تفسير لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن لأبي الفضائل المعيني (ت: 584هـ)
تصحيح نسبته وبيان بعض ملامحه

يُعَدُّ تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) للمعيني (ت: 584هـ) من التفاسير التي حُقِّقَت مؤخَّرًا، وتحاجج هذه المقالة عن وجود خطأ في نسبته لمؤلفه، ومن ثم تعمل على تصحيح هذا الخطأ، وكذلك تعتني بتسليط الضوء على طرفٍ من الملامح المنهجية لهذا التفسير.

المقدمة:

  الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد:

فإنّ علمَ التفسير علمٌ جليل القَدْر، عظيم المنزلة؛ لتعلّقه بكلام الله جلَّ وعلا، وبه يُفهم كتاب الله المبين، وقد قيّض اللهُ تعالى لخدمة كتابه العظيم وتفسيره وبيانه للناس رجالًا أوفياء على مرِّ العصور والأزمان؛ بارك الله لهم في الأعمار، ورفع لهم ذِكْرهم في الديار، فكثُرت التفاسير والمصنَّفات التي تغوص في بحار القرآن الكريم وعلومه.

ومِن هذه التفاسير القيِّمة: التفسير الموسوم بـ(لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) لأبي الفضائل محمد بن حسين بن عليّ المعيلفي المعيني، المتوفّى سنة 584هـ، وهو من التفاسير القيِّمة، كان إلى عهد قريب بين أضابير المخطوطات، ثم يَسَّر اللهُ تحقيقه وطباعته، وقد وقع المحقّقون لهذا التفسير -كما سيأتي- في خطأ في نِسبة التفسير إلى مؤلِّفه، كما أنَّ هذا التفسير يحتاج إلى التعريف به.

وتأتي هذه المقالة لتصحّح الخطأ الواقع في نسبة التفسير، مع تسليط الضوء على طرفٍ من ملامحه المنهجية، وستنتظم المقالة في قِسْمَيْن؛ القسم الأول: للتعريف الموجز بمؤلِّف التفسير وتصحيح الخطأ الذي وقع فيه المحقّقون في نِسبته. والقسم الثاني: لبيان طرفٍ من الملامح المنهجية لهذا التفسير، وذلك بعد تمهيد لبيان النُّسَخ الخطّية لهذا التفسير، وتحقيقاته العلمية.

التمهيد:

أولًا: بيان النُّسَخ الخطّية للتفسير:

 من خلال الاستقراء لفهارس مكتبات المخطوطات العالمية وقفتُ على عشر نُسَخ خطّية لتفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن)، وفيما يأتي بيانها:  

النسخة الأُولى:

توجد في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (198)، نُسِخَت سنة 729هـ، وأوراقها (272) ورقة.

النسخة الثانية:

توجد أيضًا في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم (ب1895)، نُسِخَت سنة 1355هـ، وتقع في (703) صفحة.

النسخة الثالثة:

 توجد في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، تحت رقم (85832)، نُسِخَت سنة 676هـ، وناسخها: يعقوب بن إلياس الرومي، وهي مبتورة الأوّل.  

النسخة الرابعة:

 توجد في مكتبة (داماد باشا)، في تركيا، تحت رقم (147)، وقد نُسِخَت يوم الجمعة غرة جمادى الأُولى سنة 729هـ، وناسخها: يحيى بن محمد بن الحسين الحسني، وأوراقها (193) ورقة. 

النسخة الخامسة:

توجد في المتحف البريطاني، تحت رقم (9058OR)، وقد نُسِخَت في القرن السابع الهجري، وأوراقها (231) ورقة، والنسخة مبتور أوّلها وآخرها.

النسخة السادسة:

توجد في مكتبة المؤلّفات القديمة في بورصة، بتركيا، في قسم خراجي أوغلي، برقم (53)، وقد نُسِخَت في أواخر شعبان سنة 584هـ، وناسخها: أبو المكارم عبد الكريم بن عثمان بن بندار بن عمر الكرجي، وأوراقها (290) ورقة.

النسخة السابعة:

توجد في مكتبة الأوقاف بالموصل (الجليلي)، في العراق، تحت رقم [32/ 3]، 126 (77)، نُسِخت سنة 850هـ، أوراقها (137) ورقة.

النسخة الثامنة:

توجد في مكتبة (كتبخانة آية الله مرعشي)، تحت رقم (1100)، نُسِخَت في 10 جمادى الآخرة سنة 869هـ، وناسخها: عبد الرزاق بن إبراهيم الشافعي، وأوراقها (182) ورقة.

النسخة التاسعة:

محفوظة بالكتبخانة الخديوية، نسخة في مجلد، بقلم عادي، نُسِخَت يوم الأربعاء الثالث من ذي الحجة سنة 729هـ، أوراقها (272) ورقة.

النسخة العاشرة:

توجد في مكتبة (حسين جلبي) في تركيا، تحت رقم (53)، نُسِخَت سنة 729هـ، وأوراقها (350) ورقة.

ثانيًا: تحقيقات تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن):

لقد حُقِّقَ هذا التفسير مرّتين:

التحقيق الأول: في جامعة الأزهر، في كلية أصول الدين بالقاهرة، حيث حُقِّقَ في رسالتين علميّتين:

الأُولى: رسالة دكتوراه للباحث: مخلص محمد حنفي، وكانت من أوّل الكتاب إلى آخر سورة القصص، ونُوقشت سنة 1426هـ= 2005م.

الثانية: رسالة ماجستير للباحث سيف البحر مرحبان رشدي، من أول سورة العنكبوت إلى آخره، ونُوقشت سنة 1427هـ= 2006م.

التحقيق الثاني: للدكتور/ سفر حسنوف، حيث حقّق الكتاب كاملًا، وطبعه مركز البحوث الإسلامية بإستانبول، في دار ابن حزم، في مجلدين، كانت الطبعة الأولى منه سنة 1435هـ= 2014م.

القسم الأول: التعريف الموجز بالمؤلِّف وتصحيح نِسبة التفسير إليه:

أولًا: التعريف الموجز بمؤلِّف التفسير:

إنَّ مَن يتتبّع سيرة مؤلِّف تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) في المصادر والمراجع، يجد أنَّها قد ضنَّت في ترجمتها لهذا العالِم، وأنَّ المعلومات التي تناولتها كانت شحيحة جدًّا، ولم تذكر سوى اسمه واسم تفسيره، وأغفلت الكثير من المعلومات المتعلّقة به؛ كولادته، ووفاته، ونشأته، وشيوخه، وتلامذته، وحياته الشخصية، والعلمية، ولكنَّ هذا لا يقلّل من مكانة هذا العالِم وفضله، وعلوّ كعبه، ومنزلته، ودوره في نشر الوعي والثقافة الإسلامية، فالتاريخ الإسلامي مليء بالحالات المشابهة لحالة هذا العالِم الجليل من حيث شحّة المصادر.

ومما يستفاد من المصادر التي ذكرته أنَّ اسمه:

 محمد بن الحسين بن عليّ المعيلفي، المعيني، الخولاني، أبو الفضائل، الشافعي، اليمني[1].

وفي لقبه الـمَعيني: قال إسماعيل البغدادي (ت: 1399هـ): «المعيني، بفتح الميم؛ حصن باليمن»[2].

ويقال: الـمُعيني، بضمّ الميم، نسبة إلى جدِّ قبيلة كبيرة من خولان بن عمرو القضاعية، الحميرية، القحطانية، يعرفون بـ(بني مُعِين) بضمّ الميم، وخفض العين المهملة، وسكون الياء المثناة، ثم نون[3].

ولا يُـنسَب إلى المعيني غيرهم، وقد ذَكَرَت كتب التراجم عدّة أعلام من بني مُعِين، منهم:

1. مدافع بن أحمد بن محمد المعيني[4].

2. أبو بكر بن مدافع بن عمر المعيني[5].

3. عمر بن مدافع بن أحمد بن محمد المعيني[6].

ولا تزال ذريتهم إلى اليوم موجودة في مناطق متفرّقة في اليمن.

ويكتنف الغموض سنة ولادة العلّامة محمد بن الحسين المعيني، فلم تذكر المصادر شيئًا عن تاريخ ولادته، إلَّا أنها أشارت إلى تاريخ وفاته، قال البغدادي: «تُوفي في حدود سنة 584هـ أربع وثمانين وخمسمائة»[7].

وذكَرَ تاريخ وفاته كذلك كحَّالة في معجم المؤلِّفين[8]، والحبشي في مصادر الفكر[9]، وقَبلهم حاجي خليفة في كشف الظنون[10]، وبناء على ذلك يكون عصر المؤلّف هو القرن السادس الهجري.

وإذا افترضنا أنَّ المؤلِّف عاش ستين أو سبعين سنة، فإنَّه بإمكاننا القول أنَّ ولادته كانت في أوائل القرن السادس الهجري، والله أعلم.

وتشير المعلومات الضئيلة التي ذكَرَتْها المصادر عن المعيني، إلى أنَّه عالم من علماء اليمن، درس على جماعة من العلماء، فبرز في علم التفسير[11].

ويكفينا في ذكر المكانة العلمية للمعيني تفسيره الذي نتحدّث عنه، فقد جلَّى لنا الكتاب عن سعة علم المؤلّف، وأنّه بحر زاخر في شتى أنواع العلوم والفنون، وقد ألّف المعيني كتابَين في التفسير، وهما:

1. لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن. وهو التفسير الذي نتحدّث عنه.

2. البصائر من التفسير.

وقد أشار المؤلّف إلى كتابه هذا في تفسيره لوامع البرهان، عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 31]، وهو يتحدّث عن العلم وأنواعه، فقال: «وله شرح سنشرحه في كتاب البصائر من التفسير إن شاء الله»[12]. ولم أقف على نسخة خطّية لهذا الكتاب فيما بين يدي من المصادر والفهارس العلمية.

 ثانيًا: تصحيح نسبة التفسير إلى مؤلِّفه:

قام المحقّقون لتفسير (لوامع البرهان وقواطع البيانفي معاني القرآن) -والذين ذُكِرُوا سابقًا- بنسبة هذا التفسير إلى: أبي الفضائل محمد بن الحسن بن أبي عليّ بن عبد الرحمن بن النِّيلَوَيه، المُعيني، الرِّيوَنْدي، الفجكشي، الأديب، الضرير. وذكروا أنَّ ولادته في قرية فَجْكَشَ برّبْعِ ريوند من أرباع نواحي نيسابور، نقلًا عن التحبير للسمعاني، ومعجم البلدان للحموي، ونكت الهميان للصفدي[13].

وقال المحقّق د. سفر حسنوف في نسبة المؤلِّف إلى (المعيني): «أمَّا نِسبته إلى المعين، فلعلّها إلى المُعِين بضم الميم، حيث تكون نسبة إلى عائلة أو طريقة، أو اسم الله (المعين)».

وأكّد أنَّ المؤلّف فارسي الأصل، واستَبْعَد أن تكون له علاقة باليمن، واستدلّ على كونه فارسيًّا بوجود كتابه (بصائر النظائر في القرآن) باللغة الفارسية، وذكر أنَّ هذا الكتاب موجود في مكتبة بايزيد بإستانبول[14].

والناظر في الأمر يجد أنّ المحقّقين قد أخطؤوا فيما ذكروه من نسبةٍ لهذا التفسير، والصواب أن مؤلِّف هذا التفسير هو العلّامة أبو الفضائل محمد بن حسين المعيلفي، المعيني، اليمني، المتوفّى سنة (584هـ)، وفيما يأتي الأدلة على ذلك:

أولًا: ذَكَرَ اسمَ التفسير واسمَ المؤلِّف المؤرخُ إسماعيل البغدادي (ت: 1399هـ) في كتابه (هدية العارفين)، وأكّد نِسبته إلى اليمن، فقال: «المعيني أبو الفضائل محمد بن الحسين بن عليّ المعيني (بفتح الميم: حصن باليمن)، وأيضًا المعيلفي، تُوفي في حدود سنة (584) أربع وثمانين وخمسمائة، صَنَّف (لوامع البرهان وقواطع البيان في تفسير القرآن)»[15].

ويريد البغدادي حصن ومدينة مَعِين الأثرية المشهورة في أعلى وادي الجوف من الجهة الشمالية الغربية، تبعد عن مدينة الحزم بمسافة 18 كيلًا، وهي العاصمة الثانية للدولة المعينية التي ازدهرت في القرن الثالث قبل الميلاد، وبها سُمِّيت[16].

وجدير بالنَّظَر أنه يُقال -كما ذكرنا سابقًا-: الـمُعيني، بضمّ الميم، نسبة إلى جدِّ قبيلة كبيرة من خولان بن عمرو القضاعية، الحميرية، القحطانية، يعرفون بـ(بني مُعين) بضمّ الميم، ولا يُـنسَب إلى المعيني غيرهم[17].

ثانيًا: ذَكَرَ اسم المؤلِّف واسم تفسيره المحقّق عبد الله الحبشي في كتابه (مصادر الفكر الإسلامي في اليمن)، وذكر أنَّه من علماء اليمن، حيث قال: «أبو الفضائل محمد بن الحسين، المعيني، المعيلفي، من علماء اليمن، توفي سنة 584هـ»[18]، وذكر أنَّ من مؤلّفاته (لوامع البرهان وقواطع البيان في تفسير القرآن).

ثالثًا: إنَّ اسم المؤلِّف المثبت في فهارس المخطوطات، وفي طُرَرِ النُّسَخ الخطية للتفسير -التي أُثْبِتَ عليها اسم المؤلِّف- هو: (محمد بن الحسين بن عليّ)[19]، وهو اسم المؤلِّف الصحيح الذي ذكرناه، بينما اسم المؤلِّف الذي أثبته المحقّقون للتفسير، وهو المثبت في مصادرهم هو: (محمد بن الحسن بن أبي عليّ)[20].

رابعًا: أنَّه لم يرِد في طُرَرِ النُّسَخ الخطية للتفسير -التي أُثْبِتَ عليها اسم المؤلِّف- أيّ لقب من الألقاب التي ذكرها المحقّقون في ذِكرهم اسم المؤلِّف الفارسي، وهي: (النِّيلَوَيه، الرِّيوَنْدي، الفجكشي)، بل وردت ألقاب المؤلّف اليمني، وهي: (المعيني، المعيلفي)[21].

خامسًا: جميع المصادر التي ترجمت للعَلَم الفارسي الذي نَسَبَ المحقّقون إليه التفسير لم تذكر أنَّه كان مفسِّرًا، ولم تذكر له مؤلَّفات مطلقًا[22]، وهذا مما يؤكّد أنَّ هذا التفسير ليس له.

سادسًا: جميع المصادر التي ترجمت للعَلَم الفارسي الذي نَسَبَ المحقّقون إليه التفسير ذَكَرَت أنَّه كان ضريرًا[23]، ومَن يطلع على تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان) لا يجد أيَّ دليلٍ يُثْبِت كون المؤلِّف ضريرًا، بل إنَّ كثرة المصادر فيه تدلّ على أنَّ المؤلِّف لم يكن ضريرًا.

سابعًا: أنَّ استدلال د. حسنوف على كون المؤلِّف فارسيَّ الأصل بوجود كتابه (بصائر النظائر في القرآن) باللغة الفارسية، لا يصح؛ فإنَّ تلك النسخة من كتاب البصائر التي ذكرها وذكر مكانها ورقمها هي لظهير الدين محمد بن محمود النيسابوري (ت: 599هـ)، واسم الكتاب (البصائر في التفسير)، وذلك هو المثبت في فهرس المكتبة التي ذكرها وبنفس الرقم[24]، وقد ذَكَرَ هذا الكتابَ ونسَبه لظهير الدين النيسابوري كلٌّ من حاجي خليفة، والبغدادي، وكَحَّالة[25].

من خلال الأدلة السابقة نكون أمام عِلْمٍ ضروري بأنّ مؤلِّف تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) هو العلّامة أبو الفضائل محمد بن حسين بن عليّ المعيلفي، المعيني، اليمني، المتوفى سنة (584هـ).

القسم الثاني: بعض ملامح تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن):

أولًا: الاعتماد على القرآن الكريم في الوصول إلى معاني الآيات:

اعتمد المعيني في تفسيره على القرآن الكريم في الوصول إلى معاني الآيات ومدلولاتها، ومِن طرقه في ذلك: أن يستشهد بمعنى كلمة قرآنية على معنى نفس الكلمة القرآنية في موضع آخر، من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [النحل: 2]، يقول المعيني: «والروح: الوحي بالنبوّة، كقوله: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [غافر: 15]»[26].

وفي قوله تعالى: ﴿يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ [الأنعام: 60]، يقول المعيني: «يقبضكم عن التصرّف، أو يحصيكم بالليل، مِن: توَفَّى العدد، ومنه أيضًا: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61]، أي: الحفَظة، ومنه: ﴿يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ [السجدة: 11]، أي: يستوفيكم»[27].

وقد يستشهد بمعنى كلمة قرآنية على معنى كلمة قرآنية أخرى، من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: 16]، يقول المعيني: «مِن الملائكة، أو مَن في السماء عرشه، أو سُلطانه، أو كبرياؤه، أو (في) بمعنى فوق، كقوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [التوبة: 2]، فيكون المراد العلوّ والظهور»[28]، فبعد أنْ ذكر المعيني وجوهًا عدَّة لمعنى ﴿مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ أتى بشاهد قرآني لإثبات وتقرير المعنى الأخير الذي أراده وهو أن تكون (في)بمعنى الفوقية.

وفي قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: 5]، يقول المعيني: «وقيل: بالصيحة العظيمة، كقوله: ﴿طَغَى الْمَاءُ﴾ [الحاقة: 10]: عَظُمَ ارتفاعُه وجاوَزَ حدَّهُ»[29]. فالشاهد بين الآيتين هنا (طَغَى)، أي: (الشيء العظيم).

ويستشهد المعيني أحيانًا بآية قرآنية لبيان معنى آية قرآنية مختلفة، من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 11]، يقول المعيني: «فؤاده يعني العِلم؛ لأنّ محمل الوحي: القلب، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾ [البقرة: 97]»[30].

وفي قوله تعالى: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ [الصافات: 93]، قال: «بالقوة، أو باليمين الذي هو خلاف الشمال، أو بالحَلِف التي يأتي بها في قوله: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ [الأنبياء: 57]»[31].

ويستعين بالآيات المماثلة والنظيرة لدفعِ وَهْمِ ظاهر التعارض، فيجمع بين تلك الآيات رادًّا شبهة التعارض، من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: 29]، يقول المعيني: «ولا يصح معنى (فَسَوَّاهُنَّ) عند مَن حملَ على الخلقِ، ولا يناقض الآية قوله: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: 30]؛ لأنّ (بعد) ههنا (مع)، وقيل: الدُّحُو البسط، فإنما دحاها بعد أن خلقها وبنى عليها السماء»[32].

ويقول في سورة الحجر: «والجمع بين قوله: ﴿لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: 92]، وبين قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن: 39]، أنه لا يُسأل: هل أذنبتم؟ للعلم به، ولكن: لِـمَ أذنبتم؟ أو المواقف مختلفة يُسأل في بعضها أو بعض اليوم»[33].

ثانيًا: الاعتماد على الحديث والأثر في تفسير الآيات القرآنية:

اعتمد المعيني في تفسيره على الحديث والأثر في تفسير القرآن، ويلاحظ كثرة ورود الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، وأغلب الأحاديث التي يُوردها من غريب الحديث، حيث يربط بين اللفظة القرآنية الغريبة ويفسّرها بما ورد في الحديث لبيان وتفسير تلك اللفظة، ومن أمثلة ذلك: عند تفسيره معنى (يَعزُب)[34] من قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [يونس: 61]، يقول المعيني: «وفي الحديث: (مَن قرأ القرآن أربعين ليلة فقد أعزَبَ)[35] أي: بَعُدَ عهده بما ابتدأ به»[36].

وفي قوله تعالى: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: 67]، يقول المعيني: «وفي الحديث: (إذا طُفتُم بالبيتِ فلا تَغلُوا ولا تَهجُروا)[37]»[38]، فالرابط بين الآية والحديث هو لفظة (الإِهجار) وهو الإفحاش والتخليط والهذي في الكلام[39].

وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: 36]، أوضح المعيني معنى القانع بالذي ينتظر الهديّة، والمعترّ مَن يأتي سائلًا[40]. ثم قال: «وفي الحديث: (لا تجوز شهادة القانع مع أهل البيت لهم)[41]، وهو التابع والخادم»[42].

كما أنه يستعين بما وردَ عن رسول الله -صلى‌ الله ‌عليه ‌وسلم- في تفسير بعض الآيات والكلمات القرآنية، ومن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ [العاديات: 6]، يقول المعيني: «وفي الحديث: (الكَنُودُ: الكَفُورُ الذي يَأكُلُ وحدَهُ، ويَضرِبُ عَبْدَهُ، وَيَمْـنَعُ رِفْدَهُ)[43]»[44].

ومنه في تفسير لفظة (عُتُلٍّ) من قوله تعالى: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: 13]، يقول المعيني: «وسئل عنه -صلى الله عليه وسلم- فقال: (الشديدُ الخَلْقِ، الرحِيب الجَوْف، الأَكُول، الشَّرُوب، الظَّـلُوم للناس)[45]»[46].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10]، يقول المعيني: «وفي الحديث: (إنهما طريقا الخير والشر)[47]»[48].

ثالثًا: الاعتماد على أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم:

اعتمد أبو الفضائل المعيني -أيضًا- على أقوال الصحابة والتابعين بذِكْر أقوالهم في التفسير، وأسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وأوجه القراءات المأثورة عنهم.

 وأبرز الصحابة الذين نقل عنهم في تفسيره: ابن عباس، وابن مسعود، وعليّ بن أبي طالب، وابن عمر، رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وأبرز التابعين الذين نقل عنهم: الحسن البصري، ومجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، وغيرهم.

فمن أمثلة استدلالاته بأقوال الصحابة المفسِّرين:

في تفسير قوله تعالى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: 9]، يقول المعيني: «وعن ابن عباس[49] رضي الله عنه: القوس: الذارع بلغة أزد شنوءة»[50].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: 1]، قال المعيني: «والإسراء في رواية أكثر الصحابة، كان بنفسه ووجد في الانتباه[51]، وفي رواية عائشة ومعاوية: بروحه حال النوم»[52].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: 3]، يقول المعيني: «وعن عائشة رضي الله عنها: إنها اليتيمة في حِجر وَليِّها، فيرغب لجمالها ومالها ويريد أن يتزوج بأدنى مهرٍ من سُنَّة نسائها، فَنُهوا عن نكاحهنّ إلا أن يُقسِطوا إليهنّ في إكمال الصداق[53]»[54].

ومن أمثلة استشهاده بأقوال التابعين:

عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ [الطور: 6]، يقول المعيني: «ولفظ مجاهد: المسجور: الـمُوقَد نارًا»[55].وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: 7]، يقول المعيني: «وعن عكرمة: الماعون: زكاة مالك؛ وأدناه المنخل، والإبرة، والفأس، والمعول تُعِيره»[56].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: 29]، يقول المعيني: «وقال سويد بن جبلة -وكان من التابعين-: يعتق رقابًا، ويفحم عقابًا، ويعطي رغابًا»[57].

وعند تفسيره قوله تعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا﴾ [الفجر: 19]، يقول المعيني: «قال الحسن: ﴿أَكْلًا لَمًّا﴾؛ أن يأكل نصيبه ونصيب خادمه أو صاحبه»[58].

رابعًا: الاعتناء بذِكْر أوجه القراءات القرآنية:

 اعتنى المعيني في تفسيره بذِكْر أوجه القراءات القرآنية، واهتمامه بهذا الجانب ظاهر في كتابه، فهو يُعنى بذِكْر القراءات المختلفة وتوجيهها وتبيين الاختلاف في المعاني باختلاف القراءة.

وغالب القراءات التي يوردها سَبْعية، ونادرًا يُورد القراءات العَشْرية، وكان اهتمامه بالقراءات على وجهين:  

الوجه الأول: الأصول: وهو ما لا تعلُّق له بالتفسير ويتعلَّق باختلاف القرّاء بأمرين:

الأمر الأول: أوجه النطق بالحروف، كمقادير المدّ، والإمالة، والجهر، والهمس، والغنة، والإخفاء، والإدغام، وغير ذلك.

من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: 72]، قال المعيني: «وهو تدارأتم، ثم أُدغِمَت التاء في الدال وجُلِبَت لسكونها ألِفُ الوصل وكتب في المصحف (فادّرأتم) بغير ألِفٍ اختصارًا، كما في (الرحمن) لكثرة الاستعمال»[59].

الأمر الثاني: اختلاف الحركات التي لا تؤدِّي إلى اختلافٍ في المعنى.

مثال ذلك في قوله تعالى: ﴿إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال: 42]، قال المعيني: «والعدوَة: بضمّ العين[60]، وفتحها[61]، وكسرها[62]: شفير الوادي»[63].

الوجه الثاني: فرش الحروف، وهذا الوجه له تعلُّق بالتفسير؛ لأن َّاختلاف القراءة في حروف الكلمات وحركاتها يؤدِّي إلى اختلاف المعنى، ومن أمثلة ذلك في تفسير المعيني ما يأتي:

في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ [ص: 15]، في (فَوَاق) قال المعيني: «بالفتح والضم[64]؛ فالأول: مقدار وقت الراحة. والثاني: نفي الإفاقة عن الغشية»[65].

وفي قوله تعالى: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: 11]، أورد المعيني في (نخرة) وجهين للقراءة: الأُولى مثبتة في المصحف، والثانية (ناخرة) بألف زائدة. ويختلف المعنى باختلاف القراءة فيقول المعيني: «(نخرة)[66] بالية متآكلة، و(ناخرة)[67] صيِّـتةٌ صافرة، كأنّ الريح تنخر فيها نخيرًا»[68].

وفي قوله تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ [آل عمران: 37]، ذكر المعيني في (كَفَلَها) قراءتين؛ بالتخفيف والتثقيل[69]، وقال: «﴿وكَفَلَهَا﴾ قَبِلَها وقامَ بأمرها، وبالتثقيل: والله أمره بتكفُّلِها»[70].

وفي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنفال: 72]، قال المعيني: «الولاية بالفتح[71] في النسبة والنصرة، وبالكسر[72] في الإمارة»[73].

وقد ردّ المعيني على الرواية المنسوبة إلى عثمان بشأن خط المصحف، وذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ [طه: 63]، حيث قال: «قال أبو عمرو: إني لأستحي أنْ أقرأ: ﴿إنَّ هَذان﴾. والقرآن أفصح اللغات! وأمّا خط المصحف فرَوَى عيسى بن عمر أنّ عثمان قال: (أرى فيها لحنًا ستقيمه العرب بألسنتها)، ومثل هذا لا يجوز أن يُروى عن عثمان؛ فإنَّ كتاب الله لم يكن في مضيعة حتى تقيمه العرب بألسنتها، وكيف يجوز هذا؟! وهم فصحاء العرب ونجباء الصحابة وقرّاؤها ولم يعرفوا أخطاءها؟! هذا قولُ جاهلٍ لا يعرِف ما يَروِي، ولا التفات إلى الرواية، بل الرعاة الذين عن الله عقلوا وعن تحبيره فهموا، فإنهم قَبِلوا على بيّنة مِن ربهم. وقرأ ابن كثير: ﴿إنْ هذان﴾، وهي ضعيفة في نفسها خفيفة من المثقلة، فلم تعمل فيما بعدها فارتفع ما بعدها على الابتداء والخبر، ودخل اللام على الخبر فرقًا بينها وبين إنْ النافية، أو هي بمعنى (ما) نافية واللامُ خبر بمعنى (إلَّا)، أي: ما هذان إلّا ساحران، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [الشعراء: 186]»[74].

أمّا القراءات الشاذة فلم ترِد في تفسير المعيني إلا نادرًا، وفي الغالب لا يعزو المؤلِّف القراءة إلى أصحابها، وأحيانًا يفعل ذلك.

كما أنه ينقل عن أئمة القراءات واللغة في توثيق النصوص التي يوردها في توجيه القراءة مثل أبي عمرو بن العلاء، وسيبويه، والزجّاج، وأبي عليّ الفارسي، وغيرهم.

● خامسًا: الاهتمام بذِكْر أسباب النزول:

اهتم المعيني في تفسيره بذكر أسباب النزول، وهو في ذلك -غالبًا- يعتمد على الصحيح الوارد في هذا الشأن، ولا يذكر تفاصيل أسباب النزول، بل يكتفي بالإشارة إليها بإيجاز، ويورد أحيانًا أكثر من رواية في سبب النزول، ويصرّح غالبًا بذكر أسماء مَن نزلت فيهم الآية.

ومن الأمثلة على ذلك: في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، يقول المعيني في سبب نزولها: «نزلت في العرنيين، وكانوا ارتدُّوا وساقوا إبل الصدقة[75]»[76].

وفي قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: 1]، قال المعيني: «في خولة بنت ثعلبة بن خويلد، قال لها زوجها أوس بن الصامت: أنتِ عليَّ كظهر أُمّي[77]»[78].

وفي قوله تعالى: ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [الممتحنة: 10]، يقول المعيني: «حين جاءت سُبَيْعَةُ الأسلميّةُ مسلمةً بعد صلح الحديبية، فجاء زوجُها مسافرًا في طلبها، فقال: يا محمد قد شَرَطْتَ لنا ردَّ النساء، وطِينُ الكتابِ لم يجفّ بعدُ»[79].

وفي قوله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: 113]، يقول المعيني في سبب نزول هذه الآية: «حين أسلم عبدُ الله بن سلام وجماعةٌ، قالوا: لم يُسلِم إلا أشرارنا[80]»[81].

● سادسًا: الاعتناء بذِكْر المسائل الفقهية:

اعتنى المعيني في تفسيره بذِكْر المسائل الفقهية، فقد تعرّض لآيات الأحكام ذاكرًا أقوال الفقهاء في ذلك، إلا أنَّه لم يَخُض في مسائل الفقه كثيرًا، ونأَى عن التعمّق في ذِكْر الخلافات الفقهية، واختصر في مسائل الخلاف ولم يتوسّع، وأكثر ما أورده هو قول الشافعية، ويذكره باسم «مذهبنا»، ومع ذلك فإنَّه متحرّر من المذهب، وذلك أنَّه أحيانًا يقرّر مذهب الجمهور، وأحيانًا أخرى يقرّر مذهب الحنابلة، أو غيره.

ومن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: 225]: نجد المعيني يذهب مذهب الحنابلة في اليمين اللغو، وأنها نوعان؛ الأول: أن يحلف على الشيء يظنّه كما حلف، فيتبيّن خلافه. والثاني: ما جرى على لسان المتكلِّم بلا قصد[82]. حيث قال: «اللغو كلّ مُطْرَح من الكلام لا يُعتَدّ به. وههنا اللغو اليمين على الظنّ إذا تبيّن خلافه، وما يسبق به اللسان عن سهوٍ أو غضبٍ من غير قصد، كقولهم: (لا واللهِ)، و(بلى واللهِ)»[83].

وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: 222]: يقرّر المعيني مذهب الجمهور، بحرمة وطء المرأة قبل اغتسالها من الحيض والنفاس[84]، حيث قال: «﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾: ينقطع دَمُهُنّ. و(يَطَّهَّرْنَ): يَتَطَهَّرْنَ، فأُدغِمَت التاء في الطاء. وعندنا لا يجوز وطء الحائض حتى تَطْهُرَ وتغتسل»[85].

وفي قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، يقرّر المعيني مذهب الجمهور بأنَّ الأكل من الأضحية مندوب[86]، فيقول: «﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾: أمر إباحة. واتفق العلماء على أنَّ الهَدْي إذا كان تطوّعًا يجوز للمُهدِي أن يأكل منه، وكذلك أضحية التطوع... أمَّا الهدي الواجب فمذهبنا أنَّه لا يؤكل منه»[87].

وقوله: «أمَّا الهدي الواجب فمذهبنا أنَّه لا يؤكل منه»، يريد مذهب الشافعية[88].

وفي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 9]، يقرّر المعيني مذهب الشافعية في أنَّ العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة أربعون رجلًا[89]، فيقول: «ولا تنعقد الجمعة إلا بأربعين، كما ذكرنا، ولا يُشترط حضور الوالي. ويجب على أهل القرى إذا كانوا أربعين موصوفين أو يبلغهم النداء من طرف البلد عند ركود الرياح»[90].

سابعًا: موافقة مذهب الأشاعرة في تفسير الآيات العقدية:

لقد سار المعيني في تفسيره وفقًا للعقيدة الأشعرية التي كانت سائدة في تلك الحقبة التاريخية، وذلك أنَّه كان إذا مرَّ بآية فيها مسألة عقدية، فإنَّه يذكر قول أهل السُّنة الأشاعرة، ويشير أحيانًا على الأقوال المخالفة من خلال نقده لها، وانتصاره لعقيدة الأشاعرة، كما يتّضح ذلك من خلال المسائل والمواقف التي جاءت في تفسيره، والتي تؤيد ذلك، ومنها:

عند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: 54]، قال المعيني: «﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾؛ استولى عليه. وتخصيص العرش بالذِّكْر في جميع القرآن وتمدُّحه، مع أنه قادرٌ مستولٍ على كلّ شيء؛ لأنَّ العرشَ مع المَلَك الموكَّل أعظمُ مُبْدَعاتِه ومكوَّناته، فالاستيلاء عليه استيلاء على كلّ الموجودات»[91]. فقرر المؤلِّف مذهب الأشاعرة في تأويلهم (اسْتَوَى) بمعنى: استولى.

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: 22- 23]، قال المعيني: «﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾؛ قيل: تنتظر ما يأتيها من ثواب ربها، عن مجاهد وعن أبي صالح وعكرمة. وقيل: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾؛ لا تنظر إلى غيره، ولا ترجو الحقّ إلا مِن عنده. وقال ابن عباس وأكثر الناس، وهو الحق: تنظر إلى ربها عيانًا بلا حجاب. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: قلنا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أنَرَى ربَّنا؟ قال: (أتُضارون في رؤية الشمس في الظهيرة في غير سحاب؟ أفَتُضارون في رؤية القمر ليلة البدر في غير سحاب؟ فإنكم لا تُضارون في رؤيته إلا كما تُضارون في رؤيتهما)، أي: لا تنازعون وتخالفون، ويُروَى: (لا تُضَامون)، أي: لا ينضمّ بعضكم إلى بعض في وقت النظر لخفائه كما تفعلون بالهلال. وبالتخفيف: لا تُظلَمُون في رؤيته كما أنَّ أحدًا لا يُظلَم بالمعرفة في الدنيا. واعلم أن رؤية الله في دار القرار حقّ، إنْ كانت ليس على ما يتخيّله المشبِّهة في إثبات الجهة ورؤية الله في الجهة، وليس على ما ينفيه المعتزلة. وقال الإمام سلطان الطريقة أبو يعقوب يوسف الهمداني: أصل الرؤية ترَقِّي المعرفة إلى غاية ما يمكن، فإنَّ الناظر إلى المنزَّه عن الحسّ والخيال والأوهام له إدراكان؛ أحدهما: أوائل المعرفة. والثاني: كمالها. فكمالها بالنسبة إلى أوائلها، كالمشاهدة والحسّ بالنسبة إلى ما في الخيال والأوهام من الصور، فيُعبَّر عن غاية الكشف بالرؤية. وهكذا قال الإمام حجة الإسلام الغزالي قدّس الله روحه، إلا أنَّ الخلق كما يتفاوتون في المعرفة فكذلك يتفاوتون في النظر»[92].

فمن خلال تفسير المؤلِّف السابق لآية الرؤية يظهر لنا أنَّه أثبت أوّلًا مسألة الرؤية، ثمَّ قيّدها بنفي الجهة، والمقابلة، والمكان؛ بقوله: «واعلم أنّ رؤية الله في دار القرار حقّ، إنْ كانت ليس على ما يتخيّله المشبِّهة في إثبات الجهة ورؤية الله في الجهة، وليس على ما ينفيه المعتزلة». وهذا هو مذهب الأشاعرة، ومَن وافقهم.

ثامنًا: الاهتمام بجانب اللغة والنحو:

 اهتم المعيني في تفسيره بالجانب اللغوي والنحوي، والقارئ لتفسيره يلحظ أنه اعتنى بجانب اللغة عناية بالغة، ويطغى هذا الجانب على كتابه بشكلٍ ظاهرٍ، وقد تعدّدت الاستعمالات اللغوية للمعيني في تفسيره؛ فمن استعمالاته اللغوية: بيان أصل الكلمة القرآنية واشتقاقاتها واستعمالها من أجل الوصول إلى المعنى المراد، ومن الأمثلة على ذلك:

في قوله تعالى: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ [البقرة: 260]، يقول المعيني: «قَطِّعْهُنّ... أو معناه: أَمِلْهُنّ. صاره يصيره ويصوره، والصوار: قطعةٌ من الـمِسك»[93]. أراد المعيني بإرجاع الكلمة إلى أصولها أن يوضح بأنّ (صُرْهُنَّ) بمعنى: قطِّعهُنّ.

وفي قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: 33]، يقول المعيني: «مِن وَقَرَ يَقِرُ وقورًا ووقارًا، أي: كُنّ ذوات وَقار فلا تخففن بالخروج»[94].

 كما يشير المعيني إلى اختلاف القراءات اللغوي في الكلمة، مع بيان معنى كلّ قراءة، من ذلك مثلًا: في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: 5]، قال المعيني: «﴿وَالرّجْزَ﴾؛ بكسر الراء[95]: العذاب، وبالضمّ: الأوثان»[96].

وعند تفسيره قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ [البقرة: 249]، «الغَرفة -بالفتح-[97] المرّة الواحدة، وبالضمّ: اسم ما اغْتُرِف»[98].

ويذكر المعيني أوزان بعض الكلمات الصرفية، ويعلّل سبب مجيئها على ذلك الوزن، فمن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم: 22]، يقول المعيني: «و﴿ضِيزَى﴾، (فُعْلَى)؛ إذ لا (فِعْلَى) في النعوت، كُسِرَت الضاد للياء، مثل الكِيسَى، والضِّيقَى، تأنيث الأكْيَس والأضْيَق»[99].

وفي قوله تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: 26]، يقول المعيني: «ديّارًا: أحدًا يدور في الأرض. فَيْعالٌ من الدوران[100]»[101].

كما يوضح الكلمات المشتركة في أصولها كي لا يلتبس المعنى على القارئ، ففيقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ [التكوير: 24]، قال المعيني: «بظنين[102]: بِـمُتَّهَم... وبالضاد: بخيل[103]»[104].

ويتحرى المعيني عن أصل الكلمة اللغوية، مستفيدًا من ذلك في توجيه المعنى، من أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228]، قال المعيني: «والقُرْء: الحيض، عند أبي حنيفة. أقْرَأَت: حاضَت، فهي مقرئ...، والقرية للناس والنمل...، وإن كان الأصل الانتقال، مِن: قَرَأَت النجوم، أي: غابَت، وأقْرَأَت أيضًا... ويقال: مقرئ جاريته، أي: يستبرئها. واستَقْرَيْت الأرض، وأقريتها: سرت فيها تنظر حالها»[105]. فالملاحَظ أن المعيني قد ذَكَر معاني عدّة (للقُرْء)؛ فهي مرة تُستخدَم للحيض، ومرة تكون للتجمُّع، ومنه قرية الناس؛ لأن الناس يسكنون فيها بشكل تجمُّعات، أو قرية النمل كذلك، والمعنى الآخر هو (الانتقال)، والمعنى الأخير الذي ذكره هو (النظر في حالها)[106].

كما اعتنى المعيني في تفسيره بجانب النحو، وذلك خوفًا مِن تغيّر المدلول؛ لأنَّ التغيّر في المدلول النحوي يؤدّي إلى تغيّر في المعنى، وفي جميع ما ذهب إليه لم يخرج عن جمهور النحويين واللغويين، فمِن استعمالاته للنحو في تفسيره: ذكر ما كان متفقًا عليه في مسائل النحو مع التعليل أحيانًا، دون خوض في الخلاف، ومن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿بِسْمِ اللهِ﴾ قال المعيني: «الباء تقتضي تعلُّق فعلٍ بالاسم؛ إمّا خبرًا أو أمرًا، وموضعه نصبٌ على معنى: أبدَأ، وأبتدِئ، ورفعٌ على معنى ابتدائي»[107]. وقد خاض العلماء في مسألة تقدير (الباء) في (بِسْمِ اللهِ) إلاَّ أنَّهم لم يذهبوا بعيدًا عما ذهب إليه المعيني[108].

وفي قوله تعالى: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة: 91]، قال المعيني: «نصبه بمعنى الحال، والعامل معنى الفعل، كقولك: هو زيد معروفًا، أي: أعرفه عرفانًا، ولا يصح: هو زيد قائمًا، حالًا؛ لأن الحال لا يعمل فيها إلا فعل أو معنى فعل. وجاز: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ﴾ والمراد: فَلِمَ قتلتم؛ لأنَّه كالصفة اللازمة لهم، كقوله للكاذب: لِـمَ تكذب؟ يعني: لِـمَ كذبت»[109]. فهنا نرى المعيني يعلّل صحة وجهٍ إعرابي دون غيره بتعليلات نحوية مقبولة.

ويستعين المعيني بالقرآن الكريم لبيان بعض المسائل النحوية المتعلقة بالتعبير القرآني، من أمثلة ذلك:

في قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: 23]، يقول المعيني: «(مِنْ) للتبعيض، كقولك: هاتِ مِن الدراهم درهمًا، وليست (مِن) للتجنيس مثل قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: 30]؛ لأنَّ التحدي ببعض المِثل، وليس الرجس ببعض الأوثان»[110]. فالمعيني أتى بالآية الثانية وأوضح الفرق بينهما، فكأنه أراد أنْ يستدلّ بالنقيض لإثبات ما ذهب إليه.

وعند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ﴾ [التوبة: 37]، قال المعيني: «يجوز مصدرًا بمعنى (النَّسَاء)، وفاعلًا كالبَشِير، أي: الناسئ ذو زيادة في الكفر، ومفعولًا كالقتيل والجريح، أي: الشهر المؤخر زيادة في الكفر»[111]. والنسيء هو التأخير[112].

ويقوم أحيانًا بإيراد النظائر النحوية من الآيات القرآنية لتقرير المعنى، ومن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ [النساء: 26]، قال المعيني: «اللام في تقدير المصدر، أي: إرادة الله التبيين لكم، كقوله: ﴿لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: 154]، أي: الذين هم رهبتهم لربهم»[113]. وفي قوله تعالى: ﴿قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ [مريم: 23]، قال المعيني: «﴿نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾: مصدر موصوف مِن لفظِه، كقوله: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: 22]»[114].

أمّا إعراب القرآن فهو ظاهر في تفسير المعيني، وقد عوّل في ذلك كثيرًا على أبي إسحاق الزجّاج، وأفاد منه إفادة كبيرة، لكنه قليل التصريح بالنقل عنه.

كما ينقل عن أئمة النحو المتقدِّمين؛ مثل الكسائي، وسيبويه، والفرّاء، وأبي عبيدة، والأخفش، وأبي عليّ الفارسي... وغيرهم.

ويورد المعيني أحيانًا أكثر من وجهٍ نحوي في الكلمة القرآنية، يختلف المعنى باختلافها، ومن أمثلة ذلك: في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: 22]، حيث يقول إنها جاءت: «بمعنى المصدر، أي: نكاحهم، فيجوز هذا المصدر على حقيقته ويتناول جميع أنكحة الجاهلية المحرَّمة، ويجوز بمعنى (المفعول به)، أي: لا تنكحوا منكوحة آبائكم صنيعة الجاهلية، ...أي: لا تطؤوا موطوءتهم»[115]. وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 164]، ذكَر المعيني وجهين لإعراب (مَعْذِرَة):

الوجه الأول: مرفوعة؛ إمَّا على حذف المبتدأ، أو على حذف الخبر.

الوجه الثاني: منصوبة على المصدر.

قال المعيني: «موعظتُنا معذرةٌ، محذوف المبتدأ، أو معذرةٌ إلى الله نريدُها، فحذف الخبر. ومَن نصَبَه فعَلَى المصدر، أي: نَعتذِرُ معذرةً[116]»[117].

وينتصر المعيني في النحو للمذهب البصري، وذلك بترجيح أقوالهم، كما صنع في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: 15]، حيث قال: «محذوف الجواب، والكوفيون يجعلون «أجمعوا» جوابًا، والواو مُقحَمة، وإقحامها لم يثبت بحجة، ولا له وجه في القياس»[118].

ويورد المعيني أحيانًا في تفسيره الشواهد الشعرية لبيان بعض المعاني التفسيرية، من ذلك: في قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ [النحل: 47]، فسَّر المعيني التخوّف بعدّة معانٍ، ومنها: التنقُّص[119]، واستشهد ببيتٍ شعري أثناء ذِكره لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما كان واقفًا على المنبر فسأل عن معنى التخوّف، فسَكَت الناس حتى قام شيخ هذلي، فقال: هذه لغتنا، التخوّف: التنقُّص، فقال عمر: هل من شاهد؟ فأنشد لأبي كبير[120]:

تَخَوّفَ الرَّحْلُ منها تامكًا صُلْب ** كما تخوفَ عُود النَّبعةِ السَّفَنُ

كما يستشهد أحيانًا بالأمثال والأقوال العربية، ومن أمثلة ذلك:

في قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: 7]، عند تفسير المعيني لكلمة (العذاب)، بدايةً أوضح أصل معنى العذاب وهو المنع، ثم استشهد بقول الصحابي رضي الله عنه، وأتى بالمَثَل لتقرير المعنى وتقويته. فقال: «وفي المثَل: لألجمنّك لجامًا مُعْذِبًا، أي: مانعًا مِن ركوب الرأس[121]»[122]. فهذا المثَل يُضرَب للإمساك عن الشيء والامتناع عنه. وفي قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾ [سبأ: 19]، يقول المعيني: «حتى قيل في المثَل: تفرقوا أيدِي سبأ[123]»[124].  

تاسعًا: ذِكْر لطائف تتعلّق بالنَّظْم القرآني:

يذكر المعيني أحيانًا في تفسيره بعض اللطائف المتعلقة بالنَّظْم القرآني، وذلك من حيث أسلوبه وبلاغته، من ذلك على سبيل المثال: سبب تقديم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]، يقول المعيني: «﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؛ على نظم آي السورة، وإنْ كان (نستعينُ بِكَ) أوجز؛ ولهذا قدّم (الرحمن) والأبلغ لا يقدّم. وقُدِّمَت العبادة على الاستعانة لهذا، مع ما في تقديم ضمير المعبود من حُسن الأدب»[125].

وعند تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 8]، قال المعيني: «دخلت الباء في خبر (ما) مؤكدة للنفي؛ لأنه يستدلّ بها السامع على الجحد إذا كان غفل عن أول الكلام»[126].

وعند قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: 14]، قال المعيني: «والأفصح (خَلا إليه)؛ لأنّ فيه دلالة الابتداء والانتهاء؛ لأن أوّل لقائهم للمؤمنين، أي: إذا خلوا من المؤمنين إلى الشياطين»[127].

وذكر المعيني فائدة ﴿عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: 196]، فقال: «المراد رفع الإبهام، فقد يتوهّم في الواو أنها بمعنى (أو)»[128].

الخاتمة:

وفيها أهمّ النتائج والتوصيات:

قُمنا بالحديث في هذه المقالة عن كتاب (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) لأبي الفضائل المعيني (ت: 584هـ)، وعرّفنا بالمؤلِّف، وصحّحنا الخطأ الحاصل في نِسبة الكتاب، كما فصّلنا في بعض الملامح العامة لهذا التفسير، وقد ظهر معنا أنَّ الأدلة التي سقناها في القسم الأول من هذه المقالة تجعلنا أمام عِلْمٍ ضروري بأنّ مؤلِّف تفسير (لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن) هو العلّامة أبو الفضائل محمد بن حسين بن عليّ المعيلفي، المعيني، اليمني (ت: 584هـ).

وقد سلك المعيني في تفسيره طريقة التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؛ ففسّر القرآن بالقرآن، وبالسُّنة، وبأقوال الصحابة والتابعين، وأسباب النزول، كما استخدم اللغة والنحو والبلاغة، واستشهد بالشِّعْر والأمثال العربية، في سبيل الوصول إلى معاني الآيات القرآنية.

ووافق المعيني مذهب الأشاعرة في تفسير الآيات المتعلّقة بالمسائل العقدية، وهو المذهب الذي كان سائدًا في تلك الحقبة التاريخية، كما اعتنى في تفسيره بذِكْر المسائل الفقهية، ونأَى عن التعمّق في ذِكْر الخلافات الفقهية، ومع أنَّه كان شافعي المذهب إلا أنَّه متحرّر؛ فيقرّر أحيانًا مذهب الحنفية، وأحيانًا مذهب الحنابلة، وأحيانًا يذهب مذهب الجمهور.

ويوصِي الباحثُ بتصحيح نِسبة التفسير في التحقيقات والدراسات السابقة للتفسير، كما يوصِي بعمل دراسات حول منهج المعيني في تفسيره، ومقارنته مع كتب التفسير في القرنَيْن السادس والسابع الهجريَّين.

والحمد لله رب العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

 

[1] ينظر: كشف الظنون (2/ ‏1569)، معجم المؤلفين (9/ ‏261)، هدية العارفين (2/ ‏102)، معجم المفسرين (2/ ‏521)، معجم التاريخ التراث الإسلامي (4/ ‏2689).

[2] هدية العارفين (2/ 102).

[3] ينظر: السلوك (2/ 137).

[4] ينظر ترجمته في: تحفة الزمن (1/ 460، 461)، السلوك (2/ 105، 137)، طبقات صلحاء اليمن، ص250، طراز أعلام الزمن (3/ 1585).

[5] ينظر ترجمته في: السلوك (2/ 141)، العطايا السنية، ص207، العقود اللؤلؤية (2/ 51)، المدارس الإسلامية في اليمن، ص180.

[6] ينظر ترجمته في: العطايا السنية، ص501.

[7] هدية العارفين (2/ 102). وينظر: معجم المفسرين (2/ 521).

[8] ينظر: معجم المؤلفين (9/ 261).

[9] مصادر الفكر، ص19.

[10] ينظر: كشف الظنون (2/ 1569).

[11] ينظر: كشف الظنون (2/ 1569)، هدية العارفين (2/ 102)، معجم المؤلفين (9/ 261)، مصادر الفكر، ص19.

[12] لوامع البرهان (1/ 48).

[13] ينظر: مقدمة تحقيق د. سفر حسنوف للتفسير، ص6، قسم الدراسة للمحقّق: سيف البحر مرحبان رشدي، ص22، قسم الدراسة للمحقق الباحث: مخلص محمد حنفي، ص38، والمصادر هي: التحبير في المعجم الكبير (2/ 114)، ومعجم البلدان (4/ 236)، ونكث الهميان، ص234.

[14] ينظر: مقدمة تحقيقه للتفسير، ص6، 7.

[15] هدية العارفين (2/ 102).

[16] ينظر: معجم البلدان والقبائل اليمنية (2/ 1593).

[17] ينظر: السلوك (2/ 137).

[18] مصادر الفكر الإسلامي في اليمن، ص19.

[19] ينظر: الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي، (قسم التفسير)، (1/ 209)، معجم تاريخ التراث الإسلامي (4/ 2689)، فهرس الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانة الخديوية (1/ 198)، فهرست آية الله العظمى مرعشي نجفي (1/ 353)، كتاب مخطوطات الموصل، ص126، برقم (77)، فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة في الموصل (1/ 395).

[20] ينظر: مقدمة تحقيق د. سفر حسنوف للتفسير، ص6، قسم الدراسة للمحقق سيف البحر مرحبان رشدي، ص22، قسم الدراسة للمحقق الباحث مخلص محمد حنفي، ص38، والمصادر هي: التحبير في المعجم الكبير (2/ 114)، معجم البلدان (4/ 236)، ونكث الهميان، ص234.

[21] ينظر: طُرَّة النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة كتبخانة آية الله مرعشي، طُرَّة النسخة المحفوظة بالكتبخانة الخديوية، طُرَّة النسخة المحفوظة بمكتبة الأوقاف العامة بالموصل.

[22] ينظر: التحبير في المعجم الكبير (2/ 114)، معجم البلدان (4/ 236)، ونكث الهميان، ص234.

[23] ينظر: المصادر السابقة.

[24] فهرس مكتبة وليّ الدين أفندي، ص6.

[25] ينظر: كشف الظنون: 1/ 246، هدية العارفين: 2/ 105، معجم المؤلفين: 12/ 7.

[26] لوامع البرهان (1/ 461).

[27] لوامع البرهان (1/ 249).

[28] لوامع البرهان (2/ 993).

[29] لوامع البرهان (2/ 1003- 1004).

[30] لوامع البرهان (2/ 902).

[31] لوامع البرهان (2/ 782).

[32] لوامع البرهان (1/ 46).

[33] لوامع البرهان (1/ 457).

[34] ينظر: لسان العرب، مادة (عزب)، (1/ 597- 598)، العين، الفراهيدي، مادة (عزب)، (1/ 361).

[35] غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 91)، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ ‏227).

[36] لوامع البرهان (1/ 362).

[37] غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلّام (2/ 64)، موقوفًا على أبي سعيد الخدري، غريب الحديث، ابن الجوزي (2/ 489).

[38] لوامع البرهان (2/ 614).

[39] ينظر: لسان العرب، مادة (هجر)، (5/ 254).

[40] ينظر: لوامع البرهان (2/ 598).

[41] سنن الترمذي: برقم (2298) (4/ 545)، وقال: «هذا حديث غريب»، سنن أبي داود: برقم (3600) (3/ 306).

[42] لوامع البرهان (2/ 578، 579)، وينظر: تفسير هذه الآية جامع البيان (17/ 167)، إرشاد العقل السليم (23/ 31).

[43] المعجم الكبير للطبراني (8/ 245)، الفردوس بمأثور الخطاب (4/ 383)، وأخرجه الطبري في تفسيره عن أبي أمامة مرفوعًا (30/ 278). وهو حديث ضعيف. ينظر: الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ ‏430).

[44] لوامع البرهان (2/ 1111).

[45] أخرج نحوه الإمام أحمد في مسنده: برقم (17991) (29/ 516)، عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ، وقال شعيب الأرنؤوط: «إسناده ضعيف». ينظر: تخريج المسند لشعيب الأرنؤوط، برقم (17991).

[46] لوامع البرهان (2/ 998).

[47] المستدرك على الصحيحين، برقم (3934) (2/ 570)، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.

[48] لوامع البرهان (2/ 1086).

[49] ورد هذا المعنى عن ابن عباس دون لغة (أزد شنوءة) في: المعجم الكبير (12/ 103)، مجمع الزوائد (7/ 114)، وقال الهيثمي في إسناد عاصم بن بهدلة: «هو ضعيف وقد يحسن حديثه».

[50] لوامع البرهان (2/ 902).

[51] ينظر في الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن حادثة الإسراء والمعراج: صحيح البخاري، برقم (3254) (3/ 1268)، صحيح مسلم، برقم (168) (1/ 154). وينظر: جامع البيان (15/ 6- 7)، الدر المنثور (5/ 198- 199).

[52] لوامع البرهان (1/ 481).

[53] صحيح البخاري، برقم (4297) (4/ 1668)، وينظر: جامع البيان (4/ 235)، تفسير القرآن العظيم (1/ 450).

[54] لوامع البرهان (1/ 180).

[55] لوامع البرهان (2/ 897). وينظر: تفسير مجاهد (2/ 624).

[56] لوامع البرهان (2/ 1123). وينظر: تفسير مجاهد (2/ 788)، الكشاف (4/ 810)، الجامع لأحكام القرآن (20/ 213- 214)، الدر المنثور (8/ 645).

[57] لوامع البرهان (2/ 922). وورد هذا الأثر في الدر المنثور (7/ 700)، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد عن سويد، وورد في تفسير القرآن لابن أبي حاتم (10/ 3324)، وعزاه إلى سويد بن جبلة بن عنبسة.

[58] لوامع البرهان (2/ 1081). أخرجه الطبري في تفسيره (30/ 183)، وأورده السيوطي في الدر المنثور (8/ 510)، وزاد نسبته عن عبد بن حميد عن الحسن.

[59] لوامع البرهان (1/ 67).

[60] قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم، ينظر: السبعة في القراءات، ص306، التيسير في القراءات السبع، ص126.

[61] قراءة شاذة تُنسب إلى الحسن البصري، وقتادة، وعمر بن عبيد، وزيد بن عليّ. ينظر: المحرر الوجيز (5/ 532)، البحر المحيط (4/ 495).

[62] قراءة ابن كثير، وأبي عمرو. ينظر: السبعة في القراءات، ص306، التيسير في القراءات السبع، ص116.

[63] لوامع البرهان (1/ 320).

[64] قرأ بالفتح: ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم. وقرأ بالضم: حمزة والكسائي. ينظر: السبعة في القراءات، ص5522، التيسير في القراءات السبع، ص187.

[65] لوامع البرهان (2/ 790).

[66] قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم. السبعة في القراءات، ص670، التيسير في القراءات السبع، ص219.

[67] قراءة حمزة والكسائي وشعبة عن عاصم، ينظر: السبعة في القراءات، ص670، التيسير في القراءات السبع، ص219.

[68] لوامع البرهان (2/ 1054).

[69] بالتثقيل: قراءة الكوفيين، وقرأ الباقون بالفتح والتخفيف. ينظر: السبعة في القراءات، ص204، النشر في القراءات العشر (2/ 239).

[70] لوامع البرهان (1/ 147).

[71] قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، ونافع، وابن عامر، وعاصم، والكسائي. ينظر: السبعة في القراءات، ص309، التيسير في القراءات السبع، ص117.

[72] قراءة حمزة. ينظر: المصادر السابقة.

[73] لوامع البرهان (1/ 325).

[74] لوامع البرهان (2/ 560).

[75] ينظر: صحيح البخاري، برقم (6503) (6/ 2529)، وصحيح مسلم، برقم (1671) (3/ 1296)، وورد ذكره في جامع البيان (6/ 206)، وأسباب النزول، ص158.

[76] لوامع البرهان (1/ 225).

[77] سنن أبي داود، برقم (2214) (2/ 266)، كما ورد في: جامع البيان (28/ 1)، تفسير القرآن العظيم (4/ 319)، التفسير الكبير (8/ 70)، الدر المنثور (4/ 319).

[78] لوامع البرهان (2/ 948).

[79] لوامع البرهان (2/ 963). وينظر: أسباب النزول، ص357.

[80] ينظر: جامع البيان (4/ 52)، وأسباب النزول، ص101، والدر المنثور (2/ 296)، عن ابن عباس رضي الله عنه.

[81] لوامع البرهان (1/ 160).

[82] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (11/ 16)، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 334).

[83] لوامع البرهان (1/ 112).

[84] ينظر في ذلك: التاج والإكليل (1/ 550)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 374)، الأم (5/ 8)، الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي (1/ 386)، المجموع شرح المهذب (2/ 366)، المغني لابن قدامة (1/ 245).

[85] لوامع البرهان (1/ 111).

[86] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (4/ 75)، المغني لابن قدامة (9/ 448)، المجموع شرح المهذب (8/ 413- 414)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 8).

[87] لوامع البرهان (2/ 594).

[88] المغني لابن قدامة (9/ 457).

[89] ينظر: المغني لابن قدامة (2/ 243)، المبسوط للسرخسي (2/ 43)، المجموع شرح المهذب (4/ 504)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 158)، نيل الأوطار (3/ 276)، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (3/ 12)، الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه، ص439.

[90] لوامع البرهان (2/ 972).

[91] لوامع البرهان (1/ 282).

[92] لوامع البرهان (2/ 1036- 1037).

[93] لوامع البرهان (1/ 128).

[94] لوامع البرهان (2/ 734).

[95] قرأ حفص بضم الراء، وقرأ الباقون بكسرها. ينظر: السبعة في القراءات، ص659، التيسير في القراءات السبع، ص216.

[96] لوامع البرهان (2/ 1027).

[97] قرأ بالفتح: ابن كثير وأبو عمرو ونافع، وقرأ بالضم: عاصم وابن عامر والكسائي وحمزة، ينظر: السبعة في القراءات، ص187، التيسير في القراءات السبع، ص81.

[98] لوامع البرهان (1/ 122).

[99] ينظر: لوامع البرهان (2/ 905). وينظر: التسهيل في علوم التنزيل (4/ 77)، مختار الصحاح، ص162.

[100] ينظر: جامع البيان (29/ 100)، ومعاني القرآن وإعرابه (4/ 289)، المحرر الوجيز (5/ 377).

[101] لوامع البرهان (2/ 1016).

[102] بالظاء: قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي، وبالضاد: قراءة الباقين. ينظر: السبعة في القراءات، ص673، التيسير في القراءات السبع، ص220.

[103] ينظر: جامع البيان (30/ 82)، المحرر الوجيز (5/ 444)، وزاد المسير (9/ 44).

[104] لوامع البرهان (2/ 1062).

[105] لوامع البرهان (2/ 113).

[106] ينظر: لسان العرب، مادة (قرء)، (1/ 132).

[107] لوامع البرهان (1/ 27).

[108] ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 34)، مشكل إعراب القرآن، ص64- 65، البحر المحيط (1/ 123).

[109] لوامع البرهان (1/ 75). وينظر: مشكل إعراب القرآن (1/ 105)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 93).

[110] لوامع البرهان (1/ 42).

[111] لوامع البرهان (1/ 333). وينظر: جامع البيان (10/ 129).

[112] ينظر: جامع البيان (10/ 129)، المحرر الوجيز (3/ 31)، لسان العرب، مادة (نسأ)، (1/ 167).

[113] لوامع البرهان (1/ 189).

[114] لوامع البرهان (2/ 538).

[115] لوامع البرهان (1/ 187).

[116] ينظر: إعراب القرآن، النحاس (2/ 157- 158)، مشكل إعراب القرآن (1/ 304)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 600).

[117] لوامع البرهان (1/ 294).

[118] لوامع البرهان (1/ 401).

[119] ينظر: لوامع البرهان (2/ 465- 466).

[120] نسب إلى أبي كبير الهذلي في: الجامع لأحكام القرآن (10/ 110)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 400)، ونسب البيت إلى غيره.

[121] جمهرة الأمثال (2/ 215)، وينظر: معالم التنزيل (1/ 49)، التفسير الكبير (2/ 49)، إرشاد العقل السليم (1/ 39).

[122] لوامع البرهان (1/ 37).

[123] ينظر: المستقصى في أمثال العرب (2/ 89).

[124] لوامع البرهان (2/ 747).

[125] لوامع البرهان (1/ 30).

[126] لوامع البرهان (1/ 37).

[127] لوامع البرهان (1/ 39).

[128] لوامع البرهان (1/ 101).

الكاتب

الدكتور جمال نعمان ياسين

عضو هيئة التدريس في قسم علوم القرآن والدراسات الإسلامية بكلية الآداب - جامعة إب باليمن، وله عدد من المؤلفات والأعمال العلمية المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))