مخطوطات القرآن في الدراسات الغربية المعاصرة
مدخل تعريفي

يُعَدّ الاهتمام بمخطوطات القرآن الكريم أحد مشاغل البحث المركزية في الدّرْس الغربي للقرآن؛ لذا عَقد قسم الترجمات بالموقع ملفًّا بحثيًّا حول مخطوطات القرآن في الدراسات الغربية، هذا المقال هو مدخل تعريفي بهذا الملف وأهم المواد المترجَمة ضمنه والسياسات المتّبَعة في ترجمته ونشره.

  يُعَدّ النظر والبحث في تاريخ القرآن الكريم من الأمور بالِغة المركزية في الاشتغال الغربي بالدراسات القرآنية ومنذ بداية هذا الاشتغال وتبلوره، ويقع في القلب من هذا البحث: الاهتمام بأمر المخطوطات القرآنية، فقد لقي المخطوط القرآني اهتمامًا كبيرًا منذ منجانا وشبيتلر وبرجستراسر، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة ومع صعود الفرضيات التنقيحية التي تشكّك في السّرْدية التاريخية الإسلامية حول تاريخ القرآن وتاريخ الإسلام المبكّر، وازدياد اللّجوء للأدلة المادية -خصوصًا مع اكتشاف مخطوطات صنعاء- في محاولة بناء سردية أخرى بديلة؛ ازداد الاهتمام الغربي بالمخطوط القرآني بصورة كبيرة، وذلك في سياق محاولة منه لكتابة تاريخ القرآن عبر بناء توثيق نقدي للنصّ.

ونحن في هذا الملف سنحاول إلقاء الضوء على الاهتمام الغربي المعاصر بالمخطوطات القرآنية، خصوصًا مخطوطات صنعاء، وكيفية التعامل معها ضمن هذا الدّرْس في محاولة بناء تاريخ القرآن، والرؤى المتعدّدة والمتنوّعة التي يشهدها التعامل مع هذه المخطوطات.

لذا قمنا في هذا الملف بترجمة أربعة مواد مهمّة حول مخطوطات القرآن، الورقة الأولى: (طرس صنعاء 1) لجودارزي وبيرجمان، والثانية: (خواصّ الرسم المشتركة في مخطوطات المصاحف المُبكِّرة، برهانٌ على أصل عثماني مكتوب) لفان بوتين، والثالثة: (مصاحف الأمصار، قراءة في المصاحف المُنتَسَخة في صدر الإسلام) لمايكل كوك، والرابعة: (موازنة بين مصحف عثمان وإحدى مخطوطات صنعاء، نظرات حول تاريخ تدوين القرآن) لبيرجمان وصادقي، والمواد الأربعة تعدّ من أهم ما كُتِب في هذا السياق، حيث تقدّم دراسة مفصّلة لطرس صنعاء ومقارنة بينه وبين المصحف العثماني، وكذلك مقارنة بين مصاحف الأمصار المنتسَخَة في صدر الإسلام لمحاولة فهم تاريخ النصّ، وتصل هذه المواد في الجملة لنتائج تقترب من السردية الإسلامية التقليدية، وتضع المحاولات المتعسّفة لرفض هذه السردية والشكّ في موثوقيتها موضع نقد شديد، مما يجعل من ترجمة هذه المواد للعربية إفادة كبيرة للباحثين في حُسْن تصوّر وضع مناقشة هذه المخطوطات في الدراسات القرآنية الغربية المعاصرة والتغيّر الذي شهدته كثير من التصوّرات حول تاريخ القرآن نتيجة التطوّرات المنهجية في دراسة مخطوطات القرآن الكريم.

كذلك قُمْنَا بضمّ بعض المواد التي نُشِرَتْ سابقًا على القسم مما له صلة بموضوع الملف، وجعلناها ضمن مواد هذا الملف، كما حرصنا على إعادة نشر هذه المواد مرّة أخرى؛ لما لبعضها من فائدة في سياق الغرض الذي قام عليه هذا الملف أو في سياق القضية الأشمل المتعلّقة بتاريخ القرآن، وهذه المواد هي: (بعض الملاحظات على أقدم مخطوط للقرآن في المكتبة البريطانية) لياسين دتون، (ضبط الكتابة، حول بعض خصائص المخطوطات الأُموية) لفرنسوا ديروش، وكذلك (متى أصبح القرآن نصًّا مغلقًا؟) لنيكولاي سيناي، و(جمع القرآن، إعادة تقييم القاربات الغربية في ضوء التطوّرات المنهجية الحديثة) لهارالد موتسكي.

ونحن نأمل من خلال هذه الترجمات تقديم فهم أشمل للرؤى الغربية المعاصرة لتاريخ القرآن الكريم وللمنهجيات المتنامية في التعامل مع مخطوطات القرآن، وحفز الواقع البحثي نحو الاشتباك مع ذلك والتعاطي معه، وهذه الترجمات قائمة على التنويع نفسِه المقرَّر والمذكور في دليل سياسات قسم الترجمات[1]؛ حيث راعينا انتماء المواد المترجمة إلى تقاليد استشراقية متنوّعة: إنجليزية، وفرنسية، وألمانية، كما راعينا أن تكون متنوّعة من حيث منطلقات وخلفيات كُتّابها.

ونحن نجري هنا في نشر المواد قيد هذا الملف على القواعد نفسِها التي أرسيناها قَبْلُ في سياسات القِسْم؛ حيث نقدِّم كلَّ ترجمة بمقدّمة توضّح أهمية المادة، وتُلْقِي ضوءًا على فكرتها المركزية، ونضمّنها حواشي مُعرِّفة بالأعلام والمذاهب والكُتُب الواردة في النصوص، وخصوصًا ذات الصِّلة بالقرآن الكريم وعلومه، كما سيجد قارئنا الكريم عددًا من التعليقات التوضيحية والنقدية لبعض الآراء التي وجدنا فيها إغراقًا في البُعد عن العِلْمِيّة.

 


[1] يراجَع على القسم هنا مقالة: «قسم الترجمات؛ الدوافع، الأهداف، الآليات، الإشكالات»، على هذا الرابط: tafsir.net/translation/3.

المؤلف

إعداد/ قسم الترجمات بموقع تفسير

مسئولو قسم الترجمات بموقع مركز تفسير للدراسات القرآنية

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))