سلسلة التفسير الفلسفي للقرآن (3)
«التفسير الفلسفي» لنصّ القرآن عند المرزوقي
الدلالة والمفهوم
مقدمة:
نبحث في المقالة الثالثة من سلسلة المقالات المتتالية، المتعلقة بـ«التفسير الفلسفي المعاصر» لأبي يعرب المرزوقي، مقومات بناء التعريف الذي يعطيه المتن اليعربي لماهية «التفسير الفلسفي المعاصر»، الذي ارتضاه منظورًا للنظر في نصّ القرآن تفسيرًا، على اعتبار أن مناهج التفسير تختلف، واختلافها يتأسس أول ما يتأسس عليه مقومات بناء التعريف بمختلف أضربه؛ سواء كان بـ«المثال»، أو «التقسيم»، أو بـ«التحديد المنطقي» القائم على ناظمي «الجامعية» و«المانعية»، فضلًا عن أن إدراك الشيء فرع عن تصوره؛ ليتحدد بعد ذلك الوصف الكلي الذي ينبني عليه «التفسير الفلسفي» لأبي يعرب المرزوقي، وهو «المعاصر».
يقول أبو يعرب المرزوقي: «تفسير القرآن الكريم تفسيرًا فلسفيًّا يعني بالمعنى العميق للكلمة؛ أن لا تكون مضامين أحد عصور الفكر الفلسفي أمرًا يعتبر حقيقة تطلب في النصّ القرآني الذي يعدّ ظاهرًا منها. فحقيقة النصّ القرآني ينبغي أن تكون أمرًا مطلوبًا وغير معلوم قبل عملية التفسير، وعلمها متجدّد أكثر من ديمومة تجدّد علم الكون»[1].
ينطلق في الغالب كلّ تفسير جديد أو معاصر لنصّ القرآن من ناظم أو محدد منهجي كلي عام مفاده: تجاوز مطلق الأعطاب والآفات المنهجية والمعرفية التي وقعت في شراكها تفاسير وقراءات القرآن في عموم أزمنة التأويل السابقة في تاريخ الفكر والتفاعل[2] الإسلامي والإنساني[3]. وفي مقابل التجاوز الكلي أو الجزئي، تقدّم اجتهادًا تفسيريًّا بديلًا، بقدر تجرّده عنها، يقوم على مراعاة خصوصية ماهية إنية النص المقروء-القرآن، وتقدّم بالتبع إجابات شافية كافية لمجمل الإشكالات والمشكلات المعضلة، التي يتخبط فيها الوجود والفكر الإسلامي تحديدًا وما أكثرها وأعوصها[4]! ويعدّ هذا التحديد المنهجي أهمّ أسس منظور التفسير الفلسفي المعاصر الذي يجترحه أبو يعرب المرزوقي، وسنجتهد في سبيل عرض مقومات التعريف به بناءً على ما يأتي:
يؤكد أبو يعرب المرزوقي بداية أن مفهوم «التفسير الفلسفي» تنظيرًا وتنزيلًا، قد تأخّر ظهوره في تاريخ الفكر الإسلامي، إن لم يكن منعدم الوجود أصلًا، حتى في متون الاجتهادات التي نسبت إلى مجال الفلسفة؛ بالنظر إلى أنها كانت أقرب إلى نقل المنظور الفلسفي اليوناني منها إلى تأصيل منظور فلسفي قرآني موضوعي[5]. ومجمل المنقول الفلسفي الموظّف، والذي تمّ استنباته بطرق شتى كان عبارة عن مضامين فلسفية ميّتة، ورغم ذلك فسّر بها نص القرآن غصبًا[6]. فضلًا عن أن التفسير المسمى فلسفيًّا، كان يوغل في التمسك بـ«باطن النصّ القرآني»، زاعمًا أنه يحتوي حقيقة باطنية معلومة، هي الحقيقة المزعومة لدى متّبعيه، والتي قد أحْكم بناؤها خارج المدارات الدلالية للنصوص القرآنية، فأدى الأمر بأصحابها إلى إقحامها فيها ونسبتها إلى آفاقها العالية بأساليب شتى، أقرب إلى «التأويل التّعسفي التقويلي» منها إلى التّجرد الموضوعي[7]؛ لذلك فإن أي تفسير تحت أي تسمية قُدّم، سلك مسلك فرض مضامين خارجية عن القرآن ونسقه ورؤيته، سواء كانت سابقة أو لاحقة =لا يسمّى تفسيرًا[8]، وبالأحرى أن يسمى تفسيرًا فلسفيًّا، ما دام أنه قد أهمل البحث والتقصّي في روح ونَفَس نصّ القرآن.
إنّ التفسير لا يكون حقيقة فلسفيًّا من منظور أبي يعرب المرزوقي إلا من خلال تمسكه بهدي القواعد الناظمة العامة الآتية:
1. الطرح والجواب الجذري الإبداعي الكلي؛ بحيث إذا كان المنظور الفلسفي التأسيسي يقوم أساسًا على ناظم أو محدد الإبداع، فإنه لا طرح ولا جواب فلسفي نسقي مأصول بدون إبداع يعانق ويشرئب نحو أفق مبين كلي عام. والأسئلة والأجوبة الجذرية الجريئة لا تكفي ما لم تستند إلى رؤية تحدد المسار والوجهة أو الغاية والأفق معًا، وتكون عبارة عن قوانين كلية أو عامة[9]. وقد ثبت تاريخيًّا أن الأمم لا تبدع بدون ذلك إطلاقًا؛ لذا فإن التفسير الفلسفي المعاصر الذي يجتهد في سبيله أبو يعرب المرزوقي يتأسس جوهريًّا على هذه القاعدة. والإبداع التفسيري الفلسفي لنصّ القرآن لا يكون بـ«التوفيق» ولا بـ«التلفيق»، مثل نهج الشطحات الصوفية والتحليلات الباطنية والسحريات الهرمسية، فضلًا عن تفسيرات المولعين بـ«الإعجاز العلمي» وغيرهم[10]، بل إن أساسه قائم على إدراك روح الفعل الإبداعي منهجيًّا ومعرفيًّا، وليس مجرد نقل المفعولات التاريخية أو السياقية، وعزوها زورًا إلى ساحة دلالات نصوص القرآن بمختلف الوسائل الممكنة، فيكون بذلك المنهج التفسيري الفلسفي تقنيًّا، ليكون مفعوله تقنيًّا أيضًا على أحسن وجوهه الممكنة. وبالتبع، فإن معياره الحذق المنهجي التقني، دون أي شيء آخر[11].
2.ضبط المعنى النصّي القرآني خاضع لمنهج التجرد أو الموضوعية؛ بحيث إذا كان الخلل المنهجي الذي تتخبط فيه التفاسير الفلسفية القديمة والحديثة على حدّ سواء، هو أنها فرضت على النصّ القرآني مضمونًا فلسفيًّا أحكم بناؤه خارجه، وألجأته إلى الإقرار به بطرق وأساليب تعسفية تقويلية شتّى، إلى أن أصبح النصّ القرآني فاقدًا لسيادته أو معياريته المجردة المتعالية[12]؛ فإن التفسير الفلسفي الحقّ -كما ينص أبو يعرب المرزوقي- هو الساعي دومًا إلى ضبط معاني النصوص القرآنية بعيدًا عن قوانين التغالب القائمة على الدفاع عن مذهب أو فكرة من خلال شرعنتها بالنصّ القرآني بكلّ الوسائل المتاحة. فيكون الهَمّ أو الاجتهاد التفسيري بالتبع ليس هو طلب الحقيقة في تجرّدها، بل يكون في سبيل تأييد معتقدات أو تصورات متحيزة سابقة عن العملية التفسيرية ذاتها[13]؛ سواء وعى بها المفسر أو لم يعِ، ما دامت أنها قد أثّرت من خلال استعمال النصّ استعمالًا مذهبيًّا؛ لتسويغ دلالة أو حكمٍ قبليٍّ، تارة من خلال الزعم بأن هذا معنى «باطن» النصّ، وهذا معنى «ظاهره»، وتارة ثانية من خلال الزعم بأن هذا معنى «محكم» النصّ، وهذا معنى «متشابه» النصّ، وتارة ثالثة من خلال الزعم بأن هذا معنى «ناسخ» النصّ، وهذا معنى «منسوخ» النصّ، وما إلى ذلك من التخريجات التحكمية أو التقويلات المنهجية التاريخية[14].
3.ضبط المعنى النصي القرآني خاضع لمبدأ التناسق تكاملًا؛ بحيث إذا كان أصل وضع التفسير ليس هو تسطير معاني نصوص القرآن تناثرًا بشكل «ذري تجزيئي»، لا تخضع لأي ناظم أو محدد جامع توحيدًا؛ إذْ من شأن هذا المنهج أن يؤدي إلى تغييب المعنى الأمثل للنصّ المفسر، فضلًا عن كثرة التناقضات بين معاني نصوص القرآن، لذا فإن التفسير الفلسفي الذي يجترحه أبو يعرب المرزوقي، يقوم أساسًا على إدراك معاني النصوص في بعدها المتناسق توحيدًا تأسيسًا وسَرَيانًا وتنزيلًا[15]، تمهيدًا لفقه رؤية القرآن الكلية، والتي تنبني على أن معاني النصوص خاضعة دومًا لناظم النّسق المتوافق والمتكامل، الذي هو أشبه بالتتابع الطوعي السّلس، منه بالإقحام المضطرب المائع. إن التفسير عمومًا والفلسفي منه خصوصًا، ما لم يتوصل إلى نسق معاني نصوص القرآن الكلي ويحقق ذلك موضوعيًّا؛ تبقى كلّ الاجتهادات التفسيرية تَمتَح من هوامش النصّ المثقلة أصلًا بالتاريخانيات، ولا تستمد إطلاقًا مادتها المنهجية والمعرفية من روح ونَفَس نصّ القرآن. ومن أوجه النسق القرآني ما سماه أبو يعرب المرزوقي بـ«فلسفة القرآن»؛ سواء في علاقتها بالتاريخ بما بعده، أو في علاقة «فلسفة التاريخ» بـ«فلسفة الدين»، وهذه العلاقة منوط إدراك دورها بالإنسان ووجوده؛ من حيث العمل على صلة «القانون الطبيعي» بـ«القانون الخلقي» وجوديًّا، وبين «الدين» و«الدنيا» روحيًّا، وبين «الدين» و«السياسة» حضاريًّا[16]. وإدراك النسق القرآني بمختلف متجلياته يمهد بدوره إلى تأسيس ما سماه أبو يعرب المرزوقي بـ«أصول النظر والعقيدة»، و«أصول العمل والشريعة»[17]؛ لذلك، فإن التفسير الفلسفي المعاصر الذي يجتهد أبو يعرب المرزوقي في وضع لبناته الموضوعية وآفاقه المبينة، لا يتعامل مع نصوص القرآن معزولًا بعضها عن بعض وفق منهج «التفسير التجزيئي الذري»، بل يأخذها في كليتها؛ لاستخراج ما سماه بـ«إستراتيجية القرآن التوحيدية» و«منطق السياسة المحمدية»[18].
4. ضبط المعنى النصي القرآني خاضع لأفق البحث المفتوح؛ بحيث إذا كان القرآن يوصف بعدة أوصاف تعكس إنيته أو خصوصيته الذاتية، التي له باعتبار النزول الأول الأصلي، مثل: «العالمية» و«الإنسانية» و«الخاتمية» و«موافقة الفطرة» و«توافق نظام الأمر الشرعي» مع «نظام الخلق الكوني» ونحو ذلك؛ فإن المعنى القرآني من منظور أبي يعرب المرزوقي ليس من جنس معنى النص التاريخاني، سواء كان منزلًا في الأصل أو إنسانيًّا، بل هو منفتح طوعًا على مطلق الآفاق المستقبلية دومًا، بالنظر إلى ما يحمله من معنى «كثيف ثقيل»، فضلًا عن «معنى المعنى» إلى درجة التكوثر أو الكثرة الدلالية المنضبطة المحكومة بنسقه الكلي أو بنسق نصوصه الجزئي توقيفًا، فضلًا عن نَفَسه بنوعيه[19]. فالمعنى القرآني إذًا متجدد أكثر من تجدد علم الكون؛ ذلك أن آياته النصيّة تعدّ من الدرجة الثانية، في حين الآيات الكونية تعدّ من الدرجة الأولى على مستوى الترتيب، وإن كانتا في الأصل والحكم -الحقّ والحقيقة- سواء[20]. والقانون الحاكم والمهيمن على مطلق الاجتهادات التفسيرية فلسفية كانت أو غيرها؛ أنها لا تصل إطلاقًا حدّ أو درجة العلم العقلي النهائي المطلق المستنفذ لكلّ ما في النص القرآني المفسر، بل الكلّ «فرض مؤقت». فتكون بالتبع بعد ذلك، كلّ قراءة تفسيرية فلسفية أو غيرها، عبارة عن حدث جديد استئنافًا تكميلًا، أو قطيعة تجاوزية إبداعًا[21].
5. ضبط المعنى النصي القرآني محكوم بناظم العقلانية السويّة؛ بحيث إذا كان القرآن يأمر باستخدام النظر العقلي في مختلف ما يحيط بالإنسان من عوالم كبرى أو صغرى إلى درجة «الفرض العيني»، الذي لا يسقط أبدًا على مستوى «التكليف»، في سبيل بناء منهج نسقي فلسفي يعالج مختلف المسائل الموضوعة للنظر معرفيًّا وقيميًّا وعمليًّا ووجوديًّا[22]، فإن أبا يعرب المرزوقي ينصّ على أن القرآن يقدم كلّ ما من شأنه تأسيس منظور عقلي سويّ، لرصد المعنى النصي القرآني في مختلف متجلياته، وبمطلق نسَبه ومَراقيه. و«العقلانية السوية» التي في سبيلها يجتهد أبو يعرب المرزوقي؛ بوصفها منهجًا لـ«علم التدبر القرآني»[23]، لا تتمكن من ضبط المعنى النصي القرآني، إلا إذا كانت مسيّجة بالعلامات الارشادية الآتية، درءًا لأيّ تيهٍ أو فوضى أو اجتهاد عائم أو غائم:
أ. عقلانية ذات حدودٍ على مستوى موضوع النظر؛ بحيث إنّ العقلانية التي يتوسل بها لضبط المعنى القرآني نصيًّا كان أو اجتهاديًّا، ليست هي الموقف الذي يقول بإطلاق استخدام النظر العقلي في أي موضوع دون حدّ أو تحديد أصلًا وفصلًا. وبالتبع، فهي تتعلق حصرًا على مستوى التحديد الموضوعي، بوقائع «عالم الشهادة» وما ينبثق عنه من مواضيع النظر العقلي. أما وقائع «عالم الغيب» وما اتصل به، فهو محجوب، ما دام أنه يتجاوز «طور العقل»، ما لم يتحقق من وجود السند الموثوق المتعلق بدائرة النصّ الشرعي الصحيح الصريح[24].
ب.عقلانية ذات تحصيل نسبي؛ بحيث إن العقلانية التي تتناسب مع «الإسلام النصي» ومبادئه الأساسية؛ سواء بوصفها منهجًا أو مضمونًا، هي دومًا في مطلق ما تحققه نسبية، ذات غايات ذريعية بالمعنى الشرعي للكلمة، أي سدّ الحاجات دون زعم الإطلاق أو الاحاطة المطلقة. والقصد من ذلك كلّه عدم حصر حقائق الأشياء الموضوعية المطلقة في علم الإنسان الاجتهادي النّسبي، مع العلم أن كلّ موجود قابل للإدراك العقلي على وجه من الوجوه، وإلا وقع الاجتهاد العقلي في «الوهم الأكبر»، الذي يتأسس على حصر الوجود المطلق في الإدراك النسبي[25].
ج.عقلانية متعددة على مستوى المتجليات؛ بحيث إن العقلانية من حيث هي مناط التكليف الشرعي أمرٌ[26]، ليست قدرة معرفية فحسب، بل قدرة خُلقية أيضًا؛ بمعنى أنها يتجانس في أفقها ما هو من الجنس النظري وما هو من الجنس العملي معًا. فضلًا عن أنها يتوافق في نظامها ما هو من جنس الحقائق الفطرية وكذا الحقائق المكتسبة، إلا أنه على المستوى المنهجي يتقدم الأول على الثاني[27].
إنّ العقلانية التي يجتهد أبو يعرب المرزوقي في سبيل تأسيسها، تمهيدًا لضبط المعنى القرآني النصي أو الاجتهادي الموضوعي، تقتضي شروطًا نظرية وأخرى عملية؛ فأما الشروط النظرية فقد حصرها في ناظم «الاجتهاد» وما يتعلق به (مبدأ التواصي بالحق). وأما الشروط العملية فقد حصرها في ناظم «الجهاد» وما يتعلق به (مبدأ التواصي بالصبر)[28].
خاتمة
بناء على ما تقدم تلاحظ أن أبا يعرب المرزوقي اجتهد قدر الإمكان في سبيل تأسيس منظور إمكاني، يتم التوسل به لتفسير نصوص القرآن «تفسيرًا فلسفيًّا معاصرًا»، وفق المقوّمات المنهجية التي رآها خليقة بتحقيق ما ابتغى تحقيقه، بعيدًا عن معهود سائد «مأصول» التفسير التراثي الإسلامي، وكذا بعيدًا عن معهود سائد «منقول» الاجتهاد الحداثي الغربي. ويكتمل منهج النظر التفسيري الذي أسسه أبو يعرب المرزوقي عندما نتناول الضوابط المنهجية للتفسير الفلسفي المعاصر في المقالة الخامسة وما يليها. ويرتكز المنظور التفسيري اليعربي عمومًا على أن نصّ القرآن بحكم خصائصه النصيّة، نحو أنه خطاب إلى كلّ الجنس الإنساني؛ فإنه يفسر أو يقرأ في مختلف سياقات وأزمنة التأويل والتكليف الإنساني، وإلا لا معنى لتلك الخصائص.
الكلمات المفتاحية للمقالة
- مفهوم «التفاعل»، ويقصد به: كلّ ما تم استنباطه من نصّ القرآن تنصيصًا أو اجتهادًا في كلّ أزمنة التفسير الإنساني، منذ وفاة الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
- مفهوم «المقاصد العليا»، ويقصد بها: تلك المعاني المحورية أو الكلية التي تكاثرت معانيها في نصوص القرآن، بغضّ النظر عن تعلقها الموضوعي.
- مفهوم «التأويل التعسفي التّقويلي»، ويقصد به: أن ينسُب أو يلصق مؤول نصوص القرآني بكلّ الأساليب، معنى أو معاني، لا تحتملها إطلاقًا نصوص القرآن دلالة أو حكمًا.
- مفهوم «معيارية النصّ القرآني»، ويقصد به: أن معرفة صحة أو خطأ ما تم استنباطه تفسيرًا من نصوص القرآن، الاحتكام أولًا إلى القرآن. [النساء: 58].
- مفهوم «الفرض العيني»، ويقصد به: ما طلب الشرع الحكيم فعله من كلّ واحد من المكلفين، ولا تبرأ ذمته إلا بعد أدائه على الوجه المطلوب.
- مفهوم «الإسلام النّصي»، ويقصد به: ما ورد التّنصيص عليه دلالة أو حكمًا أو تصريحًا في القرآن وصحيح السنة النبوية. ويقابل المعنى النصي المعنى الاجتهادي.
- مفهوم «الوَهمُ الأكبَر»، ويقصد به: حصر ما عليه الوجود -الذي بطبيعته مطلق- في الإدراك -الذي بطبيعته نسبي-؛ سواء كان الوجود وجود النصّ القرآني، أو وجود الخلق الرباني.
[1] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، بيروت، لبنان، دار الهادي، ط1، 2006، ص320.
[2] ينطوي المقال على عدد من الكلمات المفتاحية، مثل مفهوم «التفاعل»، والذي نقصد به:«كلّ ما تم استنباطه من نصّ القرآن تنصيصًا أو اجتهادًا في كلّ أزمنة التفسير الإنساني، منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها»؛ لذا فقد جمعناها وأوضحناها في موضع خاصّ في نهاية المقال تحت عنوان «الكلمات المفتاحية».
[3] يلاحظ الناظر في تاريخ اجتهادات التفاسير أو القراءات في سياق تاريخ الفكر الإسلامي، أنها أتت في الغالب مسيّجة بناظم ردّ الفعل اتباعًا (خصوصًا في أزمنة طغيان المذهبيات، عقدية كانت أو فقهية أو غيرهما)، لا بإمام الخلق الإنشائي الإبداعي استقلالًا. ويقتضي الردّ الذي يكون في الغالب جدليًّا إبطال تفسير المخالف -المخالف في المذهب-، وتصويب الاجتهاد الشخصي-الموافق للمذهب- بكلّ الوسائل المتاحة والممكنة. فمثلًا في جدليات علم الكلام، تجد أن أبا الحسن الأشعري [ت: 324]، اجتهد في «الإبانة» و«اللمع»، في سبيل إبطال تصورات علم العقيدة عند المعتزلة. والقاضي عبد الجبار المعتزلي [ت: 415] في «تنزيه القرآن عن المطاعن»، يبرهن على صحة التفسير الاعتزالي وتخطئة ما عداه. والإشكال أن الآية الواحدة من القرآن تكون بين المذهبين دالّة على المعنى ونقيضه أو مخالفه، أقصد المعنى المذهبي وليس المعنى القرآني -البون شاسع بين المعنيين-. انظر: تفسير الآية: 143، الأعراف. والآية: 26، يونس. والآية: 21، 22، القيامة. في: الإبانة عن أصول الديانة، الأشعري، بيروت، لبنان، دار ابن حزم، ط1، 2003، ص20-31، واللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، الأشعري، ضبط وتصحيح: محمد أمين الضناوي، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 2000، ص38-42؛ وتنزيه القرآن عن المطاعن، القاضي عبد الجبار، دراسة وتعليق: خضر محمد بنها، تقديم: رضوان السيد، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط 2008، ص187، 207، 208، 418، 419. وليس الأمر وقفًا على المصنفات الكلامية، بل يتعلق بالمصنفات التفسيرية وغيرها، خصوصًا المصنفات التأسيسية.
[4] يلاحظ الممحّص للنظر في مختلف اجتهادات سياق تاريخ الفكر الإسلامي، أن بناءاته المنهجية والمعرفية يتمّ تأسيسها في الغالب بعيدًا عن القرآن وآفاقه المُبينة ومقاصده العُليا العالية؛ بحيث إن نصّ القرآن يحكم بقواعد المذهب لا العكس، فما وافق المذهب فذلك المطلوب، وإلا أُوِّل النصّ القرآني ليوافق المذهب، تارة بالتوسل بمقولة «الناسخ والمنسوخ»، وتارة ثانية بـ«المحكم والمتشابه»، وثالثًا بـ«الظاهر والباطن»؛ سواء كان المذهب كلاميًّا أو فقهيًّا أو تفسيريًّا أو غيره. يقول أبو يعرب المرزوقي في سياق بيان أعطاب منهج التفسير التراثي: «التفسير يكون من أجل الكشف عمّا في النصّ من معانٍ، لا من أجل الدفاع عن مذهب أو ملّة بصورة تفرض مضمونًا مسبقًا على النصّ المفسر أو المؤول، فلا يكون التفسير طلبًا للحقيقة، بل تأييد لمعتقدات متقدمة الوجود على العملية التفسيرية نفسها». فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، ص195. انظر: فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص197، 302. انظر أيضًا مثلًا ما يتعلق بالمسائل الفقهية، خصوصًا تفسير آية الوضوء، 7، المائدة، العبارة المتعلقة بـ«مسح الرأس». المعونة على مذهب عالم المدينة، القاضي عبد الوهاب البغدادي [ت: 422]، تحقيق ودراسة: حميش عبد الحق، بيروت، لبنان، دار الفكر، ط 1999، ص124، 125.
[5] الجلي في التفسير إستراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية، ج1، مقومات الإستراتيجية والسياسة المحمدية، أبو يعرب المرزوقي، الدار المتوسطية للنشر، تونس، ط1، 2010، ص193، وفلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص191. بعد عهد ترجمة فلسفة اليونان تحولت مضامينها الفلسفية إلى قواعد محكّمة لتفسير نصوص القرآن، خصوصًا ما تعلق منها بمجال الغيبيات والمفاهيم والمعاني الكلية، فضلًا عمّا تعلق بما هو علمي، والتي اعتبرها أبو يعرب المرزوقي مضامين ميتة أحييت مرة أخرى على أيدي ما يسمى بـ«الفلاسفة»، من باب أنها من باطن النصّ. فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، ص194. انظر: تأويل ابن رشد للعديد من الآيات القرآنية، كآية 2، الحشر -مفهوم الاعتبار-، وآية 125، النحل -مراتب الناس-، لجعلها تتوافق مع منظور المنقول اليوناني، في: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال. فضلًا أن ابن مسكويه [ت: 421]، تناول موضوع الأخلاق وفق المنظور الفلسفي اليوناني في مصنفه: تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، بيروت، لبنان، دار صدار، ط1، 2006. والمنقول اليوناني لم يكن منحصرًا في فضاء الفلسفة في تاريخ الفكر الإسلامي، بل امتد إلى فضاء علم الكلام والتصوف وأصول الفقه وغيرها من الفضاءات، وإن كان بنسَب متفاوتة. انظر: ثنائية الغزالي: تهافت الفلاسفة، فضائح الباطنية، وأيضًا مقدمة ابن خلدون، الفصل الحادي والثلاثين، ص532 وما بعدها. فمثلًا تأسست دلالة مفهوم «وسطية» قيم وأحكام القرآن في تاريخ الفكر الإسلامي على ناظم التوسط -بالمعنى الرياضي- بين قيمتين مذمومتين أو سلبيتين، استنادًا على جملة نصوص شرعية، منها الآيات القرآنية الآتية: [الإسراء: 29، 109]، [الفرقان: 67]. يقول ابن مسكويه: «الفضائل تضاد الرذائل، ولما كانت هذه الفضائل هي أوساطًا بين أطراف، وتلك الأطراف هي الرذائل؛ وجب أن تفهم. فكلّ فضيلة هي وسط بين رذائل». وقد ذكر مجموعة من الأمثلة للدلالة على هذا المعنى: تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، ابن مسكويه، ص26 وما يليها. وهو نفس المعنى الذي أسسه الراغب الأصفهاني [ت: 460] في: مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، مراجعة وتعليق. نجيب الماجدي، صيدا، بيروت، لبنان، المكتبة العصرية، ط 2008، ص555، 556، والذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب الأصفهاني، تحقيق ودراسة: أبو اليزيد العجمي، دار السلام، القاهرة، مصر، ط1، 2007، ص224 وما بعدها، وكذا الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، شرح وتخريج: عبد الله دراز، وضع التراجم: محمد عبد الله دراز، تخريج الآيات وفهرست المواضيع: عبد السلام عبد الشافي محمد، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط8، 2011، ج2، ص128. في مقابل ذلك، يرى علال الفاسي [ت: 1974] «أن الفضيلة لا تكون دائمًا في الوسط بين طرفي الخلق، وإنما المقصود بالوسط في الشريعة الاستقامة وعدم العوج، تشبيهًا بالطريق الواضح أو المستقيم كما ثبت في السنة النبوية». والذي جعل من فهم الوسطية بدلالة التوسط بالمعنى الرياضي، هو التأثر بفلاسفة اليونان، الذين جعلوا «الوسط مقياسًا للأخلاق»، «ولا يمكن أن يتخذ الوسط مقياسًا مطلقًا للشرع». مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، علال الفاسي، الرباط، المغرب، مطبعة الرسالة، ط2، 1979، ص75، 76. وسنفصل القول في منظور أبي يعرب المرزوقي لمفهوم وسطية أحكام وقيم القرآن في مقالة مستقلة آتية.
[6] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص194.
[7] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص327؛ والجلي في التفسير، أبو يعرب المرزوقي، ج1، ص141.
[8] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص194، 302، والجلي في التفسير، أبو يعرب المرزوقي، ج1، ص141.
[9] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص119، الجلي في التفسير، أبو يعرب المرزوقي، ج1، ص228، وتحديات وفرص محاورات في أحوال الفكر والسياسة عند العرب والمسلمين، أبو يعرب المرزوقي، دمشق، سورية، دار الفرقد، ط1، 2008، ص108، 110.
[10] يأتي نقد أبي يعرب المرزوقي للمولعين بـ«الإعجاز العلمي» في تفسير نصوص القرآن الحكيم من المتأخرين تحديدًا في لاحق المقالات.
[11] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص289.
[12] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص194.
[13] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص195.
[14] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص302، 327، والجلي في التفسير، ج1، أبو يعرب المرزوقي، ص141.
[15] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص302.
[16] الجلي في التفسير إستراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية، ج2، الثمرات المعرفية نظرية غايات الفعل الإستراتيجي والسياسي وأدواتهما، أبو يعرب المرزوقي، تونس، الدار المتوسطية للنشر، ط2010، ص129. من أهم المفاهيم التي تحتاج إلى تحديد تعريفي وضبط دلالي في هذا السياق من منظور أبي يعرب المرزوقي، نذكر ما يلي: أ. مفهوم «فلسفة التاريخ»، ويقصد بها: «نظريات فعل الإنسان كما تعينت في التجارب الإنسانية المتقدمة على نزول القرآن». الجلي في التفسير، ج1، أبو يعرب المرزوقي، ص14. ب. مفهوم «فلسفة الدين»، ويقصد بها: «نظريات فعل الله كما تعينت في التجارب الدينية المتقدمة على نزول القرآن». إن «فلسفة الدين» من حيث هي فرع من فروع البحث أو الدراسات الفلسفية، مثل فلسفة الفن أو العلم أو الأخلاق ونحو ذلك، تفترض مسبقًا ضمنًا أو صراحة دينًا فلسفيًّا معينًا، إلا أنها تختلف تمام الاختلاف عنه؛ ذلك «أن فلسفة الدين» تبحث في الأديان كلها؛ لذلك اصطلح عليها القدامى بـ«الإلهيات»، فهي التفكير العقلي المتدرج نحو البحث الوضعي في الظاهرات الدينية. الجلي في التفسير، ج1، أبو يعرب المرزوقي، ص14؛ وفلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص38-55. ج. مفهوم «القانون الطبيعي» و«القانون الخُلقي»، ويعتبرهما أبو يعرب المرزوقي قانونين على مستوى العمل الوجودي متداخلين متكاملين، غير منفصلين أو متنافرين، ما دام أن الإنسان في وجوده السويّ، لا يستغني عن أي واحد منهما، وإلا أصبح الإنسان موغلًا في الماديات أو الروحانيات. فمثلًا استفراد «القانون الطبيعي» بالإنسان، يتَسَفّل به نحو الإخلاد إلى الأرض، وهو درك «أسفل سافلين»، أو «منزلة الخُسر»، فيرتد الإنسان إلى الحيوانية مع الإنسانية المسلوبة، أي أن يكون بخلق الحيوان مع أدوات الإنسان، فيرتفع شره إلى العنان، وهو ما جاء الإسلام من أجل تحرير الإنسانية منه. الجلي في التفسير، ج3، أبو يعرب المرزوقي، ص59، 60، ج2، ص19، 20. يقول أبو يعرب المرزوقي في السياق الجامع الكلي: «كلّ المشكل في فلسفة التاريخ القرآنية؛ هو عدم فهم طريقة الإستراتيجية القرآنية الساعية لتحقيق شروط التوفيق بين ما يحصل بمقتضى القانون الطبيعي، وما ينبغي أن يحصل بمقتضى القانون الخُلقي، ومن دون فهم هذه العلاقة يمتنع فهم المنظور القرآني، الذي يجعل الواجب مطابقًا للواقع، دون أن ينفي ذلك حرية الإنسان التي تحقق الواجب، وترتفع بالواقع إلى مقتضياته». الجلي في التفسير، ج2، أبو يعرب المرزوقي، ص40.
[17] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص192.
[18] نخصص لكلا المفهومين مقالتَين خاصتَين، لكونهما عمدتي التفسير الفلسفي اليعربي.
[19] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص222.
[20] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، أبو يعرب المرزوقي، ص327.
[21] الثورة القرآنية وأزمة التعليم الديني، أبو يعرب المرزوقي، تونس، الدار المتوسطية للنشر، ط 2008، ص186، وتحديات وفرص، أبو يعرب المرزوقي، ص108، 110.
[22] شفاء السائل لتهذيب المسائل، عبد الرحمن بن خلدون، مع دراسة تحليلية للعلاقة بين السلطان الروحي والسلطان السياسي، أبو يعرب المرزوقي، تونس، الدار العربية للكتاب، ط 2006، ص7.
[23] وحدة الفكرين الديني والفلسفي، أبو يعرب المرزوقي، بيروت، لبنان، دار الفكر المعاصر، ط1، 2001، ص12، 13. وقد تناول أبو يعرب المرزوقي مفهوم «علم تدبر القرآن»؛ بوصفه الناظم والمؤسس والمعيار المحيط بمجالات النشاطات الإنسانية جميعًا. وحدة الفكرين الديني والفلسفي، أبو يعرب المرزوقي، ص12، 13.
[24] الجلي في التفسير إستراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية، ج3، الثمرات الوجودية الحصانة الروحية ودور النخب، أبو يعرب المرزوقي، تونس، الدار المتوسطية للنشر، ط 2010، ص39، 196. نفصل البحث في هذه الفكرة الكلية في المقالات المتعلقة بالتأويل والمتشابه.
[25] تحديات وفرص، أبو يعرب المرزوقي، ص141، 144، 145.
[26]الجلي في التفسير، ج3، أبو يعرب المرزوقي، ص197.
[27] الثورة القرآنية وأزمة التعليم الديني، أبو يعرب المرزوقي، ص174، والجلي في التفسير، ج3، أبو يعرب المرزوقي، ص197.
[28] يتم تفصيلهما أثناء تناول مفهوم «الاجتهاد» و«الجهاد» من منظور أبي يعرب المرزوقي في لاحق المقالات.
مواد تهمك
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (1): تعريفٍ مجملٍ باجتهاد أبي يعرب المرزوقي
- التفسير الفلسفي للقرآن (6)، تفسير آيتي سورة الإسراء، من منظور التفسير الفلسفي المعاصر لأبي يعرب المرزوقي
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (2): «التفسير الفلسفي للقرآن» بين تاريخ الفكر الإسلامي وتأسيس المرزوقي
- التفسير الفلسفي للقرآن (4) منهج التفسير الفلسفي عند أبي يعرب المرزوقي؛ الضوابط والأبعاد
- التفسير الفلسفي للقرآن (5)؛ المداخل المنهجية الرئيسة لتفسير القرآن في التراث التفسيري، وموقف المرزوقي منها
- طه عبد الرحمن؛ وإمكان تقديم قراءة حداثية للقرآن الكريم