توظيف أسباب النزول في التفسير عند الصحابة
أساليب التوظيف ووجوهه
مدخل:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فتعدّ أسباب النزول أحد المصادر المهمّة في تفسير القرآن الكريم؛ لما تشتمل عليه من ملابسات نزول النصّ القرآني، ولما تتضمّنه من تنزيلات للآيات على الوقائع والحوادث المختلفة.
وعلى الرغم من أهمية أسباب النزول في تفسير القرآن إلا أنّ هذا المصدر -كغيره من مصادر التفسير- لم يلقَ عناية بدراسته من خلال تطبيقاته في كتب التفسير ومن ثمَّ بناء القواعد والأحكام النظرية المتعلقة به انطلاقًا من تطبيقات المفسِّرين.
ولذا أردنا في هذه المقالة أن نتناول مسألة من أبرز المسائل المركزية التي تتعلّق بهذا المصدر من مصادر التفسير، وهي مسألة أوجه توظيف أسباب النزول في التفسير، من خلال تفسير الصحابة -رضوان الله عليهم- نظرًا لمركزية تفسير السَّلَف وأهميته.
وتأتي مقالتنا مقسومة إلى قسمين؛ نتناول في القسم الأول منها أساليب الصحابة في توظيف أسباب النزول في التفسير، وأمّا في القسم الثاني فنبين أوجه توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير، وذلك بعد تمهيد نبرز فيه فكرة توظيف أسباب النزول في التفسير، وحدود تناولنا للمسألة في المقالة، وطريقتنا في ذلك.
تمهيد:
اعتمد الصحابةُ في تفسيرهم للقرآن على عدد من المصادر كالنظائر القرآنية وأسباب النزول واللغة العربية والأخبار وغيرها، وتأتي فكرة المقالة في تسليط الضوء على إحدى المسائل المركزية المتعلّقة بمصدر أسباب النزول في التفسير عند الصحابة وهي مسألة أوجه توظيفهم لأسباب النزول في التفسير.
وقد اعتمدنا في هذه المقالة على جمع مرويات الصحابة عدا ابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهما- في أسباب النزول، وَفق منهج استقرائي دقيق فصَّلناه في دراستنا: (المفسرون من الصحابة -جمعًا ودراسة وصفية-)[1].
ويجدر بنا أن ننبّه على أنّ التفسير عملية مركّبة من عدة عوامل تسهم في إنتاج ثمرته النهائية[2]، ونعني بذلك أنّ الصحابي مثلًا عندما يوظف أسباب النزول في التفسير فيما يظهر لنا من خلال فهمنا لكلامه فإنه في الحقيقة لم يقتصر على توظيف أسباب النزول فقط وإنما هناك موارد كامنة أسهمتْ كذلك في إنتاج الصحابي لهذا المعنى أو غيره كاستخدامه للغة فهو حتمًا قد وظَّف اللغة في إنتاجه لذلكم المعنى، أو السياق، بالإضافة إلى ما يظهر لنا من توظيفه لأسباب النزول، فهي عملية مركبة، ولكن لا سبيل لنا إلى دراسة تلك الموارد سوى عن طريق إفراد كلّ موردٍ وحده من خلال جمع مروياته والنظر فيها.
وقبل أن نشرع في بيان أقسام المقالة نلمح إلى واقع دراسة تلك المسألة في الدراسات المعاصرة، ثم نبيّن أهمية سلوك الطريقة التي انتهجناها في دراستها من خلال ما يأتي:
- أولًا: واقع دراسة مسألة أوجه توظيف أسباب النزول في التفسير:
لم نقف -فيما طالعناه- على دراسات علمية اعتنت بدراسة أوجه توظيف المفسرين لأسباب النزول، سوى بعض الدراسات التي اعتنت بدراسة أسباب النزول كقرينة من قرائن الترجيح عند المفسِّرين[3]، وهي دراسات تقوم على تنظيرات مشكلة في فهم أسباب النزول أبرزها أنها تنظيرات لم تؤسّس بناء على التطبيقات العملية في كتب التفسير وَفق منهج استقرائي منضبط[4].
وهذا الإشكال نفسه واقع في مؤلَّفات مناهج المفسِّرين، والتي من المفترض عند دراستها لمنهج المفسِّر أن تقوم بدراسة تطبيقاته بصورة منضبطة، إلا أن هذه المؤلّفات لا تفعل ذلك بل تنطلق من التنظيرات المسبقة لتلك المسألة في كتب أصول التفسير وتقوم بتسييق هذه التنظيرات على التفسير الذي تدرس منهجه، فتجعل التفسير خاضعًا لهذا التنظير ولا تسمح بدراسة واقعه التطبيقي، وقد بينَّا أبرز إشكالات هذه الطريقة في دراسة مناهج المفسِّرين في مقالة مستقلة[5].
- ثانيًا: أهمية دراسة أوجه توظيف أسباب النزول في التفسير:
تعدّ مسألة أوجه توظيف أسباب النزول في التفسير من المسائل شديدة الأهمية، وتبرز أهميتها على عدّة أصعدة أبرزها ما يأتي:
1- تحديد أوجه توظيف المفسِّر لأسباب النزول في التفسير بصورة دقيقة:
إنّ الاستقراء التام لكافة الروايات والمواضع التي وظَّف فيها المفسِّر أسباب النزول في التفسير يتيح لنا الوقوف بدقّة على هذه الأوجه، وتحديد أيّ هذه الأوجه أكثر حضورًا عند المفسِّر، ما ينعكس على اكتشاف وبيان كثير من المسائل المركزية في التفسير كمفهوم التفسير والحيثيات المكوّنة له في الكتب على اختلاف الأزمنة والمناهج والمقاصد.
2- معرفة منهج المفسِّر في توظيف أسباب النزول في التفسير:
إنّ من أبرز الانعكاسات على دراسة أوجه توظيف أسباب النزول في التفسير بصورة دقيقة عند المفسِّر أنها توقفنا على منهج المفسِّر وطريقته في هذا التوظيف بصورة واقعية من خلال تفسيره، بعيدًا عن تحكيم أيّ تنظيرات مسبقة لم تخرج من رحم كتابه، وبذلك نقف على المنهج الحقيقي للمفسِّر.
3- بناء أصول التفسير وقواعده:
يعدّ بناء أصول التفسير وقواعده مشغلًا من أهم المشاغل في حقل الدراسات القرآنية، وقد أبانت بعض الدراسات عن وقوع إشكالات مركزية في بنائه المعاصر[6]، وإن دراسة أوجه توظيف المفسِّر للمصادر في تفسيره بصورة منهجية دقيقة لمن أهم الخطوات وأبرزها في الخطو إلى التأصيل الجيد والبناء الدقيق لأصول التفسير وقواعده حال القيام بها عند كافة المفسِّرين وبخاصّة المؤسّسين والروّاد منهم في صناعة التفسير.
القسم الأول: أساليب الصحابة في توظيف أسباب النزول في التفسير:
بلغتْ مرويات أسباب النزول التي وظّفها الصحابة في التفسير من خلال استقرائنا (131) رواية[7]، وقد تعدّدت أساليب الصحابة في توظيفهم لأسباب النزول في التفسير، ويمكننا حصر هذه الأساليب في أربعة أساليب، وهي:
الأسلوب الأول: حكاية حادثة معينة ثم ذكر الآية: وهو أكثر الأساليب التي استخدمها الصحابة في توظيفهم لأسباب النزول في التفسير حيث بلغت مروياته (107) رواية.
ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن خبّاب بن الأرَتّ قال: «كنتُ قَيِّنًا في الجاهلية، وكان لي دَينٌ على العاص بن وائل، قال: فأتاه يتقاضاه، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقال: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم يبعثك. قال: فذرني حتى أموت، ثم أُبعث، فسوف أوتى مالًا وولدًا، فأقضيك، فنزلت هذه الآية: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ [مريم: 77]»[8].
2- عن أبي وائل قال: «كنّا بصِفِّين، فقام سهل بن حنيف رضي الله عنه، فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم، فإنّا كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية، ولو نرى قتالًا؛ لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟ فقال: بلى، فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فعلامَ نعطِي الدنيّة في ديننا؟! أنرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا، فانطلق عمر رضي الله عنه إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال له مثل ما قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبدًا؛ فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمر إلى آخرها، فقال عمر: يا رسول الله، أوَفتحٌ هو؟! قال: نعم»[9].
الأسلوب الثاني: الاكتفاء بذِكْر من نزلت فيه الآية دون حكاية حادثة معينة: وبلغت مروياته (14) رواية، ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال: «نزلت في النفقة»[10].
2- عن زيد بن وهب قال: «مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم، فاختلفت أنا ومعاوية في: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 34]، قال معاوية: نزلَت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك»[11].
الأسلوب الثالث: ذكر الآية ثم حكاية حادثة معينة: وبلغت مروياته ثماني روايات، ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن قيس بن عباد، عن أبي ذر رضي الله عنه: «أنه كان يقسم قسَمًا أنّ هذه الآية: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ [الحج: 19]، نزلت في حمزة وصاحبيه، وعُتبة وصاحبيه، يوم برزوا في يوم بدر»[12].
2- عن أبي هانئ الخولاني قال: «سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أُنزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: 27]، وذلك أنهم قالوا: لو أنّ لنا! فتمنّوا الدنيا»[13].
الأسلوب الرابع: ذكر حادثة معينة والإشارة إلى آية دون التصريح بها: وبلغت مروياته روايتين، وهما:
1- عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرّس بأولات الجيش ومعه عائشة زوجته -رضي الله عنها-، فانقطع عِقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عِقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فأنزل الله -عز وجل- على رسوله -صلى الله عليه وسلم- رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم، ولم يقبضوا من التراب شيئًا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط، ولا يغتر بهذا الناس»[14].
2- عن عاصم بن عدي رضي الله عنه قال: «لمّا نزلت: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: 4]، قلتُ: يا رسول الله، إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء قد خرج الرجل! فلم ألبث إلا أيامًا، فإذا ابن عمّ لي معه امرأته، ومعها ابن، وهي تقول: منك، وهو يقول: ليس مِنِّي، فنزلت آية اللعان، قال عاصم: فأنا أول مَن تكلم، وأول مَن ابتُلي به»[15].
ويلحظ مما سبق أن أكثر الأساليب التي استخدمها الصحابة في توظيف أسباب النزول في التفسير هو حكاية حادثة معينة ثم ذكر الآية وبلغت مروياته (107) رواية، يليه الاكتفاء بذِكْر مَن نزلت فيه الآية دون حكاية حادثة معينة وبلغت مروياته (14) رواية، ويليه ذكر الآية ثم حكاية حادثة معينة وبلغت مروياته ثماني روايات، ثم ذكر حادثة معينة والإشارة إلى آية دون التصريح بها وبلغت مروياته روايتين.
والرسم الآتي يوضح مقدار أساليب الصحابة في توظيف أسباب النزول في التفسير:
القسم الثاني: أوجه توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير:
أشرنا فيما سبق إلى تعدّد أساليب الصحابة في توظيف أسباب النزول في التفسير، وفي هذا القسم نبيِّن ما ظهر لنا من أوجه ذلك التوظيف مع التمثيل لذلك.
لقد تعدّدت أوجه توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير، فبلغت أربعة أوجه، بيانها كما يأتي:
- الوجه الأول: بيان المعنى بذِكْر حادثة معينة: وعدد المرويات الواردة فيه مائة وأربع (104) روايات، ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه رضي الله عنه: «أنّ قومًا من العرب أتوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ، فأسلموا، وأصابهم وباء بالمدينة حُمّاها، فأُركِسُوا، فخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من أصحابه -يعني أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصابنا وباء المدينة فاجتوينا المدينة، فقالوا: أمَا لكم في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة؟ فقال بعضهم: نافَقُوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا، هم مسلمون، فأنزل الله عزّ وجل: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ [النساء: 88] الآية»[16].
2- قال الله عزّ وجل: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175]، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: «نزلت في قريش، آتاهم الله الآيات فانسلخوا منها فلم يقبلوها»[17].
3- عن أبي هانئ الخولاني قال: «سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: 27]، وذلك أنهم قالوا: لو أنّ لنا! فتمنوا الدنيا»[18].
- الوجه الثاني: بيان المعنى: وعدد المرويات الواردة فيه عشرون (20) رواية، ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن حذيفة رضي الله عنه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال: «نزلت في النفقة»[19].
2- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: «نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [الأنفال: 27] الآية»[20].
3- عن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- قال: «أتدرون فيم أُنزلت: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ [الحِجر: 24]؟ قلت: في سبيل الله. قال: لا، ولكنها في صفوف الصلاة»[21].
- الوجه الثالث: بيان النسخ: وجاءت فيه أربع (4) روايات، ومن أمثلته ما يأتي:
1- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأُحيل الصيام ثلاثة أحوال: فأمّا أحوال الصلاة؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَدِم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهرًا إلى بيت المقدس، ثم إنّ الله -عزّ وجلّ- أنزل عليه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144]، قال: فوجَّهه الله إلى مكة قال: فهذا حول، قال: وكانوا يجتمعون للصلاة ويُؤْذِنُ بها بعضُهم بعضًا، حتى نَقَسُوا أو كادوا يَنقُسون، قال: ثم إنّ رجلًا من الأنصار يقال له: عبد الله بن زيد أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني رأيتُ فيما يرى النائم ولو قلت إني لم أكن نائمًا لصدَقتُ، إني بينا أنا بين النائم واليقظان إِذْ رأيت شخصًا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة، فقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله -مَثنى مَثنى- حتى فرغ من الأذان، ثم أمهل ساعة، قال: ثم قال مِثلَ الذي قال، غير أنه يزيد في ذلك: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علِّمْهَا بلالًا فليؤَذِّن بها، فكان بلال أول مَن أذَّن بها، قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، إنه قد طاف بي مثل الذي أطاف به، غير أنه سبقني، فهذان حولان، قال: وكانوا يأتون الصلاة، وقد سبقهم ببعضها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: فكان الرجل يشير إلى الرجل إذا جاء، كم صلّى؟ فيقول: واحدة، أو اثنتين، فيصليها، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، قال: فجاء معاذ فقال: لا أجدُه على حال أبدًا إلا كنتُ عليها، ثم قضيتُ ما سبقني، قال: فجاء وقد سبقه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ببعضها، قال: فثبت معه، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته قام فقضى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنه قد سنَّ لكم معاذ فهكذا فاصنعوا، فهذه ثلاثة أحوال. وأمّا أحوال الصيام؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فجعل يصوم من كلّ شهر ثلاثة أيام، وقال يزيد: فصام تسعة عشر شهرًا من ربيع الأول إلى رمضان من كلّ شهر ثلاثة أيام، وصام يوم عاشوراء ثم إنّ الله فرض عليه الصيام، فأنزل الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، إلى هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 183- 184]، قال: فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكينًا فأجزأ ذلك عنه، قال: ثم إنّ الله -عز وجلّ- أنزل الآية الأخرى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾، إلى قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185]، قال: فأثبت اللهُ صيامه على المقيم الصحيح، ورخّص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، فهذان حولان، قال: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، قال: ثم إنّ رجلًا من الأنصار يقال له: صِرْمة، ظلّ يعمل صائمًا حتى أمسى، فجاء إلى أهله فصلى العشاء، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب، حتى أصبح فأصبح صائمًا، قال: فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد جهد جهدًا شديدًا، قال: ما لي أراك قد جهدت جهدًا شديدًا؟ قال: يا رسول الله، إني عملتُ أمس فجئتُ حين جئت، فألقيتُ نفسي فنمتُ، وأصبحتُ حين أصبحتُ صائمًا. قال: وكان عمر قد أصاب من النساء من جارية أو من حرّة بعد ما نام، وأتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فأنزل الله عزّ وجلّ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾، إلى قوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، وقال يزيد: فصام تسعة عشر شهرًا من ربيع الأول إلى رمضان»[22].
2- عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: «لمّا نزلت: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها»[23].
- الوجه الرابع: بيان تصديق السنّة للقرآن: والمراد به بيان تصديق معنى في السنة لمعنى ورد في القرآن، وعدد المرويات الواردة فيه ثلاث (3) روايات، وهي ما يأتي:
1- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: «كان الرجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطلّق امرأته ويقول: كنتُ لاعبًا، ويعتق مملوكه ويقول: كنتُ لاعبًا، ويزوّج ابنته ويقول: كنتُ لاعبًا. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث من قالهنّ لاعبًا فهن جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح)، فأنزل الله -عزّ وجلّ- في ذلك: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ [البقرة: 231]»[24].
2- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «مَن حلف على يمين يستحق بها مالًا وهو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله -عزّ وجلّ- تصديق ذلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾، فقرأ إلى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 77]، ثم إنّ الأشعث بن قيس خرج إلينا، فقال ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قال: فحدثناه. قال: فقال: صدق، لفيَّ واللهِ أُنزلت، كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: شاهداك أو يمينه، قلت: إنه إذًا يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن حلف على يمين يستحقّ بها مالًا، وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله -عز وجل- تصديق ذلك، ثم اقترأ هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾، إلى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 77]»[25].
3- عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صام ثلاثة أيام من كلّ شهر فذلك صوم الدهر)، فأنزل الله -عزّ وجلّ- تصديق ذلك في كتابه: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: 160]، فاليوم بعشرة أيام[26].
ويلحظ أن أكثر الأوجه ورودًا في توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير هو بيان المعنى بذِكْر حادثة معينة وبلغت مروياته (104) روايات، ويليه بيان المعنى وبلغت مروياته (20) رواية، ثم بيان النّسخ وبلغت مروياته (4) روايات، ثم بيان تصديق السنّة للقرآن وبلغت مروياته (3) روايات.
والرسم الآتي يوضح مقدار أوجه توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير:
وقد جاء توظيف أسباب النزول في التفسير عن ثمانية وخمسين (58) صحابيًّا، والجدول الآتي يبيِّن مقدار الوارد عن كلّ واحد منهم، مرتبةً حسب الأكثر:
م | اسم الصحابي | عدد المرويات |
1 | البراء بن عازب | 12 |
2 | أبو أمامة | 6 |
3 | سعد بن أبي وقاص | 6 |
4 | أبو ذر الغفاري | 5 |
5 | أم سلمة | 5 |
6 | زيد بن أرقم | 5 |
7 | زيد بن ثابت | 5 |
8 | بريدة بن الحصيب | 4 |
9 | حذيفة بن اليمان | 4 |
10 | عبادة بن الصامت | 4 |
11 | عبد الله بن سلام | 4 |
12 | أبو أيوب الأنصاري | 3 |
13 | خبّاب بن الأرَتّ | 3 |
14 | سهل بن حنيف | 3 |
15 | عبد الرحمن بن عوف | 3 |
16 | عبد الله بن أبي أوفى | 3 |
17 | النعمان بن بشير | 3 |
18 | أبو جبيرة بن الضحاك | 2 |
19 | أسماء بنت أبي بكر | 2 |
20 | أم هانئ | 2 |
21 | جندب بن عبد الله البجلي | 2 |
22 | الحارث بن ضرار الخزاعي | 2 |
23 | سلمة بن الأكوع | 2 |
24 | سهل بن سعد | 2 |
25 | عبد الله بن مغفّل | 2 |
26 | عمار بن ياسر | 2 |
27 | كعب بن عُجرة | 2 |
28 | معاذ بن جبل | 2 |
29 | المغيرة بن شُعبة | 2 |
30 | أبو الدرداء | 1 |
31 | أبو اليسر بن عمرو | 1 |
32 | أبو رهم كلثوم بن الحصين الغفاري | 1 |
33 | أبو عقيل | 1 |
34 | أبو عياش الزرقي | 1 |
35 | أبو هريرة | 1 |
36 | الأسلع بن شريك | 1 |
37 | أسلم أبي عمران | 1 |
38 | أسماء بنت يزيد | 1 |
39 | الأشعث بن قيس | 1 |
40 | بكر بن حارثة الجهني | 1 |
41 | تميم الداري | 1 |
42 | الحسين بن عليّ | 1 |
43 | حكيم بن حزام | 1 |
44 | خولة بنت ثعلبة | 1 |
45 | زينب بنت جحش | 1 |
46 | طارق بن شهاب | 1 |
47 | عاصم بن عدي | 1 |
48 | عامر بن ربيعة | 1 |
49 | العباس بن عبد المطلب | 1 |
50 | عبد الرحمن بن سمرة | 1 |
51 | عبد الله بن أبي حدرد | 1 |
52 | عبد الله بن عمر | 1 |
53 | عمران بن حصين | 1 |
54 | عمرو بن حريث | 1 |
55 | عوف بن مالك الأشجعي | 1 |
56 | الفلتان بن عاصم | 1 |
57 | قتادة بن النعمان | 1 |
58 | المسور بن مخرمة | 1 |
المجموع الإجمالي | 131 |
خاتمة:
سلّطنا الضوء في هذه المقالة على مسألة مركزية في مصادر التفسير، ألا وهي مسألة أوجه توظيف أسباب النزول في تفسير القرآن الكريم، بالنظر في مرويات الصحابة رضوان الله عليهم، وقد بينَّا أن الصحابة استخدموا أربعة أساليب في توظيف أسباب النزول، وهي: حكاية حادثة معينة ثم ذكر الآية، والاكتفاء بذِكْر مَن نزلت فيه الآية دون حكاية حادثة معينة، وذكر الآية ثم حكاية حادثة معينة، وذكر حادثة معينة والإشارة إلى آية دون التصريح بها.
وقد بلغت مرويات توظيف أسباب النزول في التفسير عند الصحابة مائة وإحدى وثلاثين (131) رواية، وبلغت أوجه توظيفهم لأسباب النزول في التفسير أربعة أوجه، وهي: بيان المعنى بذكر حادثة معينة، وبيان المعنى، وبيان النسخ، وبيان تصديق السنّة للقرآن.
وننبّه على أن ما ذكرناه في هذه المقالة إنما هو لبنة أُولى في دراسة أوجه توظيف الصحابة لأسباب النزول في التفسير، وأن هذا الموضوع بحاجة إلى تكثيف الدراسات التحليلية حوله لتدقيق النظر في الأوجه التي ذكرناها، والتي يمكن تفريع بعضها إلى عدة أوجه أكثر دقة، وكذا إعادة النظر فيها بصورة عامة من خلال الدراسة التحليلية المعمقة.
ومن خلال مقالتنا هذه ندعو المؤسّسات العلمية والبحثية والجامعات إلى العناية بدراسة أوجه توظيف السَّلَف بصورة عامة لمصادر التفسير دراسة تحليلية، وكذلك دراسة أوجه توظيف المفسِّرين لمصادر التفسير في تفاسيرهم، فهذه من المشاريع الرائدة شديدة الأهمية والتي تسهم بصورة كبيرة في تأسيس أصول التفسير ومعرفة مناهج المفسِّرين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
[1] ينظر: المفسرون من الصحابة جمعًا ودراسة وصفية، د/ عبد الرحمن المشدّ، إصدار مركز تفسير للدراسات القرآنية، عام 1437هـ= 2016م، (1/ 11- 34).
[2] وللتوسع في معرفة هذه الفكرة يمكن الرجوع إلى: (منهج تفسير القرآن بالقرآن؛ رصد لمرتكزات المنهج وجذوره، وتقويم لمنطلقاته وغاياته -محمد عناية الله أسَد سُبحاني أنموذجًا-) للباحث/ خليل محمود اليماني، وهو بحث منشور على موقع مرصد تفسير للدراسات القرآنية تحت الرابط الآتي: tafsiroqs.com/article?article_id=3871
[3] ومن ذلك ما يأتي:
- (أثر أسباب النزول في ترجيح المعنى عند المفسرين) للدكتور: حسن سالم هبشان، مجلة البحوث العلمية والدراسات الإسلامية، ع4، (12/ 183- 202)، سنة 2020م.
- (الترجيح بين دلالة السياق وسبب النزول) للدكتور: محمد أبو زيد، وهو منشور على موقع الدكتور تحت الرابط الآتي: cutt.us/ESiXb
[4] لعل الله ييسر لنا كتابة مفصّلة حول هذه الإشكالات.
[5] وذلك من خلال مقالة بعنوان: (الطريقة الشائعة في دراسة مناهج المفسّرين؛ عرض وتقويم -كتاب منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم للدكتور/ عبد الوهاب فايد أنموذجًا-)، وهي منشورة على موقع تفسير تحت الرابط الآتي: tafsir.net/article/5357
[6] ينظر: (تأسيس علم أصول التفسير قديمًا وحديثًا؛ قراءة في منهجية التأسيس، مع طرح مقاربة منهجية لتأسيس العلم) للباحث/ خليل اليماني، وهو بحث منشور على موقع تفسير تحت الرابط الآتي: tafsir.net/research/67
- (أصول التفسير في المؤلفات؛ دراسة وصفية موازنة)، إصدار: مركز تفسير للدراسات القرآنية.
- (التأليف المعاصر في قواعد التفسير؛ دراسة نقديّة لمنهجية الحكم بالقاعدية) إصدار: مركز تفسير للدراسات القرآنية.
- ويمكن متابعة السجال الحاصل في قضية أصول التفسير ومناقشتها من خلال طالعة المواد التي اشتمل عليها ملف أصول التفسير وقواعده من خلال الرابط الآتي: tafsir.net/article/5356
[7] وهذا العدد ليس داخلًا فيه مرويات ابن عباس وابن مسعود كما نبّهنا سابقًا.
[8] أخرجه البخاري في الصحيح (6/ 94) (4734).
[9] أخرجه البخاري في الصحيح (4/ 103) (3182).
[10] أخرجه البخاري في الصحيح (6/ 27) (4516).
[11] أخرجه البخاري في الصحيح (2/ 107) (1406).
[12] أخرجه البخاري في الصحيح (6/ 98) (4743)، ومسلم في الصحيح (4/ 2323/ 3033).
[13] أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص 194 (554)، والطبري في جامع البيان (21/ 535- 536)، والطبراني كما في جامع المسانيد لابن كثير (6/ 500) (8202)، وقال الهيثمي: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح» (مجمع الزوائد 7/ 104/ 11329).
[14] أخرجه أحمد في المسند (30/ 259) (18322)، وأبو داود في السنن (1/ 86) (320)، والنسائي في الكبرى (1/ 190) (296)، وذكر ابن أبي حاتم في العلل (1/ 32): أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث، فقالا: «هذا خطأ، رواه مالك، وابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار رضي الله عنه، وهو الصحيح، وهما أحفظ» ا.هـ، غير أن النسائي قال في الكبرى: «وكلاهما محفوظ».
[15] أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (8/ 2528) (14161)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن مردويه (6/ 133).
[16] أخرجه أحمد في المسند (3/ 204) (1667)، وقال الهيثمي: «رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه» (مجمع الزوائد 7/ 7/ 10939)، وقال السيوطي: «أخرج أحمد بسند فيه انقطاع...» (الدر المنثور 2/ 610).
[17] ذكره الثعلبي في الكشف والبيان (4/ 307).
[18] أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص194 (554)، والطبري في جامع البيان (21/ 535- 536)، والطبراني كما في جامع المسانيد لابن كثير (6/ 500) (8202)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى: سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن مردويه (7/ 352)، وقال الهيثمي: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح» (مجمع الزوائد 7/ 104/ 11329).
[19] أخرجه البخاري في الصحيح (6/ 27) (4516).
[20] أخرجه الطبري في جامع البيان (13/ 482)، وذكره الثعلبي في الكشف والبيان (4/ 347).
[21] عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن مردويه (5/ 74)، وقال ابن أبي حاتم: «سألت أبي... قال: إنما هو داود عن أبي أمامة بن سهل في قوله» (العلل 2/ 371).
[22] أخرجه أحمد في المسند (36/ 436) (22124)، وأبو داود في السنن (1/ 140) (507)، وابن خزيمة في الصحيح (1/ 197) (381)، والحاكم في المستدرك (2/ 301) (3085)؛ كلاهما مختصرًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه (1/ 427- 428)، وقال ابن خزيمة: «عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل رضي الله عنه» (صحيح ابن خزيمة 1/ 199)، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي في التلخيص.
[23] أخرجه البخاري في الصحيح (6/ 25) (4507)، ومسلم في الصحيح (2/ 802) (1145).
[24] أخرجه أحمد بن منيع في المسند كما في إتحاف الخيرة للبوصيري (4/ 45) (3139/ 1)، والمطالب العالية لابن حجر (8/ 431) (1706)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم (1/ 683).
[25] أخرجه البخاري في الصحيح (3/ 143) (2515)، ومسلم في الصحيح (1/ 122) (138).
[26] أخرجه أحمد في المسند (35/ 227) (21301)، وابن ماجه في السنن (1/ 545) (1708)، والترمذي في الجامع (2/ 127) (762)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».