حرف (ثُمَّ) في القرآن الكريم
%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85_.jpg)
حرف (ثُمَّ) في القرآن الكريم[1]
مذهب جماهير النحاة أنّ هذا الحرف يدلّ على ثلاثة أمور: التشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة[2]. وما جاء ظاهره مخالفًا لهذه الأمور الثلاثة تأوّلوه[3].
أمّا كونها تدلّ دائمًا على التشريك في الحكم فقد خالف فيه -كما نَصّ على ذلك جماعة من النحاة- الكوفيون والأخفش، فقالوا بجواز أن تأتي زائدة، وخرَّجوا على ذلك (ثُم) في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: 118][4]، فجعلوا جملة: ﴿تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ جوابًا لـ(إذا) الظرفية الشرطية في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ﴾، و(ثُم) زائدة.
وهذا القول لم أجد مَنْ قال به من المفسِّرين، بل نَصَّ أبو حيان في تفسيره على ضعفه، فقال: «ودعوَى أنّ (ثُمّ) زائدةٌ، وجواب (إذا) ما بعد (ثُمّ)، بعيدٌ جدًّا، وغير ثابت من لسان العرب زيادة (ثُم)»[5].
ومن مستحسن كلام الإمام الطبري قوله: «وغير جائز إبطال حرفٍ كان دليلًا على معنى في الكلام»[6].
والقول الآخر في الآية أن (ثُم) على بابها في إفادة الترتيب والمهلة، وجواب (إذا) محذوف، وممن قال به من المفسِّرين أبو حيان والبقاعي على خلافٍ بينهم في تقدير الجواب[7]، وهذا القول هو الذي ينبغي التعويل عليه.
ومن الآيات التي قيل فيها بجواز زيادة (ثُم) قولُه تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾ [آل عمران: 152]، ونَسب المهدوي هذا القول إلى أبي عليّ الفارسي[8]. وتعقّب ابن عطية نقل المهدوي هذا عن أبي عليّ، وقال بأنه لا يشبه نظر أبي عليّ الفارسي، ثم بَيَّن أنّ قول سيبويه والخليل وفرسان الصناعة أن جواب (إذا) محذوف مقدَّر يدلّ عليه المعنى[9].
وأمّا دلالة (ثُم) على الترتيب[10] فخالف فيه بعض النحاة، فذهب إلى أنّ (ثُم) قد تأتي غير دالة على الترتيب، واحتجّ بقوله تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [الزمر: 6]، وقوله تعالى: ﴿...ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: 153- 154][11].
وقد أُجيب عن هذين الدليلين بأجوبة. وممن جمع تلك الأجوبة ابن هشام في (مغني اللبيب)، فذكر في قوله تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [الزمر: 6]، خمسة أوجه تصحّح الترتيب، جمعها -كما ظهر لي- من أقوال مَن سبقه من النحاة والمفسِّرين، وفيما يأتي ذِكْرٌ لهذه الأوجه وقائليها:
الأول: أنّ العطف على محذوف، والتقدير: خلقكم من نفس واحدة، أنشأها ثم جعل منها زوجها. وهذا قول الزجّاج في كتابه (معاني القرآن وإعرابه)[12].
الثاني: أنّ العطف على ﴿وَاحِدَة﴾ على تأويلها بالفعل، وليس على ﴿خَلَقَكُمْ﴾. والمعنى: خلقكم من نفس توحَّدَت، أي: انفردَت، ثم جعل منها زوجها، و(ثُم) على هذا الوجه بمعناها؛ لأنّ خَلْق حواء بعد خَلْق آدم. وهذا الوجه أحد الوجهين اللذَيْن جوّزهما الفرّاء في (معاني القرآن)[13].
الثالث: أنّ الخَلْق الوارد في الآية يُراد به ما كان من إخراج الذرية من ظهر آدم -عليه السلام- كالذّر، ثم خُلِقَت حواء من قُصَيْرَى آدم بعد إخراج الذرّية. واختار هذا الوجه الإمام الطبري بعد نقله للوجهين اللذَيْن جوّزهما الفرّاء، وعلّل اختياره له بأنّ الرواية جاءت به عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم[14]. وقال: «والقولان الآخران على مذاهب أهل العربية»[15].
الرابع: أنّ الخَلْق في قوله: ﴿خَلَقَكُمْ﴾ يُراد به بنو آدم، وعطف عليه خَلْق حواء من آدم؛ لأن الخلق الأوّل جرت به العادة، وخَلْق حواء من آدم لم تجرِ العادة بمثله، فعُطف بـ(ثُم)؛ للدلالة على المباينة في الإعجاب وظهور القُدرة. وهذا قول الزمخشري في (الكشاف)[16].
فالترتيب والتراخي عنده ليس في الوجود، وإنما في الحال والمنزلة؛ للدلالة على عظيم قُدرة الله سبحانه وتعالى[17].
والخامس: أنّ (ثُم) للتراخي في الإخبار لا لترتيب الحُكم. كما يقال: «بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمسِ أعجب»، أي: أخبرك أنّ الذي صنعت أمسِ أعجب. وهذا القول أحد الوجهين اللذَيْن جوّزهما الفرّاء في كتابه (معاني القرآن)[18]. وقال به أيضًا مكّي في تفسيره (الهداية إلى بلوغ النهاية)[19]، والواحدي في تفسيره (البسيط)[20].
قال الواحدي: «التأويل: أخبركم أني قد خلقتُكُم من نفس واحدة؛ لأن حواء أيضًا خُلقت من ضلعه، ثم إني أخبركم أني خلقتُ زوجها منها»[21]. و(ثُم) على هذا الوجه قريبة من معنى الفاء التي تدلّ على الترتيب بلا تراخ؛ «لأنه لا تراخي بين الإخبارين»[22]. و(ثُم) على هذا الوجه عطفت المتقدّم على المتأخّر[23].
ولعلّ أقوى الأوجه السابقة هو ما ذهب إليه الزجّاج، ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1][24]. والقرآن يفسِّر بعضه بعضًا كما قاله غير واحد من العلماء[25]. وأمّا اختيار الطبري فمحتمل، واستخراج ذرية آدم من ظهره وأخْذُ العهد عليهم أمرٌ ثابت دلّ عليه القرآن، ودلَّت عليه الأحاديث والآثار الصحيحة[26].
وأمّا قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: 153- 154]، فالإشكال فيها ظاهر؛ لأنّ إيتاء موسى -عليه السلام- التوراة ذُكِر بعد أمر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بذِكْر الوصايا العشر المذكورة قبل هذه الآية، و(ثُم) تدلّ في أصل وضعها على الترتيب والمهلة، وزمان موسى كان قبل زمان نبيّنا محمد بمئات السنين.
وقد أُجيب عن هذه الآية بعدّة أوجه:
الأول: أنّ (ثُم) عطفت على التلاوة، والمعنى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم، أتل عليكم ألا تقتلوا أولادكم... ثم أتلو ما آتاه الله موسى، وهو قول الزجاج[27]. والظاهر أنّ قول ابن عطية قريب من هذا الوجه؛ لأنه قال: «(ثُمَّ) في هذه الآية إنما مهلتها في ترتيب القول الذي أُمر به محمد -صلى الله عليه وسلم- كأنه قال: ثم ممّا قضيناه أنّا آتينا موسى الكتاب»[28].
والثاني: أنّ ثمّ معطوفة على (قُل) الأُولى، وبعدها (قُل) مضمرة دلّ عليه السياق، والتقدير: قُل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم... ثم قُل آتينا موسى الكتاب. فحُذفت (قل) الثانية لدلالة السياق عليها. وهو قول الإمام الطبري، وهذا الوجه نقله الحافظ ابن كثير في تفسيره وتعقّبه بقوله: «وفي هذا نظر، و(ثُم) هاهنا إنما هي لعطف الخبر بعد الخبر، لا للترتيب»[29].
والثالث: أن (ثُم) لتراخي الإخبار، ولا يحتاج الأمر حينئذ إلى تقدير. وهذا الوجه نقله الواحدي عن أبي بكر بن الأنباري[30]، واختاره ابن كثير[31]، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي[32].
ويظهر لي أنّ الوجه الأول الذي ذكره الزجّاج وابن عطية يرجع إلى هذا الوجه.
والرابع: أنّ (ثُمّ) للتراخي الرتبي، للدلالة على التفاوت والبُعد بين رتبة المعطوف والمعطوف عليه. وهو الظاهر من كلام الزمخشري[33]. والمعنى: أنّ إتيان التوراة وما فيها من الأحكام لموسى -عليه السلام- كان أعظم من هذه الوصايا التي سبقت. ولا يخلو هذا الوجه من نظر.
والخامس: أنّ (ثُم) بمعنى الواو، وليس فيها معنى المهلة، وهو قول تاج القراء الكرماني في تفسيره (غرائب التفسير وعجائب التأويل)[34]. واختاره أبو حيان، ونسبه إلى بعض النحويين، ولم يُسَمِّه[35]، وجعل الأقوال الأخرى متكلّفة. وقال: «(ثُم) للعطف كالواو ولا تدلّ على المهلة»[36]، وتعقّبه تلميذه السمين الحلبي بقوله: «قلت: وهذه استراحة[37]، وأيضًا لا يلزم من انتفاء المهلة انتفاء الترتيب، فكان ينبغي أن يقول من غير اعتبار ترتيب ولا مُهْلَةٍ على أن الفرض في هذه الآية عدم الترتيب في الزمان»[38].
ولا شكّ أن هذا القول ضعيف، وتعقّب السمين الحلبي صحيح. وأبو حيان صرّح في موضع آخر من تفسيره بأنه لا يقول بنيابة الحرف عن الحرف كما هي طريقة البصريين[39].
وذهب البقاعي مذهبًا -أحسبه حسنًا- لم أجد مَن سبقه إليه، جمع فيه لـ(ثُم) بين معنى الترتيب في الزمان والمهلة، والتراخي في الرُّتبة المفيد لمعنى التعظيم، واختار أنّ جملة: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام: 154]، معطوفة على قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: 146]، وجعل آيات الوصايا العشر التي أُمر نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بتلاوتها على المشركين من جملة ما آتاه الله لموسى قبل نزول التوراة عليه، ثم جاء العطف بـ(ثُم) دالًّا على الترتيب والمهلة، وأنّ «الاطلاع على أنّ العشر الآيات وتحريم ما حرّم عليهم بالبغي في أوائل ما أُوحي إلى موسى -عليه السلام- بعد إغراق فرعون، وأنّ معظم التوراة أُنزل بعد ذلك، وهذا لا يعرفه إلا أحبارهم»[40].
واستدلّ البقاعي على ذلك بأدلة من التوراة ليس هذا محلّ البحث فيها.
وهو وجه حَسَن يدل عليه السياق، ولكنّ النقول التي استدلّ بها من التوراة تأييدًا لهذا القول لا يصح الاعتماد عليها.
وجوّز أيضًا وجهًا آخر تبقى فيه (ثُم) على دلالاتها من الترتيب والمهلة، وهو أن الآيات التي فيها الوصايا العشر محكمة في كلّ الشرائع لم تنسخ في أمّة من الأمم، والوصية بها من قديم الزمان لم تزل في كلّ أمة من الأمم، ولم يزدد الأمر بها في التوصية إلا شدّة، ثم آتى اللهُ موسَى -عليه السلام- التوراة وهذه الوصايا فيها[41]. وهو وجهٌ حسنٌ، تبقى معه دلالة (ثُم) على الترتيب والمهلة، وقد سبقه إليه الزمخشري في (الكشاف)[42].
وأمّا دلالة (ثُم) على المهلة فذهب الفرّاء في (معاني القرآن) إلى أنها قد تتخلّف، واستدلّ عليه بأنه ربما عطف بـ(ثُم) ما هو في معنى التقديم، نحو: «قد بلغني ما صنعتَ يومك هذا، ثُمَّ ما صنعتَ أمس أعجب»[43].
فـ(ثُم) عنده لترتيب الإخبار، لا لترتيب الوجود. وعلى هذا القول ليس ثَمّة[44] مهلة؛ لأنّه لا تراخي بين الإخبار[45]، وهذا القول نقله عن الفرّاء جماعة من النحاة؛ كالمرادي وابن هشام والسيوطي وغيرهم[46]. وردّه ابن عصفور -وهو من نحاة الأندلس- كما نقل ذلك عنه المرادي وابن هشام[47]. وأثبته من النحاة أبو البقاء العكبري في كتابيه (التبيان في إعراب القرآن)[48]، و(اللباب في علل البناء والإعراب)[49]، في عدة آيات من القرآن، وابن مالك في (شرح التسهيل)[50]، وابن هشام في (مغني اللبيب)، واستدلّ عليه كلٌّ من ابن مالك وابن هشام بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام: 154][51].
وأمّا المفسِّرون فهم في الجملة يقولون بهذا القول في مواضع عدّة من القرآن الكريم على خلافٍ بينهم في تلك المواضع، قال أبو حيان: «(ثُم) تقتضي المهلة في الزمان، هذا أصل وضعها، ثم تأتي للمهلة في الإخبار»[52].
ومن الآيات التي قيل فيها بهذا القول، قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: 29][53].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199][54].
وقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59][55].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [آل عمران: 111][56].
وقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [النساء: 153][57].
وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ [الأنعام: 2][58].
وقوله تعالى: ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: 46][59] .
وقوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [السجدة: 4][60].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: 154][61].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82][62].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: 17][63]، وليس هذا محلّ الدراسة والتحقيق لمعنى (ثُم) في كلّ آية مما سبق.
ويرى ابن هشام أن التراخي بين الإخبار يصحح الترتيب فقط[64]، أمّا المهلة فليس ثَمّة مهلة بين الأخبار، ويظهر من كلام بعض المفسِّرين أن التراخي بين الأخبار لا ترتيب فيه أصلًا[65]، وهو صحيح إذا نظرنا إلى التراخي باعتبار الزمان.
والذي يظهر أن مَن يقول بأنّ تراخي الإخبار يصحح الترتيب يجعل الترتيب على نوعين: الترتيب في الزمن، والترتيب في الذِّكْر. ولذلك يجيء في بعض كتب التفسير قول: الترتيب الذِّكرِي[66]، أو الترتيب في الذِّكر[67]، وهو الترتيب في الإخبار نفسه، ولا فرق بينهما[68].
وأمّا مجيء (ثُم) بمعنى الواو فقال به الأخفش في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَورَناكُم﴾ [الأعراف: 11][69]، وجوّزه كذلك أبو حيان على أحد الأوجه المحتملة عنده في هذه الآية[70].
وهذا الوجه ردّه الزجّاج بقوله: «زعم الأخفش أن (ثُم) ههنا -يعني في الآية السابقة- في معنى الواو، وهذا خطأ لا يجيزه الخليل وسيبويه وجميع من يوثَق بعربيته، إنما (ثُم) للشيء الذي يكون بعد المذكور قبله لا غير»[71]، ثم ذكر تأويل الآية بما يبقي دلالة (ثُم) على أصل وضعها.
وسبق أن ذكرتُ أنّ أبا حيان قال بهذا القول في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: 154][72].
ولا شكّ أن الاستعمال القرآني للتراكيب والألفاظ يأبى مثل هذا القول؛ لأن القرآن العظيم على أحسن ما يكون من البراعة في اختيار الألفاظ والتراكيب[73].
وإلى ذِكر ما سبق من معاني (ثُم) ودلالاتها انتهى كلام النحاة، حتى جاء الزمخشري المتوفى سنة (532هـ)، فذكر لـ(ثُم) في تفسيره دلالتين لم يُسبق إليهما:
الأولى: الدلالة على تفاوت المراتب وتباعدها. والثانية: الدلالة على الاستبعاد.
وهاتان الدلالتان قال بهما الزمخشري في مواضع كثيرة من تفسيره، ولا تخرج (ثُم) فيهما عند التحقيق عن معنى التراخي؛ لأن التراخي في (ثُم) لا يخلو من كونه زمانيًّا كما هو الغالب، أو معنويًّا كما هو الحال في المواضع التي لا يظهر فيها تراخٍ في الزمان[74].
قال ابن المنير: «التراخي كما يكون باعتبار الزمان قد يكون باعتبار علوّ المرتبة وبُعدها في العلوّ بالنسبة إلى غيرها»[75].
وقال أيضًا: «(ثُم) في أصل وضعها لتراخي المعطوف عليه في الزمان، ثم استُعملت في تراخيه عنه في علوّ المرتبة، بحيث يكون المعطوف أعلى رتبةً وأشمخ محلًّا مما عطف عليه»[76].
ومن المواضع التي قيل فيها بالتراخي في الرتبة ما جاء في قوله تعالى بعد ذِكره -سبحانهُ وتعالَى- لنجاة نوح والذين آمنوا معه: ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الصافات: 82].
وفي سورة الشعراء: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ﴾ [الشعراء: 119- 120]، والظاهر أنّ إغراق قومه كان سابقًا لنجاته -عليه السلام- ومَن معه[77]، ومن الأدلة أيضًا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [البلد: 17]؛ فالإيمان سابق لفكّ الرقاب وإطعام اليتامى والمساكين الوارد في الآيات التي قبل هذه الآية. وسبق أنّ من المفسِّرين من يحمل (ثُم) في هذه الآية على التراخي في الإخبار[78].
ومن المواضع التي يجوز حمل (ثُم) فيها على التراخي في الزمان، ولكن واقع الأمر أو البلاغة ترجّح حمل المعنى على تراخي الرتبة، ما جاء في قوله تعالى عن لوط -عليه السلام-: ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: 170- 172].
واقع الحال يدلّ على أنه لم تكن هناك مهلة بين إهلاك قوم لوط -عليه السلام- ونجاته ومَن معه، بل كان الهلاك عقيب خروج لوط -عليه السلام- ومَن معه، ولأجلِ هذا المعنى ذهب العلّامة البقاعي -رحمه الله- إلى أنّ (ثُم) لتراخي الرتبة؛ جيء بها لتدلّ على التعظيم والتهويل لِما حلّ بقوم لوط -عليه السلام- من الهلاك[79].
ولعلّ مما يؤيد هذا القول قوله تعالى: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾ [هود: 81]. قال الطبري: «نُهِيَ لوط ومَن معه ممن أَسرَى معه أن يَلتفت سوى زوجته، وإنّها التفتت فهلَكَت لذلك»[80].
ومن الأدلة على أن البلاغة القرآنية قد تؤيّد في بعض المواضع حمل (ثُم) في الآية على التراخي في الرتبة ما جاء في قوله تعالى: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾ [الحج: 52]؛ لأنّ إحكام آيات القرآن أمرٌ ثابت، وهو سابق ولاحق لنزول هذه الآية. قال البقاعي: «ولمّا كان إبطاله سبحانه للشُّبَه إبطالًا محكمًا، لا يُتَطَرّق إليه -لعلوّ رتبة بيانه- شبهةٌ أصلًا عبّر بأداة التراخي، فقال: ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ﴾»[81].
والتفاوت أو التراخي في الرُّتبة معناه أنّ رتبة ما يُذكر بعد (ثُم) أعلى وأعظم مما ذُكِر قبلها[82]. وهذا أمر أغلبي[83]، تجيء فيه (ثُم) لتفيد «معنى الاعتناء بذِكْر ما عُطف بها، والتأكيد لشأنه للمزية على المعطوف عليه القائمة مقام التراخي في الزمان»[84].
قال ابن الزبير الغرناطي: «موضوع (ثُم) في اللسان قصد الترتيب الزماني مع المهلة حيث يراد ذلك، وقصد الترتيب الاعتنائي والتنبيه على حال ما عطف بها حيث لا يقصد زمان ولا يلحظ، كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ [المدثر: 18- 20][85].
ويظهر من كلام الزمخشري في المواضع التي تكلّم فيها على هذا المعنى أن التفاوت في الرتبة له عدة أغراض، ومنها الأغراض الآتية:
الأول: إظهار الفضل والمكانة، وجعل منه الزمخشري (ثُم) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: 30]، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: 262].
قال الزمخشري في الآية الأولى: «(ثُم) لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة، وفضلها عليه؛ لأن الاستقامة لها الشأن كلّه»[86].
وقال في الآية الثانية: «ومعنى (ثُم) إظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المنّ والأذى، وأنَّ تركهما خير من نفس الإنفاق، كما جعل الاستقامة على الإيمان خيرًا من الدخول فيه بقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾»[87].
وكلامه في هاتين الآيتين لا يخلو من نظر، ويأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك. ولعلّ مما يصلح للاستدلال به على هذا النوع من التفاوت قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123].
قال الزمخشري: «في (ثُم) هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإجلال محلّه، والإيذان بأنّ أشرف ما أُوتي خليل الله إبراهيم من الكرامة، وأجلّ ما أُولي من النعمة: اتّباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِلّته، من قبل أنها دلّت على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى اللهُ عليه بها»[88].
ونظر البقاعي إلى سياق الآية، وأنه في الثناء على إبراهيم، فقد جاء قبلها قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتَا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120]؛ فجعل (ثُم) لتعظيم منزلة إبراهيم؛ بأَنْ أَوحى الله تعالى إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو أشرف الخلق، باتّباع ملته، وفي هذا بيان لعظيم منزلة نبي الله إبراهيم[89].
وذهب ابن المنير إلى أن (ثُم) فيها تعظيم لكلَا النبيّين. وحظّ نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- من ذلك التعظيم أوفر[90].
وظاهر السياق يؤيّد ما ذهب إليه البقاعي؛ لأنه في عدّ مناقب نبي الله إبراهيم، وفيه بيان أنّ أعظم مناقب ذلك النبي الكريم أَنْ أَوحى اللهُ إلى نبيّنا باتّباع ملّته.
ويظهر لي أيضًا -مع صحة القول بالتفاوت الرتبي- أن (ثُم) لم تفارق دلالتها على التراخي الزمني، وهو ظاهر.
الثاني: إظهار الشدّة أو الشناعة، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾ [الصافات: 46][91]، وقوله: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [الأعلى: 13].
والظاهر صحة القول بهذا النوع من التفاوت، وفيه من زيادة التخويف ما لا يخفى كما مرّ سابقًا في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: 172].
وفي دلالة (ثُم) في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾ وجهان[92]:
قيل: هي للتراخي في الزمان، وهو أحد الوجهين عند الزمخشري، وبه قال أبو حيان[93].
وقيل: هي للتراخي الرتبي، وهذا الوجه جوّزه الزمخشري، وقال به ابن عاشور[94]. وحمل البقاعي (ثُم) في الآية على كِلَا المعنيين[95].
والظاهر -والله أعلم- أنه يجوز حمل (ثُم) في الآية على كِلَا المعنيين كما ذهب إليه البقاعي رحمه الله.
والآية الثانية قال فيها الزمخشري: «وقيل (ثُم) -يعني في تركيب الآية- لأنّ الترجح بين الحياة والموت أفظع من الصلى، فهو متراخٍ عنه في مراتب الشدة»[96]، ووافقه على هذا القول كلّ من أبي حيان والسمين الحلبي والبقاعي وابن عاشور[97]، ولا شك في صحة هذا القول، ولكن التراخي في الزمان باقٍ أيضًا؛ لأنّ هذا العذاب ممتد زمانه إلى الأبد، نعوذ بالله منه، وقد أشار البقاعي إلى هذا المعنى[98].
ومن مواضع هذا التفاوت ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ﴾ [الأنعام: 8].
قال الزمخشري: «ومعنى (ثُم) بُعْدُ ما بين الأمرين: قضاء الأمر، وعدم الإنظار. جعل عدم الإنظار أشدّ من قضاء الأمر؛ لأن مفاجأة الشدّة أشدّ من نفس الشدة»[99]. قال ابن المنير: «وهذه النكتة من محاسن تنبيهاته»[100].
الثالث: بيان الحالة الفُضلى والصفات العُليا، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [هود: 1]، وقوله تعالى: ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص: 61]، وقوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ * ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ [النحل: 109- 110].
ومثَّل له بنحو: «فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل»[101].
قال في الآية الأولى: «فإن قلت: ما معنى (ثُم)؟ قلت: ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال، كما تقول: هي محكمة أحسن الإحكام، ثم مفصلة أحسن التفصيل. وفلان كريم الأصل، ثم كريم الفعل»[102].
وحكى أبو حيان هذا القول في تفسيره، وجعله من ترتيب الإخبار؛ لأنه ليس هناك زمان بين الإحكام والتفصيل[103].
والحقّ أنه لا تَعارُض بين القول بالتراخي في الحال والترتيب في الإخبار[104].
ولأبي حيان -رحمه الله- موقف من القول بالتراخي في الرُّتبة يأتي ذِكْرُه إن شاء الله. ومعنى التفاوت في الحال أو الصفات في هذه الآية بيان أن القرآن العظيم بلغ الغاية في الإحكام والإتقان، فلا مطعن فيه ولا خَلَل ولا باطل بأيّ وجه كان[105]، وهناك رتبة أعلى وهي أنّ أحكامه من الحلال والحرام مفصَّلة أحسن تفصيل لكلّ ما فيه صلاح العباد وفلاحهم[106].
وذهب إلى القول بدلالة (ثُم) في هذه الآية على التفاوت الرتبي: البقاعي، وابن عاشور[107]، ومال إليه الآلوسي[108].
وهذا القول ظاهر في قول مَن فَسَّر التفصيل بما سبق ذِكْره. وأمّا مَن فَسَّر التفصيل في الآية بمعنى النزول شيئًا بعد شيء، فـ(ثُم) عنده باقية على التراخي في الزمان، وهو قول ابن عطية، والسمين الحلبي[109]، وهو محتمل.
والظاهر -والله أعلم- أن التفصيل أمر يتعلّق بالمعاني وبيان الحلال والحرام والوعد والوعيد، وكلّ ما فيه مصلحة العباد، وأمّا الإحكام فأمرٌ يتعلّق بالألفاظ ونظمها نظمًا متقنًا لا خلل فيه بأيّ وجهٍ كان، كما هو قول الطبري والحافظ ابن كثير[110]، و(ثُم) على هذا القول لا تدلّ على تراخي الزمان بل هي ظاهرة في تراخي الرتبة[111].
الرابع: التنبيه على أمرٍ مهمّ يجب مراعاته عند القيام بالفعل تجنبًا للخطأ الذي قد يقع فيه، كما في نحو: «أحسن إلى الناس ثم لا تحسن إلى غير كريم»[112]. فتأتي (ثُم) لبيان التفاوت والبُعد بين مجرّد القيام بهذا العمل وبين البُعد عن الخطأ فيه. ومنه -كما ذهب إلى ذلك الزمخشري- قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199].
وقد سبق ذِكْر هذه الإفاضة في الآية التي قبل هذه الآية، في قوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 198]، والإفاضة في الآيتين واحدة، وهي الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة. وكان من عادة قريش في الجاهلية أنهم لا يقفون بعرفة كسائر الناس؛ لأنها خارج الحرم، وهم بزعمهم أهل الحرم لا يخرجون منه، فلا يُفيضون إلا من المزدلفة إلى مِنى، ويزعمون أنهم الحُمْس، كما جاء في الحديث الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «كانت قريش ومَن دانَ دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمَّون الحُمْس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلمّا جاء الإسلام أمَرَ اللهُ نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- أن يأتي عرفات، ثم يقف بها، ثم يُفيض منها؛ فذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]»[113].
وقد اختلف المفسّرون في دلالة (ثُم) في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا﴾؛ لأنّ الإفاضة سبق ذِكْرها في الآية التي سبقت هذه الآية، فكيف تفهم دلالة (ثُم) على الترتيب والتراخي؟ فذهب ابن عطية والقرطبي وأبو حيان وابن كثير والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم، إلى أنّ (ثُم) لعطف الخبر على الخبر، المسمَّى بترتيب الإخبار أو الترتيب في الذِّكْر[114].
وذهب الزمخشري إلى أن (ثُم) لبيان التفاوت بين الإفاضتين؛ الإفاضة الصحيحة المأمور بها من عرفة، والإفاضة الخاطئة التي كانت تفعلها قريش من المزدلفة، كما يقال: أَحْسِن إلى الناس ثم لا تُحْسِن إلى غير كريم[115]. والمعنى في الآية: «أفيضوا من عرفات ثم لا تفيضوا من المزدلفة؛ لأنّ الأُولى صواب والثانية خطأ وبينهما بون بعيد، وهذا مما يقرّر تفاوت المرتبة وتباعدها»[116]. وممن قال بهذا القول البيضاوي والآلوسي[117].
والذي يظهر أن القول بدلالة (ثُم) على التفاوت أحسن من القول بالتراخي في الذِّكْر؛ لأنّ التراخي في الذِّكْر يُصَحِّح دلالة (ثُم) على الترتيب[118]، ويتعلّق بترتيب الأخبار بعضها إثر بعض، ولا يعتني بسِرّ التقديم والتأخير لبعض الجُمَل على بعض، وما يترتب على ذلك من الأسرار ودقائق المعاني، وهو ما يكشف عنه القول بالتفاوت في الرُّتْبة. والله أعلم.
وقد تكلّف بعض المفسِّرين حمل (ثُم) على الترتيب والتراخي في الزمان، وقال بأن المعنى في الآيتين على التقديم والتأخير، والتقدير: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله[119].
وأحسنَ أبو حيان الردّ على هذا الوجه حين قال: «التقديم والتأخير هو مما يختصّ بالضرورة، وننزّه القرآن عن حمله عليه»[120].
خامسًا: إظهار التفاوت بين أمرين أحدهما أعجب من الآخر، ويدل عليه (ثُم) في قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المائدة: 75].
قال الزمخشري: «ما معنى التراخي في قوله: ﴿ثُمَّ انْظُرْ﴾؟ قلت: معناه ما بين العجبَيْن، يعني أنه بيِّن لهم الآيات بيانًا عجيبًا، وأنّ إعراضهم عنها أعجب منه»[121].
والعجب دلّت عليه صيغة الأمر ﴿انْظُرْ﴾ في كِلا الموضعين من الآية[122]:
الأول: في قوله: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ﴾.
والثاني: في قوله: ﴿انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾. فهذان عجبان، جيء بينهما بـ(ثُم) لتدلّ على البُعد العقلي بين بيان الحقّ بيانًا شافيًا يدعو شدّة وضوحه للعجب من حسن البيان وروعته، وبين أن ينصرف عنه مَن انصرف مُعْرِضًا عنه غير متدبّر له ولا منتفع به، وهو أعجب من الأول.
قال أبو حيان: «وكأنه يقتضي العجب من توضيح الآيات وتبيينها، ثم ينظر في حال من بُيِّنَت له فيرى إعراضهم عن الآيات أعجب من توضيحها؛ لأنه يلزم من تبيينها تبيُّنها لهم والرجوع إليها، فكونهم أُفِكُوا عنها أعجب»[123]، وهذا توضيح حسن جدًّا منه رحمه الله.
وممن نصّ على دلالة الآية على التعجيب مِن أمرِ النصارى الذين عبدوا عيسى -عليه السلام- وأدلة التوحيد ظاهرة واضحة =الراغبُ الأصفهاني، وأبو حيان، والآلوسي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي[124].
وجوّز الشهاب الخفاجي والآلوسي أن تكون (ثُمّ) على أصل وَضْعها، وتدلّ على استمرار زمان بيان الآيات وامتداده، وأنهم مع استمرار هذا الزمان لا يتأثرون ولا ينتفعون بل ينصرفون عن الحقّ[125]. وهو أيضًا قول محتمل، والله أعلم.
وكما أسلفتُ، فإن القول بالتفاوت في الرتبة لم ينصّ عليه أحد من المفسِّرين أو النحاة قبل الزمخشري، وقد ذكر الدكتور محمد الأمين الخضري في كتابه (من أسرار حروف العطف في الذِّكْر الحكيم) أنّ الراغب الأصفهاني المتوفى سنة (502هـ) أشار إلى هذا المعنى في كتابه (المفردات في غريب القرآن)؛ لأنه قال: «(ثُم) حرف عطف يقتضي تأخُّر ما بعده عمّا قبله، إمّا تأخيرًا بالذات، أو بالمرتبة، أو بالوضع»[126].
ولابن عطية -وهو معاصر للزمخشري- كلام يُشْبِه أن يكون دالًّا على هذا المعنى، ذكَره في تفسير قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 79]. قال -رحمه الله-: «و(ثُم) في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَقُولَ﴾ معطية تعظيم الذنب في القول، بعد مهلة من هذا الإنعام»[127].
فقوله: إن (ثُم) معطية تعظيم الذنب، فيه إشارة إلى التفاوت الرتبي الدالّ على عِظَمِ ما يجيء بعد (ثُم)، كما في قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [النور: 47][128].
وقوله: «بعد مهلة من هذا الإنعام»، دالّ على التراخي في الزمان.
وقد تتابع على القول بالتفاوت في الرتبة بأنواعه السابقة كثير من المفسِّرين بعد الزمخشري، أكتفي بالكلام على موقف ثلاثة منهم لأهمية ذلك، وهم أبو حيان والبقاعي وابن عاشور.
أمّا أبو حيان فقد اضطرب قوله في نفي هذا المعنى وإثباته، فهو تارة يتمسّك بما قاله النحاة في دلالة (ثُم)، وينفي هذا المعنى، ويخرج منه إلى القول بتراخي الإخبار، وينقل قول الزمخشري ويتعقبه بقوله: «ولا نعلم أحدًا سبقه إلى إثبات هذا المعنى لـ(ثُم)»[129]. وبقوله في موضع آخر: «وقد تكرّر للزمخشري ادّعاء هذا المعنى لـ(ثُم)، ولا أعلم له في ذلك سلفًا»[130].
وتارة ينقل كلام الزمخشري ولا يتعقبه بشيء[131]، وتارة يقول بقول الزمخشري، ويصرح بالقول بالتفاوت الرتبي، كما في قوله تعالى: ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: 60][132]، وقوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المائدة: 75][133]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [الأعلى: 13][134]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: 17][135]. وقد أشار إلى هذا المعنى في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ [فصلت: 11]، وقال: «ولمّا كان خلق السَّماءِ أبدع في القدرة من خلق الأرض، ألَّفَ الأخبار فيه بـ(ثُم)، فصار كقوله: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: 17] بعد قوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ [البلد: 11][136].
والظاهر أنه رجع عن القول بنفي هذا المعنى إلى القول بإثباته.
وأمّا البقاعي فله من صحة النظر وحُسْن التأمل في الكشف عن هذا المعنى وعن معنى الاستبعاد ما يعجب الناظر في كتابه، وقد قال بهما في مواضع كثيرة، وافق الزمخشري في كثير منها، وزاد عليه مواضع أخرى كثيرة، يطول البحث بسردها واستقصائها. وجمع في مواضع أخرى لـ(ثُم) بين القول بالتفاوت في الرتبة والقول بالتراخي الزماني، واستخرج من القول بالتراخي الزماني معاني ودلالات لطيفة، وبالجملة كلامه في دلالات هذا الحرف في القرآن الكريم حَرِيٌّ بالدراسة والتأمّل.
ومن المواضع التي قال فيها بالتفاوت الرتبي الدالّ على عظيم قَدْر النعمة وعلوّ رتبة الذِّكر ما جاء في قوله تعالى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ [الزخرف: 13][137].
ومن المواضع التي جمع فيها بين القول بالتراخي الزماني والتفاوت الرتبي الدالّ على المشقة والتهويل ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: 22].
قال -رَحِمَهُ اللهُ-: «وأشار إلى عظمة ذلك اليوم، وطوله، ومشقّته، وهَوْلِه بقوله بأداة التراخي: ﴿ثُمَّ نَقُولُ﴾»[138].
ومنها ما جاء في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً﴾ [القيامة: 38]، قال -رَحِمَهُ اللهُ-: «ولمّا كان تكثيرُ تلك النطفة وتحويلها أمرًا عظيمًا عجيبًا، أشار إليه بأداة البُعد مع إفادتها للتراخي في الزمان أيضًا»[139]. وهو جمعٌ حسن؛ لأنه لا تَعارُض بين دلالة (ثُم) على التراخي في الزمان ودلالتها على التفاوت في الرتبة.
وأمّا ابن عاشور فله قول تفرّد به من بين سائر مَن وقفتُ على أقوالهم من المفسِّرين، ذهب فيه إلى أنّ (ثُم) يزول عنها تراخي الزمان إذا عطفت الجُمَل بعضها على بعض، فتدلّ على التراخي في الرتبة. ونصّ على هذا القول في مواضع كثيرة من تفسيره[140].
وقرّر هذا القول ووضّحه فقال: «ولدلالة (ثُم) على الترتيب والمهلة في عطف المفرد على المفرد كانت في عطف الجملة على الجملة للمهلة في الرتبة، وهي مهلة تخييلية في الأصل تشير إلى أن المعطوف بـ(ثُم) أعرق في المعنى الذي تتضمّنه الجملة المعطوف عليها حتى كأنّ العقل يتمهّل في الوصول إليه بعد الكلام الأول فينتبه السامع لذلك كي لا يغفل عنه بما سمع من الكلام السابق، وشاع هذا الاستعمال حتى صار كالحقيقة، ويسمَّى ذلك بالترتيب الرتبي وبترتب الإخبار»[141].
وقال في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: 154]: «(ثُم) هنا عاطفة على جملة: ﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ [الأنعام: 151]، فليست عاطفة للمفردات، فلا يتوهّم أنها لتراخي الزمان، بل تنسلخ عنه حين تعطف الجُمَل فتدلّ على التراخي في الرتبة، وهو مهلة مجازية، وتلك دلالة (ثُم) إذا عطفت الجُمَل»[142].
وقال: «فإذا تمحّضَت (ثُم) للتراخي الرتبي حملت عليه، وإن احتملته مع التراخي الزمني فظاهر قول المرزوقي: (فإنه في عطف الجملة ليس كذلك)، أنه لا يحتمل حينئذ التراخي الزمني، ولكن يظهر جواز الاحتمالين، وذلك حيث يكون المعطوف بها متأخرًا في الحصول على ما قبلها وهو مع ذلك أهم»[143].
ويظهر من هذا القول أنه قال بهذا تبعًا للمرزوقي المتوفى سنة (421هـ)[144]، شارح ديوان الحماسة. وهو أيضًا قول لبعض متأخِّري النحاة، وجمهور النحاة على خلافه[145].
ونظرًا لأنّ (ثُم) لم تَرِد في القرآن إلا في عطف الجُمَل[146]، كان في غاية الصعوبة التمسّك بهذا القول في جميع مواضع (ثُم) في القرآن؛ مما جعل ابن عاشور يصرّح في بعض المواضع أنّ هذا الحكم أغلبي[147]، ويقول في أكثر من موضع بدلالة (ثُم) على التراخي في الزمان[148]. وفي بعضها بدلالتها على التراخي في الرتبة والتراخي في الزمان معًا[149].
ولا شكّ أنّ إطلاق القول بدلالة (ثُم) على تراخي الرتبة في عطف الجُمَل قولٌ مرجوح، والأصل في دلالة هذا الحرف أن يُحمل على التراخي في الزمان كما نصّ على ذلك غير واحد من العلماء[150]. وقد يخرج عن هذا الأصل إلى التراخي المعنوي لأغراض بلاغية سبق بيانها.
قال الإمام الطبري مبينًا هذا الأصل: «(ثُم) في كلام العرب لا تأتي إلا بإيذان انقطاع ما بعدها عمّا قبلها، وذلك كقول القائل: (قمتُ ثُمّ قعدتُ)، لا يكون القعود إِذْ عطف به بـ(ثُم) على قوله: (قمتُ) إلا بعد القيام، وكذلك ذلك في جميع الكلام»[151].
وقد تكلّف ابن عاشور في غير ما موضع من تفسيره حمل (ثُم) على التراخي في الرتبة مع ظهور كونها للتراخي في الزمان. ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ﴾ [يونس: 74]: «(ثُم) للتراخي الرتبي؛ لأنّ بعثة رسلٍ كثيرين إلى أُمَم تلقَّوهم بمثل ما تلقَّى به نوحًا قومُه أعجب من شأن قوم نوح حيث تمالأت تلك الأُمم على طريقة واحدة من الكفر. وليست (ثُم) لإفادة التراخي في الزمن للاستغناء عن ذلك بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾»[152].
وهذا القول ظاهر البطلان؛ لأن فيه إلغاء لدلالة الحرف الظاهرة[153].
وأمّا معنى الاستبعاد -وهو المعنى الثاني الذي كشف عنه الزمخشري- فمعناه أنّما يذكر بعد (ثُم) ينبغي ألا يجتمع مع ما ذُكِر قبلها، وأن بينهما بُعْدًا يقتضيه العقل الصحيح، أو كما عبّر عنه الزمخشري في بعض المواضع: الإيذان بأنّ الفعل الوارد بعد (ثُم) شيء يُستبعد في العادات والطباع[154]. وهذا المعنى وافقه عليه من النحاة الرضي في شرح الكافية[155]، وأكثر المصنفات النحوية المؤلَّفة بعد عصر الزمخشري لم تتعرّض لذِكْره[156].
وقد أثبت الزمخشري هذا المعنى في عدّة مواضع من كتاب الله تعالى، منها ما جاء في قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: 1][157]، وفي قوله تعالى في الآية التي تليها: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ [الأنعام: 2][158]، وفي قوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ [النحل: 83][159]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ [السجدة: 22][160]، إلى غير ذلك من آيات الكتاب الحكيم.
وبَيَّنَ هذا المعنى في الآيتين السابقتين من سورة الأنعام بقوله: «فإن قلت: فما معنى (ثُم)؟ قلت: استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قُدرته، وكذلك: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ استبعادٌ لأَنْ يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم»[161].
ووافق الزمخشريَّ في إثبات هذا المعنى لـ(ثُم) كثيرٌ من المفسِّرين الذين جاؤوا من بعده؛ كالرازي والبيضاوي والنسفي والبقاعي وأبي السعود والشوكاني والآلوسي وغيرهم[162].
واضطرب قول أبي حيان؛ فتارة ينقل كلام الزمخشري، ويتعقّبه بنفي هذا المعنى لـ(ثُم)، ويقول: إنّ (ثُم) لم توضع لذلك، والاستبعاد مفهوم من سياق الكلام لا من مدلول (ثُم)، ويستدلّ على ذلك بأنه لا يَعلم أحدًا من النحويين ذَكَر ذلك[163]، وتارة ينقل كلام الزمخشري ولا يتعقّبه بشيء[164]، وتارة يثبت هذا المعنى تفسيرًا للآية كما ذكر الزمخشري[165].
وهذا المعنى أشار إليه الزركشي في (البرهان)، ونقله عن الزمخشري[166]، ولم يشر إليه السيوطي في (الإتقان)[167].
والظاهر أن (ثُم) لم تخرج في هذا المعنى عن الدلالة على التراخي، ولكنّه تراخٍ في المعنى كالتفاوت في المراتب الذي سبق الكلام عليه، والفرق بين التفاوت في المراتب والاستبعاد أنّ (ثُم) في تفاوت الرُّتب تدلّ على أنّ رتبة ما يُذكر بعدها أعلى وأبعدُ في منازل الشرف أو ضدّه مما يُذكر قبلها[168]، وأنّ بينهما بُعْدًا معنويًّا، وأمّا (ثُم) في الاستبعاد فتدلّ على أنّبين مضمون ما يُذْكر قبلها ومضمون ما ذُكِر بعدها بُعدًا معنويًّا[169]، فهما متباعدان في العادة والعقل، كما هو الشأن في الشاهد الشِّعْري الذي استدلّ به الزمخشري على هذا المعنى، وهو قول الشاعر:
لا يَكشِفُ الغَمَّاءَ إِلا ابْنُ حُرَّةٍ ** يَرَى غَمَراتِ الموتِ ثُمّ يَزورُها[170]
ووضّح معناه بقوله: «وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة بأَنْ ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار عنها. وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها فأمرٌ مُستبعَد، فمعنى (ثُم): الإيذان بأنّ فعل المُقْدِم عليها بعد ما رآها وعاينها شيء يُستبعد في العادات والطباع»[171].
وهذا المعنى ظاهر جدًّا في الآيات السابقة، ومنها قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ [السجدة: 22]؛ لأنّ التذكير بآيات الله تعالى يوجب قبولها والإذعان لها، وأمّا الإعراض عنها بعد التذكير بها فمُستبعَد عقلًا؛ لأن الآيات في غاية الوضوح، وترشد إلى سعادة الدنيا والآخرة[172]. ولا شك أن للسياق أثره الظاهر في الكشف عن هذا المعنى؛ لأنّ (ثُم) لا بدّ أن تجيء فيه بين شيئين متباعدين في العادة.
ويندرج تحت هذا المعنى ما ذكره بعض المفسِّرين من أن (ثُم) في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾ [المدثر: 15]، للتعجب والإنكار[173]؛ لأنّ حِرْصَ الوليد بن المغيرة وطمعه في الزيادة بعد النِّعَم المتكاثرة التي أعطاه اللهُ إياها أمرٌ بعيد ومُستنكَر ويدعو للعجب[174].
وبعد ذِكر ما سبق من معنيي التفاوت في الرُّتبة والاستبعاد، يحسن التنبيه على معنى آخر لـ(ثُم) أشار إليه الزمخشري في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [الحجرات: 15]، ونصّ عليه ووضّحه ابن المنير في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: 262]. وهو معنى الدوام والاستمرار على فعل الشيء على تباعد الأزمنة المتراخية المتطاولة[175].
ففي قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ ذهب الزمخشري إلى أن (ثُم) للتفاوت في الرتبة؛ لتدلّ على أنّ تَرْكَ المنِّ والأذى خيرٌ من نفس الإنفاق[176].
وأحسنُ من هذا القول ما ذكره ابن المنير في حاشيته على (الكشاف)، أن (ثُم) تفيد «الدلالة على دوام الفعل المعطوف بها، وإرخاء الطول في استصحابه»[177]، ففيها دلالة على أنّ الإنفاق لا بدّ فيه من تناسي الإحسان وتركِ الاعتداد به وتركِ الامتنان، وأنّ المنفق ينبغي أن يكون متصفًا بهذه الصفة في كلّ زمن من الأزمنة التي تأتي عقب إنفاقه[178].
و(ثُم) على هذا الوجه لم تخرج عن التراخي في الزمان، «ولكن معناها الأصلي تراخي زمن وقوع الفعل وحدوثه، ومعناها المستعارة إليه دوام وجود الفعل وتراخي زمن بقائه»[179]. وهو وجه حسن[180]، حُمِلَت عليه -كما قال ابن المنير- (ثُم) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: 30]: «والمعنى: داموا على الاستقامة دوامًا متراخيًا ممتدّ الأمد؛ لأنّ تلك الاستقامة هي المعتبرة، لا ما هو منقطع إلى ضدّ ذلك من الميل إلى الهوى والشهوات»[181].
ووجه الحُسن في هذا المعنى أنّ فيه إبقاءً لدلالة الحرف على أصل وضعه. وفيه معنى زائد على ذلك، وهو الدلالة على الاستمرار والدوام.
وأختم الكلام في هذا الحرف بذِكْر دلالته إذا جاء بين الجُمَل المكرّرة، سواء أكان ذلك في الجمل الخبرية، كما في قوله تعالى في سورة النبأ: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ [النبأ: 4- 5]، وقوله تعالى في سورة التكاثر: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: 3- 4]، أم كان ذلك في الدعاء، كما في قوله تعالى: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ [المدثر: 19- 20]، أم كان ذلك في الاستفهام، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار: 17- 18].
فأمّا (ثُم) التي تجيء عاطفة لجملة استفهامية على استفهامية أخرى كما في الآيتين من سورة الانفطار، وكذلك الآيات التي تكون فيها (ثُم) واقعة بين جملتين دعائيتين كما في الآيتين من سورة المدثر؛ فالقول بدلالة (ثُم) على التفاوت في الرُّتبة ظاهر؛ لأنه لا زمان بين الجُمَل الاستفهامية المكررة وكذلك الجُمَل الدعائية المكررة، وإنما جيء بـ(ثُم) لتدلّ على الزيادة في التهويل والتعظيم[182].
والعرب كما قال الفرّاء والطبري إذا أرادوا التغليظ والتخويف كرّروا الكلمة مرتين[183]، هذا ما يتعلّق بالتكرار مجردًا من دخول (ثُم) بين جُمَلِه، فإذا دخلت (ثُم) بين تلك الجُمَل دلّت على زيادة التخويف والتهويل، وكان ذلك أشد تأثيرًا في النفس.
وأمّا (ثُم) التي تجيء بين الجُمَل الخبرية المكرّرة كما في الآيات من سورتي النبأ والتكاثر فقد اختلف المفسِّرون فيها أهي للتفاوت في الرتبة أو للتراخي في الزمان؟ ومنشأ الخلاف يرجع إلى اختلاف المفسِّرين هل الجملة الثانية تكرار للوعيد والتخويف في الجملة الأولى والمعنى واحد في الجملتين أم إنّ الجملة الثانية جملة مستقلّة بمعنى جديد؟ ففي قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ [النبأ: 4- 5]، ذهب أكثر المفسِّرين إلى أن الجملة الثانية تأكيد للوعيد والتخويف الوارد في الجملة الأولى[184]، ورُوي هذا القول عن الحسن البصري[185]. وقال عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾، في القبور ﴿ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ في البعث[186].
وعلى هذا القول فإنّ متعلق الفعل (يعلمون) في الآية الأولى يختلف عن متعلّقه في الآية الثانية. وقال الضحاك: «﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ الكفار، ﴿ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ المؤمنين»[187]، فالآية الأُولى للوعيد، والآية الثانية للوعد[188]. وهذا القول يخالف ظاهر السياق[189].
و(ثُم) على القول الأول للتفاوت في الرتبة[190]. وهي للإشعار بأن الوعيد الثاني أعظم وأشد من الأول[191]. وأمّا على قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- فإنّ (ثُم) للتراخي في الزمان.
وكذلك يُقَال في (ثُم) في قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: 3- 4]، حيث ذهب أكثر المفسِّرين إلى أن الجملة الثانية تأكيد للجملة الأولى[192].
وقيل: العلم في ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ في القبور، وفي ﴿ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ في البعث[193].
وقيل: العلم الأول محلّه عند معاينة الموت ونزوله، والثاني في القبر، وعُزي هذا القول لمقاتل وابن عباس من رواية عطاء[194]، واختاره العلّامة ابن القيم في كتابه: (عدّة الصابرين وذخيرة الشاكرين)، وأيّده بوجوه: منها أن الفائدة الجديدة والتأسيس هو الأصل، وقد أمكن اعتباره مع فخامة المعنى وعدم الإخلال بالفصاحة، ومنها أنّ توسّط (ثُم) يؤذِن بتراخي ما بين المرتبتين زمانًا وخطرًا، ومنها أن هذا القول مطابق للواقع؛ لأنّ المحتضر يعلم عند معاينة الموت حقيقة ما كان عليه، ثم يعلم في القبر وما بعده علمًا فوق الأول[195].
وهذا الاختيار حسن جدًّا، يؤيّده صحة ما علّل به، ويظهر من كلامه -رَحِمَهُ اللهُ- أنه يحمل (ثُم) على التراخي في الزمان والتفاوت في الرتبة معًا؛ أمّا التراخي في الزمان فظاهر، وأمّا التفاوت في الرتبة فظاهر من قوله إنّ (ثُم) تؤذِن بتراخي ما بين المرتبتين زمانًا وخطرًا، وقوله بأنّ العلم الثاني فوق العلم الأول.
ومما يحسن التنبيه عليه أن (ثُم) حين تدلّ على التراخي في الزمان فإنها تشير في كثير من المواضع إلى دلالات خفيّة قَلَّ مَن يتفطّن لها، ومن أكثر المفسِّرين نظرًا واستخراجًا لتلك الفوائد العلّامة البقاعي في تفسيره: (نظم الدرر)، وأَكتفِي بذِكْرِ موضعين من تفسيره يدلّان على ذلك:
الأول: قوله تعالى عن سليمان -عليه السلام- حين بعث الهدهد إلى ملكة سبأ: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ [النمل: 28].
قال البقاعي -رَحِمَهُ اللهُ-: «ولمّا كان لو تأخّر عنهم بعد إلقائه إلى موضع يأمن فيه على نفسه على ما هو فيه من السرعة لَداخَلَهُم شكٌّ في أنه هو الملقِي له؛ أمَرَهُ بأن يمكث بعد إلقائه يرفرف على رؤوسهم حتى يتحقّقوا أمْرَهُ، فأشار سبحانه إلى ذلك بأداة التراخي»[196]، فهذه فائدة حسنة يؤيدها دلالة (ثُم) على التراخي في الزمان.
والثاني: قوله تعالى: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [يونس: 51].
قال -رَحِمَهُ اللهُ-: «وكانت سُنّة الله قد جَرَت بأنّ المكذِّبين إذا أتاهم العذاب يتراخى إيمانهم بعد مجيء مقدِّماته وقبل اجتثاثهم بعظائم صدماته؛ لشدة معاندتهم فيه وتوطنهم عليه، كما وقع للأوّلين من الأمم بغيًا وعتوًّا... فكان في غاية الحُسن وضع تقريعهم على الاستعجال عقب الوعيد، ثم وضع التراخي عن الإيمان بالعناد بعد الإشراف على الهلاك ومعاينة التلف»[197]. فدلّ المجيء بـ(ثُم) على قوّة عناد المكذِّبين، وشدّة إصرارهم على الكفر حتى عند رؤية مقدّمات العذاب.
[1] هذه المقالة من كتاب: (حروف المعاني التي يحتاج إليها المفسّر ودلالاتها وأثرها في التفسير)، الصادر عن مركز تفسير سنة 1442هـ، تحت عنوان: (الحرف الثالث: ثُمَّ)، ص230 وما بعدها. (موقع تفسير)
[2] انظر: المقتضب، للمبرد (1/ 10)، والأصول في النحو، لابن السراج (2/ 55)، وحروف المعاني، للزجاجي، ص16، ومعاني الحروف، للرماني، ص105، واللباب في علل البناء والإعراب (1/ 422)، وشرح المفصل، لابن يعيش (8/ 94)، وشرح الرضي على كافية ابن الحاجب (6/ 155)، وشرح التسهيل، لابن مالك (3/ 351)، ورصف المباني، للمالقي، ص174، وارتشاف الضرب، لأبي حيان (2/ 638)، والجنى الداني، للمرادي، ص426؛ ومغني اللبيب، لابن هشام، ص135، والبرهان، للزركشي (4/ 266)، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 236)، ومعترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي (2/ 136)، والإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (2/ 189).
[3] انظر: الجنى الداني، للمرادي، ص426. بتصرف يسير.
[4] نسب هذا القول للكوفيين والأخفش جماعة من النحاة وغيرهم. انظر: شرح ابن يعيش على المفصل (5/ 14)، وشرح الكافية الشافية، لابن مالك (3/ 1258)، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (5/ 362)، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص135، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 237).
[5] البحر المحيط (5/ 46).
[6] جامع البيان (1/ 467).
[7] انظر: البحر المحيط (5/ 146)، ونظم الدرر (9/ 40).
[8] نقله عنه ابن عطية في تفسيره. انظر: المحرر الوجيز (3/ 371).
[9] انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (3/ 371)، والدر المصون، للسمين الحلبي (3/ 427).
[10] نُسب هذا القول لقطرب. انظر: همع الهوامع، للسيوطي (5/ 236).
[11] انظر: مغني اللبيب، لابن هشام، ص135- 136، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 236).
[12] انظر (4/ 345).
[13] انظر: معاني القرآن (2/ 363).
[14] انظر: جامع البيان (20/ 162).
[15] انظر: جامع البيان (20/ 162).
[16] انظر: الكشاف (4/ 85).
[17] انظر: الكشاف (4/ 85). بتصرف يسير.
[18] انظر: معاني القرآن (2/ 363).
[19] انظر: (10/ 6300).
[20] انظر: (5/ 315).
[21] (5/ 314).
[22] مغني اللبيب، ص136، الفاء تدل على الترتيب بلا تراخ، قال المبرد: «و(ثُم) مثل الفاء إلا أَنَّهَا أشد تراخيًا»، المقتضب (1/ 10).
[23] قال الفراء: «وربما جعلوا (ثُم) فيما معناه التقديم، ويجعلون (ثُم) من خبر المتكلم. من ذَلِكَ أن تقول: قد بلغني ما صنعت يومك هَذَا، ثُمَّ ما صنعت أمس أعجب، فهذا نسق من خبر المتكلم» معاني القرآن (2/ 363).
[24] انظر: تفسير ابن كثير (7/ 86).
[25] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (2/ 218)، وتفسير ابن كثير (5/ 477)، وحاشية السيوطي على تفسير البيضاوي (1/ 364)، وأضواء البيان، للشنقيطي (4/ 279).
[26] انظر لتفصيل القول في هذه المسألة: تفسير ابن كثير (3/ 501- 506)، وشرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز (1/ 214- 219).
[27] انظر: معاني القرآن وإعرابه (2/ 306).
[28] المحرر الوجيز (5/ 401).
[29] تفسير القرآن العظيم (3/ 368).
[30] انظر: البسيط (8/ 538).
[31] انظر: تفسير ابن كثير (3/ 368)، وأضواء البيان (6/ 405).
[32] انظر: أضواء البيان (6/ 405). عند تفسير الآيات الأولى من سورة الصافات.
[33] انظر: الكشاف (1/ 62).
[34] انظر: (1/ 392).
[35] الأخفش هو القائل بأنّ «ثم قد تجيء بمعنى الواو»، انظر: معاني القرآن (1/ 321).
[36] البحر المحيط (4/ 328).
[37] الظاهر -والله أعلم- كما أفادني بعض المشايخ أنه يقصد بهذه الجملة أن قول شيخه أبي حيان أنّ (ثُم) في هذه الآية بمعنى الواو وليس فيها معنى المهلة - فيه استراحة من النظر في صحة التأويلات التي ذكرت في الأقوال الأخرى، ثم تعقّبه بأنه لا يلزم من انتفاء المهلة انتفاء الترتيب.
[38] الدر المصون (5/ 226).
[39] انظر: البحر المحيط (1/ 102).
[40] نظم الدرر (7/ 328).
[41] انظر: نظم الدرر (7/ 327). بتصرف يسير.
[42] انظر: الكشاف (2/ 62).
[43] انظر: معاني القرآن (2/ 363).
[44] جاء في (كتاب الإملاء والترقيم في الكتابة العربية) لعبد العليم إبراهيم، قوله: «أمّا ثَمّة الظرفية المفتوحة الثاء فإنها ترسم بالتاء المربوطة»، ص94.
[45] انظر: مغني اللبيب، ص136.
[46] انظر: الجني الداني: ص427، ومغني اللبيب، ص137، وهمع الهوامع (5/ 236).
[47] انظر: الجنى الداني، ص428، ومغني اللبيب، ص137.
[48] انظر: ص86، 267، 676، 1238، 1289. في خمسة مواضع، وهي: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ [البقرة: 84]، وقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، وقوله تعالى: ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: 46]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: 32]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: 17].
[49] انظر: (1/ 422).
[50] انظر: (3/ 357).
[51] انظر: مغني اللبيب، ص630. قال ابن هشام رحمه الله: «وأمّا ﴿ثُمَّ آتَيْنَا﴾ فعطف على ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ﴾، و(ثُم) لترتيب الإخبار لا لترتيب الزمان، أي: ثم أخبركم بأنّا آتينا موسى الكتاب».
[52] انظر: البحر المحيط (4/ 328).
[53] انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (1/ 223)، والجامع لأحكام القرآن (1/ 381).
[54] قال بأنّ (ثُم) في هذه الآية لترتيب الإخبار أبو حيان والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور. انظر: البحر المحيط (2/ 163)، والتحرير والتنوير (2/ 242)، وأضواء البيان (1/ 127).
[55] قال به في هذه الآية ابن عطية والبغوي والنسفي. انظر: المحرر الوجيز (3/ 148)، ومعالم التنزيل (2/ 47)، وتفسير النسفي (1/ 242).
[56] قال به في هذه الآية: الآلوسي. انظر (4/ 46).
[57] قال به في هذه الآية ابن عطية وأبو حيان. انظر: المحرر الوجيز (4/ 279)، والبحر المحيط (3/ 548).
[58] قال به في هذه الآية: الآلوسي. انظر: روح المعاني (7/ 126).
[59] قال به في هذه الآية ابن عطية. انظر: المحرر الوجيز (7/ 159).
[60] قال به في هذه الآية ابن عطية وابن جزي. انظر: المحرر الوجيز (11/ 526)، والتسهيل (1/ 399).
[61] انظر: تفسير ابن كثير (3/ 368)، وتفسير الجلالين، ص190.
[62] قال به في هذه الآية الحافظ ابن كثير. انظر: تفسير القرآن العظيم (5/ 309).
[63] قال به في هذه الآية الواحدي. انظر: البسيط (24/ 34)، وأضواء البيان، للشنقيطي (9/ 104).
[64] انظر: مغني اللبيب، ص136.
[65] انظر: البسيط، للواحدي (24/ 34)، وتفسير ابن كثير (3/ 368).
[66] انظر: أضواء البيان، للشنقيطي (1/ 127).
[67] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (2/ 163).
[68] انظر: الجني الداني، ص429.
[69] انظر: معاني القرآن (1/ 321).
[70] انظر: البحر المحيط (4/ 350).
[71] معاني القرآن وإعرابه (2/ 321).
[72] انظر: معاني القرآن وإعرابه (4/ 328).
[73] انظر: نظم الدرر، للبقاعي (21/ 400)، بتصرف يسير، نقلًا عن الملوي.
[74] انظر: الكشاف (1/ 60)، وحاشية ابن المنير عليه (1/ 665).
[75] حاشية ابن المنير على الكشاف (الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال)، (1/ 189).
[76] انظر: حاشية ابن المنير على الكشاف (2/ 472). بتصرف يسير.
[77] قال الآلوسي: «بقاؤه -عليه السلام- ومَن معه متأخر عن الإغراق» روح المعاني (23/ 146)، وحمل (ثُم) على التراخي الذِّكري في هذه الآية، والتراخي الذِّكري هو نفسه التراخي في الإخبار الذي سبق الكلام عليه.
[78] ومنهم من يجعلها بمعنى الواو. وهو قولٌ فيه نظر. انظر: زاد المسير (4/ 449).
[79] انظر: نظم الدرر (14/ 84). قال -رحمه الله-: «ولمّا ذكر نجاته المفهمة لهلاكهم، صرح به على وجه هوّله بأداة التراخي لما علم غير مرة أنه كان عقب خروجه، لم يتخلل بينهما مهلة». وانظر أيضًا: (16/ 289).
[80] جامع البيان (12/ 515).
[81] نظم الدرر (13/ 71).
[82] انظر: روح المعاني، للآلوسي (28/ 229).
[83] انظر: حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (7/ 327).
[84] ملاك التأويل، لابن الزبير الغرناطي (1/ 331).
[85] ملاك التأويل (1/ 498).
[86] الكشاف (4/ 152).
[87] الكشاف (1/ 239).
[88] الكشاف (2/ 472).
[89] انظر: نظم الدرر (11/ 275).
[90] انظر: حاشية ابن المنير على الكشاف (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)، (2/ 472).
[91] انظر: الكشاف (4/ 36)، ونظم الدرر (16/ 241)، والتحرير والتنوير (23/ 125).
[92] انظر: الكشاف (4/ 36)، وروح المعاني، للآلوسي (2/ 142).
[93] انظر: البحر المحيط (7/ 484).
[94] انظر: التحرير والتنوير (23/ 125).
[95] انظر: نظم الدرر (16/ 241). قال -رحمه الله-: «ولمّا جرت العادة بأن الأكل المتنعم يتفكّه بعد أكله بما يبرد غلة كبده، قال مشيرًا إلى تناهي شناعة متفكههم، وطويل تلهبهم من عطشهم...»، فجمع في تفسيره للآية بين القول بالتفاوت الرتبي الدال على الشناعة، والقول بالتراخي في الزمان الدال على شدة العطش. وهو كلام في غاية الحُسْن، والتفطن للمعاني.
[96] الكشاف (4/ 556).
[97] البحر المحيط (8/ 647)، والدر المصون (10/ 763)، ونظم الدرر (21/ 401). قال السمين الحلبي: «(ثُم) للتراخي بين الرُّتَب في الشدة».
[98] انظر: نظم الدرر (21/ 402).
[99] الكشاف (2/ 7).
[100] حاشية ابن المنير على الكشاف المسماة (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)، (2/ 7).
[101] انظر: الكشاف (2/ 281).
[102] انظر: الكشاف (2/ 281).
[103] انظر: البحر المحيط (5/ 261). قال -رحمه الله- مفسرًا كلام الزمخشري: «يعني أن (ثُم) جاءت لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقوع في الزمان».
[104] ولا حاجة إلى التفريق بينهما وجعلهما وجهين في دلالة (ثُم) كما فعل البيضاوي. انظر: تفسير البيضاوي، (2/ 127). قال الآلوسي: «التراخي في الحال يشمل التراخي الرتبي والإخباري» روح المعاني (11/ 301).
[105] هذا على القول الذي رجحه الطبري وابن كثير في معنى الإحكام، وهو قول قتادة -رحمه الله-. انظر: جامع البيان، للطبري (12/ 310)، وتفسير القرآن العظيم (4/ 303).
[106] هذا على القول الراجح في معنى التفصيل هنا. انظر: جامع البيان (12/ 310)، وتفسير القرآن العظيم (4/ 303).
[107] انظر: نظم الدرر (9/ 225)، والتحرير والتنوير (11/ 315).
[108] انظر: روح المعاني (11/ 300).
[109] انظر: المحرر الوجيز (7/ 234)، والدر المصون (6/ 279).
[110] انظر: جامع البيان، للطبري (12/ 310)، وتفسير القرآن العظيم (4/ 303).
[111] حكى أبو حيان قول الزمخشري ووجّهه بأنه من التراخي في الإخبار؛ وسبق أنْ ذكرتُ أنّ لأبي حيان موقفًا من القول بالتراخي في الرتبة. انظر: البحر المحيط (5/ 261)، والدر المصون (6/ 279).
[112] هذا مثال للزمخشري ذكره شاهدًا على هذا النوع من التفاوت. انظر: الكشاف (1/ 189).
[113] متفق عليه. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199] (6/ 28)، برقم: (4520)؛ ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب في الوقوف وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199] (2/ 893)، برقم: (1219).
[114] انظر: المحرر الوجيز (2/ 177)، والجامع لأحكام القرآن (3/ 350)، والبحر المحيط (2/ 163)، وتفسير القرآن العظيم (1/ 555)، أضواء البيان (1/ 127).
[115] انظر: الكشاف (1/ 189).
[116] نقله الشهاب الخفاجي عن بعض العلماء، انظر: حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (2/ 291).
[117] انظر: تفسير البيضاوي (1/ 131)، وروح المعاني (2/ 134).
[118] انظر: مغني اللبيب، ص136.
[119] معالم التنزيل، للبغوي (1/ 230)، زاد المسير، لابن الجوزي (1/ 167).
[120] البحر المحيط (2/ 163).
[121] الكشاف (1/ 510).
[122] جاء الفعل (انظر) دالًّا على التعجب في أكثر من آية في كتاب الله العزيز، ومنها قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ [الأنعام: 65]، انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (5/ 232)، والبحر المحيط، لأبي حيان (4/ 167).
[123] البحر المحيط (3/ 734).
[124] انظر: تفسير الراغب الأصفهاني (5/ 411)، والبحر المحيط (3/ 734)؛ وروح المعاني (6/ 306)، وأضواء البيان (2/ 80).
[125] انظر: حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (3/ 270)، وروح المعاني (6/ 306).
[126] ص176.
[127] المحرر الوجيز (3/ 186).
[128] انظر: نظم الدرر، للبقاعي (13/ 295).
[129] البحر المحيط (2/ 163).
[130] البحر المحيط (2/ 493).
[131] انظر: البحر المحيط (3/ 46)، (5/ 261)، (5/ 262)، (7/ 694)، (7/ 334)، (7/ 554).
[132] انظر: البحر المحيط (7/ 334).
[133] انظر: البحر المحيط (3/ 734).
[134] انظر: البحر المحيط (8/ 647).
[135] انظر: البحر المحيط (8/ 669).
[136] انظر: البحر المحيط (7/ 645).
[137] انظر: البحر المحيط (17/ 394).
[138] البحر المحيط (7/ 80).
[139] البحر المحيط (21/ 116).
[140] انظر: البحر المحيط (1/ 411)، (1/ 717)، (1/ 562)، (2/ 184)، (7/ 69)، (7/ 128)، (10/ 112)، (11/ 186)، (11/ 193)، (11/ 315)، (12/ 276)، (14/ 178)، (14/ 242)، (18/ 24)، (19/ 41)، (21/ 61)، (21/ 70)، (15/ 163)، (23/ 331)، (23/ 377)، (24/ 28)، (24/ 203)، (25/ 347)، (26/ 267)، (28/ 101)، (19/ 29)، (30/ 79)، (30/ 427).
[141] التحرير والتنوير (1/ 382).
[142] التحرر والتنوير (8/ 175).
[143] التحرير والتنوير (1/ 383).
[144] انظر: شرح ديوان الحماسة، ص40. ونص المرزوقي: «إنّ (ثُم) وإن كان في عطفه المفرد على المفرد يدلّ على التراخي، فإنه في عطفه الجملة على الجملة ليس كذلك».
[145] قال بهذا القول أبو البركات بن الأنباري، والصحيح ما عليه أكثر النحاة. انظر: البيان في غريب إعراب القرآن (2/ 515).
[146] انظر: دراسات الأسلوب القرآني العظيم (2/ 88).
[147] انظر: التحرير والتنوير (7/ 131).
[148] انظر: التحرير والتنوير (9/ 34)، (24/ 65)، (28/ 237).
[149] انظر: (4/ 156)، (9/ 121).
[150] قال أبو حيان: «(ثُم) تقتضي المهلة في الزمان، هذا أصل وضعها، ثم تأتي للمهلة في الإخبار». البحر المحيط (4/ 328)، وانظر: الدر المصون (1/ 242)، (5/ 252)، ومصابيح المعاني في حروف المعاني، ص157.
[151] جامع البيان (10/ 80).
[152] التحرير والتنوير (11/ 244).
[153] ومن الآيات التي ذهب فيها إلى القول بدلالة (ثُم) على التراخي مع ظهور التراخي في الزمان قوله تعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: 20]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: 29]، ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ﴾ [طه: 97].
[154] انظر: الكشاف (4/ 217)، بتصرف يسير.
[155] انظر: (6/ 158).
[156] انظر: أساليب العطف في القرآن، لحميدة، ص171.
[157] الكشاف (2/ 6).
[158] الكشاف (2/ 6).
[159] الكشاف (2/ 459).
[160] الكشاف (3/ 390).
[161] الكشاف (2/ 6).
[162] انظر على سبيل المثال لا الحصر: التفسير الكبير (12/ 479)، (30/ 642)، وتفسير البيضاوي (1/ 88)، (2/10)، وتفسير النسفي (1/ 101)، ونظم الدرر (1/ 478)، (2/ 50)، وإرشاد العقل السليم (1/ 148)، وفتح القدير (2/ 14)، وروح المعاني (21/ 207).
[163] انظر: البحر المحيط (4/ 93)، بتصرف يسير. وانظر أيضًا: (1/ 380).
[164] انظر: البحر المحيط (2/ 421).
[165] انظر: البحر المحيط (2/ 665).
[166] انظر: (4/ 266- 267).
[167] انظر: (2/ 189).
[168] انظر: حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (7/ 153) بتصرف يسير. وانظر أيضًا: روح المعاني، للآلوسي (28/ 229).
[169] انظر: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، للنيسابوري (1/ 286).
[170] قائله جعفر بن علبة الحارثي. انظر: شرح ديوان الحماسة، ص39.
[171] الكشاف (4/ 217).
[172] انظر: الكشاف، للزمخشري (4/ 217)، وتفسير البيضاوي (5/ 106)، وإرشاد العقل السليم، لأبي السعود (6/ 57).
[173] نسب الواحدي في (البسيط) هذا القول لصاحب كتاب (نظم القرآن) وهو أبو عليّ الجرجاني، وقال بهذا القول الرازي. انظر: البسيط (22/ 422)، والتفسير الكبير (30/ 705).
[174] ذهب إلى أن (ثُم) في هذه الآية للاستبعاد الزمخشري وجماعة. انظر: الكشاف (4/ 489)، وتفسير البيضاوي (5/ 260)، ونظم الدرر، للبقاعي (21/ 50).
[175] اقتباس من الكشاف (4/ 377).
[176] انظر: الكشاف (1/ 239).
[177] حاشية ابن المنير على الكشاف (1/ 238).
[178] حاشية ابن المنير على الكشاف (1/ 238). بتصرف.
[179] حاشية ابن المنير على الكشاف (1/ 238).
[180] قال عنه الآلوسي -رحمه الله-: «وهو كلام حسن، ولعله أَولى مما ذكروه؛ لأنه أبقى للحقيقة وأقرب للوضع على أحسن طريقة» روح المعاني (3/ 53).
[181] انظر: حاشية ابن المنير على الكشاف (1/ 238). بتصرف يسير.
[182] انظر: البسيط، للواحدي (23/ 85)، المحرر الوجيز، لابن عطية (15/ 349)، ونظم الدرر، للبقاعي (21/ 53).
[183] انظر: معاني القرآن، للفراء (3/ 298)، وجامع البيان، للطبري (24/ 610).
[184] نسبه للجمهور ابن عطية، وهم: الطبري، والزمخشري، والبقاعي، والآلوسي، وغيرهم. انظر: جامع البيان (8/ 24)، والكشاف (4/ 516)، والمحرر الوجيز (15/ 277)، (15/ 559)، ونظم الدرر (22/ 229)، وروح المعاني (30/ 403).
[185] انظر: تفسير ابن كثير (8/ 474).
[186] انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (15/ 559)، والبحر المحيط، لأبي حيان (8/ 722).
[187] انظر: جامع البيان، للطبري (24/ 601)، والمحرر الوجيز (15/ 277).
[188] انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (15/ 559).
[189] ذهب إلى أنه خلاف الظاهر السمعاني والآلوسي. انظر: تفسير السمعاني (6/ 135)، وروح المعاني (30/ 403).
[190] انظر: روح المعاني، للآلوسي (8/ 30)، (٣٠/ 403).
[191] انظر: الكشاف (4/ 599)، ونظم الدرر، للبقاعي.
[192] انظر: معاني القرآن (3/ 298)، وجامع البيان، للطبري (24/ 601)، والبسيط، للواحدي (23/ 113)، ومعالم التنزيل، للبغوي (8/ 309)، والكشاف، للزمخشري (4/ 599)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (15/ 559)، وروح المعاني، للآلوسي (8/ 30).
[193] نسب ابن عطية هذا القول لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر: المحرر الوجيز (15/ 559).
[194] عزاه لمقاتل وابن عباس من رواية عطاء الواحدي في تفسيره (البسيط) وكذلك ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين). وهو كذلك في تفسير مقاتل المطبوع، ولم أعثر على من عزاه لابن عباس ومقاتل غير الواحدي وابن القيم. انظر: البسيط (24/ 280)، وعدة الصابرين، ص188.
[195] انظر: عدة الصابرين، ص188، بتصرف يسير.
[196] نظم الدرر (14/ 156).
[197] نظم الدرر (9/ 137).