التفسير الفلسفي للقرآن (5)
المداخل المنهجية الرئيسة لتفسير القرآن في التراث التفسيري
وموقف المرزوقي منها
تسهيم:
يقول أبو يعرب المرزوقي: «الخطاب الكوني في الرسالة الخاتمة ذو أسلوبين في التواصل، أولهما: يكون بلسان أمة معينة، هو في حالة الرسالة القرآنية اللسان العربي، لرسم المعنى وخاصة ليكون الخطاب معينًا للعيّنة البذرة. وثانيهما: أن يكون بلسان كوني، هو القصّ الروائي، لرسم معنى المعنى لئلا يبقى فهمه مقصورًا على العرب فيتم التحقيق الكلّي. فأما الحاجة إلى لسان معين فالعلّة فيه هي أن يكون الخطاب مفهومًا عينيًّا وبمعناه المباشر من أجل تحقيق الأمة البذرة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[يوسف. 2]. وأما الحاجة إلى لسان كوني؛ فحتى يكون الخطاب كليًّا قابلًا لعلاج كلّ الوضعيات التاريخية التي هي البنية العامّة للرهان التاريخي لموضوع الاستراتيجية»[1].
مقدمة:
قد أسّس اجتهاد الفكر الإسلامي منذ أزمنة التأويل الأولى في تاريخه جملة علوم، أو قُلْ: مداخل منهجيّة لتفسير نصوص القرآن وَفِقْه كُنْه دلالاتها وأحكامها، ومع توالي الزّمن اعتبرت محلّ (إجماعٍ) بين أهل النظر التفسيري التأسيسي؛ بحيث إنّ كلّ مجتهد لا يسمّى ما قدمه تفسيرًا للقرآن، إلا بمقدار ما يوظّفه من تلك المداخل المنهجية. وفي المقابل، فإن كلّ مَن رفضها أو أنكرها أو قلَّل من شأنها، أُلصقت به شتى أنواع التُّهَم الدينية والفكرية[2]. واليوم تجد أهل تجديد النظر التفسيري في موقفهم منها على مذاهب ثلاثة على الأقلّ: مذهب يتمسك بها ويُحيِّنها ويعيدها كما كانت في عهد المتقدمين[3]. ومذهب لم يتوسّل بها إطلاقًا؛ إذ قد اعتبرها من الاجتهادات التاريخانية الميّتة، التي فقدَت أيّ فعالية رمزية أو إلزام منهجي اليوم[4]. ومذهب توسّط بين المذهبين؛ بحيث اجتهد أهله في إجراء جملة تعديلات وإصلاحات ليستقيم التوسّل بها والتأسيس عليها اليوم[5].
ونحن في هذه المقالة نسعى لبيان نظرة أبي يعرب المرزوقي في تأسيسه (التفسير الفلسفي)إلى تلك المفاهيم والأدوات المنهجية الراسخة في التراث التفسيري ومدى مراعاتها -وفقًا له- للطبيعة الخاصّة لنصّ الوحي والسمات الناظمة له[6].
وسنركز حديثنا هنا على بيان نظرة المرزوقي لثلاثة مداخل أساسية من وجهة نظره، وهي: (مدخل المعهود العربي)، و(مدخل أسباب النزول)، و(مدخل الناسخ والمنسوخ)، وتفصيل ذلك كما يأتي:
أولًا: التفسير الفلسفي وجدوى مدخل مرويات المعهود العربي زمن النزول لتفسير النص القرآني:
إذا كان أهل التفسير التراثي التقليدي ومقلّدوهم من المحدَثِين والمعاصرين، قد توسّلوا بمدخل المعهود العربي بنوعيه: لسانًا، وثقافة. واعتبروه أساس التفسير الموضوعي لنصوص القرآن، فإن أبا يعرب المرزوقي لم يَقْتَفِ أثر ذلك المنهج ألبتة؛ بوصفه لا يُمكِّن من استنباط «الدلالات النصيّة»«السياقية»«الكلية»«المتعالية»«الكونية»«الموضوعية»«التوحيدية»لنصوص القرآن، بالنظر إلى المحدّدات المنهجيّة الآتية التي أسّس عليها أبو يعرب المرزوقي منظوره، ومن أهمها:
1. الإخلال بنَاظم تعالي النصّ القرآني:
إنّ القرآن بوصفه نصًّا كونيًّا متعاليًا خاتمًا، له محدّدات منهجيّة أساسية، تجعل منه حقيقة نصًّا مفارقًا ومباينًا للسان نصوص الكلام العربي ومعهوده، مباينة الوجود للعدم؛ ذلك أن الطابع الظرفي التاريخي لنصوص اللسان العربي ومعهوده، يتنافى مع ما يتضمنه القرآن من تجاوز بيّنٍ لمطلق الظرفيات زمن النزول أو قبله أو بعده[7]. وحَصْر فهم القرآن في مطلق الظرفي مُوقِع في آفة التاريخانية المفرطة، التي تفضي إلى توثين قِيَمِه وأحكامه ومُثُله المتعالية؛ بأن يتم التوحيد بينها وبين تعيّنها التاريخي، أو على الأقلّ، يتم إزالة المميّز الحقيقي بين وسيلة القراءة والنصّ المقروء[8]. علمًا بأن خصائص كلّ منهما متباينة لا متطابقة؛ سواء باعتبار المصدر، أو الحامل، أو المحمول، أو محددات منهجية أخرى عديدة، لا تخفى على محقّق النظر[9].
إنّ القرآن إذا كان لسانه «لسان الأمة البذرة» كما كان سائدًا زمن النزول؛ فإنه بحكم خصائصه النصيّة المنزّل بها يتضمن حقيقة لسانًا كونيًّا قابلًا لأن يُفهم من كلّ إنسان في أيّ زمان. فلا يكون إذًا اللسان العربي ومعهود نصوصه هو أداة التبليغ والتفسير النسقي الكلي، بل بحكم ما يتضمنه من متعاليات كونية مجردة ليتحرر القرآن من التبعية المفرطة للّسان، ولو كان اللسان العربي ومعهوده تحديدًا[10].
إنّ القرآن من منظور أبي يعرب المرزوقي يلغي كلّ إمكانية لحصر دلالاته وأحكامه في معاني واستعمالات نصوص اللسان العربي ومعهوده وأجروميته، بل يتعيّن على مستوى الاستنباط والتفسير، الاقتصار على عموم لسان نصّ القرآن الكوني، وإلا كان تاريخيًّا تاريخية نصوص اللسان العربي ومحمولاته الأساسية؛ إذ كون القرآن محكومًا بجملة محددات منهجية نصيّة، يقتضي منهج التفسير أن تكون دلالاته حسب أبي يعرب المرزوقي مضمونية قائمة على ناظم الفحوى المجرّد، لا تعبيرية قائمة على ناظم النصيّة المجسدة، وألا يكون عمومه لسانيًّا، بل عموم التصورات التي تستفاد بالتعبير اللساني الكوني القرآني من خلال الأحداث المقصوصة والحاصلة عند نزوله معًا. فلا يكون القصد بالتبع تلك الأعيان اللسانية التعبيرية، بل ما يتضمنه القرآن من المجردات التي هي أمثل من المُثُل؛ ليتحول تفسير القرآن من كونه قائمًا على رَصْد الدلالات أو الأحكام، التي هي من باب الأمثلة أو المعنى الأول، إلى كيفية الملائمة التي تصل بيْن المعنى ومعناه؛ أي: بين الأمثلة العينية، وبين كونها أعيانًا لأحكام ودلالات كلية كونية، تتجاوز مستوى معهود اللسان العربي وأجروميته[11].
أو يمكن القول: إنّ منهج تحديد دلالات نصوص القرآن تشريعية كانت أو غيرها، لا يقوم على كشف المضمون ونثره، بل يتأسس أساسًا على رصد المحددات البنيوية النظرية الشرعية ولمختلف تطبيقاتها على مستوى التنزيل. ولما كانت المحددات البنيوية النظرية متعالية على أسلوب التعبير اللساني النصي، بفضل التعبير الروائي (الأمثال)، وكذا تعاليها على أسلوب التعيّن التاريخي، بفضل الصّوغ العلمي المُريَّض (المُثُل)؛ تحتّم القول بضرورة الاجتهاد في سبيل تحقيق ذلك الأفق المُبين، بما يجعل القرآن حيًّا على مستوى القِيَم التي يبدعها إنشاءً من غير مثال سابق[12]. ولترسيخ ناظم التجاوز أو التعالي المطلق لمجردات أو لمحددات البنيوية ما بعد الصّوغ اللساني القرآني، ومن باب أولى معهود اللسان العربي تجد أن أبا يعرب المرزوقي يشدّد على قانون أو مسلك (معنى المعنى)؛ بوصفه آلية يتوسّل بها لتمكين القرآن من التعبير باللسان الكوني الكلي ذي الدلالات العامة[13]، ما دام أن المعاني القرآنية -كما سلف القول- ليست متناظرة مع المفردات أو التراكيب، قرآنية كانت أو غير قرآنية، بل تعدّ نسيجًا أكثر ثراء ولا متناهية[14].
وعليه؛ فإنّ ما وراء لسان النصّ القرآني قانون تحليل المعنى، أو المحدد لبيان الأسس أو النّسق القرآني النظري للعمل وللقيمة معًا، فتبقى الدلالة القرآنية الحقيقية هي ما وراء التعبير اللساني النصي؛ بوصفه خطابًا إلى مطلق الناس[15]. وجُلّ القضايا والإشكالات المنهجية والمعرفية الخلافية راجعة أساسًا -حسب أبي يعرب المرزوقي- إلى «سوء التأويل» أو «التحديد» لخصائص أسلوب النصّ القرآني[16]. والقرآن من معالم خصوصيته العامة أنه يعدّ من جنس «الوجود». والوجود أوسع من كلّ المدارك الاجتهادية التي هي ليست إلا مناظر منه[17]. كما هو مسلك نظر ابن خلدون الذي يستلهمه أبو يعرب المرزوقي مرارًا[18]. وبذلك الوصف، فإن القرآن لا يستغرقه أو يستنفذه لسانٌ أو تفسيرٌ أبدًا، بل أقصى ما يمكن التوصّل إليه استنباطًا وتفسيرًا هو أحد دلالات القرآن الجزئية، لا الصورة الكلية العامة[19]، ويعدّ هذا أحد أهمّ أنماط النّمْذجة القرآنية أسلوبًا واستدلالًا[20].
إنّ ما أراد أن يخلُص إليه أبو يعرب المرزوقي بناءً على ما سبق، هو أن دلالات نصوص القرآن ليست أبدًا من جنس دلالات نصوص معهود لسانِ نصوص الكلام العربي المتداول زمن النزول؛ بالنظر إلى أن القرآن ليس تابعًا تبعية الفرع للأصل لمعهود لسان نصوص الكلام العربي وأجروميته، حتى مع اعتبار أنه به نزل، ذلك أن القرآن يتضمن لسانين: لسان من جنس لسان «الأمة البذرة» زمن النزول، من باب تضمنه للمعنى، على مستوى الكلام مع تحقّق وجود الفارق البيّن، ولسان من جنس «اللسان الكوني الإنساني» في مختلف أزمنة التأويل والتكليف كثرة، خصوصًا على مستوى ما سماه أبو يعرب المرزوقي بــ«معنى المعنى»، أو «عموم التصورات»، أو «المحددات البنيوية الكلية»، أو «المُثل المجرّدة»، القائمة على «ما بعد السرد الروائي (الأمثال)»، «وما بعد الصّوغ العلمي المُريَّض (المُثُل)».
2. الإخلال بناظم وظيفة لسان نصّ القرآن:
يقول تعالى: {إنّا أنزلناهُ قرءانًا عَربيًّا لعلَّكُم تَعقلون}[يوسف: 2]. إنّ هذا النصّ من منظور أبي يعرب المرزوقي لا ينصرف معناه إلى «الوحدات العبارية الدنيا» للنصّ القرآني، بل يشمل أساسًا كلّ «الموجودات»، من حيث هي «رموز متعالية الدلالة» على التعبير اللساني النصّي.
لتثبيت الطرح، يشدّد على التنبيه إلى احتواء القرآن على ما سماه بــ«الدوالّ الكونية غير العربية»، بدليل الإشارة المحمولة في قوله تعالى: {نحنُ نقصُّ عليكَ أحسنَ القَصَص}[يوسف: 3]؛ بحيث إن إفادة القرآن متحققة بمستويين، أو قل: بلسانين؛ المستوى أو اللسان الأول: هو المتعلق باللسان العربي المتجاوز. المستوى أو اللسان الثاني: هو المتعلّق باللسان القرآني القائم على الإفادة المتعالية، الذي يمكّن من إدراك معاني نصوص القرآن، بأدوات تبليغ كونية رمزية، تحقق للقرآن وصف (المُبين) دون قَيْد أو شرط؛ إذ لو كان تفسير القرآن مقتصرًا على المستوى أو اللسان الأول فقط، لكان بيانًا أو مبينًا للعرب وحدهم، أو لمن تعلّم العربية فقط، وهذا لا يصح[21].
لترسيخ ما سلف، يرى أبو يعرب المرزوقي أن قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رسُولٍ إلّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لهُم}[إبراهيم: 4]، دالّ على أنه إذا كان لكلّ شعب رسول مبعوث بلسانه؛ فإنّ لسان النصّ الخاتم يشمل كلّ الشعوب المتحققة أو الممكنة الوجود، ليس بتعبيره باللسان العربي فحسب، بل بمضمون دلالاته، أي: باحترام القيم الكلية التي شرعها الله تعالى لكلّ البشر[22].
من السياق النصي ينتقل أبو يعرب المرزوقي إلى السياق التاريخي ليؤكد على أن موقع الأمة العربية ووظيفتها التي لا تنكر لا ينبغي أن ينقلنا إلى ما يشبه موقع اليهود، بدليل أنّ الإسلام النصي يرفض عقيدة الشعب المختار، فضلًا عن أنه ضدّ الاستحواذ على المهمّة الروحية[23]. فقوله تعالى: {كنتُم خيرَ أُمّة أُخرجَت للنّاس}[آل عمران: 110]، لا يقصد به -حسب أبي يعرب المرزوقي- العرب بالمعنى الجنسي أو القومي، بل المقصود يتعلق أساسًا بـ«كلّ من يُسلِم من الناس، فلا يكون له معبود في الوجود إلا الله تعالى»[24].
بناءً على ما تقدّم، فإنّ المنهج يقتضي أن يكون البحث منصبًّا على بيان أساليب تأثير القرآن في اللسان العربي وغيره شكْلًا ومضمونًا لا العكس[25]. من باب نفاذ حاكميته على ما سواه، خصوصًا إذا علمنا كما ينصّ أبو يعرب المرزوقي أنّ القرآن إذا كان لغة الوجود فهو بالتبع غير خاضع ألبتة لمعاني أو أساليب معهود نصوص اللسان العربي وأجروميته أو غيره[26].
3. الإخلال بناظم إعجاز نصّ القرآن:
إذا كان القرآن كتابًا معجزًا كما ثبتَ نصًّا[27]؛ فإنّ تحصيل ناظم إعجازه كلية ليس من طَوْق ومُكنة اجتهاد الإنسان، بل أقصى ما يحققه من خلال كلية أضرُب اجتهاده المنهجي والمعرفي هو تحصيل التوجه الدائم إليه؛ بوصفه مُعينًا أو مُمهّدًا لمسالك الإبداع الذي لا ينضَب، وتحقيق ذلك يعدّ -حسب أبي يعرب المرزوقي- وجهًا من أهم أوجه الاعتبار بالقرآن، بما هو توجيه للنظر العلمي في آيات الخَلق والأمر[28]. وإذا كانت آية إعجاز القرآن خاتمة الشعر بإطلاق، فإنّ غاية إعجاز القرآن هي ما لا يدرك، بوصفها عين آية المطلق خِلقيًّا أو أمْريًّا؛ لذا فإنّ إعجاز القرآن بوصفه إعجازًا مطلقًا، هو تضمنه لناظم اللاتناهي الذي لا يستنفذ ولا يضاهى[29]. في مقابل ما سلف، فإنّ الشعر العربي المتقدّم على القرآن زمانيًّا يكون مفيدًا في سبيل تفسير نصوص القرآن، إلا أنه يبقى دومًا دون فِقْه ناظم إعجازه كلية، أو نسبة من نسبه صعودًا وترقيًا؛ لذلك لا داعي لحصر تفسير القرآن في نصوص معهود لسان نصوص الكلام العربي إفرادًا وتركيبًا واستعمالًا ودلالة ونَفَسًا ونحو ذلك.
بناءً على ما سبق، توقّف أبو يعرب المرزوقي عند المقدّمة التي يستند إليها أهل التفسير التراثي للقرآن بمعهود نصوص لسان الكلام العربي زمن النزول، وهي أن المعهود العربي يفيد في سبيل إزالة الالتباس الذي يظهر على عدّة نصوص من القرآن؛ سواء تعلّق بدلالات مفرداته أو بدلالات تراكيبه ونحوها. يفند أبو يعرب المرزوقي ذلك التسليم المنهجي بتأكيده على أن مفهوم (الالتباس) إن وُجدت له ساحات وجود موضوعي في نصوص القرآن؛ فإنه لا يتعلق ألبتة بالمفردات أو التراكيب أو الاستعمالات، بل يتعلّق تحديدًا على سبيل (الافتراض) أو (الفرض) بوجوه (الحكمة القرآنية)، التي تتجاوز مطلقًا حكمة خاتمة الشعر. فضلًا عن أن (الالتباس) في القرآن -إن وجد- فهو يتعلّق أساسًا بــ(متشابه القرآن)، بوصفه ذي إحكام مُلتَبس. وبالتبع، فإنّ معهود نصوص كلام اللسان العربي لا تساعد على تأويله؛ ذلك أن تأويل (المتشابه) -كما ينصّ أبو يعرب المرزوقي- منهيّ عنه نصًّا. في مقابل ما تقدّم، فإنّ صلاحية معهود اللسان العربي وما ينتمي إلى فضاء الحكمة تحديدًا، تقتصر على الاعتبار بالمعنى الفني للكلمة، الاعتبار المذكِّر بالمطلق المتعلق بإعجاز القرآن[30].
ثانيًا. التّفسير الفلسفي وجَدْوى مدخل مرويات أسباب النزول لتفسير النصّ القرآني:
إذا كان أهل التفسير التراثي قد توسّلوا بمختلف مرويات أسباب/مناسبات النزول لتفسير نصوص القرآن؛ فإن أبا يعرب المرزوقي لم يسلك ذلك المسلك ألبتة، بوصفه لا يُمكّنُ من التمهيد لاستنباط الدلالة النصيّة الكليّة المتعالية للنصّ القرآني. وقد أخذ أبو يعرب المرزوقي على أهل التراث التفسيري ولَعَهُم الشديد بمرويات أسباب النزول؛ كونها من العلّة الباعثة على الحُكم، لا كونها مجرد مناسبة مصاحبة، قَدْر أخذه على مَن سماهم بــ«مؤرخني النصّ القرآني» من العلمانيين، الذين حصروا كلية النصّ الإلهي النازل في عتبة أو عينة السبب الإنساني الزمكاني[31].
بناءً على ما تقدم، ينصّ أبو يعرب المرزوقي على أن ما يسمى بأسباب النزول، تعدّ مجرد مناسبات للإعلان عن الحُكم، أو من باب الأمثلة لإفهام المخاطبين الحُكم، وليست عللًا باعثة للأحكام ألبتة؛ بمعنى أنها من باب دلالة الجزئي على الكلي، أو دلالة العينة على ما هي عينة منه، ما دام أن ما سماه بــ«علم القرآن» ككلّ، هو الذي يحدد الوَصْل بين العينة وما هي عليه، أو هي من باب التمثيل بالعينة للقانون الكلي؛ بمعنى أنّ النصّ النازل من القرآن لا تستغرقه أو تستنفذه مناسبات مرويات النزول، ما دام أنه يقبل ما لا يتناهى من التحقيقات؛ ذلك أن الأمر يتعلق بما يمكن تشبيهه بــ«الجدل النازل من الكلي إلى الجزئي»، المشار إليه في أعيانه كما سبق القول[32]. وعليه؛ فإنّ كلّ ما هو عيني، يعتبره أبو يعرب المرزوقي عينة لا يعنينا منها إلا ما هي عيّنه منه، خصوصًا على مستوى جَرْد كليات الوجود الإنساني؛ سواء كان ذلك أحكامًا من الشريعة، أو أخبارًا من العقيدة[33].
إنّ مختلف مرويات مناسبات النزول من منظور أبي يعرب المرزوقي يتعين أن تُفهم بالقرآن؛ سواء على مستوى الصحة أو الضعف والوضع، أو على مستوى اتخاذها عيّنات لفهم كلي القرآن، لا أن يفهم بها، تجنُّـبًا لكلّ ما يشي بتاريخية نصوص القرآن[34].
وعليه؛ فإذا بطل المقدّم، وهو عدم التلازم بين نزول نصوص القرآن والمناسبات المصاحبة أو المحتفَّة بزمن نزول الآيات، بطل بعد ذلك بالتّبَع التالي، وهو اعتبار نصوص القرآن التي تعلقت بها أسباب النزول تاريخية، كما هو الأمر عند مؤرخي النصّ القرآني من العلمانيين المعاصرين وغيرهم[35].
ثالثًا: التّفسير الفلسفي وجدوَى مدخل مرويات علم النّاسخ والمنسُوخ لتفسير النصّ القرآني:
إنّ الناظر في النّصّ التفسيري التراثي التّأسيسي تحديدًا، يجد أنه قد اعتبر أنّ ناظم مرويات/اجتهادات الناسخ والمنسوخ، تعدّ محددًا أو مدخلًا منهجيًّا أساسيًّا لتفسير نصوص القرآن، خصوصًا نصوص الأحكام منه. وفي سياق (المراجعة الشاملة) لمختلف مناحي الاجتهاد الإسلامي في تاريخ الفكر الإسلامي، المتعلّق أو المنبثق أساسًا من النصّ القرآني؛ نادَى الكثير -تنظيرًا وتطبيقًا- بضرورات إعادة القول في مسألة أو مقالة (الناسخ والمنسوخ) أصْلًا وفرعًا، ومِن بين مَن سلك هذا المسلك أبو يعرب المرزوقي، ونحاول في هذا السياق عرض اجتهاد منظوره بناءً على ما يأتي:
بدايةً ينصّ أبو يعرب المرزوقي على أنّ مقالة (الناسخ والمنسوخ) كما هي عليه في مصنفات التراث الإسلامي -التفسير والفقه والأصول والحديث-، أو عند مقلدة المتقدمين من المتأخرين، تعكس في جوهرها التعامل غير الحكيم مع نصوص أحكام القرآن؛ بوصفها قائمة على ناظم (النسخ المطلق)، الذي هو ممتنع بين نصوص أحكام القرآن[36]، إلا أنه في المقابل لا يمكن (نفي النسخ) عن نصّ القرآن بإطلاق، بدليل أنه ورد صريحًا في نصوص القرآن[37]. وبين (النفْي المطلق) و(الإثبات النِّسْبي) أو (الإضافي)، يتحدّد اجتهاد منظور أبي يعرب المرزوقي.
إنّ دلالة مفهوم (الناسخ والمنسوخ) في المتن اليعربي تتحدد بناء على دائرتين معرفيتين اثنتين، هما:
الدائرة المعرفية الأولى: يتأسّس مفهوم (الناسخ والمنسوخ) فيها على نتيجتين:
1.النتيجة الأصلية: يتحدد مفهوم (النسخ) فيها من خلال الناظم الكلي الآتي: إن الحُكم الأعم ينسخ الحكم الأخص لصالح الأعم في دين العامّة، كما ينسخ الحكم الأخص الحكم الأعم لصالح الأخصّ في دين الخاصة وليس العكس؛ بمعنى أنّ أقلّ الأحكام تشدّدًا تكون هي المقدمة الضرورية بالنسبة إلى عامّة المؤمنين، وأكثرها تشددًا هي المقدمة الضرورية لصَفْوة المؤمنين، كما هو الشأن في كلّ مجاهدة واجتهاد؛ سواء كان اجتهادًا فكريًّا أو جهادًا عمليًّا، وهذا الناظم الكلي يعدّ من منظور أبي يعرب المرزوقي بمثابة القانون الوجودي العام الخِلقي والخُلُقي معًا، الذي لا يقتصر على تشريعات الأحكام الخُلُقية، بل يعمّ الوظائف الخِلقية كلها عند جميع الكائنات الحية[38].
2.النتيجة الفرعية: يتحدد (النسخ) فيها بأن أحكام نصوص القرآن لا يَنسخ بعضها بعضًا إلا بــ(المعنى الإضافي)، كما تَنسخ المراحل اللاحقة المراحل السابقة في سلسلة ذات مراحل ثابتة متتالية[39]. ويقصد بــ(النسخ الإضافي) في هذا السياق أنه يتعلق تحديدًا بظروف تطبيق الأحكام؛ فالمكلف يتغير المطلوب منه حسب نضوج ظروف التطبيق، فضلًا عن موضوع الحكم-المكلف؛ فالحكم يتغير حسب تدرّجه وارتقائه في مستويات الإيمان، فيكون المستوى الأفضل يحدّده نصّ من رتبة أسمى مناسبة لدرجات الإيمان عقدًا وعمَلًا أو هما معًا؛ لذا فإنّ نسخ الأحكام إضافي باعتبار المراحل الذي يجتهد المكلف في سبيل التدرّج فيها ارتقاءً من مرتبة إلى أخرى عبر سُلَّم التربية. ومراحل الترقي التي يسلكها مريد الوصول أو الخلاص ثابتة غير متغيرة أو متحولة، ثبات مراحل النضج العضوي لدى الكائن البشري تحديدًا[40].
الدائرة المعرفية الثانية: تتأسس دلالة مفهوم (النسخ) فيها على تصورين جامعين اثنين، هما:
التصور الجامع الأول: يحدده أبو يعرب المرزوقي بعلاقة (الإسلام النصّي) بالأديان المنزلة السابقة:
إنّ (الإسلام النصّي) من منظور أبي يعرب المرزوقي لم ينسخ الأديان المتقدمة عليه، لا على مستوى العقائد، ولا على مستوى التشريعات، إلا بــ(المعنى الإضافي)، لا بــ(المعنى المطلق)؛ بمعنى أن الإسلام أضاف إلى ما سبق لتمكين السالك نحو مقامات الخلاص الأسمى والتدين الكامل الأَرْقى.
وهذا التصور يتأسّس على دليلين نصيين؛ الأول: قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[المائدة: 48]. الثاني: قوله سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 256][41]. أو باعتبار آخر، فإنّ (الإسلام النصي) يضيف إلى ما سبق تشريعات لتحقيق التناسب بين الحكم ومراحل تربية المكلفين، وهو مدلول (الإستراتيجية) التي أطلق عليها القرآن اسم (بناء المستقبل)، باعتبار ما ترمز إليه القبلة الثانية. أو باعتبار آخر، فإنّ (الإسلام النصّي) في علاقته بما سبق، يصحح التحريفات العقدية والشرعية الطارئة، والتي أطلق عليها القرآن اسم (المراجعة النقدية الإصلاحية الشاملة)، باعتبار ما ترمز إليه القبلة الأولى[42].
التصور الجامع الثاني: يحدّده أبو يعرب المرزوقي بعلاقة (النسخ) بين أحكام نصوص القرآن:
إنّ النسخ بــ(المعنى المطلق) بين نصوص القرآن غير متحقق الوجود موضوعيًّا، والدليل العقلي على امتناع وقوعه في القرآن، هو دليل امتناعه في الرسالة إذا كانت أولى وامتناعه فيها أيضًا إذا كانت أخيرة، وكلا الوصفين الجامعين معًا متحققين موضوعيًّا في رسالة نصّ القرآن؛ فالرسالة الأولى لمجرد كونها أولى، لا يمكن -تصورًا- أن تنسخ شيئًا أصْلًا؛ لأنها غير مسبوقة برسالات حُرّفت، فضلًا عن أنها تعدّ تذكيرًا بالثابت في «الإسلام الكوني المطابق للفطرة». والرسالة الخاتمة لمجرد كونها الأخيرة، لا يمكن -تصورًا- أن يكون نَسْخ المحرف محرفًا، فيحتاج إلى نسخ. وعليه؛ فما جاء ليُصحح التحريف النصّي الطارئ لا يحتاج إلى تصحيح، وإلا أفضى الأمر إلى التسلسل الممتنع عقلًا[43].
بناء على ما تقدّم، فإنّ كلّ ما ورد في القرآن ثابت الراهنية الفاعلة الدائمة، ولا نسخ في ما بين نصوصه، إلا بــ(المعنى الإضافي)، لا بــ(المعنى المطلق) المتحقق في تصحيح القرآن للتحريف العقدي والتشريعي النصّي الموضوعي في الرسالات السابقة. و(النسخ الإضافي) بين نصوص القرآن ينصرف أيضًا إلى ترتيب مراحل النضج النفسي والروحي للمخلوق البشري تربية، وإلا كان من جنْس أحكام القانون الوضعي، ذلك أن أحكام القرآن، ليست من باب التشريع المباشر، بل هي من باب (أحكام الأحكام)، أو قل: (تشريع التشريع).
خاتمة:
حاولنا في هذه المقالة بيان نظرة أبي يعرب المرزوقي لبعض المداخل المنهجية في التراث التفسيري، والتي يرى أنها لا تستطيع أن تساعد في فهم النصّ، حيث إنها -وفقًا له- تخالف السمات الناظمة للنصّ القرآني ولا توافق خصوصيته؛ لذا فقد راعى أن يخلو تأسيسه منهجه التفسيري من هذه الأدوات، وأن يعيد تكييف بعضها لتتلاءم مع سمات النصّ القرآني ورسالته العالمية الخاتمة.
[1] الجلي في التفسير، تونس، الدار المتوسطية للنشر، ط. 2010، ج1، ص80.
[2] من التهم: مخالفة (السلف) أو (الإجماع)، فيه كلّ شيء إلا (التفسير)، وقد تصل حدّ التبديع والتفسيق والتكفير والزندقة والمروق من الدّين أو الخروج عنه، مع العلم أن مناط ذلك التأسيس النظري كلّه الاجتهاد، وليس النصّ الشرعي الصحيح الصريح.
[3] أغلب أنصار هذا المذهب من أهل مقلّدة المتقدِّمين.
[4] أغلب أنصار هذا المذهب من أهل الحَدَاثة العربية، أو قُلْ: من أهل مقلّدة المتأخِّرين، أو من أهل القطيعة المطلقة مع التراث.
[5] أغلب أنصار هذا المذهب من أهل الرجوع والمراجعة الشاملة أو الجزئية، أو من أهل التجديد من الداخل.
[6] سوف ينصبّ اشتغالنا رأسًا على ذكر نظرة المرزوقي وموقفه من المداخل المنهجية التراثية لتفسير القرآن -إذ هو الهدف الأصيل للمقالة- لا بيان هذه المداخل نفسها، فضلًا عن أن هذه المداخل المنهجية التراثية لها شهرة كبيرة بين الباحثين فلا تحتاج لكثير تطوير في شرحها وبيانها.
[7] الجلي في التفسير، ج1، ص16.
[8] الجلي في التفسير، ج1، ص23.
[9] قد بيّن الباقلاني بعض ذلك في مصنفه: إعجاز القرآن، ص35-38، 211.
[10] الجلي في التفسير، ج1، ص80،160. تلاحظ في هذا السياق وغيره أن أبا يعرب المرزوقي يفرّق أو يميّز بين نوعين من (لسان نص القرآن): «اللسان القومي - المحايث»، أو قل: «لسان الأمة البذرة»، القائم على رصد «المعنى»، و«اللسان الكوني - المفارق»، أو قل: «اللسان الإنساني»، القائم على رصد «معنى المعنى» المتوالي.
[11] الجلي في التفسير، ج3، ص99- 100.
[12] الجلي في التفسير، ج1، ص278- 279.
[13] الجلي في التفسير، ج1، ص298. ج2، ص199- 200.
[14] الجلي في التفسير، ج1، ص195.
[15] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، بيروت. لبنان، دار الهادي، ط1، ص192.
[16] فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، ص65.
[17] الجلي في التفسير، ج2، ص199- 200، والثورة القرآنية وأزمة التعليم الديني، تونس، الدار المتوسطية للنشر، ط1، 2010، ص33.
[18] أسّس ابن خلدون بمنهجه الفريد، منهج النظر في العلاقة بين مفهوم (الإدراك) ومفهوم (الوجود). الإدراك بوصفه من باب ما يقابل الفكر الحاصل النسبي المحايث؛ سواء كان الوجود من باب (الخلق الطبيعي)، أو (الأمر الشرعي). والوجود بوصفه من المطلق المفارق. يقول: «إن مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية؛ فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية، فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المُحاط بها. فإذا هدانا الشرع إلى مدرك، فينبغي أن نقدّمه على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل -ولو عارضه- بل نعتقد ما أمرنا به اعتقادًا وعلمًا، ونسكت عمّا لم نفهم من ذلك، ونفوّضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه». المقدمة، ص493. يقول أيضًا: «واعلم أن الوجود عند كلّ مدرك في بادئ رأيه أنه منحصر في مداركه لا يعْدُوها، والأمر في نفسه بخلاف ذلك، والحقّ من ورائه. ألا ترى الأصم كيف ينحصر الوجود عنده في المحسوسات الأربع والمعقولات، ويسقط من الوجود عنده صنف المسموعات... فإذا علمت هذا فلعلّ هناك ضربًا من الإدراك غير مدركاتنا؛ لأن إدراكاتنا مخلوقة محدثة، وخلق الله أكبر من خلق الناس، والحصر مجهول، والوجود أوسع نطاقًا من ذلك...». المقدمة، ص441. فضلًا عن تقريره ذلك في مواطن عدة من المقدمة.
[19] الجلي في التفسير، ج3، ص100.
[20] الجلي في التفسير، ج1، ص174.
[21] أشياء من النقد والترجمة، لبنان، بيروت، جداول، ط1، 2012، ص69. من النصوص القرآنية التي تتقاطع على مستوى محور الدلالة مع الآية الثانية من سورة يوسف، تأمل النصوص القرآنية الآتية: [الأحقاف: 11]، [الزخرف: 2]، [الشورى: 5]، [فصلت: 2]، [الشعراء: 195]، [طه: 110]، [الزمر: 27].
[22] أشياء من النقد والترجمة، ص78.
[23] شروط نهضة العرب والمسلمين، لبنان، بيروت، دار الفكر المعاصر، ط1، 2001، ص100.
[24] شروط نهضة العرب والمسلمين، ص100.
[25] في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني، بيروت، لبنان، دار الطليعة، 2000، ط1، ص16. انظر: أمُّ الكتاب وتفصيلها: قراءة معاصرة للحاكمية الإنسانية- تهافت الفقهاء والمعصومين، محمد شحرور، دار الساقي، بيروت. لبنان، ط1، 2015، ص83 وما بعدها.
[26] الثورة القرآنية وأزمة التعليم الديني، ص33.
[27]تأمل النصوص القرآنية الآتية: [البقرة: 22- 23]، [يونس: 38]، [هود: 13]، [الإسراء: 88].
[28] في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني، ص41. تأمل النصوص القرآنية الآتية: [فصلت: 52]، [يونس: 101]، [الأنبياء: 30- 34]، [العنكبوت: 19].
[29] في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني، ص33، 61.
[30] في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني، ص40.
[31] الجلي في التفسير، ج1، ص143. إنّ أهل التفسير التراثي لا يقولون بالعلّة الباعثة كما نصّ المتن اليعربي، بل يقولون بمجرد المناسبة المصاحبة يتجلى ذلك في القاعدة المتبعة في الباب: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب). مقدمة التفسير، ص268 وما بعدها. أسباب النزول، السيوطي، ص12. وأهم مَن يمثل العلمانيين المعاصرين، تجد نصر حامد أبو زيد وغيره، ففي كتابه: (مفهوم النصّ القرآني: دراسة في علوم القرآن، المركز الثقافي العربي، بيروت. لبنان، ط5، 2000، ص97 وما يليها) قد تناول بالدرس والتحليل ما يتعلق بموضوع علاقة نصوص القرآن بأسباب النزول.
[32] الجلي في التفسير، ج1، ص143، 160.
[33] الجلي في التفسير، ج1، ص162.
[34] الجلي في التفسير، ج1، ص159. درءًا لكلّ قول بتاريخانية النصّ القرآني دلالة وحكمًا، اعتبر أهل التراث أنّ العلاقة بين النصّ والسبب هي علاقة (مناسبة) لا (علة). التفسير ورجاله، محمد الفاضل ابن عاشور، دار السلام، القاهرة. مصر، ط1. 2008، ص21، وفي شرعية الاختلاف، علي أومليل، دار الأمان، الرباط، المغرب، ط. الثالثة، 2001، ص50 وما بعدها.
[35] الجلي في التفسير، ج1، ص143- 159.
[36] الجلي في التفسير، ج3، ص102.
[37] استدل أبو يعرب المرزوقي على ذلك بآية [البقرة: 105]، وآية [الحج: 50]. في حين استدل أهل التراث وغيرهم بأربع آيات من نص القرآن: [البقرة: 105]، [الرعد: 40]، [النحل: 101]، [الحج: 50]. الرسالة، الشافعي، ص133- 134.
[38] الجلي في التفسير، ج1، ص152.
[39] الجلي في التفسير، ج1، ص153.
[40] الجلي في التفسير، ج3، ص104.
[41] الجلي في التفسير، ج1، ص154.
[42] الجلي في التفسير، ج3، ص102.
[43] الجلي في التفسير، ج3، ص103.
مواد تهمك
- التفسير الفلسفي للقرآن (6)، تفسير آيتي سورة الإسراء، من منظور التفسير الفلسفي المعاصر لأبي يعرب المرزوقي
- سلسلة التفسير الفلسفي للقرآن (3): «التفسير الفلسفي» لنصّ القرآن عند المرزوقي، الدلالة والمفهوم
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (1): تعريفٍ مجملٍ باجتهاد أبي يعرب المرزوقي
- التفسير الفلسفي للقرآن (4) منهج التفسير الفلسفي عند أبي يعرب المرزوقي؛ الضوابط والأبعاد
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (2): «التفسير الفلسفي للقرآن» بين تاريخ الفكر الإسلامي وتأسيس المرزوقي
- منهج تفسير القرآن في فضاء القراءة الحداثية