الشاهد المغفول عنه: دليل على التدوين المبكر للقرآن
بعد بروز الاتجاه التنقيحي المعاصر وتشكيكه في المصادر الإسلامية التقليدية حول تدوين القرآن، أضحى تحليل النقوش التي تحمل آيات قرآنية من المنهجيات الرئيسة التي يلجأ إليها أرباب هذا الاتجاه عند تصدّيهم لمعالجة تاريخ القرآن، والتي يحاولون عبرها إثبات فرضيّاتهم من تأخّر تدوين القرآن عمّا هو ثابت ومقرر في الطَّرح الإسلامي.
وتأتي أهمية مقالة إستل ويلان في استخدامها لذات الدليل المركزي الذي يعتمده أرباب الاتجاه التنقيحي، والخلوص منه بنتائج تخالف فرضيات ذلك الاتجاه عن تاريخ القرآن؛ مما يبرز قدر التعسّف الذي يحمله هذا الاتجاه واهتراء القاعدة المنهجية لفرضياته حول القرآن. فقد قامت ويلان بتحليل بعض النقوش الأموية تحليلًا موسّعًا انتهت من خلاله لمقولة لا تخالف فقط مقولات الاتجاه التنقيحي، بل وتؤكد في ذات الوقت على المقولة الإسلامية في ذات الصدد، حيث انتهت من خلال تحليلها لرأي يضع تدوين القرآن وجمعه وقبوله من الأمة الإسلامية في النصف الأول من القرن الأول الهجري مما يتّفق إجمالًا مع الطرح الإسلامي المقرّر في هذا الشأن.
وثمة مزايا أخرى لهذه المقالة حيث تلقي الضوء على تاريخ تطور الخط والرسم والزخرفة في فترة مبكرة من بدايات الإسلام.
وتعدّ هذه الورقة ورقة كلاسيكية حاضرة في كلّ نقاش بحثي غربي حول مسألة تدوين القرآن ومسألة النقوش المبكرة وعلاقتها باقتراح تاريخ لهذا التدوين، سواء برفض نتائجها أو قبولها أو تطويرها؛ لذا نظنّ أن ترجمة هذه الورقة وإتاحتها بالعربية للباحثين العرب في دراسات القرآن، قادرة على تطوير النظر في هذه القضية وفي مواقف الباحثين الغربيين المتنوعة تجاه هذه القضية شديدة المركزية في البناء المنهجي للدرس الغربي للقرآن أي: (تاريخ القرآن).