طه عبد الرحمن
وإمكان تقديم قراءة حداثية للقرآن الكريم

الكاتب : الحسن حما
يُعَدّ طه عبد الرحمن من الدارسين القلائل الذين قاموا بتفكيك أسس القراءات الحداثية للقرآن عبر نقد منهجي لمنطلقاتها ونتائجها، وتأتي هذه المقالة لتستعرض التصوّر النقدي للحداثة عند طه عبد الرحمن، ثم تحاول الكشف عن أنموذج بديل للقراءة الحداثية من منظوره.

مقدمة:

  يُشكّل القرآن الكريم القوّة المرجعية الموجهة للعلوم الإسلامية في غاياتها الفلسفية والنهائية، من أجل ترشيد حركة الإنسان في الواقع، ومنطلق ذلك؛ وحدته الموضوعية والنظام المعرفي الذي يكتنف بنيته النصيّة، وعلم الكلام أنموذج لإبراز هذه الخصوصية والتدليل عليها، وما تفتحه هذه القراءة من مداخل معرفية في دراسة وتحليل القرآن المجيد، والاستفادة من منهجه في استيعابه الفلسفي للإنسان والطبيعة والكون، وتعتبر ذلك منهجًا مؤسسًا ينبغي استثماره في دراسة العلوم الإسلامية ليتم تجديدها بالشكلِ الذي تواكب به القضايا الفلسفية التي يطرحها الفكر المادي المعاصر على الإنسان؛ (الوحي والإيمان ومعيار الصدق في القضايا الدينية، ومسألة اللغة الدينية، وتعددية الأديان، الكونية والمشترك الديني والإنساني...)، وتستفيد على المستوى المنهجي من فتوحات العلوم الإنسانية ودور فلسفة التأويل المعاصرة في اكتشاف نواظم القرآن الكريم.

ولهذا فإنّ تجديد العلوم الإسلامية من منظور منهجية القرآن المعرفية ضمن وحدته البنائية والموضوعية، تقصد الأخذ بالمنهج القرآني في بناء خطابه على أصول الواقع الكوني والإنساني، من مدخل كوني فلسفي يتجاوز استلاب الإنسان، واللاهوت الديني المسيحي، والتفكير الميتافيزيقي، والوضعية الكلاسيكية، كحلّ للإشكالات الدينية، كما تبلورت مع التفكير المسيحي[1]، والاندراج ضمن مساقات العلم الحديث وعلاقته بالمسألة الإلهية التي طرحت في الغرب بفعل انتشار حالة الإلحاد واللاأدرية، وتأثيرات الوضعية المنطقية التي لم تعط للمسألة الإلهية تأطيرًا للنقاش ضمن دوائرها.

إنّ السؤال المركزي الذي يواجه القراءات الجديدة أو المعاصرة للقرآن الكريم، هو قدرتها على تقديم إجابة للإشكالات والتحديات المطروحة على الدّين والتّدين، أو بصيغة أكثر تحديدًا: ما هو عائدها الحضاري والمعرفي على النصّ القرآني؟

ولهذا يحظى سؤال المنهج في مقاربة النصوص الدينية بأهمية كبرى، وتبرز أهميته بالخصوص في مقاربة نصوص الوحي قرآنًا وسُنّة، سواء من حيث فهمها أو العلاقة بينها، أو محاولة استنطاق المضمون الدلالي لها، انطلاقًا من توظيف مناهج جديدة (اللسانيات، علم الاجتماع، تاريخ الأديان، الأنثربولوجيا، علم النفس، والفلسفة، علم الإناسة...)، وقد عمد بعض الدارسين (محمد أركون، محمد شحرور، نصر حامد أبو زيد، محمد أبو القاسم الحاج حمد، محمد عابد الجابري، حسن حنفي...) في الفكر الإسلامي المعاصر إلى استمداد هذه المناهج، ليتمّ توظيفها في الدراسات القرآنية المعاصرة، فظهرت ما عُرف في حقل الدراسات القرآنية بـ(القراءات الحداثية للقرآن الكريم)، فكانت موضوع نقد ومساءلة من لدن عدد من الباحثين والمهتمين، واختلفت نتائج كلّ دراسة تبعًا للأسس المنطقية والمنهجية لكلّ دارس.

ويندرج هذا المقال ضمن القراءة النقدية للقراءات الحداثية للقرآن الكريم، من خلال ما يقدّمه الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن، إِذْ يعتبر (طه عبد الرحمن) واحدًا من الدارسين القلائل الذين قاموا بدراسة وفحص أسس هذه القراءات عبر نقد منهجي ومعرفي لمنطلقاتها ونتائجها، منبّهًا إلى بعدها عن الإبداع الموصول والتصاقها بالإبداع المفصول، لقد حاول طه عبد الرحمن من خلال نقده المزدوج إبراز بُعدٍ آخر للنقد؛ وهو الشيء الذي طالما لم يستطع عدد من النقّاد القيام به، لكن طه في قراءته لهذه القراءات قام بنقد وتفكيك، الشيء الذي مكّنه من تأسيس ما ندعوه بـ(النموذج البديل للقراءة الحداثية للقرآن الكريم).

1- التصور النقدي للحداثة عند طه عبد الرحمن:

الحداثة لغةً، مشتقة من الفعل الثلاثي (حدث)، بمعنى (وقع)، حدث الشيء ويحدث حدوثًا وحداثةً فهو محدث وحديث. وحدث الأمر، أي: وقع وحصل. وأحدث الشيء: أوجده. والمحدث هو الجديد من الأشياء[2]. ويشير لفظ الحداثة إلى فعل الابتداع، أي: ظهور شيء مستجد وغير مألوف لم يكن للأوائل عهد به[3].

وفي الاصطلاح فتحديد مفهوم (الحداثة) (Modernité) بشكلٍ دقيقٍ، تعترضه صعوبات بسبب تشعّب المجالات (الفكر والسياسية والاقتصاد والاجتماع والثقافة) التي يستخدم فيها هذا المصطلح، وبسبب أيضًا اختلاف المنطلقات المرجعية والمذهبية لكلّ باحث، والحقل المعرفي الذي ينطلق منه؛ لهذا يقول جان بودريار: «ليست الحداثة مفهومًا سوسيولوجيًّا أو مفهومًا سياسيًّا أو مفهومًا تاريخيًّا بحصر المعنى، وإنما هي صيغة مميزة للحضارة تعارض صيغة التقليد...، ومع ذلك تظلّ الحداثة موضوعًا عامًّا يتضمن في دلالته إجمالًا الإشارة إلى تطوّر تاريخي بأكمله، إلى تبدل في الذهنية»[4].

يميز طه عبد الرحمن بين (روح الحداثة) و(واقع الحداثة)؛ فـ(روح الحداثة): «هي جملة القيم والمبادئ القادرة على النهوض بالوجود الحضاري للإنسان في أيّ زمان وأيّ مكان»؛ أما (واقع الحداثة): «فهو تحقُّق هذه القيم والمبادئ في زمان مخصوص ومكان مخصوص؛ مع أن هذه التحققات تختلف باختلاف الظروف الزمانية والمكانية»[5].

وتتأسّس رؤيته لروح الحداثة على ثلاثة مبادئ؛ «أولها: (مبدأ الرشد)، ويقضي بوجود الاستقلال عن الأوصياء والأولياء، ووجود الإبداع في الأقوال والأفعال. والثاني: (مبدأ النقد)، ويقضي بممارسة التعقيل في كلّ شأن من شؤون الحياة وممارسة التفضيل في كلّ أمر يحتاج إلى مزيد الضبط. والثالث: (مبدأ الشمول)، ويقضي بخصوص التوسع في كلّ المجالات وحصول التعميم على كلّ المجتمعات؛ فخصائص الروح الحداثية إذن هي أنها روح راشدة وناقدة وشاملة»[6]. وتترتب على هذا التعريف لروح الحداثة نتائج أساسية هي[7]:

- أنّ روح الحداثة تختلف عن واقع الحداثة.

- أنّ واقع الحداثة الغربية هو واحد من التطبيقات الممكنة لروح الحداثة.

- أنّ روح الحداثة متأصّلة إنسانيًّا وتاريخيًّا.

- أنّ الأمم الحضارية كلّها تستوي في الانتساب إلى روح الحداثة.

- أنّ واقع المجتمعات الإسلامية هو إلى الحداثة المقلّدة أقرب منه إلى الحداثة المبدعة.

- أنّ الحداثة لا تُنقل من الخارج، وإنما تُبتكر من الداخل.

- أنّ ابتكار الحداثة الإسلامية الداخلية يستلزم إبطال المسلَّمات التي صاحبَت تطبيق الغرب لروح الحداثة وأدخلت عليه آفات تختلف باختلاف أركان هذه الروح.

لقد قاد هذا النقد الفلسفي للحداثة الدكتور طه عبد الرحمن إلى التأكيد على أن الأصل في روح الحداثة التعدّد، وأنّ هذا التعدّد انعكس في المظاهر، مثلما أدَّى إلى تنوع التطبيقات. كما أنّ بين هذه المستويات الثلاثة -الروح والمظاهر والتطبيقات- تفاوتات؛ إذ المظاهر غير الروح بالضرورة، والتطبيقات غير المظاهر بالقوة، فضلًا عن أن تكون هي الروح، ثم إنّ الواقع الحداثي غير الروح الحداثية وإن كان هذا الواقع ناتجًا عن تطبيقات هذه الروح، ثم إنّ واقع الحداثة واقع مخصوص بما هو تطبيق ممكن من بين تطبيقات أخرى ممكنة لروح الحداثة[8]. وغاية ذلك التأسيس لحداثة ذات توجه معنوي، بديلة عن الحداثة ذات التوجّه المادي التي يعرفها المجتمع الغربي؛ فالحداثة التي يقول بها طه تستند على الأخلاق الدينية التي تورث الإنسان الكمال لأنها أصل الوعي بالمستقبل[9].

إنّ الحداثة في منظور طه عبد الرحمن إمكانات متعددة، وليست -كما رسخ في الأذهان- إمكانًا واحدًا. (وليست مِلْكًا لأُمّة بعينها، غربية كانت أو شرقية، وإنما هي مِلْك لكلّ أمة متحضرة، أي: لكلّ أمة نهضت بالفعلين المقوِّمين لكلّ تحضُّر، وهما «الفعل العمراني» -ويقصد به الجانب المادي-، و«الفعل التاريخي» الذي هو الجانب المعنوي منه)[10]. ويستدلّ على ذلك بالواقع الحداثي الغربي المتنوع وغير المتجانس؛ إِذْ توجد فيه حداثات كثيرة، لا حداثة واحدة، بحسب الأقطار والمجالات والمراتب والأولويات؛ لأن «الواقع الحداثي غير الروح الحداثية»[11]. وحتى «الحداثة الإسلامية» في اصطلاحه ليست بالضرورة شكلًا واحدًا كما هو حال الحداثة الغربية؛ ولهذا فإنّ تنظيره للحداثة الإسلامية، هو في حقيقة الأمر تنظير لواحد من الأشكال التي يمكن أن تتخذها «الحداثة الإسلامية»، مع التأكيد أنّ مقاربة طه للحداثة هي مقاربة فلسفية تقويمية لا تحقيقية، شرطها الأساس الارتباط بالإبداع الموصول الذي يُميّز التطبيق الإسلامي لروح الحداثة، لا طريق الإبداع المفصول الذي سلكته بعض القراءات الحداثية للآيات القرآنية بتعبير الدكتور طه عبد الرحمن[12].

تبعًا لهذا النقد المزدوج الذي أبطل به طه عبد الرحمن مسلّمات التطبيق الغربي للحداثة، يتضح أن مقصوده بالقراءات الحداثية للقرآن الكريم، هي القراءات التي يَنسبها أصحابها إلى الحداثة؛ رغم أنها ليست تطبيقًا مباشرًا لروح الحداثة، وإنما تقليد سابق، وهو التطبيق الغربي المتمثل في «واقع الحداثة»[13].

2- المداخل النقديّة للقراءات الحداثية من منظور طه عبد الرحمن:

ينطلق الدكتور طه عبد الرحمن في نقده للقراءات الحداثية للقرآن الكريم من منطلق كونها ليست تطبيقًا مباشرًا لروح الحداثة، إنما هي تقليد سابق، هو التطبيق الغربي المتمثل في (واقع الحداثة)، ومسعاها قطع الصلة بينها وبين الماضي والتراث[14].

وقد عمل عددٌ من المفكّرين على تقديم نماذج لهذه القراءات، وهم: (محمد أركون، عبد المجيد الشرفي، نصر حامد أبو زيد، طيب تيزني، حسن حنفي، الحسين مروة)، وأدرج طه عمل (محمد شحرور)[15] ضمن القراءة المعاصرة.

واستعرض طه عبد الرحمن نقده الموجّه إلى القراءات الحداثية عبر ما يسميه: (خطط القراءات الحداثية المقلدة)، وأشار إلى أنّ كلّ خطة تتكون من ثلاثة عناصر يسميها (أركان الخطة)؛ أولها: الهدف النقدي، ثانيها: الآلية التنسيقية، الثالث: العمليات المنهجية.

وفيما يلي نظرة عن كلّ خطة:

أ) خطة الأنسنة: اعتبر الفيلسوف طه عبد الرحمن أن (خطة الأنسنة) تسعى إلى إزالة صفة (القدسية)، بإعمال آلية نقل الآيات القرآنية من الوضع الإلهي إلى الوضع البشري، وحذف عبارة التعظيم عن القرآن واستبدال عبارات جديدة بأخرى مقررة؛ مثل مصطلح (الخطاب النبوي) بدل مصطلح (الخطاب الإلهي)[16]، والتسوية في رتبة الاستشهاد بين الكلام الإلهي والكلام الإنساني، والتفريق بين مستويات مختلفة في الخطاب الإلهي، والمماثلة بين القرآن والنبي عيسى -عليه السلام-[17]؛ بكونهما كليهما كلمة الله[18].

ويقود هذا التطبيق هذه العمليات المنهجية التأنيسية إلى جعلِ القرآن نصًّا لغويًّا مثله مثل أيّ نصّ بشري، وينتج عن هذه المماثلة اللغوية -في منظور طه- إخضاع النصّ القرآني للسياق الثقافي الذي ظهر فيه، وأشكلة النصّ القرآني وفتحه على تأويلات متعدّدة، واستقلال النصّ عن مصدره، وعدم اكتمال النصّ القرآني.

ب) خطة التعقيل: وتقصد رفع عائق (الغيبية)؛ وآليتها التعامل مع النصّ القرآني بكلّ وسائل النظر والبحث التي توفّرها المنهجيات والنظريات الحداثية، عن طريق انتقاد علوم القرآن، وتوظيف المناهج المقرّرة في علوم الأديان والفلسفة والعلوم الإنسانية والاجتماعية (اللسانيات المعاصرة، علم الاجتماع، علم النفس، التحليل النفسي، علم الإناسة...)، واستخدام النظريات النقدية والفلسفية، وإطلاق سلطة العقل؛ ويفضي هذا إلى المماثلة الدينية بين النصوص الدينية المختلفة، المفسرة بـ(تغيير مفهوم الوحي، وعدم أفضلية القرآن، وعدم اتساق النصّ القرآني، وغلبة الاستعارة في النصّ القرآني، وتجاوز الآيات المصادمة للعقل).

ج) خطة التأريخ أو الأرخنة: وتقصد رفع عائق (الحُكمية)، والانتقال بالقرآن من الاعتقاد بأزليته وثابت أحكامه إلى وصل الآيات بظروف بيئتها وزمنها وبسياقاتها المختلفة، من خلال توظيف المسائل التأريخية المسلَّم بها في تفسير القرآن، وتغميض مفهوم (الحُكم)، وتقليل آيات الأحكام، مع إضفاء النسبية على آيات الأحكام، وتعميم الصفة التأريخية على العقيدة، وهو ما يؤدي -حسب هذه الآليات- إلى اعتبار القرآن مثله مثل أيّ نصّ تاريخي آخر، وينتج عن هذا: إبطال المسلَّمة القائلة بأنّ القرآن فيه بيان كلّ شيء؛ ويتم إنزال آيات الأحكام منزلة توجيهات لا إلزام معها، وحصر القرآن في الأخلاقيات الباطنية الخاصّة، والدعوة إلى تحديث التدين.

وبعد أن فرغ طه عبد الرحمن من بيان أوجه اتحاد منظور[19] من أسماهم بالحداثيين، ردَّ عليهم على أساس أنهم لم يمارسوا الفعل الحداثي في إبداعياته ولا انطلقوا فيه من خصوصية تاريخهم، بقدر ما أعادوا إنتاج الفعل الحداثي كما حصل في تاريخ غيرهم مقلدين أطواره وأدواره[20]. ويظهر هذا التقليد في كون خططهم الثلاثة المذكورة مستمدة من واقع الصراع الذي خاضه، والذي أفضى إلى تقرير مبادئ ثلاثة أنزلت منزلة قوام الواقع الحداثي الغربي:

أولها: مقتضاه أنه يجب الاشتغال بالإنسان وترك الاشتغال بالإله؛ وبفضل هذا المبدأ تمَّ التصدي للوصاية الروحية للكنيسة.

والثاني: مقتضاه أنه يجب التوسل بالعقل وترك التوسل بالوحي؛ وبفضل هذا المبدأ تمَّ التصدي للوصاية الثقافية للكنيسة.

والثالث: مقتضاه أنه يجب التعلّق بالدنيا وترك التعلق بالآخرة؛ وبفضل هذا المبدأ تمَّ التصدي للوصاية السياسية للكنيسة.

إنّ الذي جعل طه عبد الرحمن يقرّر بأن خططهم مأخوذة من هذه المبادئ الثلاثة، راجع إلى أنّ خطتهم في التأنيس متفرّعة على المبدأ الأول الذي يقضي بالاشتغال بالإنسان دون سواه، وخطتهم في التعقيل متفرّعة على المبدأ الثاني الذي يقضي بالتوسل بالعقل دون سواه، وخطتهم في التأريخ متفرّعة على المبدأ الثالث الذي يقضي بالتعلق بالدنيا دون سواها[21].

إنّ المنزلقات المنهجية للقراءة الحداثية كما بلورها النقد الطهائي توصل أصحابها إلى اكتساب صفات تقدح في شخوصهم النقدية، يقول في استنتاجه: «ولا يخفى على ذي بصيرة ما في هذه الإسقاطات الاندفاعية من عيوب منهجية صريحة، تُفقد التحليلات الحاصلة قيمتها كما تُفقد النتائج المتوصل إليها مصداقيتها، نذكر من هذه العيوب المنهجية؛ أولها: فقدان القدرة على النقد، والثاني: ضعف استعمال الآليات المنقولة، والثالث: الإصرار على العمل بالآليات المتجاوَزَة، والرابع: تهويل النتائج المتوصل إليها، والخامس: قلب ترتيب الحقائق الخاصّة بالقرآن، والسادس: تعميم الشكّ على كلّ مستويات النصّ القرآني»[22].

هكذا يختم طه عبد الرحمن نقده الموجّه إلى القراءات الحداثية للقرآن الكريم، معتبرًا عملها عملًا تقليديًّا صريحًا لما أنتجه واقع الحداثة الغربي، وهذا التقليد هو الذي يعرّضها لما يسميه طه: (آفات منهجية مختلفة)؛ إِذْ لم تُراعِ المجال التداولي الفكري لإنتاج هذه الأدوات والمناهج التي يتم إعمالها في قراءة النصّ القرآني.

وإذا سلَّمنا مع طه عبد الرحمن بأنّ ما قدمته القراءات الحداثية لم يَفِ بالغرض المنهجي والمعرفي في قراءة النصّ القرآني، ومن ثَمّ افتقادها إلى الإبداع وتقديم قراءة جديدة للقرآن، مستوعبة لخصوصيّة القرآن ذاته، ومواكبة للتقدم النوعي في العلوم الإنسانية والاجتماعية. فما هو النموذج الذي يقدمه الدكتور طه عبد الرحمن بديلًا لهذه القراءات؛ ذلك ما سنعكف على إبرازه في المحور الثاني.

3- القراءة الحداثية المبدعة.. أنموذج بديل للقراءات الحداثية:

يُسَلِّمُ الدكتور طه مبدئيًّا بضرورة تقديم قراءة جديدة للقرآن الكريم، فبهذه القراءة يتم «تدشين الفعل الحداثي الإسلامي الثاني»[23]، ولا يقع ذلك إلا بتقديم جواب مضاد لواقع الحداثة الغربية، ذلك الذي يسميه طه بـ«الجواب الإسلامي»[24]، وغاية هذا الجواب الذي يؤسّس على قراءة جديدة للقرآن؛ الإسهام في امتلاك إصلاح الواقع الكوني، فـ(الجواب الإسلامي عن أسئلة هذا الزمان تتجلى في حقيقتين اثنتين؛ إحداهما: الإيمان: الذي يتوصل إليه بالنظر الملكوتي في الآيات بوصفه مؤسسًا للنظر المُلكي؛ والثانية: هي التخلق: ويتوصل إليه بالتعامل مع مختلف الأشخاص والأمم، أي: بالعمل التعارفي بوصفه مؤسسًا للعمل التعاوني)[25].

ويقدّم طه عبد الرحمن بديلًا عن القراءة الحداثية، ويؤسّس أنموذجه من المداخل المنهجية والمعرفية التي انتقد فيها القراءات السابقة، وهي ما يسميه طه بـ«القراءة الحداثية المبدعة»، وبهذا يمكن اعتبار نقد طه نقدًا تفكيكيًّا تركيبيًّا بنّاءً؛ إِذْ عمل على تفكيك أطروحة القراءة الحداثية وقدّم جوابًا مُبدعًا؛ وترتكز القراءة البديلة التي يقدمها طه على عنصر منهجي قوامه (إعادة النظر في معاني الإبداع)؛ لأن القراءة الحداثية للآيات القرآنية تكون قراءة مبدعة حقًّا، ولا إبداعَ حقيقيًّا ما لم يكن إبداعًا موصولًا؛ ولا وصلَ في الإبداع ما لم يكن آخذًا بأسباب تراثنا التفسيري والثقافي[26].

ولعلّنا لا نكون مبالغين إذا صرنا إلى القول أن مشروع طه قائم على الإبداع ونقد آفة التقليد، وهي سمة مصاحبة لكتاباته، وقد حرّر -(كما هي عادته) قبل الدخول في تفاصيل أنموذجه البديل للقراءة المبدعة للقرآن -معنًى للإبداع، بالشكل الذي يسهم فيه بإنتاج قراءة بديلة، ويزيل عنه الصفات التي أورثها بمقتضى القراءة المقلدة، ويكشف طه هذا حينما اعتبر أنّ الفعل الحداثي الغربي قائم على أساس الصراع مع الدّين، في حين أنّ الفعل الحداثي الإسلامي لا يقوم إلا على أصل التفاعل مع الدّين، فيكون الإبداع الذي يتجلى به هذا الفعل هو من جنس الإبداع الموصول[27].

بمقتضى هذا التركيب جعل الفيلسوف طه عبد الرحمن من التفاعل أو الصراع مع المعطى الديني مدخلًا من مداخل شروط إنتاج قراءة موصولة، على عكس منطق القراءة الحداثية القائمة على المفاصلة تطبيقًا لروح الحداثة الغربية، ويضع طه عبد الرحمن للقراءة المبدعة شرطين اثنين لكي تستوفي شرائط القراءة الحداثية المبدعة، وهما:

الأول: (رعاية قوة التفاعل الديني مع النصّ القرآني).

الثاني:(إعادة إبداع الفعل الحداثي المنقول)، وهو ما يعبر عنه بتبيئة المفاهيم والمناهج المنقولة.

أما عناصر القراءة المبدعة، فهي:

العنصر الأول: خطة التأنيس المبدعة:

وهي عند طه مضادة لخطة التأنيس المقلّدة، فهي لا تقصد (محو القدسية) وإنما تقصد (تكريم الإنسان)؛ ويعرفها طه بكونها: «عبارة عن نقل الآيات القرآنية من وضعها الإلهي إلى وضعها البشري، تكريمًا للإنسان»[28].

فبمقتضى التأنيس المبدع وضع طه علاقة الإنسان مع أطره الدينية في موقعها السليم نافيًا عنها إضعاف التفاعل الديني، وفي نفس الوقت لا تُخِلُّ بالفعل الحداثي، كما تركز أكثر من خطة التقليد على الاشتغال بالإنسان، وهو الرهان الذي فشلت فيه الحداثة الغربية؛ إِذْ لم تستطع استيعاب الإنسان في أبعاده المادية والروحية معًا.

فمبدأ استخلاف الإنسان في الأرض أهّله للفوز بغاية التكريم، فإذا كان التأنيس المُقلّد قد اشتغل بدفع ما يتوهّم أنه يضرُّ بالأصالة الإنسانية، فإنّ التأنيس المُبدع يشتغل بجلب ما ينفع هذه الأصالة؛ إِذْ إن تحقيق المنافع كفيلٌ بدفع الأضرار والمفاسد، على هذا الأساس يكون التأنيس المبدع أكثر تغلغُلًا في الحداثة من التأنيس المقلد)[29].

وتركيز طه على موضوع الإنسان في علاقته مع النصّ الديني يعتبر بحثًا عن إشكالات تأويل النصوص والبحث (الهرمنيوطيقي)؛ فغالبًا ما يتبلور البحث في الدّين من جهتين؛ من الله إلى الإنسان، ومن الإنسان إلى الله[30]، هذه العلاقة تقتضي من آلية البحث ومنهج قراءة النصوص التميز بالأصالة المنهجية، لكي تكون قادرةً على تجاوز إشكالية خصوصية النصّ الديني، وإمكانية دراسته بأدوات ومناهج منقولة من حقل معرفي إلى آخر، ولا يتم ذلك إلا بمنهج التكامل المعرفي المتجاوز لإشكالات التبيئة المفاهيمية والمنهجية، وإعادة توظيف هذه المناهج خارج نطاق التوظيف الغربي لها، التي انتهت إلى ما يسميه أبو القاسم الحاج حمد (توهمات وضعية)، والعمل على الاشتغال ضمنها في إطار المنظور (الكوني)[31].

العنصر الثاني: خطة التعقيل المبدعة:

يعرف طه عبد الرحمن هذه الخطة بقوله: «خطة التعقيل المبدعة هي عبارة عن التعامل مع الآيات القرآنية بكلّ وسائل النظر والبحث التي توفرها المنهجيات والنظريات الحديثة، توسيعًا لنطاق العقل»[32].

ويبدي طه ثلاث ملاحظات حول خطة التعقيل المبدعة:

الأولى: اعتبر أنّ التعامل العلمي مع الآيات القرآنية لا يُضعف التفاعل الديني معها.

الثانية: هذا التعامل العلمي لا يُخِلّ بالفعل الحداثي.

الثالثة: أن هذا التعامل يوصل إلى تحقيق الإبداع الموصول.

وبتحقق هذه الملاحظات يقرّر طه أن التعقيل في هذه الخطة يكون أكثر تغلغلًا في الحداثة منه في خطة التعقيل المقلّدة؛ إِذْ مقتضى التعقيل المبدع تقوية (مبدأ التدبر) الذي دعت إليه الآيات القرآنية، وبهذا تتم قراءة النصّ قراءة تفاعلية جدلية تجمع بين الروح والمادة، فـ«يكون أفق الإدراك الحسي موصولًا بأفق الإدراك العقلي، وأفق الإدراك العقلي موصولًا بأفق الإدراك الروحي»[33].

وبهذا يبطل طه دعوى (المماثلة الدينية) التي دعت إليها خطة التعقيل المقلّد، ومدخله في ذلك إعمال منهج «التصديق والهيمنة»؛ على اعتبار أنّ النصّ التوحيدي يرتقي على العقل المادي، بينما العقل الوثني في النصوص الوثنية تنحط عن العقل المادي، واعتبار النصوص الدينية المنزلة تجلِّيًا لوحيٍ واحد، فكلّ تجلٍّ يُصدِّق التجلي الذي سبقه ويهيمن عليه، وبهذا وجب أن يكون النصّ القرآني مهيمنًا عليها جميعًا[34]، بمقتضى منطوق القرآن: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: 50].

وبالرغم من أنَّ طه عبد الرحمن لم يقدم تفصيلًا معرفيًّا لكيفية اشتغاله المنهجي في فهم واستيعاب النصوص الدينية السابقة عليه، غير أنّ الإشارة التي قدمها هنا توحي إلى أنّ المبدع طه على وعيٍ تامٍّ بمنهج القرآن في تعامله مع الموروث الديني السابق عليه، بمقتضى الحفظ الإلهي للكتاب المجيد، الذي حفظ معه الله الإرث الديني للديانات السماوية السابقة، من خلال منهجه المبني على وحدته البنائية التي تستوعب الإنسان والكون والطبيعة. وما كان له أن يتم ذلك دون «أخذ القرآن بقوة في وحدته البنائية العضوية وكليته، فلا يتم تحليل النصّ عضويًّا ومجزءًا، وإنما يقرأ من خلال الكلّ القرآني»[35].

العنصر الثالث: خطة التأريخ المبدع:

 وهي عنده «عبارة عن وصل الآيات القرآنية بظروف بيئتها وزمنها وسياقاتها المختلفة، ترسيخًا للأخلاق»[36]؛ ومهمتها عند طه عبد الرحمن حُسن الوصل بين الظرف والسياق من دون إضعاف للتفاعل الديني، عن طريق فهم مقصود إيراد الظروف الخاصّة والسياقات الخاصّة في الآيات القرآنية، وربطه بالقيم التي تحملها هذه الآيات؛ ومقصود طه من ذلك مراعاة السياقات الخاصة والعامة عند دراسة المفاهيم القرآنية، فلا بد من مراعاة معنيين: (الأول: هو المعنى المعجمي أو الأساس أو المفهوم الضمني للكلمة، والذي تحتفظ به في كيانها أين أُخذت، وفي أيّ سياق وُضعت. وأما المعنى الثاني: فهو المعنى العلائقي أو السياقيّ للكلمة (relationa meaning)، وذلك عندما توضع الكلمة ضمن نظام خاصّ، وتأخذ مكانها فيه مع كلمات أخرى، فتشحن بكثير من العناصر الدلالية الجديدة التي تنشأ من هذه الحالة الخاصّة، حتى إنّ السياق الجديد ليعدل أحيانًا بشكلٍ تامّ المعنى الأساس للكلمة، ونشهد ولادة كلمة جديدة)[37].

وهذا المنهج تنبه له علماء الإسلام مبكرًا؛ فقد كانت نظرية النظم من التنظيرات المبكرة للنظر الكلي إلى القرآن، بالتركيز على الأنساق والروابط بين أجزاء النصّ وتراكيبه، ومن هؤلاء الأعلام الجرجاني (ت:471هـ) عرَّف بهذه النظرية عند قوله: «ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب بعض»[38].

وقد أشار الإمام الشاطبي -رحمه الله- إلى ضرورة اعتبار الجزئي والكلي في النظر للسورة القرآنية، فيرى أنّ النظر في السورة له اعتباران؛ الأول: من جهة تعدد قضاياها، والاعتبار الثاني: من جهة النظم، فلا بد من النظر في أول الكلام وآخره بحسب الاعتبار، فاعتبار جهة النظم لا يتم به فائدة إلا بعد استيفاء جميع السورة بالنظر؛ يقول -رحمه الله-: «فلا محيص للمتفهم عن ردّ آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرّق النظر في أجزائه؛ فلا يتوصل به إلى مراده. ولا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض، إلا في موطن واحد، وهو النظر في فهم الظاهر بحسب اللسان العربي وما يقتضيه، لا بحسب مقصود المتكلم، فإذا صح له الظاهر على العربية رجع إلى نفس الكلام»[39].

والملاحظة الثانية التي يضعها طه لخطة التأريخ المبدع؛ أن هذا الوصل لا يُضِر بالفعل الحداثي، ويوصّل إلى تحقيق الإبداع الموصول.

وبناءً على هذه الملاحظات يقرّر الدكتور طه عبد الرحمن أنّ «الانشغال بالسلوك في الحياة في خطة التأريخ المبدعة أكثر منه في خطة التأريخ المقلِّدة»؛ ووفق هذا المنظور يقرّر -طه- أن التأريخ المبدع أكثر تغلغلًا في الحداثة من التأريخ المقلّد، فيبطل المماثلة التاريخية بين النصوص التاريخية، فللنَّصّ الخاتم عنده وضع خاصّ بحيث يمتد زمانه إلى ما بعد زمن نزوله، حتى إنّ كلّ زمن يليه يكون زمنه، ومنها راهنية النصّ القرآني، ومن ثَمَّ يؤكّد طه في آخر مرافعته مع القراءات الحداثية أنه «لا نظير للنصّ القرآني في حداثته التاريخية»[40].

عمل طه عبد الرحمن على تقديم نقد في الأسس المنهجية والمعرفية للقراءة الحداثية للوحي، عبر استدعاء أدواتها المنهجية في تحليل وقراءة النصّ القرآني، وقد كشف من خلال نقده ما تتسم به القراءة الحداثية من تهافت مصطلحي وافد على المجال التداولي الإسلامي، الأمر الذي حمله على وصفها جوابًا منقولًا غير موصول.

ومن خلال نقده يمكن الخلوص إلى ثلاث خلاصات تتعلق بإشكالية تقديم قراءة جديدة للقرآن الكريم، وهي على النحو الآتي:

الخلاصة الأولى: أنّ موضوع القراءة الجديدة للقرآن يعتبر بحثًا عن إشكالات تأويل النصوص والبحث (الهرمنيوطيقي)، فغالبًا ما يتبلور (البحث في الدين من جهتين؛ من الله إلى الإنسان ومن الإنسان إلى الله)[41]، هذه العلاقة تقتضي من آلية البحث ومنهج قراءة النصوص التميز بالأصالة المنهجية، فنتجاوز إشكالية خصوصية النصّ الديني، وإمكانية دراسته بأدوات ومناهج منقولة من حقل معرفي إلى آخر؛ ولا يتم ذلك إلا بمنهج التكامل المعرفي المتجاوز لإشكالات التبيئة المفاهيمية والمنهجية، وإعادة توظيف هذه المناهج خارج نطاق التوظيف الغربي لها، التي انتهت إلى ما يسميه أبو القاسم الحاج حمد (توهمات وضعية)، والعمل على الاشتغال ضمنها في إطار المنظور (الكوني)[42].

الخلاصة الثانية: بما أنّ الواقع المعاصر يستوجب على الباحث العلمي -لا سيما في العلوم الشرعية- أن يتعامل بشكلٍ أو بآخر مع النصّ الديني كمحطة علميّة يفرضها الاختصاص الدقيق، فلم تعد دراسة تفسير النصوص الدينية الإسلامية وغيرها مجرد اختصاص ضيق يسلكه الدارسون للدّين فقط ومن خلال تخصصات أدقّ، إنما فرضت المعرفة الحديثة فضاءً مفتوحًا بين جميع أشكال المعرفة والدّين.

الخلاصة الثالثة: إذا كان استعادة النقاش حول ضرورة تقديم قراءة جديدة للنصّ القرآني، فإن ذلك ينبغي أن يكون مدخلًا لاستعادة الفعل الحضاري أو ما يسميه طه عبد الرحمن (الجواب الإسلامي)، أي أننا بحاجة إلى قراءة جديدة للقرآن تكون منطلقًا لتقديم جواب للحداثة الإسلامية، تسهم في تجاوز التأخّر التاريخي للأُمة، وتكون بديلًا إنسانيًّا لفشل الحضارة المعاصرة عن تقديم جواب لإشكالية الإنسان.

 

[1] فصل المفكر السوداني محمد أبو القاسم حاج حمد -رحمه الله- في الإشكالات التي أفرزها التفكير اللاهوتي ومناهج المعرفة الوضعية في الغرب كحلّ لإشكالياتها مع اللاهوت المسيحي والتفكير الميتافيزيقي. يراجع: (جدلية الغيب والإنسان والطبيعة العالمية الإسلامية الثانية)، حاج حمد محمد أبو القاسم، (ص29)، دار الهادي، الطبعة الأولى، بيروت - لبنان، 1425هـ/ 2004م.

[2] (لسان العرب)، ابن منظور، مادة (حدث).

[3] (موقف طه عبد الرحمن من الحداثة)، بوزبرة عبد السلام، (ص3)، رسالة ماجستير في الفلسفة، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، جامعة منتوري -قسنطينة- الجزائر، 2009-2010م.

[4] (اعتبارات نظرية لتحديد مفهوم الحداثة)، محمد برادة، (ص12)، مجلة فصول، عدد: 4، الهيئة العامة المصرية للكتاب القاهرة، مصر، 1984م.

[5] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، طه عبد الرحمن، (ص175)، الطبعة الأولى. المركز الثقافي العربي، -الدار البيضاء- المغرب، 2006م.

[6] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، مرجع سابق، طه عبد الرحمن، (ص29).

[7] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، مرجع سابق، وما بعدها، طه عبد الرحمن، (ص24).

[8] (نقد الحداثة الغربية بين عبد الوهاب المسيري وطه عبد الرحمن: مقاربة أولية) سلمان بونعمان، كتاب دراسات في أعمال الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن، (ص42)، ط1، مطبعة النجاح الجديد، الدار البيضاء - المغرب، 1434هـ/2013م.

[9] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، طه عبد الرحمن، (ص60)، مرجع سابق.

[10] المرجع السابق، (ص31).

[11] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، طه عبد الرحمن، (ص30)، مرجع سابق.

[12] نفسه، (ص205).

[13] نفسه، (ص175).

[14] (روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، طه عبد الرحمن، (ص175)، مرجع سابق.

[15] قدم محمد شحرور قراءته المعاصرة للقرآن الكريم في كتابه الموسوم بـ(الكتاب والقرآن قراءة معاصرة)، وشكّل الكتاب مثار نقاش وجدل بين الباحثين والدارسين. رغم هذا فالكتاب يعدُّ محاولة جادّة في طريق البحث عن طريقة معاصرة في فهم التنزيل الحكيم، أراد من خلاله صاحبه حلّ مشكلة الجمود التي سيطرت على الفكر الإسلامي لعدّة قرون، مستدلًّا بكون معنى النصّ متغيرًا حسب الأحوال النفسية للمتلقي والمتغيرات الثقافية والاجتماعية والظروف البيئية. وترتكز القراءة المعاصرة من منظور شحرور على اعتماد المنهج اللغوي في تحديد معاني الألفاظ، والقول بعدم وجود الترادف في اللغة مستندًا على نظرية أبي علي الفارسي، والمتمثلة في منهج الإمامين: ابن جني، وعبد القاهر الجرجاني، مستندًا إلى الشعر الجاهلي.

[16] استشهد الدكتور طه على ذلك بنصّ لمحمد أركون في كتابه: (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني)، راجع (ص206). ومما جاء فيه: «وكنت قد بينت في عدد من الدراسات السابقة أن مفهوم (الخطاب النبوي) يُطلق على النصوص المجموعة في كتب العهد القديم والأناجيل والقرآن، كمفهوم يشير إلى البنية اللغوية والسيميائية للنصوص، لا إلى تعريفات وتأويلات لاهوتية عقائدية».

[17] يستدلّ طه على فكرة المماثلة بين الأديان بنصٍّ لنصر حامد أبو زيد من أجل إثبات دعواه يقول فيه: «والمقارنة بين القرآن والسيد المسيح، من حيث طبيعة (نزول) الأول وطبيعة (ميلاد) الثاني، تكشف عن وجوه التشابه بين البنية الدينية لكلّ منهما داخل البناء العقائدي للإسلام نفسه، ولعلّنا لا نكون مغالين إذا قلنا إنهما ليستا بنيتين، بل بنية واحدة رغم اختلاف العناصر المكونة لكلّ منهما، فالقرآن كلام الله وكذلك عيسى -عليه السلام- (رسول الله وكلمته)» انظر: (نقد الخطاب الديني)، نصر حامد أبو زيد، (ص204، 205).

[18] روح الحداثة، (انظر: 178، 179).

[19] (أزمة الإبداع الموصول عند طه عبد الرحمن؛ القراءة الحداثية للنصّ القرآني نموذجًا)، مجلة الكلمة، عدد: 51، (ص104)، 2006م.

[20] (روح الحداثة)، مرجع سابق، (ص189).

[21] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، (ص189)، مرجع سابق.

[22] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، انظر الصفحات الآتية: 190، 191، 192، مرجع سابق.

[23] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، (ص193)، مرجع سابق.

[24] (الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري)، طه عبد الرحمن، (ص17) وما بعدها، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب. 2005م.

[25] (الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري) طه عبد الرحمن، (ص24)، مرجع سابق.

[26] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، (ص205).

[27] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، (ص194).

[28] (روح الحداثة)، مرجع سابق، (ص197).

[29] (طه عبد الرحمن ونقد الحداثة)، بوزبرة عبد السلام، (ص219)، الطبعة الأولى، جداول بيروت - لبنان، كانون الثاني/ يناير 2011م.

[30] (قراءة بشرية للدين)، محمد مجتهد الشبستري، (ص11)، تعريب أحمد القبانجي، ط 1، دار الانتشار العربي، بيروت – لبنان، 2009م.

[31] انظر: (العالمية الإسلامية الثانية؛ جدلية الغيب والإنسان والطبيعة)، محمد أبو القاسم الحاج حمد، (ص80)، مرجع سابق.

[32] (روح الحداثة)، مرجع سابق، (ص199).

[33] (روح الحداثة)، مرجع سابق، (ص201).

[34] (روح الحداثة)، مراجع سابق، (ص202).

[35] انظر: (العالمية الإسلامية الثانية جدلية الغيب والإنسان والطبيعة)، محمد أبو القاسم حاج حمد، (ص81)، المجلد الأول، مرجع سابق.

[36] (روح الحداثة)، طه عبد الرحمن، (ص202)، مرجع سابق.

[37] Toshihko, Izutsu. God and Man in the Koran lbid. p:19-21.نقلًا عن (المفاهيم والمصطلحات القرآنية: مقاربة منهجية)، حللي عبد الرحمن، (ص72، 73)، مجلة إسلامية المعرفة، السنة التاسعة، العدد: 35، شتاء 1425هـ/2004م.

[38] (دلائل الإعجاز)، الجرجاني، عبد القاهر، المقدمة، (ص4)، ت: محمود محمد شاكر، ط. الخامسة، مكتبة الخانجي بالقاهرة، 2004م.

[39] (الموافقات في أصول الفقه)، أبو إسحاق الشاطبي، جزء 4، (ص266)، ط1، ت: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار بن عفان، المملكة العربية السعودية، 1997م/1417هـ.

[40] (روح الحداثة)، مرجع سابق، (ص204).

[41] (قراءة بشرية للدين)، محمد مجتهد الشبستري، (ص11)، ط1، تعريب: أحمد القبانجي، دار الانتشار العربي، بيروت - لبنان، 2009م.

[42] انظر (العالمية الإسلامية الثانية؛ جدلية الغيب والإنسان والطبيعة)، محمد أبو القاسم الحاج حمد، (ص80)، مرجع سابق.

الكاتب

الدكتور الحسن حما

حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وأستاذ مشارك بجامعة محمد الخامس بالرباط - المغرب.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))