قراءة في كتاب (مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم بين الإثبات والنفي)
تأليف: د. عبد الرزاق حسين أحمد

اعتنى كتاب «مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم» بتحرير مسألة تكرار النزول، وهي من المسائل الجزئية التي كانت -وما زالت- محلّ نزاع بين العلماء، وهذه القراءة تسلِّط الضوء على هذا الكتاب، وتستعرض أهدافه ومحتوياته، وأبرز مميزاته، وأهم الملحوظات حوله.

  حفلت مكتبة الدراسات القرآنية بالعديد من المؤلفات التي صُنِّفت في علوم القرآن، وظلَّت حركة التأليف مستمرة؛ سواء أكانت في نوع واحد من أنواع علوم القرآن، أم في جمع جزئي لعدد من الأنواع، إلى أن جاءت مرحلة كتاب «البرهان في علوم القرآن» للزركشي (ت 794هـ) الذي استوعب معظم أنواع علوم القرآن، وكذلك كتاب «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ت 911هـ)، والناظر إلى حركة التأليف بعد كتابي البرهان والإتقان يلحظ أن ثمة جمودًا في حركة التأليف، وأن معظم المؤلفات بعدهما تُردِّد ما ذكره الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان؛ إلا ما كان من جهود ومحاولات فردية محدودة.

ومع تشعُّب أنواع علوم القرآن وتعدُّد المسائل تحت كلّ نوع من أنواعها؛ لم تحظَ بعض المسائل الجزئية بالعناية اللائقة بها من الدراسة والتحليل، رغم حضورها في كتب علوم القرآن وكتب التفسير.

ومن أبرز هذه المسائل الجزئية التي كانت محلّ نزاع بين العلماء، وعرَض لها المؤلِّفون في علوم القرآن عمومًا وفي نزول القرآن خصوصًا: (مسألة تكرّر نزول بعض الآيات من القرآن الكريم).

وهي من المسائل التي تحتاج إلى استقراء موسَّع في كتب علوم القرآن، والتفاسير، وكتب الحديث؛ بغية استخراج المادة العلمية ذات الصلة بالمسألة، ثم تتشكَّل هذه المادة العلمية في صورة تجمع بين التنظير والتطبيق، وخصوصًا الجانب التطبيقي؛ بسبب إخفاق الدراسات السابقة في مجاوزة الجانب التنظيري والنهوض بعمل تطبيقي يُحرّر المسألة ويفصل بين الآراء بصورة علمية محرّرة مكتملة البناء.

إنّ الباحث المتأمل في هذه المسألة يدرك تمامًا أن هذا البناء لمَّا يكتمل بعدُ، وأنه بحاجة إلى مزيد تنقيح وإنضاج.

ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب: (مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم بين الإثبات والنفي)، وأهمية تناوله بالقراءة والتحليل، حيث إنّ الباحث طرح المسألة بطرحٍ استقصى فيه أقوال القائلين بها، وفحص الأدلة التي استدلَّ بها كلّ فريق منهم، مع شدّة الاعتناء بالجانب التطبيقي وقوة التحرير العلمي، لا سيما أنّ للباحث رسالة ماجستير موسومة بـ(المكي والمدني في القرآن الكريم: دراسة تأصيلية نقدية للسور والآيات من أول القرآن إلى نهاية سورة الإسراء)، ولا تخفى شدة ارتباط موضوع المكي والمدني بالمسألة، وهذا يُبيِّن عناية الباحث بالدراسات التطبيقية.

فكيف تعامل المؤلف مع هذه المسألة؟ وكيف أجاب في كتابه عن التساؤلات والإشكالات التي طرحها؟ هذا ما تسعى هذه القراءة إلى بيانه والكشف عنه[1].

 

[1] فازت هذه القراءة بالمركز الرابع في مسابقة موقع تفسير (قراءة في كتاب)، والتي أعلن عنها 12/ 10/ 1440هـ الموافق 15/ 6/ 2019م. (موقع تفسير).

الكاتب

محمد السيد صديق

حاصل على ليسانس اللغة العربية - كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وباحث ماجستير في شعبة الدراسات الإسلامية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))