نظرات في موقف حسن حنفي من القرآن الكريم
مقدمة:
تضمّنَت مؤلفات حسن حنفي ومقولاته مغالطات كبيرة ومفاهيم باطلة حول القرآن الكريم وعلومه، تستدعي الردّ عليها ببيان زيفها ومجانبتها لحقائق القرآن ومبادئه وأحكامه.
وهذه المغالطات التي نشرها في كتاباته سيطرت على عقول بعض المثقّفين والباحثين، فصاروا ينظرون إلى القرآن الكريم مثل أيّ كتاب بشريّ محتاج للمراجعة والمناقشة والتأويل الذي لا حدود له، وهذا ما لا ينسجم مع أحكامه ومعانيه المستفادة منه منذ نزوله على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ولا يستخدم حسن حنفي مناهج علمية قويمة تتسم بالموضوعية والنزاهة والحياد في دراسة القرآن الكريم وعلومه، وإنما هو يحدّد الغاية ثم يفتش لها عن الوسائل والذرائع التي توصِل لتلك الغاية، كأنْ يفترض أنّ محمدًا -صلى الله عليه وسلّم- هو مَنْ ألَّف القرآن بعد أن تلقَّى معانيه من الله سبحانه، أو أن القرآن نزل في ظروف تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وكلّ أحكامه تتغيّر بناء على تغيُّر هذه الظروف.
في هذا المقال تطرّقْتُ إلى المبادئ والمفاهيم التي يحملها حسن حنفي في تعامله مع القرآن الكريم، كما تطرّقْتُ إلى تحليل أقواله وبيان أنها انتهت إلى إنشاءِ معانٍ واستنتاجِ آراءٍ ومفاهيمَ مغايرةٍ لما ورد في القرآن الكريم أو السُّنة النبوية الصحيحة؛ المفسِّرة للقرآن والمبيِّنة لمعانيه المفصِّلة لمجمله والمخصِّصة لعمومه والمقيِّدة لمطلقه.
أمّا الأسئلة التي يحاولُ المقال الإجابة عنها فهي:
1- هل موقف حسن حنفي من القرآن الكريم بُني على الاستدلال بالقرآن الكريم والسُّنة النبوية وأقوال العلماء المتخصصين في علوم الشريعة الإسلامية، أم موقفه تكرار لما يردّده الحداثيون والمستشرقون من أنّ ألفاظ القرآن الكريم وكلماته من النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه -عليه السلام- تأثر بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي كان سائدًا في عصره، وأن هذا التأثُّر تجلّى في القرآن الكريم والسُّنة النبوية؟
2- هل يستند حنفي على مصادر مهمّة في علوم القرآن ويأخذ منها ما يخدم القرآن الكريم والسُّنة النبوية الصحيحة ويبيِّن أنهما المصدران الرئيسان في الشريعة الإسلامية، وأنهما الوحيان الصحيحان المأخوذان من النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، أم يأخذ من مصادر علوم القرآن وينتقي منها ما يؤيد أفكاره الفلسفية التي تبنّاها قبل الاطلاع على هذه المصادر؟
3- هل يريد حنفي أن يأتي باجتهادات وفهوم جديدة من غير أن يستند إلى الشريعة الإسلامية وعلومها وأحكامها اليقينية؟ ثم يدّعي أنه يستند إلى القرآن الكريم في كلّ تلك الاجتهادات والفهوم؟
وقبل أن نشرع في هذا العرض فإننا سنقدِّم تعريفًا موجزًا بحسن حنفي ومؤلفاته ومشروعه العلمي، وفيما يأتي بيان ذلك:
1- نبذة عن حياته وسيرته (وُلد سنة 1935م):
هو مفكِّر مصري وأستاذ جامعي وأحد منظِّري تيار اليسار الإسلامي، مارَس التدريس في العديد من الجامعات العربية، وترأّس قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، حاز على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، زعم أنه يمتلك شخصيتين اثنتين، هما: شخصية النبيّ، وشخصية الفيلسوف[1].
من مؤلفاته[2]:
1- التراث والتجديد.
2- من العقيدة إلى الثورة.
3- مقدمة في علم الاستغراب؛ موقفنا من التراث الغربي.
4- من النقل إلى الإبداع.
5- من النقل إلى العقل، علوم القرآن، من المحمول إلى الحامل.
6- من النقل إلى العقل، علوم الحديث، من نقد السند إلى نقد المتن.
تأثّر حسن حنفي بفلاسفة ومفكرين أوروبيين[3]، وترجم أعمالًا لبعضهم[4]، وأعدّ نشرةً دوريةً سمّاها اليسار الإسلامي[5].
وحنفي ليس مختصًّا في الشريعة الإسلامية أو في علوم القرآن الكريم وعلوم السُّنّة النبوية، وإنما هو أستاذ في الفلسفة، وفي الوقت نفسه يأتي بكثير من المزاعم والادّعاءات العقلية بناء على دراساته في الفلسفة، ويأتي باجتهادات جديدة في المصطلحات والكلمات القرآنية، ويضع قواعد جديدة لفهم الشريعة الإسلامية وفقهَا، وذلك كما يقول مراعاةً للواقع وظروف العصر.
ويتميز مشروعه (التراث والتجديد) بأنه مشروع جريء، يهدف للنفاذ إلى أعماق الواقع، من خلال تغيير الوقائع السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية، ويتكون هذا المشروع -كما يقول- من جبهات ثلاث: 1- موقفنا من التراث القديم. 2- موقفنا من التراث الغربي. 3- موقفنا من الواقع (نظرية التفسير)[6].
يحاول حنفي -وبجرأة بالغة- أن ينقل محور الاهتمام العلمي -حسب زعمه- من الله سبحانه والرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- (حيث كان يتركّز البحث ويدور الحديث في العلوم الإسلامية) إلى الإنسان، حيث ينبغي أن ينصبّ الجهد ويتركز البحث[7]، أيْ: إنّ العلوم الإسلامية لم تهتم بالإنسان أبدًا، وهذا ادّعاء باطل؛ لأنّ العلوم الإسلامية هدفت إلى تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
ويعتبر حنفي التجديد إعادة تفسير التراث طبقًا لحاجات العصر؛ فالتراث هو الوسيلة والتجديد هو الغاية، وهذه الغاية هي الإسهام في تطوير الواقع وحلّ مشكلاته، وبذلك فالتراث عنده ليس هدفًا بذاته، بل وسيلة تُدار حولها إمكانات التجديد[8]، أيْ: إنّ كلّ ما لا يلائم الواقع والعصر يُنبذ ولا يؤخذ به ولو كان متفَقًا عليه بين العلماء والفقهاء.
2- موقفه من القرآن الكريم:
تطرّق حسن حنفي إلى الكتابة عن القرآن الكريم وعلومه في كتابه: (من النقل إلى العقل، علوم القرآن، من المحمول إلى الحامل)، حيث تطرّق إلى الموضوعات الآتية:
1- الحوامل الموضوعية (التاريخ): المكان- البيئة الاجتماعية- الزمان.
2- الحوامل الموضوعية الذاتية (الرواية): الخبر- القراءة- التدوين.
3- الحوامل الذاتية (اللغة): اللفظ والمعنى- أساليب البلاغة- التفسير.
واعتمد في كتابه هذا على عدّة مصادر، منها:
1- البرهان في علوم القرآن، لبدر الدين الزركشي.
2- الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين السيوطي.
3- لباب النقول في أسباب النزول، لجلال الدين السيوطي.
4- نواسخ القرآن، لابن الجوزي.
ويتبين موقفه من القرآن الكريم من خلال العنوانَيْن الآتييْن:
2- 1- تقديم العقل والواقع على القرآن الكريم:
يعبِّر عن الكتاب (أيْ: القرآن) بعنوان التجربة الإنسانية العامة في كتابه: (من النصّ إلى الواقع؛ بنية النصّ)[9]، ويدّعي أنّ القرآن مجموعة من التجارب الحيّة التي يمكن أن تتكرّر في حياة البشر! وأنّ تطابق القرآن مع تجارب الإنسان يمثّل صدقه! وهذا غير صحيح لأن القرآن كلام الله سبحانه غير مخلوق، ولا يستمد صدقيته من الواقع أو الزمان أو المكان، أنزله الله تعالى على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لهداية البشر، يقول: «المهم هو صدق المتن وتطابقه مع التجربة الحيّة التي يشعر بها كلّ قارئ ومستمع، هو نوع من الوحي المباشر، وكأنّ القرآن قد أُنزل على القارئ أو السامع في التوّ واللحظة، فالقرآن مجموعة من التجارب الأولى التي يمكن أن تتكرّر في حياة البشر، الصدق هنا ليس عن طريق السند بل عن طريق المتن، وليس عن طريق اللغة؛ قراءة وكتابة، ولكن عن طريق الحدس المباشر»[10].
وليس للقرآن الكريم والسُّنّة النبوية -المصدرين الأساسيّين في الإسلام- أيّ تقديس عنده، فهما مجرد وصف لواقعٍ نزلَا فيه[11]، يقول: «نشأ التراثُ من مركزٍ واحدٍ وهو القرآن والسُّنّة، ولا يعني هذان المصدران أيّ تقديس لهما أو للتراث بل هو مجرد وصف لواقع»[12].
ويصف القرآن الكريم بأنه مجموعة من الأفكار والآراء والمعاني والدلالات، يقول: «وبالرغم من أن القرآن مجموعة من الأفكار والآراء والمعاني والدلالات إلا أنها محمولة على وقائع وأسماء»[13].
ويقول: «ليس القرآن شخصًا حتى ينزل مشيَّعًا، بل هو فكر، والفكر لفظ ومعنى»[14].
ويقول: «ونصوص الوحي ذاتها نشأت في الشعور، إمّا في الشعور العامّ الشامل وهو ذات الله، أو في الشعور المرسَل إليه والمعلَن فيه، وهو شعور الرسول أو شعور المتلقي للرسالة، وهو شعور الإنسان العادي الذي قد يشعر بأزمة فينادي على حلّ ثم يأتي الوحي مصدقًا لما طلب، الوحي ذاته مجموعة من الآيات نزلت إبّان ثلاثة وعشرين عامًا، كلّ آية أو كلّ مجموعة من الآيات تمثّل حلًّا لموقف معيّن في الحياة اليومية لفرد أو لجماعة من الأفراد»[15].
وخالف بهذا ما أجمع عليه علماءُ الإسلام الذين عرّفوا القرآن الكريم بأنه: كلام الله غير مخلوق، وأنه المنزَّل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، المعجِز بنفسه، المتعبَّد بتلاوته، المتواتر نقله[16].
ويقدّم العقل ويجعله حاكمًا ومهيمنًا على القرآن الكريم، ويجعله (أي: العقل) المصدر الأول في التشريع للواقع المعاش، يقول: «والقول بأن العقل الذي لا يستقلّ بنفسه في المعرفة بها (أي: السلطة) يحتاج إلى النقل، إنما هو دعوى طُرحت حتى يمكن عَبرها تأويل النقل لصالح السلطة القائمة دون مقياس عقلي واحد شامل ومطّرد»[17]، ويقول: «وجعل النبي هو الوصي على العقل ليحال دون استقلال الشعور عقلًا وإرادةً»[18].
ويدّعي أنّ وحي القرآن هو وحي ظاهر، وهناك وحي باطن هو صوت العقل أو الضمير أو الفطرة. والسؤال: هل يمكن أن نضع القرآن أو السُّنة -وهما وحيان من الله سبحانه- إلى جانب العقل أو الضمير؟ لو أنّ الإنسان يستطيع أن يكتفي بعقله لمَا ضلّ في حياته وعبَد من دون الله سبحانه آلهةً كثيرةً، يقول: «والوحي إمّا ظاهر وهو القرآن أو السُّنة بتوقيف أو إلهام، أو الحدس الصادق أو النصّ الباطن وهو أقرب إلى الاستدلال، القرآن هو النصّ لفظًا ومعنى، والسُّنة توقيف أو إلهام ومعها الحديث القدسي، والحدس الصادق هو بيان الرسول وتفصيله، أمّا الوحي الباطن فهو صوت العقل أو الضمير، أي: الفطرة»[19].
ويدّعي أنّ الوحي من الله سبحانه ينزل بناء على استدعاء الواقع، فالواقع هو الأصل والوحي استجابة وقبول بهذا الواقع، يقول: «نزول الوحي على الأنبياء، ولا ينزل الوحي إلا على الأنبياء، وقد يرِد ذلك على لسان النبي فتأتي الآية مصدقة لقوله، مما جعل بعض المستشرقين يدّعي أنّ القرآن كلّه من عند النبي، ويأتي ذلك معنى لا لفظًا في معرض ردّ الرسول على اتهامه بأنّ ما يأتي به من وحي من عنده وليس من عند الله، فالوحي هنا يعبّر عمّا في نفس الرسول ويؤكّد عليه، وإذا نزل على الصحابة فإنما يصعد من قلوبهم بالفطرة والطبيعة، فلا فرق بين النزول والصعود، بين ما ينزل من وحي بناءً على استدعاء الواقع، وما يصعد من الواقع كوحي طبيعي، ثم يؤكّده الوحي كنزولٍ، مؤكدًا الوحي كصعود، ويحدث ذلك لفظًا ومعنى، ففي الموقف يعبر الإنسان بطبيعته عن شيء يأخذه الوحي وينزله مرة ثانية بعد إعادة صياغته»[20].
ويربط نزول القرآن بالواقع، والذي هو في المرتبة الأولى لديه والقرآن في المرتبة الثانية، ويأتي استجابة للواقع وكما يريد، ولولا الواقع -كما يدّعي- لمَا كان القرآن، أي: لا قيمة للقرآن لديه بدون الواقع والزمان والمكان، يقول: «والسؤال هو عن النزول ابتداءً دون سبب، الوحي يتكلّم قبل أن يطلب الواقع، ويجيب دون سؤال، وهو ضد واقعة أسباب النزول، لا نزول بلا سبب، فالوحي نداء للواقع، واستجابة له»[21]، ويقول: «تعني أسباب النزول أولوية الواقع على الفكر، وتقدّم السؤال على الجواب، الواقع يسأل والوحي يجيب»[22]، ويقول: «وقد تكون مهمّتنا اليوم إعطاء الأولوية للواقع على النصّ دفاعًا عن الواقع في عصر لا يعتمد إلا على علوم الواقع ويعاني من النصّ، فإعطاء الأولوية للاجتهاد ولإجماع الأمة على المصدرَيْن النصِّيَّيْن يعطي العلماء والباحثين جرأة على الواقع وقدرة على التشريع، رعايةً لمصالح الناس»[23].
ولكن أيّ واقع تعطى له الأولوية على النصّ؟ والواقع يختلف من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد، وأيّ واقع يمكن أن ندافع عنه ما دام يختلف ويتعدّد؟ وهل عصرنا اليوم يعاني من النصّ القرآني، وهو نصّ مغيّب عن واقع الحياة، وهناك انفصام بين الدين الإسلامي والواقع الذي يعيشه الناس في كثير من البلدان الإسلامية؟
وإذا قدّمنا الاجتهاد على القرآن الكريم والسّنة النبوية فسوف يصير المسلمون مثل غيرهم ممن ليس لديهم ملّة أو دين، وبذلك فهذه دعوة صريحة إلى إهمال القرآن الكريم وتعاليمه، واعتبار ما يشرّعه الإنسان أفضل مما يشرّعه الله للإنسان من أخلاق وأحكام عملية ثابتة.
ورغم تقديمه للواقع على القرآن لا يقيم وزنًا للمكان الذي نزل فيه القرآن أو عاش فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجعل له أيّ أهمية، مخالفًا في ذلك ما ورد في الحديث النبوي الصحيح، الذي رواه البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد الأقصى»[24]، يقول: «ونزول الوحي بمكة والمدينة لا يجعلانهما مدينتين مقدّستين، محطتين للزيارة، والتبرك والمجاورة فيهما، فالمقدّس هو المحمول وليس الحامل، والزيارة ليست للمكان بل لاستعادة الذاكرة ولتفعيل الوحي في القلوب، زيارة المكان سياحة وتجارة وتأشيرات دخول وتحكّم للنظم السياسية وللدول في المكان، تقديسُ المكان عَوْدٌ إلى الوثنية القديمة وإلى الكعبة عندما كانت مكانًا للآلهة وتجمعًا للأصنام، تمامًا مثل تقديس المصحف ورقًا وحبرًا وتجليدًا وقطيفةً مذهبةً وليس الكلام المدوّن فيه...»[25].
ويربط نجاح نزول القرآن بالواقع، وكأنه يحتمل صدق القرآن وعدم صدقه، والواقع هو الذي يبين أحدهما، ويعتبر أسباب نزول القرآن وناسخه ومنسوخه أدلة تاريخيته، يقول: «فالوحي واقع وتاريخ، صدقه تحقّقه، وتحقّقه صدقه، اكتمال الوحي مرتبط بتطوره، وبنيته تحقّق لتكوينه، فالحقيقة بنت التاريخ، والاكتمال تحقّق الماضي في الحاضر...»[26].
ويدّعي أنّ المحدَثين قدّموا الواقع على النصّ القرآني، والسؤال: مَن هم هؤلاء المحدثون مِن أهل العلم بالقرآن الذين خالفوا القدماء؟ يقول: «فإذا كان ترتيب القدماء ترتيبًا تنازليًّا من النصّ إلى الواقع فإنّ ترتيب المحدَثين تصاعدي من الواقع إلى النصّ، فالعقل بقدرته على الاستدلال هو الأصل الأول في التشريع للواقع المعاش، ثم يأتي الإجماع كنوع من الاستدلال الجماعي والتجربة المشتركة لضمان التمييز بين العقل والهوى، وبين المصالح العامة والمصالح الخاصة، ثم تأتي السُّنّة كأصل ثالث وتجربة نموذجية في حياة الشعوب للاهتداء بها قبل أن يشوهها مسار التاريخ... فإن استعصى على العقل الاستدلال، وإنْ صَعُبَ على الإجماع القرار، وإنْ بَعُدَ العهد بالتجربة الأولى والنموذج الأول يمكن حينئذ الاهتداء بالنصّ لعلّه يعطي حدسًا، أو رؤيته تفيد في استدلال العقل على المصالح العامة»[27].
وأحيانًا يناقض نفسه فيدعو إلى تغيير الواقع حتى يكون ممتثلًا للوحي الإلهي مطابقًا له، يقول: «والاجتهاد أيضًا عمل شعوري خالص يقوم به المجتهد ابتداءً مِن فهمه لنصوص الوحي في الكتاب والسُّنة، وعمله بالتجارب المشتركة السابقة، ورؤيته للواقع المشكل رؤية مباشرة لمعرفة طريقة تغييره إلى واقع مثالي مطابق للوحي»[28].
وما دام يقدم الواقع الاجتماعي والسياسي على النصّ القرآني، فإنه يجعل النصوص القرآنية متعدّدة المعاني، تقبل التفسيرات المتعددة، وهو يختار ما يلائم الواقع من هذه التفسيرات، ويرفض كلّ التفاسير والمعاني القرآنية التي لا تراعي الواقع أو لا تتلاءم مع ظروف العصر ومتطلبات الإنسان كما يدّعي.
والنصّ القرآني صار وسيلة لديه وليس غاية، بمعنى أن النصّ يجب أن نتوسّل به للوصول إلى ركب الحضارة المادية المعاصرة، ومسايرة روح العصر، وبذلك يتحوّل النصّ إلى خادم للواقع والحضارة والعلم.
ويستخدم العقل ويغلِّبه على جانب النصّ القرآني، بحيث تؤول الآيات القرآنية حتى تتفق مع العقل، مثلما اتجه المعتزلة قديمًا إلى تقديم العقل على النصّ القرآني، فوقعوا في كثير من الانحرافات العقائدية، وأنكروا ما ثبت في القرآن والسّنة النبوية مثل إنكار رؤية المؤمنين لله في الآخرة وإنكار الصراط والميزان يوم القيامة.
2- 2- عدم القبول بالعقائد والأحكام العملية المقتبسة من القرآن الكريم والسُّنة النبوية:
ومما يبين توجهه الفلسفي ومهاجمته لعقائد المسلمين في التوحيد والإيمان بالله سبحانه وصفاته العليا وأسمائه الحسنى والإيمان بملائكته وكتبه ورسله قولُه: «فلو أخذنا مثلًا علم العقائد لوجدنا أن عقائد الفِرقة الناجية قد انتصرت، وهي عقائد السلطة، على عقائد الفِرَق الهالكة، وهي فرق المعارضة كما يعبر عن ذلك حديث الفِرقة الناجية، فالله الواحد الذي ليس كمثله شيء، والذي لا يُرى ويَرى كلّ شيء ليس هو بالضرورة التصوّر الوحيد لله كما نعلم من تاريخ العقائد، هناك الله الحسِّي المجسَّم محلّ الحوادث عند الكرامية[29] والمشبهة[30] على اختلاف فِرَقهم، وليس بالضرورة أن يكون التصوّر الأول صحيحًا والثاني باطلًا؛ إذ يعكس التصوران صراعَ قُوى»[31].
وقولُه نافيًا توحيد الله سبحانه ووصفه بصفاته العليا وأسمائه الحسنى وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير: «قد يكون من صالح الأمة الآن الدفاع عن الله وتصوّره باعتباره أرضًا؛ درءًا للاحتلال وتحريرًا للأرض، بل وتأصيلًا للوحي في (إله السماوات والأرض) (ربّ السماوات والأرض) (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)، كان الخطر قديمًا على التوحيد كتصوُّر في عصر الفتوح، وأصبح الخطر الآن على الأرض في عصر الهزائم»[32]. وقولُه كذلك: «أمّا الآن فالواحد يتجلّى في الدفاع عن وحدة الأمة ضد تجزئتها، ويتجلى في نفس الوقت في إثبات التعدّدية ضد أحادية الطرف التي تعتمد على الواحد القديم دفاعًا عن الحرية والديمقراطية وحقّ الاجتهاد»[33].
ويتبيّن توجهه هذا كذلك في ادّعائه أنه ليس مهمًّا الحديث عن الله سبحانه وصفاته العليا وأسمائه الحسنى، يقول: «وهو الكتاب بألِف ولام التعريف وليس كتابًا مضافًا إلى صاحبٍ أو مؤلِّف، مرسِل أو مرسَل... فالمهمّ الرسالة وليس المرسِل أو المرسَل إليه؛ لذلك كانت أقرب إلى التجربة الإنسانية العامة التي لا صاحب لها إلا حِكَم الشعوب المتراكمة في التاريخ عبر الأجيال، وهو حجة لنا وعلينا، وإلزامه من تطابقه مع التجربة البشرية الإنسانية العامة، واتفاقه مع البداهة والتجربة المشتركة»[34].
ويقول مدّعيًا أن صفات الله سبحانه من السمع والبصر صاغتها سلطة سياسية لاستخدامها ضدّ خصومها، منكرًا ما ورد في القرآن الكريم والسّنة النبوية من صفات الله سبحانه، يقول: «أمّا الصفات التي تجعل الله يسمع ويرى ويبصر كلّ شيء فقد تمّت صياغتها من أجلِ استخدامٍ سياسي خالص للسلطة التي هي بدورها ترى وتسمع وتبصر كلّ شيء»[35].
ويقول مدّعيًا أنّ الله يحتاج إلى وسيط لتبليغ وحيه، يقول: «الوحي في حاجة إلى وسيط بشري للتبليغ، هو رسالة مباشرة للرسول وحده يتم تبليغها بعد ذلك بالوسائط البشرية، فالوحي ليس فرديًّا يتكرّر لكلّ فرد، بل هو إبلاغ لفرد واحد هو الرسول وهو الذي يقوم بعد ذلك بإبلاغ الناس عن طريق الرواة»[36].
ويأتي بمعلومات تتناقض مع قدسية القرآن الكريم مثل الشِّعر والموسيقى، ويمزج بين الحديث عن العبادة الصحيحة والحديث عن عبادة الأوثان، فكلاهما -كما يرى- تعبيرٌ عن الإيمان والدِّين دون التمييز بين الدين الإسلامي والديانات الوضعية أو الوثنية، يقول: «الوحي رؤية يكون أقرب إلى الشيء، وكما تجلّى ذلك في عبادة الأصنام، وتصور الله شمسًا أو قمرًا أو برقًا أو رعدًا أو نهرًا كأحد مظاهر الطبيعة أو صنعًا إنسانيًّا عن طريق الإبداع الفني وإعادة خلق الطبيعة في تمثال أو صنم أو معبد، الوحي أقرب إلى السمع منه إلى البصر وإلى الشِّعر والموسيقى منه إلى الفنون التشكيلية؛ لذلك تغنَّى المؤلفون لله في المعابد»[37].
وإضافة إلى نفي صفات الله سبحانه ينفي القضاء والقدر، ويقول باعتقاد المعتزلة أنّ الإنسان يخلق أفعاله، يقول: «وتصوير الإنسان ككائن ليست لديه القدرة على الفعل، وتعليق مصيره بإرادة أخرى إنما هو من أجلِ نفي قدرته واستقلاله وجعله باستمرار تابعًا لغيره معتمِدًا عليه»[38]، ويقول: «ربما يكون الأصلح الآن هو حرية الاختيار وخلق الأفعال عند المعتزلة وليس الكسب الأشعري، وإثبات استقلال العقل والإرادة وليس تبعيتهما أو قصورهما»[39].
ويدّعي أن الإسلام يعترف بالديانات السابقة على أساس أنها ديانات صحيحة ومقبولة، يقول: «التعددية في الإسلام أصل، وأهل الكتاب تعبير عنها، الإسلام كآخر الأديان لا يعني الإسلام بالمعنى الحرفي بل بالمعنى المجازي وهو إسلام الوجه لله، والوحي كله من عند الله بصرف النظر عن مراحله، وكيف ينسخ التاريخ، وإذا كان الإسلام يعترف بالديانات السابقة اليهودية والمسيحية فإن آية: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: 85]لا تعتبر ناسخة لآيات التعددية الدينية، مثل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى}[المائدة: 69][40].
ويرى أن العلوم الأساسية في التراث الإسلامي (كعلم التفسير) ما زالت تعبِّر عن نفسها بالألفاظ والمصطلحات التقليدية التي نشأت بها، والتي تقضي -حسب رأيه- على مضمونها ودلالتها المستقلة، وتمنع إعادة فهمها وتطويـرها، ومن الألفـاظ التي يذكرها: الله سبحانه، الرسول -صلى الله عليه وسلم-، الدِّين، الجنة، النار، الثواب، العقاب[41].
ويفسّر المصطلحات القرآنية بما يخالف مدلولاتها الواردة في الشريعة الإسلامية بدعوى استخدام لغة جديدة قادرة على إيصال المعاني والأفكار المعاصرة إلى القارئ، ولكن الألفاظ الجديدة التي يأتي بها تحمل من المعاني المغايرة للمعاني التي تحملها الكلمات القرآنية، يقول: «والانتقال من لفظ تقليدي إلى لفظ تقليدي آخر مشابه لن يقدِّم شيئًا؛ لأن المشكلة تظلّ باقية وهي استحالة التعبير عن المعاني الأولية بالألفاظ التقليدية، وإلا وقعنا في الشروح على المتون عندما كانت تستبدل ألفاظًا قديمة بألفاظ أخرى قديمة، فالله والخالق يدلان على نفس المفهوم، والألفاظ العقلية والتقليدية، مثل: (الأول والآخر والظاهر والباطن)، إلى آخر ما هو معروف من أسماء الله كلّها ألفاظ تقليدية لا يفيد تبديل أحدهما بالآخر، ولكن الانتقال من الله إلى الإنسان الكامل يعبِّر عن كلّ مضمون الله، فكلّ صفات الله: العلم، والقدرة، الحياة، والسمع، البصر، والكلام، والإرادة كلها هي صفات الإنسان الكامل، وكلّ أسماء الله الحسنى تعني آمال الإنسان وغاياته التي يصبو إليها، فالإنسان الكامل أكثر تعبيرًا عن المضمون من لفظ الله (تعالى الله عمّا يقول علوًّا كبيرًا)»[42].
ويعتقد أنّ القرآن الكريم يخاطب الناس باعتبارهم بشرًا، دون التمييز بينهم من حيث الإيمان والكفر! يقول: «فالوحي يخاطب الناس جميعًا (نداء يا أيها الناس) بصرف النظر عن إيمانهم أو عدم إيمانهم، يتوجه إلى إنسانيتهم من حيث هم بشر، فالإنسانية تسبق الإيمانية، والبشرية تسبق العقائدية»[43].
وهذا غير صحيح؛ فالقرآن -بصنفيه المكي والمدني- يخاطب الناس جميعًا ويدعوهم إلى الإيمانِ بالله وعبادته وحده لا شريك له، ونبذِ كلّ أنواع الشرك والكفر، ويبيّن لهم أن مقياس التفاضل بينهم هو الإيمان والتقوى، ومن الآيات القرآنية التي تدلّ على هذا:
1- يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 21].
2- ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: 57].
3- ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13].
ويدّعي أنّ علماء القرآن اهتموا في إثبات صحته وسلامته بالأسانيد التي نقلته، وليس على مضمونه من العقائد والأخلاق والأحكام العملية، فكأنّ إعجاز القرآن ليس من ذاته، وكأنّ صدقه وقدسيته ليست من سوره وآياته وعباراته وكلماته، وإنما من تواتره في النقل إلينا؛ وهذا غير صحيح لأن القرآن الكريم معجِز من ذاته، وحفظه اللهُ من كلّ تحريف أو تبديل، فتوفّر له التواتر الكتابي والتواتر الشفهي، يقول: «ومن ثمّ صدق المحمول في صحة النقل، أي: في سلامة الحامل دون النظر في صدق المحمول في ذاته ومدى اتفاقه مع العقل والواقع، وهما الركيزتان الرئيستان والعنصران المكونان للوحي»[44]، ويقول: «والتواتر في النهاية اجتهادي بشري ومنطق إنساني واختراع منهجي، وهو شرط صحة القرآن، فصحة الحامل هنا شرط صحة المحمول، وكأنّ المحمول ليس له صدق في ذاته بصرف النظر عن حامله»[45]، ويقول: «يركّز القدماء على الأسانيد دون المتون، فصحة الخبر في سنده وليست في متنه، أي: في سلامة النقل وليست في صدق المنقول»[46].
وينكر صفات الأنبياء -عليهم السلام- مثل القوة والشجاعة، ويدّعي أنها من نَسْجِ الخيال، ولا يعتبر الأنبياء إلا أنهم وسائل لنقل الوحي، يقول: «لقد درجَتْ علوم السيرة على أن تقرأ الحاضر في الماضي، وتخلع على النبيّ ضروب البطولة ونسج الخيال، وأصبحت المعجزة عملًا رئيسًا بعد أن كانت جزءًا من تاريخ النبوة وأحد وسائل الإقناع السابقة، تحولت الرسالة إلى شخص وتركزت النبوة في شخص النبيّ مع أنه مجرد وسيلة لتبليغ الوحي»[47].
وينفي وجود المعجزات المؤيدة للأنبياء، والتي تشهد على صدقهم، يقول: «والقول بأنّ النبوّة تثبت بالمعجزات هو من أجلِ عدم الالتفات إلى بنية الوحي الداخلية كنظام للعلم، أو رؤية مبادئه الاجتماعية والسياسية التي تقوم على رعاية الصالح العام»[48].
ويدّعي أن كيفية نزول القرآن الكريم على النبي -صلى الله عليه وسلم- تندرج في علوم الفلسفة ولا تندرج في علم أصول الدين، مع العلم أن هذا الموضوع (نزول القرآن الكريم على النبي -صلى الله عليه وسلم-) فصّلَت فيه كتب علوم القرآن[49]، ووردت فيه أحاديث نبوية عديدة في الصحاح والسنن[50]، يقول: «والأصل الأول يأتي إخبارًا عن الأصل الثاني، وما قبل الأصل الأول، كيفية إخبار الرسول بالنصّ، يخرج عن موضوع علم أصول الفقه، وأُدخل في علوم الحكمة في نظرية النبوة، بل لا يدخل أيضًا في علم أصول الدين»[51].
ويُعلِي من شأن الفِرَق المنحرفة مثل: الشيعة والمعتزلة، ويحطُّ من شأنِ أهل السُّنة والجماعة المتَّبِعِين للقرآن الكريم والسّنة النبوية، ويدّعي أن هذه الفرق المنحرفة مُورِسَ عليها التضييق والتهميش والتشويه، ويدّعي أن حال المسلمين يكون أفضل لو أنهم ساروا على نهج المعتزلة، يقول: «وتم تدوين كلّ شيء في التاريخ والأصول والعقائد، أي: في أيديولوجيات الشعوب من وجهة نظر الغالب، وحِيكت مؤامرات الصمت والتشويه حول تراث المعارضة، فتحوّل هذا التراث إلى تراث سِرّي كما هو الحال عند الشيعة، أو تراث علني لفَّته مؤامرات الصمت حتى هُدِّد بالاندثار؛ مثل تراث الخوارج (المعارضة العلنية من الخارج)، وتراث المعتزلة (المعارضة العلنية من الداخل)»[52].
والإعلاء من شأن الفِرَق المخالفة لأهل السُّنة -وغالبية المسلمين اليوم من أهل السّنة- يناقض ما يدعو إليه من تقديم الواقع والإعلاء من شأنه؛ إِذْ كيف يشيد بمعتقدات لم تتحقّق في الواقع ولم تستمر في الوجود.
خاتمة:
بعد قراءة كثير من النصوص والأقوال لحسن حنفي، وبعد كتابة هذا المقال نخلص إلى النتائج الآتية:
1- لا يؤمن حنفي بقدسيّة القرآن وخلوده وإعجازه من ألفاظه ومعانيه، وأنه كلام الله سبحانه لفظًا ومعنى، وأنه غير مخلوق، وإنما يعتقد أن ألفاظ القرآن من الواقع الذي عاشه المسلمون زمن النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-.
2- يريد أن يثبت أن إعجاز القرآن وصدقه ليس من ذاته ومن داخله، وإنما من المسائل والبيئة المرتبطة به، من الأسانيد المتواترة التي نَقَلَت القرآن، من البيئة الاجتماعية والثقافية التي أَصْبَغَت عليه القدسية والإعجاز.
3- يريد كذلك تغيير أحكام الشريعة الإسلامية الثابتة بالسُّنة النبوية، ومخالفة المأثور عن الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم-، والانسلاخ عن أحكام الشريعة الإسلامية المستمَدة من النصوص القرآنية والسّنية قطعية الثبوت والدلالة.
4- لا يتعامل مع القرآن الكريم انطلاقًا مما في القرآن نفسه من معارف ومعلومات ومناهج وأحكام يقينية، وانطلاقًا من السّنة النبوية المبيِّنة للقرآن.
5- يقدِّم الواقع على القرآن ويجعله قاضيًا وحاكمًا عليه؛ فالواقع لديه هو الأصل والمرجع الذي يحتكم إليه، والقرآن يساير الواقع وينسجم معه كما يرى.
6- ينفي عن الشريعة الإسلامية أنها تعطي للعقل مكانة مهمّة، وتفسح له المجال للإبداع والاجتهاد في اختصاصاته وفيما خُلق من أجله.
7- يذهب إلى أنّ النصّ القرآني نصّ قابل ومستجيب لكلّ الاتجاهات الدينية والثقافية والفكرية، نصّ لا تنتهي إيحاءاته ومعطياته ولا تنفد، وبهذا يجعل من ثقافة المفسّر ومعارفه في مرتبةٍ أعلى من مرتبة النصّ القرآني.
[1] الموقع الإلكتروني: ويكيبيديا، ومنهج حسن حنفي؛ دراسة تحليلية نقدية، فهد بن محمد القرشي، منشورات مجلة البيان، الرياض، ط1، 1434هـ، ص28، 29، 32، 34. وازدواجية العقل؛ دراسة تحليلية نفسية لكتابات حسن حنفي، جورج طرابيشي، دار بترا، دمشق، ط1، 2005، ص7. والفكر التنويري عند نصر حامد أبو زيد ودوره في تجديد الخطاب الديني، حيدر عبد السادة جودة، دار مصر العربية، القاهرة، ط1، 2019، ص107.
[2] من النصّ إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النصّ، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، ط1، 2005، ص636، 637، 638. ومن النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، دار الأمير، بيروت، لبنان، ط1، 2009، من ص499 إلى ص504. ومنهج حسن حنفي؛ دراسة تحليلية نقدية، فهد القرشي، من ص43 إلى ص57. وازدواجية العقل؛ دراسة تحليلية نفسية لكتابات حسن حنفي، جورج طرابيشي، ص7. والفكر التنويري عند نصر حامد أبو زيد ودوره في تجديد الخطاب الديني، حيدر عبد السادة جودة، ص107. والموقع الإلكتروني: ويكيبيديا.
[3] منهج حسن حنفي؛ دراسة تحليلية نقدية، فهد القرشي، ص124، 125، 126.
[4] من ذلك كتاب (رسالة في اللاهوت والسياسة) لاسبينوزا، مطبوع بدار الطليعة، بيروت.
[5] الفكر التنويري عند نصر حامد أبو زيد ودوره في تجديد الخطاب الديني، حيدر عبد السادة جودة، ص107.
[6] المصدر السابق، ص108.
[7] المصدر السابق، ص111.
[8] المصدر السابق، ص111.
[9] من النصّ إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النصّ، ص99.
[10] من النقل إلى العقل؛ الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، حسن حنفي، ص203.
[11] منهج حسن حنفي؛ دراسة تحليلية نقدية، فهد القرشي، ص247.
[12] التراث والتجديد؛ موقفنا من التراث القديم، حسن حنفي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط5، 2002م، ص154.
[13] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص95.
[14] المصدر السابق، ص100.
[15] التراث والتجديد؛ موقفنا من التراث القديم، حسن حنفي، ص135.
[16] منهج حسن حنفي؛ دراسة تحليلية نقدية، فهد القرشي، ص245.
[17] دراسات فلسفية، حسن حنفي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ص20.
[18] المصدر السابق، ص20.
[19] من النص إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النص، ص106.
[20] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص94.
[21] المصدر السابق، ص104.
[22] المصدر السابق، ص104.
[23] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص23.
[24] رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، رقم الحديث 1189. (فتح الباري، ابن حجر، المكتبة السلفية، ج3، ص63)، ورواه مسلم في صحيحه، كتاب المناسك، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، رقم الحديث 1414. (صحيح مسلم، دار التأصيل، القاهرة، ط1، 2014، ج3، ص634)، ورواه النسائي في سننه، كتاب المساجد، باب ما تشد الرحال إليه من المساجد، رقم الحديث 699. (صحيح سنن النسائي، الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط1998، ج1، ص231)، ورواه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب في إتيان المدينة، رقم الحديث 2033. (صحيح سنن أبي داود، الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط1998، ج1، ص568)، ورواه ابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسُّنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس، رقم الحديث 1165. (صحيح سنن ابن ماجه، الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط1997، ج1، ص422).
[25] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص71.
[26] المصدر السابق، ص66، 67.
[27] من النصّ إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النص، ص102، 103.
[28] التراث والتجديد؛ موقفنا من التراث القديم، حسن حنفي، ص136.
[29] الكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني (ت 255هـ) الذي ينتهي في صفات الله إلى التجسيم والتشبيه، والذي دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده. (الملل والنحل، الشهرستاني (أبو الفتح محمد بن عبد الكريم ت 548هـ)، تحقيق: أمير علي مهنا، وعلي حسن فاعور. دار المعرفة، بيروت، ط5، 1996، ج1، ص124، 125. والموسوعة المفصلة في الفِرَق والأديان والملل والمذاهب والحركات، إعداد: مكتب التبيان للدراسات العربية، دار ابن الجوزي، القاهرة، ط1، 2011، ج1، ص843، 846).
[30] المشبهة: هم جماعة صرّحوا بتشبيه الله بخلقه، ووصفوا الله بصفات المخلوقين؛ كقولهم يد الله كأيديهم، والتشبيه هو التسوية بين صفات الله وصفات المخلوقين. (الملل والنحل، الشهرستاني، ج1، ص120، 121. والموسوعة المفصلة في الفرق والأديان والملل والمذاهب والحركات، ج1، ص825).
[31] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص20.
[32] المصدر السابق، ص21.
[33] المصدر السابق، ص21.
[34] من النص إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النص، ص109.
[35] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص20.
[36] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص197.
[37] المصدر السابق، ص198.
[38] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص20.
[39] المصدر السابق، ص21.
[40] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص187، 188.
[41] التراث والتجديد؛ موقفنا من التراث القديم، حسن حنفي، ص109، 110.
[42] المصدر السابق، ص124.
[43] من النقل إلى العقل، حسن حنفي، الجزء الأول: علوم القرآن من المحمول إلى الحامل، ص68.
[44] المصدر السابق، ص199.
[45] المصدر السابق، ص202.
[46] المصدر السابق، ص198، 199.
[47] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص26.
[48] المصدر السابق، ص20، 21.
[49] من ذلك: النوع السادس عشر في كيفية إنزال القرآن الكريم في كتاب الإتقان في علوم القرآن. (الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص53).
[50] من ذلك الأحاديث النبوية الواردة في كتاب بدء الوحي من صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، المكتبة السلفية، ج1، أحاديث رقم: 2، 3، 4، 5، 6، ص18، 23، 27، 29، 30).
[51] من النص إلى الواقع؛ محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه، حسن حنفي، الجزء الثاني: بنية النص، ص100.
[52] دراسات فلسفية، حسن حنفي، ص19، 20.
مواد تهمك
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (1): تعريفٍ مجملٍ باجتهاد أبي يعرب المرزوقي
- مفهوم القراءة عند الحداثيين وعلاقته بالتفسير
- نصر أبو زيد وطبيعة القول القرآني، ثانيًا: تأسيس مقولة التاريخية
- سورة الفاتحة (صيغة الاسم - الدلالة - مشتقات الكلمة في القرآن)
- سلسة التفسير الفلسفي للقرآن (2): «التفسير الفلسفي للقرآن» بين تاريخ الفكر الإسلامي وتأسيس المرزوقي
- طه عبد الرحمن؛ وإمكان تقديم قراءة حداثية للقرآن الكريم