تعريف بكتاب
The European Qurʾān
Encounters with the Holy Text of Islam from the Ninth to the Twentieth Century
الكتاب:
The European Qurʾān
Encounters with the Holy Text of Islam from the Ninth to the Twentieth Century
القرآن الأوروبي
التفاعل مع النصّ المقدّس للإسلام من القرن التاسع إلى القرن العشرين
الكاتب:
جان لوب - Jan Loop
نعيمة عفيف، وفيلميوزيم فاين - Naima Afif and Weltmuseum Wien
دار النشر:Ashland, Oregon: White Cloud Press
تاريخ النشر: 2024م.
عدد الصفحات: 128.
الترجمة: الكتاب غير مترجم للعربية.
محتوى الكتاب:
يأتي الكتاب في ثماني دراسات تليها خاتمة.
الدراسة الأولى: القرآن في التاريخ والثقافة الأوروبية، جان لوب ونعيمة عفيف:
تُعتبر هذه الدراسة بمثابة مقدّمة للعمل، وتهتم بإبراز الدور الكبير للقرآن في تطوّر الثقافة الأوروبية الحديثة، فبينما يُنظر تقليديًّا إلى القرآن والإسلام باعتبارهما (الآخر) لأوروبا، وأنّ الإسلام بشكل عام والقرآن بشكل خاصّ غريبان على الثقافة والمؤسّسات السياسية في أوروبا، ترى هذه الدراسة أن هذا التصوّر يتناقض مع سرد الثقافة الغربية الذاتي لإنجازاتها الثقافية: التنوير، والعلمنة، والتسامح الديني.
تشير هذه الدراسة إلى أهداف هذه المنحة البحثية، فقد تم تطويرها كجزء من مشروع بحثي كبير بتمويل أوروبي، بهدف مواجهة هذا الاعتقاد الشائع وسرد قصة مختلفة من خلال توثيق الدور الذي لعبه القرآن في تشكيل الثقافة والدين والعلم والسياسة في أوروبا من خلال ترجمة القرآن في إطار اللغة والمعتقد الغربي.
الدراسة الثانية: القرآن في التقليد اللاتيني، جان تولان:
تناقش هذه الدراسة ترجمة القرآن في السياق اللاتيني والتناقض الذي شهده التعامل المسيحي اللاتيني مع القرآن؛ ففي أوروبا في العصور الوسطى، رأى المثقفون المسيحيون الذين قرؤوا القرآن عمومًا أنه وحي كاذب، وهو كتاب مهرطق كان مؤلِّفه إمّا الشيطان أو محمد أو كلاهما. ومن وجهة نظرهم المسيحية، لم يكن هناك مكان لنبي بعد المسيح، ولا سبب لوجود كتاب مقدس جديد، ولا شرعية للإسلام كدين، إنّ العلماء اللاتينيين الأوائل الذين قرؤوا القرآن وترجموه فعلوا ذلك من وجهة نظر معادية إلى حدّ كبيرٍ. ومع ذلك، فإنّ مواجهتهم للكتاب المقدّس الإسلامي تسبّبت في تناقض: فبينما كان ردّ الفعل السائد هو رفض النصوص المقدسة (المهرطقة) المختلفة، تعامل العديد من القرّاء مع القرآن بمزيج من العداء والفضول، وفي بعض الأحيان الإعجاب الصريح، وهو ما تُسلِّط هذه الدراسة الضوء عليه.
الدراسة الثالثة: القرآن في سياق الأقليات الأوروبية المسلمة في إيبريا ووسط أوروبا، مارسيدس غارثيا أرينا:
تهتم هذه الدراسة بالتعامل اللغوي للأقليات المسلمة في أوروبا مع القرآن، فقد وجدت المجتمعات الإسلامية التاريخية في أوروبا -بخلاف تلك الناتجة عن التوسّع العثماني- في المقام الأول في منطقتين: شبه الجزيرة الأيبيرية، موطن المدجنين (المسلمون الذين بقوا بعد الفتح المسيحي) والموريسكيين (المسلمون السابقون الذين أُجبِرُوا على التحوّل إلى المسيحية)، ودوقية ليتوانيا الكبرى، موطن التتار (استقر المسلمون في الكومنولث البولندي الليتواني). وقد وَجَدَت هذه المجموعات نفسها محاطة بمجتمعات ذات أغلبية مسيحية، وطوّرت إستراتيجيات مماثلة بشكلٍ ملحوظ للحفاظ على ثقافتها ومعارفها الدينية. وقد ظهرتْ مستوطنات هذه المجتمعات الإسلامية الأوروبية بشكلٍ مستقلّ عن التوسّع العثماني في أوروبا وقبله. على مدى قرنين تقريبًا في حالة السكّان الموريسكيين (من غزو غرناطة عام 1492 إلى طرد الموريسكيين عام 1609، وثلاثة قرون في حالة التتار: من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر)، كان إنتاجهم الأدبي مكتوبًا بخط اليد حصريًّا. وقد حافظَ العديد من أعضاء كِلتا المجموعتين على تقواهم الإسلامية، لكن الكثير منهم لم يكونوا على دراية باللغة العربية، لغة الوحي القرآني المقدّسة، مما استدعى بعض الإستراتيجيات للوصول للقرآن بشكلٍ معرفي وطقسي.
وبدون الوصول إلى ثقافة بعضهم، قام كلٌّ من الموريسكيين والتتار بتكييف الأبجدية العربية للكتابة بلغتهم الخاصّة، وهي الرومانسية والسلافية على التوالي. وقد مكّنتهم إستراتيجية التكيّف هذه من الحفاظ على الجانب المقدّس من القرآن مع القدرة على قراءته وتداوله.
الدراسة الرابعة: القرآن غنيمة تركية، بول بابنيسكي:
تتحدّث هذه الدراسة عن المخطوطات القرآنية التي تم العثور عليها كـ(غنيمة حرب) أثناء الحروب الغربية مع الدولة العثمانية، تناقش الدراسة كيف أنّ العلماء المسيحيين وأثناء سعيهم إلى تجاوز جدالات القرون الوسطى وفهم الإسلام مباشرة من المصادر الإسلامية، وقبل كلّ شيء القرآن= واجهتهم صعوبة أساسية وهي عدم إمكان العثور على مخطوطات القرآن العربية، فلم تكن هناك نسخة مطبوعة من القرآن متاحة حتى عام 1694. وحتى مع بدء جمع المخطوطات الإسلامية على نطاق واسع في أوروبا الغربية والوسطى، ظلّت نُسَخ القرآن العربية نادرة، فقد تحفّظ المسلمون في بيع القرآن للرحّالة المسيحيين؛ ونتيجة لذلك، نجد المستشرقين الأوروبيين ينسخون النصّ العربي بأكمله يدويًّا في القرن السابع عشر كطريقة وحيدة للوصول إلى نُسخة من القرآن.
إلا أنّ الأمر تغيّر حين وصلت العديد من المصاحف الأولى إلى أوروبا المسيحية كغنائم حرب، خاصّة من المجر وجنوب شرق أوروبا، حيث الحروب الغربية على الدولة العثمانية، وصلت هذه المصاحف، التي أخذها الجنود عادة بعد الحصار والمعارك، مع موجات من المواد المنهوبة الأخرى، والتي تسمّى Türkenbeute (الغنيمة التركية)، وقد قام مراقب ألماني من القرن الثامن عشر بفهرسة العناصر الموجودة في كمية الغنائم التي وصلت من بلغراد، وكانت تحتوي على العديد من الأشياء -الاستثنائية واليومية- بما في ذلك (القرآن المنمنم).
الدراسة الخامسة: القرآن في الجدل المسيحي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، آصاف بن توف:
يَعتبر الكاتب في هذه الدراسة أنّ إحدى طرق التفكير في الجدل المسيحي الإسلامي في فترة ما قبل الحداثة هي تخيل مباراة تنس غاضبة بين الأديان. وبصرف النظر عن الطبيعة العدائية لهذه الاستعارة، فإنها وكما يوضح الكاتب بحركاتها ذهابًا وإيابًا، توضح أيضًا جدلية مثل هذه التفاعلات. وفي عصر حيث كانت المعتقدات الدينية تعتبر يقينية والاختلاف خطأ، كانت مباريات التنس المجازية هذه تكاد تكون حتمية. وفي الوقت نفسه، فإنّ لاعبي التنس المنخرطين في نشاط متبادل لديهم الكثير من القواسم المشتركة ويتفقون -على الأقل بشكل غامض- على قواعد اللعبة.
يشير الكاتب إلى أنّ هذه الاستعارة مع قدرتها على تمثيل طبيعة جدالات هذه الفترة، إلا أنّها قد تحجب جانبًا مركزيًّا من طبيعة القراءات الجدلية المسيحية للقرآن في القرنين السادس عشر والسابع عشر؛ فهي تفترض أن مسيحية متماسكة وموحَّدة تشن حربًا جدلية ضد إسلام متماسك وموحَّد. لم يكن هذا هو الحال، تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على التنوّع الكبير للمسيحية التي تناولت الإسلام في هذه الفترة، وكيف حضر الإسلام -بصور مختلفة عنه- في خضمّ الجدالات المسيحية-المسيحية.
الدراسة السادسة: طباعة القرآن، روبرتو توتولي:
تتناول هذه الدراسة مسألة طباعة القرآن، والأثر الكبير لها على انتشار القرآن وتناوله. فتوضح أنه وعلى الرغم من أنّ الطباعة واسعة النطاق لم تبدأ في العالم الإسلامي إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إلا أنّ تأثيرها كان كبيرًا في إنتاج ونشر النُّسَخ المكتوبة من القرآن الكريم.
فتماشيًا مع التاريخ الثقافي للعديد من الحضارات الأوروبية وغيرها، أدّت الطباعة إلى زيادة غير مسبوقة في الثقافة المكتوبة، والتي تم تسهيلها بشكلٍ أكبر من خلال التحسينات التكنولوجية المستمرة في إنتاج الكتب ودعم الوسائط الأخرى التي سمحت بالتوسّع التدريجي للقرآن. لكن طباعة القرآن الكريم على أنظمة الطباعة المتحركة لم تبدأ في العالم الإسلامي بل في أوروبا. وقد جرت بالفعل محاولات مختلفة لإنتاج النصوص الأُولى باللغة العربية منذ أوائل القرن السادس عشر. كانت الطباعة بالحروف العربية تحدّيًا تقنيًّا كبيرًا في صناعة إنتاج الكتب المبكّرة. وقد تمّت طباعة أول مصحف في أوروبا على هذه الخلفية التاريخية والتكنولوجية. وكانت الأسباب الكامنة وراء هذا المشروع الفعلي معقّدة للغاية ومختلفة عن السبب الذي دفع المسلمين إلى البدء في طباعة القرآن الكريم في القرن التاسع عشر، تُلْقِي الدراسة الضوء على هذه الأهداف وعلى التأثير الذي أحدثته الطباعة على القرآن.
الدراسة السابعة: القرآن والأدب الرومانسي، إيمانويل ستيفانيدز:
تتناول هذه الدراسة أهمية القرآن في أوروبا الحديثة، من خلال تناول التعامل الرومانسي مع قصصه، والذي يتجلّى بوضوح في فكر عالم اللغات الشرقية أنطوان جالان (1646- 1715)، فتوضح كيف تجاوز جالان قرونًا من التناول الجدلي المسيحي للكتاب المقدّس الإسلامي التي كانت ترفض إبداء أيّ إعجاب بالقصص القرآني حيث يفتح هذا الكثيرَ من الإشكالات اللاهوتية، وشدّد في المقابل على المتعة التي يستمدها المرء من قراءة القصص القرآني، هذا الفضول الأدبي الذي أبداه جالان تجاه الكتاب المقدّس للإسلام يستبق عصر ما بعد التنوير: ففي القرن الثامن عشر فحسب ظهر التقدير الكبير لتعليقات جالان على القصص القرآني، وبدأ التوسّع في النظر للقصص القرآني رومانسيًّا كقصص يجسِّد خبرة بشرية عميقة ومؤثِّرة وجميلة.
الدراسة الثامنة: الكولونيالية والقرآن:
انطلق نابليون بونابرت في رحلته إلى مصر عام 1798. وكان مزوَّدًا بأحدث ترجمة فرنسية للقرآن من تأليف كلود إتيان سافاري، واستغلّ الوقت الذي أمضاه على متن السفينة للتعرّف على دين أولئك الذين كان على وشك غزوهم. ولدى وصوله إلى مصر واجه مقاومة شرسة من المصريين وعلى رأسهم علماء الأزهر. ردًّا على ذلك، تبنّت السلطات الاستعمارية الفرنسية إستراتيجية تصالحية، ممزوجة بالخطاب الإسلامي. لقد قرأ المستشرقون الفرنسيون القرآن وفسّروه بجد، وقاموا بصياغة رسائله لتتوافق مع أهدافهم الاستعمارية. كما حاولوا ترجمة التصريحات الفرنسية إلى (العربية القرآنية) لإضفاء الشرعية الدينية على نظام الاحتلال. وعلى الرغم من أنّ الفرنسيين لاحظوا أنّ المسلمين المصريين لم يصدقوا ادعاءاتهم باعتناقِ الإسلام، وحفظِ القرآن، والتخطيطِ للختان. كان لدى بونابرت (نزعة غير جذابة لتصديق دعايته)، يوضح هذا المقال الترابطات المتعدّدة الأوجه بين الاستعمار وانخراط أوروبا في الصراع على القرآن. من خلال تحدي التصورات التبسيطية حول كيفية (انفصال) القرآن عن الممارسات الاستعمارية الأوروبية، سأقدّم فهمًا أكثر دقّة للعلاقة المعقدة بين الاستعمار الأوروبي واستخدام القرآن استنادًا إلى دراسات الحالة البريطانية والفرنسية والنمساوية والمجرية والألمانية.
أهمية الكتاب:
يزداد في السنوات الأخيرة الاهتمام بتقديم قراءة في تاريخ الترجمات الغربية للقرآن؛ في العصر اللاتيني المسيحي ثم في عصر النهضة والإصلاح فعصر التنوير، لا باعتباره مجرّد تاريخ لترجمة وطباعة القرآن، أو تفاعلًا أُحادي الاتجاه من الغرب تجاه الإسلام ينتهي لتشويه كتابه المقدس، بل باعتباره تاريخًا من التفاعل بين الغرب والقرآن أحدث الكثير من الآثار على الفكر الغربي الحديث نفسه، حيث يُعَدّ الفكر والتاريخ الغربي من وجهة النظر هذه، وفي أحد أوجهه؛ نتاجَ التفاعل الجدلي والإصلاحي والتنويري والرومانسي مع القرآن، حيث ترك القرآن أثره على كلّ هذه المناشط.
لا يتوقف هذا الاهتمام على الدراسات والبحوث المفردة، بل يشمل المعارض والكتب وأعدادًا مخصّصة من المجلات العلمية يدعمها مشروع (القرآن الأوروبي) تتناول مساحات واسعة ومتنوعة من التفاعلات الغربية مع القرآن، وهذا الكتاب هو أحدث هذه الكتب، ويضمّ عددًا منوعًا من الدراسات للباحثين المشتركين في مشروع (القرآن الأوروبي)؛ مما يجعل من المهم التعريف به ليطّلع عليه القارئ العربي.