تُراثنا المخْطوط وآفاق العِنايةِ؛ مخْطوطات القُرآن وعلومِه نموذجًا (2-2)
مقدمة:
يتواصل حوارنا مع الأستاذ/ عبد العاطي الشرقاوي (أبو يعقوب الأزهري) -أحد أشهر المهتمين بالمخطوطات بحثًا ودراسة وتحقيقًا- حول تراثنا المخطوط وآفاق العناية به، وبعد أن تناولنا في الجزء الأول من هذا الحوار، مخطوطات التراث وكيفية العناية به رقمنةً وتصويرًا، وفهرسةً وتحقيقًا، والإشكالات التي تواجه ذلك[1]، فإن حديثنا هنا -والمشتمل على محورين- سيتناول المَصاحفَ المخْطوطة، فيحاول تسليط الضوء على طبيعة هذه المخطوطات وما يمكن للباحث أن يستفيده من دراستها، وما هي أماكن تركّزها، وحال دراستها في الواقعين العربي والإسلامي من جهة والاستشراقي من جهة أخرى، كما سيلقي الضوء على «مشْروع تُراثِ الأمَّة في خِدمةِ كِتابِ الله» الذي يدعو إليه الأستاذ الشرقاوي ويقوم على رعايته في مؤسسته (عِلْم)، والهدف منه، وأهم المنجزات التي حققها، وأبرز الصعوبات والمعوقات التي يجابهها.
وفي نهاية الحوار ختم أ/ الشرقاوي حديثه مبرزًا بعضَ المعوقات الرئيسة التي تَحُولُ بين الباحث وبين الاستفادة من التراث المخطوط، وكذلك بتوجيه بعض الرسائل للمهتمين بهذا الفنّ من باحثين ومؤسسات ودور نشر.
نصّ الحوار
المحور الأول: المَصاحفُ المخْطوطة:
س1: لا شكَّ أنَّ لِلمصاحِف المخْطوطةِ خُصوصيَّةً تنفرِدُ بها جعَلَتِ اعْتناءَ النّاسِ بِها قديمًا وحديثًا يفوقُ اعتناءَهم بغيرِها، فلوْ تُطلِعونَنا في البدايةِ عَلى أبْرزِ الفُروقِ الَّتي امتازتْ بِها هذِه المَصاحفُ المخْطوطةُ عَن غيرِها مِن النُّسخِ الخطيَّة؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
نُسَخُ المَصاحِفِ تمْتازُ عَن نسخِ المخْطوطاتِ الأُخرى مِن عدَّة نواحي:
- مِن حيثُ قداسة المُحْتوى.
- الزَّخْرفة والتَّذْهيب والتَّزيين والتَّجْليد.
- الدِّقَّة في النَّسْخِ؛ فيندرُ فيها أَن يُخالِفَ النّاسِخُ في رسْمِ حرفٍ أوْ ضَبْطِه.
- شرَف الصَّنعةِ، فكِتابةُ المُصحَفِ عمَلٌ يشرُفُ بِه صاحبُه.
س2: وما هي أهمُّ الفوائدِ العِلميَّة الَّتي يمكِنُ أن يَستفيدَها النّاظرُ في هذِه المصاحِف؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
مِن خِلالِ استِقْراءِ الكَثيرِ مِن نُسَخِ المَصاحِف نَستطيعُ القول بأَنها تفيد في جوانب عديدة؛ أبرزها:
- تترْجِم للزَّمنِ الَّذي كُتبتْ فيهِ إِن لمْ يكُن عليْها تاريخُ نسخٍ، مِن خِلالِ تمْييزِ النُّسخةِ المضْبوطةِ بضبْط الدّؤليّ عَن النُّسخةِ المَزيدِ عليْها علاماتُ نَصْرِ بْن عاصِمٍ، عَن النُّسخةِ المُثبتِ عليْها حرَكاتُ الخَليلِ، فلكلٍّ زمنٌ نتعرَّفُ عليْه، لا مِن خلالِ الخطّ فحسْب بَل مِن خِلالِ هذِه الإشاراتِ المقيّدة بأزمنتِها.
- نُدرِكُ من خلالها الاختِلافَ في الأقْوالِ مِن حيثُ أسْماء السّورِ وعدّ الآياتِ الَّتي ربَّما تتَّفقُ معَ الأقْوالِ أوْ أحدِها أوْ تختلِفُ معَها جُملةً.
- نكشف من خلال النظر -على بعْضِ النُّسخِ- عَن فوائِدَ جديدةٍ مدوَّنةٍ في القِراءاتِ، أوِ الوقْفِ والابتِداءِ، أوْ غيرِها من ذاتِ البابِ، متقدّمةً على آراءِ العُلماءِ أوْ مُتأخِّرةً لمْ تُذكَر في أمَّهاتِ الكتُب.
- تطوُّر الخطوطِ، والعَديد مِن القضايا الإبْداعيَّة، خصوصًا في المصاحِف الَّتي كُتبتْ عَلى هوامشِها القِراءاتُ السَّبعُ، كمصْحف متْحَف ولترس.
س3: لا شكَّ أنَّ كتابةَ المُصحفِ مرَّتْ بأطْوارٍ مُتعدِّدةٍ عبرَ الأزْمانِ والعصور، فإذا ما أرَدْنا تقْسيمَها بهذا الاعْتِبارِ فما أبرَزُ العُصورِ الَّتي تنسبُ إليْها هذِه المصاحفُ المخْطوطةُ، وما أهمُّ السِّماتِ الَّتي امْتازتْ بِها مصاحفُ كلِّ عصرٍ عَن غيْرِه؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
مِن المُمكِنِ أَن نقسِّمَ المَصاحفَ المخْطوطةَ إلى:
- المَصاحِف العُثمانيَّة -الَّتي كُتبتْ بأمْرِ أَميرِ المُؤْمنينَ عُثمانَ بْنِ عفّانَ مِن المُصحفِ الإمامِ، وأُرسِلتْ إلى الأمْصارِ- وهِي ممَّا لا يوجَد الآنَ.
- المصاحِف المأْخوذة عَنِ المَصاحِف العُثمانيّة أوِ القريبة العهْدِ بها، والَّتي تكونُ مكْتوبةً بالخطِّ الحِجازيّ المائِل، وتكادُ تكونُ خاليةً منْ أيِّ عَلامةٍ عَلى الأحرُف كمُصحَفِ جامِع الحُسيْن بالقاهِرة، وكمُصحَف طوبقوبي سراي، وهذِه المَصاحِف تنقلُنا إلى أجْواءِ الصَّدرِ الأوَّل في القَرْنيْن الثّاني والثّالِث.
- مصاحِف عليْها علاماتُ أبي الأسْودِ الدّؤليّ بضبْطِه المعْروفِ، وبها بدأَتْ علاماتُ الخموسِ والعُشورِ، والخطّ الكوفيّ كانَ أساسًا فيها. وهيَ وإنْ كانَت كثيرةً لكنَّها معْدودةٌ.
- مصاحِف عليْها حرَكاتُ الإعْرابِ المُميّزة الَّتي اخْترَعها الخليلُ بنُ أَحمدَ الفَراهيديّ، كمُصحَف ابْنِ البوّابِ ومن بعْده إلى القُرونِ المتأخِّرة، وأكثَرُها لمْ يعُدْ يُستعملُ فيهِ الخطّ الكوفيّ، ولكِن بها إبْداعٌ في الخطّ، وتأْخذُ القَلبَ مِن جَمالِ روحِ خطِّها.
- المصاحِف الأندلُسيَّة، كُتِبَ فيها الكثيرُ منَ المصاحِف كامِلةً بماءِ الذَّهبِ، وقَد بقيَ بعضُها مفرَّقًا في مكْتباتِ برلين، وميونخ وغيرِهِما.
- هُناكَ عدَدٌ منَ المصاحِفِ رأَيتُها في خِزانة عليّ بْن يوسُف بْن تاشفين بمراكش، بها مُصْحَف يسمَّى المُصْحَف الموحّدي كُتِب بالخطّ الشَّبيهِ بِالكوفيّ، ويبْدو أنَّ هُناكَ الكثيرَ مِن المصاحِف في هذِه الفَترةِ كُتِبتْ بنفْسِ الطَّريقةِ.
- هُناكَ مَصاحِف كثيرةٌ كُتِبتْ في الفترةِ التَّيْموريَّة والصفويّة في إيران، وفيها عِنايةٌ بِالتَّذهيبِ والإبْداعِ في الحجْم.
- في الدَّولةِ العُثمانيَّة كانَت هُناكَ مُحاكاةٌ لِلكثيرِ مِن المَصاحِف السّابِقةِ، إضافةً إلى ما جُلِبَ لِلبلادِ مِن القاهِرةِ، والشّامِ وغيرِها.
- المَصاحِف الممْلوكيَّة، وهيَ قصَّةٌ مِن قَصَصِ الإتقانِ والإبْداعِ والتَّميُّزِ، وجمالِ استِعْمالِ الخطّ الرّيحانيّ، وخطّ الثُّلثِ، والخطِّ الدّيوانيّ.
س4: ما هو واقعُ فهْرسةِ هذه المَصاحِف، وهَل يُلبّي هذا الواقعُ رغَباتِ الباحثينَ في الاستِفادةِ منْها؟ فإنْ كانَ لا، فما المرْجوُّ توافُرُه؟ وما سُبُلُ تحْقيقِ هذا المرْجوِّ مِن وجهةِ نظَرِكُم؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
الفهرسةُ بشكْلٍ عامٍّ هِي خدْمةٌ للمخْطوطِ والباحثِ عَلى السَّواءِ، وهِي بالنِّسبةِ للمُصحَفِ أهمُّ؛ لعُلوِّ مَكانتِه على باقي المَنسوخاتِ، ولكنَّها في الواقِعِ تتنوَّعُ حسبَ اهتِمامِ المؤسَّسةِ الَّتي تتولَّى العِنايةَ بِالمخْطوطِ ابتِداءً منَ التَّكشيفِ عنْه.
وفهْرسةُ المَصاحِفِ عَلى وجْه الخُصوصِ مظْلومةٌ، وبِها قُصورٌ شَديدٌ، بَل أَقولُ: ليسَ بِها شيءٌ حتّى يُقال فيها قُصور مِن حيثُ الواقِع؛ لأنَّ فيها نوعًا منَ التّكْرارِ غيْر المرْغوبِ لخفاءِ الفَوائِد على المُفهرِس أو لقلَّةِ خِبرتِه في التَّعامُلِ معَ هذِه النُّسَخِ.
وممَّا لا بدَّ منْه وجوبُ الاستِفادةِ مِن جوانبِها الفنّيَّةِ والمادِّيَّة والأدبيَّة والعِلميَّة؛ لأنَّ كلَّ جانبٍ مِن هذِه الجَوانِبِ يجْدرُ بِه أَن يكونَ مُناسبةً خاصَّةً للحَديثِ عَن النُّسخةِ.
ولِتلْبيةِ هذِه الاحتِياجاتِ يجِبُ توْفيرُ المفهرِسِ صاحِب المكْنةِ في الاختِصاصِ، وإمْدادُه بِالمصادِرِ والمظانِّ اللّازِمةِ لِذلِك، ثمَّ إعْدادُ منهَجٍ سَليمٍ للسَّيرِ عليْه معَ الإيمانِ بِه، عَلى وجهٍ يَكْشِفُ عَن إبْداعِه وموْهبتِه في استِنطاقِ المخْطوطِ وبعْثِه مِن جَديدٍ، بشَرْطِ إتاحةِ الوقْتِ المُلائِمِ لذلِك كلِّه حتَّى يتحقَّقَ المطْلوبُ.
س5: نَعْلَمُ أنَّ لكُم تَواصُلًا معَ بعضِ المُستَشْرقينَ المُشتَغِلينَ بمخْطوطاتِ المَصاحِف مِن أمثالِ فرانسوا ديروش... فَفي تقْديرِكم ما سَبَبُ اشتِغالِ المُستَشْرقينَ بِمخْطوطاتِ المصاحِفِ؟ وكيفَ تَرَوْنَ اهتِمامَهم بهذِه المسْألةِ مُقارنةً بِالاشتِغالِ بها في العالَمِ العرَبيّ؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
نعَم لي علاقةٌ بِالعديدِ مِن المُستَشْرقينَ، ولقِيتُ العشَراتِ منْهُم في عَدَدٍ مِن المؤْتمراتِ وفي زِياراتي للمكْتباتِ الأوربّيّة، وغيرِها، وزارَنا بعضُهم في «مؤسَّسة عِلْم لإحْياءِ التُّراث والخِدماتِ الرّقميّة» بِالقاهِرة، ولكنّي لم ألتقِ بالدّكتور فرنسوا ديروش بعدُ، وهو رجُلٌ عاشَ عشَراتِ السَّنواتِ معَ المخْطوطاتِ، وخصوصًا مخْطوطاتِ المكْتبةِ الوطنيَّة بباريس.
وعَن سبَبِ اشتِغالِ المُستَشْرقينَ بمخْطوطاتِ المَصاحِف، فبعضُهم لِلدّراسةِ المجرَّدةِ لِظواهِر النُّسخةِ، والمُقارنةِ بينَها وبينَ غيرِها، وبعضُهم لإيجادِ مَطاعِن يطْعنُ بها في القُرآنِ، وبعضُهم محبٌّ ويدْرسُ هذا مِن نفسِه، وبعضُهم تابعٌ لجِهةٍ أوْ مؤسَّسةٍ أوْ مشْروعٍ، والجامِع بينَ ذلِك التَّخصُّصُ في الدّراساتِ الشَّرقيَّة.
وأمَّا عنِ اهتِمامِهم بهذِه المسأَلةِ مُقارنةً بالاشتِغالِ بِها في العالَمِ العربيّ؛ فالعالَم العربيّ والإسْلاميّ، على كثْرةِ مؤسَّساتِه -المهتمَّة بشُؤونِ المخْطوطاتِ بشكلٍ عامّ ونسْخ المصاحِف بشكْلٍ خاصّ- في زمَن الثورة الرقمية ما يَزالُ ضعيفًا أمامَ المطْلوبِ منْه، إذا ما قارنَّا جهْدَه بِجهودِ المُستَشْرقينَ، ولذلِك أمْثِلةٌ كثيرةٌ.
وعليْه؛ فالجُهودُ المُبارَكةُ المبْذولةُ الَّتي أدّاها الكثيرُ مِن عُلماءِ الإسْلامِ في القَرنِ العشْرينَ والَّذي قبْلَه، لمْ تَكفِ لتشْكيلِ نموذجٍ معتبرٍ يؤدِّي دورَه الرّائدَ في استِعادةِ قيادةِ الدفَّة مِن المُستَشْرقينَ، ويكْفي وضوحًا مثالُ مصاحِف صَنعاءَ الَّتي اكتُشِفتْ بعدَما انهارَ أحَدُ السّقوفِ في أحدِ أرْكانِ الجامِع الكبيرِ بِصنْعاءَ، ليخْرجَ وراءَه آلاف الصُّحُف ضارِبينَ في القِدَمِ، ولوْلا بَعْثةٌ ألمانيّة أُوفِدَتْ إلى اليمَنِ للاعتِناءِ بهذِه النُّسخِ لَكانَ مَصيرُها التَّلَف.
س6: قدَّمْنا في الجزء الأول من الحوار أنَّ لكُم بعض الرحلاتٍ في البحْثِ والتَّنقيبِ عَن خبايا هذا التُّراثِ، فإِذا ما أردْنا أَن نضَعَ خَريطةً تقْريبيَّة توضِّحُ أماكِنَ تمرْكُز كلِّ نوعٍ مِن أنواعِ هذِه المَصاحِف، فماذا يمكننا القول؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
مِن خِلالِ ما شاهدتُه فإنَّ أكْبرَ مكْتبةٍ للمصاحفِ في العالَم، هي مكْتبةُ أستان قدس رضوي بِمدينةِ مشْهد (طوس)، والَّتي تحْتوي عَلى ثمانينَ ألفَ مجلَّدٍ، بها عشْرونَ ألفَ مصْحفٍ، بها قَريبٌ مِن أرْبعمائةِ مُصحفٍ مبكّر، وحقيقةً يقفُ اللِّسانُ عاجزًا عَن وصْف نوادِر المَصاحِف الَّتي حوَتْها هذِه المكْتبة.
بعْدَ ذلِك تأْتي تُركيا، بِمكتباتِها المخْتلفة، ثمَّ مكْتبة المَصاحِف الَّتي كانَت بِالرَّوضةِ الشَّريفةِ في مَدينةِ سيِّدِنا رسولِ اللهِ -صلّى اللهُ عليْه وسلَّم-.
س7: ما هيَ أبرزُ الموْضوعاتِ الدَّائِرةِ حولَ كِتابِ اللهِ الَّتي نَراها حاضرةً بقوَّةٍ في تُراثِنا المخْطوطِ؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
أبرَزُ المَوضوعاتِ البارِزةِ في التّراثِ القُرآنيّ المَخْطوطِ هيَ حَواشي كتُب التَّفسيرِ الدّرسيَّة؛ كحَواشي البيْضاويّ والكشَّافِ وأَبي السّعودِ وغيْرِهم، ولكِن هناكَ كذلِك تفاسيرُ أخْرى في غايةِ الأهمّيَّة وبِها نكاتٌ وفَوائِد تخْلو منْها المطوَّلات، هذا بالنّسبةِ للكتُب الكبيرة.
وكذلِك يَلْحَظُ المتصفِّح لِلتّراثِ كثْرةَ الرَّسائِل الصَّغيرةِ الَّتي تتَناولُ مَسألةً، أوْ قضيَّة فرْعيَّة؛ لغويَّة، أو بيانيَّة، أو عقديَّة، بعضُها لِعلماءَ مَشاهير، وبعضُها لعلماءَ مغْمورينَ.
وحقيقةُ الأمرِ أنَّ لكُلِّ عصْرٍ ثقافتَه الغالبةَ عليْه تنعَكِسُ كذلِك عَلى المُصنَّفاتِ في التَّفسيرِ وعُلومِه، وهذا الأمرُ حريّ بِدراسةٍ لرصدِ فقْهِ التَّصنيفِ في هذا البابِ، التَّصنيف الموْضوعيّ، مَجالِس التَّفسير، وهَذا يسْتدْعي الاطِّلاعَ الواسِعَ عَلى ما صُنِّفَ وكُتِبَ في الباب.
المحور الثاني: مشْروع تُراثِ الأمَّة في خِدمةِ كِتابِ الله:
س8: المخْطوطاتُ بحرٌ لا ساحلَ لَه، فمهْما حاولَ المُتتبِّعُ لَها إحصاءً واستيعابًا فسَيفْنَى عمرُهُ دونَ أَن يبلغَ مُرادَه، وقَد علِمْنا أنَّ لكُم مشْروعًا تُحاوِلونَ مِن خِلالِه جمْعَ ما وصلَ إليْنا مِن التُّراثِ الَّذي عُني فيهِ مصنِّفوه بخِدمةِ كِتابِ اللهِ تَعالى، فلوْ تُطْلعونَنا في البِدايةِ عَلى فِكرةِ هذا المشْروعِ وجدْواها وكيفَ تكوَّنتْ لدَيْكُم؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
لا شك أنه من الطبيعيّ إذا كثرتِ المُصنَّفاتُ في بابٍ لا بدَّ مِن صنعِ كشَّافاتٍ له تُعينُ المُشتغِلَ عَلى الوصولِ إلى بُغيَتِه، أوِ استقْراءِ ما كُتِب في البابِ، ولِذا رأَتْ مُؤسَّسة «عِلْم لإحْياءِ التُّراثِ والخِدمات الرقمية» أَنَّ أَشرَفَ خِدمةٍ عَلى كلِّ الأصْعِدةِ هِي خدْمة كتابِ اللهِ سبْحانَه وتَعالى وما يوصِّلُ إليْه، فجَمعْنا عددًا كبيرًا منَ المَصاحِفِ القُرآنيَّة؛ لأنَّه لا يوجَد كشّاف (ببلوغرافيا) مفصَّلة لِلمصاحفِ في مَكْتباتِ العالَم، إلَّا ما صنعَتْ مؤسَّسةُ آل البيتِ في الأرْدن، وهُو مخْتصَر كَما يعْلمُ أهلُ الفنِّ، فَما تيسَّر تصْويرُه صوَّرْناه، وما لَم يتمَّ تصويرُه اكْتفَيْنا بِبياناتِه أوْ فهارِسِه، وكَم مِن رحلةٍ قُمْنا بِها كانَت خاصَّةً بالبحْثِ عَن نُسخِ المَصاحفِ (كتاب اللهِ المعظَّم) ورغْم أنَّ عددَ المَصاحِفِ كبيرٌ إلَّا أنَّه ضاعَ منْها الكَثيرُ.
وكذلِك الحالُ في بقيَّةِ الفنونِ في عُلومِ القُرآنِ؛ مِن تفسيرٍ بالرَّأيِ وبِالمأثورِ، وتفسيرٍ إشاريّ ولُغويّ وبَلاغيّ وقصصيّ، وغَريب القُرآن، ومَجاز القُرْآن.
وتُسَكَّنُ بياناتُ هذِه النُّسخِ عَلى القالبِ العامّ، الَّذي استقرَّ العملُ عليْه بالمؤسَّسة، وهو قالبٌ بِه خياراتٌ تاريخيَّة وعِلميَّة مُختلِفة، تساعِد عَلى اكتِشافاتٍ متعدِّدة، وتوفّر نواحي دراسيَّة تاريخيَّة وعلميَّة غيرَ مطْروقةٍ حوْل هذا الفنِّ المُبارَك. ولا زالَ العملُ جارِيًا، ونسألُ اللهَ التَّوفيقَ والسَّداد.
ومِن ثِمارِ هذا المشْروعِ المُبارَك ببَركةِ القُرآنِ:
1- معْرفةُ نسخِ كلِّ كتابٍ، ونتاجِ كلِّ مؤلّف في التَّفْسيرِ وعُلومِه.
2- معْرفةُ الحركةِ التّاريخيَّة العِلميَّة الخاصَّة بِالقُرآنِ وعُلومِه بالقُرونِ والسَّنواتِ معَ البلْدانِ في العالَمِ كلِّه.
3- معْرفة النُّسّاخِ المُهتَمّينَ بِالقُرآنِ وعُلومِه.
4- معْرفةُ العُلماءِ الَّذينَ أكْثَروا منَ النُّسخِ لكتُبِ القُرآنِ وعُلومِه.
5- معْرفةُ مكْتباتِ العُلماءِ مِن خلالِ تَملُّكاتِهم، فمَثلًا وقفْنا عَلى عددٍ مِن مكْتبةِ ابْن ناصِر الدّينِ الدِّمشْقيّ لِمكْتبتِه في القُرآنِ وعُلومِه، ككِتابِ إعْرابِ القُرآنِ للعُكبريِّ نسْخة ابْن ناصِر الدِّينِ، وهكَذا.
6- معْرفةُ الكُتُبِ الَّتي عَليْها العمَل، وكثُرتْ نُسَخُها، وقُرِئَتْ، ودُرِسَتْ.
7- معْرفة أعْلامِ المُشتَغلينَ بِسماعِ كُتُبِ التَّفسيرِ، سواءٌ كانوا مشْهورينَ أوْ غَيْرَ مشْهورينَ.
8- معْرفةُ الكتُب الَّتي انتَقَلَتْ بِالسَّماعِ، والَّتي لمْ تُسْمَعْ وليسَ لَها سنَد.
9- معْرفةُ ما بقِي مِن كتُب التَّفسيرِ وعُلومِه بخطوطِ مؤلِّفيها.
10- معْرفةُ عدَد المُصنَّفاتِ المُتبقّية في كلِّ علمٍ مِن عُلومِ القُرآنِ.
11- تشْكيل لجْنةٍ في آخِرِ المشْروعِ لاكتِشافِ المَجاهيلِ في قاعِدةِ البيانات، والَّتي ليسَ لَها مؤلّف، أو مجْهولة العنْوانِ.
إلى غيْر ذلِك مِن الفوائِد الَّتي ترْجعُ جميعُها إلى خدْمةِ كتابِ اللهِ سُبحانَه وتَعالى.
س9: في ضوءِ امتِلاكِكُم لمؤسَّسةٍ خاصَّة بكُم، ما أهمّيَّة وجود مؤسَّساتٍ للنُّهوضِ بتُراثِ الأمَّة وخِدمتِه؟ وما أَبرزُ المعوِّقاتِ أمامها؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
لا وُجودَ بِلا عمَل ونهوض:
ومَن يتهيَّبْ صُعودَ الجِبالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَرْ
فَكثيرٌ منَ الجهاتِ والمؤسَّساتِ يعملُ فيها العامِلونَ عملَ الموظَّفِ لا يحْمِلُ همَّ مشْروعٍ ولا شَيء، فهَذا مِن نماذِج السّقوط، فتَراهُ لَم يقُم بعملٍ مِنذ عشْرينَ سنةً سِوى تَواجُدِه في الجِهَةِ أوِ المُؤسَّسة، وتراهُم يَعيبونَ عَلى مَن يعْملُ، وإِذا وَجَدوا شخْصًا يعْملُ فهذا مَنبوذٌ لا بدَّ مِن أَن يُقَالَ، وهكَذا.
وعَن أبْرزِ المعوِّقات، فالمُعوِّقات متغيِّرة ومتنوِّعة، فهُناكَ معوِّقاتٌ نفسيَّة مِن حَسَدٍ وكذبٍ، وافتراءٍ وتشْويهِ سُمعة، وظُلمٍ واستِماعٍ لِمرْضى القُلوب، بِلا تثبُّت، وتكْرار كلامِهم بجهْلٍ وظلْم، وهذا ربما تجدُه في بعضِ العرَب والمُسلِمينَ، ولا حولَ ولا قوَّة إلَّا باللهِ العَظيم، وعلاجُه ألّا نلْتفتَ، وأَن يواجِهَ بعضُنا بعضًا بِالحقائِق، وأَن نتَغافَر ونتَسامَح، وما دامَ الإنسانُ يعْملُ معَ اللهِ فلْيمضِ واللهُ تبارَك وتعالى ينقّي قلوبَ مَن حولَه، ويهْديها له يومًا ما.
وهُناكَ معوِّقاتٌ بسبَبِ قَوانينِ المكْتباتِ في التَّعامُل، ومعوِّقاتٌ أُخْرى سياسيَّة،
وهناكَ معوِّقاتٌ لأنَّ هذِه المَشاريعَ في الغالِبِ تأْخُذُ وقتًا طويلًا، وتحْتاجُ إلى نفقةٍ عاليةٍ، وصبْر، واللهُ المُعينُ والهادي إلى سواءِ السَّبيل.
س10: هَل وقفْتُم خِلالَ بحْثِكُم وتَنقيبِكم عَلى مخْطوطاتٍ لكتبٍ سادَ بينَ النّاسِ أنَّها ممّا فُقِدَ في النَّكباتِ الَّتي تَوالَتْ على الأمَّةِ وتُراثِها؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
سمِع النَّاسُ قَديمًا بِفقْدانِ تفْسيرِ ابْنِ ماجَه، واكتُشِفَ مُؤخَّرًا، واشْتراها السّيّد الفاضِل الحَبيب الشَّيخ نِظام يعْقوبي، متَّعَه اللهُ بالصّحَّة والعافية، وسيَنشُرُه قَريبًا بإذْن الله.
وقَد شاعَ كذلِك أنَّ كتاب «عَدّ الآي والاختِلاف فيهِ» لوَكيع مفْقودٌ مِن مِئاتِ السِّنينَ لَم أجِدْ نقْلًا عنْه فيما وقفْتُ عليْه، ولكِن بفضْلِ اللهِ سبْحانَه اكتشفْتُه في بعضِ المكْتبات، وقَد سقطَت منْه ورقةٌ واحِدة، وقدِ انتهَيْنا مِن تحْقيقِه وسيخْرجُ قَريبًا بإذْن الله.
وقَد شاعَ كذلِك أنَّ الجزءَ الأوَّل مِن شرْحِ العلّامةِ المحدِّث مُغلْطاي عَلى البخاري، مفقودٌ غيرُ موْجود، حتَّى وقفْتُ عليْه في مكْتبةٍ خاصَّة بالهِند، ونسخْناهُ عَلى "الوورد"، وأهدَيْناه لشرِكة الكمال الَّتي تقومُ عَلى مشْروع (موْسوعة صَحيح البُخاري) المُبارَك العظيم، معَ السَّادة الفُضلاء (مؤسَّسة الرَّاجِحيّ) بالرِّياض.
وكذلِك الكثير مِن الكتُب الَّتي لَها نُسخةٌ وحيدة، ككِتاب «تقْذية ما يَقْذِي العَين مِن هفَوات كتابِ الغَريبيْن» لأَبي موسى المَديني.
وكِتاب «إعْراب المِنهاج وبيان غَريب ألْفاظِه» لسِبط ابْن العجمي.
وكِتاب «شرْح المِنهاج» لِلماردينيّ، والكِتابانِ الأَخيرانِ لمْ يذْكرْهُما أحدٌ ولَم يَسْمَعْ بهِما أحَد.
ورِواية القَلانِسي على مُسلِم.
وقَد تُكتَشَفُ نُسخةٌ ثانِيةٌ لِكتابٍ ليسَ منْه إلَّا نسْخةٌ وحيدة، أَو كتاب مشْهور ونُسَخُه معْروفة فيُوقَف عَلى نُسخةِ المُؤلّف، أوْ عَلى نُسخةٍ بخطِّ عالِم، كالتَّرْغيبِ والتَّرهيب بخطِّ المُنذِري، وغيْره الكثير.
وقدِ اكتَشَفْنا بفضْلِ اللهِ العَديدَ ممَّا شاعَ وانتَشرَ أنَّه مفْقود، ونسألُ اللهَ عُمومَ النَّفعِ والصِّدْق والقَبول.
واكتشَفْنا عددًا كبيرًا منَ الرَّسائِل، واكتشفَ غيرُنا الكثيرَ، فإنَّ الَّذي يقلِّبُ في التّراثِ المجْهولِ يجدُ منَ النَّوادِر مَا لمْ يسمعْ بِه أحَد.
س11: في هذا السياق ذاته، هلْ ظهَرتْ نُسَخٌ تُحتِّمُ إعادةَ تحْقيقِ بعضِ ما نُشرَ مِن الكتُبِ المُتناولةِ لا سيَّما في مَجالِ القُرآنِ وعُلومِه؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
ظهَر الكثيرُ منَ النُّسَخِ المُتميِّزة والنَّفيسةِ، في التَّفسيرِ وعُلومِ القُرآن، ولُغةِ القُرآنِ، والغَريب، والمَجاز...، وحقيقةً لا أحبُّ ذِكرَ أسْماءِ كتُب بِدونِ بيانٍ للسَّبَب وتفْصيل، وهذا ليسَ مَجاله، وقَد نقدْنا طبْعةَ «الوسيط» لِلواحدي، وعددٍ مِن الكتُب معَ فريقي بمُؤسَّسةِ «عِلْم»، سدَّدَ اللهُ الخُطى وتقَبَّل، آمين، وستُنشَر هذِه المَقالاتُ على موقِع تفْسير قَريبًا بإذْنِ الله[2].
أسئِلةٌ خِتاميَّة:
س12: ما أهمُّ المعوِّقاتِ الَّتي تَحُولُ بينَ الباحثينَ وبينَ الاستِفادةِ مِن هذا التُّراثِ؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
أكبَرُ مُعوِّقٍ بينَ الباحثِ وَالاستِفادةِ مِن التُّراثِ هُو ضعْف الباحِث، وقلَّة همَّتِه في المُطالعةِ ومعْرفةِ المظانِّ، ضعْف الثَّقافة التُّراثيَّة عامَّة، وهيَ مسْألةٌ عمَّتْ بها البلْوى، ولكِن نرْجو أَن يكونَ هُناكَ نهضةٌ في هذِه الفتْرةِ، بعْد ذلِك لوْ كانَ الباحِث ماهِرًا وحاذقًا، ويعْرفُ المطْبوعَ وعيوبَه، ولديْه دربةٌ لمعْرفةِ الخطَأ والخلَل، ومتابعة الجديد، والمجلّاتِ والمجامِع العِلميَّة، سيعْرفُ ما طُبِعَ ممَّا لمْ يُطبَع، وما طبِع مميّزًا، وما طبِع مشوَّهًا، وعَلَيْه نأْتي إلى المعوِّقاتِ الَّتي تُعيقُ الحاذِقَ والمُجتهِدَ، ولا يجدُ لِحلِّها سبيلًا، فمِن أهمِّها:
1- كثْرةُ الأخْطاءِ الَّتي في الفهارِس، هذا إذا توفَّرتْ.
2- كثرةُ الفهارِس، والَّتي تصِل تقْريبًا إلى 4000 مجلَّد، ومِن الصَّعبِ مُراجعةُ كلِّ هذا القدْرِ مِن الفهارِس، بَل مِن الصّعبِ اجتِماعُه في مكانٍ واحدٍ، ومعَ طولِ رِحْلتي لمْ أجِدْ مَن جمعَ كلَّ هذِه الفهارِسِ بكلِّ لُغاتِها، معَ وجودِ عددٍ لا بأسَ بِه في مؤسَّسة آل البيْت بالأرْدن حرَسَها الله، ومؤسَّسة الفُرْقان بلنْدن سلَّمهُم الله، ومرْكز جمعة الماجِد جَزاهُم اللهُ خيرًا، ومرْكز الملِك فيصل وغيْرهم، ولكنَّها قليلةٌ قَليلة، فضلًا عَن أنَّه لا يصلُ إليْها أحَد.
وقَد يسَّر اللهُ بِفضْلِه ورحْمتِه تَصْويرَ أغْلبِها مِن دولٍ مُتعدِّدة، وإدْخالَها بقاعدةِ البَياناتِ لمؤسَّسةِ «عِلْم لإحْياءِ التُّراثِ والخِدماتِ الرّقميَّة».
3- قرابة 40% منَ الفَهارِس باللُّغةِ الإنجليزيَّة والرّوسيَّة والألْمانيَّة، والفارسيَّة والتّركيَّة، وغيْرِها، وقَليلٌ مِن أصْحابِنا مِن طلَبةِ العِلمِ مَن يجدُ لَها مدْخلًا، بَل إِذا رآها لا يفْتحُها.
4- لكلِّ مصنَّفاتِ علمٍ قاعدةُ بياناتٍ تقرّبُ مؤلّفاتِ هذا العِلْمِ لِلنَّاسِ، ولِذا لا بدَّ مِن قاعِدةِ بياناتٍ شامِلة عَلى غرارِ (المرْصَد الدّوليّ لِلمعْلوماتِ القُرْآنيَّة التابع لمرْكز تفْسير)[3]، ولكِن بشكلٍ خاصٍّ بالتُّراثِ الإسْلاميّ المخْطوط، وبِالمُواصفاتِ السّابقِ ذِكرُها. وقَد رأَيتُ في إيران (15) مجلَّدًا مَطبوعًا بعنْوان فهْرس مخْطوطات القُرآن وعُلومِه.
5- مِن أهمِّ المعوِّقاتِ صعوبةُ الحُصولِ عَلى الكثيرِ مِن المخْطوطاتِ مِن روسيا، وألْمانيا، وإيران ببعْضِ المكْتبات، وغيْرِها، ممَّا يسبِّب عجْزَ الباحثِ عَن القيامِ بِما يطمحُ إليْه.
6- قَد يكونُ المخْطوطُ مُتاحًا وقَريبًا؛ كمخْطوطاتِ دار الكتُب المِصْريَّة، ولكِن نِظام الإِتاحةِ لدَيْهِم متعلِّق بِشروطٍ تعْجيزيَّة صعْبة لدى الكثيرِ مِن الباحثين، لِكثْرةِ اشْتِراطاتِهم، وتضْييقِ الطَّلباتِ بعدَدٍ معيَّن.
وأَكْتَفي بهذِه المعوِّقاتِ، ومَن يتأمَّل يقِف عَلى أكثَرَ مِن ذلِك.
س13: أَخيرًا ما هيَ أَبرزُ الرَّسائِل الَّتي يُريدُ الشَّيخ عبْد العاطي أَن يوجِّهَها لِلمُشتَغلينَ بِالتَّحقيقِ بوجهٍ عامّ، من باحثين ومؤسسات وناشرين وداعمين؟
أ/ عبد العاطي الشرقاوي:
- بالنسبة للباحثين:
1- الاهْتِمام بالنُّسخِ الخطّيَّة، واستِقْرائِها واختِيارِ أفضَلِها.
2- إعْطاء النُّسخةِ حقَّها في الوصْف، والتأنِّي في ذلِك.
3- أن يحقِّق فيما يؤْذَن لَه فيهِ.
4- عدَم إزْحامِ الحَواشي إلَّا لِلضَّروراتِ، والاهتِمام بِمقابلةِ النَّصِّ، وضبْطِه.
- بالنسبة لِلمؤسَّساتِ في العالَم العربيّ والإسْلاميّ مِن أصْحابِ الاهتِمامِ بِالمَخْطوطاتِ:
1- لَو أنجزَ المُسلِمُ مشْروعًا واحدًا نافِعًا في حَياتِه لَكَفاه.
2- الإتْقان لا حدَّ لَه.
3-أَنصحُ بتبنِّي المَشاريعِ الَّتي تنفَعُ العالَمَ كلَّه وتَستمرُّ لِوقتٍ طَويل.
4- ترْك المَشاريعِ التَّقْليديَّة.
- بالنسبة لِدورِ النَّشْر:
1- أَنصحُ نفْسي ودورَ النَّشرِ بِالاهتِمامِ بِالنُّصوصِ المُحقَّقةِ عَلى نُسخٍ خطّيَّة نَفيسة.
2- أَنصحُ دورَ النَّشرِ الَّتي تَطْبعُ وليسَ لدَيْها مكتبٌ عِلْمي، أَن يَكونَ لَها مُستَشارٌ علْمي.
- وبالنسبة لِرؤوسِ الأمْوالِ والدّاعِمينَ:
1- أنصحُ أَصْحابَ الأمْوالِ أَن يَستَثْمِروا في المَشاريعِ العَظيمةِ والكُبرى، والَّتي تَستمرُّ لعَشراتِ السَّنوات، ويكْتب اللهُ بها النَّفعَ لفتَراتٍ طَويلة، كطِباعةِ الكتُب الكبيرةِ الَّتي يعْجزُ عَن شِرائِها ضِعافُ طلَبةِ العِلْم.
2- أَو يدْعَموا الكِتابَ بمبْلغٍ ويُباع بسعْرِ التَّكلِفة.
3- أَن يكونَ لدَيْهِم جِهة مُنصِفة مشكَّلة مِن أصْحابِ مشارِب مُختَلِفة، لِيَختاروا النّافِع لِلعُلماءِ في أرْجاءِ العالَم.
4- أَنصحُهم بالاهتِمامِ بِالبرْمجةِ والمَشاريعِ الَّتي تكونُ مُتاحةً عَلى الشَّبكةِ يَنتفِعُ منْها العالَمُ كلُّه.
[1] رابط الجزء الأول من الحوار: tafsir.net/interview/12 .
[2] وقد نُشِرَ منها مقال «طبعة دار الكتب العلمية لتفسير الوسيط للواحدي؛ قراءة نقدية» على هذا الرابط: tafsir.net/article/5126 .
[3] هذه قاعدة كبيرة للأوعية والبيانات الخاصة بالنتاج في باب الدراسات القرآنية، وستظهر قريبًا جدًّا على الشبكة العنكبويتة ليفيد منها الباحثون.