الصيغة الكريستولوجية لأبرهة
ومدى صلتها بدراسة أصول الإسلام

المترجم : هند مسعد
المسيحية الإثيوبية، من المساحات المهمّة التي زاد التوجه إلى ربط القرآن بها بين الباحثين المهتمين بتسييق القرآن في سياق الشرق الأدنى القديم الديني، هذه المقالة لسيغوفيا تبرز اشتغالًا تطبيقيًّا حول صيغة الشكر المسيحية الإثيوبية وعلاقتها بكريستولوجيا المسيح في القرآن؛ مما يتيح لنا إمكان تصور المعضلات المنهجية أمام هذا الربط.

مقدمة[1]:

لطالما انشغل الدرس الاستشراقي بالبحث عن ما اعتبر أنه أصول الإسلام، وفي هذا السياق يقوم بعض الباحثين المعاصرين من ذوي التوجّه نفسه بمحاولة تسييق القرآن في سياق نصوص الشرق القديم المتأخّر، هذا السياق شديد التنوّع والذي يشمل النصوص السريانية واليونانية والعبرية والآرامية، ومجتمعات المسيحية الشرقية والمسيحية البيزنطية ومجتمع قمران ويهود الجزيرة والمسيحية اليهودية (الإيبونيين)، وفي الآونة الأخيرة والتي شهدت تزايدًا للاهتمام بدراسات صلة الإسلام بالمدونات المسيحية السريانية -شرق الجزيرة- برز اهتمام آخر بمحاولة ربط القرآن بالمسيحية الإثيوبية -جنوب الجزيرة-.

ويواجه هذا الربط الكثير من الصعوبات لو قورن بربط القرآن باليهودية أو المسيحية السريانية المعتاد في الدرس الاستشراقي منذ جيجر وشباير وتور أندريه، فخلافًا لهذه الأخيرة التي تتوفر على عددٍ كبيرٍ من المدونات النصيّة والشفهية المتداولة والتي تم تحيينها -استدعاءها- في صيغ العبادة، نجد قلّة كبيرة بل ندرة في المصادر التي تخصّ المسيحية الإثيوبية، وكذلك نجد صعوبة أكبر في تحديد طبيعة هذه المسيحية وبنائها العقدي والليتورجي، مما يجعل الربط بينها وبين القرآن ونشأة الإسلام أكثر صعوبة وابتعادًا عن الدقّة، وهو ما دفع لانتقاد الكثير من المستشرقين مثل أنجيليكا نويفرت له، وإذا استعدنا كلمات أوليفر ليمان في نقد كتاب (القرآن والكتاب المقدّس: النصّ والتفسير) لرينولدز -والمترجَم ضمن هذا الملف- ووسّعنا إطاره ليشمل المسيحية الإثيوبية، فسنجد أنه بينما يُضْعِف الربطَ بين القرآن والمسيحية السريانية واليهودية كثرةُ النصوص والمدونات والتي تنتهي لإمكان ربط أيّ آية قرآنية بأيّ موضع من هذا التراث بشكلٍ مباشرٍ أو بافتراضِ الرمزية، فإنّ ما يُضْعِف ربط القرآن بالمسيحية الإثيوبية هو ندرة هذه النصوص وفسيفساءتها التي تجعل من الصعب الربط بينها وبين القرآن أو أن يكون لهذا الربط دلالة قوية وواضحة بمسألة عقديّةٍ مركزيةٍ ما داخل القرآن.

في هذه المقالة التي بين أيدينا يحاول الباحث الأسباني في الدراسات الدينية وصاحب كتاب (يسوع القرآن) كارلوس سيغوفيا أن يفترض ارتباطًا بين القرآن والمسيحية الإثيوبية من خلال افتراض تشابه بين النظرة الكريستولوجية للمسيح (طبيعة المسيح) في صيغ الشكر الإثيوبية المكتشفة في بعض النقوش وبين النظرة الإسلامية للمسيح كصاحب طبيعة بشرية، ابن مريم وليس ابن الرب، ويستعين في هذا ببعض الصيغ السريانية الوسيطة في رأيه والمؤثرة على المسيحية الإثيوبية.

 ورغم أن سيغوفيا يعتبر أن تحليله يفضي لاهتمام بهذا الجانب الجنوبي وصلته بالإسلام دون ادّعاء أوسع بكون فهم أصول الإسلام مرتبط تمامًا بالمسيحية الإثيوبية، إلا أننا نجد في تفسيره صيغة أبرهة وعلاقة هذه الصيغة باليهود في حِمْير والصلة بأكسوم وبيزنظة، ثم التعريج على مسيلمة والنبي محمد، رؤية يتم إسقاطها على الإسلام ذاته وكريستولوجيا المسيح فيه وربط لهذا الاختيار بالوضع الديني في الجزيرة، فكأنّ أبرهة هنا هو نموذج سابق لعمل النبي محمد وصيغته نموذج سابق للقرآن، وهي نمذجة تعارض تمامًا ما يؤكّده هو من عدم القدرة على المبالغة في استنتاج أثر حاسم للمسيحية الإثيوبية على الإسلام.

أهمية هذه المقالة تأتي من كونها تتعلّق بمساحة أساسية من مساحات سياق الشرق الأدنى القديم التي يتم ربط القرآن بها استشراقيًّا، وبيان المعضلات المنهجية لهذا الربط في مثال تطبيقي محدّد هو كريستولوجيا المسيح وعقيدة البنوّة.

المقالة[2]:

-1-

عام 525، أو531 (حسب  Robn2012: 283-4)، هزم الملك كالب (ملك مملكة أكسوم الحبشية) ملك حِمْير اليهودي ذا النواس، الذي نصب نفسه بنفسه (في 521 أو 522)، والذي بعد صعوده للسلطة قتل حامية أكسوم في ظفار في اليمن، ودمر كنيسة ظفار، واستولى على المناطق الساحلية للبحر الأحمر التي تواجه أكسوم، وذبح المجتمع (الميافيزي)[3] في نجران. وهكذا تم فرض السلطة الأكسومية والمسيحية معها؛ حيث اكتسبت شهرة في المنطقة في الفترة من 500 إلى 510 (بعد فترة طويلة من السيادة اليهودية في حمير)، وهو حدث استفادت منه بيزنطة، حيث ضمنت السيطرة بمساعدة حليف منتصر على الطرق التجارية عبر الشواطئ الشرقية والغربية للبحر الأحمر ضد إمبراطوريتها المنافسة: بلاد فارس[4].

لكن كالب لم يضم حِمْير. وبدلًا من ذلك احتفظ بعرش حمير ونَصّبَ عليه أميرًا حِمْيَرِيًّا يُدعى سميفع أشوع (بالإغريقية: Esimiphaios). من المُرجّح أن سميفع أشوع كان من أصل يهودي لكنه تحول إلى المسيحية بعد حملة كالب الناجحة في حمير (Gajda 2009: 115, after Procopius). وأيًّا كان الأمر، يشهد اثنان من النقوش الرسمية -رغم حالة التشظي التي تعتريهما- الموجودة في سبأ على إيمانه المسيحي، وهما إسطنبول وويلكم (Istanbul 7608 bis,[5] – Wellcome A 103664)[6].

ويتكون إسطنبول 7608 من 16 سطرًا. ويظهر فيها بشكل جليّ صيغة عيد شكر مجزأة وثالوثية ويذكر فيها سميفع أشوع وملك أكسوم، فضلًا عن النجاح العسكري الأخير في حمير (السطور من 3-8)[7]. السطور التالية عبارة عن قائمة بالأسماء والقبائل التي ساعدته (السطور من 9-15)، ومن ضمنهم سميفع أشوع (السطر رقم 11). ويختتم ببسملة من جزأين تذكر الرب (الرحمن) وابنه المسيح المنتصر (السطر رقم 16).

في المقابل، يتكون ويلكم من 17 سطرًا، لكن لا يمكن تفسير الأسطر الأربعة الأولى؛ لأنه كان محفوظًا بشكلٍ سيئ للغاية. ويبدو أن السطر الخامس يحتوي على صيغة شكر من جزأين، مماثلة لتلك الموجودة في السطر 16 من إسطنبول، وتشير السطور من 5 إلى 9 إلى الملك وقبوله بالسلطة الأكسومية. وتتيح السطور من 10 إلى 17 قائمة بأسماء مشابهة لتلك الموجودة في السطور من 9 إلى 15 من إسطنبول 7608؛ كما أن هناك إشارة إضافية إلى سميفع أشوع في السطر رقم 16 داخل تلك القائمة، وذلك بعد إشارة موجزة إلى الحرب والدمار في السطر 15.

وتصف إيوانا جاجادا المسألة بدقة حين تقول: «لأول مرة في تاريخ جنوب شبه الجزيرة العربية تظهر الصيغ الدينية المسيحية في نص رسمي» (Gajda 2009: 115).

والصيغ المقصودة هنا هي تلك الموجودة في السطر 1 والسطر 16 من النقش الأول: (من الآن فصاعدًا الصيغتان رقم 1 و2)[8]:

- الصيغة الأولى في السطر الأول من النقش (إسطنبول 7608. Bis): والروح القُدس.

- الصيغة الثانية في السطر السادس عشر من النقش (إسطنبول 7608. Bis): باسم الرحمن[9] وابنه المُنتصر.

وفي السطر الخامس من النقش الثاني (من الآن فصاعدًا الصيغة رقم 3):

- الصيغة الثالثة في السطر الخامس من النقش (ويلكومA 103664): الرحمن وابنه.
تبدو الصيغة الأولى ويكأنها الجزء الأخير من صيغة ثالوثية سائدة، محفوظة بشكلٍ جزئي «الربّ، وابنه، والروح القدس». في المقابل، ليس من الضروري قراءة الصيغة الثانية بنفس الطريقة؛ لأنه يمكن أن يذكر الرب وابنه ببساطة (انظر صيغة أبرهة أدناه)[10]؛ ونفس الشيء ينطبق على الصيغة الثالثة، والتي بدورها تتردّد في الصيغة الثانية. وأيًّا كان الأمر، التأثير الإثيوبي ملموس (على الرغم من إدراج الاسم الإلهي «الرحمن») في كلمات الصيغة الأولى:

(الإثيوبية) «النفس القُدس / MänfäsQǝddus»= (اللغة السبئية) w-Mn]fs¹ Qds¹. (Gajda 009: 115).

ولكن هناك سمة بارزة في هذه الصيغ، وبشكلٍ أكثر تحديدًا في الثانية والثالثة. بالإضافة إلى ذكر المسيح باسمه في الصيغة الثانية: (Krs³ts³ = Christos)، يوصف المسيح بأنه «ابن الربّ» (Bn-hw) في الصيغتين الثانية والثالثة. هذا، مرة أخرى يطابق الصيغة المسيحية العادية «الربّ (الأب) وابنه»؛ راجع البسملة الإثيوبية المعتادة: بسم الرب والولد والنفس القدس bä-sǝmä 'Ab wä-Wäld wä-Mänfäs Qǝddus (Kropp 2013-14: 195). ومع ذلك، فإن نقوش سميفع أشوع تمثل -كما سنرى- آخر ظهور لهذه الصيغة الخاصّة «الرب وابنه» في النقوش المسيحية الرسمية لجنوب شبه الجزيرة العربية المتأخرة؛ وهي مسألة -في رأيي- لم تكن حتى الآن تولى اهتمامًا كافيًا.

-2-

حُكم سميفع أشوع لم يَدُم طويلًا؛ ففي العام 535 تقريبًا خلعه قائد جيشه (أبرهة) وتولى عرش حِمْير. وعند تلقِّي هذه الأخبار أرسل كالب بعثتين عسكريتين ضد أبرهة، لكن الملك تمكّن من التفاوض والاتفاق مع جنود كالب في المرة الأولى، إلّا أنه سحق بعثة كالب الثانية.
إذا حَكمنا من خلال ما نعرفه عن حُكمه الذي استمر في الفترة ما بين 450 و550 ميلاديًّا، وفقًا لـ: (Gajda 2009: 118-49; Robin 2012b: 284-8)، فقد جلب أبرهة الاستقرار إلى حمير ونجح في بسط حُكمه على العديد من المناطق المجاورة لشبه الجزيرة العربية، بما في ذلك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمن وطود وتهامة. والأكثر إثارة للاهتمام أنه رفض العمل كملك تابع لأكسوم، وهذا ما يمكن استنتاجه إلى حدٍّ ما من الطريقة التي تُظهِر بها نقوشه الرسمية «إرادته في الحفاظ على -إن لم يكن استعادة- مجد مهد الحضارة العربية الجنوبية، وبالتالي تعزيز شرعيته المتنازع عليها من خلال العمل كملك طبيعي، (Robin 2012b: 285; cf. Gajda 2009:119). توفي أبرهة حوالي عام 565 ميلادية (زُعم أن ذلك حدث بعد حملة فاشلة ضد مكة) وخلَفه ولدَيْه يكسوم ومسروق، الذين حكموا على التوالي حتى منتصف عام 570[11]؛ ثم انتهت سلالته وانهارت مملكة حمير المسيحية بمساعدة بلاد فارس[12].

ومن بين النقوش الصغرى الأخرى لتلك الفترة، لدينا العديد من النقوش الرسمية لأبرهة نفسه، ولا سيما لأغراضنا البحثية هنا، وهي: (النقش CIH 541ـ[13])، و(النقش DAIGDN 2002-20ـ[14])، وكلاهما منذ عام 548 ميلادية، و(النقش [15]Ry 506) وهو منذ عام 552 ميلادية.

ويعدّ نقش (CIH 541) هو أطول نقوش أبرهة الموجودة ويتكون من 136 سطرًا. يبدأ بصيغة عيد الشكر الثالوثية (السطور 1-3)، متبوعة بإشارة إلى اسم أبرهة (السطر 4)، والعناوين (السطور 4-6)، والسيادة (السطور 6-8)[16]. ويروي النقش قصة تمرُّد أَخْمَدَهُ الملك (السطور 10-55)، وقد كان ذلك قبل كتابة النقش نفسه (السطر 9). وتتبع هذه الرواية رواية أخرى تذكر ترميم الملك لسدّ مأرب (السطور 55-61)، والذي يشار إليه مرة أخرى في السطور من 68 إلى 71؛ ثم الاحتفال بقدّاس في كنيسة المملكة (السطور 65-67)؛ وتفشي الطاعون (السطور 72-75). بعد ذلك نجد المزيد من التفاصيل حول حملات الملك العسكرية في شبه الجزيرة العربية (السطور 76-80)؛ وتشير السطور من 80 إلى 87 إلى أنه عاد إلى مأرب بعدهم؛ وتعتبر السطور من 87 إلى 92 تقريرًا عن التنظيم اللاحق لمؤتمر دبلوماسي شاركت فيه وفود من إثيوبيا وبيزنطة وبلاد فارس والممالك العربية التابعة للرومان والساسانيين. وهناك بعض المعلومات التكميلية عن الطاعون المذكور في السطور من 72 إلى 75، ويُشار في السطور من 65 إلى 67 إلى إعادة بناء سد مأرب وكتلته، كما ترِد مرة أخرى في السطور من 92 إلى 117، بالإضافة إلى قائمة مفصلة بالأحكام (السطور 118-136).

 من المُرجح أن النقش "DAI GDN 2002-20" مرتبط بـالنقش "CIH 541" (فهما ينتميان إلى نفس المبنى وتعاصروا إلى حدّ ما)، ويتكون هذا النقش من 41 سطرًا. ويبدأ بصيغة شكر مماثلة -إن لم تكن أطول- لتلك الموجودة في النقش "CIH 451" من السطر 1 إلى 3، ولكنها تفتقر إلى أيّ إشارة إلى الروح القدس (السطور 1-4)؛ ويُذكر أيضًا اسم الملك وسيطرته (السطور 5-12). ويتكوّن الجزء المتبقي من النقش من تقرير موسع عن ترميم سد مأرب (السطور 13-41)، والذي يتّفق مع ما ورَد في النقش "CIH 541".

وأخيرًا، يتكوّن النقش "Ry 506" من تسعة أسطر فقط. ويُفتتح بصيغة شكر مختصرة تشبه الموجودة في السطور من 1 إلى 4 من النقش "DAI GDN 2002-20"، وعلى الرغم من أنها أقصر بشكلٍ واضحٍ (السطر 1)، والتي تذكر مرة أخرى اسم الملك (السطر 1) وسيطرته (السطور 1-2). يشار إلى حملاته العسكرية في وسط شبه الجزيرة العربية (السطور 2-8). وأخيرًا، نجد صيغة شكر أخرى، تشير إلى الرب وحده وتاريخ صكّ النقش وهو عام 552 ميلادية (السطر 9).

في هذه الحالة نجد ثلاث صيغ دينية مختلفة: واحدة في السطور 1-3 من النقش الأول (من الآن فصاعدًا الصيغة رقم 4):

-الصيغة الرابعة من السطر 1 إلى 3، من النقش "CIH 541": بحول وقوة ورحمة الرحمن ومسيحه والروح القُدس.

صيغة أخرى في السطور من 1 إلى 4 من النقش الثاني (من الآن فصاعدًا الصيغة رقم 5):

- الصيغة الخامسة من السطر 1 إلى 4، من النقش "DAI GDN 2002-20": بقوة وعون وتأييد الرحمن السيد في السماوات ومسيحه.

صيغة أخرى في السطر الأول من النقش الثالث (من الآن فصاعدًا الصيغة رقم 6):

- الصيغة السادسة في السطر الأول من النقش "Ry 506": بحول الرحمن ومسيحه.
على الرغم من بعض الاختلافات الطفيفة في الأجزاء الثلاثة المتتالية لكن يمكن تلخيصها على النحو الآتي:

الآن، تعمل ثلاث صيغ بالتوازي (الصيغة الأولى: أ ± ب/ب‘ + ج/ج‘ | الصيغة الثانية: هـ ± و | الصيغة الثالثة: ز ± ح) على الرغم من أنه يمكن القول أن القطعة الرابعة فقط تنطوي على رسالة ثالوثية.

الآن، هناك ثلاث ميزات جديرة بالملاحظة بشكلٍ خاصّ بالمقارنة مع صيغ سميفع أشوع المذكورة أعلاه؛ أولًا: خيار مختلف فيما يتعلق بالكلمات الافتتاحية لصيغ الشكر:

صيغة سميفع أشوع: «باسم...».

صيغ أبرهة: «بقوة + بحول / بعون / تأييد / رحمة...».

ثانيًا: الصياغة المختلفة المطروحة في الإشارة للروح القدس:

سميفع أشوع: النفس القُدس Mnfs¹ Qds¹

أبرهة: روح قُدس / Rḥ Qds¹

والتي تشير إلى التأثير السرياني، وليس الإثيوبي، في الحالة الأخيرة (Beeston 1994: 42; Gajda 2009: 121; Robin 2012c: 540)، وبالتالي فهي شاهدة على تحول غريب في سياسة أبرهة اللغوية والثقافية، ربما كان الهدف منها تأكيد استقلاليته السياسية عن أكسوم. وأخيرًا، فإن الصياغة المتعلقة بيسوع وعلاقة يسوع بالربّ مختلفة أيضًا (Robin 2012c: 539-40):

سيمفع أشوع، رقم 2: «الرحمن وابنه (bn-hw) المسيح المنتصر».

سيمفع أشوع، رقم 3: «الرحمن وابنه (bn-hw)».

أبرهة، أرقام 4، 5، 6: «الرحمن ومسيحه (w-ms¹ḥ-hw)».

-3-

لماذا اختار أبرهة مصطلح المسيح (Messiah) الذي لم يكن موجودًا في أيّ جزء في كامل مجموعة النقوش العربية الجنوبية القديمة (ASA)، قارن تلك الصيغة بصيغة سيمفع أشوع: المسيح/ الذي يمسح (Krs³ts³ = Christos)، والتي تتناسب مع الصيغة الثانية كاسم مناسب للإشارة إلى يسوع، بدلًا من استخدام المصطلح الأكثر شيوعًا الابن (Bn)، وهو أيضًا المصطلح المستخدم بشكل شائع في البسملة الإثيوبية الثالوثية (بسم الأب والولد والنفس القدس /bä-sǝmä 'Ab wä-Wäld wä-Mänfäs Qǝddus). انظر أيضًا: (Kropp 2013-14:195; cf. Robin 2012c: 540)؟

وقد طُرِحت العديد من التفسيرات في هذا الصدد حتى الآن. في عام 1960، اقترح ألفريد بيستون[18] -الذي كان أيضًا أول من لاحظ هذا الاختلاف الفريد- أن أبرهة ربما كان يميل نحو الديوفيزية بدلًا من الميافيزية بدافع كرهه لكالب. (Beeston 1960: 105). في المقابل، زعم عرفان شهيد[19] أنه ربما تحول إلى العقيدة الخلقيدونية من أجل الحصول على دعم من بيزنطة (Shahid 1979: 31). في الآونة الأخيرة، ناقشت جاجادا وجهة نظر بيستون (وشهيد بالتبعية) وطرحت وجهة نظر بديلة: {“Abraha précise bien qui sont le Père et le Fils: «Raḥmānān et son Messie». Il s’agit probablement d’un usage local” (Gajda 2009: 122); “[i]l ne nous paraît pas possible d’avancer une [autre] hypothèse en se fondant sur les données dont nous disposons” (Gajda 2009: 122 n.456.}ما معناه: «أبرهة يوضح من هو الأب والابن: (الرحمن ومسيحه). فمِن المُحتمل أن يكون هذا استخدامًا محليًّا» (Gajda 2009: 122)؛ «ولا يبدو لنا أنه من الممكن طرح فرضية [أخرى] بناءً على البيانات المتوفرة لدينا» (Gajda 2009: 122 n.456). على النقيض من ذلك، يسلط كريستيان روبان[20] الضوء على الطبيعة اليهودية المسيحية الظاهرة لصيغة أبرهة (Robin 2012c: 540). أخيرًا، يجادل جون بلوك أنه من المحتمل أن أبرهة ترك أمر إيمانه غامضًا من أجل كسب الدعم البيزنطي ضد الفرس، ولكن تحوله الرسمي من المونوفيزية إلى النسطورية أمر مستبعد جدًّا. من الأرجح أن بيزنطة كانت لا تزال لديها ميول مونوفيزية، وكانت تعمل بشكل ودّي مع الحبشة. إلا أن بيستون ليس مقتنعًا بالأمر كما شهيد، الذي يرى أن أبرهة قد يكون غيّر إيمانه من المونوفيزية إلى الخلقيدونية (Block 2014: 21).

أعتقد أن تفسير شهيد بعيد المدى للغاية، حيث لا يوجد دليل يدعمه، على الرغم من حقيقة أن التأكيد على إنسانية يسوع ربما أثبت فعاليتها في محاولة إقامة علاقات ودية مع بيزنطة، يمكن للمرء أن يتساءل كيف يمكن للفظة (المسيح) أن تشهد على تحول أبرهة في نهاية المطاف من الميافيزية إلى الخلقيدونية. كما أن فرضية (الاستخدام المحلي) لجاجادا ليس لها أيّ دليل يدعمها؛ لسببين: صيغة أبرهة غير موجودة في أيّ مكان آخر في مجموعة (ASA) كما أشرت سالفًا. علاوة على ذلك، نلاحظ تسرع جاجادا، في القول بأن أبرهة ترك الأمر غامضًا «مَن هو الأب ومَن هو الابن / qui sont le Père et le Fils» (التأكيد من عندي)؛ لأنه في الواقع لا يدعو المسيح صراحة (الابن)، حتى لو كانت الصيغة رقم 4، والتي تعدّ أيضًا الأطول وربما الأكثر أهمية، تقدم نظرة -ولكن ليس أكثر من ذلك- ثالوثية واضحة. بدوره يتجاهل تفسير روبن المشاكل الكامنة في صفة «اليهودية المسيحية» (انظر:Jackson McCabe 2007؛Boyarin 2009؛Segovia 2016 A). أمّا فيما يتعلق بفرضية بيستون، أعتقد أنه لا يمكن رفضها. سأحاول الآن تقديم حجة إضافية قد تدعمها.

تشير دعوات/تضرعات المسيح في المسيحية القديمة المتأخرة عادة إلى «الربّ (الآب) وابنه المسيح». ومع ذلك، من المعروف أن الديوفيزيين، الذين اعتقدوا أن المسيح هو ابن الرب (مثلهم مثل الميافيزيين والخلقيدونيين)، أكدوا على طبيعة يسوع البشرية (ضد الميافيزيين وحتى أكثر من الخلقيدونيين أنفسهم). وبالتالي، فإن الوصف الديوفيزي المعروف لمريم هو أنها أُمّ المسيح (Christotókos)، بدلًا من أُمّ الربّ (Theotókos)، دعوني أكون واضحًا: لا تحتوي صيغة (الربّ ومسيحه) على أساس كتابي[21]، وليست موثقة في مدونات الأدب الديوفيزي القديم المتأخر. لكنها تتناسب ضمنيًّا مع العقلية الديوفيزية[22]. على ما يبدو، فقد عاش المسيحيون النسطوريون/الديوفيزيون في حِمْير، على الرغم من أنّ حِمير كانت مرتبطة طائفيًّا بالميافيزية الإثيوبية بعد 525/531-انظر: (Robin 2012b: 282-3- والذي يبني تقريره على حوليّات سعرد)[23]. وبالتالي من المنطقي أن نسأل -كما يفعل بيستون- ما إذا كان أبرهة حاول أن ينأَى بنفسه عن أكسوم من خلال المصادقة على كريستولوجيا موجهة نحو الديوفيزية/النسطورية.

ومن الممكن أيضًا أن أبرهة -والذي كان قد قدّم نفسه على أنه ملك مسيحي على ما يبدو- قد حاول تجنب أيّ استفزاز حادٍّ ضد يهود حمير، وهي أرض شهدت لعدة قرون صراعًا دينيًّا مستمرًّا (أشعلته بيزنطة وبلاد فارس بطريقة غير مباشرة) بين المسيحيين واليهود، فحاول الحُكم بطريقته الخاصة[24]. فلو كان أبرهة ينوي عدم الإساءة إلى رعاياه اليهود، لكان بإمكانه فعل ذلك من خلال استحضار الرب وحده (بدلًا من الرب ومسيحه = يسوع)؛ في الواقع، كان الرحمن (أيضًا) الاسم اليهودي الجنوبي العربي للرب. على أيّ حال، فإن الإشارة إلى يسوع على أنه المسيح ستكون أقل استفزازًا لهم من وصفه بأنه ابن الرب الإلهي.

في الواقع، قد لا تكون هاتان الفرضيتان متناقضتان، حيث يبدو أن اليهود لم يتصادموا مع الديوفيزيين في العصور القديمة كما حدث مع الميافيزيين. وهكذا يؤكد بيكر (2003: 387) أنه من بين الأدبيات المسيحية المتأخرة، لا يُنسب للديوفيزيين ولو نصًّا واحدًا معاديًا لليهود. وبالطبع، كان فيليب وود محقًّا فيما أشار له في رسالة خاصة بيننا، بتاريخ 26 أغسطس 2015، بأن أفرام السرياني، والذي كانت مناهضته لليهود أقرب لبراءة اختراع (انظر أيضًا: Shepardson 2008)، كان جزءًا من ميراث جميع المتحدثين السريان سواء من الشرق أو الغرب ومن ثم، فقد كانوا جميعًا مُعَاديين لليهود منذ البداية بشكلٍ ما - كما لعب الزرادشتيون دور الفريسيين غالبًا بالنسبة لمسيحيي الشرق السوري بالطريقة التي مثّلوا بها الأناجيل في الأحداث المعاصرة، مما يعني أن اليهود لم يلفتوا الانتباه بشكلٍ كبيرٍ في الممارسة بينهم. ومع ذلك، كان التوتر بين الديوفيزيين واليهود أقل حدّة مقارنة بالوضع السائد بين الميافيزيين. وفي رأيي، هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها.

ومهما كانت نيّة أبرهة، فإن صيغته الكريستولوجية تثبت أن المسيحيين من الجنوب العربي في القرن السادس (حتى المسيحيين العاديين!) لم يكونوا يستغربون تمامًا تمثيل يسوع بالمسيح بدلًا من ابن الربّ، وهي نفس السمة التي ترد في القرآن من وجهة نظر يسوع نفسه والذي يُدعى في القرآن (بالمسيح ابن مريم؛ مرارًا وتكرارًا)، بدلًا من (ابن الربّ)[25]. ومن الغريب على الأقلّ في هذا الصدد أن نلاحظ الإشارات الإيجابية إلى دِين الغزاة العرب في العديد من كتابات الديوفيزيين في القرن السابع، بما في ذلك رسائل يشوعيهب الثالث (48B.97؛ 14C.251)، كتاب وقائع خوزستان/ the Khuzistan Chronicle(34)، وكتاب النقاط البارزة للراهب السرياني يوحنا بن الفنكي (141). (انظر:  Penn2015: 33، 36، 50، 88-9[26].

ومع ذلك، من وجهة نظري، هناك شيء أكثر إثارة للاهتمام في كلّ هذا. إذا كانت كلمة (y (b) mn / ymnt) في CIH 541 وDAI GDN 2002-20 وRy 506 يمكن تفسيرها على أنها تشير إلى إقليم اليمامة (انظر رقم 13 أعلاه)، فهناك سبب وجيه لافتراض أن أبرهة لم يكن غازيًا فقط، ولكنه أراد أيضًا نشر شكل معيّن من المسيحية في وسط وشبه الجزيرة العربية وما وراءهم، وربما لهذا السبب غزا يثرب في الحجاز (Robin 2012c). الآن، اليمامة التي كانت على ما يبدو مرتبطة بعلاقات تجارية مع مكة فيما قبل الإسلام (Makin 2014: 290)، هي المنطقة التي -وفقًا للمصادر الإسلامية اللاحقة- ظهر فيها مسيلمة (الكذاب)، أي: النبي المنافس الرئيس لمحمدٍ (والذي -كما تقول الأسطورة- أُطلق عليه اسم «الرحمن» وهو نفس اسم إلهه) الذي يبشّر برسالته التوحيدية، وقد دارت المعركة بين مسيلمة وأتباعه من جهة، وأتباع محمد بقيادة أبي بكر من الجهة الأخرى، في عام 632 ميلادية (وقد قُتِل مسيلمة نفسه في ساحة المعركة في مكان عرف فيما بعد باسم «حديقة الموت»). كما أوضح ماكين (2008: 219-31) أنه من الصعب للغاية تحديد الاختلافات بين وجهات النظر الدينية لمسيلمة ومحمد بدقّة (فكلاهما بشّر باسم الإله نفسه، وبالتالي تحدثا نفس اللغة اللاهوتية، واستخدما عبارات مماثلة، وحتى كان لديهم مزاراتهم الخاصّة والقرآن الخاصّ بهم). وبالطبع، تؤكّد المصادر الإسلامية أن دين محمد مصدره الوحي الإلهي وتَرفض ديانة مسيلمة على أنها مزيّفة بشكلٍ كلي، لكن هدف هذه المعارضة الثنائية شرعي بحت وتقوم على حجة لاهوتية وليست تاريخية. وأرى إنه من العدل بعد كلّ هذا أن نتساءل إذا كانت الآراء الدينية لمسيلمة ومحمد قد تأثرت بآراء أبرهة. قارن التشابهات القرآنية الواضحة مع كريستولوجيا الأخير، ذكرتُ هذا سالفًا، بالإضافة إلى مرجع مسيلمة المفترض (apud Ṭabarī 1962: 272) بآية «حبة الخردل» في متّى 13: 31-2؛ 17:20؛ راجع مرقس 4: 30-2 أيضًا؛ ولوقا 13: 18-9؛ 17: 6. كذلك؛ ونجد استدعاء القرآن لهذا المثل في السورة 21: 47؛ 31:16 (البدوي 2009: 24؛ 2014: 151-2). لأكون دقيقًا، الصياغة في مقطع مسيلمة المفترض: «فلو إنها حبة خردل»... جديرة بالملاحظة؛ لأنها تتطابق مع النسخة السريانية القديمة لمتّى ولوقا، في حين أن كلمة «لو» مفقودة في البشيطا (Burkitt 1904: 2.77-8)؛ وهكذا فإن الأناجيل السريانية القديمة ممكن التجرؤ واعتبارها نصوصًا فرعية لها. والآن، تحذف إحدى مخطوطات الأناجيل السريانية القديمة (السينائية السورية/ SyrusSinaiticus) الكلمات الواردة في متّى: «ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع. /ouk eginōsken autēn eōs»1:25 (Burkitt 1904: 2.261)، وبالتالي تقدِّم المسيح بشكل ضمني على أنه وُلد من مريم بشريًّا، وهو ما يطابق بطريقةٍ ما مرة أخرى كريستولوجيا القرآن.

وعليه، سيكون من المشروع أيضًا أن نسأل إلى أيّ مدى يجب دراسة الإسلام الناشئ على خلفية المسيحية في الجنوب العربي في القرن السادس. إنني بالتأكيد لا أدّعِي أنّ المسيحية في الجنوب العربي في القرن السادس هي مفتاح فكّ رموز أصول الإسلام. أنا أقول ببساطة أنها يجب أن تؤخذ في الاعتبار كعامل ذي صلة، إذْ تم إهمالها في كثير من الأحيان حتى الآن، وقد يساعد ذلك في تفسير ظهور الإسلام ومكونه في الجنوب العربي[27].

 

References:

Beck, D. A. “Maccabees not Mecca: The Biblical Subtext of Sūrat al-Fīl,”.

www.academia.edu/11493284/Maccabees_Not_Mecca.

Becker, A. H. 2003. “Beyond the Spatial and Temporal Limes: Questioning the ‘Parting of the Ways’ Outside the Roman Empire.” In The Ways that Never Parted: Jews and Christians in Late Antiquity and the Early Middle Ages, ed. A. Y. Reed and A. H. Becker, 373-92. TSAJ 95. Tübingen: Mohr Siebeck.

Beeston, A. F. L. 1960. “Abraha.” In EI, 105-6. Leiden: Brill, and Paris: A. Maisonneuve.

––––– 1994. “Foreign Loanwords in Sabaic.” In Arabia Felix. Beiträge zur Sprache und Kultur des vorislamischen Arabien. Festschrift Walter M. Müller zum 60. Geburtstag, ed. N. Nebes, 39-45. Wiesbaden:Harrassowitz.

Block, C. J. 2014. The Qur’ān in Christian-Muslim Dialogue: Historical and Modern Interpretations. RSQ. London and New York: Routledge.

De Blois, F. 2004. “Qur’ān 9:37 and CIH 547.” PSAS 34: 101-4.

Bowersock, G. W. 2012. Empires in Collision in Late Antiquity. Waltham, MA: Brandeis University Pressand Historical Society of Israel.

–––– 2013. The Throne of Adulis: Red Sea Wars on the Eve of Islam. Oxford and Nueva York: Oxford University Press.

Boyarin, D. 2009. “Rethinking Jewish Christianity: An Argument for Dismantling a Dubious Category (to which is Appended a Correction of my Border Lines.” JQR 99.1: 7-36.

Burkitt, F. C. 1904. Evangelion da-Mepharreshe: The Curetonian Version of the Four Gospels, with the readings of the Sinai Palimpsest. 2 vols. Cambridge: Cambridge University Press.

El-Badawi, E. 2009. “Divine Kingdom in Syriac Matthew and the Quran.” JECS 61.1-2: 1-42.–––– 2014. The Qur’ān and the Aramaic Gospel Traditions. RSQ. London and New York: Routledge.

Gajda, I. 2009. Le royaume de Ḥimyar à l’époque monothéiste. L’histoire de l’Arabie du Sud ancienne de la fin du IVe siècle de l’ère chrétienne jusqu’a l’avènement de l’Islam. MAIBL 40. Paris: Académie des Inscriptions et Belles-Lettres.

Greatrex, G. 2003. “Khusro II and the Christians of His Empire.” JCSSS 3: 78-88.

Grillmeier, A. 1996. The Church of Alexandria with Nuba and Ethiopia after 451, part 4 of vol. 2, From the Council of Calchedon (451) to Gregory the Great (590-604), of Christ in Christian Tradition. Englishtranslation by O. C. Dean Jr. Louisville, KY: Westminster John Knox.

Jackson-McCabe, M. 2007. “What’s in a Name? The Problem of ‘Jewish Christianity’.” In Jewish Christianity Reconsidered: Rethinking Ancient Groups and Texts, ed. M. Jackson-McCabe, 7-38. Minneapolis:

Fortress.

Kropp, M. 1991. “Abrǝha’s Names and Titles: CIH 541,4-9 Reconsidered.” PSAS 21: 135-45. –––– 2013-14. “»Im Namen Gottes, (d. i.) des gnädigen (und) B/(b)armherzigen«. Die muslimische Basmala: Neue Ansätze zu ihrer Erklärung.” Oriens Christianus 97: 190-201.

Makin, A. 2008. Representing the Enemy: Musaylima in Muslim Literature. EUS 106. Frankfurt and New York: Peter Lang. –––– 2014. “Sharing the Concept of God among Trading Prophets: Reading the Poems Attributed to Umayya b. Abī Ṣalt.” In Religions and Trade: Religious Formation, Transformation and Cross Cultural Exchange between East and West, ed. P. Wick and V. Rabens, 283-305. DHR 5. Leiden and Boston:Brill.

Pelikan, J. 1974. The Christian Tradition: A History of the Development of Doctrine, vol. 2: The Spirit of Eastern Christendom (600-17). Chicago and London: University of Chicago Press, 1974.

Penn, M. Ph. 2015. When Christians First Met Muslims: A Sourcebook of the Earliest Syriac Writings on Islam. Oakland, CA: California University Press.

De Prémare, A.-L. 2000. “‘Il voulut détruire le Temple’. L’attaque de la Ka‘ba par les rois yéménites avant l’islam: Abḫār et Histoire.” Journal Asiatique 288:261-7.

Reinik, G. J. 2010. “Tradition and the Formation of the ‘Nestorian’ Identity in Sixth- to Seventh-Century Iraq.” In Religious Origins of Nations? The Christian Communities of the Middle East, ed. B. t. H. Romeny, 217-50. Leiden and Boston: Brill.

Retsö, J. 2014. “The Contradictory Revelation: A Reading of Sura 27:16-44 and 34:15-21.” In Micro-Level Analyses of the Qur’an, ed. H. Rydving, 95-103. AUUHR 34. Uppsala: Uppsala University Press.

Reynolds, G. S. 2009. “The Muslim Jesus: Dead or Alive?” BSOAS 72.2: 237-58

Robin, Ch. J. 2012a. “Abraha et la reconquête de l’Arabie déserte: un réexamen de l’inscription Ryckmans 506 = Murayghan 1.” JSAI 39: 1-93.

–––– 2012b. “Arabia and Ethiopia.” In The Oxford Handbook of Late Antiquity, ed. S. F. Johnson, 247-332. Oxford and Nueva York: Oxford University Press.

–––– 2012c. “Note d’information. Soixante-dix ans avant l’islam: L’Arabie toute entière dominée par un roi chrétien.” CRAI 2012.1: 525-53.

–––– 2013. “À propos de Ymnt et Ymn : « nord » et « sud », « droite » et « gauche », dans les inscriptions de l’Arabie antique.” In Entre Carthage et l’Arabie [63] heureuse. Mélanges offerts à François Bron, ed. F. Briquel-Chatonnet, C. Fauveaud, and I. Gajda, 119-40. OM 12. Paris: De Boccard.

Robinson, N. 2003. “Jesus,” in Encycopledia of the Qur’ān, ed. J. D. McAuliffe, 3:7-21. Leiden and Boston: Brill.

Segovia, C. A. 2016a. “The Jews and Christians of pre-Islamic Yemen (Ḥimyar) and the Elusive Matrix of the Qur’ān’s Christology.” Paper presented at the 8th Annual ASMEA Conference, Washington, DC, October 29-31, 2015,

www.academia.edu/14840043/The_Jews_and_Christians_of_preIslamic.

–––– 2016b. “A Messianic Controversy behind the Making of Muḥammad as the Last Prophet?” Paper presented at the First Nangeroni Meeting of the Early Islamic Studies Society, Milan, June 15-19, 2015.

www.academia.edu/3372907/A_Messianic_Controversy.

Shahid, I. 1979. “Byzantium in South Arabia.” Dumbarton Oaks Papers 33: 23-94.

–––– 2006. “Islam and Oriens Christianus: Makka 610-622 AD.” In The Encounter of Eastern Christianity with Early Islam, ed. E. Grypeou, M. N. Swanson, and D. Thomas, 9-31. Leiden and Boston: Brill.

Shepardson, Ch. 2008. Anti-Judaism and Christian Orthodoxy: Ephrem’s Hymns in Fourth-Century Syria. NAPSPMS 20. Washington, DC: Catholic University of America Press.

Smith, S. 1954. “Events in Arabia in the 6th Century A.D.” BSOAS 16: 425-68.

al-Ṭabarī, M. b. Ǧ. 1962. Tārīḫ al-Rusul wa-l-Mulūk, ed. M. Ibrāhim, vol. 3. Cairo: Dār al-Ma’ārif. van der Velden, F. 2008. “Kotexte im Konvergenzstrang – die Bedeutung textkritischer Varianten und christlicher Bezugstexte für die Redaktion von Sure 61 und Sure 5,110-119.” Oriens Christianus 92 (2008): 130-73.

Wood, Ph. 2013. The Chronicle of Seert: Christian Historical Imagination in Late Antique Iraq. OECS. Oxford and New York: Oxford University Press.

–––– 2015. “Christianity in the Arabian Peninsula.” Paper presented at the First Nangeroni Meeting of the Early Islamic Studies Society, Milan, June 15-19, 2015.

 

 

[1] قام بكتابة المقدمة وكذا التعريف بالأعلام والتعليقات الواردة داخل نصّ الترجمة، مسؤولو قسم الترجمات بموقع تفسير، وقد ميزنا حواشينا عن حواشي سيغوفيا بأن نصصنا بعدها بـ(قسم الترجمات).

[2] ترجمتْ هذه المقالة، هند مسعد: مترجمة وكاتبة، لها عدد من الترجمات المنشورة.

[3] هناك ثلاث صيغ لكريستولوجيا المسيح يتم النقاش حولها في هذه المقالة: (الميافيزية والمونوفيزية والخلقيدونية)، وتعني الأولى أن المسيح هو إله وإنسان لكن في طبيعة واحدة، وأنه لا يمكن الحديث بعد تجسد الكلمة عن طبيعتين للمسيح، أمّا المونوفيزية فتعني أن المسيح له طبيعة واحدة فقط هي الطبيعة الإلهية، أمّا الخلقيدونية فتعني أن للمسيح طبيعتين؛ إلهية وبشرية. (قسم الترجمات).

[4] في إثيوبيا، حمير، بيزنطة، وبلاد فارس بين القرنين الرابع والسابع، انظر المزيد:Bowersock 2012، 2013.

[7] حول هذا النوع من الصيغ، انظر:Gajda 2009: 226-31.

[8] قدمت الترجمة الصوتية التي قدمها فريق CSAI في جامعة بيزا، من إخراج A. Avanzini. راجع:

dasi.humnet.unipi.it/index.php.

[9] الاسم/ الصفة الإلهية الرحمن، له خلفيته الجغرافية والثقافية، وما يعادله في الإنجيل، انظر: جاجادا 2009: 231؛Kropp 2013-14. ومدى ارتباطه باسم الله الإلهي، Retsö 2014.

[10] بيس جاجدا / Pace Gajda (2009: 115)، الذي يعتبرها «صيغة ثالوثية ثانية».

[11] بمعنى آخر: بعد وقت قصير من التاريخ المخصص لولادة محمد.

[12] حول حملة أبرهة ضد مكة وإشاراتها المفترضة في السورة 105 من القرآن (الفيل)، انظر: Robin 2012بـ: 285-8. على أساس تاريخي قابل للنقاش للمقطع القرآني المعنيّ ونصه الضمني الكتابي المعقول، de Prémare 2000؛ Beck.

[16] كما كتب لي مانفريد كروب في رسالة خاصة بتاريخ 24 يوليو 2015، السطور من 4 إلى 6:(’brh ‘zly mlkn ’g‘zyn rmḥs³). يقدم زيبمان مشكلة تفسيرية ملحوظة للكتاب. تم ذكر اسم الملك فيما يبدو أنه مسرحية إثيوبية معقدة تعتمد على مزامير 18:28؛ 119: 105 ('brh' zly = Abraha 'zly = «هو [الربّ] قد أنار [abrǝha] ظلامي [ǝzǝlǝya]»؛ انظر: Kropp 1991: 136).ومع ذلك، كما اقترح لي مانفريد كروب، يمكن تفسير ybmn (كما ymnt أيضًا في CIH 541 السطر 7؛ DAI GDN 2002-20 السطر 10؛ وRy 506 السطر 2) على أنه يشير إلى اليمامة في وسط شبه الجزيرة العربية، التي غزاها أبرهة في الوقت الذي كان فيه CIH 541 وDAIGDN 2002-20قد تم إعدادهما، وبالتالي يمكن توقع أن يتم إدراجهما بين سلالات الملك في كل من النقوش، التي تكون معاصرة تقريبًا مع بعضها بعضًا. حول فتوحات أبرهة، انظر أيضًا: روبن 2012 أ، 2012 ب: 284-8، 2012 ج، 2013.

[17] تمت ترجمة رموز المعادلة من الإنجليزية للعربية الأبجدية (أ ب ج د هـ و ز ح...)، وليس الهجائية. (إضافة المترجمة).

[18] ألفريد بيستون (1911-1995)، مستشرق إنجليزي، من أوائل المستشرقين دراسة للنقوش السبئية، وصاحب اهتمام كبير بالجنوب العربي والجين اليمني قبل الإسلام. (قسم الترجمات).

[19] عرفان شهيد (1926-2016)، فلسطيني، باحث في الدراسات الشرقية، هو أستاذ سابق للدراسات الإسلامية والعربية، في جامعة برنستون، تتركز اهتماماته في تاريخ الإسلام في العصور الوسطى، ودراسات القرآن، والشعر العربي القديم والإسلامي. (قسم الترجمات).

[20] كريستيان روبان (1943-) مستشرق فرنسي صاحب اهتمام كبير بالتراث اليمني، كان محاضرًا ومديرًا مساعدًا ومديرًا لمعهد البحوث العربية والإسلامية، وقد ترأس الكثير من البعثات العلمية في منطقة جنوب الجزيرة العربية. (قسم الترجمات).

[21] أنا ممتن لأنطونيو بينيرو (اتصال خاص بتاريخ 19 يوليو 2015) لفحص مجموعة NT بأكملها لتحديد ما إذا كان هناك مقطع كتابي واحد يمكن تقديمه ضد هذا الرأي - الحالتان الوحيدتان هما لوقا 9:20 وأعمال الرسل 3:18.

[22] راجع أيضًا تحية أريوس إلى يوسابيوس من نيقوميديا «بسبب الله ومسيحه»، مما يدل على أن الآريوسيين (وربما Anomoeans لاحقًا، الذين تم توثيق وجودهم في جنوب شبه الجزيرة العربية في القرن الرابع في عمل فيلوستورغيوس) شاركوا في تحذير مماثل ضد استيعاب الله ويسوع، على الرغم من الاختلافات الكريستولوجية بين الآريوسية/ Anomoeanism والديوفيزية.

[23] انظر للمناقشة: Wood 2013: 249-53. حتى لو كان مؤلف (مؤلفو حوليات سعرد) ادّعوا الأسبقية في نجران سعيًا منهم إلى التأكيد على دورهم كوسيط مع السلطات المسلمة (Wood 2013: 253)، ليس هناك حاجة من وجهة نظري لرفض تقريرهم بالكامل بحجة إنه لغرض مخصص، نظرًا لوجود ديوفيزيين في نجران كما هو مذكور أيضًا في كتابي (Himyarites 13 and the Martyrium Arethae 2.6) كليهما. انظر: Grillmeier 1996: 321.

[24] تم اقتراح هذه الفرضية من قِبل جيوليام داي/ Guillaume Dye في اتصال خاص بتاريخ 13 يوليو 2015.

[25] راجع: س 2، 87، 253؛ 3:45؛ 4:57، 159، 171-2؛ 5:17، 46، 72، 78، 110، 112، 114، 116؛ 7:58؛ 9: 30-1؛ 17:57، 104؛ 18: 102؛ 19:34؛ 21:26، 91، 101؛ 23:50؛ 25:17؛ 33: 7؛ 39:45؛ 43:57، 61؛ 57:27؛ 61: 6، 14؛ 66:12. حقيقة أن صيغة أبرهة «الرحمن ومسيحه» تتشابه مع المتن القرآني «الرحمن + المسيح ± عيسى ابن مريم» لم تفلت من انتباه روبن (Robin 2012 ج: 540). انظر أيضًا لعمل شهيد 2006: 20-21، الذي على الرغم من أنه لا يقدِّم أيّ دليل على ذلك، يفسر العبارة القرآنية «عيسى ابن مريم» على أنها تعبير ديوفيزيني انتشر في مكة في حياة محمد؛ وتفسير فان دير فيلدين للسؤال 5: 116 (2008).

[26] إذا قورنت بكريستولوجيا الديوفيزيين، فإن كريستولوجيا القرآن تعمل على مستوى مختلف؛ لأنها لا تعالج مسألة العلاقة بين ألوهية المسيح وإنسانيته، أي: بين أقانيم المسيح الإلهية والإنسانية، كما أشار إلى Guillaume Dye بدقة في اتصال خاص بتاريخ 12 أغسطس 2015. ومع ذلك، فإنه يعكس البُنى المنطقية بالقدر الذي يتطلبه عيسى الأرضي ليكون رجلًا ويصفه بالمسيح ابن مريم بدلًا من ابن الربّ. يجب أن يُذكر أيضًا أن الديوفيزيين طوروا «لاهوتًا للوجوس الساكن». كولوسي 2: 9 [REB: «لأنه في المسيح يكون اللاهوت بكل امتلائه المتجسّد»] أعيدت صياغته ليعني: «فيه يسكن اللوجوس تمامًا». الرجل الذي افترضه اللوجوس كهيكله ومسكنه كان آدم الثاني، جعله بلا خطيئة بنعمة الرب. كان هذا هو الرجل المفترض، وليس اللوجوس الساكن الذي تم صلبه (Pelikan 1974: 41)؛ راجع الإشارة إلى موت عيسى في السورة 4: 153-9، والتي يمكن قراءتها بهذه الطريقة عكس التفسير التقليدي لها في الإسلام (راجع: Robinson 2003: 17-20؛ Reynolds 2009). أيضًا، على عكس الأرثوذكسية الخلقيدونية، رأى الديوفيزيون عيسى كمعلّم ومثال، حتى يتمكن المؤمنون بالمسيح من تقليد النمط الذي تلبّس الرجل من قِبل اللوجوس (Pelikan 1974: 46)؛ خلاف ذلك جادلوا أن البشرية ستحرم من أمل الخلاص. ومع ذلك أعطى الديوفيزيون اسم المسيح لشخص اتحاد كلّ من الأقانيم عادةً، الإنسان والإلهي، بدلًا من عيسى المعلم البشري وحده؛ وقد أثار هذا الاعتراض بين خصومهم بدوره على أنهم أيدوا فكرة البنوة المزدوجة، إله واحد والآخر إنسان (Pelikan 1974: 48). فقط مع باباي الكبير (حوالي: 551-628) بذل الديوفيزيون جهدًا لحلّ هذا الغموض وغيره من الشُّبهات على حد سواء (Pelikan 1974: 42-3)، ولمواجهة خطر تزايد قوة الميافيزيين في نصيبين بين 571 و610 ميلادية، والذي يجب اعتباره أحد الأسباب التي دفعت خسرو الثاني إلى قمع الكاثوليك مؤقتًا في 609 (Reinik 2010؛ انظر أيضًا: Greatrex 2003). وبالتالي من الإنصاف أن نسأل هل كانت المعرفة بمثل هذه المشاكل والصراعات التي قد تكون كونت بعض المجموعات الخارجية والتي كانت تميل إلى حدٍّ ما نحو الديوفيزية في ذلك الوقت، وإذا كانت أيٌّ من هذه الجماعات قد سعت في النهاية إلى الحفاظ على تمييز أكثر راديكالية بين ألوهية المسيح وإنسانيته من خلال التأكيد على حالة يسوع البشرية بشكلٍ حصري. كذلك، لا يمكن استبعاد احتمال أن القرآن كان يعكس وجهات نظرهم الافتراضية. حول الروابط النهائية بين الديوفيزيين والمسيحيين الموحدين (أي: المسيحيين الذين رفضوا رؤية يسوع على أنه أيّ شيء آخر غير الإنسان وبالتالي احتفظوا بلقب «الربّ» للأب وحده) في أواخر شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن السابع، والعراق. انظر المزيد من: Wood 2015، التي تشير مراجعها إلى: Acta Arethae، وIšō'yahb I، وThomas of Marga بشكلٍ خاصّ في هذا الصدد أنا ممتن أيضًا لبيتر فون سيفرز لتوجيه انتباهي إلى أهمية أوائل القرن السادس في صنع الأرثوذكسية الديوفيزية.

[27] انظر كذلك: de Blois 2004؛ Retsö 2014. انظر الآن أيضًا: Segovia 2016a، حيث استكشف أوجه التشابه المحتملة القائمة بين نظامي أبرهة ومحمد تجاه اليهود والمجموعات الدينية الأخرى.

المؤلف

كارلوس أ. سيغوفيا - Carlos A. Segovia

محاضر الدراسات الدينية بجامعة سانت لويس، مهتم بالدراسات الدينية والفلسفية ودراسات ما بعد الاستعمار.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))