مسار دراسة موارد المفسِّرين
أهميته وطريقة مقترحة للقيام به

ورُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خلق الله آدم من أديم الأرض كلّها فخرجت ذريته على نحو ذلك؛ منهم الأبيض والأسود والأسمر والسهل والحَزَن والطيب والخبيث»
دأب المفسرون على الرجوع لجملة من المصادر والموارد في كتابتهم في التفسير، وهذه المقالة تبرز أهمية دراسة موارد المفسِّرين، وتطرح طريقة تطبيقية ‏مفصَّلة لذلك.

مدخل:

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإنّ دراسة موارِد المفسِّرين من المسارات المهمّة في حقل الدراسات القرآنية؛ لما لها من فوائد تتعلّق بكيفيات بناء كتب التفسير وتكوين معلوماتها وتوليد مضامينها، وأثر ذلك في تاريخ التفسير ومراحل تطوّره.

وعلى الرغم من أهمية دراسة موارد المفسِّرين إلا إن هذا المسار لم يلقَ العناية الكافية واللائقة به، فجُلُّ دراسات الموارد في التفسير وفي غيره من العلوم الإسلامية تتَّسم بالضّعف الشديد، وتقوم على الانتقائية والنظرة السّطحية وتسجيل بعض الفوائد الجزئية دون الدراسة الشاملة للموارد والنظر فيها بدقّة كما سنشير.

ولذا أردنا في هذه المقالة أن نبرز أهمية دراسة موارد المفسِّرين ونطرح طريقة تطبيقية مفصَّلة لدراستها، وذلك بعد تمهيد نوضّح فيه فكرة دراسة موارد المفسِّرين، وحدود تناولنا لها في المقالة، وسيأتي اشتغالنا في المقالة على قسمين، نبيِّن في القسم الأول: أهمية دراسة موارد المفسِّرين. وأمّا القسم الثاني فنخصصه لبيان الطريقة المقترحة في دراسة موارد المفسِّرين، ونسأل الله التوفيق والسداد.

التمهيد:

الناظر في كتب التفسير يجد المفسِّرين ينقلون فيها من العديد من المؤلَّفات في مختلف العلوم، وتتفاوت هذه النقولات ما بين كتاب وآخر سواءٌ في مقدار المنقول منها أو في كيفيته وأثره في كتب التفسير وغير ذلك، وهنا تأتي فكرة دراسة تلك الموارد التي اعتمد عليها المفسِّر في نَسْج كتابه وبناء مضامينه.

ومن خلال تأمّل كتب التفسير يتبيَّن أنّ المفسِّرين إمّا أن يصرّحوا بمواردهم عند المواضع التي ينقلونها منها، وإمّا أن ينقلوا من الموارد دون التصريح بذلك كأنْ يُبْهِم المفسِّر مورده فيقول مثلًا: (قال بعض النحويين كذا)، أو يورد المفسِّر بعض المعلومات دون عزوها لأحد.

وسنقتصر في هذه المقالة على طرح طريقة لدراسة الموارد التي يصرّح بها المفسِّرون في تفاسيرهم، وأمّا الموارد التي لا يصرّح المفسِّرون بها عند نقلهم فلعلّنا نخصّصها بمقالة أخرى، مع التنبه إلى أنّ مقالتنا هذه تعدّ خطوةً أساسية كذلك في دراسة الموارد التي لم يصرِّح بها المفسِّرون وذلك بعد كشف إبهامها والوقوف عليها.

كما ستكون الطريقة المقترحة في هذه المقالة لدراسة موارد المفسِّرين وَفق المنهج الوصفي[1]، تمهيدًا لدراستها دراسة تحليلية والتي لا تتأتَّى إلا بعد خطوة الدراسة الوصفية وضبطها، وذلك في ضوء تجربتنا لدراسة موارد الإمام ابن عطية (ت: 547هـ) في تفسيره المعروف بـ: (المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)[2].

وقد حَرَصْتُ على سهولة العبارة، وتوضيح الفكرة في كلّ مسألة قدر الإمكان مع التمثيل لها، ولم أثقل المقالة بتعليلات للمسائل المقترحة فيها لئلا تطول فتُمَلّ، فأرجو أن تكون مقالتنا دليلًا هاديًا لدراسة موارد المفسِّرين خاصّة، ولدراسة موارد غيرهم في بقية العلوم الإسلامية عامة مع التنبه لما يلزم من تعديل بعض الآليات حسَب طبيعة العلوم المختلفة، وعلى اللهِ قصدُ السبيل، وهو سبحانه الموفِّق والهادي، فأسأله لي وللقارئ سلامة النّية والقبول والتوفيق.

القسم الأول: دراسة موارد المفسِّرين؛ الأهمية والضرورة:

قبل أن نشرع في بيان أسباب أهمية دراسة موارد المفسِّرين نُلمح إلماحة سريعة حول واقع دراسة موارد المفسِّرين قديمًا وحديثًا.

- واقع دراسة موارد المفسِّرين قديمًا وحديثًا:

عند النظر إلى واقع دراسة موارد المفسِّرين عند المتقدّمين لا نكاد نجد فيها دراسة مستقلّة، وإنما هي إشارات تطبيقية متناثرة لنظرهم في بعض القضايا المتعلّقة بالموارد وتحقيقهم لبعض المسائل المتعلّقة بها.

فمن ذلك مثلًا قول ابن عطية (ت: 542هـ) في تفسيره: «...ولكنّ أبا عبيدة ذكرَ الأمر غيرَ متيقِّنٍ فاتَّبعه الطبري»[3]، وقوله: «وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب المجاز: أنّ (ضَاعَفْت) يقتضي مرارًا كثيرة، و(ضَعَّفْت) يقتضي مرتين، وقال مثله الطبري ومنه نقل»[4]، وقوله: «وحكى الطبري عن قائل لم يسمّه، وذكر الزهراوي أنه الفرّاء...»[5].

ومن ذلك أيضًا قول أبي حيان (ت: 745هـ) في تفسيره: «...وأخذ الزمخشري كلامَ ابن سلّام هذا وحسَّنه وزمَّكه بفصاحة فقال...»[6]، وقوله: «حكاه الزهراوي والزمخشري، ‌وأورده ‌على ‌عادته ‌في ‌إبداء ما هو محكي عن غيره أنه مخترعه»[7].

وإذا يممنا الوجهة إلى الدرس التفسيري المعاصر فإننا لا نكاد نجد لمسار موارد المفسِّرين فيه وجودًا كذلك، اللهم إلا في مساحات ضئيلة جدًّا في الدراسات التي اعتنت بمناهج المفسِّرين، وهذه الدراسات وإن كانت تسير وَفق طريقة شائعة عليها نقود كثيرة -كما بينَّاه في مقالة مستقلّة سابقًا[8]- إلا إنها لم تقصد إلى دراسة الموارد أصلًا؛ فلذلك تقتصر على سرد بعض موارد المفسِّر في بعض العلوم وذكر بعض المعلومات حولها، وهذه الطريقة لا تنصب كما هو ظاهر على معالجة موارد المفسِّرين ودراستها كما نصبو إليه من خلال طريقتنا المقترحة في هذه المقالة.

وكذلك الدراسات التي انتصبت لدراسة موارد المفسِّرين اتبعت نفس الطريقة التي انتقدناها[9]، وجدير بالذِّكْر أنّ كافة الدراسات التي وقفنا عليها في دراسة الموارد في بقية العلوم تتبع نفس الطريقة التي انتقدناها هاهنا من حيث سردها للموارد أو بعضها دونَ دراسة أصلًا[10].

إنّنا ومن خلال ما سبق يمكن لنا القول أنّ الكتابات حول موارد المفسِّرين عند المتقدّمين منعدمة تمامًا، وأمّا الدراسات المعاصرة فتكاد أن تكون مفقودة تمامًا كذلك، فليس فيها ما يفيد في دراسة موارد المفسِّرين، وتعتمد على سرد بعض الموارد دون إحصاء كامل ودراسة حقيقية لها، فلا تحقّق شيئًا ذا بال، بل يترتب عليها من الإشكالات والأخطاء التي تؤدّي إلى رسم صورة غير صحيحة عن التفسير في الجزئية التي يتم تناولها. وفيما يأتي نبيّن قيمة بروز هذا الاشتغال البحثي الذي نقترحه حول دراسة موارد المفسِّرين وأهميته.

- أهمية دراسة موارد المفسِّرين:

 لقد مضى على تدوين العلوم الإسلامية قرابة أربعة عشر قرنًا، أورثت هذه القرون المتطاولة تراكمًا معرفيًّا ضخمًا كما نراه الآن، ومن الحقول التي زخرت بأعداد هائلة من المؤلّفات مختلفة الاتجاهات ومتعدّدة المشارب حقل تفسير القرآن الكريم.

ولا شكّ أن هذا يجعلنا بحاجة إلى وقفات جادّة تجاه هذا النتاج الضخم؛ دراسةً وتقييمًا وموازنةً ونقدًا وتقويمًا، حتى يمكننا متابعة السّير فيه بصورة صحيحة تؤدّي إلى نهضته وتطوّره وتمنع تأخّره وركوده.

ويعدّ مسار دراسة موارد المفسِّرين من المسارات بالغة الأهمية؛ وذلك لما له من انعكاسات مفيدة على ذلكم التراث التفسيري، أبرزها ما يأتي: 

1- تقييم كتب التفسير:

إنّ دراسة موارد المفسِّرين تكشف عن الوزن الحقيقي لكتب التفسير وتبرز قيمتها الحقيقية، فهي تميّز المحرِّرين من المفسِّرين عن غيرهم من النقلة وغيرهم ممن لا يكون في تفاسيرهم صناعة تفسيرية حقيقية، أو تكون في مساحات ضيقة، فدراسة الموارد تكشف تلك المساحات وتضع كلّ كتاب في مكانه الصحيح وَفق ميزان دقيق.

2- معرفة تاريخ التفسير:

إنّ دراسة موارد المفسِّرين تسهم بشكلٍ أساسي في معرفة أنماط ومراحل تكوّن كتب التفسير وملامح تطورها عبر الزمن، وفهم فترات ازدهارها وضعفها والعوامل الكامنة وراء ذلك، والوقوف على أبرز المنعطفات التي مرّ بها التفسير وفهم أسباب نشأتها، وطبيعة المسارات التي انتظمت التفسير والعلاقات بينها، وغير ذلك من الأمور المهمّة التي تحقّقها دراسة موارد المفسِّرين في معرفة تاريخ التفسير بصورة دقيقة.

3- معرفة كيفية صناعة المعرفة:

إنّ دراسة موارد المفسِّرين تبحث بالأساس في عقول العلماء، وتنظر في طريقة صناعتهم لهذه التفاسير، وتبيّن الوسائل التي عملتْ في توليد مضامينها، وتشكيل صورها، عن طريق معالجة المفسِّرين للمعلومات، وآليات توظيفهم لها، وأشكال إبداعهم في صناعة العلم وصياغته، وهذه غاية نفيسة جدًّا، إِذْ بمعرفة كيفية الصناعة يمكننا الخطو على دربهم، والوقوف على أول خطوة صحيحة في طريق العلم بالاستفادة من تلك العقول، لا سيّما العلماء الروّاد المحققون والمؤسِّسون للعلوم.

4- معرفة طرق تداول المعارف:

تسهم دراسة موارد المفسِّرين بشكلٍ كبيرٍ في الوقوف على طرق تداول المعارف والعلوم، والوقوف على مصادر المعرفة في الحقبة التاريخية من التاريخ الإسلامي، ومن خلال دراسة الموارد يمكن رصد حركة التأليف التفسيري بشكلٍ خاصّ، وحركة التأليف في بقية العلوم بشكلٍ عامّ حتى عصر المفسِّر المدروس، ومعرفة رحلات الكتب وأثرها في كافة البلاد ذلك الوقت.

5- اكتشاف الموارد المفقودة وبناؤها:

إنّ دراسة موارد المفسِّرين تُوقِفُنا على كثير من الموارد التي ينقلُ عنها المفسِّرون ولا نجد لها ذِكْرًا لدينا، وهذا يفيدنا بدايةً في التعرّف على تلك الكتب، ويمكننا أيضًا بناءُ تلك الكتب بجمع نقولات المفسّر عنها، أو على الأقل يمكننا جمع مادة علمية تقرِّب لنا صورة هذه الكتب ومضامينها مع التحرّز والحيطة وَفق منهج سليم[11].

ومما يتعلّق بهذا الأمر أيضًا تكملة الكتب المطبوعة، فكثيرًا ما ينقل المفسِّرون نقولات عن بعض الموارد، ولا وجود لتلك النقولات فيما بين أيدينا من الموارد، فيمكن تكملة الكتب المطبوعة من خلال التفاسير مع التحرّز كذلك والدراسة المتقنة للمواضع[12].

6- التجويد في تحقيق مخطوطات كتب التفسير:

من المعروف أنّ تحقيق المخطوطات صناعة لها آليات خاصّة، وإن دراسة موارد المفسِّرين تسهم بصورة كبيرة في تجويد التحقيق لكتب التفسير، لما يلزم دراسة الموارد من تدقيق خاصّ في نوعية خاصة من المعلومات قد يغفل عنها.

وقد وقفنا على العديد من الأخطاء في كافة النُّسَخ المحققة لتفسير ابن عطية، لم تكشفها سوى دراستنا للموارد[13].

7- التأدّب في طلب العلم والبحث:

تكشف دراسة موارد المفسِّرين بجلاء عن أمرٍ مهم، وإن لم يكن مختصًّا بصورة مباشرة بدراسة موارد المفسِّرين إلا أنني أعدّه غاية الغايات وأهمّ المهمّات، وهو أنّ المفسِّرين قد توارثوا هذا العلم وتناقلوه تلميذًا عن شيخ، وأنهم أخذوا هذه العلوم بحقّها من منابعها وأصولها وَفق أصول راسخة، فلم يقفزوا بالعلم قفزًا كما يفعل صبيانيو اليوم فيأتون بكلّ عجيب غريب، ولم يمنعهم ذلك أيضًا من الاستدراك والبحث والمناقشة لمن سبقهم، فيستدرك الآخر على الأول، ويكمِّل اللاحق السابق، مع معرفة حقّ الأول، وحفظ الفضل لأهله، فاللهم أدِّبنا بأدبهم، وأنعِم علينا بفضلك وجودك وكرمك.

القسم الثاني: طريقة مقترحة لدراسة موارد المفسِّرين:

إنّ دراسة الموارد من المجالات شديدة الصعوبة وتحتاج إلى تدقيق ونظر جيد، وتزداد هذه المشقّة والصعوبة عند دراسة موارد كتاب في فنٍّ كالتفسير، لقيامه على توظيف العديد من العلوم في إنتاجه، وبخاصّة بعد أن توسّعت العلوم واقتحم الكثير منها في كتب التفسير حتى غدت التفاسير مجمعًا وملتقًى لكلّ العلوم.

ولذا سنجعل الطريقة المقترحة لدراسة موارد المفسِّرين مقسومة إلى أربع مراحل أساسية، نذكر تحت كلّ مرحلة منها مجموعة من المسائل والقضايا المقترحة في دراستها، وهذه المراحل هي:

- المرحلة الأولى: مرحلة التحضير والإعداد.

- المرحلة الثانية: مرحلة الاستقراء والجرد.

- المرحلة الثالثة: مرحلة الدراسة المفردة للموارد.

- المرحلة الرابعة: مرحلة الدراسة الشاملة للموارد.

وفيما يأتي تفصيل ذلك:

- المرحلة الأولى: مرحلة التحضير والإعداد:

 المقصود بهذه المرحلة التي تكون قبل دراسة موارد المفسِّرين وما يلزمها من التخطيط والإعداد، وتعدّ مرحلةً مهمّة قبل البدء في الدراسة الفعلية للموارد.

وفي هذه المرحلة ينبغي التنبّه إلى أمرين رئيسين، وهما:

- أولًا: اختيار كتاب التفسير.

- ثانيًا: جمع طبعات التفسير ومخطوطاته.

وفيما يأتي تفصيل ذلك، والله الموفِّق. 

- أولًا: اختيار كتاب التفسير:

 يعدّ اختيار كتاب التفسير عند دراسة موارد المفسِّرين وَفق معايير علمية سليمة خطوة مهمّة قبل البدء في الدراسة، فكتب التفسير ليست في مرتبة واحدة من حيث القيمة العلمية، بل تتفاوت فيما بينها تفاوتًا كبيرًا، فبعضها أَولى من غيره عند دراسة الموارد.

ومن المعلوم أنّ المعايير العلمية التي يمكن تصنيف التفاسير بناءً عليها متعدّدة، وأبرز هذه المعايير وأصحّها في تقييم التفاسير وتصنيفها هو النظر في مدى اشتغالها على تبيين المعاني التي هي محور التفسير وصلبه.

وبالنظر إلى كتب التفسير من هذه الحيثية يتبيَّن أنّ لها عدّة تصنيفات؛ فمنها تفاسير محرّرة للمعاني، ومنها تفاسير جامعة للمعاني، ومنها تفاسير ناقلة للمعاني، ومنها تفاسير مختصرة للمعاني، والذي ينبغي أن يقدَّم في العناية بدراسة موارده منها هي التفاسير المحرّرة للمعاني ثم التفاسير الجامعة للمعاني، ويأتي بعد ذلك التفاسير الناقلة[14] والمختصرة للمعاني.

فيما يأتي ذِكْر لأبرز التفاسير في تلك التصنيفات المذكورة[15]: 

- التفاسير المحرّرة للمعاني، من أبرزها: جامع البيان للطبري (ت: 310هـ)، والمحرّر الوجيز لابن عطية (ت: 542هـ)، والكشاف للزمخشري (ت: 538هـ)، ومفاتيح الغيب للرازي (ت: 606هـ)، وأحكام القرآن للقرطبي (ت: 671هـ)، والبحر المحيط لأبي حيان (ت: 745هـ)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (ت: 1393هـ).

- التفاسير الجامعة للمعاني، من أبرزها: الكشف والبيان للثعلبي (ت: 427هـ)، والنكت والعيون للماوردي (ت: 450هـ)، وزاد المسير لابن الجوزي (ت: 579هـ).

- التفاسير الناقلة للمعاني، من أبرزها: التفسير البسيط، والوسيط في تفسير القرآن المجيد كلاهما للواحدي (ت: 468هـ)، والدر المصون للسمين الحلبي (ت: 675هـ)، وتفسير ابن كثير (ت: 774هـ).

- التفاسير المختصرة للمعاني، من أبرزها: جامع البيان للإيجي (ت: 905هـ)، وأنوار التنزيل للبيضاوي (ت: 685هـ)، وتفسير الجلالين.

- ثانيًا: جمع طبعات التفسير ومخطوطاته:

 من المعلوم أنّ طبعات التفسير تتفاوت فيما بينها تفاوتًا كبيرًا في ضبط نصّ المؤلِّف، وخاصة مع انتشار الطباعة وكثرة الطبعات التجارية للتفسير الواحد، وقلّة وجود طبعات محققة تحقيقًا علميًّا سليمًا.

ولا يُكتفى عند التحضير لدراسة موارد المفسِّرين بجمع طبعات التفسير فحَسْب بل ينبغي كذلك جمع مخطوطاته والسعي في الحصول عليها من مصادرها.

والسبب في ضرورة جمع الطبعات والمخطوطات للتفسير هو الوقوف على النصّ السليم كما كتبه المؤلِّف، ذلك أنّ وجود خطأ يسير من حذف حرف أو زيادته قد يتسبب في إشكال عند دراسة الموارد فينسب للمؤلِّف موردًا ليس له أو ينفي عنه نسبة مورد قد اعتمده، أو يقع تحريف في تسمية مورد وغير ذلك.

ولذا ينبغي ضرورة اقتناء طبعات التفسير ومخطوطاته قبل البدء في دراسة موارده والنظر في جميع تلك الطبعات والنُّسَخ المخطوطة -كما سنبيِّنه في المرحلة الثانية-.

ولبيان أهمية جمع طبعات التفسير ومخطوطاته وتوفّرها جميعًا عند دراسة الموارد سأضرب مثالين من خلال تفسير ابن عطية يتبيّن من خلالهما كيف كان لتعدّد الطبعات والرجوع للمخطوطات أثر في تقويم أخطاء عديدة متعلقة بالموارد. 

- المثال الأول:

 جاء في تفسير ابن عطية في طبعة قطر الثانية وطبعة دار ابن حزم زيادة هاء في لفظة (كتاب) من قول ابن عطية: «‌قال ‌أبو ‌الحسن ‌الأخفش ‌في ‌كتابه ‌الحجة: وقد يُقال في كلام العرب للاثنين: زوجٌ، ومن ذلك قول لبيد: من كلّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه .. زَوجٌ عليه كِلَّةٌ وقِرَامُهَا»[16].

فعند قراءة نصّ ابن عطية من هاتين الطبعتين يُفهم أن ابن عطية ينقل نصًّا من كتاب اسمه (الحجة) لأبي الحسن الأخفش، ولكن عند النظر في الطبعات الأخرى لتفسير ابن عطية يتضح أن الهاء غير موجودة في لفظة (كتابه)[17]، مما ينفي النسبة الجازمة لكتاب (الحجة) لأبي الحسن الأخفش كما في الطبعتين الأوليين.

وطالما أنّ الطبعات قد تباينت واختلفت بهذه الصورة فالرجوع إلى مخطوطات التفسير عندئذ ضروري للتثبّت من النصّ، وعند الرجوع إلى بعض النُّسَخ المخطوطة لتفسير ابن عطية يتبيّن عدم وجود الهاء في لفظة (كتابه) مما يرجّح صحة النصّ دون الهاء.

(مخطوطة تفسير ابن عطية، نسخة نور عثمانية، لوحة: 386) 

- المثال الثاني:

 وقع تحريف في أحد المواضع من تفسير ابن عطية في اسم (قتادة) في عدة طبعات فاستبدل فيها بـ: (أبو قتادة) وذلك في قول ابن عطية: «وقال أبو قتادة: الوجه في الآية العموم في جميع السرائر»، فقد جاء لفظها هكذا بزيادة (أبو) في طبعة قطر الثانية، وطبعة قطر الثالثة، وطبعة دار ابن حزم[18].

ولكن بالرجوع إلى الطبعات الأخرى لتفسير ابن عطية يتبيّن أنّ المثبت فيها (قتادة) بدون (أبو)، وذلك في الطبعة المغربية وطبعة دار الكتب العلمية[19]، وهو المثبت كذلك في كافة مخطوطات تفسير ابن عطية.

(مخطوطة تفسير ابن عطية، نسخة المكتبة الظاهرية، لوحة: 246). 

- المرحلة الثانية: مرحلة الاستقراء والجرد:

 هذه المرحلة يكون فيها الجمع الفعلي للمادة العلمية حتى تتم دراستها، وهي من المراحل الدقيقة وتحتاج إلى صبر ومثابرة وتدقيق في الاستقراء والجرد، فوقوع أيّ خلل في هذه المرحلة سيستمر فيما بعدها من مراحل ويترتّب على ذلك نتائج غير صحيحة.

وتتضمّن هذه المرحلة ثلاث خطوات رئيسة على الترتيب، وهي:

- أولًا: الاستقراء والجرد لموارد المفسِّر.

- ثانيًا: الاستقراء والجرد لمواضع نقل المفسِّر من الموارد.

- ثالثًا: تصنيف موارد المفسِّر.

وفيما يأتي تفصيل تلك الخطوات، والله الموفِّق. 

- أولًا: الاستقراء والجرد لموارد المفسِّر:

 تُعْنَى هذه الخطوة باستقراء كتاب التفسير وجرده لاستخراج الموارد الصريحة التي رجع إليها المفسِّر سواءٌ ذكرها بأسماء الكتب، مثل: (وفي السيرة لابن إسحاق، قال الطبري في تفسيره...إلخ)، أو نسبها للمؤلِّفين دون إضافتها للكتب، مثل: (قال ابن إسحاق، قال الطبري، قال سيبويه...إلخ)؛ فإنّ عادة المتقدِّمين نسبة النقل لصاحبه مباشرة في أحيان كثيرة دون ذِكر الكتاب.

وأمّا الأعلام الذين كانوا قبل زمن التدوين ويغلب على الظنّ عدم وجود مؤلَّفات لهم اطلع عليها المفسِّر ونقل منها كطبقة السَّلَف مثلًا، فهؤلاء غالبًا إذا نسب المفسِّر إليهم قولًا فإنّ اعتماده يكون على كتب أخرى دوَّنت كلامهم وليس على مؤلَّفات لهم أنفسهم ولكن المفسِّر لم يصرّح بمصدر النقل، فلا يدخل هؤلاء الأعلام ضمن الاستقراء للموارد.

ويشمل الاستقراء جميع الصيغ التي يُفهم منها رجوع المفسِّر إلى أحد الموارد، مثل: (جوَّز، أخرج، روى، سمعت من شيخنا فلان، حدثنا فلان، تخبَّط فلان...إلخ).

وبعد ذلك يُخصَّص لكلّ نوع من الموارد المجموعة ملفٌّ خاصّ به، فيُخصَّص ملفٌّ لأسماء الكتب، وملفٌّ للأعلام، ثم تُفرَز أسماء كلّ ملفّ وحده حتى تُستخلص أسماء كلّ منهما دون تكرار، وبذلك يكون لدينا جميع أسماء الموارد التي رجع إليها المفسّر في تفسيره من الكتب والأعلام.

وسبب فصلنا عند الاستقراء بين الكتب والأعلام على الرغم من أن المفسّر قد ينقل من نفس الكتاب ويصرّح باسمه تارة ويصرح باسم مؤلّفه تارة أخرى، هو أن الذي ذكرناه هنا هو أحد الاحتمالات، وثمّت احتمالات أخرى إن تحقّقت فإنها توقع في لبسٍ لا يمكن تلاشيه إلا بالفصل في مرحلة الاستقراء والجرد بين الكتب والأعلام فصلًا تامًّا، ومن ذلك أن المفسّر عندما ينسب نصًّا لأحد الأعلام فإنه يحتمل نقله من كتابه، ويحتمل كذلك نقله للنصّ من كتاب آخر غير كتاب العَلَم الذي نسب له النصّ، ويحدث اللّبس كذلك عندما يكون للعَلَم أكثر من كتاب، إلى غير ذلك من الاحتمالات؛ ولذا فالأسلم أن يفصل بين الكتب والأعلام في هذه المرحلة.

وينتبه أثناء هذه الخطوة إلى الأمور الآتية:

1- ضرورة التأنِّي والتركيز عند قراءة التفسير وجرده للوقوف على جميع الموارد لئلّا يفوت شيء منها.

2- التنبّه لجمع كافة الصيغ التي يُطلِقها المفسِّر للمورد الواحد، فتفسير الطبري مثلًا قد يورده باسم (جامع البيان/ تفسير الطبري/ جامع البيان عن تأويل آي القرآن/ الطبري في تفسيره/ تفسير ابن جرير/ جامع البيان لابن جرير...إلخ).

3- الاعتماد على عدّة طبعات للكتاب فتُقرأ معًا بالتوازي لاستخراج الموارد، وتُسجَّل جميع الملاحظات والمشكلات المتعلقة بالموارد في مسوّدة خارجية للنظر فيها، كأنْ يُختلَف في اسم أحد الموارد فيأتي في إحدى الطبعات مثلًا: (قتادة) ويأتي في طبعة أخرى (أبو قتادة) وغير ذلك.

4- هذه الخطوة لا يصلح فيها الاستعانة بالبرامج الإلكترونية بأية حال، وإنما يستعان فيها بالقراءة الفعلية للكتاب وجرده كاملًا. 

- ثانيًا: الاستقراء والجرد لمواضع نقل المفسِّر من الموارد:

 بعد أن تمَّ استقراء أسماء الموارد من التفسير وأصبحت موارد المفسِّر معروفة لدينا ومرتبة، يتم في هذه الخطوة استقراء وجمع المواضع التي نقلها المفسِّر من تلك الموارد، وطريقة ذلك أن تُجمع نقولات المفسِّر من كلّ مورد على حدة، ويُخصَّص لكلّ مورد ملفٌّ خاص بالنقولات التي نقلها المفسِّر منه.

ويُنتبه أثناء هذه الخطوة إلى الأمور الآتية:

1- عند جمع المواضع لا بدّ من اقتباس موضع المسألة كاملًا، ولا يقتصر على موطن الشاهد من الموضع؛ لئلا تكون دراسة الموضع مجتزأة فيترتب عليها فهمٌ غير سديد، ونتائج خاطئة، فلا يقتصر مثلًا عند جمع المواضع على اقتباس قول ابن عطية: «وقال الطبري: آدم فعل رباعي سمي به»[20]، وإنما ينقل موضع المسألة كاملة، لتكتمل صورتها عند الدراسة، فيقتبس هكذا: «وآدم أفعل مشتق من الأُدْمَة، وهي حُمْرَة تميل إلى السواد، وجمعه أُدْم وأَوَادِم كحُمْر وأَحَامِر، ولا ينصرف بوجه، وقيل آدم وزنه فاعِل، مشتق من أديم الأرض، كأنّ الملك آدمها، وجمعه آدمون وأوادم، ويلزم قائل هذه المقالة صرفه. وقال الطبري: آدم فعل رباعي سُمّي به، ورُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خلق الله آدم من أديم الأرض كلّها فخرجت ذريته على نحو ذلك؛ منهم الأبيض والأسود والأسمر والسهل والحَزَن والطيب والخبيث»[21].

2- عند نقل المفسِّر لأحد المواضع من المَورِد في عِدَّة مواطن، تُحسَب كلُّ مرَّة منها موضعًا مستقلًا؛ لأنّ طريقة توظيف النقل في كلّ منهما تكون بطريقة مختلفة.

3- في هذه الخطوة يمكن الاستعانة بالبرامج الإلكترونية كالمكتبة الشاملة وغيرها، ولكن بشرط معرفة خواصّها جيدًا ومعرفة العيوب التي تعتريها ليتمّ تلاشيها أثناء الاستخدام، ومعرفة الطرق التي يمكن استخراج النتائج منها بدقة عالية كالبحث بأكثر من طريقة عند جمع نقولات مورد معيّن لضمان عدم فوات شيء منها. 

- ثالثًا: تصنيف موارد المفسِّر:

 تُعنَى هذه الخطوة بتصنيف وتقسيم موارد المفسِّر قبل البداية الفعلية في دراستها، وذلك وَفق النقاط الآتية:

1- تصنف الموارد بالنظر للعلوم المختلفة حسَب ورودها عند المفسِّر نحو: (موارد المفسِّر في التفسير، موارد المفسِّر في القراءات، موارد المفسِّر في الفقه، موارد المفسِّر في أصول الفقه...إلخ)، وتقسم العلوم داخلها حسَب الاختصاصات الجزئية فيها، فمثلًا موارد المفسِّر في علوم اللغة يمكن تقسيمها إلى: (النحو والصرف، الأدب، المعاجم، فقه اللغة...إلخ) حسَب ورودها عند المفسِّر.

2- تقسم موارد كلّ علم من العلوم إلى قسمين؛ قسم للدراسة المفردة، وقسم للدراسة الشاملة، ويقسم قسم الدراسة المفردة إلى نوعين؛ النوع الأول: موارد المفسِّر من الكتب، ويدرج تحت هذا النوع موارد المفسِّر من الكتب في ذلك العلم، والنوع الثاني: موارد المفسِّر من الأعلام، وتدرج فيه موارد المفسِّر من الأعلام الذين نقل عنهم في ذلك العلم ولم تقف الدراسة على هذه النقولات في الكتب، وسيأتي تفصيل ذلك في المرحلة التالية.

3- ينقل بعض المفسِّرين عن شيوخ لهم نقولات شفاهية، وعندئذ يحسن تخصيص قسم خاصّ بمواردهم السماعية/ الشفوية، وذلك ضمن تقسيم موارد المفسِّر بالنظر للعلوم فيضاف ذلك القسم إليها، وتتم دراستها وحدها كنوع مستقل من الموارد.

4- يراعى الترتيب الزمني في ترتيب الموارد (كتب/ أعلام/ سماعية) داخل كلّ علم، ويمكن أن ترتَّب كذلك حسب كثرة نقولات المفسّر عنهم.

5- يحسن سرد الموارد في كلّ علم من العلوم قبل البدء في دراستها، ثم البدء في الدراسة حسَب المراحل التالية التي سنبينها. 

- المرحلة الثالثة: مرحلة الدراسة المفردة للموارد:

 تعدّ هذه المرحلة في دراسة موارد المفسّرين بيتَ القصيد وقطب الرحا وعمود الدراسة، ففيها يتم وصف الموارد كيفًا وكمًّا؛ تمهيدًا لقطف الثمرة المرجوّة في الدراسة التحليلية لموارد المفسِّرين حتى تحقّق أهداف العناية بهذا المسار البحثي.

فبعد أن تمَّ في المرحلة الثانية استخراج الموارد وتصنيفها (كتب/ أعلام)، وجُمعت النقولات التي نقلها المفسِّر من كلّ مورد منها، تأتي هذه المرحلة لدراسة الموارد مفردة من خلال ثماني مسائل سنبينها بالتفصيل، كما ألحقنا بذلك عدّة تنبيهات تتعلّق بتلك المرحلة.

وقبل البدء ببيان مسائل الدراسة المفردة للموارد يجدر التنبه للأمور الآتية، وهي:

1- تصنَّف موارد المفسِّر من الكتب بالنظر للعلوم المتعدّدة (تفسير، علوم قرآن، فقه، أصول فقه، مصطلح حديث...إلخ) وهذا تصنيف مبدئي لتسهيل إجراءات الدراسة، وأمّا التصنيف النهائي فيكون أثناء الدراسة المفردة وتحليل المواضع وَفق ما سنذكره.

2- يُدرس كلّ الموارد لكلّ علم من العلوم عند المفسّر دفعة واحدة، فتُدرَس مثلًا موارده في التفسير كاملة، ثم موارده في الفقه كاملة وهكذا بقية الموارد من العلوم.

3- تُدرس موارد المفسِّر من الأعلام الذين لهم مؤلّفات داخلة في موارد المفسّر بعد دراسة مؤلّفاتها مباشرة، فمثلًا لو كان المفسّر ينقل عن (معاني القرآن للفرّاء) وينقل أحيانًا عن (الفرّاء) دون العزو لكتاب معيّن، فهذا يعني أن (معاني القرآن للفراء) و(الفراء) كلاهما من موارده -وفقًا لما بينَّاه في مرحلة الاستقراء-، فعند مرحلة الدراسة لمفردة يُدرس (معاني القرآن للفراء) كمورد للمفسر من الكتب، ويُتبع مباشرة بدراسة (الفراء) كمورد له كذلك من الأعلام، وسيأتي بيان سبب ذلك.

4- تُتبع الدراسة المفردة لموارد المفسر من كلّ علم بدراستها دراسة شاملة مباشرة -كما سنبينه في المرحلة الرابعة-.

وفيما يأتي بيان للمسائل المقترحة عند دراسة موارد المفسِّرين في مرحلة الدراسة المفردة، وهي:

- المسألة الأولى: التمهيد لدراسة المورد.

- المسألة الثانية: مواضع نقل المفسِّر من المورد.

- المسألة الثالثة: أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها.

- المسألة الرابعة: التعبيرات الأدائية للمفسِّر عند نقله من المورد.

- المسألة الخامسة: طريقة عَزْوِ المفسِّر إلى المورد.

- المسألة السادسة: صورة المواضع بعد نقل المفسِّر لها من المورد.

- المسألة السابعة: مَوْقِف المفسِّر من المَورِد.

- المسألة الثامنة: وَسِيلَة نقل المفسِّر من المورد.

وفيما يأتي تفصيل لهذه المسائل، والله المستعان، وعليه التكلان. 

- المسألة الأولى: التمهيد لدراسة المورد:

يعدّ التمهيد مدخلًا مهمًّا لدراسة المَورِد، ويكون فيه تعريف بأمرين باختصار؛ الأول: التعريف بالمؤلِّف: فيذكر اسمه ونسبه وكنيته، وتاريخ ولادته ووفاته، وأبرز مؤلَّفاته. والأمر الثاني: التعريف بالمَورِد: فيذكر محتواه، وقيمته العلمية، وطريقة تأليفه، وحالة المورد إن كان مطبوعًا أو مفقودًا أو حُقّق ولم يطبع، أو طُبع بعضه ولا يزال بقيته مفقودًا وغير ذلك، ويحسن ذِكْر كلام المفسّر عن المورد وصاحبه إن كان قد أشار إلى ذلك في تفسيره أو غيره من مؤلَّفاته.

- المسألة الثانية: مواضع نقل المفسِّر من المورد:

 تُعنَى هذه المسألة بذكر معلومات وإحصاءات تفصيلية عن المواضع التي نقلها المفسِّر من المورد، من خلال النقاط الآتية مرتّبة مع صياغتها جملة واحدة:

1- بيان العدد الإجمالي للمواضع التي نسبها المفسِّر مباشرة لصاحب المورد.

2- بيان عدد المواضع التي عزاها المفسِّر لمؤلَّفات صاحب المورد، سواءٌ عزاها لكتاب واحد أو لأكثر من كتاب فيفصَّل عددُ المواضع التي عزاها لكلّ كتاب منها.

3- بيان عدد المواضع التي نسبها المفسِّر لصاحب المورد دون عزوها لكتاب معيّن.

4- بيان عدد المواضع التي صرّح المفسِّر بنقلها عن صاحب المورد بواسطة مورد آخر إن كان قد صرّح بذلك.

ويلاحظ أن النقاط الأربع السابقة جميعها عبارة عن رصد للمواضع التي نقلها المفسِّر من المورد، وبعد هذا الرصد يتم بيان النقاط التالية:

5- تُفحَص المواضع التي نسبها المفسِّر للمورد للتأكّد من وجودها كما ذكرها المفسِّر، فإن وُجدت جميعها في المورد كما ذكرها المفسِّر أُثبت ذلك، وإن لم توجد بعض المواضع في المورد فحينئذٍ يُبيَّن عدد المواضع التي وُجدت في المورد، وعدد المواضع التي لم يوقف عليها، وتُفصَل المواضع التي لم يوقف عليها لتتم دراستها وحدها عند دراسة موارد المفسر من الأعلام.

6- يُبيَّن عدد المواضع التي نقلها المفسِّر من المورد في كلّ سورة من القرآن حسَب ترتيب المصحف.

7- وتبقى جزئية في دراسة هذه المسألة وهي حساب النسبة المئوية للمواضع، وضبطها لا يتم إلا بعد الانتهاء من دراسة كافة موارد المفسر وضبط إحصاءاتها، وفيها يتم بيان النسبة المئوية لعدد المواضع التي نقلها المفسر من المورد مقارنةً بنسبة نقولاته من بقية الموارد في نفس العِلم الذي ينتمي إليه المورد، وتُبيَّن كذلك النسبة المئوية لعدد تلك المواضع مقارنة بنسبة نقولات المفسِّر من جميع الموارد. 

- المسألة الثالثة: أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها:

هذه المسألة تُعْنَى بدراسة المواضع التي نقلها المفسِّر من المورد من خلال ثلاثة جوانب على الترتيب داخل المسألة:

الجانب الأول: بيان نوعية المعلومات المنقولة من المورد، وهي لا تخرج عن ثلاثة أنواع، إمّا أن تكون أثرًا (رواية) أو نصًّا، أو شاهدًا شعريًّا، فتقسَّم المسألة عند دراستها بناء على وجود تلك الأنواع عند المفسِّر، فيُبتدأ بالآثار ثم النصوص ثم الشواهد الشِّعْرية، ويبيَّن مقدار نقل المفسر تحت كلّ نوع منها.

وعند دراسة الآثار تُبيَّن أنواعها عند المفسّر (مرفوعة/ موقوفة على الصحابة/ موقوفة على التابعين أو أتباعهم) مع إحصاء كلّ نوع من تلك الآثار، وبيان كونها آثارًا تفسيرية أم أنها غير تفسيرية ولكن المفسِّر وظَّفها في تفسير القرآن، وتُعمل إحصاءات لذلك مع الإحالة إلى مواضعها في التفسير.

الجانب الثاني: يتعلّق بتصنيف المعلومات التي نقلها المفسِّر من المورد، فتصنَّف المعلومات تحت كلّ نوع من الأنواع التي نقلها المفسِّر من المورد تصنيفًا عامًّا في العلم الذي تندرج تحته، وتصنيفًا خاصًّا يُبيَّن فيه مجال توظيف المفسر لها في تفسيره، وتُضم التصنيفات المتطابقة إلى بعضها، ويُبيَّن مقدار كلّ تصنيف منها عند المفسر مع الإحالة إلى تفسيره، من خلال جداول تُرتَّب التصنيفات داخلها حسَب الأكثر، ومثال ذلك ما يأتي:

م

التَّصْنِيف العام

التَّصْنِيف الخاص

العدد

1

اللغة العربية

بيان مسائل نحويَّة

-

2

الفقه

بيان مسائل تتعلق بالنكاح

-

3

التفسير

بيان المعنى المراد من الآية

-

4

أصول الفقه

بيان مسائل تتعلق بالاجتهاد

-

5

علوم القرآن

بيان المَكِيّ والمَدَنِيّ

-

6

القراءات

توجيه القراءات المقبولة

-

7

الحديث

بيان معاني الآثار

-

الجانب الثالث: بعد الانتهاء من تقسيم المواضع إلى (آثار/ نصوص/ شواهد شعرية) وتصنيف المعلومات الواردة فيها = يأتي بيان مدى وكيفية اعتماد المفسِّر على المعلومات التي نقلها من المورد في تأسيس تفسيره وبنائه، فيُبيَّن تحت كلّ نوع من المعلومات عدد المواضع التي اعتمد فيها المفسِّر على المَورِد وحده، وعدد المواضع التي اعتمد فيها على المَورِد مع غيره، مع بيان هذه الموارد الأخرى التي اعتمد عليها، ثم تبيَّن درجة اعتماد المفسِّر على المورد سواءٌ كان ينقل منه للاحتجاج أو التوثيق، أو كان يحتج بغيره ويوثِّق منه فقط وغير ذلك، مع بيان الإحصاءات الرقمية لكلّ ذلك والإحالة إلى المواضع من التفسير.

- المسألة الرابعة: التعبيرات الأدائية للمفسِّر عند نقله من المورد:

تُعْنَى هذه المسألة ببيان (التعبيرات الأدائية/ الإحالات المرجعية) التي استخدمها المفسِّر عند نقله للمواضع من المورد، وتقسَّم المسألة بالنظر لأنواع المعلومات المنقولة (آثار/ نصوص/ شواهد شعرية)، فيذكر في كلّ منها عدد مواضعها إجمالًا وعدد التعبيرات الأدائية التي استخدمها المفسّر عند نقلها من المورد.

فمن أمثلة التعبيرات الأدائية في نقل الآثار: (حكى، ذكر فلان بسندٍ، زاد فلان، أسند...إلخ)، ومن أمثلة التعبيرات الأدائية في نقل النصوص: (قال، قول فلان، رجَّح، وجَّه، انتزع، يقتضي كلام فلان كذا، نَحا...إلخ)، ومن أمثلة التعبيرات الأدائية في نقل الشواهد الشعرية: (أنشد، ذكر...إلخ).

- المسألة الخامسة: طريقة عَزْوِ المفسِّر إلى المورد:

 تُعنَى هذه المسألة بأمرين؛ الأمر الأول: بيان طريقة المفسِّر في عزو المواضع إلى المورد وصياغته لذلك، مع ذكر مقدار استخدامه لكلّ طريقة منها، مع توثيق كلّ طريقة بمثال أو أكثر.

ومن أبرز الطرق التي يستخدمها المفسرون في العزو إلى المورد ما يأتي:

م

طريقة العزو

مثال

1

ذِكْرُ عنوان الكتاب واسم المؤلِّف

قال ابن جِنِّي في المُحْتَسَب

2

ذِكْرُ اسم المؤلِّف فقط

قال البُخَارِيّ

3

ذِكْرُ عنوان الكتاب واسم المؤلّف والباب

قال أبو عمر بن عبد البَرِّ النمري في كتاب الاستِيعَاب في الصحابة في باب أبي خراش الهذلي

4

ذِكْرُ عنوان الكتاب فقط

وفي الكشف والبيان

5

ذِكْرُ اسم المؤلِّف وعنوان الباب

قال البُخَارِيّ في كتاب الطهارة

6

ذِكْرُ الكتاب مع تحديد دقيق للموضع

وفي آخر ورقة من البُخَارِيّ عن ابن عبَّاس

وأمّا الأمر الثاني في هذه المسألة فهو ذِكْر طريقة تسمية المفسّر للمورد ومؤلّفه عند النقل، فمثلًا قد يطلِق المفسّر على المورد لقبًا معيّنًا، كقوله: (جامع البيان) ويقصد بذلك: (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) للطبري، وكذلك نفس الأمر تجاه اسم المؤلِّف فقد يذكره بـ(ابن جرير أو الطبري أو أبو جعفر)، فتُبيَّن كلّ هذه التعبيرات التي استخدمها المفسّر في نقله من المورد. 

- المسألة السادسة: صورة المواضع بعد نقل المفسِّر لها من المورد:

 تُعنَى هذه المسألة ببيان شكل المواضع وصورتها بعد نقل المفسِّر لها من المورد، وطريقُ دراسة ذلك الوقوفُ على موضعها في المورد وإجراءُ مقارنة بين صورتها الأولى في المورد وبين صورتها بعد نقل المفسِّر لها في تفسيره وتوصيف ما حصل فيها بدقّة شديدة، كأن يكون المفسّر نقلها بألفاظها تمامًا، أو نقلها بمعناها، أو اختصرها، وغير ذلك مما يظهر من خلال النظر والتدقيق والمقارنة بين صورة الموضع الأصلي في المورد وبين صورته بعد نقل المفسِّر له.

وبعد دراسة كلّ موضع وحده ومعرفة صورته بعد نقل المفسّر له، تضم الصور المتطابقة إلى بعضها، ويتم عمل إحصاءات بمقدار كلّ صورة مع الإحالة إلى مواضعها في كلّ من المورد وكتاب التفسير بشكل متقابل فتذكر الإحالة إلى الموضع في المورد ويذكر بعدها مباشرة إحالتها إلى كتاب التفسير هكذا (تفسير ابن عطية 1/ 1، والمحتسب لابن جني 1/ 2)، وتتم دراسة كلّ نوع من أنواع النقولات وحده (آثار/ نصوص/ شواهد شعرية).

وفيما يأتي نذكر أبرز الصور للمواضع بعد نقل المفسّرين لها من الموارد لِيُستضاءَ بها عند دراسة هذه المسألة، فنذكر أبرز صور الآثار، ثم النصوص، ثم الشواهد الشِّعرية.

أولًا: أبرز صور الآثار بعد نقل المفسِّرين لها من الموارد.

م

 صورة الأثر بعد نقله

1

ذِكْرُ الأثر بألفاظه كاملًا

2

ذِكْرُ الأثر بألفاظه كاملًا مع تغيير يسير

3

ذِكْرُ الأثر بألفاظه كاملًا مع تقديم وتأخير في عباراته

4

ذِكْرُ الأثر بألفاظه كاملًا مع زيادة عبارة توضحه

5

ذِكْرُ الأثر بألفاظه كاملًا مع زيادة لفظة

6

ذِكْرُ موطن الشَّاهِد من الأثر بلفظه

7

ذِكْرُ موطن الشَّاهِد من الأثر بلفظه مع تغيير يسير

8

ذِكْرُ الأثر كاملًا بمعناه

9

ذِكْرُ الأثر كاملًا بمعناه مع زيادة عبارات توضحه

10

ذِكْرُ جزء من الأثر بلفظه وجزء بمعناه

11

ذِكْرُ موطن الشاهِد من الأثر بصيغة غير التي وردت في المورد

12

ذِكْرُ موطن الشاهِد من الأثر بمعناه

13

ذِكْرُ موطن الشاهِد من الأثر بمعناه مُخْتَصَرًا

14

الإشارة إلى الأثر دون ذِكره

15

الإشارة إلى عِدَّة آثار دون ذِكْرِها

16

تَلْخِيص النتيجة من الأثر في كلمات مُرَكَّزة

17

ذِكْرُ أثرين بالمعنى ونسبتهما إلى أحد رواتهما

18

اختصار عِدَّة آثار وحكاية مضمونها 

 

ثانيًا: أبرز صور النصوص بعد نقل المفسِّرين لها من الموارد:

م

صورة النصِّ بعد نقله

1

ذِكْرُ النصِّ بألفاظه كاملًا

2

ذِكْرُ النصِّ بألفاظه كاملًا مع زيادة لفظة

4

ذِكْرُ النصِّ بألفاظه مع تغيير يسير

5

ذِكْرُ النصِّ بلفظه مع زيادة عبارة توضحه

6

ذِكْرُ النصِّ بمعناه

7

ذِكْرُ النصِّ بمعناه مُخْتَصَرًا

8

ذِكْرُ النصِّ بمعناه مُخْتَصَرًا بصورة أوضح من المورد

9

ذِكْرُ النصِّ بمعناه مُخْتَصَرًا، ثم توضيحه باختصار

10

ذِكْرُ النصِّ بمعناه مع زيادة عبارة توضحه

11

ذِكْرُ النصِّ بمعناه مع زيادة ليست في المورد

12

ذِكْرُ النصِّ بمعناه، بصورة أوضح من المورد

13

الإشارة إلى النصِّ دون ذِكره

14

تَلْخِيص النتيجة من النصِّ في كلمات مُرَكَّزة

15

ذِكْرُ النصّ بخلاف معناه في المورد

 

ثالثًا: أبرز صور الشّواهد الشِّعرية بعد نقل المفسِّرين لها من الموارد:

م

صورة الشَّاهِد الشِّعْريّ بعد نقله

1

ذِكْرُ البيت بألفاظه كاملًا

2

ذِكْرُ البيت بألفاظه كاملًا مع تغيير يسير

3

ذِكْرُ شَطْرِ البيت بألفاظه كاملًا

4

ذِكْرُ موطن الشَّاهِد من البيت بلفظه

5

ذِكْرُ موطن الشاهِد من البيت بلفظه مع تغيير يسير 

- المسألة السابعة: مَوْقِف المفسِّر من المَورِد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان موقف المفسِّر من المواضع التي نقلها من المورد قبولًا ورفضًا وغير ذلك، فتقسَّم المسألة بالنظر لأنواع المعلومات المنقولة (آثار/ نصوص/ شواهد شِعرية)، ويفصَّل في موقف المفسِّر من المواضع التي نقلها تحت كلّ نوع منها مع ذكر الإحصاءات لكلّ موقف منها والإحالة إلى مواضعها في التفسير.

وأبرز المواقف التي يتّخذها المفسِّرون تجاه الموارد، هي: (الترجيح، والتَّصويب، والاستدراك، التَّوجيه، والاحتمال، والتَّوَقُّف، والسُّكوت). 

- المسألة الثامنة: وَسِيلَة نقل المفسِّر من المورد:

 تختصّ هذه المسألة ببيان طريقة وصول المفسِّر إلى المورد الذي نقل منه لبيان هل كان ينقل مباشرة من المَورِد من خلال اطّلاعه عليه، أم أنه كان يعتمد على مَورِد وسيط في النقل من هذا المَورِد وأنه لم يطّلع على المَورِد بنفسه؟

وهي مسألة دقيقة وليس لها طريقة واحدة لدراستها، وإنما تعتمد على تدقيق النظر في عدد من الأمور والقرائن؛ ولذا سأشير هنا إلى أبرز القرائن التي تُعِين على تحديد وسيلة نقل المفسِّر من المورد، مع التنبه إلى أنّ ما سأذكره لا يعدو كونه قرينةً هادية وليست دليلًا قاطعًا، ولا يُكتفى منها بقرينة واحدة للحكم على وسيلة نقل المفسّر من المورد، وإنما يكون النظر لمجموع تلك القرائن وتقليب النظر فيها مع المرونة في التدقيق مع كلّ مورد وما يحفُّ به من قرائن.

ويمكننا تقسيم هذه القرائن إلى قسمين؛ القسم الأول: قرائن داخل كتاب التفسير. والقسم الثاني: قرائن خارج كتاب التفسير، وبيان ذلك كما يأتي: 

- القسم الأول: قرائن داخل كتاب التفسير، ومنها:

 1) النظر في (تعبيرات الأداء/ مصطلحات الأداء/ الإحالات المرجعية) التي يستخدمها المفسِّر عند نقله من المورد، فقد يكون المفسِّر قد صرّح بوسيلة نقله من المورد بوضوح مثل أن يقول: (قرأت كتاب كذا، أو رأيت في كتاب كذا، أو حدثني فلان بكتاب كذا...إلخ)، أو يكون قد ذكر مصادره في مقدمة التفسير وصرح بما اطّلع عليه منها.

2) النّظر في طريقة عزو المفسّر للمواضع التي نقلها، فينظر فيما عزاه للمورد مباشرة وفيما عزاه للمورد بواسطة مورد آخر.

3) معرفة طريقة المفسِّر في النقل من المَوارِد، وذلك بتتبّع جميع نقولاته من المَوارِد ودراستها.

4) جمع كلام المفسِّر حول المَورِد من خلال المواضع التي نقلها في تفسيره والنظر فيه.

5) النظر في صورة المواضع بعد نقل المفسّر لها من المورد ومقارنتها بدقّة. 

- القسم الثاني: قرائن خارج كتاب التفسير، ومنها:

1) مطالعة المؤلَّفات الأخرى للمفسِّر والنظر في موارده فيها وجمع كلامه عن تلك الموارد.

2) الإحاطة بسيرة المفسِّر وتاريخه، ومعرفة رحلته العلمية، والكتب التي اطّلع عليها، وشيوخه، وطلابه من خلال مطالعة كتب التراجم والمشيخات والفهارس.

3) معرفة التاريخ العلمي للحقبة التي عاش فيه المفسِّر.

4) الاطّلاع على كتب الفهارس لعلماء بلد المفسِّر.

5) معرفة التاريخ العلمي لبلدة المفسِّر، وأشهر العلماء والمؤلّفات عندهم.

تنبيهات:

بينَّا في هذه المرحلة كيفية الدراسة المفردة لموارد المفسِّرين، ونذكر هاهنا بعض التنبيهات المتعلقة بتلك المرحلة، وأكثرها تنبيهات فنية تساعد على تيسير تناول الدراسة، وتحسين كتابتها، وحسن عرضها.

- التنبيه الأول: تصنيف الموارد:

 تعدّ قضية تصنيف الموارد من الأمور المهمّة في دراسة موارد المفسّرين، حيث يبرز من خلالها توجُّه المفسّر في صناعة كتابه وبنائه، ومعرفة موارده من العلوم التي بنى تفسيره من خلالها بصورة دقيقة؛ ولذا يحسن تصنيف موارد المؤلّف وَفق معيار محدَّد.

فإذا كان المورد كتابًا فمن المعايير الدقيقة تصنيفه داخل العلوم بناء على مقصد مؤلّفه وهدفه في تأليفه، وأمّا إذا كان المورد من الأعلام فيحسن تصنيفه داخل العلم الذي اشتهر به، فإن كان مشاركًا في عدّة علوم واشتهر بها فعندئذٍ يصنَّف داخل العلم الذي غلب نقل المفسّر عنه في تفسيره. 

- التنبيه الثاني: ترتيب المسائل وصياغتها عند دراسة المَورِد:

ذكرنا في المرحلة الثالثة من دراسة موارد المفسِّرين أنّ الدراسة المفردة للموارد تكون من خلال ثماني مسائل، وننبه هاهنا على أنّ عدد المواضع التي ينقلها المفسّر من المورد الواحد يكون بين حالتين؛ الحالة الأولى: أن تزيد المواضع المنقولة من المورد عن عشرة مواضع، وهنا يحسن دراستها وَفق ترتيب المسائل المذكورة في المرحلة الثالثة.

والحالة الثانية: أن تقلّ المواضع المنقولة من المورد عن عشرة مواضع، وهنا يحسن دمج المسائل المذكورة عند دراستها، فتدرس من خلال ثلاث مسائل فقط كما يأتي:

- المسألة الأولى: التمهيد -كما فصّلناه في المرحلة الثالثة-.

- المسألة الثانية: مواضع نقل المفسّر من المورد -كما فصّلناه في المرحلة الثالثة-.

- المسألة الثالثة: طريقة النَّقْل وتصنيف المعلومات، وتدرس فيها المسائل الآتية وَفق تفصيلنا في المرحلة الثالثة: (أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها، والتعبيرات الأدائية للمفسّر عند نقله من المورد، وطريقة عَزْوِ المفسّر إلى المورد، وصورة المواضع بعد نقل المفسّر لها من المورد، ومَوْقِف المفسِّر من المَورِد، ووَسِيلَة نقل المفسّر من المورد).

- التنبيه الثالث: العَنْوَنَة للمَوارِد:

 عند العنونة للموارد يحسن التنبه لبعض الأمور، وهي:

1- يُعَنْوَن للمورد باسم الكتاب عند دراسته إذا صرَّح المفسِّر بالنقل عنه في تفسيره، أو إذا ترجَّح عند الدراسة اطّلاع المفسّر عليه ونقله منه مباشرة، أمّا إذا اكتَفى المفسّر بنسبة المواضع إلى صاحب المورد دون الكتاب وترجَّح عدم اطّلاع المفسّر عليه، فلا يُعنوَن عند دراسة تلك المواضع باسم الكتاب وإنما يعنوَن لها باسم صاحب المورد ويفصَّل في ذلك حَسْبما بينَّا في مرحلة الدراسة المفردة للموارد.

2- يقرن ذكر اسم الكتاب عند العنونة له بذكر اسم المؤلِّف الذي اشتهر به مع ذِكر سنة وفاته لتصوّر التاريخ، ويحسن ذكر تاريخ الوفاة كذلك عند جميع الأعلام المذكورين في ثنايا الدراسة.

3- تخصيص رقمَين لكلّ مَورِد عند دراسته، أحدهما رقم تسلسلي خاص بالمَورِد داخل العلم الذي صُنِّف فيه، والآخر رقم تسلسلي عام مع المَوارِد في مختلف العلوم.

4- إدراج غلاف المخطوطة لكلّ مورد من الموارد عند بداية دراسته، أو إدراج الصفحة الأولى منه عند عدم توفر الغلاف من المخطوطة. 

- التنبيه الرابع: تحديد (مصطلحات الدراسة/ المصطلحات الإجرائية):

 لا شك أنّ الدراسة الوصفية لموارد المفسّرين -كما بينَّاها- تحتوي على قدر كبير من التصنيفات والإحصاءات للعديد من المعلومات الخاصّة بمسائل الدراسة؛ ولذا ينبغي إنشاء (مصطلحات للدراسة/ مصطلحات إجرائية) من واقع الدراسة تناسب كلّ مسألة عند دراستها ليسهل تناولها وضبطها وإحصاؤها، كإنشاء مصطلحات خاصّة بتصنيف المعلومات المنقولة من المورد وغيرها من المسائل حتى يسهل النظر لها وجمعها وإحصاؤها. 

- التنبيه الخامس: إعداد ملاحق الدراسة[22]:

 نبَّهنا في مرحلة الدراسة المفردة عند عدّة مسائل إلى ضرورة الإحالة عند وصفها إلى مكانها في التفسير، ولا بد أحيانًا من الإحالة إلى التفسير وإلى نفس الموضع من المورد كذلك كما في المسألة السادسة في دراسة صورة المواضع.

ومما لا شكّ فيه أنّ الإحالة في حد ذاتها ضرورية لإثبات المعلومات وتيسير الرجوع إليها، ولكن الإحالات قد تُطيل حاشية الدراسة وتثقلها؛ فلذا يحسن الاعتماد على الملاحق في الإحالات الطويلة كأن يزيد فيها عدد المواضع مثلًا عن عشرة مواضع فعندئذ توضع الإحالات جميعًا في ملحق خاصّ في نهاية الدراسة، مع ترقيم الملحق والاكتفاء بالإحالة إلى رقمه في حاشية الدراسة. 

- المرحلة الرابعة: مرحلة الدراسة الشاملة للموارد:

 تعدّ هذه المرحلة من المراحل المهمّة في دراسة موارد المفسِّرين، فهي الحصاد لما تمَّ دراسته في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مبنيَّة على تلك المرحلة من الدراسة، ففيها يعتمد على النتائج التي تمَّ الوصول إليها في مرحلة الدراسة المفردة، ليتمَّ فيها الوصف الشامل لموارد المفسِّر من خلال الحديث عن موارد المفسِّر من كلّ عِلم على حدة.

فبعد أن تمَّت دراسة كلّ مورد من موارد المفسِّر على حدة في المرحلة الثالثة تأتي هذه المرحلة الرابعة والأخيرة لدراسة موارد المفسّر في كلّ علم من العلوم من خلال ثلاث عشرة مسألة مقترحة، وهي:

- المسألة الأولى: أنواع موارد المفسر.

- المسألة الثانية: مكانة المَوارِد عند المفسر.

- المسألة الثالثة: مقدار نقل المفسر من الموارد.

- المسألة الرابعة: وسيلة نقل المفسر من المَوارِد.

- المسألة الخامسة: المؤلَّفات الموجودة والمفقودة عند المفسر.

- المسألة السادسة: طريقة المفسر في العزو إلى الموارد.

- المسألة السابعة: أنواع نقولات المفسر من الموارد.

- المسألة الثامنة: صور المواضع بعد نقل المفسر لها من الموارد.

- المسألة التاسعة: تصنيف المعلومات المنقولة من الموارد عند المفسر.

- المسألة العاشرة: تأسيس المفسر للمعلومات بالاعتماد على الموارد.

- المسألة الحادية عشرة: موقف المفسِّر من الموارد.

- المسألة الثانية عشرة: الموارد الوسيطة عند المفسر.

- المسألة الثالثة عشرة: مَوارِد المفسِّر في العلوم من خارج مؤلَّفاتها.

وفيما يأتي تفصيل لهذه المسائل، والله المستعان، وعليه التكلان. 

- المسألة الأولى: أنواع موارد المفسر:

تُعنَى هذه المسألة ببيان أنواع موارد المفسر في كلّ علم من العلوم، فتُبيَّن موارده في كلّ علم من الكتب ومن الأعلام، ويصنَّف كلّ نوع منها وَفق المعايير الممكنة من أجل تجلية وإبراز أنواع الموارد عند المفسِّر، ويتم سرد تلك الأنواع مع إحصاء كلّ تصنيف منها وإدراج أسماء الموارد تحته.

فمثلًا: (موارد المفسّر من كتب علم القراءات) يمكن تقسيمها من خلال عدة معايير، فمن حيث المقاصد يمكن تقسيمها إلى: (كتب الرواية، وكتب التوجيه والاحتجاج)، وباعتبار مضمونها يمكن تقسيمها إلى: (كتب جامعة للقراءات، وكتب مفردة في القراءات)، وباعتبار القبول والشذوذ يمكن تقسيمها إلى (كتب القراءات المقبولة، وكتب القراءات الشاذة) وغير ذلك مما يظهر عند النظر والتدقيق في موارد المفسِّر من كلّ علم.

وكذلك عند الحديث عن موارد المفسِّر من الأعلام تقسَّم حسب المعايير التي تجليها وتبرزها عند المفسِّر في كلّ عِلم، فمثلًا: (موارد المفسّر من الأعلام في علم القراءات)، من المعايير المهمّة التي يمكن التصنيف بالنظر لها هو الوقوف على مؤلّفات لهؤلاء الأعلام وعدمه، والقسم الأول يمكن تقسيمه بالنظر إلى التمكن من الوقوف في مؤلّفاتهم على المواضع التي نقلها المفسّر عنهم وعدمه، إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تظهر حسَب الموارد التي رجع إليها المفسّر.

ويعتمد في هذه المسألة على النظر في المسألة الأولى في مرحلة الدراسة المفردة للموارد وهي مسألة (التمهيد) عند التعريف بالمورد.

- المسألة الثانية: مكانة المَوارِد عند المفسِّر:

تُعْنَى هذه المسألة ببيان مكانة مَوارِد المفسّر في كلّ علم من العلوم في تفسيره، وذلك بالنظر إلى اعتبارين؛ الاعتبار الأول: عدد الموارد التي رجع إليها المفسّر في تفسيره من كلّ علم. والاعتبار الثاني: عدد النقولات التي نقلها المفسّر في تفسيره من كلّ علم، ويبيَّن كلّ ذلك بالإحصاءات وبيان نسبته المئوية مع الفصل بين أنواع الموارد في كلّ علم (كتب/ أعلام).

ولا شكّ أنّ دراسة هذه المسألة تعتمد على المقارنة بين موارد المفسّر في كافة العلوم من حيث عددها في كلّ علم، وعدد المواضع التي نقلها منها المفسّر كذلك.

- المسألة الثالثة: مقدار نقل المفسّر من الموارد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان مقدار نقل المفسِّر من موارده في كلّ علم من العلوم، وذلك باعتبارين؛ الاعتبار الأول: بيان مقدار نقل المفسِّر من موارده في كلّ علم بصورة إجمالية وبيان نسبة ذلك مقارنة بنقولاته من الموارد في كافة العلوم. والاعتبار الثاني: بيان مقدار نقل المفسّر من موارده في كلّ علم بصورة مفصّلة وذلك ببيان مقدار نقله في كلّ نوع من موارد العلم (كتب/ أعلام)، وبيان نسبة نقولات المفسّر في كلّ نوع مقارنة بمجموع نقولاته الإجمالية في هذا العلم نفسه، ثم بيان نسبة نقولات المفسّر في كلّ نوع مقارنة بمجموع نقولاته من الموارد في كافة العلوم، ويوضح ذلك من خلال جداول.

وهذه المسألة تعتمد دراستها على المقارنة الدقيقة بين مقدار نقولات المفسّر للمواضع من كلّ مورد من موارده. 

- المسألة الرابعة: وسيلة نقل المفسّر من المَوارِد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان وسيلة نقل المفسّر من الموارد في كلّ علم من العلوم، فتبيَّن الكتب التي اطّلع عليها ونقل منها مباشرة، وتبيَّن كذلك الكتب التي ثبت نقله منها عن طريق موارد أخرى مع بيان تلك الموارد، وكذلك يبيَّن الأعلام الذين نقل عنهم المفسّر مع بيان الوسائل التي نقل عنهم من خلالها، ويوضح ذلك في جداول.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الثامنة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد وهي مسألة: (وَسِيلَة نقل المفسّر من المورد). 

- المسألة الخامسة: المؤلَّفات الموجودة والمفقودة عند المفسّر:

 تُعنَى هذه المسألة ببيان حالة الموارد التي اعتمد عليها المفسّر في كلّ علم من العلوم من حيث الوجود وعدمه لدينا في العصر الحاضر، فيبيَّن ما كان موجودًا ومطبوعًا منها لدينا، أو كان موجودًا لكنه لم يُطبع، وما فُقِد كاملًا، أو فُقدت أجزاء منه، وغير ذلك.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الأولى في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (التمهيد) من خلال التعريف بالمورد. 

- المسألة السادسة: طريقة المفسّر في العزو إلى الموارد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان طريقة المفسّر في العزو إلى موارده في كلّ علم من العلوم، فيذكر ذلك إجمالًا، ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الخامسة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (طريقة عَزْوِ المفسّر إلى المورد). 

- المسألة السابعة: أنواع نقولات المفسّر من الموارد:

تُعْنَى هذه المسألة ببيان أنواع نقولات المفسّر من الموارد في كلّ علم من العلوم، فيذكر عدد المواضع التي نقلها إجمالًا في كلّ علم، ثم تذكر أنواع النقولات التي نقلها في موارده من كلّ علم سواءٌ من (الكتب/ الأعلام)، ويفصَّل في كلّ قسم منها فتذكر أنواع النقولات في كلّ منهما على حدة (آثار/ نصوص/ شواهد شعرية) مع عمل إحصاءات إجمالية لكلّ نوع.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الثالثة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد وهي مسألة: (أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها).

- المسألة الثامنة: صور المواضع بعد نقل المفسّر لها من الموارد:

 تُعنَى هذه المسألة ببيان صور المواضع بعد نقل المفسّر لها من الموارد في كلّ علم من العلوم، فتذكر أكثر الصور ورودًا عند المفسّر عند كلّ نوع من المواضع التي نقلها (آثار/ نصوص/ شواهد شعرية).

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة السادسة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (صورة المواضع بعد نقل المفسّر لها من المورد). 

- المسألة التاسعة: تصنيف المعلومات المنقولة من الموارد عند المفسّر:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان تصنيفات المعلومات التي نقلها المفسّر من موارده في كلّ علم من العلوم، ويوضح ذلك من خلال جداول مع ذكر الإحصاءات لكلّ تصنيف من المعلومات، وترتَّب حسَب أكثرها.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الثالثة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها). 

- المسألة العاشرة: تأسيس المفسّر للمعلومات بالاعتماد على الموارد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان كيفية اعتماد المفسّر على الموارد في تأسيس المعلومات في تفسيره في كلّ علم من العلوم، فيذكر منها خاصةً الموارد التي اعتمد عليها محتجًّا بها وحدها في تأسيس المعلومات ومقدار ذلك ببيان الإحصاءات لكلّ مورد منها في جدول، وترتَّب حسَب الأكثر.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الثالثة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها). 

- المسألة الحادية عشرة: موقف المفسِّر من الموارد:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان موقف المفسّر من الموارد في كلّ علم من العلوم، فتذكر كافة الموارد في كلّ علم مرتبة حسَب ورودها في الدراسة المفردة مع ذكر إحصاءات موقف المفسّر من كلّ مورد منها في جدول.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة السابعة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهي مسألة: (مَوْقِف المفسِّر من المَورِد). 

- المسألة الثانية عشرة: الموارد الوسيطة عند المفسِّر:

تُعْنَى هذه المسألة ببيان الموارد التي اعتمد عليها المفسّر كمصادر وسيطة للنقل عن بعض الموارد الأخرى بالإضافة إلى اعتماده على نقل المعلومات منها، فتذكر تلك الموارد الوسيطة في كلّ علم من العلوم مع بيان عدد المواضع التي اعتمد عليها في النقل من موارد أخرى، كما تذكر الموارد التي نقل عنها بالاعتماد على تلك الموارد، وذلك عند كلّ مورد منها في كلّ علم، ويرتَّب ذلك في جداول حسَب الأكثر.

ويعتمد في هذه المسألة على نتائج دراسة المسألة الأولى والمسألة الثامنة في مرحلة الدراسة المفردة للموارد، وهما؛ مسألة: (مواضع نقل المفسر من المورد)، ومسألة: (وَسِيلَة نقل المفسر من المورد).

- المسألة الثالثة عشرة: مَوارِد المفسِّر في العلوم من خارج مؤلَّفاتها:

 تُعْنَى هذه المسألة ببيان الموارد التي اعتمد عليها المفسّر في كلّ علم من خارج مؤلّفات ذلك العلم، فمثلًا قد ينقل المفسّر معلومات في القراءات من كتب الفقه أو الأدب أو النحو وغير ذلك، فتبيَّن الموارد الخارجية التي اعتمد عليها في كلّ علم، ثم تذكر تلك الموارد الخارجية في جداول مقسمة على علومها مع ذكر إحصاءات المواضع المنقولة من كلّ مورد منها.

ويعتمد في هذه المسألة على تصنيف المعلومات في نتائج دراسة المسألة الثالثة في مرحلة الدراسة المفردة، وهي مسألة: (أنواع المعلومات المنقولة من المورد وتصنيفها).

والرسم الآتي يبيِّن مراحل دراسة موارد المفسِّرين: 

الخاتمة:

بينَّا في هذه المقالة واقعَ دراسة موارد المفسِّرين قديمًا وحديثًا، وأهمية دراسة هذا المسار، واقترحنا طريقة تطبيقية لدراسته من خلال أربع مراحل، وهي: مرحلة التحضير والإعداد، ومرحلة الاستقراء والجرد، ومرحلة الدراسة المفردة للموارد، ومرحلة الدراسة الشاملة للموارد.

وقد اقترحنا في كلّ مرحلة من المراحل جملة من المسائل والقضايا؛ فاقترحنا في مرحلة التحضير قضيتين، وهما: اختيار كتاب التفسير، وجمع طبعات التفسير ومخطوطاته. وذكرنا في مرحلة الاستقراء والجرد أنها تتضمّن ثلاث خطوات رئيسة، وهي: الاستقراء والجرد لموارد المفسِّر، والاستقراء والجرد لمواضع نقل المفسِّر من الموارد، وتصنيف موارد المفسِّر.

وأمّا في المرحلة الثالثة وهي مرحلة الدراسة المفردة للموارد فاقترحنا فيها دراسة ثماني مسائل ووضَّحناها بالتفصيل، كما اقترحنا في المرحلة الرابعة والأخيرة وهي مرحلة الدراسة الشاملة للموارد دراسة ثلاث عشرة مسألة، ووضّحناها كذلك.

ونرجو أن يعتني الباحثون بمسار دراسة موارد المفسِّرين وَفق ما طرحناه في هذه المقالة لما في هذا الطرح من دقّة في دراسة الموارد، ولما لهذا المسار من أهمية كبيرة في العناية بكتب التفسير كما بينَّاه، كما ندعو الأقسام العلمية بالجامعات في الدراسات القرآنية خاصّة، والتخصّصات الإسلامية عامّة إلى تبنِّي هذا المسار للدراسة في الرسائل الأكاديمية وَفق ما طرحناه في هذه المقالة.

وصلى اللهُ وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 

[1] «الدراسة الوصفية قائمة على وصف الحقائق الراهنة المتعلّقة بطبيعة الظاهرة أو الموقف أو جماعة من الناس أو مجموعة من الأحداث مع محاولة تفسير هذه الحقائق تفسيرًا كافيًا. كما يمكن تعريفه بأنه: أحد أشكال التحليل والتفسير العلمي المنظّم لوصف ظاهرة أو مشكلة محدّدة، وتصويرها كميًّا عن طريق جمع بيانات ومعلومات مقننة عن الظاهرة أو المشكلة، وتصنيفها، وتحليلها، وإخضاعها للدراسة الدقيقة». (المرشد في إعداد البحوث والدراسات العلمية، إعداد: فريق من الباحثين، مركز البحث العلمي والعلاقات الخارجية، ص12).

[2] وهي رسالتي في الدكتوراه، وقد نُوقشت بقسم التفسير وعلوم القرآن في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، سنة 1439هـ/ 2019م، وهي قيد الطبع بمركز تفسير للدراسات القرآنية وتخرج قريبًا بمشيئة الله سبحانه.

[3] تفسير ابن عطية (5/ 565).

[4] تفسير ابن عطية (3/ 153).

[5] تفسير ابن عطية (4/ 371).

[6] البحر المحيط في التفسير (10/ 217).

[7] البحر المحيط في التفسير (9/ 550).

[8] ينظر: (الطريقة الشائعة في دراسة مناهج المفسّرين؛ عرض وتقويم -كتاب منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم للدكتور/ عبد الوهاب فايد أنموذجًا-)، وهي منشورة على موقع تفسير تحت الرابط الآتي: tafsir.net/article/5357

[9] وهي دراسة (موارد الحافظ ابن كثير في تفسيره) للدكتور/ سعود بن عبد الله الفنيسان.

[10] ومن تلك الدراسات المطبوعة ما يأتي:
1- (ابن حجر العسقلاني؛ مصنفاته ودراسة في منهجه وموارده في كتابه الإصابة)، شاكر محمود عبد المنعم.
2- (ابن قيم الجوزية؛ حياته، آثاره، موارده)، د/ بكر أبو زيد.
3- (كتاب المنتظم لابن الجوزي: دراسة في منهجه وموارده وأهميته)، حسن عيسى الحكيم.
4- (موارد ابن عساكر في تاريخ دمشق)، د/ طلال سعود الدعجاني.
5- (موارد الإمام البيهقي في كتابه السنن الكبرى؛ مع دراسة نقدية)، د/ نجم الدين خلف.
6- (موارد البلاذري عن الأسرة الأموية في أنساب الأشراف)، محمد جاسم المشهداني.
7- (موارد الجوهري في معجمه الصحاح)، د/ أحمد عبد المجيد هريدي.
8- (موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد)، د/ أكرم العمري.
9- (موارد الذهبي في ميزان الاعتدال)، د/ قاسم سعد.
10- (موارد السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن من الدراسات القرآنية ومنهجه فيها -جمعًا ودراسة)، د/ عبد الله الرومي.
11- (موارد تاريخ الطبري)، د/ جواد عليّ.
12- (موارد شيخ الإسلام ابن تيمية العقدية في مؤلفاته)، د/ عبد الله بن صالح البراك.

[11] لم يأخذ موضوع بناء الموارد المفقودة من خلال الكتب حظّه من التنظير الجيد، ولعلّ الله ييسّر لنا فيه كتابة قريبًا.

[12] من ذلك مثلًا أنني وقفت في تفسير ابن عطية على أكثر من عشرين موضعًا نسبها للطبري وهي غير موجودة فيما بين أيدينا الآن من تفسير الطبري، وكذلك نقولات عن مكي بن أبي طالب وغيره.

[13] وذلك في مقالة مستقلة بعنوان: (تفسير المحرّر الوجيز لابن عطية الأندلسي؛ تحرير مصادر الكتاب وأهميته في تحقيقه) وهي منشورة على موقع تفسير تحت هذا الرابط: tafsir.net/article/5420

[14] التفاسير الناقلة وإن كان عملها يقتصر غالبًا على الجمع من كتب التفسير والترتيب لهذه المعلومات المجموعة إلا إنه مع ذلك قد يكون فيها بعض الإضافات التي تحتاج إلى دراسة لمواردها.

[15] وللتوسّع في الاطلاع على تصنيف التفاسير ومعرفة الرُّتَب العلمية للمفسِّرين؛ ينظر ما يأتي:

- (تصنيف التفاسير قراءة في التصنيفات المعاصرة مع طرح معيار منهجي لتصنيف التفاسير) للباحث/ خليل محمود اليماني، وهو بحث منشور على موقع تفسير تحت هذا الرابط: tafsir.net/research/53

- (بناء الرُّتب العلمية للمفسِّرين في التفسير؛ الأهمية والآفاق، مع طرح تصوّر تأسيسي للسير في دراسة الرتب العلمية للمفسّرين) للباحث/ خليل محمود اليماني، وهو بحث منشور على موقع تفسير تحت هذا الرابط: tafsir.net/research/77

- تقارير تفاسير القرن الرابع عشر، وهي منشورة على مرصد تفسير تحت هذا الرابط: tafsiroqs.com/search?sub_section_id=457

[16] تفسير ابن عطيَّة، ط: قطر الثانية (4/ 576)، ط: دار ابن حزم، ص945.

[17] تفسير ابن عطيَّة، ط: قطر الثالثة (5/ 306)، ط: المغربية (9/ 146)، ط: دار الكتب العلمية (3/ 171).

[18] تفسير ابن عطيَّة، ط: قطر الثانية (5/ 466)، ط: قطر الثالثة (10/ 216)، ط: دار ابن حزم، ص1967.

[19] تفسير ابن عطيَّة، ط: المغربية (16/ 278)، ط: دار الكتب العلمية (5/ 466).

[20] تفسير ابن عطية (1/ 349).

[21] تفسير ابن عطية (1/ 349).

[22] الملحق هو: «ما ليس من صميم موضوع البحث وليس وثيق الصلة به، لكنه مفيد في الموضوع؛ لما له من صلة به وإن كانت غير وثيقة». البحث العلمي، د/ عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة، الرياض، ط2، 1420هـ= 2000م، (2/ 27).

الكاتب

الدكتور عبد الرحمن المشدّ

حاصل على دكتوراه التفسير وعلوم القرآن من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله عدد من المشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))