مقاصد التشريع في آيات الصيام
بين جمال المبنى وجمال المعنى

تعدّدت مقاصد التشريع التي اشتملت عليها الآيات الكريمة التي قرّرت صيام رمضان، وهذا المقال يحاول الكشف عن بعض هذه المقاصد، كما يسلِّط الضوء على بيان ارتباط المقاصد بأحكام الصوم، وما فيها من جمال في الألفاظ وسموّ في المعاني.

  الصيام هو البيئة المناسبة لحياة الأرواح المؤمنة؛ حيث تصفو النفوس، وتخلص من علائق البدن ونوازعه ونوازغه؛ لا سيما في شهر رمضان، حيث تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب الجحيم، وتصفَّد الشياطين.

ويمثّل الصوم عبادة رئيسة للمسلمين يشتركون فيها جميعًا في شهر رمضان؛ ولمّا كان لهذه العبادة أهميتها إذ تمثل ركنًا في الإسلام، فقد اهتم القرآن بتشريعها وقرّر فرضيّتها في جملة آيات كريمات.

وإنّ الناظر في القرآن يلحظ تعدُّدَ أوجه الجمال اللفظي والمعنوي في آيات التشريع ليقترن جمال المبنى بجمال المعنى؛ فمع حلاوة اللفظ وعذوبته، ودقّة اختياره، وجمال التصوير فيه، ولطفه ورقّـته، مع روعة النظم، وفخامة التركيب وجزالته، وسلاسة الأساليب، ووجازة اللفظ مع كثرة المعنى؛ مع ذلك كلّه تجد -في هذه الآيات- روعة المعاني، وتنوع الحِكَم والمقاصد؛ ما بين مقصد التخفيف والتيسير، ومقصد الترفيه والتنعيم، ومقصد العفو والتكريم، إلى مقصد البيان والتبيين؛ ومدارها جميعًا على رحمة العباد والتخفيف عنهم والتوبة عليهم والعفو عنهم.

مقاصدُ عديدة، ومعانٍ لطيفة؛ يزداد بها جمال اللفظ مع جمال المعنى؛ فالقرآن واعظ حسن السمت، جميل الهيئة، خفيف الروح، عذب الحديث، قوله الجدُّ، وكلامه الفصل، ليس بالهذر ولا بالهزل، ولا برذيل ولا فاحش من القول.

وفي ضوء تلبّسنا بالصيام في هذه الإيام فإننا سنحاول في هذا المقال بيان بعض مقاصد التشريع التي اشتملت عليها الآيات الكريمة التي قرّرت صيام رمضان، ونبيّن ارتباطها بأحكام الصوم وما فيها من جمال في الألفاظ وسموّ في المعاني والمقاصد في التيسير على العباد وفرط رحمة الله بهم، وهو ما يُعِين على حسن أدائنا لعبادة الصيام واستشعارنا لفضل الله فيها.

المقصد الأول: تقوى الله واجتناب محارمه:

لعلّ هذا هو المقصد الأعظم الذي يبدو واضحًا من مطلع هذه الآيات الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183].

فتقوى الله تعالى -وهي العمل بطاعته واجتناب معصيته- هي حكمة الصوم ومقصده الأعظم؛ فمَن صلى وصام ولم يلتزم بشرع الله تعالى في حلاله وحرامه دلّ ذلك على أنه لم يفقه حكمة الله تعالى من فرض الصلاة والصوم؛ فالصوم تدريب عملي للنفس على تقوى الله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، كما أن حكمة الصلاة كذلك تأديب النفس بزجرها عن الفحشاء والمنكر؛ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: 45]. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أنْ يدَعَ طعامَه وشرابَه»[1].

فعلى المسلم أن يتقي الله في صومه، وأن يخلِّصه من شوائب اللغو والرفث والغِيبة والنميمة والكذب والنظر إلى الحرام وأكل الرشوة والحرام بكلّ صوره؛ حتى يقبل الله منه صيامه ويجزيه عنه أحسن الجزاء، فالصوم من جنس الصبر، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: 10].

المقصد الثاني: مقصد التخفيف والتيسير:

 لا تنفكّ أحكام تلك الشريعة السمحة الغرّاء عن رحمة وتيسير وتخفيف ولطف بالمؤمنين فيما شرع الله لهم؛ حتى فيما يتصوّر أن مبناه على الشدّة وتربية النفوس بالتكاليف الشاقّة.

وتلك الرحمة وذلك التخفيف مطّرد في عموم أحكام الشريعة من أشقّها إلى أخفّها؛ فالجهاد رفع الحرج فيه عن ذوي الأعذار؛ قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[الفتح: 17].

والحجّ جاء التخفيف والتيسير فيه في مواضع عديدة، لسنا بسبيل حصرها، ولكن نذكر منها قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[البقرة: 196].

والزكاة مبناها على التراحم والتخفيف عن الفقراء؛ إذ «تؤخَذ من أغنيائهم وتُـرَدُّ على فقرائهم»[2]، والصلاة باب التيسير فيها واسع ومنه في كتاب الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}[البقرة: 238، 239]. وفي الحديث: «صَلِّ قائمًا، فإِنْ لم تستطع فقاعدًا، فإِنْ لم تستطع فعلَى جنبٍ»[3].

وأما الصوم موضوع المقالة فالتخفيف والتيسير فيه ظاهر كذلك في مواضع عديدة؛ منه إباحة الفطر مع القضاء للمريض والمسافر، وإباحته مع الفدية بغير قضاء لأصحاب الأمراض المزمنة والعَجَزة الذين لا يطيقونه ونحوهم؛ قال تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة: 184].

وتظهر جماليات الرحمة في خطابه في كلّ ألفاظه ومعانيه؛ حتى إنه سبحانه ليخفّف الأمر على نفوسهم، ويهوِّنه عليهم؛ بالتعبير بجمع القلّة في قوله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}، وكأنه يقول لهم: إنها أيام قليلة سرعان ما تنقضي، وتمر سريعًا، فلا تضيعوا أجوركم فيها.

ومن رحمة الله تعالى بعباده أَنْ كرّر ما أنزل في إباحة الفطر مع القضاء تأكيدًا للحُكم، ورفعًا للحرَج عن عباده، ثم ذيّل ذلك التأكيد ببيان ذلك المقصد المطرد في أحكامه سبحانه وهو التيسير على العباد؛ قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: 185].

وكان يكفي في بيان مقصد التيسير أن ينصّ سبحانه على إرادة اليُسْر وحده، ولكنه أتى بهذه المقابلة ليؤكد أنه لا يريد بهم أدنى مشقة؛ لأنه لو اقتصر على إرادة اليُسْر وحده فقد يتوهَّم متوهِّم أنه يريد بنا اليُسْر وقد يريد بنا العُسْر كذلك؛ فنفى سبحانه ذلك التوهُّم؛ لأنه لا يريد بهم العُسْر وإن كان واقعًا بمشيئته لحِكَم عظيمة؛ فهو سبحانه لا يريده ولا يحبّه لعباده.

ويتّصل مقصد التخفيف والتيسير كذلك في رحمته بهم واستجابته لدعائهم ببيان قُربه منهم، وإجابته دعاءهم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: 186].

ونرى هنا بلاغة الحذف في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}؛ فإن هذا هو السؤال القرآني الوحيد الذي لم يُتْبِعه الله تعالى بلفظ (قُل) كما في جميع الأسئلة القرآنية؛ مثل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}[البقرة: 222]. وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: 189]. وغيرها كثير، والنكتة في الحذف هنا؛ حيث لم يقُل: (فقل إني قريب) أنه سبحانه أراد ألّا يجعل واسطة بينه وبين عباده في دعائه؛ فبلَّغهم بنفسه قربه منهم؛ وحذف ذكر الواسطة -على شرفه ومكانته عنده سبحانه- ليبين للعباد أَنْ لا واسطة بينه وبين عباده، وأنه قريب سميع مجيب.

فعلى العبد أن يعلم أن الله قريب منه، سميع لدعائه، فيخلص الدعاء له، ويسأله حاجته كلها، ولا يلجأ إلى أحد سواه.

المقصد الثالث: مقصد إرادته سبحانه التوبة على عباده والعفو عنهم:

من المقاصد والمعاني السامية في الآيات مقصد إرادته سبحانه التوبة على عباده والعفو عنهم، وهو مقصدٌ سارٍ في جميع فروع التشريع، ومتفرّع على مقصد التخفيف والتيسير؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء: 26-28]. فربَط الله سبحانه وتعالى بين إرادته التوبة على عباده وإرادته التخفيف عنهم.

وفي أحكام الصيام كذلك نرى التوبة على العباد والعفو عنهم بإحلال المعاشرة بين الأزواج في ليل الصيام -بعد أن كانت محرّمة عليهم في بادئ الأمر- تأتي من رحم التخفيف والتيسير توبةً على العباد وعفوًا عنهم ورحمةً بهم؛ قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}[البقرة: 187].

قال البغوي: «علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم، أي: تخونونها وتظلمونها بالمجامعة بعد العشاء، قال البراء: لما نزل صوم رمضان، كانوا لا يقربون النساء في رمضان كلّه، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ}: تجاوَز عنكم، {وَعَفَا عَنْكُمْ}: محَا ذنوبَكم، {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}: جامعوهنَّ حلالًا»[4].

وقد ذكر الطبري نحوًا من ذلك وأتبعه بذكر الآثار التي تبيّن كيف أن الأمر كان قد شقّ على بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان منهم من تخونه نفسه فيقع في أمر الجماع بالليل، وهو محرّم عليهم آنذاك.

وهذا يبين لنا مدى رحمته سبحانه وتخفيفه على العباد بمقصد إرادته التوبة عليهم وإعانتهم على حسن الامتثال والتطبيق.

فعلينا أن نقابل ذلك بشكره سبحانه على نعمته، وذلك بطاعته واجتناب معصيته، فالشكر إنما يكون بالقلب وباللسان.

المقصد الرابع: مقصد الستر والعفاف:

يظهر ذلك المقصد في مواضع لا تُحصى في القرآن الكريم، ولكنه يظهر بالأخصّ في مواضع الحديث عن إتيان النساء، وهو أمر يُستحيا من الخوض فيه بطبيعة الحال؛ لكن القرآن الكريم يعلمنا أدب الحديث حينما يحتاج المرء إلى التعبير عن ذلك الأمر الذي قد تدعو الحاجة إلى الحديث عنه؛ فلا تجد ثمة إسفافًا ولا خدشًا للمشاعر، ولا إثارة للغرائز على نحو ما ترى عند أصحاب الأدب المكشوف بدافع الواقعية -زعموا- وليس ثمة واقعية ولا صدق كواقعية القرآن في تلك الأمور وغيرها مع العفة التامة وكمال الأدب، والدليل على ذلك أن الكبير والصغير والمرأة الكبيرة والفتاة الصغيرة: الكلّ يقرأ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف: 24]. فلا يجد في نفسه امتعاضًا ولا يشعر بالحرج ولا الخجل أن يقرأها على الملأ بلا حياء أو انكسار؛ بل لا يشعر معها إلّا بالخشوع والوقار، مع تمام التعبير عن الحدث بتمامه بلا نقصان.

وفي تلك الآيات يجتمع الجمال اللفظي مع الجمال المعنوي بعدد من الوجوه البلاغية؛ يلوح لنا منها وجهان لا يمكن تجاهلهما:

1. بلاغة التضمين في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}[البقرة: 187].

2. بلاغة الاستعارة في قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة: 187].

- أمّا بلاغة التضمين في الآية فلا تسل عمّا فيها من السموّ والرقي بالإنسان عن عالم البهيمية والحيوانية؛ حيث ضمَّن الحقّ سبحانه وتعالى لفظ الرفث -بما له من معانٍ حيوانية وبهيمية صِرفة- معنى الإفضاء إلى الأزواج بالمشاعر وحلو الكلام والسَّمَر والتودد والتحابّ الذي يكون بين الأزواج بين يدي تلك الحاجة.

وذلك أن أصل الكلام أن يقال: (أحل لكم الرفث بنسائكم)؛ فإذا تعدّى الرفث بالباء لم يحتمل غير المعنى الحيواني المعروف للرفث؛ لكنه حيث عدّاه الله تعالى بـ(إلى) ضمَّنه معنى كلمة أخرى تتعدى بهذا الحرف إلى مثل: (الإفضاء إلى نسائكم)، وبنحوها جاءت الكناية اللطيفة السامية في التعبير عن هذا الأمر برقـيِّه الإنساني الذي كرّم الله به الإنسان في قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}[النساء: 21].

ولذا قال الراغب: «الكناية أبلغ وأقرب إلى التصريح من قولهم: خلا بها. قال تعالى: {وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ}»[5].

قال ابن جرير في تأويلها: «وقد أفضى بعضكم إلى بعض بالجماع»[6].

فالكناية هنا وكذلك في آية البقرة قد دلّت على المعنى الصريح بلفظ لطيف لا يخدش المشاعر؛ بل إنّ لفظ (أفضى) قد زاد في الدلالة على أصل معناه (خلا).

وبتضمين الرفث معنى الإفضاء ضُمِّن مع معناه الأصلي معنى آخر يرتقي به إلى الكمال الإنساني الذي جاء به الدستور السماوي الذي أراد للإنسان أن يرتقي في أفعاله، ويسمو بمشاعره التي تميَّـز بها عن الحيوان؛ لأنه وإن اشترك معه في صورة الفعل؛ فإنه يختلف عنه في معانيه ومقاصده.

- وأما بلاغة الاستعارة في قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة: 187]، «قال العز بن عبد السلام: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ} بمنزلة اللباس لإفضاء كلّ واحد منهما ببشرته إلى صاحبه، أو لاستتار أحدهما بالآخر، أو سكن. {اللَّيْلَ لِبَاسًا}[النبأ: 10] سكنًا»[7].

وقال الراغب: «جعل اللباس كناية عن الزوج، لكونه سترًا لنفسه ولزوجه أن يظهر منهما سوء، كما أنّ اللباس يمنع أن تبدو السوءة، وعلى ذلك جعلت المرأة إزارًا، وسمي النكاح حصنًا، لكونه حصينًا لذويه عن تعاطي القبيح»[8].

ولذلك قال الطبري: «لذلك وجهان من المعاني: أحدهما: أن يكون كلّ واحد منهما جُعل لصاحبه لباسًا، لتجرُّدهما عند النوم، واجتماعهما في ثوب واحد، وانضمام جسد كلّ واحد منهما لصاحبه، بمنزلة ما يلبسه على جَسده من ثيابه، فقيل لكلّ واحد منهما: هو {لِبَاس] لصاحبه.. والوجه الآخر: أن يكون جَعل كلَّ واحد منهما لصاحبه {لِبَاسًا}؛ لأنه سَكنٌ له، كما قال -جل ثناؤه-: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا}[الفرقان: 47]، يعني بذلك سكنًا تسكنون فيه. وكذلك زوجة الرجل سَكنه يسكن إليها، كما قال تعالى ذكره: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}[الأعراف: 189]؛ فجائز أن يكونَ قيل: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}، بمعنى: أنّ كلّ واحد منكم ستر لصاحبه -فيما يكون بينكم من الجماع- عن أبصار سائر الناس»[9].

قلتُ: وإذا كان المعنى في تلك الاستعارة الجميلة ما ذكر المفسرون؛ فإن الآية تَرقى بعد ذلك سموًّا لا يُدرك ولا يرقى إليه مفسِّر؛ إذ إنها قد أوحت بتلك المعاني جميعها، وفي الوقت نفسه لا يُشْتَمُّ منها رائحة عري ولا تجرد، ولا إغراء أو إثارة وتهييج للغرائز؛ لأنه يسمو بالنفوس فوق تلك المعاني كلّها إلى معاني الستر والعفاف والتلاحم والحميمية.

فيا ليتنا نتعلم أدب القرآن في مسالك التعبير عن تلك الحوائج بلا إسفاف ولا تَدَنٍّ أو إثارة، ونروض أنفسنا على ذلك.

ورفعًا للحرج عن النفوس يؤكّد الله تعالى هذا الحكم -وهو إباحة المعاشرة للأزواج في ليل الصيام- بكنايتين أخريين في قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[البقرة: 187]، ففيها كنايتان عن الوقاع:

الأولى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}. وهذه -على رقّتها ولطفها- لا تَقِلّ في بيان المعنى عن الاستعارة السابقة: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}،فالمباشرة مماسّة البشرة البشرة فهي واضحة الدلالة على المراد مع عفة اللفظ وسمو المعنى، وما يوحي به من مقدمات الوقاع من الملامسة والتقبيل ونحو ذلك.

قال الطبري: «فأما (المباشرة) في كلام العرب، فإنه مُلاقاة بَشَرة ببَشرة، و(بشرة) الرجل: جلدته الظاهرة.

وإنما كنّى الله بقوله: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} عن الجماع. يقول: فالآن إذ أحللتُ لكم الرفثَ إلى نسائكم، فجامعوهنّ في ليالي شهر رمضان حتى يطلع الفجر، وهو تبيُّنُ الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر»[10].

والثانية: قوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}، فقد ذكر المفسرون على أن المراد بابتغاء ما كتب الله تعالى هو طلب الولد، وليس له طريق إلّا الجماع، فدلَّ عليه بطريق الكناية واللزوم.

وهو أحد الأقوال الحسنة لأهل العلم في تفسيرها؛ قال ابن الجوزي: «قال بعض أهل العلم: لما كانت المباشرة قد تقع على ما دون الجماع، أباحهم الجماع الذي يكون من مثله الولد، فقال: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يريد: الولد»[11].

فانظر كيف عبّر عن المعنى الواحد بأربع صور مختلفة تنوّع فيها التعبير بين التضمين والاستعارة والكناية رفعًا للحرج عن نفوسهم؛ لأنهم سيقدمون بعد نزول الآيات على ما كان محرمًا عليهم من قبل؛ فربما تحرَّج بعضهم مِن فعله، فرفع الله عنهم ذلك التحرّج بتكرير المعنى ذلك التكرير الذي أراد به توكيد المعنى وتقريره.

المقصد الخامس: مقصد الامتنان على العباد بتنعيمهم وترفيههم بالطيبات لعلهم يشكرون:

وهذا المقصد كذلك متفرّع على مقصد التيسير والتخفيف؛ لكنه قد زاد في إكرامه سبحانه لعباده إلى حدّ التنعيم والترفيه، وأدلة ذلك لا تنحصر؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: 70]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: 29]، وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: 21]، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[النحل: 72].

والآيات في ذلك كثيرة، والمقصد منها جميعًا الامتنان على العباد بكثرة النعم لعلهم يشكرون.

وفي الآيات التي نحن بصددها يمتنُّ الله على عباده ويُنَعِّمهم بما أحَلَّ لهم من نعمة الإفضاء إلى أزواجهم والسكن إليهم واستمتاع كلّ من الزوجين بالآخر -في ليل الصيام- وائتناسه به؛ فضلًا عن إباحة الاستمتاع بالطيبات من الطعام والشراب، وبيّن أن ذلك كلّه منبثق من مقصد العفو والصفح والتيسير؛ قال تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: 187].

فالأوامر هنا: {بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا... وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}؛ أساليب إنشائية المقصد منها الإباحة والامتنان على العباد.

ونلاحظ أن الله تعالى قد امتنَّ على هذه الأمة بوجوه من الطيبات أحلَّها لهم؛ حتى صارت المحرمات محصورة معدودة، وصار الأصل هو الحِلّ، وهذه الطيبات حرمها الله على الأمم السابقة؛ ففي باب الأطعمة أحلَّ لنا ما حرّم على الذين هادوا من قبل؛ قال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[الأنعام: 145، 146].

وفي باب النكاح والمعاشرة؛ أحلّ الله لنا كلّ وجوه الاستمتاع بالنساء إلّا في الموضع المحرَّم والزمان المحرَّم (الدُّبُر والحيضة)؛ قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة: 223].

عن الربيع قوله: «{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقول: مِن أين شئتم.. ذُكِر لنا -والله أعلم- أن اليهود قالوا: إنّ العرب يأتون النساء من قِبَل أعجازهن، فإذا فعلوا ذلك، جاء الولد أحْوَل، فأكْذَبَ الله أُحدوثتهم فقال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}»[12].

وكلّ هذا يقتضي الشكر لله تعالى بالقلب وباللسان وبالصيام والقيام وكثرة الذِّكر ووجوه العبادة المختلفة، ومراعاة ذلك في شهر الصيام خاصّة بعدم إظهار الضجر من التكليف وأهمية استحضار مقام العبودية لله تعالى، وأنّ ما خفّفه علينا فقد خفّفه مِنّة منه، وفضلٌ يستحقّ الشكر.

وتأتي الكناية الرائعة: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: 187]متناسقة مع مقصد التيسير والتخفيف والامتنان؛ فهي تبيح لهم الطعام والشراب من غروب الشمس إلى ظهور الفجر الصادق وتبيُّنهم إيّاه؛ فلا عِبرة في ذلك بالشكّ؛ بل العبرة باليقين؛ ولذا ورَد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في ذلك قوله: «كُلْ ما شَكَكْتَ حتى لا تَشُكّ»[13].

وقد فهم بعض الصحابة أنّ الآية على حقيقتها؛ لأنها في سياق الامتنان بالأكل والشرب إلى تلك الغاية المذكورة، وهي تبيُّن الخيط الأبيض من الأسود؛ غير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بيَّن لهم أنها ليست على حقيقتها؛ بل يراد بها الكناية عن سواد الليل وبياض النهار؛ فعن عَدِيّ بن حاتم قال: «قلتُ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أَهُما خَيطان: أبيض وأسود؟ فقال: «إِنّك لَعَرِيض القَفَا إِنْ أبصَرْتَ الخَيْطَين»، ثم قال: «لا، ولكنه سواد الليل وبياض النهار»[14].

ومن بلاغة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى وكأنَّ عَدِيًّا قد استغرب حمل الآية على الكناية؛ فأجابه بكناية يوقظه بها بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنك لَعَرِيض القَفَا»، فهي كناية كذلك عن سوء الفهم.

المقصد السادس: البيان والتبيين لأحكام الدين:

من رحمة الله تعالى وإرادته التخفيف والتيسير على عباده أن بيَّن لهم أحكام الدين، ولم يدَعْ أحكامه التي يتوقف عليها نجاتهم ملتبسة عليهم؛ قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[البقرة: 187].

وهذا مقصد مستقلّ، وهو بيانه سبحانه لأحكام دينه فلا يكون ملتبسًا على عباده؛ بل يكون ميسرًا لهم العملُ به، وإن كان هذا تابعًا في الحقيقة لمقصد إرادة الله التوبة على عباده؛ حيث حضّ الناس هنا على عدم مجرد الاقتراب من حدود الله وتحذيرهم من ذلك، حتى يعينهم على حسن الابتعاد عن المنهيات.

ومع جمال هذا المعنى ووضوح هذا المقصد يأتي جمال المبنى، ودقّة اللفظ، وروعة الأسلوب ليزداد الكلام جمالًا على جماله؛ قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}، نرى بلاغة اللفظ القرآني ودقّـته هنا؛ حيث جاء التعبير بلفظ: {فَلَا تَقْرَبُوهَا}؛ حيث كانت حدود الله هنا من المناهي التي حرّمها الله تعالى؛ خلافًا لِما جاء في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}[البقرة: 229]؛ وذلك حيث كانت حدود الله هنا وقوفًا عند ما أحَلَّ سبحانه لعباده.

الخاتمة:

نتبيَّن من خلال تأمُّل آيات الصيام أنّ ديننا دين رحمة ويُسْر، وأن مِن أعظم مقاصد الشارع الحكيم التيسير على عباده، والتخفيف عليهم، وإرادة التوبة عليهم والعفو عنهم؛ ولذا بيَّن لهم أحكام دينهم، وذكَّرهم بطاعته ونهاهم عن مخالفته ومعصيته.

فيجدر بنا في هذا الشهر الكريم أن نعمل على تحقيق مقاصد الشرع الكريم من الصيام، وجماعها وأعظمها على الإطلاق تقوى الله تعالى؛ فهي الحكمة من الصوم والمقصد الأعظم منه.

فعلى المسلم أن يعمل في هذا الشهر الكريم على تخليص صيامه من كلّ شائبة؛ بأن يحقّق مقصده الأعظم بتقوى الله في كلّ أعماله؛ فيكون رقيبًا على قلبه ولسانه وجوارحه فلا يعمل -عمومًا، ولا في هذا الشهر خاصّة- إلّا بما يُرضِي الله تعالى.

ولعلّ هذا يكون من أعظم الصور التي يحقّق بها شكر الله تعالى على نعمة تيسير الصوم، وتخفيف العبادة وتيسيرها، وإباحة الطيبات في هذا الشهر الكريم.

 

 

[1] صحيح البخاري، كتاب الصوم: باب مَن لم يدع قول الزُّور، والعمل به في الصوم، (3/ 26)، ح/ 1903.

[2] جزء من حديث في صحيح البخاري، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، (2/ 104)، ح/ 1395.

[3] صحيح البخاري، كتاب الصلاة: باب إذا لم يُطِق قاعدًا صلَّى على جنب، (2/ 48)، ح/ 1117.

[4] تفسير البغوي، طبعة: إحياء التراث، (1/ 229).

[5] المفردات في غريب القرآن، (ص639).

[6] تفسير الطبري، جامع البيان، تحقيق: محمود شاكر، (8/ 126).

[7] تفسير العز بن عبد السلام، تحقيق: د/ عبد الله الوهبي، ط: دار ابن حزم، (1/ 192).

[8] تفسير الراغب الأصفهاني (1/ 398).

[9] تفسير الطبري، جامع البيان، (3/ 492).

[10] تفسير الطبري، جامع البيان، (3/ 504).

[11] زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، ط: دار الكتاب العربي- بيروت، (1/ 149).

[12] تفسير الطبري، جامع البيان، (4/ 402).

[13] جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر، ط: دار المعرفة- بيروت، (4/ 135): «وقد روَى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: أحلَّ اللهُ لك الأكل والشرب ما شككْتَ. ولابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر نحوه، ورَوى ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحى قال: سأل رجلٌ ابنَ عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه: كُلْ حتى لا تشُكّ، فقال ابن عباس: إنّ هذا لا يقول شيئًا، كُلْ ما شككْتَ حتى لا تشُكّ. قال ابن المنذر: وإلى هذا القول صار أكثر العلماء».

[14] تفسير الطبري، جامع البيان، (3/ 513).

الكاتب

الدكتور عبد الحميد هنداوي

أستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد الأدبي بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وله عدد من المشاركات العلمية المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))