الآية 24 من سورة النساء
قراءة في تفسير الآية مع تقديم تفسير جديد

المترجم : طارق عثمان
يكثُر في الآونة الأخيرة طرح بعض الدارسين الغربيين لتفسيرات جديدة حول بعض الآيات القرآنية، في هذه الورقة يقدم ويتزتم قراءة في التفسيرات القديمة للآية 24 من سورة النساء، ثم يقدّم تفسيرًا خاصًّا في ضوء تقييمه لهذه التفسيرات ورؤيته لدلالات مفردات الآية.

  ينصبّ معظم الاهتمام الاستشراقي سواء الكلاسيكي أو المعاصر بالقرآن الكريم، على مساحتي التاريخ والبنية، حيث يتركّز الاهتمام بتاريخ النصّ القرآني؛ سواء سياقه التاريخي، أي البحث في علاقة القرآن بالكتب والمدوّنات الدينية السابقة، أو سياق تشكّله ككتاب ذي سُلطة، حيث يتم الاهتمام بتاريخ تدوين وجمع وتحرير النصّ وإعلان نُسخة قياسية ذات سُلطة منه، كما يتم الاهتمام بالبنية الأدبية للنصّ وهو الاهتمام الذي شهد تناميًا منذ سبعينيات القرن الماضي، وتظلّ مساحة معنى النصّ من المساحات التي يقلّ التعاطي معها من قِبَل الدراسات الغربية، سواء في دراستها للنصّ أو في دراستها للتفسير.

إلا أنّ هذا لا يعني الغياب التام لهذا الاهتمام، حيث نجد لدى بعض الدارِسين الغربيّين اهتمامًا بالاشتباك التفسيري مع بعض دلالات ومعاني الآيات القرآنية، وهو ما يتم من خلال استخدام مقاربات ومناهج مختلفة، ولعلّ من الأسماء التي تبرز اهتمامًا بهذا النمط من الاشتغال هو جوزيف ويتزتم الذي تبرز له دراسات حول معاني بعض الآيات القرآنية ومحاولة تقديم تفسيرات لها في سياق الجدل مع التفسيرات الإسلامية السابقة ومع الرؤى الغربية لهذه التفسيرات كذلك.

في هذه الدراسة يقدّم ويتزتم قراءة في تفسير وتأويل الآية 24 من سورة النساء ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[النساء: 24]، تقوم هذه القراءة على استشكال المعنى الذي طرحه معظم المفسِّرين لهذه الآية، وتقديم تفسير مغاير يحقّق -من وجهة نظر ويتزتم- اتساقًا أكبر لدلالة المحصنات في هذه الآية مع بقية ورودها داخل القرآن.

وليس المهم بطبيعة الحال هو النتائج التي يصل إليها ويتزتم في اشتغاله، بل المهم هو إلقاء الضوء على أحد مساحات الاهتمام الآخذة في التنامي في ساحة الدراسات الغربية حول القرآن الكريم وعلومه والمشتغلة بالتفسير وإنتاج المعنى، والتبصير بها كي تكون ساحة للتقويم والمساءَلة المنهجية في واقع الدّرس العربي، وغير ذلك مما يسهم في تثوير التثاقف العربي مع أمثال هذه الأطروحات الغربية والذي هو الغرض المركزي من وراء طرح وتقديم هذه الترجمات.

المؤلف

جوزيف ويتزتم - Joseph Witztum

حاصل على الدكتوراه من جامعة برنستون، وهو محاضِر في قسم اللغة العربية وآدابها بكلية العلوم الإنسانية بالجامعة العبرية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))