بعض الملاحظات على أقدم مخطوط للقرآن في المكتبة البريطانية
(برقم Or. 2165)
الاهتمام بدراسة المخطوطات القرآنية المبكّرة هو اهتمام أساس في الدرس الاستشراقي منذ منجانا وبرتزل وبرجستراسر وشبتلر، وقد عرف الدرس الاستشراقي المعاصر مشاريع غرضها جمع ودراسة وتحقيق هذه المخطوطات، مثل مشروع أماري ومشروع كوربس كوارنيكوم، وهذا من أجل توفير البيانات الأساسية للقرآن للدارسين، في محاولة لضبط حالة الفوضى التي يشهدها الحقل كما تعبر أنجيلكيا نويفرت، كذلك فإن أهمية المخطوطات ازدادت مع التشكيك في التأريخ التقليدي لجمع وتدوين النصّ، حيث جعلها هذا مصدرًا رئيسًا لكتابة هذا التاريخ.
في هذه المقالة يتناول البريطاني ياسين دتون -أحد المبرزين في دراسة المخطوطات القرآنية المبكرة- مخطوطة المكتبة البريطانية (رقم Or. 2165) والتي اعتبرت -فيما قبل اكتشاف مخطوطة برمنغهام- أقدم مخطوطة قرآنية في أوروبا، وعبر تحليل نظام عدّ الآي وتمييز السواكن المعجمة ونمط الكتابة في هذه المخطوطة يرى دتون أنها مخطوطة شامية كتبت وفق قراءة ابن عامر وتتبع نظام العدّ الشامي، وعبر تحليل طريقة حضور نظام العدّ وتمييز السواكن والخط والزخارف يرجع دتون تاريخها إلى مرحلة مبكرة جدًّا، ما بين 30 و85 هجريًّا ويميل للأخير من باب كونه الأسلم، وليس الأصوب بالضرورة.
إنّ نشر مثل هذه المواد التي تتناول بالتحليل المخطوطات القرآنية المبكّرة غرضه تجسير الهوة بين الباحث العربي المتخصص في الدراسات القرآنية وبين الجديد في هذا الباب الذي أضحى من أهم مساحات دراسة تاريخ القرآن، وذلك أملًا في توسعة رقعة هذا النمط من البحث عربيًّا، والذي له الكثير من الفوائد في التتبع العلمي الدقيق لتاريخ حفظ الأمّة للقرآن، كما أنه يبرز خواء التشكيكات الاستشراقية القديم منها والمتجدد في ثبات المصحف.