توظيف المنهج الإحصائي في التراث التفسيري؛ إشكالياته وحلوله
جمع تفسير السلف نموذجًا

لا يخفى تعدُّد مجالات توظيف المنهج الإحصائي في الدراسات القرآنية، وهذا المقال يتناول إشكالات توظيف منهج الإحصاء في جمع تفسير السلف والآثار الناجمة عن خلل هذا التوظيف، كما يحاول عرض بعض الحلول العملية التي تكفل حسن التوظيف لهذا المنهج في ذلكم السياق.

مدخل:

  الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 فإنّ علم الإحصاء: «يهتم بطرق جمع البيانات وأساليب وصفها وتحليلها بهدف استخراج المعلومات والحقائق التي لا يمكن الحصول عليها بطرق أخرى»[1]، ولا شك أن الإحصاء هو أول خطوة للمنهج البحثي السليم عند دراسة أيّ ظاهرة.

ويُعَدّ المنهج الإحصائي أحد المناهج العلميّة المنضبطة بآليات وقواعد في المقرّرات البحثية عمومًا، وهو منهج بالغ الأهمية لضبط المعرفة، ولا يمكن الوصول إلى الحقيقة الواقعية في دراسة أيّ ظاهرة إلا من خلاله؛ ذلك أنّ الاعتماد على مجرّد التأمّل والملاحظة يوصل إلى نتائج متضاربة لا تعبّر إلا عن آراء أصحابها، ولا يمكن الاعتماد عليها، وكم من نتائج كانت شبه مسلَّمة فأضحت متهافتة لا قيمة لها بمجرد تفعيل المنهج الإحصائي تجاهها.

ولهذا المنهج قدرة فريدة على تصوير المسائل تصويرًا دقيقًا، وقدرة فائقة على تحرير المسائل وضبط القضايا، فهو يفرض على الدارِس إذا أحسن ممارسته أن يخرج بنتائج سليمة في دراسة أيّ مسألة، ولا يسمح له بالتدخل أو التأثّر بتصوّرات مسبقة عن الدراسة، فالإحصاء: «كمنهاج للبحث العلمي يساعد الإنسان في اتخاذ قرارات حكيمة»[2].

ومجالات توظيف المنهج الإحصائي في حقول الدراسات القرآنية كثيرة ومتنوّعة، لا سيّما إحصاء الأقوال التفسيرية الخاصّة بالمفسّرين أو دراسة مواردهم ومصطلحاتهم وغير ذلك، فما مِن فرع في الدراسات القرآنية إلا ويفتقر في ضبطه إلى هذا المنهج مع اتخاذ الإجراءات المناسبة لكلّ حقلٍ حسب واقعه ومحدِّداته.

ومن المؤسف جدًّا أن تفعيل المنهج الإحصائي يتَّسم بالضعف والإهمال في الدراسات القرآنية بصورة عامّة، كما يعتور تطبيقَه عددٌ من الإشكالات تعوق تحصيل ثمراته في الدّرس والنظر للقضايا والمسائل التي نوظفه فيها.

ولا شك أنّ إهمال هذا المنهج أو ممارسته بصورة خاطئة ينعكس سلبًا على دراسة المسائل والقضايا، ويؤدي إلى تشويه العلم والخروج بنتائج منحرفة لا تعبِّر عن الواقع الحقيقي للمسائل كما سنبيِّنه في هذه المقالة.

وفي ضوء ممارستي العملية والتطبيقية للمنهج الإحصائي في مجالات بحثية متنوعة من حقول الدراسات القرآنية، والتي منها جمعُ أقوال الصحابة -رضي الله عنهم-، وذلك في دراسة (المفسرون من الصحابة رضي الله عنهم؛ جمعًا ودراسة وصفية)[3]، فقد أتاح لي ذلك الاطلاع على جُلّ الدراسات التي وظَّفت منهج الإحصاء في جمع الأقوال التفسيرية للصحابة -رضي الله عنهم-.

ومن خلال تأملي لكيفيات تطبيق هذه الدراسات لمنهج الإحصاء تبدَّت لي إشكالات كثيرة في تطبيق هذا المنهج حالت دون بلوغه غاياته.

ومِن ثَمَّ أحببتُ في هذه المقالة أن أسلط الضوء على إشكالات توظيف هذا المنهج في مجال التفسير وبخاصّة في مجال جمع أقوال السلف، كونها إشكالات نابعة من إغفال الدارسين لوضعية علم التفسير والإشكالات المحتفّة به وأثرها في العمل من خلال منهج الإحصاء، كما نحاول بيان بعض الحلول العملية التي تُعين على حسن التوظيف لهذا المنهج في ضوء واقع علم التفسير.

وستنتظم المقالة في قسمين؛ أولهما لبيان إشكالات توظيف منهج الإحصاء في جمع تفسير السلف والآثار الناجمة عن خلل هذا التوظيف. وثانيهما سيعرض بعض الحلول العملية التي تكفل حسن التوظيف لهذا المنهج في ذلكم السياق، وفيما يلي بيان ذلك:

القسم الأول: جمع تفسير السلف وإحصاؤه؛ قراءة في أهم إشكالات الإحصاء:

من المعلوم أن تفسير السلف قد حظي بأهمية كبيرة في مدوَّنات التفسير على مرِّ العصور، إلا أنه بقي مفرَّقًا في العديد من المصادر؛ ولذلك كان من الضروري جدًّا أن يُجمع هذا التفسير من مختلف المصادر حتى يتمكّن الدارسون من النظر فيه وتأمله ودراسته.

وقد بُذلت جهودٌ كبيرةٌ في جمع هذا التفسير في عصرنا الحاضر خاصّة، وذلك في صورة موسوعات، وبحوث، ورسائل أكاديمية وما شابه ذلك، إلا أنّ هذه الجهود اعتراها الكثير من الإشكالات في طريقة التعامل مع منهج الإحصاء بما يتناسب مع واقع تفسير السلف. وبيان هذه الإشكالات كما يأتي:

- أولًا: عدم تحرير المفاهيم.

- ثانيًا: الاعتماد على البرامج الإلكترونية.

- ثالثًا: عدم العناية بتحرير أسماء السلف.

- رابعًا: الولوج إلى تفسير السلف بتصورات مسبقة ومغلوطة.

أولًا: عدم تحرير المفاهيم:

إنّ عدم العناية بتحرير المفاهيم يعتبر من أبرز المشكلات الرئيسة في إحصاء تفسير السلف؛ ذلك أن المفاهيم هي المرتكز الرئيس في عملية المعرفة، والقاعدة الأساسية التي من خلالها يتم الولوج إلى أيّ باب من أبواب المعرفة عمومًا، وبناء عليها تؤصَّل وتؤسَّس مبادئ العلوم، وتُرسَم موضوعاتها، وتحدَّد أنساقها الكلية.

ومن أبرز المفاهيم التي تَسَبَّبَ عدمُ تحريرها في وقوع العديد من الإشكالات عند إحصاء تفسير السلف هو مفهوم: (التفسير، والمفسِّر، والسلف).

1- مفهوم التفسير:

أشرنا في المدخل إلى أنّ المنهج الإحصائي علم قائم بذاته له آليات وضوابط تحكمه، وأنّ هذا المنهج يوظَّف في شتى العلوم، يقول الدكتور/ عبد العزيز فهمي: «عندما ندرس الإحصاء إنما ندرس في الواقع منهاجًا من مناهج البحث العلمي، ولا يعني ذلك أنّ الإحصاء ليس علمًا قائمًا بذاته، فهو في الواقع علم له قوانينه وقواعده الرياضية الخاصّة به، ولكن مجال تطبيقه هو في خدمة العلوم الأخرى»[4].

ولكننا كي نتمكّن من ممارسة المنهج الإحصائي بشكلٍ منضبط في علم من العلوم؛ فلا بدّ من تعديل بعض الإجراءات في ضوء واقع العلم الذي سنطبق عليه هذا المنهج، وهذا ما سنبيِّنه في ضوء واقع مشكِل تفسير السلف.

إنّ من الطبيعي جدًّا اتخاذ الباحث لنفسه إطارًا مفاهيميًّا لعلم التفسير عندما يروم إحصاء تفسير السلف، وأيًّا كان المفهوم الذي سيتبنَّاه فإنّ الإشكال ليس في هذه المساحة، وإنما يكمن الإشكال في النظر للمروية نفسها، أي: في ضابط القول التفسيري الذي سيحصيه الباحث أو يتركه.

وطبيعة تفسير السلف أن منه روايات واضحة الارتباط بالآية وهذه ليس فيها إشكال، ومنه روايات غير واضحة الارتباط بالآية وإنما يوردها المفسِّر موظِّفًا لها دون وضوح الارتباط بينها وبين الآية، وهنا تأتي المشكلة؛ إذ كيف سيتعامل الدارِس مع هذه الروايات عند الإحصاء؟

نقول: لكي تمارَس عملية الإحصاء بطريقة منهجية في ضوء هذا الواقع المشكِل فلا بدّ من وضع حدود لما سيدخل فيها وما سيخرج عنها، لانعكاس هذه العملية على مفهوم التفسير، وعدم التنبه لها يمثِّل خطورة كبيرة كما وقع في أكثر الدراسات التي تصدَّت لإحصاء تفسير السلف.

ويلحظ أنّ الدراسات التي أحصت تفسير السلف كان لها اتجاهان في التعاطي مع هذه المشكلة، وهما:

- الأول: عدم الوعي المنهجي بالبُعد الإشكالي للمفهوم: وقد درجَت على هذا أكثر الدراسات المعنية بإحصاء تفسير السلف.

- الثاني: الانتباه للبُعد الإشكالي للمفهوم مع وجود إشكال في معالجته: وقد درجَت على هذا بعض الدراسات التي انتبهت للبُعد الإشكالي للمفهوم فاختارت لنفسها مفهومًا محدَّدًا لما سيدخل من الروايات وما سيخرج وحذفت الروايات التي لا تتوافق مع هذا المفهوم تمامًا من الدراسة كما وقع في: (موسوعة التفسير المأثور)[5].

وقد انعكس عدم تحرير هذه القضية على الدراسات التي أحصت تفسير السلف، وكان من أبرز آثارها حذف كثير من روايات التفسير من الدراسات.

وقد وقع هذا الإشكال في أغلب الدراسات المعنية بتفسير السلف، ولم أقف على دراسة احتاطت لعدم وقوع هذا الإشكال سوى كتابنا: (المفسرون من الصحابة)[6]، فقد عملنا فيه ملحقًا جمَعْنا فيه الروايات التي ذكرها المفسرون في كتبهم ولكننا استبعدناها عند الإحصاء؛ لتكون محلّ نظر للدارسين، وسيأتي سبب بيان عمل الملحق وأهميته عند بيان الحلول.

2- مفهوم المفسِّر:

لا شكّ أنّ لكلّ علم رجاله، وأن معرفة درجاتهم وتحديدها من الأهمية بمكان في كلّ علم من العلوم، فلكلّ علم حَمَلةٌ، ونَقَلةٌ، ومحرِّرون، ومنتجون، وغير ذلك من درجات تتفاوت تفاوتًا كبيرًا في تحديد أهمية الإرث المعرفي لصاحبه والحاجة إلى الاهتمام به وبدراسته بناء على تحديد مرتبته في ذلك العلم.

ويظهر أثر عدم تحرير مفهوم المفسِّر في العديد من المسائل المتعلقة بتفسير السلف، فعند تحديد مفسِّري السلف مثلًا فإنّ الدراسات التي قصَرت مفهوم التفسير على (بيان المعنى) فقط؛ أخرجَت كثيرًا من السلف من هذا المفهوم ممن جاء عنهم روايات لم يظهر لأصحاب هذه الدراسات وجه بيان المعنى فيها، إلى غير ذلك من الإشكالات عند دراسة بعض المسائل.

ومن أمثلة ذلك ما وقع في (موسوعة التفسير المأثور) من عدم اعتبارها لخمسة وعشرين (25) صحابيًّا من المفسّرين الذين اعتبرهم كتابنا: (المفسرون من الصحابة) من المفسرين[7].

3- مفهوم السلف:

يعتبر عدم تحرير مفهوم السلف أحد الإشكالات في الدراسات المعنية بتفسير السلف، ويترتَّب على عدم ضبطه ذلك إدخال لأشخاص لم تعتبرهم كتب التفسير من طبقة السلف كصناعة تفسيرية بالنظر إلى المنهج وإن كانوا من طبقة السلف من حيث الزمن.

ومن أمثلة ذلك ما جاء في دراسة: (المفسرون من أتباع التابعين) للباحث: عمر بن حسن العبدلي[8]، فقد أدخل في الدراسة طائفة من اللغويين ممن لا تعتبرهم كتب التفسير ضمن طبقة السلف من حيث المنهج التفسيري وإن كانوا زمنيًّا من هذه الطبقة، نحو: يونس الجرمي (ت: ما بين 151 و160هـ)، والخليل بن أحمد (ت: بعد 160هـ)، ويونس بن حبيب النحوي (ت: 182هـ).

ثانيًا: الاعتماد على البرامج الإلكترونية:

تعتمد بعض الدراسات في إحصاء تفسير السلف على البرامج الإلكترونية اعتمادًا كليًّا، ولا شكّ أنّ هذه البرامج تفيد في العديد من المجالات، ولكنها برامج صمَّاء لا تعي ولا تحلِّل ولا توازن؛ ولذا فإنّ من المشكلات الكبيرة في إحصاء تفسير السلف أن تعتمد الدراسة على البرامج التقنية اعتمادًا كليًّا.

وقد أثَّر هذا الإشكال على وقوع خلل ظاهر في بعض الدراسات التي اعتمدت برنامج المكتبة الشاملة اعتمادًا كليًّا في إحصاء تفسير السلف، فجاءت النتائج مشوَّهة ومخالفة لواقع تفسير السلف.

ومن ذلك دراسة: (تفسير الصحابة رضي الله عنهم؛ دراسة تطبيقية مقارنة)[9] للدكتورة/ زهرة بنت عبد العزيز الجريوي، وقد بَنَت الدكتورة مباحث الدراسة منطلقة من الإحصاءات التي نقلَتْها من برنامج المكتبة الشاملة، ولم تصرّح بذلك في منهج البحث، ولكن بتتبع كثير من نتائج الدراسة ومقارنتها بنتائج البحث في برنامج المكتبة الشاملة يظهر التطابق بينهما.

ولا شكّ أن البحث من خلال برنامج المكتبة الشاملة لا يعطي نتائج حقيقية للمسألة المراد بحثها، فقد يكون هناك الكثير من المكرَّر، والكثير من المواضع التي لا تتعلّق بالمسألة موضع البحث، إلى غير ذلك من الإشكالات التقنية الموجودة في البرنامج نفسه والتي تخلّ بالنتائج عند اعتمادها في تصوير مسألة معينة.

ثالثًا: عدم العناية بتحرير أسماء السلف:

تتشابه العديد من أسماء السلف الواردة في المصادر، كأنْ تأتي الرواية مثلًا عن (يحيى) دون ذكر بقية اسمه أو ذكر شهرته، وهناك في طبقة التابعين ما يقرب من أحد عشر تابعيًّا اسمهم (يحيى) ووردت لهم مرويات تفسيرية في المصادر، وهم:

1- يحيى بن يعمر البصري.

2- يحيى بن وثَّاب الأسدي، مولاهم الكوفي.

3- يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري.

4- يحيى بن عقيل الخزاعي البصري.

5- يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.

6- يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك.

7- يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت.

8- يحيى بن الحصين الأحمسي البجلي.

9- يحيى بن الجزار العرني الكوفي.

10- يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم (ت: 132هـ).

11- يحيى بن رافع.

ويوجد أيضًا في طبقة أتباع التابعين من اسمه يحيى، وهو: يحيى بن سلام البصري (ت: 200هـ).

وقد ترتَّب على عدم تحرير هذا الإشكال والانتباه له وقوع خلط واسع في بعض الدراسات التي عُنيت بتفسير السلف، فخلطت بين العديد من الأسماء المتشابهة.

ومن ذلك ما جاء في دراسة: (مرويات الحسن بن عليّ -رضي الله عنه- في ضوء تفسير جامع البيان للإمام الطبري من أول القرآن الكريم إلى نهاية الجزء الخامس عشر، والكتب الستة)[10] للباحث/ عليّ عبد الله حماد حبيب، فقد خلَط الباحث بين مرويات الصحابي الجليل الحسن بن علي -رضي الله عنه- وبين غيره ممن سُمُّوا بالحسن فجعلها الباحث كلّها من مرويات الحسن بن علي -رضي الله عنه-.

ومن الأمثلة في هذه الدراسة إدراج الباحث فيها لرواية عند الطبري جاء فيها: «وقال -أي: ابن وكيع-: حدثنا الحسن بن عليّ، عن سفيان، عن قتادة: فَارَقُوا دينهم»، وقد وُلد سفيان بن عيينة بعد وفاة الحسن بن علي -رضي الله عنه- بسبعة وخمسين عامًا، فكيف يروي عنه؟! والصواب أن الحسن بن عليّ في هذه الرواية هو الحنفي، أو الجعفي كما ذكره الطبري في موضع آخر.

ومن الآثار المترتبة على عدم تحرير هذا الإشكال أيضًا ما وقع من بعض الدراسات من إدراج لروايات ضمن مرويات أحد السلف عند جمع تفسيره وإحصائه لمجرد مجيء اسمه فيها وإن كانت الرواية تحكي قصة لا علاقة لها بالتفسير أصلًا لكن ورد فيها الاسم.

ومن ذلك ما جاء عدّة مرات في دراسة: (أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- وتفسيره للقرآن الكريم) للباحث: أحمد منجي حسين[11]، فقد أدرج الباحث في دراسته مرويات عديدة لأُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- لمجرد ورود اسم أُبيٍّ فيها دون أن يكون للرواية أيّ علاقة بالتفسير.

رابعًا: الولوج إلى تفسير السلف بتصوّرات مسبقة ومغلوطة:

لا شك أنه ما من خطر أشدّ على عملية البحث من الولوج إليها وفق تصورات ذهنية مغلوطة ثم تطويع المادة البحثية وفق هذه التصورات دون تأملها وتدبرها ومباحثتها للتأكد من صحتها أو بطلانها وإعطاء الذهن مساحة حرّة للفهم والاستنباط.

وتعتبر هذه المشكلة من أخطر المشاكل على إحصاء تفسير السلف، إذ يجد الباحث نفسه مسيَّرًا بشكلٍ تلقائي خلف فكرة معيّنة؛ فيلوي عنق المسائل حتى تتوافق مع هذه الفكرة، ويجني بذلك على عقله وعلى التراث التفسيري للسلف.

وقد كان لهذه التصوّرات المسبقة أثرٌ سلبيٌّ كبيرٌ على كثير من الدراسات المعنيّة بتفسير السلف، والتي تؤدِّي بالطبع إلى فساد عملية الإحصاء التي تقدِّم وصفًا لهذا التفسير وتتحكَّم في مساراته ونتائجه. وأبرز هذه الآثار ما يأتي:

1- استبعاد المرويات الضعيفة:

تعتبر قضية أسانيد التفسير إحدى المشكلات التي أثارها بعض المعاصرين الذين صوَّروا القضية على أنّ فيها منهجَين: منهجًا متشدِّدًا، ومنهجًا متساهلًا في الحكم على أسانيد التفسير والتعامل معها. وهذا تصوير مُجتزأ وغير صحيح، وفيه من الإشكالات المنهجية ما فيه، وليست كلّ مروية ضعيفة السند في التفسير تكون غير مقبولة، وإنما الأمر يكتنفه عدّة معايير لقبول الرواية التفسيرية، فقبولها ليس مقصورًا على النظر الظاهري للإسناد فحسب، بل ينظر إلى قضايا أخرى؛ كالمعنى وغرض المصنف والقرائن الخاصة بالخبر، ولكلّ جانب تفصيلات دقيقة لا بدّ من مراعاتها جميعًا[12].

وقد كان من آثار هذا التصوّر الذي تبنَّته بعض الدراسات المعاصرة عند إحصاء تفسير السلف أن حذفت كثيرًا من مرويات السلف لضعفها بناء على النظرة المجتزأة للمرويات، واقتصرت على الروايات الصحيحة -من وجهة نظرها-، فأهملت بذلك جزءًا كبيرًا من التراث التفسيري للسلف.

ومن ذلك ما وقع في موسوعة: (الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور)، يقول الدكتور/ حكمت بشير في مقدمتها: «من أجْلِ هذا المنطلق جاءت فكرة تصنيف هذا الكتاب حيث قررتُ أنْ أجمع كلّ ما صح إسناده من التفسير بالمأثور؛ لأن الرواية الصحيحة تتقبلها النفوس -إن كانت صادقة- بكلّ اطمئنان، وتأخذها بقوة وجدّية وخصوصًا إذا كانت الرواية من الصحيحين أو على شرطهما أو على شرط أحدهما، أو صحَّح تلك الرواية بعض النقاد المعتمدين»[13].

2- استبعاد المرويات الإسرائيلية:

تعتبر قضية الإسرائيليات إحدى أبرز المسائل التي كثُر الجدال حولها في العقود الأخيرة، وعند النظر في كتب التفسير نجد لهذه المرويات الإسرائيلية حضورًا كبيرًا، ويقابل هذا الحضورَ نقدٌ كبيرٌ لها في الواقع التنظيري المعاصر بشكلٍ خاصّ، واستنكارٌ لدخولها في كتب التفسير، ودعوات لاطِّراحها بالكلية وحذفها من كتب التفسير، حتى أفرز هذا أن كانت الإسرائيليات جزءًا من مقرَّر دراسي معاصر هو: (الدخيل في التفسير).

وقد تبنَّت بعضُ الدراسات هذا التصوّر الخاطئ، فاستبعدت المرويات الإسرائيلية عند إحصاء تفسير السلف، ومن ذلك ما وقع في موسوعة: (الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور)، يقول الدكتور/ حكمت بشير في مقدمتها: «وبدخول القرن الخامس الهجري بدأ تدريجيًّا إهمال الأسانيد بحذفها أو باختصارها مما ساعد على شيوع الإسرائيليات ورواج الأحاديث الواهية والموضوعة ونسب الأقوال الباطلة إلى الصحابة والتابعين، وهم برآء منها، وكانت فرصة سانحة للكذابين والوضّاعين والزنادقة وأهل الأهواء، فاختلط الصحيح بالسقيم والحقّ بالباطل وانتشر ذلك في كتب التفسير بالمأثور، ولم يسلم منها إلا القليل»[14].

واستبعدت بعض الدراسات المرويات الإسرائيلية عند إحصاء تفسير السلف مصرحة باعتبارها للسلف مجرد نقَلة لهذه المرويات عن غيرهم وليسوا مستدلِّين بها على بيان أمور معيّنة في الآيات كما يستدلّ بالبيت من الشعر على بيان كلمة في سياق معيَّن[15]، يقول الباحث/ عبد الكريم عبد الرحمن: «يوجد -وبكثرة- ذكرٌ للإسرائيليات في تفسير كبار التابعين، خصوصًا ما وافق منها الشرع الحنيف، وأكثرها من قبيل المسكوت عنه، ولكني لم أدرجها في البحث؛ لأنها ليست على شرطه»[16]، وشرطه المشار إليه هنا قد بيَّنه في مقدمة البحث، فقال: «أدخلتُ في بحثي كلَّ تابعي من كبار التابعين، ممن رُوي عنه قولٌ في التفسير يغلب على الظنّ أنه له، ويعتبر ذلك رأيًا تفسيريًّا له ولو لم يكن متصديًّا لذلك»[17]، فكان حذفه للمرويات الإسرائيلية عند التابعين بسبب هذا التصوّر المغلوط عن الإسرائيليات باعتبار السلف مجرّد نقَلة لهذه المرويات وليسوا مستدلِّين بها على بيان معاني الآيات كما يستدلّون بالبيت من الشعر وإن كانت فيه لفظة مستهجنة.

وهذه تصورات مجانبة للصواب في هذه القضية؛ إذ إن السلف تتابعوا على اعتماد الإسرائيليات كأحد المصادر المهمّة التي يستدلون من خلالها على بيان معاني القرآن، ولا يمكن الاستغناء عن هذا المصدر بأيّـة حال، بل إن العديد من الآيات لا يمكن بيانها أصلًا إلا بهذه المرويات.

وأمّا الإنكار على وجود هذه المرويات والدعوة إلى اطِّراحها فدعوة معاصرة لا تنهض أمام الأدلة والبراهين والواقع الحقيقي الذي يؤكّد أهميتها وضرورتها كأداة في التفسير، بل إنّ الدعوة إلى اطِّراحها تلزم عليها لوازم خطيرة لا يمكن القول بها؛ كتجهيل السلف خاصّة، واتهامهم بالانشغال بما فيه مضيعة للعمر والوقت، وغير ذلك من وصم علماء الأمة قاطبة بالجهل والغفلة طيلة هذه القرون[18].

3- استبعاد مرويات النزول:

تعتبر مرويات النزول أحد المصادر التفسيرية عند السلف، ولكن بعض الدراسات لم تدرج هذه المرويات عند إحصاء تفسير السلف بحجة أن لها حكم الرفع، تقول الدكتورة/ زهرة الجريوي -عند بيان منهجها في الجمع-: «الدراسة لا تشمل رواياته -أي: جابرًا رضي الله عنه- لأسباب النزول؛ لأنها مرفوعة حكمًا، والدراسة لأقوال جابر -رضي الله عنه- موقوفة عليه»[19].

وقد فاتت الدراسة -بناء على هذا التصور- إحصاء مرويات النزول التي رُويت عن جابرٍ -رضي الله عنه-[20]، وتَبِع ذلك -بالطبع- تحليل غير دقيق لمنهجه في التفسير.

وهذا تصوّر مغلوط في فهم مرويات النزول؛ إذ مرويات النزول تعتبر أحد مصادر السلف في التفسير، ولا يمكن الحكم على جميعها بأنها مرفوعة حكمًا بإطلاق، وإنما تحمل كلّ رواية منها دلائل معيّنة تُعرف بالسياق والقرائن، يقول الدكتور/ محمد صالح: «نشأ هذا المصطلح -أسباب النزول- في القرون الأولى على ألْسِنة مفسري السلف، حاملًا لأوجه كثيرة من الدلالات والمعاني، غير منحصر في معنى منها دون آخر، بل كان مَرِنًا فضفاضًا تتحدَّد دلالاته وفق سياقه الذي ورد فيه، وبحسب مقاصد قائله والقرائن التي احتفّت بكلامه»[21].

فينبغي إدراج جميع هذه الروايات المتعلّقة بالنزول عند إحصاء تفسير السلف، ثم يأتي دور الدراسة التحليلية للنظر في هذه الروايات فتفحص القرائن والسياقات ليتم الوقوف على كيفية وآلية توظيف السلف لهذه المرويات في تفسير القرآن، وتحديد ما يعتبر منها مرفوعًا حكمًا وغير ذلك مما يتعلق بالدراسات التحليلية.

4- عدم التنبّه لمنهجيات المصادر وإغفال بعضها:

إنّ الواجب على مَن رام إحصاء تفسير السلف أن يبذل أقصى جهده في جمع مصادره، وأن يكون على دراية بمناهج مؤلفيها وطريقتهم فيها قبل أن يعتمدها في الإحصاء.

وأغلب الدراسات المعنية بإحصاء السلف تعتمد في ذلك على التفاسير المسنِدة دون غيرها من التفاسير التي تورد تفسير السلف بلا إسناد، ورغم أن هذا يفوِّت على الدراسات كثيرًا من مرويات السلف إلا أنّ الاعتماد على التفاسير المسنِدة منهجيةٌ لها وجاهتها.

ولكن المشكلة في الخلط عند الإحصاء بين كتب التفسير المسنِدة وغير المسنِدة بلا تمييز بينهما، ومن ذلك ما وقع في دراسة (عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وآثاره الواردة في تفسير القرآن من الكتب المشهورة في التفسير بالمأثور؛ جمع ودراسة وتخريج)، للباحث: إسماعيل بن عبد الستار بن هادي الميمني[22]، فقد اعتمد الباحث في إحصاء أقوال ابن عمر التفسيرية على عدّة تفاسير منها المسنِد؛ كالطبري وابن أبي حاتم، ومنها غير المسنِد؛ كابن عطية والخازن وابن كثير والشوكاني.

ومن صور هذه المشكلة أيضًا إغفال بعض التفاسير المسنِدة كذلك، وربما يكون لهذا أسباب خارجة عن إرادة الباحث؛ كتأخُّر ظهور التفسير، أو عدم تمكنه من الحصول عليه، أو غير ذلك.

ومن أمثلة ذلك: إغفال أغلب الدراسات لتفسير التابعي الجليل عبد الملك بن جريج (ت: 150هـ)، والذي قد احتوى على قرابة ثلاثين (30) رواية ليست موجودة في كتب التفاسير[23]، ومن ذلك أيضًا إغفال أكثر الدراسات لتفسير أبي حاتم البُستي[24].

وفي دراسة: (أقوال أنس بن مالك في التفسير؛ جمعًا ودراسة) للباحثة/ حنان بنت عبد الكريم الضمني، أغفلت الباحثة ما يعزوه السيوطي في (الدر المنثور) لمصادر مفقودة؛ كتفسير ابن مردويه، وكتب ابن أبي الدنيا، وغيرها.

5- الخلط بين الروايات المرفوعة والموقوفة:

من المعلوم أن الأثر المرفوع هو: «ما أُضيف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصةً»[25]، وأن الأثر الموقوف هو: «ما يُروى عن الصحابة -رضي الله عنهم- من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها، فيوقف عليهم، ولا يتجاوز به إلى رسول الله»[26].

والولوج إلى تفسير السلف دون تصوّر صحيح للفرق بين ما يقوله الصحابي اجتهادًا منه، وبين ما يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحدث إشكالًا عند إحصاء تفسير السلف، وبخاصة طبقة الصحابة -رضي الله عنهم-.

ومن الدراسات التي خلطَت بين النوعين خلطًا ظاهرًا، وترتَّب على هذا الخلط خللٌ كبير في جانب دراسة منهج الصحابي في تفسيره، دراسة: (أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- وتفسيره للقرآن الكريم)، للباحث/ أحمد منجي حسين[27].

6- التعامل مع مرويات القراءات:

تعتبر القراءات إحدى المواد التي تشتمل عليها مرويات السلف في التفسير، وقد جنحَت بعض الدراسات عند إحصاء تفسير السلف إلى استبعادها تمامًا وعدم اعتبارها من التفسير أصلًا بناء على تصورات غير سديدة كما في دراسة: (تفسير ابن مسعود رضي الله عنه؛ جمع وتحقيق ودراسة) للدكتور/ محمد بن أحمد عيسوي، يقول في مقدمة الدراسة: «ولما تضخم حجم المجموع من تفسير وقراءة ابن مسعود أشار عليَّ أستاذي الدكتور/ حسين نصار، بأن يقتصر العمل على التفسير دون القراءة، خاصّة وأنّ القراءة -رغم صلتها الوثيقة بالتفسير- موضوع آخر غير التفسير»[28].

وجنحَت دراسات أخرى إلى ضمّ مرويات القراءات الواردة عن السلف إلى بقية مرويات السلف، لكن جعلتها تحت تصنيف خاصّ ولم تدرجها تحت تصنيف التفسير، كما في (موسوعة التفسير المأثور)[29].

وعمدَت بعض الدراسات إلى التفصيل في هذه القراءات الواردة عن السلف؛ فأدرجَت ما كان منها فيه بيانٌ للمعنى إلى مرويات التفسير، وأمّا ما لم يكن فيه بيانٌ للمعنى فجَعلَتْه في ملحق خاصّ في نهاية الدراسة، كما في كتابنا: (المفسرون من الصحابة رضي الله عنهم)[30].

ويتبيَّن من خلال هذه الإشارة إلى تفاوت الدراسات في تناول قضية القراءات أنها بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة لوضع إطار محدَّد للتعامل معها، إلا أن حذفها على أية حال غير مستقيم، كما في دراسة عيسوي، والله المستعان.

7- طريقة اختيار الروايات وإحصائها:

إنّ اختيار الروايات لإثباتها في الدراسة لا بدّ له من آلية دقيقة ومنهج واضح يسير عليه الباحث؛ لما لطريقة اختيار الروايات من أهمية بالغة في إحصاء تفسير السلف، فمن خلالها يتمّ بناء البحث وتوضع لبناته الأساسية، وتتم دراسة المسائل بناء على هذه الروايات المختارة، فإن كانت الآلية في إحصائها سليمة؛ سَلِمَ ما بعدها من دراسات، وإنْ حدَث خللٌ في آلية الإحصاء؛ اختلَّت نتائج الدراسات التي بُنيت عليها.

ومن الضروري جدًّا أن تكون الروايات المختارة معبِّرة تعبيرًا حقيقيًّا عن واقع تفسير السلف في المصادر، وأن تكون هناك إحصاءات دقيقة ومفصَّلة عن الروايات التي جُمعت في الدراسة أيًّا كانت الطريقة المتّبعة في الجمع.

وقد كان من أثر هذا الإشكال أنْ تنوعَت طريقة الدراسات المعنيَّة بتفسير السلف في اختيار الروايات، فاعتمدت بعض الدراسات طريقة التجزئة للروايات حسب بيانها للمفردات في الآية كما في: (موسوعة التفسير المأثور)[31]، وهذه الطريقة تعتمد على عدد المفردات المبيَّنة في الرواية، فتثبت الدراسة كلّ جزء فيه بيان لإحدى مفردات الآية من الرواية على حِدَة، وهي طريقة تشبه طريقة الإمام البخاري (ت: 256هـ) في تجزئته للأثر الواحد وتفريقه على أبواب كتابه الصحيح.

وطريقة التجزئة للمرويات تتميز بإبراز مواطن البيان في الآثار لكلّ جزء من الآية، ولكنها لا تعبِّر عن واقع الروايات في مصادرها الأصلية، فإنّ مَن اعتمد هذه الطريقة؛ تصبح الرواية الواحدة عنده مقسَّمة إلى روايتين أو أكثر حسب المفردات المبيَّنة فيها، ولا شك أن هذا سينعكس على دقّة الإحصاءات فتأتي مخالفة لواقعها الحقيقي، وبناء على ذلك تُبنى تصورات ومسائل ونتائج كلّها تخالف واقع المرويات.

وهناك دراسات أخرى اعتمدت على اختيار الرواية الأكمل والأشمل من الروايات المتشابهة في المصادر الأصلية، وتشير بعد اختيار الرواية إلى طرقها الأخرى مخرِّجةً ذلك في الحاشية من المصادر، وقد سلكناها في كتابنا: (المفسرون من الصحابة رضي الله عنهم؛ جمعًا ودراسة وصفية)[32]، وهذه الطريقة تفيد في إبراز خلاصة ما جاء في الآية من معانٍ عن السلف، وتعتبر دقيقة أيضًا في جانب حصر المرويات وإحصائها وتصور واقعها الحقيقي.

وعمدت بعض الدراسات إلى سرد الروايات كما هي في مصادرها الأصلية حتى وإن تكررت بنفس المعنى بطرق متعددة، وقد وقع هذا في كثير من الرسائل الأكاديمية التي عُنيت بجمع ودراسة تفسير السلف.

وقد وقفتُ على أكثر من عشر (10) دراسات أكاديمية بلغ تكرارها للمرويات قريبًا من نصف الرسالة أو يزيد، فتجد في الموضع الواحد من الآية سردًا لروايات كثيرة، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:

1- (أبو هريرة رضي الله عنه ومروياته في تفسيري الطبري وابن أبي حاتم) للباحث: محمد ياسين توكي ماجي[33]، وقد بلغ عدد مرويات هذه الرسالة إجمالًا (562) رواية، وبلغ عدد المرويات المكررة (361) رواية، أي: إنّ نسبة المكرّر تقريبًا من الرسالة (64%).

2- (أقوال أنس بن مالك رضي الله عنه في التفسير؛ جمعًا ودراسة) للباحثة: حنان بنت عبد الكريم الضمني العنزي[34]، وقد بلغ عدد مرويات هذه الرسالة إجمالًا (165) رواية، وبلغ عدد المرويات المكررة (75) رواية، أي: إنّ نسبة المكرر تقريبًا (45%) من الرسالة.

والذي ينبغي لتحاشي هذه الإشكالية أن تكون الإحصاءات دقيقة، وأن يتم إحصاء تفسير السلف في الدراسة بأكثر من طريقة لتفادي المشكلات الموجودة في الاقتصار على طريقة واحدة.

فإذا اتَّبعَت الدراسةُ مثلًا طريقةَ التجزئة للروايات حسب بيان المفردة في الآية؛ فينبغي أن تكون هناك إحصاءات لواقع الروايات مُجزأة، وإحصاءات أخرى لواقع الروايات دون تجزئة.

وإذا كانت طريقة الدراسة إدراج المكرّر مثلًا؛ فينبغي أن تكون هناك إحصاءات للروايات بالمكرّر، وإحصاءات أخرى بدون المكرّر.

وبذلك نكون قد أنهينا الكلام على أبرز إشكالات توظيف منهج الإحصاء في جمع تفسير السلف، وفيما يأتي نعرج على بعض الحلول والمقترحات المهمّة في ذلكم الصدد.

القسم الثاني: جمع تفسير السلف وإحصاؤه؛ حلول مقترحة لأهم إشكالات الإحصاء:

بعد أن انتهينا في القسم الأول من رَصْد إشكالات المنهج الإحصائي في تفسير السلف وأثره، نحاول في هذا القسم أن نضع بعض الحلول والاقتراحات للنهوض بتفسير السلف خاصّة، وبالتراث التفسيري وضبط مسائله وقضاياه بشكلٍ عام من خلال تفعيل المنهج الإحصائي. وتتمثَّل هذه الحلول فيما يأتي:

أولًا: تحرير المفاهيم:

إنّ الناظر في كتب التفسير يجد تباينًا واختلافًا بين العلماء في تحديد مفهوم التفسير، ويتبع ذلك تباينٌ واختلافٌ أيضًا في المسائل المتناولة في هذه التفاسير، ولذلك تضخَّمت كتب التفسير وامتلأت بكَمّ هائل من المعلومات مختلفة المشارب، ومتعدِّدة الأهداف والمقاصد.

ولذلك ينبغي على مَن رام إحصاء تفسير السلف أن يحرِّر المفاهيم المتعلقة به قبل البدء في التنفيذ.

ومن أبرز المفاهيم المهمّة فيما يخصّ هذه القضية مفهوم: (التفسير، والمفسِّر، والسلف)، وفيما يأتي بيان للمفاهيم الثلاثة:

1- مفهوم التفسير:

لا شكّ أنّ الدارِس عندما يحصي تفسير السلف فإنه ينطلق من مفهوم معيّن للتفسير، وقد أشرنا سابقًا إلى ضرورة تعديل بعض الإجراءات عند ممارسة المنهج الإحصائي في ضوء واقع العلم الذي سيطبَّق فيه.

وبناء على ذلك، فأيًّا كان المفهوم الذي سينطلق منه الباحث عند إحصاء تفسير السلف فينبغي عليه أن يضع حدودًا وضوابط للقول التفسيري الذي سيحصيه بناء على مفهوم التفسير الذي سيتبنَّاه؛ لئلا يكون مصادرًا على عملية الإحصاء، وهذا كلّه إجراء لازم بعيدًا عن الخلاف الذي سنعرض له في قضية مفهوم التفسير، وإنما هذا مسلك إجرائي لضبط عملية الإحصاء.

أمّا عن مفهوم علم التفسير فإنه يعاني من تفاوت في الدلالة وعدم الوحدة بين المفسّرين على مرِّ العصور، ومن ثمَّ تتفاوت كتب التفسير في مادتها وموضوعاتها، ولكن عند تأمل المعلومات التي اشتملت عليها كتب التفسير يتبيَّن أن بعض هذه المعلومات يتعلَّق ببيان المعنى وفكّ المدلولات، وأن بعضها الآخر يتعلق بما وراء المعنى؛ كاستخراج الأحكام وإيراد اللطائف والفوائد وغير ذلك.

وعندما نروم معرفة مفهوم التفسير عند مفسِّرٍ معيّن فينبغي علينا أن نفحص مادة كتابه لنقف على مفهومه للتفسير من خلال تطبيقاته العملية في كتابه، فقد يكون المفهوم عنده متسعًا وقد يكون ضيقًا أو غير ذلك، ثم ننظر في مدى اشتغاله بالمعنى وفكّ المدلولات التي تعتبر من صُلب علم التفسير ومكونه الرئيس الممايز له بين العلوم.

وإذا نظرنا إلى تفسير السلف من خلال هذا المعيار فإنه يتبيّن لنا أن الغالب على تفسيرهم بيان المعاني وفكّ المدلولات، وأن قدرًا يسيرًا من تفسيرهم يتعلّق بما وراء المعنى.

ويتضح إذن أنّ تفسير السلف المنقول عنهم والذي رواه المفسرون عنهم في تفاسيرهم على أنه تفسير لهم =يشتمل على معلومات تتعلّق ببيان المعاني بنسبة كبيرة، ويشتمل على معلومات تتعلّق بما وراء المعاني بنسبة قليلة، ولكن مجموع النوعين يمثِّلان مفهوم التفسير عند السلف.

2- مفهوم المفسِّر:

لفظة (المفسِّر) اسم فاعل، مشتق من الرباعي (فسَّر) فهو مفسِّرٌ، قال ابن الحاجب (ت: 646هـ) في بيان اسم الفاعل، هو: «ما اشتُقَّ من فعل لمَن قام به بمعنى الحُدوث»، فالمفسِّر هو: (القائم بعملية التفسير).

وأمّا في الاصطلاح فــ: «لم يحظَ مصطلح المفسِّر عند العلماء المتقدمين بتعريف كما حظي غيره من المصطلحات التي تفنَّن العلماء في ضبطها وتقسيمها»[35].

وإذا كان الفعل يصدق على مَن أتى به مرة وعلى من أتى به ألف مرة؛ فإن المفسر من السلف هو: (مَن رُوي له تفسير اجتهادي ولو كان أثرًا واحدًا)، وتأتي بعد ذلك الموازنة والمقارنة بينهم في رواية التفسير، ودراسة هذا التفسير الاجتهادي للوقوف على قيمته وأثره، وتحديد المعتني منهم بالتفسير من غيره.

وعند تأمل تفسير السلف يتبيَّن أن عددًا قليلًا جدًّا منهم كان قائمًا بعملية التفسير وله في ذلك مرويات كثيرة، وأن الأغلب منهم والأكثر لم يكن قائمًا بالتفسير ولم يُرو عنهم فيه شيء، أو جاء عنهم فيه مرويات قليلة جدًّا.

3- مفهوم السَّلف:

لفظة (السَّلف) في اللغة تعنى: التقدُّم والسَّبق؛ ولذلك جاء في بعض الآثار الواردة عن بعض التابعين إطلاقهم للفظ (السلف) على الصحابة -رضي الله عنهم-، فكلّ مَن تقدَّمك يُعتبر لك سلفًا.

وأمّا مفهوم السلف عندما نتحدّث عن تفسير السلف فالمراد به على المشهور من أقوال العلماء أنهم ثلاث طبقات: طبقة الصحابة -رضي الله عنهم-، وطبقة التابعين، وطبقة أتباع التابعين.

والغالب من عملِ المفسّرين إطلاق هذا المفهوم على هذه الطبقات الثلاث، ولبعضٍ إطلاقاتٌ خاصةٌ تُعرف بتتبع صنيعهم.

ثانيًا: الاستعانة بالبرامج الإلكترونية كأدوات مساعدة وليست أساسية:

إنّ الباحث الحصيف لا بدّ أن يواكب زمانه، ويستفيد من جميع الطرق المتاحة لخدمة بحثه، لا سيّما في هذا العصر الذي أصبح العلم فيه ميسَّرًا أكثر من الأزمنة السابقة، فقد أضحت سُبُل البحث وطرُقه متاحة وسهلة، «وبين أيدي طلبة العلم الشرعي اليوم كثيرٌ من المنتجات التقنية المعروفة التي تيسِّر سُبُل البحث، وتقرِّب مصادر المعلومات، وتنظِّمها، وتختصر الأوقات، وتدَّخرها للنظر والتحليل، والدراسة والموازنة وإنتاج المعرفة»[36].

ولكن جوهر العملية البحثية ولُـبّها هو عقل الباحث، ولا يمكن لأيّ وسيلة أن تقوم مقامه مهما بلغت من التطوّر والإمكانيات، فهذه البرامج لا يمكنها أن تحلّ محلّ الباحث فتحلِّل وتنتِج وتوازن وغير ذلك، فهي ليست إلا أداة مساعدة تُعين على البحث في مجالات محدودة ومعيّنة، وليست برامج شاملة لكلّ ما يحتاجه الباحث من أدوات علمية لتتميم عملية البحث فضلًا عن أن تقوم بدور الباحث، يقول الدكتور/ سليمان الميمان -معلِّقًا على بعض البرامج التقنية الخاصّة بتعليم التجويد-: «وبالرغم من محدودية هذه البرامج إلا أنها ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تسهيل حفظ القرآن الكريم وتعلُّم تلاوته مع تطبيق بعض أحكام التجويد، ولكن يؤخذ عليها عدم شموليتها؛ إذ ليس بالإمكان وجود منتج واحد يضم أهم الخدمات والخصائص التي قد يحتاجها الدارس والمتعلم لكتاب الله في علم التجويد»[37].

فإذا أراد الباحث أن يقوم بإحصاء تفسير أحد السلف في مسألة معيّنة مثلًا؛ فينبغي أن يجمع المادة المرادة من المصادر بنفسه معتمدًا على الكتاب نفسه، وإذا أراد أن يستعين بأحد البرامج الإلكترونية، فعليه أن يُحسن استخدامها ويستفيد منها بشكلٍ يضمن له سلامة إحصائه، لا أن يستعين بها بشكل كليّ.

ثالثًا: التنبّه لمشكِل الأسماء:

إنّ التنبّه لمشكِل الأسماء وضبطه وتحريره أحد الإجراءت الضرورية لضبط إحصاء تفسير السلف؛ ذلك أنّ عدم ضبط الأسماء يوقِع خللًا كبيرًا فتختلط الروايات بعضها ببعض، وتُنسب روايات لغير أصحابها، ويترتب على ذلك مجيء إحصاءات منحرفة ونتائج فاسدة لا تعبر عن الواقع الحقيقي لتفسير السلف.

وقد أَولى علماء الحديث قضية الأسماء عناية كبيرة وعالجوها بعدّة طرق، وهو ما يسمَّى عندهم بـ: (المتَّفق والمفترق)، وفيه مؤلفات عديدة، يقول ابن الصلاح (ت: 643هـ) في مستهل حديثه عن (المتَّفق والمفترق) مبيِّنًا خطورة هذه القضية: «وزَلَق بسببه غيرُ واحدٍ من الأكابر، ولم يزَل الاشتراك من مظانِّ الغلط في كلّ علم»[38].

وتحديد الاسم المراد يُعرف بالقرائن؛ كالنظر في الراوي أو المروي عنه، وطريقة المؤلف في إيراد أسماء الرواة وغير ذلك من القرائن.

رابعًا: التَّخَلِّي عن التصوّرات المُسبَقة تجاه تفسير السلف:

لا شكّ أنّ الباحث لا يمكنه أن يتعامل مع مسألة بحثية بموضوعية مطلقة، وتلك طبيعة إنسانية يستحيل التخلّص منها.

وإنما على الباحث أن يتوخَّى الصواب، مبتعدًا عن الهوى الذي يؤديه إلى المجادلة بالباطل وعدم قبول الحقّ متى ما تبيَّن له، يقول الدكتور/ عبد الوهاب المسيري (ت: 1429هـ): «هناك التحيُّز لما يراه الإنسان على أنه الحقّ، وهذا هو الالتزام. والإنسان المتحيِّز للحقّ والحقيقة يمكن أن يتحمَّس لهما وينفعل بهما، ولكنه على استعداد لأن يُخضع ذاته وأحكامه للمنظومة القيمية وللحقّ الذي يقع خارجه. كما أنه على استعداد لأن يختبر ثمرة بحثه، فهو لا يعتقد أن أحكامه المتحيزة هي الحكم النهائي المطلق؛ إذ إنّ أحكامه -أولًا وأخيرًا- اجتهاد، وهو يدرك ذلك تمامًا. وهناك التحيز للباطل، وهذا يأخذ أشكالًا مختلفة؛ فهناك التحيز للذات حين يجعل الإنسان نفسه المرجعية الوحيدة المقبولة؛ ولذا تسقط فكرة الحقّ المتجاوز ولا يمكن محاكمة الإنسان من أيّ منظور...الخ»[39].

فمن الضروري قبل البدء في إحصاء تفسير السلف أن يقوم الباحث بدراسة المسائل المتعلقة به دراسة متقنة حتى لا يُربِك عملية الإحصاء فتأتي مشوّهة.

ومن الإجراءات الضرورية والتي تجدر بمن يقوم بإحصاء تفسير السلف أن يستعين بالملاحق؛ لأن الإحصاء -كما هو معلوم- يفرض على الباحث أن ينطلق وفق مفهوم معيّن حتى يمكن الإنجاز، ولكن لا يمكن ضمان سلامة الإحصاء من الخلل إلا بعمل الملاحق[40].

والملاحق تعتبر ملاذًا آمنًا وإجراءً سديدًا يتيح للباحث تحقيق ما يرتئيه -بعد البحث والمطالعة- من أطُر ومحدّدات للدراسة، ومع ذلك تُعِينه على الموضوعية وعدم المصادرة والتحكّم في الدراسة بآراء قد تكون محلّ نظر، بل قد يكون قد أخطأ فيها بالكلية، لكن بعمله للملاحق يتيح للدارسين إعادة النظر في تلكم الآراء دون أن يحتاجوا إلى إعادة إحصاء المرويات من البداية.

فمن الملاحق المهمّة مثلًا عند إحصاء تفسير السلف: إنشاء ملحق خاصّ بالروايات التي تستبعدها الدراسة لأيّ سبب من الأسباب، سواء استبعدتها بناء على تبنِّيها مفهومًا معيّنًا لعلم التفسير بغضّ النظر عن صحته أو خطئه، أو استبعدتها لتبنِّيها رؤية خاصّة في قضية أسانيد التفسير، أو الإسرائيليات، أو مرويات النزول، أو القراءات، وغير ذلك مما عرضناه في القسم الأول من المقالة.

فكما أنّ المفسرين أوردوا هذه المرويات في كتبهم ووظفوها بأيّ شكل من أشكال التوظيف فلا ينبغي للدراسة أن تقوم بحذفها واستبعادها دون الإشارة إليها في ملحق خاصّ، سواء بإثباتها كما هي أو الإحالة إلى مصادرها.

خاتمة:

بيَّنَّا في هذه المقالة أهمية تفعيل المنهج الإحصائي في التراث التفسيري على تنوّع مجالاته واختصاصاته، وذكرنا ما تميَّز به هذا المنهج من قدرة فائقة وفريدة على ضبط المسائل وتصويرها تصويرًا دقيقًا متى يُلزم الدارِس بالسَّير في خط مستقيم دون التأثر بالتصوّرات المسبقة، وبالتالي فإنّ هذا المنهج يضمن سلامة نتائج الدراسة وبُعدها عن الانحراف وعدم الواقعية متى أحسن الدارِس تطبيقه وممارسته.

وكشفنا الغطاء عن أبرز الإشكالات في ممارسة هذا المنهج وآثارها في حقل من أهم حقول الدراسات القرآنية، ألَا وهو: (تفسير السلف)، وكان من أبرز هذه الإشكالات: (عدم تحرير المفاهيم، والاعتماد على البرامج الإلكترونية، وعدم العناية بتحرير أسماء السلف، والولوج إلى تفسير السلف بتصوّرات مُسبَقة ومغلوطة).

وأخيرًا طرحنا ما نراه من حلول تضمن سلامة استخدام المنهج الإحصائي في تفسير السلف وتلاشي الإشكالات الموجودة فيه، وكان من أبرز الحلول: (تحرير المفاهيم، والاستعانة بالبرامج الإلكترونية كأدوات مساعدة وليست أساسية، والتنبّه لمشكِل الأسماء، والتَّخَلِّي عن التصورات المسبَقة تجاه تفسير السلف).

وفي الختام؛ ننبه على ضرورة تفعيل المنهج الإحصائي بطريقة سليمة في التراث التفسيري على مختلف تخصّصاته ومجالاته، وندعو الجهات والمؤسّسات البحثية إلى إعادة النظر فيما أُنجِز من موسوعات علمية أو دراسات وقعت فيما ذكرناه من إشكالات إحصائية والعمل على تحسين ذلك، وأخيرًا فإنّ تفسير السّلف المودَع في التفاسير غير المسنِدة بحاجة إلى إحصاء ودراسة لعدم اعتماد أغلب الدراسات في إحصاء تفسير السلف ضمن مصادرها، وهو مشروع حريٌّ بالاهتمام.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله ربّ العالمين.

 

[1] مدخل إلى علم الإحصاء، د/ علي بن محمد الجمعة، (ص4).

[2] مبادئ الأساليب الإحصائية، د/ عبد العزيز فهمي كامل، بيروت، ط1، 1966م، (ص10).

[3] وأصل هذا الكتاب رسالتي في الماجستير، وقد حازت هذه الرسالة على جائزة التميّز البحثي في الدراسات القرآنية لعام 1436-1437هـ لمرحلة الماجستير من الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه «تبيان»، ونشرها مركز تفسير في مجلدين.

وقد قمتُ في هذا الكتاب بحصر الدراسات التي جمَعَت تفسير الصحابة الذين جُمِعَت مروياتهم في التفسير -وعددهم عشرة-، وقمتُ بتصنيف المرويات لعدّة أنواع، ثم عملتُ إحصاءات لكلّ ذلك، وجمعتُ أيضًا في هذا الكتاب تفسير الصحابة الذين لم تُجمع مروياتهم سابقًا -وعددهم تسعون صحابيًّا- واعتمدتُ في الجمع على (227) مصدرًا مسندًا، وصنفتُ هذه المرويات أيضًا، وقمتُ بعمل إحصاءات متنوعة ودقيقة لها.

[4] مبادئ الأساليب الإحصائية، (ص9).

[5] بيَّنتُ ذلك مفصَّلًا في مقالة بعنوان: (تحديد المفسرين من الصحابة بين "موسوعة التفسير بالمأثور" وكتاب "المفسرون من الصحابة") وهي منشورة على موقع مركز تفسير تحت هذا الرابط: tafsir.net/article/5276.

[6] ينظر: الملحق الثاني من الكتاب، وعنوانه: (الأقوال المستبعدة من البحث وهي مذكورة في كتب التفسير) 2/ 1069-1136، وقد ألحقنا هذا الملحق بالكتاب بعد مداولات حصلت مع اللجنة العلمية بمركز تفسير إبَّان طباعة الكتاب، وكان من رأي اللجنة ضرورة إرفاق ملحق الروايات المستبعدة في نهاية الكتاب، فالشكر الجزيل للجنة العلمية ممثَّلة في إدارة الدكتور: محمد صالح سليمان.

[7] ينظر: موسوعة التفسير المأثور، إعداد: مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي بجدة، لبنان، ط1، 1439هـ-2017م، (/ 395-399). وكتابنا: (المفسرون من الصحابة)، د/ عبد الرحمن المشدّ، مركز تفسير، الرياض، ط1، 1437هـ-2016م، (2/ 1163-1170).

[8] وهي رسالة ماجستير، بكلية القرآن الكريم، بالجامعة الإسلامية، سنة 1437هـ-2017م، (ص299).

[9] وهي رسالة مطبوعة في مجلدين ضمن إصدارات الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) بالسعودية.

[10] وهي رسالة ماجستير بجامعة أم درمان بالسودان، سنة 1427هـ.

[11] ينظر المرويات المرقمة بــ: (89، 140، 464) من هذه الدراسة، وهي رسالة ماجستير بقسم الكتاب والسُّنة، بجامعة أم القرى، سنة 1409هــ.

[12] ينظر: (منهج المحدِّثين في نقد مرويات التفسير)، د/ محمد صالح سليمان، وهو أحد البحوث التي قُدِّمت بها (موسوعة التفسير المأثور) (1/ 497-576).

[13] موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور، أ.د/ حكمت بشير ياسين، دار المآثر، المدينة المنورة، ط1، 1420هـ-1999م، (1/ 5-6).

[14] المصدر السابق، (1/ 72-28).

[15] النظرة النقلية للمرويات الإسرائيلية عند السلف تعتبر إحدى المشكلات الرئيسة في هذه القضية وهي أساس الغلط في تصورها، ويمكن الرجوع إلى تفاصيل هذه القضية في مقالة: (قراءة نقدية لتأصيل ابن تيمية لتوظيف الإسرائيليات في التفسير)، ومقالة: (منطلقات دراسة توظيف الإسرائيليات في تفسير السلف؛ تحرير وتأصيل) كلاهما للباحث: خليل اليماني، والمقالات منشورة على موقع مركز تفسير.

[16] (المفسرون من كبار التابعين؛ جمعًا ودراسة استقرائية وصفية) للباحث: عبد الكريم عبد الرحمن عبد الكريم صالح، رسالة ماجستير، بكلية القرآن الكريم، بالجامعة الإسلامية، سنة 1438هـ-2018م، (ص299).

[17] المصدر السابق (ص20).

[18] يمكن الرجوع في هذه القضية بالتفصيل إلى ملف الإسرائيليات المنشور على موقع مركز تفسير، وبخاصّة أطروحات الباحث: خليل محمود اليماني، في هذا الملف.

[19] ينظر: منهج البحث في دراسة (أقوال جابر بن عبد الله رضي الله عنه في التفسير؛ جمعًا ودراسة)، رسالة ماجستير، للباحثة: زهرة بنت عبد العزيز بن عيسى الجريوي، إشراف الدكتور/ إبراهيم بن سليمان بن قميش الهويمل، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، سنة 1424هـ.

[20] وقد بلغت مرويات النزول التي رُويت عن جابر -رضي الله عنه- أربع عشرة (14) رواية كما في دراسة (المفسرون من الصحابة)، د/ عبد الرحمن المشدّ، (2/ 1178).

[21] نقد التفسير بين الواقع والمأمول، د/ محمد صالح سليمان، ضمن بحوث المؤتمر الدولي الأول لتطوير الدراسات القرآنية، مركز تفسير للدراسات القرآنية، 1434هـ-2013م، (1/ 291).

[22] وهي رسالة ماجستير بقسم الكتاب والسُّنة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى بمكة المكرمة، سنة 1410هـ.

[23] يقول محقِّق الكتاب: «انفردَت النسخة التي انتهَت إلينا من هذه الرواية بنحو ثلاثين نصًّا لم أقف عليها -فيما بحثتُ- مروية في مصدر آخر، إمّا مطلقًا، أو من طريق ابن جريج، وهي ثروة يَعرف قدرها المشتغلون بهذا الفنّ، وإضافة حقيقية لمن يروم استيعاب الآثار المروية في التفسير» تفسير القرآن، لعبد الملك بن جريج، تحقيق الدكتور/ عبد الرحمن بن حسن قائد، دار الكمال المتحدة، سوريا، دمشق، ط1، 1440هـ-2019م، (ص74).

[24] وهو تفسير مسنِد محقَّق في رسالتين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهو غير مطبوع.

[25] معرفة أنواع علوم الحديث=مقدمة ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 1406هـ-1986م، (ص45-46)، وينظر: تدريب الراوي للسيوطي، تحقيق: نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، ط2، 1415هـ-1994م، (1/ 202).

[26] المصدر السابق (ص46).

[27] وهي رسالة ماجستير بقسم الكتاب والسُّنة، بجامعة أم القرى، سنة 1409هــ.

[28] تفسير ابن مسعود رضي الله عنه؛ جمع وتحقيق ودراسة، د/ محمد بن أحمد عيسوي، شركة الطباعة العربية السعودية، ط1، 1405هـ-1985م، (1/ ع).

[29] ينظر: المدخل إلى الموسوعة (1/ 34-35).

[30] ينظر: (1/ 68-69).

[31] ينظر: المدخل إلى الموسوعة (1/ 281-282).

[32] ينظر: (1/ 16).

[33] وهي رسالة ماجستير بكلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى بمكة المكرمة، سنة 1422هـ.

[34] وهي رسالة ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، سنة 1424هـ.

[35] (المفسرون من الصحابة؛ جمعًا ودراسة وصفية) د/ عبد الرحمن المشدّ (1/ 45).

[36] تقديم الأستاذ الدكتور/ عبد الرحمن بن معاضة الشهري لكتاب: أفكار تقنية لتطوير الدراسات القرآنية، د/ سليمان الميمان، أ/ إيهاب السديس، مركز تفسير، الرياض، ط1، 1436هـ-2015م، (ص5).

[37] (تصميم وتطوير معمل تفاعلي لتعليم تجويد القرآن الكريم) د/ سليمان بن عبد الله الميمان، ضمن أبحاث المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية، وهو منشور ضمن المرجع السابق، (ص10).

[38] معرفة أنواع علوم الحديث=مقدمة ابن الصلاح (ص358).

[39] إشكالية التحيز؛ رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد، د/ عبد الوهاب المسيري، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1417هـ-1996م، (1/ 21-22).

[40] الملحق هو: «ما ليس من صميم موضوع البحث وليس وثيق الصلة به، لكنه مفيد في الموضوع؛ لما له من صلة به وإن كانت غير وثيقة»، البحث العلمي، د/ عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة، الرياض، ط2، 1420هـ-2000م، (2/ 27).

الكاتب

الدكتور عبد الرحمن المشدّ

حاصل على دكتوراه التفسير وعلوم القرآن من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله عدد من المشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))