التقليد والمرجعية ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ
ﻧﺤﻮ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭإﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ

المترجم : د. حسام صبري
تصنيف التفاسير ومعاييره كان ولا يزال بمثابة إشكال منهجي، وفي هذا البحث تحاول بينك الاجتهاد في اقتراح تصنيفات للتفاسير بصورة تطبيقية من خلال محاولة التصنيف الفعلي لبعض التفاسير المعاصرة في العالم العربي والإسلامي، من هذه التصنيفات: التصنيف وفقًا للأهداف، والمواقف الضمنية، وإستراتيجيات التعاطي مع المؤلفات التقليدية.

  قضية تصنيف التفاسير؛ سواء في العموم أو المعاصر منها، هي قضية تشغل مساحة مهمّة من الدرس الاستشراقي، وثمة عدد من الكتب الكلاسيكية والمعاصرة ذات الشهرة في هذا الشأن؛ أشهرها كتابات جولدتسيهر وجومييه ويوهانس جانسن.

إلا أنّ كثيرًا من الباحثين يُبدون بعض استشكالات منهجية على مثل هذه التصنيفات من حيث كفاءتها التحليلية؛ لذا يقترح بعضهم تصنيفات جديدة بغية اختبارها في ضوء مدى قدرتها على تحقيق اقتراب أكثر من الظاهرة المدروسة.

ويمكن تنزيل هذا البحث ليوهانا بينك في هذا السياق؛ حيث تقترح بينك عددًا من التصنيفات لتصنيف التفاسير المعاصرة، خصوصًا مع توسّعتها المساحة المدروسة من التفاسير لتشمل إندونيسيا وتركيا من حيث الرقعة الجغرافية، وكذلك من حيث القائم بالتفسير لتضيف تفسير الهيئات الرسمية، محاولة اختبار قدرتها التحليلية.

تنطلق بينك من أهمية التغيّر الذي طال الوجود الحالي للمسلمين بعد ظهور الدولة القومية في ظهور ملامح خاصة للتفاسير، ورغم إقرارها بكون الرقعة الجغرافية غير كافية في التصنيف، إلا أنها تحاول إبراز فائدة هذا التصنيف المعتمد على الرقعة الجغرافية في بيان أثر الاختلافات في الموقف من الحداثة، وفي العلاقة بين المؤسسات العلمية والدولة -في توضيح سبب عدد من التباينات بين هذه التفاسير.

 كما تقترح بينك بعض تصنيفات أخرى تتعلّق بالأهداف والمواقف الضمنية للمفسّرين، وكذلك والأهم تتعلق بالإستراتيجية المتّبعة من قِبَلِ التفاسير المعاصرة في التعامل مع التفاسير التقليدية. ومن أجل برهنة أكبر على نجاعة تصنيفها المقترح تختار بينك آيات محددة للمقارنة بين رأي المفسّرين تجاهها خصوصًا طريقة تعاملهم المختلفة مع التفاسير التقليدية، وهما الآيتان (111، 112) من سورة التوبة.

 إنّ الفائدة التي نبغيها من نشر هذه الدراسة، هي إبراز بعضٍ من ملامح استشكال الدارسين للمعايير المعاصرة لتصنيف كتب التفسير، وهذا من أجلِ إثارة النقاش المهم حول هذه المعايير، والذي ينبغي أن يؤدي لإيجاد مثل هذه المعايير واختبارها، فكما ذكرنا فالتصنيف أداة تحليل، والوصول لتصنيفات كفء قائمة على معايير منهجية دقيقة يستطيع إطلاعنا على المفاصل الرئيسة لهذا الفنّ.

المؤلف

يوهانا بينك - Johanna Pink

باحثة ألمانية، أستاذ الدراسات الإسلامية وتاريخ الإسلام في جامعة فرايبورغ.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))