العهود والمواثيق في القرآن

المترجم : إسلام أحمد
تُعَدّ مسألة «الميثاق» -بين الله والبشر- إحدى المساحات الرئيسة للبحث في الدراسات حول الكتاب المقدّس، إلّا أن الدراسات القرآنية لم تشهد بعد -وفقًا للمبارد- مثل هذا الاهتمام بدراسة المواثيق، وهو ما يحاول لمبارد القيام به في هذه الدراسة التي تُعْنَى باستكشاف دلالة مفهوم الميثاق في القرآن، والمجالات الدلالية المتعلّقة به.

العهود والمواثيق في القرآن[1][2]

  كانت مسألة الميثاق في العهدَيْن القديم والجديد من بين أخصب الموضوعات للحوار اليهوديّ-المسيحيّ ذي المسحة النقديّة خلال القرن العشرين الميلاديّ، وخصوصًا على مدار العقود الثلاثة الماضية. وقد أثارتْ هذه المسألةُ محاولاتٍ لإعادة النظر في بعض العقائد الأساسيّة في الديانتَيْن اليهوديّة والمسيحيّة، وقراءاتٍ أكثر تعدّديّة لكلٍّ من العهدَيْن القديم والجديد[3]. بل إنّ دراسات العهد/ الميثاق أدّت إلى ظهور مدرسة فكريّة مستقلّة تُعْرَف باسم (لاهوت العهود الثنائيّ)، دعمها مفكِّرون يهود ومسيحيّون من أمثال[4] فرانز روزنزويغ، وإيرفينغ غرينبيرغ، ورينهولد نيبوهر[5]. تُظْهِر هذه التطوّرات أنّ تعدُّدِيّة العهود أصبحَتْ لاعبًا بارزًا في الديانتَين اليهوديّة والمسيحيّة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ حقولَ الدراسات المسيحيّة والدراسات اليهوديّة ودراسات العهد القديم[6] ودراسات العهد الجديد =تتباهَى جميعها بوجود حالة بحثيّة ونقاشيّة قويّة حول معنى الميثاق في كتبهم المقدَّسة وتقاليدهم. في المقابل، ما زال هناك استكشاف ضئيل نسبيًّا للتعاليم المتّصلة بالمواثيق في القرآن وفي الإسلام، وما زال (لاهوت العهود) الإسلاميّ أو القرآنيّ لم ينضج بعد في العصر الحديث. لم يقدّم العلماء والباحثون أيّة دراسات مستفيضة حول الميثاق في القرآن، ولم يشارك المسلمون بشكلٍ كاملٍ في التطوّرات التي مرّ بها (لاهوت العهود) في اليهوديّة والمسيحيّة.

نظرًا إلى المعالجة المستفيضة لهذا الموضوع في القرآن، الذي ترِد فيه الكلمات المتعلّقة بالميثاق أكثر من مائة مرّة، سيكون تصريحًا بأضعف ممّا يقتضي الواقع القولُ إنّ فَهْم الميثاق بين الله والبشر يُعَدّ أحد أهمّ المفاهيم القرآنيّة التي ما زالت لم تُدْرَس بشكلٍ كافٍ. نأمل أنّ مقالة وَداد القاضي[7] المُعنوَنة: «العهد الأصليّ والتاريخ الإنسانيّ في القرآن» (The Primordial Covenant and Human History in the Qur’an) ستمثّل نقطة تحوّل في هذا الوضع[8]. ولكن بعيدًا عن الإدخالات الموسوعيّة المختلفة[9]، هذه هي المقالة الأولى التي تعالِج مباشرةً مسألة المواثيق في القرآن منذ أكثر من 25 عامًا؛ فإنّ أغلبَ المقالات القليلة التي سبقَتها في مناقشة مفهوم الميثاق تركّز على معالجة المفهوم في الأدبيّات الصوفيّة[10]. وفي مجال الدراسات القرآنيّة، جرى تناوُل مفهوم الميثاق على نطاقٍ واسع في كتاب توشيهيكو إيزوتسو[11]المعنْوَن: المفهومات الأخلاقيّة-الدينيّة في القرآن، وإنْ لم يكن كرَّس له سوى ثماني صفحات[12]. تناوَل أيضًا مسألةَ الميثاق، بإيجاز، آرثر جيفري[13] في كتابه: القرآن كنصّ مقدَّس The Qur’an as Scripture، الصادر في العام 1950م[14]، وجون وانسبرو[15] في كتابه: دراسات قرآنيّة Quranic Studies، الذي حظِيَ بنقاشات مطوّلة[16]. وبينما يقدِّم جيفري وَوانسبرو ملاحظات مثيرة للاهتمام، فإنّ أيًّا منهما لا يقدِّم تحليلًا عميقًا. وقد يجد المرء مجرّدَ إشارات موجَزة إلى الميثاق في دراسات أخرى حول القرآن. ربّما يُعْزَى هذا، كما يزعم أندرو ريپّين[17]، إلى أنّ الجوانب المختلفة للميثاق كما يرِد في القرآن «لا تتشكّل في صورة متماسكة واحدة لميثاق-معاهدة»[18]. ولكن ذلك، كما سنرى في السطور الآتية، ليس ما رآه عليه معظم المفسّرين القدامَى، منذ محمّد بن جرير الطبريّ (ت. 310هـ/ 923م) (في القرن الثالث الهجريّ/ التاسع الميلاديّ) إلى محمّد حسين الطباطبائيّ[19] (ت. 1402هـ/ 1981م) (في القرن الرابع عشر الهجريّ/ العشرين الميلاديّ).

نظرًا إلى شُحّ الدراسات المتعلّقة بموضع الميثاق في القرآن، لا يمكن للمرء القول إنْ كان هذا الفراغ البحثيّ ناجمًا عن حقيقة أنّ مفهوم الميثاق ليس مفهومًا محوريًّا في علم الكلام وفهم الذات الإسلاميّة، كما هو الحال في اليهوديّة والمسيحيّة، أم ناجمًا عن كون هذا المفهوم ليس بذات التماسُك [في علم الكلام الإسلاميّ، كما هو الحال في اللاهوت اليهوديّ والمسيحيّ]. بل إنّ الميثاق في الواقع مفهوم سائد في القرآن نفسه، وهو أكثر انتشارًا في التفاسير، حيث يربط العديد من المفسّرين كثيرًا من القضايا والمفاهيم بفكرة الميثاق والعهد القائم بين الله والبَشر. وَفْقَ كثير من المفسّرين، يعتبر الميثاق مفهومًا محوريًّا في التصوّر القرآنيّ للإنسانيّة وللتاريخ الدينيّ. بالتالي، فإنّه موضوع يستحقّ -في حدّ ذاته- مزيدًا من الاستقصاء والبحث، من أجل فهمٍ أفضل للقرآن وللإسلام بشكلٍ عامّ. قد يقود مثل هذا البحث والاستقصاء أيضًا إلى ظهور أوجه شبه وتناقض مثيرة للاهتمام عند مقارَنتها بمفهوم الميثاق في العهدَيْن القديم والجديد، وقد يفتح أيضًا أبوابًا جديدة في مجال التفاهُم بين المسلمين والمسيحيين واليهود.

ستعالج هذه الدراسةُ الموجَزة المصطلحات المتعلّقة بمفهوم الميثاق في القرآن ومجالاتها الدلاليّة ذات الصلة. بعد ذلك ستسلّط الضوء على بعض الاتّجاهات السائدة في التناول القرآنيّ للميثاق ومعالجته في التفاسير، الذي يبدو غالبًا فيما يتعلّق بالآيات التي لا وجودَ فيها للمصطلحات الفنِّيَّة للميثاق. يؤدّي التناول القرآنيّ للميثاق حتمًا إلى عَقد مقارَنات مع أشكال تناوله في الكتاب المقدَّس، ولكنّ هذا الأمر ليس محور تركيز هذه الدراسة. وبالتالي، سيتمّ إبقاء مثل هذه المقارَنات عند الحدّ الأدنى، من أجل التركيز على التناول القرآنيّ بحدّ ذاته. تُخْتَتم الدراسة، بعد ذلك، ببعض الملاحظات المتعلّقة بتأثيرات الفهم القرآنيّ للميثاق على علم الكلام الإسلاميّ وعلى التفاهم بين الأديان.

المصطلحات القرآنيّة لمفهوم (الميثاق):

هناك مصطلحان بالعربيّة أساسيّان بالنسبة إلى المفهوم القرآنيّ للميثاق؛ وهما مصطلَحَا (العهد) و(الميثاق)، وهناك عدّة مصطلحات أخرى ثانويّة، مثل: (الإِصْر) و(الأمانة) و(الوعد)، يربطها بعضُ المفسّرين بالميثاق. هناك العديد من الآيات الأخرى التي لا يرِد فيها أيٌّ من تلك المصطلحات، ولكن تُفهَم أيضًا على أنّها إشارات إلى الميثاق. وأبرز الأمثلة على ذلك في الآية 172 من سورة الأعراف[20]، التي سنناقشها باستفاضة في هذه الورقة. وكما لاحظ غيرهارد بويرينغ[21]، فإنّ «الآية 172 من سورة الأعراف قد أصبحت نقطة ارتكاز التفسير القرآنيّ للميثاق الأصليّ»[22]. نجد أيضًا نقاشات حول الميثاق في تناول التفاسير لمصطلحات قرآنيّة من قَبيل «حبل الله» (يرِد في الآية 103 من سورة آل عمران([23])، ويمكن مقارنتها بالآية 112 من السورة نفسها[24])، و«العروة الوثقى» (يرِد في الآية 256 من سورة البقرة[25]، والآية 22 من سورة لقمان[26] وغيرهما. علاوة على ذلك، وكما يلاحظ وانسبرو، فإنّ «المصطلحات الأخرى، المحايدة أساسًا، مثل: (البيعة) و(الأيْمان)، قد تُحمَّل وتُقْرَض في الاستخدام القرآنيّ إقرارًا إلهيًّا، وذلك من خلال وقوعها في سياق (العهد) ومشتقّاته»[27].

يرِد مصطلح (العهد) في القرآن 29 مرّة، في حين ترِد صيغ الفعل منه تسع مرّات[28]، أمّا مصطلح (الميثاق) فيرِد 25 مرّة[29]. وكما يلاحظ وانسبرو، فإنّ مصطلحَي (عهد) و(ميثاق) يستخدمان بتبادُليّة في النصّ القرآنيّ؛ وكمصطلح (بريت) berit في العهد القديم، يمكن لمصطلحَي (عهد) و(ميثاق) تعيين علاقة عهديّة أو تعاقديّة بين البشر فيما بينهم (كما يظهر، على وجه الخصوص، في بعض السور المدنيّة المتأخّرة) أو بين الله والبَشر[30]. إضافةً إلى ذلك، عادةً ما يتمّ التعامل مع (العهد) و(الميثاق) في التفاسير على أنّهما مصطلحان مترادفان. متابعةً لهذا التوجّه، أَسْتَخْدِمُ في هذه الدراسة لفظة (ميثاق) للإشارة إلى كليهما. أمّا كلمة (عَهْد) فترتبط بالفعل (عَهِدَ) الذي غالبًا ما يتعدّى في الاستخدام القرآنيّ بحرف الجرّ (إلى)، ويعني: «أوْعَزَ/ كلَّفَ/ طلَبَ/ أمَرَ/ وجَّه»[31]، كما في الآية 60 من سورة يس[32]، أو كما في الآية 125 من سورة البقرة[33]. وعند استخدامه بدون حرف الجرّ (إلى)، قد يعني فعل (عهِد) الوفاء، كما في تعبير: «عَهِدَ عَهْدَهُ» (أي وَفَى بعَهْدِه وميثاقه). بالتالي، فإنّ العهدَ في حدّ ذاته يعني اتّفاقًا ثنائيًّا والتزامًا، ولكن عند إتباعه بحرف الجرّ (إلى) يشير إلى (اتّفاق/ عقْد) أحاديّ (أُوعِزَ) به إلى طرف من قِبَل الطرف الآخر. أمّا الشكل الثالث من الجذر نفسه، وهو فعل (عاهَدَ)، فله المزيد من الآثار التبادُليّة، ويوظَّف في إحدى عشرة آية قرآنيّة[34]. معظم تلك الآيات تشير إلى الميثاق بين الله والبشر (الآية 100 من سورة البقرة، الآية 75 من سورة التوبة، الآية 91 من سورة النحل، الآيتان 15 و23 من سورة الأحزاب، والآية العاشرة من سورة الفتح)، فيما تشير آياتٌ أخرى تحديدًا إلى الاتّفاقيات المعقودة بين المسلمين والجماعات الأخرى في شبه الجزيرة العربيّة (الآية 56 من سورة الأنفال، والآيات 1 و4 و7 من سورة التوبة)، وهناك آية واحدة (هي الآية 177 من سورة البقرة) يمكن قراءتها على أنّها إشارة إلى الالتزام بالميثاق والوفاء بالعهد بين الله والبشر، أو إشارة إلى الحفاظ على العهود والمعاهدات بين بني البشر.

يشتقّ مصطلح (ميثاق) من فعل (وَثقَ)، الذي يعني: «الحزم أو الثبات أو السرعة أو القوّة»[35]. حين يقترن الفعل (وَثِقَ) بحرف الجرّ (الباء)، فإنّه يشير إلى الثقة بآخر أو ائتمانه، أو اتّخاذ قرار حاسم. ينصّ وانسبرو على أنّ الاستخدام القرآنيّ الأكثر شيوعًا لِلَفظ (ميثاق)، كما هو الحال في تعبير (أخَذ/ نا ميثاقَـ...)[36]، «يعبّر دائمًا عن عبءٍ أُحاديّ الجانب»[37]، ولكنّ النصوص العتيقة لا تتّفق مع هذا التفسير. إنّ مصطلح (ميثاق) في حدّ ذاته يشير إلى وجود علاقة ثنائيّة بين طرفين، وبينما يرِد عادةً وحده في تعبير (أخذ/ نا ميثاقَـ...)[38]، فإنّه يرِد أيضًا مقرونًا بحرف الجرّ (مِن)، كما في تعبير: {أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا}[39]، الأمر الذي يشير إلى أنّ البشر -في الواقع- لديهم شيئًا ما يقدّمونه. من المهمّ الإشارة هنا إلى أنّه في الآية 21 من سورة النساء تشير عبارة: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًاإلى عقود الزواج بين الأزواج والزوجات، حيث الزوجات هنّ مَن أَخذْنَ الميثاق من أزواجهنّ. هنا قد يشير «الميثاق الغليظ» إلى كلمات العقد التي يتلفّظ بها العَرُوسُ[40] خلال مراسم الزواج، أو قد يشير إلى موافقة الزوج على «إمساكِ الزوجة بمعروفٍ أو تسريحِها بإحسان»؛ وهذه لغة مشتقّة من الآيات[41] 229- 231 من سورة البقرة[42]، أو قد يشير ببساطة إلى قبوله الشفهيّ بالزواج: («زَوّجْتُها» أو «نَكَحْتُها»)[43]. في ضوء ذلك، لا تعني فكرة أنّ المرء يمكنه أن (يأخذ ميثاقًا)، في حدّ ذاتها، «عبئًا أُحاديَّ الجانب»؛ نظرًا إلى أنّ الميثاق يشير في الآية 21 من سورة النساء إلى اتّفاق ثنائيّ بين الزوج والزوجة[44].

في تفسيره لاستخدام تعبير: «أَخَذْنَا مِنْهُمْ»، يشير العلّامة الطباطبائيّ إلى أنّ ذلك يعني شيئًا (مأخوذًا) وشيئًا (مأخوذًا منه)، ويستشهد بأمثلة كأخذ العلم من العالِم[45]. بهذا المعنى، يمكننا في الواقع فَهْم الاستخدام القرآنيّ لتعبير: «أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا» على أنّه يشير إلى طريقة يكرّم اللهُ بها بني آدم ويرفع من مكانتهم: وهو موضوع يبرز في عدّة آيات أخرى كثيرة، أشهرها الآية 70 من سورة الإسراء {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}. وكما لاحظ بعضُ المفسّرين، فإنّ مثل هذا التكريم يظهر على وجه الخصوص في تعبير[46]: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[47]، نظرًا إلى أنّ هذا التعبير يعني أنّ اللهَ، مع كونه هو الخالق والربّ ومَولى الجميع، يتيح للبشر أن يعيدوا إليه ما هو له [ابتداءً]. وبالتبعيّة، يمكن اعتبار أنّ تعبير: «أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا» -وتنويعاته- يشير إلى أنّ الله يتيح للبشر الإسهام في الميثاق بمحض إرادتهم الحرّة. ومِن ثَمّ فإنّ الله يمنح البشر حرّية التصريف للحفاظ على الميثاق أو الانسلاخ منه. تبرز هذه التبادُليّة العهديّة في الآية 40 من سورة البقرة، حيث يخاطب الله بني إسرائيل، قائلًا لهم: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[48].

الميثاق في القرآن:

بعد أن تناولتُ بعضَ جوانب المصطلحَيْن اللذَيْن يُعتبران أساسيَّين في المعالَجة القرآنيّة لفكرة الميثاق، سأنتقل هنا إلى الآيات المحوريّة في هذا النقاش، وذلك بعد أن أُرْسِيَ أوّلًا بعضَ القواعد والأُسس، من خلال تحديد بعض جوانب معالجة الكتاب المقدَّس للفكرة ذاتها. كما أشار العديد من العلماء والباحثين، يتمثّل الانتقال الأساسيّ من فهم العهد القديم للميثاق إلى ميثاق العهد الجديد في أنّ ميثاق العهد القديم لِبني إسرائيل وحدهم، بينما فهم العهد الجديد لفكرة الميثاق هو أنّه قد أصبح عالميًّا عموميًّا؛ لليهود والأمّيّين على السواء[49]. وفي حين أنّ سِفر التكوين (الإصحاح التاسع، الآية 9 وما بعدها) يتحدّث عن ميثاق عالميّ عموميّ لجميع الخلق أُلقيَ إليهم بعد الطوفان، وأدَّى هذا إلى بروز مفهوم الميثاق النوحيّ [نسبة إلى نبيّ الله نوح][50]، فإنّ هذا لا يُفهَم عمومًا على أنّه الميثاق نفسه الذي تمّ مع إبراهيم وتجدّد باستمرار مع شيوخ الأسباط والأنبياء الآخرين.

على غرار العهد الجديد، يُفْهَم الميثاق في القرآن أيضًا على أنّه عالميّ عموميّ، ينطبق على جميع البَشَر. ولكن بالنسبة إلى الغالبيّة من المسلمين السُّنّة، وفي التقليد الصوفيّ، يُعْتَقَد أيضًا أنّ الميثاق سابقٌ للزمان، نشأ قبل بداية الخَلْق على النحو الذي نعرفه اليوم. يمكن فهم بعض المقاطع في العهدَيْن القديم والجديد على أنّها إشارات إلى ميثاق دائم بين الله والبشريّة؛ كما في الآية السابعة من الإصحاح 17 من سِفر التكوين: «وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ» (قارن هذه بالآيتَين 13 و19 من الإصحاح نفسه)[51]؛ وفي الآيات 8- 10 من المَزمور 105 من سِفر المزامير: «ذَكَرَ إِلَى الدَّهْرِ عَهْدَهُ، كَلَامًا أَوْصَى بِهِ إِلَى أَلْفِ دَوْرٍ، الَّذِي عَاهَدَ بِهِ إِبْراهِيمَ، وَقَسَمَهُ لإِسْحاقَ، فَثَبَّتَهُ لِيَعْقُوبَ فَرِيضَةً، وَلإِسْرَائِيلَ عَهْدًا أَبَدِيًّا»[52]. ولكن هذه المقاطع من الكتاب المقدَّس لا تتحدّث سوى عن مواثيق/ عهود مُبْرَمة بين الله والبشر خلال مسار التاريخ الإنسانيّ، كالذي أُبْرِم بين الله وإبراهيم في الإصحاح 17 من سِفر التكوين، وذلك المُبْرَم مع موسى وبني إسرائيل في الإصحاحَيْن 19 و20 من سِفر الخروج وأُعيد تقريره وتأكيده في الإصحاح 34 من سِفر الخروج.

إذن، يتمّ الحفاظ على هذه المواثيق والعهود الواردة في العهد القديم بشكلٍ أبديّ فيما بعد، ويجري تجديدها باستمرار مِرارًا وتَكرارًا، لا سِيَّما عند وُرودها في أسفار الأنبياء، وخصوصًا في سِفْرَي إرميا وحزقيال[53]. أمّا في القرآن، فإنّ أزليّة الميثاق تنبع من كونه مُبْرَمًا بين الله وجميع البشر من قَبل بَدْءِ الخَلق. يؤكّد أغلب المفسّرين على أنّ هذا يُلمَح إليه في الآية 172 من سورة الأعراف، حيث يقول الله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}. لقد أصبحت هذه الآية نصًّا مرجعيًّا لفهم فكرة الميثاق في الإسلام السُّنّي والشيعيّ، وفي التقليد الصوفيّ أيضًا، وإن كانت هناك اختلافات مهمّة في كيفيّة فهمه. في سياق هذه الآية، تُفهَم العديد من الآيات الأخرى إذن على أنّها تعني أنّ جميع البشر يمكنهم إدراك الحقيقة إذا ما اتّبعوا ما يُتاح لهم ويبرز أمامهم من خلال الوحي والعقل[54]. بالمقابل، فإنّ أصل جميع الذنوب والآثام وأعمال الفسوق هو نقض الميثاق، كما تشير الآيتان 26 و27 من سورة البقرة، اللتان تصِفَان (الفاسقين) بأنّهم: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}. وفي هذا السياق نفسه، تقول الآية 25 من سورة الرعد: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[55].

لاستقراء معاني هذه الآيات وغيرها، تعتمد هذه الدراسة غالبًا على تفاسير سُنّيّة؛ أبرزها ما أنتجه لنا [أبو جعفر محمّد بن جرير] الطبريّ (ت. 224هـ/ 838م)، الذي يعتبره كثيرون (إمام) المفسّرين الكلاسيكيّين، وأبو عبد الله محمّد بن أحمد القرطبيّ (ت. 671هـ/ 1273م)، الفقيه المالكيّ الشهير، و[أبو الفداء إسماعيل بن عمر] ابن كثير [الدمشقيّ] (ت. 774هـ/ 1373م)، الذي يراه كثير من المسلمين اليوم أحد أعظم -إنْ لم يكن أعظم- المفسّرين الكلاسيكيّين[56]، وأحمد بن عَجِيبة (ت. 1124هـ/ 1809م)، الفقيه والصوفيّ المغربيّ الذي يجمع تفسيرُه بين ملخّصات موجَزة للمواقف السنّية الكلاسيكيّة وبين ما يصفه هو بـ(الإشارات) التي تسعى إلى كشف المعاني الباطنيّة للآيات القرآنيّة. إنّ خَطّ التفسير الذي يمثّله هؤلاء المفسّرون -على انتشاره- ليس الخطّ الوحيد الذي عرفته التقاليد الإسلاميّة. فقد اعتبَر المعتزلةُ والشيعةُ وبعضُ السنّة، من حين لآخَر، أنّ الله -في هذا الميثاق- لم يخاطب أرواحَ بني آدم، بل خاطَبَ «بشَرًا من لحمٍ ودم، كانوا يتمتّعون بكامل قواهم العقليّة وبلغوا سنّ الرشد»[57]. إضافة إلى ذلك، فإنّ لدى التقليد الصوفيّ -مع اشتراكه في فَهْم الميثاق على أنّه أصليٌّ سابقٌ للزمان- تصوُّرًا للميثاق يرتكز أكثر على الوحدة بين الإنسان الفرد والله[58].

الآية 172 من سورة الأعراف (قَالُوا بَلَى):

تذكِّرنا الآية 172 من سورة الأعراف بوعد الله لِبني إسرائيل عند جبل سيناء، وجوابهم في الآية السابعة من الإصحاح 24 من سِفر الخروج، حين قالوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ». وهناك أوجه تشابه بين الآية القرآنيّة وبين التأكيدات الواردة في الأسفار الأخيرة من العهد القديم، مثل الآية العاشرة من الإصحاح 43 من سِفر أشعيا، التي يأتي فيها: «أَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ». على النقيض من هذا، يبدو أنّ القرآن يشير إلى وجودٍ سابقٍ لخلق البشر في هذا العالم [الكائن اليوم]، حين جُمِعَت أرواحُ البشر جميعًا، كما يُروَى، أمام الله على صعيدٍ واحد، تمامًا كما يُروَى أنّها ستُجمَع على صعيدٍ واحد في نهاية الزمان ليقوموا ليومِ الحساب[59]. يُفهَم سؤالُ اللهِ الموجَّهُ إلى البشر: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} على أنّه سؤال بلاغيّ، يؤكّد اللهُ من خلاله على حقيقته المبدئيّة بصفته ربَّ الناس جميعًا وربَّ الخلائق كلّهم. ويُنظَر إلى جواب البشر حينها على أنّه تأكيدٌ أبديّ/ دائم لهذا الميثاق الذي يَدينون به إلى الأبد، وسيشهدون عليه في يوم الحساب.

إضافةً إلى هذا الميثاق الذي يشهد عليه البشر جميعًا، يشرح العديد من المفسّرين -ومنهم الطبريّ والقرطبيّ ومحمّد بن عليّ الشوكانيّ (ت. بين 1250- 1255هـ/ 1834- 1839م)- الآية السابعة من سورة الأحزاب: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ} على أنّها إشارة إلى ميثاق آخَر خاصّ بالأنبياء، أُبْرِم بعد ذلك الميثاق مع البشريّة جمعًا، وهو ميثاق ينصّ على أن يعبُدَ الأنبياءُ اللهَ ويَدْعوا الآخرين إلى عبادته، ويؤمنَ بعضُهم ببعض[60]. يتّضح هذا الميثاق النبويّ الخاصّ بشكلٍ أبرز في الآية 81 من سورة آل عمران، حيث يقول الله:

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}.

تتّضح وظيفة هذا الميثاق المُبرَم مع الأنبياء، فيما يتعلّق بالميثاق الأعمّ مع البشريّة جمعاء، حين يتمّ استعراضه والنظر إليه في ضوء الجزء الأخير من الآية 172 من سورة الأعراف، التي تؤكّد -باستمرار حديثها وصولًا إلى الآية 173- أنّه من خلال إبرام هذا الميثاق السابق للزمان سيَسألُ اللهُ بني البشر عن ذلك يومَ القيامة؛ فلا يمكن لأحدٍ أن يزعم أنّه ليس مسؤولًا عن الحفاظ على ذلك الميثاق والوفاء به:

{...أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

بعبارةٍ أخرى، قد يزعم كثيرٌ من البشر أنّهم ليسوا مسؤولين عن الوفاء بهذا العهد/ الميثاق لأنّ أسلافهم لم يفعلوا ذلك، وليس بإمكانهم التقيّد والالتزام ما لَم يتمّ إطْلاعهم عليه. ولكن، في الواقع، تتحمّل البشريّةُ جمعاء هذه المسؤوليّة؛ لأنّ كلّ فرد فيها يحمل بداخله صبغةَ هذا العهد الأوّليّ السابق للزمان. في هذا السياق، يقول ابن كثير إنّه حين «يُسأل الصادقون عن صِدقِهم» (كما تخبرنا الآية الثامنة من سورة الأحزاب)، فإنّهم يجيبون: {لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}  (كما جاء في الآية 43 من سورة الأعراف)[61].

بل إنّ بعض المفسّرين يعتبرون -من بين تفسيرات أخرى- أنّ الإشارة إلى البشريّة جمعاء [الناس] باعتبارهم {أُمَّةࣰ وَاحِدَة}[62]، فيها إلْماحٌ إلى ذلك الوقت الذي أبرَم فيه البشر جميعًا هذا الميثاق مع الله، فكانوا حينها يتبعون دينًا واحدًا وعقيدةً واحدة[63]. في هذا السياق، يقول ابن كثير عن الآية 172 من سورة الأعراف، وحول العديد من الأحاديث التي استشهد بها لتوضيح هذه الآية[64]:

أيْ: أوجَدَهم شاهِدِين بذَلك، قائلِين لهُ حالًا وقالًا. والشهادةُ تارةً تكُونُ بالقَول، كما قال تعالَى: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا}[الأنعام: 130]، وتارةً تكُونُ حالًا، كما قال تعالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}[التوبة: 17]. أيْ: حالُهم شاهِدٌ علَيهم بذَلك، لا أنّهم قائلون ذلك. وكذلك قوله تعالَى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}[العاديات: 7].

يتحدّث بعضُ المفسّرين -بناءً على نقاش دقيق لتاريخ الميثاق والوحي في ضوء هذه الآيات القرآنيّة وغيرها- عن ميثاقَيْن يتعلّقان بالبشريّة جمعاء: أحدهما أُخِذَ/ أُبرِمَ قبل ظهور البشر في هذا العالم، والآخَر أُخِذَ/ أُبرِمَ والبشرُ في هذا العالم. يُشار إلى ذلك الميثاق المأخوذ من قبل باسم «الميثاق العامّ» التي تشهد عليه الخصلةُ البشريّة نفسُها، أمّا الميثاق المأخوذ في هذا العالم فيُقال إنّه عهدٌ خاصّ[65]، الذي يتبدَّى من خلال التمسّك بإحدى الديانات السماويّة التي تعهَّد أنبياء الله بتبليغها في الميثاق النبويّ الخاصّ التي يُقال إنّ الآية 81 من سورة آل عمران[66] والآية السابعة من سورة الأحزاب[67] تشيران إليه. من هذا المنظور، فإنّ كلّ ديانةٍ هي تذكيرٌ للبشر بالميثاق الأوّل الأصليّ السابق للزمان. وكما كتَب أحمد بن عجيبة في تفسيره للآية 172 من سورة الأعراف[68]:

«قالُوا: (بَلَى، أنت ربُّنا، شَهِدْنا بذلك على أنفُسِنا)؛ لأنّ الأرواحَ حينئذٍ كانت كلّها على الفِطرة، علّامةً درّاكةً، فلمّا رُكِّبَت في هذا القالبِ نَسِيَت الشهادَة، فبَعثَ اللّهُ الأنبياءَ والرسُلَ يُذكِّرون الناسَ ذلك العَهدَ، فمَن أقرَّ به نَجَا، ومَن أنكَرَه هَلَك».

مع استمراره في تفسير الآية 173 من السورة نفسها [الأعراف]، كتب ابن عجيبة قائلًا: «والتقديرُ: أخَذْنا ذلك العَهدَ في عالَم الأرواح، وبَعَثْنا الرسُلَ يجدِّدونه في عالَم الأشباح، كراهَةَ أنْ تقولوا: إنّا كنّا عن هذا غافِلِين». ثمّ قارَن بين الآية 173 من سورة الأعراف[69] بما يرِد في الآية 15 من سورة الإسراء: {...وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}، وبالآية 165 من سورة النساء التي تَذكُر: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}. فيما يتعلّق بهذه الآيات جميعًا، كتب ابن عجيبة يقول: «لا يكفي مُجرَّدُ الإشهاد الروحانيّ في قيامِ الحُجّة؛ لأنّ ذلك العهد نسيَتْه الأرواحُ حين دخلَت في عالَم الأشباح، فلا تَهتدي إليه إلّا بدليلٍ يُذكّرُها ذلك»[70]. ويعني ابن عجيبة بهذا آياتِ الوحي المرسَل عبر أنبياء الله. في هذا السياق نفسه، كتَب القرطبيّ، عند تفسيره الآيةَ 172 من سورة الأعراف، قائلًا: «[لمّا اعترَفَ الخلقُ لله -سبحانه- بأنّه الربّ] ثمّ ذهِلوا عنه، ذكّرَهم بأنبيائه، وخَتَمَ الذِّكْر بأفضل أصفيائه؛ لتقوم حجّتُه عليهم»[71].

من المنظور الذي يقدِّمه هذا الخطّ التفسيريّ، نجد أنّ كلّ ميثاق مُبْرَم مع البشريّة وهي في هذه الأرض إنّما هو إقرار وتجديد واستمرار لذلك الميثاق السابق للزمان الذي أُبرِم معها حين كانت أرواحًا دون أجساد (أو «قبل تجسّدها»). بالتالي، فإنّ ما يمكن أن نسمّيه بالتقليد الإسلاميّ-المسيحيّ-اليهوديّ[72] يُنظَر إليه كسلسلة متعدّدة الأوجه من المظاهر الزمنيّة لميثاق واحد سابق للزمان[73]. من هذا المنظور، نرى أنّ وظيفة الوحي والنبوّة، التي أُبرِم من أجلها ميثاقٌ آخَر مع الأنبياء، هي إعادة إيقاظ الوعي بهذه الصبغة وتذكير البشريّة بوجوب عودتها إلى التقيّد والالتزام بالميثاق الأوّل. دعمًا لهذا الموقف، يستشهد المفسّرون عند تفسيرهم الآية 172 من سورة الأعراف بطائفة واسعة من الآيات القرآنيّة، مثل الآية 36 من سورة النحل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}، والآية 56 من سورة النجم: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى}. من هذا المنظور، أُرسِل إلى كلّ جماعةٍ بشريّة [أمّة] عبر التاريخ تذكيرًا بوحدانيّة الله وربوبيّته وسَطوته، فكلّ رسالات الوحي تمثّل سلسلة من أشكال التجديد للميثاق. وبالتالي، فكلّ كتابٍ مُنْزَل وكلّ نبيّ مُرسَل هو -كالقرآن والنبيّ محمّد- (ذِكرَى)[74] في هذا السياق، يستشهد القرطبيّ بآيةٍ شهيرة من سورة الغاشية، التي يُقال إنّها موجَّهة مباشرةً إلى النبيّ محمّد: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ}[الغاشية: 21][75]، ويُفسّر ابن عجيبة تلك اللازمة الشجيّة في سورة القمر[76]: {...فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}كدعوةٍ ونداءٍ إلى استذكار هذا الميثاق السابق للزمان، بمعنى: «هل مِن مُدَّكرٍ يَذكُرُ العَهدَ الذي جرَى لنا معه؟»[77].

التأكيد على العهود والمواثيق السابقة:

من خلال تقديم القرآن كاستمراريّة في التقليد الإبراهيميّ، كـ(ذِكرَى) أخرى في هذا السلسلة من التذكيرات، فإنّه يؤكّد صراحةً على الميثاق الذي أبرَمَه الله مع الأمم السابقة، ساعيًا إلى تذكير البشر لا بالميثاق المُبْرَم قبل تجسّد الأرواح فحسب، بل بالمواثيق السابقة التي أُبْرِمَت بعد أن حَلّت أرواح البشر في أجسادهم، وهي المواثيق التي يقول القرآن إنّها نُسِيت أو جرَى تجاهُلُها. فيما يتعلّق بالنصارى، تقول الآية 14 من سورة المائدة: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}. أمّا بنو إسرائيل فيتعرّضون للنقد في مناسباتٍ عدّة لنقضهم الميثاق، كما في الآية 83 من سورة البقرة: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}. تمثّل هذه الإحالاتُ إلى الميثاق الذي أبرمه الله مع بني إسرائيل الاستخدامَ القرآنيّ الأشيع لكلمة (ميثاق)[78].

على الرغم من قول القرآن إنّ الأمم السابقة قد نقضَت مواثيقها مع الله، نجده -على عكس العهد الجديد- لا يدّعي تأسيس وإبرام ميثاق جديد تمامًا. بل يُفسَّر على أنّه إعادة تأكيد على الميثاق العامّ أو العالميّ العموميّ، ومن ثَمّ على الجوهر الأساسيّ الذي هو لبّ جميع المواثيق الخاصّة. وكما يُوصَف النبيّ محمّد بأنّه: «خَاتَم النَّبِيِّينَ»، في الآية 40 من سورة الأحزاب، يُنظَر إليه على أنّه مُتمِّمٌ لما أوحِي إلى جميع الأنبياء السابقين له. إلّا أنّه، من منظور قرآنيّ، لا يأتِ بشيءٍ لم يسبق أن أتَى به الأنبياء الذين سبقوه بشكلٍ أو بآخَر. ويتجلّى هذا الموقف في العديد من الآيات القرآنيّة؛ منها:

{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}[فصِّلَت: 43]، {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}[الشعراء: 192- 196]، {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى: 18- 19].

من منظور قرآنيّ، لا يبدأ خطّ النبوّة الذي يُلْمَح إليه في تلك الآيات مع نوح أو إبراهيم أو موسى؛ بل يبدأ مع آدم، أول إنسان أبرَم الله معه ميثاقًا/ عهدًا (زمانيًّا) خاصًّا، كما في الآية 115 من سورة طه، {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[79]. يرى معظم العلماء أنّ آدم هو أوّل الأنبياء، غير أنّ هناك بعض الجدل حول إنْ كان آدم بالفعل نبيًّا أم لا، ويرى بعضُهم أنّ نوحًا هو أوّل نبيّ[80]. ومع عدم وجود آدم في قوائم الأنبياء التي تسردها العديد من الآيات القرآنيّة[81]، نجده يُذْكَر كأوّل مَن (اصطَفاه) الله، في الآية 33 من سورة آل عمران: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}. وقد أكّدَت بعضُ الأحاديث على نبوّة آدم. فيُرْوَى أنّ أبا ذرّ الغِفاريّ سأل النبيّ عن أوّل الأنبياء، فأجابه النبيُّ: «آدم... كلَّمَه اللهُ قبلًا»[82]، ويُرْوَى أنّ وَهْبَ بنَ مُنبِّه قال إنّ آدمَ أوّلُ الرسلِ جميعًا، ومحمّدًا آخِرُهم[83]. من هذا المنظور، فإنّ الدراما الدوريّة مِن أخْذِ الميثاق ونسيانه ونقضه وتجديده، التي تُعَدّ موضوعًا محوريًّا في الكتاب المقدَّس، لم تبدأ مع إبراهيم كما في العهد القديم (أو نوح، اعتمادًا على كيفية فهمنا له)، بل بدأتْ مع أوّل البشر جميعًا. وهكذا تتجسّد الدراما الإنسانيّة، بمعنى من المعاني، في حياة آدم نفسه. في هذا السياق، يقدِّم القرآن نهايةً لقصّة هبوط آدم مختلفة عمّا يقدِّمه الكتاب المقدَّس. لم تكن حوّاء هي مَن أغوى آدم، بل: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ}[84]، وكلاهما مسؤولان عن الهبوط من الجنّة؛ لأنّ الشيطان: «وَسْوَسَ لَهُمَا»[85] كلَيهما لِيأكُلَا من: {شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}[طه: 120- 121].

من أجل معصيتهما، إذن، طُرِدت البشريّة جمعاء إلى الأرض، كما تقول الآية 36 من سورة البقرة: {...فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (وانظر أيضًا الآية 123 من سورة طه)[86]. يمثّل هذا الحدث أوّل نقضٍ للميثاق، ويمثّل الهبوط «بعضُهم لبعضٍ عدُوّ» عواقب نسيان الميثاق ونقضه. ولكن في القرآن، على عكس الكتاب المقدَّس، نجد أنّ آدم وحوّاء قد تابَا على الفَوْر من ذنبهما، بعد الهبوط، كما ذُكِر عنهما في الآية 23 من سورة الأعراف أنّهما: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. ثمّ تابَ اللهُ على آدم وجدَّد الميثاق والعهد معه، من خلال تلقِّيه {كَلِمَاتٍ} من ربّه وهُدًى، كما في الآيتَين 37 و38 من سورة البقرة:

{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

من منظورٍ ما، يمثّل ما تلقّاه آدم من الكلمات والهُدى بداية دائرة الوحي. فقبل الهبوط من الجنة، عاش آدم وحوّاء في التزامٍ بالميثاق العامّ الأوّل، ولم يكونَا بحاجةٍ إلى ميثاقٍ خاصّ لتذكيرهما به. ولكن بعد أن نَسِيا، كان لا بدّ لهما -وبالتالي للبشريّة جمعاء- من ذكرى بشكلٍ دوريّ، إن كانت هناك إرادة لإعادة توكيد الميثاق والعودة إلى ما يسمّيه القرآن حالتهما الطبيعيّة كمعترفَيْن بوحدانيّة الله وعابدَين له وحده دون سواه[87].

الفِطرَة:

في ضوء ذلك، سنصل إلى أنّ الجوهر الأساسيّ للحالة البشريّة هي الطبيعة الآدميّة قبل الهبوط، وهي طبيعة يُقال -بموجبها- إنّ الإنسان كائنٌ (يَعرِف ويُدرِك)، وهو على وعيٍ دائم بذلك الميثاق السابق للزمان وما يتبعه ويستلزمه [من واجبات]. ووَفقًا لأغلب المفسّرين، فإنّ هذه الطبيعة هي ما يُشار إليه في القرآن باسم «الفطرة» (العريكة الأصليّة، أو -حرفيًّا- «الانفلاق/ الانفطار الأوّليّ»)، المُشار إليها في الآية 30 من سورة الروم:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

يكاد كلّ واحد من تفاسير القرآن البارزة يربط هذه الآية بما يُطرَح في مناقشة الآية 172 من سورة الأعراف: {...قَالُوا بَلَى...}، تمامًا مثلما يُشير معظمها أيضًا إلى هذه الآية عند مناقشة الآية 172 من سورة الأعراف. يمكننا تبيُّن طبيعة هذا الرابط الذي يراه المفسّرون بين هاتَيْن الآيتَيْن في قولٍ يُعْزَى إلى الضحّاك بن مُزاحِم (ت. 212هـ/ 827م)، المفسّر المعروف من أعلام القرن الثاني-الثالث الهجريّ (الثامن-التاسع الميلاديّ)، الذي يُرْوَى أنّه قال حين كان ابنُه الرضيع يُكَفَّن: «مَن أدرَكَ منهم الميثاقَ الآخِر فوَفَى به، نفَعَهُ الميثاقُ الأوّل، ومَن أدرَكَ الميثاقَ الآخِر فلَم يَفِ به، لَم يَنفعْه الميثاقُ الأوّل. ومَن مات صغيرًا قَبل أن يُدرِكَ الميثاقَ الآخِر، مات على الميثاق الأوّل: على الفِطرَة»[88]. في هذا السياق يلحظ القرطبيّ أنّ بعض المفسّرين قالوا: «إنّ مَن مات صغيرًا دَخَلَ الجنّةَ؛ لإقرارِه في الميثاق الأوّل»[89].

يفهم معظم المفسّرين الآية 30 من سورة الروم باعتبارها أمرًا باتّباع دِين الله، الذي من أجله خلَق الخَلق. فيفسّرها بعضهم على أنّها موجَّهة مباشرةً إلى النبيّ، ويفسّرها آخرون بأنّها موجَّهة إلى جميع مَن يستمع إلى رسالة القرآن[90]، وإن كان قيل إنّ المعنى في التفسيرَيْن كليهما ينطبق على البشر جميعًا. فقد رأى بعضُ المفسّرين العبارةَ الأولى تعني: «اتّبِعِ الدِّينَ الحَنيفَ، واتّبِعْ فِطرةَ الله»[91]. وفي تفسيرٍ آخر أقلّ قليلًا في إمكانيّة تبنِّيه، يُقال: إنّ الفطرة تشير إلى (الدِّين)، الأمر الذي يجعل الجملة تعني: «أَقِمْ وَجهَكَ للدِّينِ الذي هو الحَنيف، وهو فِطرةُ اللهِ [الذي علَى الإعدادِ له فَطَرَ البَشَر[92]. وفي أيٍّ من التفسيرَيْن، فإنّ ذلك يُشير إلى أنّ البشر خُلِقُوا للإيمان بوحدانيّة الله، وللدِّين والعبادة. ومن أجل تأكيد هذا الرابط، يشرح القرطبيّ معنى هذه الآية من خلال اللجوء إلى الآية 56 من سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، إشارةً إلى أنّ كونهم في حالة عبادة يعني أن يعيشوا وَفْقَ الفطرة[93].

إنّ مصطلح (حَنيف) مصطلح غامض من جهة الاشتقاق، وقد أدَّى هذا إلى كثير من الجدل فيما يتعلّق بمعناه وأصوله[94]. من المنظور التفسيريّ، فإنّ مصطلح (حَنيف) مشتقٌّ على الأرجح من الفعل (حَنِفَ) الذي يعني (مالَ)، ويُفهَم على أنّه إشارة إلى مَن يميل بعيدًا عن الضلال، [ويتّجه] نحو الإيمان بالتوحيد[95]، «والحَنِيفُ: المائلُ عن كلِّ دِينٍ باطلٍ إلى دِينِ الحقّ»[96]، أو مَن «حَنَفَ إلى دِينِ الله»[97]، ولقد وُصِفَ النبيُّ إبراهيمُ بصفة (حَنِيف) ثماني مرّات[98]. وفي الآية 105 من سورة يُونُس، أُوعِزَ إلى النبيّ محمّد: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (انظر أيضًا[99] الآية 31 من سورة الحجّ والآية الخامسة من سورة البيّنة)[100]. في آيات قرآنيّة أخرى، يرتبط مصطلح «حَنيف» بالفضيلة والاستسلام لله (الآية 125 من سورة النساء)، وبالاستقامة (الآية 161 من سورة الأنعام)، وبالقنوت لله والإخلاص له (الآية 120 من سورة النحل). من الممكن توضيح الفهم الأساسيّ لكلمة «حَنيف» (وجمعها «حُنَفاء») في التراث الإسلاميّ من خلال حديث قُدسيّ يستشهد به كثير من المفسّرين عند تناولهم الآية 30 من سورة الرّوم، وفيه يقول الله -عزَّ وجَلّ-: «وإنّي خَلَقتُ عِبادِي حُنَفاءَ كُلَّهُمْ، وإنّهُم أتَتهُمُ الشياطينُ فاجْتالَتْهُم عَن دِينِهم»[101]. في ضوء هذه التفاسير للآية 30 من سورة الروم، أن يكون الإنسانُ (حَنيفًا)، وأن يميل إلى الله وينصرف عن الشّرك والأوثان، هو معنى الحياة على الفطرة التي فُطِرَ عليها الناسُ جميعًا. ولا يمكن لأحدٍ تغيير الطبيعة الكامنة في الإنسان، لأنّه -كما تنصّ الجملة التالية في الآية نفسها-: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}. من ثَمّ فإنّ قبول هذه الحقيقة والاستسلام لهذه الطبيعة الإنسانيّة الأساسيّة هو جوهر العبادة.

عند تناوُل الآية 30 من سورة الروم، من المهمّ الإشارة إلى أنّه في الخطابات الأخيرة يؤكّد كلٌّ من المدافِعين عن الإسلام والمجادِلين ضدّه أنّ (الفطرة) تعني دينَ الإسلام؛ بما يعني دينَ الإسلام المتجسّدَ، الذي تكوَّن وتماسَكَ مع الوقت[102]، لا محضَ صفة الإسلام لله والخضوع له، التي يصف القرآنُ بها الأنبياءَ السابقين للنبيّ محمّد وبعضَ أتباعهم أيضًا[103]. عند النظر إلى الآية في ضوء هذه التفسيرات الجدليّة (التي ليست بالدخيلة على التفاسير الكلاسيكيّة)، ستُقرأ على أنّها تعني أنّ البشر يُولَدون على الإسلام لا أيّ ديانة أخرى، بحيث إنّ كلّ مَن يتّبع دينًا آخر بخلاف الإسلام ضالٌّ وزائغ. لكنّ القرطبيّ يواصل القولَ إنّه: «يَستحيلُ أن تَكُونَ الفِطرَةُ المذكورةُ (الإسلامَ)...؛ لأنّ الإسلامَ والإيمانَ: قَولٌ باللسانِ واعتِقادٌ بالقلبِ وعَمَلٌ بالجَوارح، [وهذا مَعدُومٌ مِن الطفل، لا يَجهَلُ ذلك ذو عَقل]»[104]. هذا الفهم للحديث [القدسيّ] يعني أنّه إذا كانت الفطرة تختصّ بفطرة البشر، أي أرواحهم، فلا يمكن أن تكون خاصّة بممارساتٍ معيّنة لتقليدٍ دينيٍّ محدَّد؛ لأنّ هذه الممارسات لا يمكن أداؤها إلّا حين تحلّ الأرواح في الأجساد في هذا العالَم. في هذا الصدَد، يقول المفسّر الأندلسيّ عبد الحقّ بن عطيّة (ت. 541هـ/ 1147م) في مقطع يستشهد به القرطبيّ أيضًا[105]:

والذي يُعْتمَدُ عليه في تفسيرِ هذهِ اللفظةِ أنّها الخِلْقةُ والهَيئةُ التي في نَفْسِ الطفلِ، التي هي مُعدَّةٌ ومُهيَّأةٌ لِأنْ يُميِّزَ بها مَصنوعاتِ اللهِ تعالَى، ويَستدِلُّ بها على ربِّه، ويَعْرِفُ شرائعَهُ، ويُؤمِنُ به؛ فكأنّهُ -تعالَى- قال: أقِمْ وَجهَكَ للدِّينِ الذي هو الحَنيف، وهو فِطرةُ اللهِ الذي علَى الإعدادِ له فَطَرَ البَشَر، لكن تَعرِضُهُم العَوارِضُ. ومِنه قَولُ النبيّ: «كلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطرَة؛ فأبَوَاهُ يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه»[106]. فذِكْرُ الأبَوَينِ إنّما هُو مِثالٌ للعَوارِضِ التي هي كثيرةٌ.

وقد توسَّع القرطبيّ في تعليقه على تفسير ابن عطيّة، فأضاف: «وقالَ شَيخُنا في عِبارتِه: إنّ الله تعالى خَلقَ قلوبَ بني آدمَ مؤهَّلةً لِقَبولِ الحَقّ، كما خَلَقَ أعيُنَهم وأسماعَهُم قابلَةً للمَرئيّاتِ والمَسمُوعات»[107]. عند النظر إلى الأديان في ضوء هذا الخطّ التفسيريّ، فإنّ الهدف من تشكّلها جميعًا وإرسالها عبر الوحي هو إعادة البشر إلى تلك الفطرة. غير أنّ البشر فقَدُوا هذه الفطرة والمقصد الأصيل بمرور الوقت، فاتّبعوا أديان التقليد لا الإيمان الحقيقيّ. بالتالي فإنّ الانتماءات الدينيّة التي تفقد التركيز على الحقائق العموميّة في لبّ كلّ ميثاق يُنْظَر إليها على أنّها حمولة زائدة من الفرضيّات الفوقيّة على الفطرة الإنسانيّة. يظهر هذا الفهم في تفسيرٍ للآية 172 من سورة الأعراف يَعزوه ابنُ عجيبة إلى البيضاويّ (ت. 685هـ/ 1286م) (وإن خلَتْ منه النسخةُ المطبوعة من تفسير البيضاويّ المُعَنْوَن: أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، إِذْ يقول: «والمقصودُ من إيرادِ هذا الكلامِ هاهُنا: إلزامُ اليهودِ مُقْتَضَى الميثاق العامّ، بعدما ألزَمَهُم بالميثاقِ المَخصُوصِ بهم، [والاحتجاجُ عليهم بالحُجَجِ السمعيّة والعقليّة] ومَنعُهم من التقليد»[108]. يعكس مثلُ هذا التفسير مقاطعَ عديدة من الأسفار الأخيرة من العهد القديم تتحدّث عن توقّف الناس عن اتّباع تعاليم تقاليدهم الدينيّة، على الرغم من تمسّكهم بالشكل الظاهريّ لها. على سبيل المثال، يأتي في الآيتَين 13 و14 من الإصحاح 29 من سِفر أشعيا: «لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النَّاسِ مُعَلَّمَةً. لِذلِكَ هأَنَذَا أَعُودُ أَصْنَعُ بِهذَا الشَّعْبِ عَجَبًا وَعَجِيبًا، فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ، وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِهِ»[109].

وهذه هي المأساة التي أكّد القرآن أنّ كثيرًا من اليهود والنصارَى يعانون منها، كما جاء -على سبيل المثال- في الآية الخامسة من سورة الجُمُعة: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ...}. لكنّها أيضًا بلوَى حذّر النبيُّ المسلمين من أنّهم، كذلك، سيُعانون منها. تمامًا كما رُويَ عن موسى أنّه توقّع، فَورَ تلقّي التوراة[110]، ذلك الهوَى الذي سيَغلب على قومه، كذلك يُروَى أنّ النبيّ محمّدًا قد أخبَرَ أنّ أمَّتَه ستتّبعُ «سَنَن مَن قبلها»[111]:

قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَتتّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبلكُم، شبرًا بشِبرٍ، وذِراعًا بذِراع، حتّى لو سَلَكُوا جُحرَ ضَبٍّ لَسَلَكتُموه»، قُلنا: يا رسولَ الله، اليهودَ والنصارَى؟ قال: «فمَنْ؟».

في هذا السياق نفسه، يُروَى أنّ أحد الصحابة سأل النبيَّ: كيفَ يَذهبُ العِلمُ ونحنُ نقرأُ القرآنَ ونُقرِئُهُ أبناءَنا ويُقرِئُهُ أبناؤُنا أبناءَهُم إلى يَومِ القِيامة؟ فما كان جواب النبيّ إلّا أن قال له: «ثَكِلتْكَ أمُّك! أوَلَيسَ هذه اليهودُ والنصارَى يَقرَؤُون التوراةَ والإنجيلَ، لا يَعمَلُونَ بشيءٍ ممّا فيهما»[112]. وهناك حديث آخر للنبيّ يقول فيه إنّ المسلمين سيتعاملون مع القرآن كأنّه مجرّد كلمات[113]:

«يُوشِكُ أنْ يأتِيَ على الناسِ زمانٌ لا يَبْقَى من الإسلامِ إلّا اسمُه، ولا يَبْقَى من القرآنِ إلّا رَسْمُه؛ مَساجدُهُم عامِرَةٌ وهي خرابٌ من الهُدى، عُلَماؤهم أشرُّ مَن تَحتَ أدِيمِ السماء؛ مِنْ عندهم تَخرُجُ الفِتنةُ، وفيهم تَعُودُ».

لقد خضع هؤلاء (العلماء) للنفاق[114] الذي يذكر القرآن أنّه أصاب أتباع الديانات الأخرى. مِن هؤلاء مَن أشار إليهم النبيّ حين قال: «يَخرجُ في هذه الأمَّةِ قَومٌ تَحقِرون صَلاتَكم مع صَلاتِهم، يَقرَؤون القُرآنَ لا يُجاوِزُ حُلُوقَهم (أو حَناجِرَهم)»[115]. يشير هذا الحديث وغيره ممّا يُروَى عن النبيّ إلى أنّ النقد الموجَّه إلى الأمم والجماعات الدينيّة السابقة لا يجب أن يُقرأ باعتباره إدانة لتلك الأمم في حدّ ذاته. يمكننا -في ضوء الفهم القرآنيّ لفكرة الميثاق- قراءة تلك الأحاديث بشكلٍ أوسع كانتقادات للمَيْل البشريّ نحو نسيان الميثاق المُبرَم مع اللهِ أو نقضه. بهذا المعنى، فإنّ تلك الأحاديث ليست مجرّد إدانة لأولئك الذين نقضوا الميثاق في الأزمنة الماضية، ولكنّها أيضًا تحذير من ذلك الميل العامّ نحو نقضه والعجز عن العيش وَفق مُقتضَى الفطرة.

خاتمة:

استطاع هذا الاستقصاء الموجَز تقديمَ صورة عامّة للعرض القرآنيّ لمسألة الميثاق، وتعمَّق في آيتَيْن، وفي مجرّد جانب من التفسيرات الغنيّة والمتعدّدة التي تناوَلَتْهما. مع ذلك، يمكن للمرء القول إنّ قراءةً موسَّعة للتفاسير تبيِّن أنّ هناك مفهومًا متجذّرًا في الفهم الإسلاميّ التقليديّ للقرآن وللوحي بصفة عامّة يدور حول (تعدُّديّة المواثيق). تتبدَّى المواثيق المتعدِّدة التي تَصوَّرها مفسِّرو القرآن على ثلاث مراحل: الأولى هي مرحلة الميثاق الأصليّ العامّ السابق للزمان، المُبرَم بين الله والبشر حين أخذهم من صُلْب آدم؛ أمّا المرحلة الثانية فتخصّ الميثاق الخاصّ بين الله والأنبياء، أن يَدْعُوا الناسَ إلى عبادته والعودة مِن ثَمّ إلى الالتزام بالميثاق الأوّل، وأن يؤكِّدوا ويؤيّدوا المواثيق والعهود التي يُرسَل بها غيرُهم من الأنبياء. تمهِّد هذه المرحلة الثانية لمرحلةٍ ثالثة، وهي المرحلة الأرضيّة، حيث يَقبل الناسُ أحدَ المواثيق الخاصّة التي أرسل اللهُ بها الأنبياء؛ كإقرارٍ بالميثاق العامّ -الذي أبرموه في مرحلةٍ سابقة للزمان- وتجديدٍ له.

إنّ الإقرار التامّ بـ(تعدُّديّة المواثيق) هذه في القرآن وفي التراث الإسلاميّ تترتّب عليه نتائج وآثار مهمّة على علم الكلام الإسلاميّ، وخصوصًا أنّ كثيرًا من المسلمين ما زالوا في صراع [ثقافيّ] حول مسألة الآخر. فيمكن للتطوّرات في هذا المجال أن تؤدِّي إلى ظهور (كلام) إسلاميّ حول الآخر يكون متجذّرًا في التراث الكلاسيكيّ ومصقولًا من الناحية المرجعيّة، وليس على خلاف عميق مع التجربة التعدُّديّة المعاصرة. وبدلًا من النظر إلى تعاقُب المواثيق عبر التاريخ الإنسانيّ على أنّ الميثاق ينسخ ما قبله أو يُبطله، يمكن النظر إليها على أنّ كلًّا منها شاهدٌ على حقيقة الميثاق الأوّل، ويمكن اعتبار أنّ كلّ إنسانٍ يُولَد على الفطرة، ومِن ثَمّ شاهدٌ -أو يمكنه الشهادة- على ذلك الميثاق الأصليّ بداخله.

قائمة المصادر:

  - الأصفهانيّ، الراغب، مفردات ألفاظ القرآن (دمشق/ بيروت: دار القلم/ الدار الشاميّة، 1998م).

- البخاريّ، محمّد بن إسماعيل، صحيح البخاريّ (3 مجلّدات، شتوتغارت: جمعيّة المَكنَز الإسلاميّ، 2000م).

- البيهقيّ، شُعَب الإيمان، تحقيق: محمّد السعيد بسيوني (بيروت: دار الكتب العلميّة، 1410هـ/ 1990م).

- الرازيّ، فخر الدين محمّد، التفسير الكبير (32 مجلّدًا، بيروت: دار إحياء التراث العربيّ، 1422هـ/ 2001م).

- الزمخشريّ، أبو القاسم محمّد بن عمر، الكشّاف عن غوامض حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (4 مجلّدات، بيروت: دار التراث العربيّ، 1421هـ/ 2001م).

- السُّلَميّ، عبد الرحمن، حقائق التفسير، تحقيق: سيّد عمران (بيروت: دار الكتب العلميّة، 1421هـ/ 2001م).

- الشوكانيّ، محمّد بن عليّ بن محمّد، فتح القدير: الجامع بين فنَّي الرواية والدراية من علم التفسير، تحقيق: يوسف الغُوش (بيروت: دار المعرفة، 1428هـ/ 2007م).

- الطباطبائيّ، محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن (20 مجلّدًا، طهران: دار الكتب الإسلاميّة، 1379هـ/ 2001م).

- الطبَرسيّ، أبو عليّ الفضل بن الحسن، مَجمَع البيان في تفسير القرآن، تحقيق: محسن الأمين العامليّ وآخرين (بيروت: مؤسّسة الأعلَميّ للمطبوعات، 1415هـ/ 1995م).

- الطبريّ، محمّد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: محمود محمّد شاكر (30 مجلّدًا، بيروت: دار إحياء التراث العربيّ، 1421هـ/ 2001م).

- ابن عجيبة، أحمد، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، تحقيق: عمر أحمد الراوي (8 مجلّدات، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1426هـ/ 2005م).

- ابن عطيّة الأندلسيّ، أبو محمّد عبد الحقّ، المُحرَّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (الرباط: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، 1408هـ/ 1988م).

- ابن قُتَيبة، كتاب المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة (القاهرة: دار المعارف، 1969م).

- القرطبيّ، أبو عبد الله محمّد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: محمّد إبراهيم الحفناويّ (10 مجلّدات، القاهرة: دار الحديث، 1423هـ/ 2002م).

- القُشَيريّ، عبد الكريم، لطائف الإشارات (بيروت: دار الكتب العلميّة، 1420هـ/ 2000م).

- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير (القاهرة: دار الحديث، 1414هـ/ 1993م).

- ابن ماجه، محمّد بن يزيد، سُنَن ابن ماجه (مجلّدان، شتوتغارت: جمعيّة المكنز الإسلاميّ، 2000م).

- مسلم بن الحجّاج القُشَيريّ، صحيح مسلم (مجلّدان، شتوتغارت: جمعيّة المكنز الإسلاميّ، 2000م).

- النسَفيّ، عبد الله بن أحمد، مَدارِك التنزيل وحقائق التأويل، متاح عبر (موقع التفسير) altafsir.com.

Abdel-Kader, Ali Hassan, The Life, Personality and Writings of al-Junayd (London: Luzac, Printed for the Trustees of the ‘E.J.W. Gibb Memorial’, 1962).

Anawati, Georges C., ‘La Notion de ‘péché origenelexiste-t-elle dans Islam?’, Studia Islamica 31 (1970), pp. 29-40.

Bashear, Suliman, Studies in Early Islamic Tradition (Jerusalem: Hebrew University, Max Schloessinger Memorial Foundation, 2004).

Bey, Hilmi Omer, ‘Some Considerations with Regard to the Hanīf Question’, Muslim World 22 (1932), pp. 72-5.

Bosworth, C.E., art. ‘Mīthāq’ in Encyclopaedia of Islam, 2nd edn.

wering, Gerhard, art. ‘Covenant’ in Encylopaedia of the Qur’an.

——, The Mystical Vision of Classical Existence of Islam: The Qur’anic Hermeneutics of the Ṣūfī Sahl al-Tustarī (d. 283/ 896) (Berlin and New York: De Gruyter, 1980).

Calder, Norman, ‘Tafsīr from Ṭabarī to Ibn Kathīr: Problems in the Description of a Genre, Illustrated with Reference to the Story of Abraham’ in G.R. Hawting and Abdul-Kader A. Shareef (eds), Approaches to the Qur’an (London and New York: Routledge, 1993), pp. 101-40.

Dakake, Maria, ‘Commentary on “Sūrat al-Nisāʾ”’ in S.H. Nasr, Maria Dakake, Caner Dagli, Joseph Lumbard, and Mohammed Rustom (eds), The Study Qur’an (New York, San Francisco: HarperOne, 2015), pp. 188-269.

de Blois, François, ‘Naṣrānī and Ḥanīf: Studies on the Religious Vocabulary of Christianity and Islam’, Bulletin of the School of Oriental and African Studies 65:1 (2002), pp. 1-30.

Denny, Frederick, ‘Some Religion-Communal Terms and Concepts in the Qur’an’, Numen 24 (1977), pp. 26-59.

Donner, Fred. M., Muhammad and the Believers: At the Origins of Islam (Cambridge: Belknap Press at Harvard University Press, 2010).
van Ess, Josef, Theologie und Gesellschaft im 2. und 3. Jahrhundert Hidschra: eine Geschichte des religiösen Denkens im frühen Islam / 4 Mit Gesamtregister der Bände I-VI (Berlin: de Gruyter, 1991-7).

——, Zwischen Ḥadīt und Theologie: Studien zum Entstehen prädestinatianischer Überlieferung (Berlin and New York: De Gruyter, 1975).

Firestone, Reuven, ‘Is There a Notion of Divine Election” in the Qur’an?’ in Gabriel Said Reynolds (ed.), The Qur’an in Its Historical Context (Abingdon and New York: Routledge, 2007), pp. 393-410.

Gramlich, Richard, ‘Der Urvertrag in der Koranauslegung (zu Sure 7, 172-173)’, Der Islam 40 (1983), pp. 205-30.

Hillers, Delbert, Covenant: The History of a Biblical Idea (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1969).

Izutsu, Toshihiko, Ethico-Religious Concepts in the Qur’an (Montreal: McGill University Press, 1966).

Jeffery, Arthur, The Qur’an as Scripture (New York: Russell F. Moore Company, 1952).

Kogan, Michael S., Opening the Covenant: A Jewish Theology of Christianity (New York/ Oxford: Oxford University Press, 2008).

Lane, Edward William, An Arabic-English Lexicon (London: Islamic Texts Society, 1984).

Lawson, Todd, ‘Coherent Chaos and Chaotic Cosmos: The Qur’an and the Symmetry of Truth’ in Peter Gemeinhardt and Annette Zgoll (eds), Weltkonstruktionen: Religiöse Weltdeutung zwischen Chaos und Kosmos vom Alten Orient bis zum Islam, Orientalische Religionen in der Antike 5 (Tübingen: Mohr Siebeck, 2010), pp. 177-93.

——, ‘Seeing Double: the Covenant and the Tablet of Aḥmadin M. Momen (ed.), Bahai Studies 1: The Bahai Faith and the World Religions, Papers Presented at the ‘Irfán Colloquia, George Ronald Baha’i Studies Series, 1 (Oxford: George Ronald, 2003), pp. 39-87.

Lohfink, Norbert, The Covenant Never Revoked: Biblical Reflections on Christian-Jewish Dialogue (New York: Paulist Press, 1991).

Lumbard, Joseph, ‘Commentary on “Sūrat al-Ḥadīd”’ in S.H. Nasr, Maria Dakake, Caner Dagli, Joseph Lumbard, and Mohammed Rustom (eds), The Study Qur’an, (New York, San Francisco: HarperOne, 2015), pp. 1,328-38.

——, ‘Commentary on “Sūrat al-Rūm”’ in S.H. Nasr, Maria Dakake, Caner Dagli, Joseph Lumbard, and Mohammed Rustom (eds), The Study Qur’an (New York, San Francisco: HarperOne, 2015), pp. 1,044-58.

Lyall, C.J., ‘The Words Ḥanīf and Muslim’, Journal of the Royal Asiatic Society 35 (1903), pp. 771-84.

Margoliouth, D.S., ‘On the Origin and Import of the Names Muslim and Ḥanīf‘, Journal of the Royal Asiatic Society 35 (1903), pp. 467-93.

Massignon, Louis, ‘Le Jour du Covenant” (yawm al-mīthāq)’, Oriens 15 (1962), pp. 86-92.

McCarthy, Dennis J., Treaty and Covenant: A Study in Forms in the Ancient Oriental Documents and in the Old Testament (Rome: Pontifical Biblical Institute, 1978).

Moubarac, Y., Abraham dans le Coran: lhistoire dAbraham dans le Coran et la naissance de l’Islam; étude critique des textes coraniques suivie dun essai sur la représentation quils donnent de la religion et de lhistoire (Paris: J. Vrin, 1958).

Murata, Sachiko, and William C. Chittick, The Vision of Islam (St Paul: Paragon House, 2007).

Nasr, S.H., Maria Dakake, Caner Dagli, Joseph Lumbard, and Mohammed Rustom (eds), The Study Qur’an (New York, San Francisco: HarperOne, 2015).

Neuwirth, Angelika, ‘The House of Abraham and the House of Amram: Geneology, Patriarchal Authority, and Exegetical Professionalism’ in Angelika Neuwirth, Nicolai Sinai, and Michael Marx (eds), The Qur’an in Context: Historical and Literary Investigation into the Qur’anic Milieu (Leiden: Brill, 2010), pp. 499-531.

Nicholson, Ernest W., God and His People: Covenant and Theology in the Old Testament (Oxford: Clarendon Press, 1986).

Novak, David, The Image of the Non-Jew in Judaism (Lewiston, Queenston, and Lampeter: Edwin Mellen Press, 1983).
al-Qādī, Wadād, ‘The Primordial Covenant and Human History in The Qur’an’ (Beirut: American University in Beirut, Occasional Papers, 2006).

Reynolds, Gabriel Said, The Qur’an and Its Biblical Subtext (Abingdon and New York: Routledge, 2010).

Rippin, Andrew, ‘God’ in Andrew Rippin (ed.), The Blackwell Companion to the Qur’an (Malden, Oxford, and Carlton: Blackwell Publishing, 2006).

Robinson, Neal, ‘Sūrat Āl ʿImrān and Those with the Greatest Claim to Abraham’, Journal of Qur’anic Studies 6:2 (2004), pp. 1-21.

Rubin, Uri, ‘Ḥanīfiyya and Kaʿba’, Jerusalem Studies in Arabic and Islam 13 (1990), pp. 85-112.

——, ‘Pre-Existence and Light: Aspects of the Concept of Nūr Muḥammad’, Israel Oriental Studies 5 (1975), pp. 67-75.

Schimmel, Annemarie, The Mystical Dimension of Islam (Chapel Hill: University of North Carolina Press, 1975).

Schöck, Cornelia, art. ‘Adam and Eve’ in Encyclopaedia of the Qur’an.

——, Adam im Islam: ein Beitrag zur Ideengeschichte der Sunna (Berlin: KlausSchwarz Verlag, 1993).

Wansbrough, John, Quranic Studies (Amherst, NY: Prometheus Books, 2004).

 

 


 [1] نُشِرَت الورقة في العام 2015م بمجلّة الدراسات القرآنيّة Journal of Qur’anic Studies، الصادرة عن مركز الدراسات الإسلاميّة في كليّة الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة بجامعة لندن (SOAS)، وتنشرها مطبعة جامعة إدنبرة.

[2] ترجم هذه الورقة، إسلام أحمد، باحث ومترجم، له عدد من الأعمال المنشورة.

[3] انظر على سبيل المثال: Lohfink, The Covenant Never Revoked.

[4] فرانز روزنزويغ (1886- 1929م) Franz Rosenzweig: فيلسوف وعالم لاهوت يهوديّ ومترجِم ألمانيّ. ينتمي إلى المدرسة الوجوديّة. [المترجِم]

إيرفينغ غرينبيرغ (1933م-) Irving Greenberg: فيلسوف وحاخام ومؤرِّخ أميركيّ من أصول ألمانيّة. من أشدّ داعمي الكيان الصهيونيّ في فلسطين المحتلّة. يدعو إلى تعزيز التفاهُم المسيحيّ-اليهوديّ. [المترجِم]

رينهولد نيبوهر (1892- 1971م) Reinhold Niebuhr: فيلسوف وعالم لاهوت مسيحيّ وعالم سياسة أميركيّ من أصول ألمانيّة. كان عضوًا في الأكاديميّة الأمريكيّة للفنون والآداب. [المترجِم]

[5] في السنوات الأخيرة، نال (لاهوت العهود الثنائيّ) زخمًا كافيًا، لدرجة أنّ تعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة في الولايات المتّحدة نصّت على أنّ «العهد الذي أعطاه الربّ للشعب اليهوديّ عن طريق موسى يظلّ صالحًا لهم إلى الأبد» (على الرغم من أنّ هذا البيان قد أُزِيلَ بعد عامين إثر اقتراع كنَسيّ كانت نتيجته تصويت 231 لإزالته في مقابل 14 رفضوا ذلك).

[6] دراسات العهد القديم هي المجال الأخصَب لدراسات العهد/ الميثاق، وأدّت إلى ظهور أعمال كلاسيكيّة مثل:

McCarthy, Treaty and Covenant.
Nicholson, God and His People.
Hillers, Covenant.

[7] وَداد عفيف القاضي (1943م-): باحثة وأستاذة جامعيّة أمريكيّة-لبنانيّة. درَست الأدبَ العربيّ والدراسات الإسلاميّة في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، ومنها حصلت على الدكتوراه تحت إشراف العلّامة د. إحسان عبّاس. درَّست اللغةَ العربيّة وآدابَها في الجامعة نفسها، قبل أن تُهاجِر إلى الولايات المتّحدة حيث درَّست في جامعات هارڤرد وكولومبيا وييـل، ثمّ انتقلَت إلى جامعة شيكاغو التي ما زالت تدرِّس فيها الفكرَ الإسلاميّ منذ العام 1988م. شاركَت د. وَداد في عدد من هيئات تحرير إصدارات مَعنيّة بالدراسات العربيّة والإسلاميّة، منها مجلّة الدراسات الإسلاميّة Journal of Islamic Studies (أكسفورد) ومجلة Arabica (بريلّ)؛ وشاركَت في تحرير موسوعة القرآن (بريلّ). نالَت أيضًا عضويّة بعض الجمعيّات والروابط العلميّة في مجالها، وقد رأسَت الجمعيّة الأمريكيّة للدراسات الشرق-أوسطيّة (MESA)، وعملت مديرة مناوِبة لمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة في باريس (EHESS). حصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبّان في الدراسات العربيّة (المملكة الأردنيّة الهاشميّة) وجائزة الملك فيصل في الأدب العربيّ (المملكة العربيّة السعوديّة) بالاشتراك مع د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ). من أهمّ أعمالها: تحقيقُ كتابَي الإشارات الإلهيّة والبصائر والذخائر لأبي حيّان التوحيديّ، وكُتُب أخرى من إعدادها أو تحريرها أو تأليفها؛ منها: مختارات من النثر العربيّ (1980م)، والإسلام والتعليم: أساطير وحقائق (2007م) Islam and Education: Myths and Truths، ومجتمع القرن الرابع في مؤلّفات أبي حيّان التوحيديّ (2019م). [المترجِم]

[8] للاطّلاع على دراسات أخرى حول الميثاق، انظر:

van Ess, Theologie und Gesellshaft, vol. ii, p. 486; vol. iii, p. 432; vol. iv, pp. 278-9, p. 362, p. 461, p. 527, pp. 592-4; vol. v, p. 441.
van Ess, Zwischen ḥadīt und Theologie, pp. 32-9.
Izutsu, Ethico-Religious Concepts in the Qur’an, pp. 87-95.
Rubin, ‘Pre-Existence and Light’.
Schöck, art. ‘Adam and Eve’.
Schöck, Adam im Islam, pp. 166-92.

وقد تطرَّق أيضًا لفكرة الميثاق كلٌّ من:

 Neuwirth, ‘The House of Abraham’.
Firestone, ‘Is There a Notion of Divine Election” in the Qur’an?’
Lawson, ‘Coherent Chaos and Chaotic Cosmos’.

وللاطّلاع على دراسة حول الميثاق وتمظهراته في المذهب الشيعيّ والديانة البهائيّة، انظر:

Lawson, ‘Seeing Double’.

[9] Bosworth, art. ‘Mīthāq’, p. 187; Böwering, art. ‘Covenant’.

[10] للاطّلاع على دراسات تتناول مسألة الميثاق في الأدبيّات الصوفيّة، انظر:

Abdel-Kader, The Life, Personality and Writings of al-Junayd, pp. 76-87, pp. 160-4.
Anawati, ‘La Notion de péché origenel’.
Böwering, The Mystical Vision, pp. 145-57, pp. 185-95.
Gramlich, Der Urvertrag in der Koranauslegung.
Massignon, Le Jour du Covenant”’.
Schimmel, The Mystical Dimension of Islam, p. 24, pp. 57-8.

[11] توشيهيكو إيزوتسو (1914- 1993م) Toshihiko Izutsu: علّامة ياپانيّ. مُستعرِب وفيلسوف لُغويّ وباحث في الدراسات الإسلاميّة والتصوّف. حدّدت أربعة عوامل مسارَه العلميّ والبحثيّ، وهي: علاقته بالبوذيّة، ومقارَنة الفلسفات، وتأثّره بتيّار ما بعد الحداثة، واهتمامه باللغات. وقد أجاد عشرات اللغات الشرقيّة والغربيّة، وترجَم القرآن إلى الياپانيّة، وهي أُولى ترجمات القرآن إليها من العربيّة مباشرةً، وقد أنجزها في العام 1958م (أمّا الترجمة الأولى إلى الياپانيّة فكانت غير مباشرة، وكانت قبل هذا بعقدٍ من الزمن). درَّس في جامعات كيئو الياپانيّة وماك-غيل الكنديّة (1969- 1975م) وطِهران الإيرانيّة (1975- 1979م) تحوّل من البوذيّة إلى الإسلام. من كتبه العديدة حول الإسلام والأديان الأخرى: اللغة والسحر؛ دراسات في الوظائف السحريّة للكلام (1956م) Language and Magic: Studies in the Magical Function of Speech، والمفهومات الأخلاقيّة-الدينيّة في القرآن (1966م) Ethico-Religious Concepts in the Qur’an، ومفهوم الوجود وحقيقته (1971م)  The Concept and Reality of Existence، ومفهوم الإيمان في العقيدة الإسلاميّة (1980م)  Concept of Belief in Islamic Theology، والله والإنسان في القرآن (1980م) God and Man in the Koran، والصوفيّة والطاويّة: دراسة مقارنة للمفاهيم الفلسفيّة الأساسيّة (1984م) Sufism and Taoism: A Comparative Study of Key Philosophical Concepts، والخَلق ونظام الأشياء الخالد: مقالات في الفلسفة الصوفيّة الإسلاميّة (1994م) Creation and the Timeless Order of Things: Essays in Islamic Mystical Philosophy. [المترجِم] 

[12]  Izutsu, Ethico-Religious Concepts in the Qur’an, pp. 87-95.

والكتاب ترجمَهُ د. عيسى عليّ العاكوب إلى العربيّة بعنوان: المفهومات الأخلاقيّة-الدينيّة في القرآن، وصدَرَ عن دار المُلتقَى في حلب. [المترجِم]

[13] آرثر جيفري (1892- 1959م) Arthur Jeffery: مستشرق أستراليّ وكاهن من المذهب الميثوديّ. عمل أستاذًا للغات الساميّة بمدرسة الدراسات الشرقيّة (في الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة) بين عامَي 1921 و1938م، ثمّ في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك. تناوَلت أبحاثه ودراساته مخطوطات الشرق الأوسط.ظهرت بعضُ دراساته في كتب محرَّرة صدَرَت بعد وفاته بكثير، منها: أصول القرآن (1998م) The Origins of the Koran، الذي حرّره ابن الورّاق [وهو كاتب معاصر، على عكس ما قد يُوحي الاسم]. من أبرز أعمال جيفري: مصادر تاريخ القرآن (1937م) Materials for the History of the Text of the Qur’an، والكلمات الدخيلة في القرآن (1938م) The Foreign Vocabulary of the Qur’an، والقرآن كنصّ مقدَّس (1950م) The Qur’an as Scripture. [المترجِم]

[14] Jeffery, The Qur’an as Scripture, pp. 31-3.

[15] جون إدوارد وانسبرو (1928- 2002م) John Edward Wansbrough: مؤرّخ أمريكيّ، درَّس في كليّة الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة بجامعة لندن (SOAS). يُعَدّ مؤسّس التيّار التنقيحيّ في الدراسات الإسلاميّة والقرآنيّة. من أبرز تلاميذه: أندرو ريپّين وجيرالد هوتِنغوپاتريشيا كرونه ومايكل كوك. تتركّز اهتماماته على دراسة تاريخ القرآن وأولى المخطوطات القرآنيّة. من كتبه: دراسات قرآنيّة: مصادر ومناهج التفسير النصّيّ (1977م) Qur’anic Studies: Sources and Methods of Scriptural Interpretation، والمحيط الطائفيّ: محتوى تاريخ الخلاص الإسلاميّ وتركيبته (1978م) The Sectarian Milieu: Content and Composition Of Islamic Salvation History، واللغة المشتركة في حوض البحر المتوسّط (1996م) Lingua Franca in the Mediterranean. [المترجِم]

[16] Wansbrough, Quranic Studies, pp. 8-10.

[17] أندرو ريپّين (1950- 2016م) Andrew L. Rippin: عالِم وباحث كنديّ من أصول بريطانيّة، متخصّص في الدراسات الإسلاميّة والقرآنيّة وعِلم التفسير وتاريخ الإسلام المبكّر، إضافةً إلى بعض الدراسات حول المذهب الإباضيّ. كان زميلَ الجمعيّة الملكيّة الكنديّة منذ 2006م. درَس في جامعة ماك-غيلّ، وتولّى عمادة كليّة العلوم الإنسانيّة بجامعة ڤيكتوريا، في ولاية (كولومبيا البريطانيّة) بكندا، ودرَّس فيها. من كتبه: المعتقدات والممارسَات الدينيّة لدى المسلمين (1990م) Muslims: Their Religious Beliefs and Practices، وهو كتاب ذائع الانتشار، والقرآن وتراثٌ من التفاسير (2001م) The Qur’an and its Interpretative Tradition. حرّر ريپّين أيضًا عددًا من الكتب؛ منها: مُقارَبات لتاريخ التفسير (1988م) Approaches to the History of the Interpretation of the Qur’an، والقرآن: الأسلوب والمحتوى (2001م) The Qur’an, Style and Content، وقراءات في التعريف بالإسلام (2007م)  Defining Islam: A Reader، والعالَم الإسلاميّ (2010م) The Islamic World، الذي يأتي في سلسلة دار روتلِدج اللندنيّة عن العوالِم القديمة والدينيّة. وقد أسهَم ريپّين في تحرير كتب أخرى، منها: مصادِر نصّيّة لدراسة الإسلام (1987م) Textual Sources for the Study of Islam، بالاشتراك مع جان ناپّيرت Jan Knappert، والإسلام التقليديّ: مرجعٌ من النصوص والتراث الدينيّ (2003م) Classical Islam: A Sourcebook of Religious Literature، بالاشتراك مع جاويد مُجدّدي Jawid Mojaddedi ونورمان كالدِر Norman Calder، ودليل وايلي-بلاكويلّ إلى القرآن The Wiley-Blackwell Companion to the Qur’an، بالاشتراك مع جاويد مُجدّدي، وصدر في العام (2017م) بعد رحيله. حرَّر عددًا من سلاسل الكتب الأكاديميّة، منها سلسلة «دراسات روتلدج حول القرآن». [المترجِم]

[18] Rippin, ‘God’, p. 230

[19] محمّد حسين الطباطبائيّ (1904- 1981م): من أهمّ المفكّرين والفلاسفة والمتصوّفة الشيعة في القرن الماضي. درَس في تبريز، مدّةَ تسع سنين =القرآنَ والعلومَ الإسلاميّة وعلومَ العربيّة والأدبَ الفارسيّ والرياضيّات، ثمّ انتقَل إلى النجف فقضى فيها 11 عامًا درَس خلالها الفقهَ وأصوله والفلسفة والتصوّف، على أيدي كبار علمائها مثل محمّد حسين النائينيّ ومحمّد حسين الإصفهانيّ وعليّ القاضي الطباطبائيّ. من أبرز أعماله تفسيرُه المعنون: الميزان في تفسير القرآن، وقد استغرق تأليفُه حوالي 20 عامًا؛ وله أيضًا: الإسلام الميسَّر: موسوعة في العقائد والأخلاق والأحكام، ومقالات تأسيسيّة في الفكر الإسلاميّ، والقرآن في الإسلام، والإنسان والعقيدة، وبداية الحكمة، وأصول الفلسفة. انعقدت بينه وبين المستشرق الفرنسيّ هنري كوربين Henry Corbin العديد من المناظَرات، وكانت بينه وبين حسين نصر مُدارَسات في الفكر الإسلاميّ والتصوّف ومقارنة الأديان. من تلاميذه مرتضى المُطهَّريّ، ومصباح اليَزديّ، وعبد الله الجواديّ الآمليّ، ومحمّد البهشتيّ. توفّي في مدينة قُم، وفيها دُفِن. [المترجِم]

[20] {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.

[21] غيرهارد بويرينغ (1939م-) Gerhard Böwering: أكاديميّ ألمانيّ، أستاذ الدراسات الإسلاميّة في قسم الدراسات الدينيّة بجامعة ييل الأمريكيّة، وعمل قبلها في جامعة پنسلڤانيا الأمريكيّة. كتب عدّة مداخل في موسوعة القرآن Encyclopaedia of the Qur’an التي تصدرها دار بريلّ اللايدِنيّة. من أعماله: الرؤية الصوفيّة للوجود في العصور الإسلاميّة الكلاسيكيّة: التأويل القرآنيّ لدى سهل التُّستَريّ (1980م) The Mystical Vision of Existence in Classical Islam: The Qur’anic Hermeneutics of the Ṣūfī Sahl at-Tustarī، والتفسير الوجيز للإمام السُّلَميّ: حقائق التفسير (1995م) The Minor Qur’an Commentary of as-Sulamī. أسهَمَ، مع پاتريشيا كرون وماهان ميرزا، في تحرير موسوعة پرنستون للفكر السياسيّ الإسلاميّ (2013م) The Princeton Encyclopedia of Islamic Political Thought، وله أيضًا كتاب مقدّمة إلى الفكر السياسيّ الإسلاميّ (2015م) Islamic Political Thought: An Introduction. [المترجِم]

[22] Böwering, ‘Covenant’, p. 466

[23] {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

[24] {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.

[25] {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

[26] {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.

[27] Wansbrough, Quranic Studies, p. 10.

[28] في ترجمات القرآن إلى اللغة الإنگليزيّة، يُترجِم عددٌ من المترجمين كلمةَ (عهد) إلى covenant (أربري Arberry، وپالمر Palmer، وسِيل Sale، ويوسف عليّ)، أو إلى pledge (رُودويل Rodwell، وخليفة)، أو إلى pact (پكتال Pickthall، وشير عليّ SherAli) أو إلى promise (شاكر).

[29] في ترجمات القرآن إلى اللغة الإنگليزيّة، يُترجِم عددٌ من المترجمين كلمة (ميثاق) إلى compact (أربري، وپالمر، ورُودويل، وسِيل) أو إلى pledge (عبد الحليم) أو إلى plightedword (يوسف عليّ)؛ ولكن الأشيع أنّهم يترجمونها إلى covenant (أسد، وپكتال، وشاكر، ويوسف عليّ، وشير عليّ، وقرائيّ، وسِيل)، مع وجود بعض المترجمين الذين يستخدمون عدّة كلمات مختلفة، مثلما فعل محمّد عبد الحليم الذي يتنقّل بين كلمات covenant وpledge وtreaty، تبعًا للسياق.

[30] Wansbrough, Quranic Studies, p. 9.

[31] Lane, Arabic-English Lexicon, 2182a.

[32] {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}.

[33] {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ...}.

 [34] هي: الآيتان 100 و177 من سورة البقرة، والآية 56 من سورة الأنفال، والآيات 1 و4 و7 و75 من سورة التوبة، والآية 91 من سورة النحل، والآيتان 15 و23 من سورة الأحزاب، والآية العاشرة من سورة الفتح.

{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}  [البقرة: 100].

{...وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا...}[البقرة: 177].

{الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ}[الأنفال: 56].

{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: 1].

{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: 4].

{كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: 7].

{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}[التوبة: 75].

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[النحل: 91].

{وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا}[الأحزاب: 15].

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: 23].

{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: 10].

[35] Lane, Arabic-English Lexicon, 3,049a.

[36] (أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ...)، كما في الآية 81 من سورة آل عمران: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ...}، والآية 187 من السورة نفسها: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ...}، والآية 12 من سورة المائدة: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ...}.

[37]Wansbrough, Quranic Studies, p. 8.

[38] في الآيات 63 و83 و84 و93 من سورة البقرة، والآيات 14 و17 و70 من سورة المائدة.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 63].

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[البقرة: 83- 84].

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[البقرة: 93].

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة: 14].

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة: 17].

{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}[المائدة: 70].

[39] في الآية 154 من سورة النساء والآية السابعة من سورة الأحزاب؛ وانظر أيضًا الآية 21 من سورة النساء.

{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: 154].

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[الأحزاب: 7].

{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: 21].

[40] في القاموس المحيط، «العَرُوسُ: الرجُلُ والمرأةُ ما دامَا في إعْراسِهِما، وهُمْ عُرُسٌ، وهُنَّ عَرائِسُ»، أمّا العَرِيسُ فليس سوى واحد العُرُسِ التي هي الحِبَال، كما جاء في لسان العرب. فكلمة «عُرُس» جَمعٌ لِلَفْظَين مُختلفَيْن. [المترجِم]

[41] {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

[42] الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 4، ص389- 390؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 3، ص94؛ الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 1، ص523؛ الطبرسيّ، مَجمَع البيان، المجلّد 3، ص50.

[43] الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 4، ص390- 391؛ الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 1، ص523؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 3، ص95.لقد اعتبر المفسّرون أيضًا أنّ العهد الجدّيّ إشارة إلى قول النبيّ في خطبته التي ألقاها في حجّة الوداع، حين قال: «اتّقُوا اللهَ في النساء؛ فإنّكم أخَذتُمُوهُنّ بأمانةِ الله، واستَحْلَلْتُم فُروجَهنَّ بكلمةِ الله».

(مسلم، الصحيح، كتاب الحجّ؛ الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 4، ص391؛ الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 1، ص524؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 3، ص95؛ الطبرسيّ، مَجمَع البيان، المجلّد 3، ص50).

[44] للاطّلاع على تفاسير مختلفة لهذه الآية، انظر:

Dakake, ‘Commentary on “Sūrat al-Nisāʾ”’, p. 198.

[45] الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، المجلّد 3، ص(365- 366).

[46] الذي يرِد في الآية 245 من سورة البقرة، وفي الآية 11 من سورة الحديد؛ ويمكن مقارنتهما بالآية 12 من سورة المائدة، والآية 18 من سورة الحديد، والآية 17 من سورة التغابن، والآية 20 من سورة المزّمّل.

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[البقرة: 245].

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[المائدة: 12].

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}  [الحديد: 11].

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[الحديد: 18].

{إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}  [التغابن: 17].

{...فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المزّمّل: 20].

 [47] للاطّلاع على تفاسير مختلفة لهذا التعبير، انظر:

Lumbard, ‘Commentary on “Sūrat al-Ḥadīd”’.

[48] يرَى العديد من المفسّرين أنّ هذه الآية تشير إلى عهود أو مواثيق محدّدة أُبرِمَت مع الله. التفسير الأكثر رواجًا وانتشارًا هو أنّها تشير إلى الميثاق أو العهد المُبرَم مع بني إسرائيل أن يقرّوا بمحمّدٍ رسولًا من عند الله (القرطبيّ، الجامع، المجلّد 1، ص308؛ الرازيّ، التفسير الكبير، المجلّد 3، ص34؛ الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 1، ص287- 288؛ الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 1، ص159- 160). ويؤكّد كثيرون أيضًا على أنّ {بِعَهْدِي} فيها إشارةٌ إلى وصيّةٍ وأمرٍ بطاعةِ الله، بينما تَحوي {بِعَهْدِكُمْ} إشارةً إلى وعدِ الله بالسماح لهم بدخول الجنّة إنْ هم فعلوا ذلك (القرطبيّ، الجامع، المجلّد 1، ص308؛ الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 1، ص287- 288). ومع ذلك، عند النظر إلى هذه الآية فيما يتّصل بالنقاش الأوسع حول الميثاق في القرآن، يمكن أن تُفهَم أيضًا على أنّها إشارة إلى الميثاق السابق للزمان، التي تُفسَّر آية {قَالُوا بَلَى}[الأعراف: 172] على أنّها إشارةٌ إليه. يسود هذا التفسير أكثر في التفاسير الصوفيّة؛ مثل تفسير أبي عبد الرحمن السُّلَميّ، الذي كتَب عند تفسير الآية 40 من سورة البقرة: «قال بعضُ البغداديّين: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} الذي عَهِدتُم في الميثاقِ الأوّل بلَفظةِ {بَلَى}» (السُّلَميّ، حقائق التفسير، المجلّد 1، ص213).

[49] للاطّلاع على مسألة الميثاق في العهد الجديد، انظر:

إنجيل متّى (الآيات 26- 29 من الإصحاح 26)، وقارنها بما يأتي:

إنجيل مرقس (الآيات 22- 25 من الإصحاح 14)، وإنجيل لوقا (الآيات 14- 20 من الإصحاح 22)، و«الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس» (الآية 25 من الإصحاح 11)، والإصحاح التاسع من «الرسالة إلى العبرانيين» (على وجه الخصوص).

[50] فيما يتعلّق بميثاق نوح، ومن أجل دراسة الطريقة التي فُسِّر بها على مدار الزمن، انظر:

Novak, The Image of the Non-Jew in Judaism.

ومن أجل دراسة حديثة تتناول بعض الآثار الكلاميّة/ اللاهوتيّة لميثاق نوح، انظر:

Kogan, Opening the Covenant.

[51] يرِد في الآية 13 من الإصحاح 17 من سِفر التكوين: «فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا»، وفي الآية 19: «...وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ».

[52] انظر أيضًا الآيات 42- 46 من الإصحاح 26 من سِفر اللاويّين، حيث يَعِد الربّ أنّه -مع معاصي بني إسرائيل- لن ينقض الميثاق معهم: «بَلْ أَذْكُرُ لَهُمْ الْمِيثَاقَ مَعَ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّعُوبِ لأَكُونَ لَهُمْ إِلهًا. أَنَا الرَّبُّ» (الآية 45 تحديدًا)؛ وقارن هذا بالآية 31 من الإصحاح الرابع من سِفر التثنية، والآيتَين 14- 15 من الإصحاح 29 من السِّفر نفسه، والآيتَيْن الأُولَيَيْن من الإصحاح الثاني من سِفر القُضاة، والآيات 13- 15 من الإصحاح السابع من سِفر صموئيل الثاني. في المقابل، يبدو أنّ العديد من المقاطع تشير إلى أنّ الميثاق لا يكون أبديًّا إلّا إذا وَفَى الناس بالشروط التي نصّ عليها الربّ؛ طالِع الآية الرابعة من الإصحاح الثاني من سِفر الملوك الأوّل، والآية 25 من الإصحاح الثامن من السِّفر نفسه، والآية والآيتَيْن الرابعة والخامسة من الإصحاح التاسع من السِّفر نفسه.

[53] انظر الآيات 31- 34 من الإصحاح 31 من سِفر إرميا، والآية الخامسة من الإصحاح 50 من السِّفر نفسه، والآيات 59- 63 من الإصحاح 16 من سِفر حزقيال، والآية 37 من الإصحاح العشرين من السِّفر نفسه، والآيات 25- 31 من الإصحاح 34 من السِّفر نفسه، والآية 26 من الإصحاح 37 من السِّفر نفسه.

[54] على سبيل المثال، فإنّ الآية الثامنة من سورة الحديد، التي تقول: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، يَفهم بعضُهم منها أنّها تعني أنّ لدى جميع البشر مصدرَيْن لفهم الحقيقة: الوحي والعقل، أو الوحي وما ينطوي عليه من الميثاق السابق للزمان. انظر: الرازيّ، التفسير الكبير، المجلّد 29، ص217؛ والنسَفيّ، مَدارِك التنزيل، الآية 8 من سورة الحديد، عبر موقع التفسير: 

www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=2&tTafsirNo=17&tSoraNo=57&tAyahNo=8&tDisplay=yes&UserProfile=0&LanguageId=1

تمّ الوصول بتاريخ 23 شباط/ فبراير 2015م.

[55] في هذا الصدد، تصف الآية 46 من سورة الواقعة «أصحاب الشِّمال»، الذين يُقال إنّهم ساكنو جهنّم، بأنّهم: {يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ}. كلمةُ {الْحِنْثِ} -المستخدمة في وصف ذنوبهم- مشتقّةٌ من تعبير: «حَنِثَ في يَمينِه»، الذي يعني: «لَم يَبرّها ورَجَعَ فيها» (القرطبيّ، الجامع، المجلّد 9، ص178؛ الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 4، ص462)، وبالتالي فهي إلماحٌ إلى أنّ نقض الميثاق «حِنثٌ عظيم».

[56] مع شعبيّة ابن كثير النسبيّة في العصر الحديث، يجدر بنا الإشارة إلى أنّ تفسيره يمثّل تغيُّرًا مهمًّا في التفاسير الكلاسيكيّة. انظر:

Calder, ‘Tafsīr from Ṭabarī to Ibn Kathīr’.

[57] al-Qādī, ‘The Primordial Covenant and Human History’, p. 20.

[58] انظر:

Böwering, The Mystical Vision; al-Qādī, ‘The Primordial Covenant and Human History’, pp. 21-7.

[59] وَفقًا لفقرات مختلفة من القرآن، فإنّ كلّ أمّة وجماعة ستُحْشَر خلف نبيّها: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}[الإسراء: 71]، في سهلٍ قاحلٍ مفتوح وحيد، ليمثلوا للحساب، كما في الآية 47 من سورة الكهف: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (وانظر أيضًا الآية 25 من سورة آل عمران، والآية 87 من سورة النساء، والآية 128 من سورة الأنعام، والآية 47 من سورة الكهف، والآية 106 من سورة طه، والآية 14 من سورة النازعات).

[60] الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 21، ص134؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص439؛ الشوكانيّ، فتح القدير، المجلّد 1، ص 158.

[61] ابن كثير، تفسير ابن كثير، المجلّد 3، ص452.

[62] في الآية 213 من سورة البقرة. قارنها بالآية 19 من سورة يونس.

[63] الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 2، ص405؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 2، ص31- 32.

[64] ابن كثير، تفسير ابن كثير، المجلّد 2، ص252.

[65] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 2، ص414. 

[66] {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}.

[67] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}.

[68] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 2، ص413.

[69] {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

[70] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 2، ص413- 414.

[71] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 4، ص273.

[72] أو التقليد الإبراهيميّ أو الديانات الإبراهيميّة، اختصارًا. [المترجِم]

[73] يمكن تطبيق مثل هذه الملاحظات على التقاليد غير الإبراهيميّة، خصوصًا عند النظر إليها في ضوء الآيات الآتية من سورة النساء: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء: 163- 165]. غير أنّ نقاشنا هنا، لاستيفاء الغرض من هذه الدراسة، سيظلّ مركَّزًا على التقاليد الإبراهيميّة؛ نظرًا إلى أنّها هي التقاليد المذكورة بشكلٍ مباشرٍ في القرآن.

[74] طوال الوقت، يُشير القرآن إلى نفسه باعتباره: (ذكرًا) أو (ذِكرَى) أو (تَذكِرَة).

* يُشار أيضًا إلى الوحي الذي أوتيه موسى بأنّه (ذِكْرٌ)، كما في الآية 48 من سورة الأنبياء: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ}، والآية 54 من سورة غافر {هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. إضافة إلى هذا، يُشار إلى النبيّ محمّد نفسه بأنّه (ذِكْرٌ)، كما يتجلّى في الآيتَين 10- 11 من سورة الطلاق: {...قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ...}.

* انظر، على سبيل المثال، الآية التسعين من سورة الأنعام: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}، والآية الثانية من سورة الأعراف: {لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، والآية 114 من سورة هود {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}، والآية 120 من السورة نفسها: {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، والآية 104 من سورة يوسف: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}، والآية الثالثة من سورة طه: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}، والآية 99 من السورة نفسها: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}، والآية 24 من سورة الأنبياء: {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}، والآية 69 من سورة يس: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}، والآية الثامنة من سورة ص: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}، والآية 44 من سورة الزخرف: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}، والآية العاشرة من سورة الطلاق: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا}، والآية 52 من سورة القلم: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}، والآية 19 من سورة المزّمّل: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ}.

[75] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 4، ص273.

[76] الآيات 15 و17 و22 و32 و40 و51 من السورة.

[77] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 7، ص255. هنا نجد أنّ ابن عجيبة يوظّف تفسير عبد الكريم القُشَيريّ (ت. 465هـ/ 1072م) مع اختلاف طفيف. انظر: القُشَيريّ، لطائف الإشارات، المجلّد 3، ص258.

[78] انظر: الآيتَين 84 و93 من سورة البقرة، والآية 187 من سورة آل عمران، والآيتَين 154 و155 من سورة النساء، والآيات 12 و13 و70 من سورة المائدة.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[البقرة: 84].

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[البقرة: 93].

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}[آل عمران: 187].

{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[النساء: 154- 155].

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة: 12- 13].

{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}[المائدة: 70].

[79] فَسَّرت مدرسة (لاهوت العهود) الآية السابعة من الإصحاح السادس من سِفر هوشع: «وَلكِنَّهُمْ كَآدَمَ تَعَدَّوا الْعَهْدَ: هُنَاكَ غَدَرُوا بِي» بأنّها إشارة إلى عهدٍ/ ميثاقٍ أُبرِمَ مع آدم. ومع ذلك، لا يُفهَم من هذه الآية أنّها إشارة إلى عهدٍ/ ميثاقٍ كان قبل آدم يصبح العهدُ/ الميثاقُ مع آدم أحدَ تجلّياته.

[80] في حديث يُروَى عن مَعمَر بن راشد، يُذكَر أنّ نوحًا هو أوّل نبيّ مرسَل. انظر: الطبريّ، التاريخ، المجلّد 1، ص178، وطبقات ابن سعد، المجلّد 1، ص27.

[81] مثل الآية 84 من سورة آل عمران، والآية 163 من سورة النساء، والآية السابعة من سورة الأحزاب، والآية 13 من سورة الشورى، والآية 26 من سورة الحديد.

{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 84].

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}[النساء: 163].

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[الأحزاب: 7].

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}[الشورى: 13].

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ...}[الحديد: 26].

[82] الطبريّ، التاريخ، المجلّد 1، ص151.

[83] ابن قُتَيبة، كتاب المعارف، ص26.

[84] البقرة: 36.

[85] الأعراف: 20.

[86] {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}.

[87] فيما يتعلّق بمكان آدم في القرآن وفي الإسلام عمومًا، انظر: Schöck, Adam im Islam.

[88] الطبريّ، جامع البيان، المجلّد 9، ص135.

[89] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 4، ص273.

[90] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 5، ص343.

[91] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص351.

[92] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص351.

[93] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص351.

[94] أدّى وجود أصول مُحتمَلة لكلمة (حَنيف) في اللغات الساميّة إلى العديد من التكهّنات في أوساط العلماء والباحثين الغربيّين. انظر:

Margoliouth, ‘On the Origin and Import of the Names Muslim and Ḥanīf’.
Lyall, ‘The Words Ḥanīf and Muslim’.
Bey, ‘Some Considerations with Regard to the Hanīf Question’.
Moubarac, Abraham dans le Coran, pp. 151-61.
Denny, ‘Some Religion-Communal Terms and Concepts in the Qur’an’.

يقدِّم فرانسوا دي بلوا ملخّصًا نافعًا لوجهات نظر مختلفة في مقالةٍ له بعنوان: ”Naṣrānī and Ḥanīf“، وخصوصًا في الصفحات 17- 30. وانظر أيضًا:

Bashear, Studies in Early Islamic Tradition, ch. xiv.
Reynolds, The Qur’an and Its Biblical Subtext, pp. 75-87.

[95] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، ص260. وكما علَّق نيل روبينسون، فإنّ «هذا الاشتقاق مقبول/ معقول، وخصوصًا في ضوء الآية 79 من سورة الأنعام: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، التي تأتي في ذروة قصّة رَفْض إبراهيم أُلوهيّةَ النجوم والكواكب، بعد أن لاحظ غيابَ النجم/ الكوكب والقمر والشمس. غير أنّنا، للأسف، لا نستطيع التأكّد من صحّة هذا؛ لأنّ كلمة (حَنَفَ) لا ترِد في القرآن، وربّما كانت (فعلًا اسميًّا) (de-nominal verb)، ظهر بعد نزول القرآن، اشتُقّ من كلمة (حَنيف)». انظر:

Robinson, ‘Sūrat Āl ʿImrān’, p. 7. 

[96] الزمخشريّ، الكشّاف، المجلّد 1، ص220.

[97] الرازيّ، التفسير الكبير، المجلّد 4، ص41.

[98] في الآية 135 من سورة البقرة، والآيتَين 67 و95 من سورة آل عمران، والآية 125 من سورة النساء، والآيتَين 79 و161 من سورة الأنعام، والآيتَين 120 و123 من سورة النحل.

{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[البقرة: 135].

{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران: 67].

{قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران: 95].

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء: 125].

{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: 79].

{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: 161].

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: 120].

{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: 123].

[99] {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ...}[الحجّ: 31].

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ...}[البيّنة: 5].

[100] فيما يتعلّق بمكان «الحُنَفاء» (والمفرد «حَنيف») في شبه الجزيرة العربيّة قبل الإسلام وفي بداياته، انظر:

Rubin, ‘Ḥanīfiyya and Kaʿba’.

[101] مسلم، الصحيح، كتاب صفات الجنّة، ص63؛ استُشهِد به في تفسير الآية 30 من سورة الروم لدى ابن كثير، تفسير ابن كثير، المجلّد 3، ص418، وفي ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 5، ص344.

[102] للاطّلاع على نقاش حول الفهم الأشمل للإسلام الذي ربّما سادَ خلال القرن الأوّل من ظهوره، انظر:

Donner, Muhammad and the Believers.

[103] للمزيد حول هذا التمييز وعلاقته بمصطلح (حُنَفاء)، انظر:

Izutsu, Ethico-Religious Concepts, pp. 189-93.

وانظر أيضًا:

Murata and Chittick, The Vision of Islam, pp. 3-7.

[104] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص354.

[105] ابن عطيّة، المحرَّر الوجيز، المجلّد 12، ص258؛ القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص354.

[106] البخاريّ، الصحيح، كتاب الجنائز، رقم 79، كتاب التفسير، رقم 30 (2)؛ مسلم، الصحيح، كتاب القدَر، رقم 6.

[107] القرطبيّ، الجامع، المجلّد 7، ص354.

[108] ابن عجيبة، البحر المديد، المجلّد 2، ص414.

[109] يُشار أيضًا إلى هذا المقطع في الآية الثامنة من الإصحاح 15 من إنجيل مَتَّى: «يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا»، والآية السادسة من الإصحاح السابع من إنجيل مرقس: «هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا».

[110] في الآيات 24- 29 من الإصحاح 31 من سِفر التثنية: «فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ كَلِمَاتِ هذِهِ التَّوْرَاةِ فِي كِتَابٍ إِلَى تَمَامِهَا، أَمَرَ مُوسَى اللَّاوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلًا: (خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ؛ لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ، هُوَ ذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! اجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِم السَّمَاءَ وَالأَرْضَ؛ لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُم)».

[111] البخاريّ، الصحيح، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 53.

[112] ابن ماجه، السنن، كتاب الفتن، رقم 26.

[113] البيهقيّ، شُعَب الإيمان، المجلّد 2، ص311.

[114] لعل المقصود هنا بالنفاق، عدم الالتزام بالمعنى الدقيق للنصوص الآلهية مع إدعاء فهمها وتطبيقها والعمل بمقتضاها، وهي الدلالة التي نجدها في وصف المسيح للكتبة والفريسيين اليهود بالمنافقين، قسم الترجمات.

[115] البخاريّ، الصحيح، كتاب استتابة المرتدِّين، رقم 3؛ مسلم، الصحيح، كتاب الزكاة، رقم 49؛ ابن ماجه، السنن، المقدّمة، ص34.

المؤلف

الدكتور جوزيف لمبارد - Joseph E. B. Lumbard

باحث أكاديمي أمريكي، له عدد كبير من الاهتمامات المتصلة بالشئون الدينية الإسلامية منها الفلسفة الإسلامية، والصوفية، والدراسات القرآنية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))