَ} كما جاءت في رسم المصحف المعتمد (كتاب هلالي، ص133)، في حين قرأها صادقي وجودارزي: {لِنَهَبَ} لتتفق بذلك مع قراءة أبي عمرو (دراسة صادقي وجودارزي، ص64، 117، ويُنظر كذلك الحاشية 24 فيما يأتي [رقم الحاشية في هذه النسخة: 37].). أمّا الآية السادسة والعشرون من سورة مريم (ورقة 23ب عند هلالي ويقابلها ورقة 22ب عند صادقي وجودارزي، السطر الرابع والعشرون) فقد قرأها صادقي وجودارزي {صومًا صمتًا} وهي قراءة منسوبة لأنس بن مالك، بدلًا من {صومًا} (دراسة صادقي وجودارزي، ص65) في حين نجد فراغًا في هذا الموضع عند أسماء هلالي (ص133). وكما تبيّن هلالي في الصفحتين 79- 80 من كتابها فإن صادقي وجودارزي قد وجدَا بعض فواصل الآي التي لا يمكنها الجزم بها.
[33] Cf. Hilali, Sanaa Palimpsest, 113; Sadeghi and Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1,” 89.
[34] يُنظر: Hilali, p. xvii.
[35] يُنظر الحاشيتان: 37، 40 فيما يلي، علاوة على دراسة صادقي وجودارزي، ص14، [رقم الحاشيتين المشار إليهما في هذه النسخة: (53، 56) ].
[36] يُنظر الموقع الإلكتروني:
www.islamic-awareness.org/quran/text/mss/soth.html
(يُرجى تصفح الرابط إلى ما بعد الحاشية 60، وتاريخ زيارة الموقع 17 ديسمبر 2018، وترِد الإشارة إليه هنا بلفظ الموقع الإلكتروني). وأودّ أن أعرب عن امتناني لبهنام صادقي لإرشادي لهذا الموقع.
[37] في الآية التاسعة عشرة من سورة مريم فإن الطبقة السفلية كما هي موضحة بملف الموقع الإلكتروني رقم: "23B 33.6uv.tif" تعزز صحة قراءة: {لِنَهَبَ} في مقابل قراءة هلالي: {لِأَهَبَ}. يُنظر أيضًا: الحاشيتان: 37، 40، [رقم الحاشيتين المشار إليهما في هذه النسخة: (53، 56) ].
[38] F. Déroche and S. Noja Noseda (eds.), Le manuscrit arabe 328 (a) de la Bibliothèque nationale de France (Lesa: Fondazione Ferni Noja Noseda, 1998); eidem (eds.), Le manuscrit Or. 2165 (f. 1 à 61) de la British Library (Lesa: Fondazione Ferni Noja Noseda, 2001).
[39] للأسف لا يرِد توضيح لهذا المخطط اللوني في الكتاب نفسه، لكن يمكن الحصول على دليل لفهمه على شبكة الإنترنت من خلال الرابط الآتي:
https://brill.com/fileasset/downloads_products/DocCorMan_Amr1_d6_klein.pdf
(تاريخ الزيارة: 22 سبتمبر 2018).
[40] Déroche, La transmission écrite, 79–102; Small, Textual Criticism, 89– 94.
وهناك حالة أكثر وضوحًا تتمثل في مخطوطة منجانا للدراسات الإسلامية والعربية في مكتبة جامعة برمنجهام برقم 1572b)) ويغلب فيها اتّباع العدّ الشامي، يُنظر:
Dutton, “Two ‘Ḥijāzī’ Fragments,” 19– 20.
[41] يُنظر العرض المفصل لطرق تقسيم الآيات في كتاب أسماء هلالي، ص79- 82.
[42] يُنظر في هذا الصدد: Small, Textual Criticism, 92– 93.
وللوقوف على القراءات التي تشهد لها مخطوطة المكتبة الوطنية الفرنسية Arabe 328a (التي تنتمي لما أُطلق عليه مصحف باريسينو بيتروبوليتانس)، يُنظر:
Y. Dutton, “An Early Muṣḥaf According to the Reading of Ibn ʿĀmir,” Journal of Qur’anic Studies 3.1 (2001): 71– 89; Déroche, La transmission écrite, 102– 5.
أمّا القراءات التي تشهد لها مخطوطة المكتبة البريطانية رقم Or. 2165، فنجدها في دراسة لانتصار ربّ:
I. Rabb, “Non- Canonical Readings of the Qur’an: Recognition and Authenticity (The Ḥimṣī Reading),” Journal of Qur’anic Studies 8.2 (2006): 84– 127.
وللاطلاع على القراءات التي لها شاهد في مخطوطة منجانا في مكتبة جامعة برمنجهام برقم (1572a، 1572b – وقد أُجري مؤخرًا تحليل بالكربون المشع للأُولى وتبيّن بنسبة احتمال تزيد على خمسة وتسعين أن تاريخها يعود إلى الفترة ما بين سنة 568 – 645)، يُنظر:Dutton, “Two ‘Ḥijāzī’Fragments,” ، وبخاصة الجدول 6 (في الصفحتين: 28- 29).
[43] تُتاح نسخة فيديلي بصورة رقمية على الموقع الإلكتروني:
https://cudl.lib.cam.ac.uk/collections/minganalewis/1 (تاريخ الزيارة: 20 سبتمبر 2018).
يُنظر أيضًا:
A. Fedeli, “The Digitization Project of the Qurʾānic Palimpsest, MS Cambridge University Library Or. 1287, and the Verification of the Mingana- Lewis Edition: Where is Salām?,” Journal of Islamic Manuscripts 2 (2011): 100–17
علاوة على ما كتبته فيديلي حول النشر الرقمي للسجلات متعددة الطبقات على المدونة الآتية:
https://iqsaweb.wordpress.com/2013/03/18/qmmc/
(تاريخ الزيارة: 20 سبتمبر 2018).
[44] يقول صادقي في دراسته لطرس صنعاء، ص384: «لهذا يبقى السؤال الأساسي مطروحًا: ما العلاقة بين النوع النصِّي في مصحف عثمان ومصحف الصحابي C-1 (التسمية التي اختارها صادقي للنسخة التي تظهر في الكتابة السفلية من طرس صنعاء)؟ هل من الممكن البتّ في تقدّم أحدهما على الآخر».
[45] استخدام لفظة (recensions) -والتي تعني نسخة منقّحة- في وصف مصحف عثمان ومصاحف الصحابة مرتبط بتصوّر كون مصحف عثمان والطبقة العليا من الطرس والطبقة السفلى -ما يفترض أنه يشابه مصاحف الصحابة الوارد الحديث عنها في كتب التراث- هما ثلاثة «تنقيحات» من مصدر أصلي، وهذه نظرية من النظريات المقترحة حول العلاقة بين مصحف عثمان وطرس صنعاء، وثمة نظريات وافتراضات أخرى لشكل العلاقة التطورية بين هذه النسخ، حيث يفترض بعضهم كون مصحف عثمان هو مصدر الطبقة السفلى من الطرس (مصاحف الصحابة) وهو نفسه «مصحف عثمان» ناتج عن نسخة سابقة أو نموذج أوّلي، ويعدِّد صادقي وبيرجمان الفرضيات حول شكل هذه العلاقة إلا أنهما يعتبران الفرضية الأكثر احتمالًا هي كون مصحف عثمان هو أحد تنقيحات المصدر الأصلي «المصحف الذي أملاه النبي» مثله مثل الطبقة السفلى (c1) ومثل مصاحف الصحابة المفترضة (Cn) ومثل مصحف ابن مسعود، إلا أن نسخة عثمان هي وفقًا لهما النسخة الأقرب للدقّة ضمن هذه النُّسَخ، فهي النسخة القياسية. انظر: موازنة بين مصحف عثمان وإحدى مخطوطات صنعاء، بهنام صادقي وأوري بيرجمان، ترجمة: د/ حسام صبري، موقع تفسير، ص107- 117، 135، 137، 149. (قسم الترجمات).
[46] Sadehi and Bergmann, “Codex of a Companion,” 383– 413.
[47] لفظ تداخل هنا ترجمة لمصطلح contamination ويراد به نوع من أخطاء النسخ الشهيرة في المخطوطات، ومنه: التداخل الذاتي (Auto-contamination)، ويُقصد به في سياق المخطوطات القرآنية: الأثر الذي يخلفه جزء من القرآن على جزء آخر ضمن تقليد نصِّي واحد. ويختلف عن التناظر في الفروقات والاختلافات (cross-contamination) الذي يشير إلى تأثر تقليد نصّي في موضع ما بتقليد نصّي آخر، مثل العثماني أو التقليد النصّي لمصحف ابن مسعود. ويتخذ التداخل الذاتي شكلين (أ) استيعاب النظير. (ب) استيعاب الألفاظ القريبة. أمّا استيعاب النظير أو التجانس مع السياق فهو أن يخلط الناسخ بين الآيات القرآنية المتشابهة بسبب كثرة التشابه، في حين يُراد باستيعاب الألفاظ القريبة أنّ الناسخ قد يسمع كلمة فتبقى عالقة في ذهنه ثم يكرّرها في غير موضعها. وقد تناول بهنام صادقي هذا النوع من الأخطاء في دراسته لطرس صنعاء. (المترجم، وقد وردت هذه الحاشية بهذا اللفظ في ترجمتي لمصاحف الأمويين الصادرة عن مركز نهوض للدراسات والبحوث، بيروت، 2023، ص52).
[48] Sadehi and Bergmann, “Codex of a Companion,” 399– 402.
وللاطلاع على تعليقات عامة حول نشأة الاختلافات نتيجة الاستيعاب أو التداخل الذاتي، يُنظر:
Sadehi and Bergmann, “Codex of a Companion,” 388.
[49] Sadehi and Bergmann, “Codex of a Companion,” 403– 4.
ويرِد لفظ “unconscious error” أو «خطأ غير مقصود» في اقتباس منقول عن بيتر كايل مكارتر في صفحة 404.
[50] يشير هذا المصطلح في الدراسات الكتابية إلى النصّ الذي مثّل النسخة الأساس لكلّ من الترجمة السبعينية والنصّ الماسوري، والإشارة هنا لافتراض وجود نصّ قرآني سابق على النسخة العثمانية أو (التنقيح العثماني) يتّسم بشكل من التعددية والاختلاف إذا قورن بها. (قسم الترجمات).
[51] يُنظر: Sinai, Qur’an, 34؛ استنادًا إلى دراسة لياسين دتون:
Y. Dutton, “Orality, Literacy and the ‘Seven Aḥruf’ Ḥadīth,” Journal of Islamic Studies 23 (2012), 1–49, at 34–35.
[52] الطريقة التي تعرض بها هلالي هذه الاختلافات يمكن أن تكون مضلّلة؛ لذا، فإن الاختلاف الثاني الوارد في الآية الثالثة عشرة من سورة التوبة والموضح في دراسة هلالي في الصفحة التاسعة والأربعين (ورقة 5ب، السطر الخامس عشر) يظهر كما لو كنا بصدد زيادة، أي حالة اشتمل فيها النصّ السفلي للطرس على عبارة إضافية. ومع ذلك لو نظرنا إلى الملحق 2 في كتابها (ص248) يتّضح جليًّا أننا بصدد حالة تقديم وتأخير، إذ نجد في النسخة القياسية: {نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، أما الطبقة السفلية من طرس صنعاء على نحو ما ورد في دراسة هلالي (ص105، السطران: 14- 16) فنجد: {وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} متقدمة على: {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ}. وعليه تصنّف أسماء هلالي هذا الاختلاف على أنه نقلٌ عن موضعه (ص64). وفيما يخصّ التصنيف نفسه، فلا يخلو هو أيضًا من إشكالات. على سبيل المثال، لا بد من عدّ الاختلاف الوارد في الآية الثمانين من سورة التوبة (ورقة 21-أ، السطر 24، كتاب أسماء هلالي، ص59، 249) من قبيل الزيادة الموجودة في النصّ القياسي قطعًا؛ ولذا ينبغي أن يظهر ضمن الفئة الثالثة بحسب تصنيف هلالي (الكلمات والعبارات الكاملة التي لا ترِد في النصّ السفلي، ولكنها ترِد في طبعة القاهرة). كما أن أحد الاختلافين المذكورين في الآية الثامنة عشرة من سورة التوبة (ورقة 6-أ، السطر الخامس، كتاب هلالي، ص:51، 249) ورد بلفظ: {وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ} بدلًا من: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} التي في النصّ القياسي؛ ولذا ينبغي عدّ هذا على الأرجح حالة من حالات الإبدال (وإن كان هذا يسفر عن صياغة أوسع)، وعليه يتوجب إلحاق هذا بالفئة الأولى في تصنيف هلالي، إذا كنتُ أفهم هذا التصنيف بشكل صحيح.
[53] تحديدًا في دراسة بوين بعنوان: Früher Koranpalimpsest، ص262- 275. وكما أشرنا آنفًا هناك اختلافات بين قراءة بوين وهلالي للنصّ، وهذا من شأنه أن يؤثّر أحيانًا في العدّ الكلي. من ذلك على سبيل المثال، الموضع: {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ} في الآية الثالثة والعشرين من سورة التوبة بحسب النصّ القياسي. وفي مقابل هذا، ترى أسماء هلالي أن طرس صنعاء مشتمل على قوله: {لَا تَتَّخِذُوا لَا آبَاءَكُمْ وَلَا إِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ}، (كتاب هلالي، ص:52، 249) في حين ترى إليزابيث بوين أنها: {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَلَا أَبْنَاءَكُمْ وَلَا إِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ}، (Puin, “Früher Koranpalimpsest,” 274). ومن بين هذين الاختيارين فإنّ قراءة بوين التي تذكر كلمة: {أَبْنَاءَكُمْ}، متوسطة بين (آباءَكم وإخوانَكم) اللتين وردتا في النصّ القياسي، هي القراءة التي تجعل من هذا الاختلاف زيادة بيّنة في الطرس. وتتوافق قراءة صادقي وجودارزي مع ما ذهبت إليه بوين في هذا الشأن (يُنظر الورقة 6-أ، السطران: 14- 15 من دراسة صادقي وجودارزي، ص56)؛ وبالرجوع إلى الملف (6A 16.102.uv.tif) الموجود على الموقع الإلكتروني تكوّنت لديّ قناعة بصحة ما ذهب إليه صادقي/ جودارزي وإليزابيث بوين؛ ولذا عددتُ هذا الموضع زيادة واردة في الطرس. وللوقوف على مثال آخر اتفقت فيها إليزابيث بوين مع صادقي وجودارزي في مقابل هلالي، يُنظر الحاشية 40 فيما يأتي [رقم الحاشية في هذه النسخة: 56].
[54] بعيدًا عن مسألة صواب القراءات التي أوردتها هلالي واحتمالية وجود اختلافات أخرى في هذه الأجزاء من الطبقة السفلية التي اعتبرتها غير قابلة للقراءة في حين أوردها صادقي وجودارزي، ينبغي أن نضع في اعتبارنا أنّ كلًّا من إليزابيث بوين وأسماء هلالي لم تفحصَا الورقات الأربع التي تناولها صادقي. يُنظر أيضًا الحاشية الآتية.
[55] طريقة عدّ صادقي للإضافات الكبرى في النصّ السفلي للورقات الأربع التي يُحتمل أن تكون جزءًا من طرس صنعاء ومقابلها في النصّ القياسي تشتمل على توزيع مختلف جدًّا؛ إِذْ يظهر فيها ورود إضافات أو زيادات أكبر في النسخة القياسية، فالطرس يشتمل على عشر إضافات في مقابل أربع عشرة في النصّ القياسي. (يُنظر دراسة صادقي وبيرجمان، ص401، 422- 429). والمثير للاهتمام أنّ تسعًا من الإضافات التي وردت في النصّ القياسي (ومنها حالات في غاية الأهمية لا يمكن تفسير عبارة النصّ القياسي فيها على أنها منبثقة من عبارة الطرس نتيجة الوقوع في خطأ استيعاب النظير والتجانس مع آيات أخرى) ترِد في عدد قليل من الآيات، في الآيات: 196، 213، 217- 218، 221- 222 من سورة البقرة. واحتمالية أن يكون النقل النصِّي للطرس في أجزاء معينة من سورة البقرة قد شابه خطأ استثنائي تظلّ أمرًا مستبعدًا. وفيما يخصّ التصنيف الذي أوردته هلالي في كتابها (ص63- 64) فإنّ الإضافات الواردة في النصّ السفلي للطرس تقابل الفئة الرابعة عندها (وهي الكلمات والحروف والأدوات والعبارات التي تظهر في النصّ السفلي دون الطبعة القاهرية)، أمّا إضافات النسخة القياسية فتقابل الفئة الثالثة (الكلمات والعبارات الكاملة التي لا ترِد في النص السفلي، ولكنها ترِد في الطبعة القاهرية). يُنظر أيضًا الحاشية رقم 36، [رقم الحاشية في هذه النسخة: 52].
[56] مرة أخرى، فإنّ العدد الكلي يعتمد على اتّباعنا لقراءة هلالي أو بوين لبعض المقاطع. على سبيل المثال، ترى إليزابيث بوين أن الكتابة السفلية في الطرس اشتملت في الأصل على عبارة: {عَلَى آثَارِهِ} بدلًا من: {مِنْ بَعْدِهِ} في الآية السابعة والثمانين من سورة البقرة والتي صُوّبت في وقت لاحق إلى: {مِنْ بَعْدِهِ} (Puin, “Früher Koranpalimpsest,” 264). وفي المقابل لا تجد هلالي أيّة آثار لعبارة: {عَلَى آثَارِهِ} (كتاب هلالي، ص99، السطر الأول). وهنا أيضًا يتفق صادقي وجودارزي مع قراءة بوين (ص41 من دراستهما، الورقة 2-أ، السطر الأول، ويُنظر أيضًا الحاشية 37 أعلاه، [رقمها في هذه النسخة: 53]). كما أنّ ملف الموقع الإلكتروني "2A6.149 uv.tif" يبيّن بوضوح أن الكتابة السفلية مشتملة على كلمة {عَلَى} في نهاية السطر الأول، وبذلك يؤكد ما ذهب إليه صادقي/ جودارزي وبوين في مقابل قراءة هلالي؛ ولذا أدرجتُ هذا الاختلاف ضمن مواضع الإبدال في العدد الكلي الذي اخترته.
[57] يرِد في دراسة صادقي في الصفحات: 429- 432 ثماني حالات لِما أسماه إبدال بلا استصحاب صوتي في الورقات التي تناولها بالدراسة.
[58] تعرض دراسة ماراين فان بوتين حول خواص الرسم المشتركة في المصاحف المبكرة حجاجًا حول إمكان الاستناد إلى أصل مكتوب. راجع: خواص الرسم المشتركة، برهان على أصل عثماني مكتوب، ماراين فان بوتين، ترجمة: د/ حسام صبري، موقع تفسير، (قسم الترجمات).
[59] يُنظر ما جاء في دراسة صادقي، ص384- 390. وتجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين مسألة الانتقال الشفاهي التام أو الجزئي ومسألة التكوين الشفاهي في مقابل المكتوب. فمن المتصور تمامًا على سبيل المثال أن يكون إخراج النسخة المنقحة النهائية لبعض السور على الأقل، وخاصة السور الطوال ذات البناء المعقد كما في سورة البقرة، وآل عمران والنساء والمائدة، التي تنمّ عن عمليات دقيقة نسبية من التطوّر الأدبي والتنقيح، قد جاء في صورة مكتوبة لكن أعيدت كتابة هذه السور من جديد في وقت لاحق اعتمادًا على التلاوة. وللاطلاع على نشأة هذه السور وتطورها، يُنظر:
Sinai, Qur’an, 97–104; N. Sinai, “Processes of Literary Growth and Editorial Expansion in Two Medinan Surahs,” in Islam and Its Past: Jahiliyya, Late Antiquity, and the Qur’an, ed. C. Bakhos and M. Cook (Oxford: Oxford Univ. Press, 2017), 69–119;
ويُنظر أيضًا:
N. Sinai, “Towards a Redactional History of the Medinan Qur’an: A Case Study of Sūrat al- Nisāʾ (Q 4) and Sūrat al-Māʾidah (Q 5),”
وهي دراسة قيد النشر ضمن كتاب من تحرير ماريانا كلار يصدر عن دار نشر روتليدج.
[الكتاب الذي يشير إليه سيناي نُشر بالفعل في عام 2021، بعنوان: Structural Dividers in the Qur'an، وتأتي دراسة سيناي المشار إليها في القسم الثالث من الكتاب وعنوانه: The Question of Composite Surahs، ودراسته هي الأخيرة في الكتاب. (قسم الترجمات)].
[60] مثل قراءة (أَرْشِدْنَا) بدلًا من (اهْدِنَا) في الآية السادسة من سورة الفاتحة، أو (مِثْقَالَ نَمْلَةٍ) بدلًا من (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) في الآية الأربعين من سورة النساء، وكلتا القراءتين في مصحف ابن مسعود كما قيل (Jeffery, Materials, 25, 36).
[61] بالطبع تذرُّع هلالي بـ«الصيغ القرآنية» يقرّ بدور أساسي لقضية الاستيعاب المشار إليها من قبل في ظهور عدد من الإضافات على الأقل في طرس صنعاء، لكن اختيارها للكلمات يوحي بأن نظرتها لهذا الاستيعاب تختلف عن نظرة صادقي فتراه فعلًا واعيًا مقصودًا من النُّسّاخ بصورة أكبر نوعًا ما مما يراه صادقي.
[62] قارن ما جاء في دراسة صادقي وجودارزي، ص55 (الورقة 5ب، السطر: 22).
[63] ثمة موضع ثالث وردت فيه عبارة: {فِي سَبِيلِهِ} لكن هذه المرة مع الفعل (قاتَل) لا (جاهَد)، وذلك في الآية الرابعة من سورة الصف.
[64] يُنظر:
A. G. Bannister, An OralFormulaic Study of the Qur’an (Lanham, MD: Lexington Books, 2014).
[65] لإيراد مثال آخر مما ورد في تصنيف أسماء هلالي للاختلافات يسفر عن تقييم غير باتّ، تأمّل معي في الآية التسعين من سورة البقرة حيث جاء في الطبقة السفلية من الطرس قوله: {بَغْيًا وَعُدْوَانًا} في حين اشتملت النسخة القياسية من القرآن على لفظة {بَغْيًا} فقط (هلالي، ص46، ويُنظر دراسة صادقي وجودارزي، ص41، الورقة الثانية وجه، السطر الحادي عشر). وربما كانت عبارة الطرس ناجمة عن استيعاب للنظير في الآية التسعين من سورة البقرة، والآية التسعين من سورة يونس: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا}. ومع ذلك وردت كلمة (بغيًا) وحدها في مواضع خمسة دون أن تأتي معها كلمة (عدوان)، ومنها الآية التاسعة عشرة في سورة آل عمران، وهي قريبة من الفعل (كفر) كما في الآية التسعين من سورة البقرة. وجلي هناك كذلك أن التطور النصِّي ربما يكون قد وقع في أيٍّ من الاتجاهين، وأن الاستيعاب غير المقصود من الممكن أن يكون قد أسفر عن وقوع سقط لا زيادة.
[66] يُنظر دراسة صادقي وجودارزي، ص53 (الورقة 5-أ، السطران الأول والثاني).
[67] Sadehi and Bergmann, “Codex of a Companion,” 388.
[68] هناك مبادرتان حديثتان تهدفان إلى إعادة جمع المصاحف المفرقة بطريقة رقمية: الأولى هي المصحف الرقمي لمكتبة بودلي، ويرجع الفضل فيها لكيث صمول (Keith Small) وألاسدير واتسون (Alasdair Watson)، على الرابط الآتي: (http://digitalmushaf.bodleian.ox.ac.uk/)
أمّا المبادرة الثانية فهي مشروع Paleocoran بدعم من كوليدج دو فرانس وأكاديمية برلين- براندنبرج للعلوم (والباحثان الرئيسان في هذا المشروع هما فرنسوا ديروش ومايكل ماركس) على الرابط الآتي: https://paleocoran.eu/. وتاريخ زيارة الموقعين: 22 سبتمبر 2018.
(https://paleocoran.eu/), supported by the Collège de France and the Berlin-Brandenburg Academy of Sciences and Humanities (the lead investigators being François Déroche and Michael Marx). Both were accessed on September
22, 2018.
[69] يُنظر:
A. Fedeli, “The Provenance of the Manuscript Mingana Islamic Arabic 1572: Dispersed Folios from a Few Qurʾānic Quires,” Manuscripta Orientalia 17.1 (2011): 45–56
ويُنظر أيضًا الرابط الآتي (وتاريخ زيارته 22 سبتمبر 2018):
iqsaweb.wordpress. com/2013/03/18/qmmc
فضلًا عن دراسة ياسين دتون بعنوان: “Two ‘Ḥijāzī’ Fragments.”.
[70] يُنظر دراسة أسماء هلالي، ص39 وفيها: «ترك الناسخ الأخطاء كما هي، مما يوحي بأن الكتابة لم يكن القصد منها تداولها وإنما تُحْفَظ لغرض التعلُّم من الأخطاء، وهو تدريب يُحتمَل أن يعود لسياق تعليمي». وتزعم هلالي في أحد المواضع أن النصّ السفلي «يبدو مكتوبًا بغرض محوه فيما بعد» (ص: 7).
[71] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 7 أجزاء (المدينة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1426)، ج2، ص508: «النوع الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والعشرون: معرفة المتواتر والمشهور والآحاد والشاذ والموضوع والمدرج».
[72] يمكن الاطلاع على معالجة تفصيلية لفواصل السور والآيات المشتملة على إعادة تصوير لها في دراسة هلالي، ص40- 44.
[73] يُنظر:
Puin, “Früher Koranpalimpsest,” 272; Sadeghi and Goudarzi, “Ṣanʿāʾ 1,” 53.
وطريقة رسم الكلمة بلا نقط في بداية السطر 9 (لاٮڡل) والتي قرأتها هلالي على أنها (لا تقل) تراها إليزابيث بوين على أنها الجزء الأخير من كلمة الأنفال التي أتت في عبارة الختام: «هذه خاتمة سورة الأنفال» التي تبدأ في السطر الثامن ثم تليها البسملة المختصرة (بسم الله). ولذا فلا ترى إليزابيث بوين وجود توجيه هنا لإسقاط البسملة. أمّا صادقي وجودارزي فقد اتخذَا موقفًا وسطًا؛ فيتفقان مع بوين في اشتمال السطر الثامن على عبارة خُتمت بها السورة تصل إلى السطر التاسع، لكن يتفقان كذلك مع هلالي في وجود توجيه بإسقاط البسملة. وعلى وجه التحديد، يتبنّون وقوع الناسخ في خطأ حذف المتكرر عند كتابة (لاٮڡل)، بمعنى أن هناك (لاٮڡل) ناقصة.
[74] تتحدث هلالي في مرة من المرات عن توجيهات القراءة بلفظ الجمع (ص19) لكن يبدو لي هذا سَبْق قلم.
[75] يُنظر ما مَرّ معنا. بالطبع أعيد بناء هذين المصحفين من مجموعات متفرّقة من الورقات لكن هلالي لا تشير إلى تشكّكها في سلامة هذا الإجراء العام لإعادة بناء المخطوطات أو المعايير التي يعتمد عليها هذا الإجراء عادة.
[76] لا أستبعد إمكانية أن تسفر المقارنة مع المصاحف الأخرى المبكّرة عن اختلاف جذري بين ما نراه في الطرس وما هو موجود في المصاحف المبكّرة، لكن يبقى من الضروري إجراء مثل هذه الدراسة التحليلية المقارنة أولًا.
[77] يُنظر ما مَرّ معنا في الحاشية 56، [رقم الحاشية في هذه النسخة: 73].).
[78] يُنظر على سبيل المثال خاتمة سورة الأنفال في مخطوطة مكتبة برلين الحكومية بوسم (Wetzstein II 1913، ويتاح مصورة ونقل صوتي للكلمات على الرابط الآتي:
https://corpuscoranicum.de/handschriften/index/sure/8/vers/1/handschrift/163
(تاريخ الزيارة 23 سبتمبر 2018)، وفاتحة سورة طه في مخطوطة المكتبة البريطانية (Or. 2165)، (دراسة ديروش ونوزاده، لمخطوطة رقمOr. 2165، ص210- 211، ظهر الورقة 50). وربما يقول مَن يدافع عن فرضية هلالي أن الإشكالية الناجمة عن توجيه القراءة (في وجه الورقة الخامسة) والأمر بعدم التلفظ بالبسملة تكمن في أنها تستدرك البسملة الواردة في السطر السابق. لكن ألا يكون هذا غريبًا على مصحف قرآني معدّ ليكون نسخة مكتملة قاطعة أن يدخل في هذا النوع من التصويب الذاتي الصريح؟ ومع ذلك، هناك تصور آخر ممكن بنفس القدر يتمثّل في أن ما نراه في وجه الورقة الخامسة ما هو إلا محاولة للوصول إلى حلّ وسط للخلاف في وجود البسملة في مطلع سورة التوبة: فالعبارة مكتوبة كما هو المعتاد في مطلع كلّ سورة، لكنّ ثمة توجيهًا للقارئ بألا يتلفظ بها. ولذا نحن أمام ظاهرة تشبه التمييز بين الكاتب والقارئ على نحو ما هو متعارف عليه في مخطوطات الكتاب المقدس العبراني.
[79] أشار فرنسوا ديروش إلى رداءة جودة الرق المستخدم في طرس صنعاء في كتابه: مصاحف الأمويين، ص49 في الأصل الإنجليزي.
[80] ولهذا السبب نجدها تقول في موضع آخر: «يبدو أن النصّ السفلي قد كُتب بنية أن يُمحى فيما بعد» (ص7). وفي الحقيقة فإن مردّ هذا الأمر من وجهة نظري أن القول بهذه النية المقرّرة سلفًا لإعادة استخدام الرق تساعد هلالي في دفع الاعتراض الذي ينظر إلى تكلفة الرق؛ ولذا نجد أنفسنا أمام موقف ناجم عن مقتضيات نظريتها المختارة حول طبيعة طرس صنعاء.
[81] يرى صادقي وجودارزي في دراستهما لطرس صنعاء (ص11، حاشية 21) أن الورقات لها نفس الحجم تقريبًا وأن «استخدام نفس علامات التعشير الملونة والدقيقة يتجلى في المصحف العلوي»، كما أن ما أُطلق عليه عنصر التعديل السفلي الذي نجده في مخطوطة دار المخطوطات (01- 27.1) حاضر كذلك في ورقتين من الورقات الأربع (ستانفورد 2007، وديفيد 86/ 2003). وتقرّ هلالي بالاعتبار الأول، بيدَ أنها تراها أقل أهمية مما تبدو عليه للوهلة الأولى؛ نظرًا للتلف الذي أصاب الكثير من ورقات مخطوط دار المخطوطات (وهو منطق في الاستدلال لا أحبذه)؛ كما تَعِد هلالي بتناول الاعتبارين الثاني والثالث في وقت لاحق (ص33، الحاشية 8). ومع ذلك فإن الأجزاء اللاحقة التي تحيل القارئ عليها توضح أن علامات التعشير وردت غير متسقة بطريقة لا تتفق مع أيٍّ من أنظمة عدّ الآيات المعهودة (ص78- 79). ومع ذلك فإن الأمر الذي يعنينا في هذا السياق تحديدًا أن مخطوطة دار المخطوطات (01- 27.1)، وكذلك الورقات الأربع التي تناولها صادقي وجودارزي بالدراسة تشترك في نفس علامات التعشير الملونة أو تستخدم علامات متقاربة جدًّا، بقطع النظر عن ورودها بشكل متّسق من عدمه. ويصدق الأمر ذاته، مع تغيير ما يلزم، على عنصر التعديل السفلي. على أيّة حال؛ نظرًا لأن هلالي لم تدرس الورقات الأربع المفردة، فلم تستطع تقييم مدى وجود علامات التعشير وعنصر التعديل السفلي المستخدمة في مخطوطة دار المخطوطات (01- 27.1) في أيٍّ من هذه الورقات المفردة أو في جميعها على نحو ما ذهب إليه صادقي وجودارزي.
[82] جاء في دراسة هلالي (ص32): «لا يسعى عملي هذا إلى التحقّق من كون الورقات التي أضافها صادقي وجودارزي إلى المخطوطة (01.- 27.1) هي بالفعل جزء من المخطوطة ذاتها» وتضيف (ص33): «ولستُ أقطع بقولٍ إيجابًا أو سلبًا في أنّ هذه المخطوطة [التي عُثر عليها في المكتبة الشرقية وقيل إنها تنتمي لنفس مخطوطة دار المخطوطات (01.- 27.1)] هي متمّمة لمجموع الورقات كما ألمح إلى ذلك ديروش» (ص33). ولمزيد من المعلومات حول مجموعة الورقات الأخيرة، يُنظر الحاشية رقم 11 من البحث الذي بين أيدينا، [رقم الحاشية في هذه النسخة: 18]).
[83] تحديدًا في الورقات (4ب، 19ب، 26ب، 32أ) بحسب طريقة العدّ والترقيم (يمكن الرجوع إلى استعراض عام لها في دراسة صادقي وجودارزي، ص37- 39). وللوقوف على فواصل السور في النصّ العلوي، يُنظر دراسة أسماء هلالي، ص75- 76.
[84] يُنظر دراسة صادقي وجودارزي، ص53- 63. ومن بين الورقات المعنية هنا التي بلغ عددها أربع ورقات ونصف، تدرس هلالي ورقة ونصف فقط.
[85] لذا فإن وجه الورقة السادسة يتمم ظهر الورقة الخامسة، كما أن وجه الورقة الحادية عشرة يلي ظهر الورقة العاشرة (دراسة هلالي، ص106، 116). وبحسب صادقي وجودارزي اللذَين درسَا عددًا أكبر من الورقات، هناك حالات أخرى لتتابع الورقات (ظَهْر الورقة الرابعة ووَجْه الخامسة، وظَهْر الحادية والعشرين ووَجْه الثانية والعشرين، وظهر الثانية والعشرين ووجه الثالثة والعشرين، وظهر الرابعة والثلاثين ووجه الخامسة والثلاثين، وهذه الأرقام المذكورة هنا بحسب طريقة صادقي وجودارزي في العدّ).
[86] بحسب ما أوردته هلالي في دراستها (ص78) فإنّ بعض علامات التعشير وكذلك العلامات التي توضع عند كلّ خمسين آية، وعادة ما تكون ملونة؛ قد ظهرت هنا دون لون.
مواد تهمك
- هل تأخّر ترتيب القرآن لما بعد عهد النبوّة؟ أدلة جديدة على وحدة مصدر ترتيب القرآن وفرضية جديدة حول تدوين القرآن
- القصة النبوية في القرآن؛ نظرات في القصة والأحداث واللغة، قصة يوسف أنموذجًا
- موازنة بين مصحف عثمان وإحدى مخطوطات صنعاء (طرس صنعاء 1)؛ نظرات حول تاريخ تدوين القرآن
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ تفسير الآية 69 من سورة الأحزاب
- مخطوطات المصاحف بين التناول الإسلامي والاستشراقي؛ الواقع - الإشكالات – الآفاق (1-2)
- دراسات التفسير الغربية ومعضلة المعيارية