بيان المعنى في المنهج الظاهري في قراءة القرآن

المترجم : مصطفى هندي
في هذه المادة يهتم ماسيمو كامبانيني بتسليط الضوء على فكرة البيان القرآني ودور هذا المفهوم في بناء «تأويلية ظاهراتية» لا تقف عند المعنى الحرفي للنصّ بل تحاول الإنصات للمعنى القرآني القائم داخل علاقات النصّ.

  تنقسم الدراسات الاستشراقية للنصّ القرآني وتاريخه، ما بين دراسات قرآنية تهتم بالنصّ وتاريخه وتركيبه بالأساس، وبين دراسات تهتم بالتفسير؛ تاريخه وتحقيبه ومنهجياته، وهذا التقسيم يجد أحد أسبابه في كون المعنى القرآني ليس من الإشكالات الرئيسة التي يهتم لها الدّرْس الاستشراقي في تعامله مع النصّ؛ لذا لا يحضر التفسير في هذه الدراسات إلا بغية الدراسة الخارجية وقلّما يتم الاستفادة منه في تقديم مقاربات لاستكشاف المعنى القرآني.

يمثّل اشتغال ماسيمو كامبانيني اشتغالًا مختلفًا ضمن هذا السياق، حيث يبرز اهتمامه بقضية المعنى القرآني، وحيث تختلف -وفقًا لهذا- مقاربته للتفاسير، أو للمحاولات التفسيرية في التراث والقراءات المعاصرة للقرآن، ففي إطار بلورة ما يسميه بـ«الفلسفية القرآنية» كمقاربة في استكشاف المعنى القرآني، يستحضر بعض المحاولات التفسيرية التراثية في كتابات الفلاسفة والعلماء، خصوصًا ابن رشد والغزالي وابن حزم؛ ليعيد بناءها للاستفادة منها ضمن مقاربته الخاصّة.

في هذه الورقة يحاول كامبانيني بالأساس استعادة المنهج الظاهري في قراءة القرآن والذي تبلور مع ابن حزم الأندلسي ليربطها بالاشتغال الظاهراتي المعاصر من هوسرل وإلى هايدجر وغادامير على مفهوم الحقيقة وصِلته بالنصوص، فيستعين بمفهوم الكشف في الفلسفة المعاصرة مع هايدجر وغادامير الذين نظروا للحقيقة كـ(أليثيا) أو تحجُّب ينكشف، كي يقدّم فهمًا خاصًّا لمفهوم (البيان القرآني)، ودور هذا المفهوم في بناء «تأويلية ظاهراتية» لا تعني الوقوف عند المعنى الحرفي للنصّ بل تستطيع الإنصات للمعنى القرآني القائم داخل علاقات النصّ الذي يحمل قدرة تفسيرية ذاتية من حيث كونه بيانًا، ومن ثم تستطيع السماح لهذا المعنى بالانكشاف والحضور إلى الوجود بلغة الفلسفة المعاصرة، مما يؤدّي -وفقًا له- للخروج من القراءة الحرفية للنصّ القرآني من جهة والقراءة الإسقاطية له من جهة أخرى.

يمثّل اشتغال كامبانيني اشتغالًا خاصًّا على ساحة الدرس الاستشراقي بولوجه مساحة المعنى التي لا تشغل معظم الدارِسين الغربيّين، وكذلك يمثّل استكشافًا لبعض المساحات التأويلية غير الملتفت لها في التراث التفسيري من وجهة مختلفة عن الدراسة الغربية المعتادة للتفسير، مما يجعل من المهم للقارئ العربي الاطّلاع على نتاجه.

المؤلف

ماسيمو كامبانيني - Massimo Campanini

مؤرخ إيطالي تتركّز اهتماماته في تاريخ الشرق وخصوصًا الإسلام، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة فيتا سالوت سان رافاييل إلى عام 2013، وأستاذ مشارك في تاريخ الدول الإسلامية بجامعة ترنتو إلى عام 2016، تتركّز اهتماماته في الدراسات القرآنية والتصوف والفلسفة الإسلاميَّيْن.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))