في هذه المقالة يدرس مصطفى شاه أثرَ علم النحو في توثيق القراءات القرآنية، حيث يحاول شاه تسليط الضوء على العلاقة بين علمي النحو والقراءات، خصوصًا في طور تطورهما في أثناء تقعيد العلوم وميل الثقافة الإسلامية إلى توحيد المعارف، ويرى أن لهذه العلاقة أثرًا كبيرًا في عملية توثيق القراءات القرآنية.

ويوظّف شاه فكرة (شعائرية القرآن) المستعارة بتعديل من أنجيليكا نويفرت ليؤكّد كون الحضور الشعائري للقرآن في الصلوات وفي القراءة والتلاوة يكشف عن كون شرط السند في توثيق القراءات ليس شرطًا لاحقًا أو متأخرًا، وإنما هو قائم منذ بدايات عملية التوثيق على اختلاف في طريقة حضوره ضمن شروط اعتماد القراءات الصحيحة.

في هذا السياق يقدّم شاه تسييقًا مختلفًا لكتاب (السبعة) لابن مجاهد؛ حيث لا يعتبر أنه كُتِبَ بغرض توحيد القراءات ضمن الميل العام للتوحيد في هذه الفترة، وإنما هو كُتِبَ ضمن سياق الجدل بين النحويين والقراء حول شروط اعتماد القراءات، وأن تقنية السند التي حضرت ضمن شروطه لم تكن تقنية جديدة غرضها تسييج النصّ، وإنما كانت لغلق الباب أمام تخمينات النحويين التي قد تصل لحدّ معارضة المصحف العثماني.

ثمة أكثر من وجه لأهمية هذه المقالة؛ فأولًا: هي قراءة ذات طرافة وجِدَة لمرحلة مهمّة في تاريخ المصحف. وثانيًا: فإنّ اعتماد شاه على مفهوم شعائرية القرآن في تحليله يعطي مزية لدراسته عن غيرها من مقالات تغرق -أثناء مناقشة هذه المرحلة من تاريخ المصحف- في جدلٍ تاريخي يحجب (طبيعة القرآن) وأثرها الرئيس في جهود الأمة التاريخية في حفظ هذا النصّ الأزلي. وثالثًا: أنها تقدم رؤية مختلفة عن الكثير من الآراء الاستشراقية المعتادة التي تحاول مقارنة تاريخ القرآن بتاريخ الكتب السابقة عليه، حين تجعل المصحف بقراءاته المعروفة مفروضًا عبر مجموعة من الإجراءات السلطوية المتعاقبة؛ مقالة شاه تدحض هذا التصوّر عبر كشفها الطبيعة المعرفية الدقيقة للخلافات بين القرَّاء وكذلك لعملية حسمها.