إعلان سلطة القرآن... في نصّ القرآن
تناقش الباحثة الفرنسية آن سيلفي بواليفو في هذه المقالة العلميّة موضوعًا شديد الأهمية في الدراسات الغربية للقرآن، وهو مسألة (تقديس النصّ) أي: عملية إنشاء حجيّة وتثبيت النصّ القرآني كمدوَّنة نهائية لا يمكن الإضافة إليها، ذات سلطة ومرجعية في المجتمع المسلم. ولدراسة بواليفو سمة مميزة عن غيرها من الدراسات التي تعرضت لهذا الموضوع من حيث كونها قد قامت على محاولة استكشاف عملية تقديس القرآن للقرآن، أي: تتبُّع تلك الطريقة التي قام بها القرآن لإعلان نفسه كنصّ مقدّس ذي مرجعية وسلطة.
تضع بواليفو في دراستها بعض التمييزات بين «الحجية» و«التثبيت»، وبين «التقديس داخل النصّ» و«التقديس الفعلي»، وهو ما يُعِينها تمامًا على تنظيم الآراء المتداولة حول الأمر بين عددٍ كبيرٍ من المستشرقين، حيث تستطيع لَفْت النظر لغياب مثل هذه التمييزات المهمّة في بلورة رؤية كلّ منهم للتاريخ الذي انتهت عنده عملية تقديس النصّ؛ مما يؤدي لتشوّش كثير من هذه الآراء، كذلك فإنّ تتبُّع مرحلة «التقديس داخل القرآن» وإيضاح ما تنطوي عليه من تماسك وانتظام ووحدة -يستطيع إثبات عدم دقّة الكثير من آرائهم التي تؤخّر تمامًا هذه العملية لمرحلة متأخرة جدًّا أو تلك التي تنسبها كذلك لعمل جماعيّ أو لجدالات متأخرة.
تَتْبَع بواليفو في مقالتها هذه -والتي تَتْبَع القراءة (السانكرونية) للقرآن- الطرقَ التي استخدمها القرآن لتكريس حجيته وسلطته، والطرق التي واجه بها الكتب المقدسة الأخرى لتحديد موقعها منه وموقعه منها، مبرزة الوحدة والقوة والتماسك الذي تنطوي عليه هذه الطرق الاستدلالية والبلاغية.
الأهمية الكبيرة لمادة بواليفو وتضمينها هذا الملف (ملف تاريخ القرآن) أنها تناقش جانبًا مهمًّا من جوانب دراسة تاريخ القرآن، وهو جانب نظريّ مفاهيميّ متعلق بمفاهيم السلطة والحجية والتثبيت والتحرير، وهو المهمّ جدًّا في ضبط النقاش في هذه القضية، خصوصًا مع التداول الحداثي العربي لها والبعيد عن التوفّر على عمق نظريّ ومفاهيميّ مناسب، كذلك فإن نمط الدراسة الذي تطرحه والمتميز حتى داخل الدرس الاستشراقي ذاته له أهمية كبيرة في تطوير النظر المنهجي في دراسات القرآن بشكل عامّ.
الملفات المرفقة
مواد تهمك
- حَدِيثُ القرآن عن القرآن في السّور المكِّية الأولى
- الدراسات القرآنية والمنعطف الأدبي؛ قراءة في أهم الدراسات الأدبية الغربية للقرآن
- أهداف كتب التفسير ومناهجها وسياقاتها؛ القرون: الثاني/الثامن- التاسع/الخامس عشر.
- نصر أبو زيد وطبيعة القول القرآني، ثالثًا: القرآن من «النص» إلى «الخطاب»
- نصر أبو زيد وطبيعة القول القرآني، ثانيًا: تأسيس مقولة التاريخية
- المفكرون المسلمون الحداثيون والقرآن