لفظة (أبدًا) في القرآن الكريم

وردت لفظة (أبدًا) في القرآن الكريم في قريبٍ من ثلاثين موضعًا، وهذه المقالة تتناول هذه اللفظة، فتبيِّن أولًا أصل اشتقاقها، ثم معانيها واستعمالاتها في كلام العرب، لتخلص إلى الكلام عن استعمالاتها في القرآن، وذلك بعد تمهيد يكشف عن سُبُل المفسِّرين في بيان معناها.

تقديم:

  وردت لفظة (أبدًا) في القرآن الكريم في قريب من ثلاثين موضعًا، ومع ذلك فإن الناظر في كتب التفسير يجد أكثر المفسِّرين يأتون على هذه اللفظة، فلا يشرحونها في أغلب هذه المواضع، وإذا شرحوها سلكوا في ذلك -كما سيأتي- سُبلًا ليس يفضي واحدٌ منها إلى شرحها شرحًا تامًّا صحيحًا. وتحاولُ هذه المقالة شرحَ لفظةِ (أبدًا) في جميع مواضعها المذكورة فيها في القرآن، شرحًا تامًّا صحيحًا، ببيان أصل اشتقاقها، ثم بيانِ معانيها واستعمالاتها في كلام العرب، لتخلصَ مِن ذلك إلى الكشف عن معانيها واستعمالاتها في القرآن، وهذا كلُّه بعدَ تمهيد تكشفُ فيه عن سُبلِ المفسِّرين في التعامل مع هذه اللفظة.

تمهيد:

إن المعرفة بالألفاظ المفردة هي الخطوة الأولى إلى فهم الجُمَل المركبة، ومع ذلك ترى ألفاظًا كثيرةً من القرآن لم تُشرح شرحًا تامًّا صحيحًا في كتب التفسير، ومن ذلك -مثلًا- لفظة (أبدًا)؛ فإن المتصفِّح لكتب التفسير باحثًا عن معنى هذه اللفظة في مواضعها المذكورة فيها في القرآن -وهي قريب مِن الثلاثين-، يلحظ أن أكثر المفسرين يأتون على هذه اللفظة فيمرُّون عليها دون أن يشرحوها في أغلب هذه المواضع، ثم هم في المواضع التي يشرحونها فيها يسلكون في ذلك سُبلًا ثلاثةً ليس يفضي واحدٌ منها إلى شرح اللفظة شرحًا تامًّا صحيحًا:

فأحد هذه السُّبل: أن يشرحوها، ولكن بمعناها في أصل اللغة، وهو معنى عامٌّ، لا ينطبق على معناها في القرآن تمام الانطباق؛ إذ كانت في القرآن لا تنفكُّ عن سياق خاص وقرائن معينة. ومِن أمثلته قول الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنا لَنْ نَدْخُلَهَا ‌أَبَدًا﴾ [المائدة: 24]: «و﴿أَبَدًا﴾: تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول»[1]. ومنه قول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ ‌أَبَدًا﴾[النور: 17]: «﴿أَبَدًا﴾، أي: ‌فيما ‌يُستقبل»[2]. وكونُ الأبد هو الدهر المتطاول أو الزمان المستقبَل أمرٌ معلومٌ بأصل اللغة[3]. ومعنى الأبد في الآيتين المذكورتين أخصُّ مِن هذا المعنى العامِّ، فهو في الآية الأولى بمعنى مدة حياة المخاطبين، وفي الثانية بمعنى مدة حياة المخاطبين[4].

وثاني هذه السبل: أن يشرحوها بمعنى خاصٍّ، ولكنه لا يصلح شرحًا لها في الموضع المعين الذي هم بصدد تفسيره. ومِن أمثلته قول ابن كمال باشا في تفسير قوله تعالى: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا ‌مَعِيَ ‌أَبَدًا﴾ [التوبة: 83]: «﴿أَبَدًا﴾: ‌الأبد: الزمان المستقبل مِن غير انتهاء إلى حدٍّ»[5]. ومنه قول ابن عجيبة في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ‌أَبَدًا﴾ [النور: 21]: «﴿أَبَدًا﴾: ‌إلى ‌ما ‌لا ‌نهاية ‌له»[6]. فهذان الشرحان للفظة الأبد إنما يصلحان شرحًا لها في مثل قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ‌أَبَدًا﴾، ولكنهما لا يصلحان شرحًا لها في الموضعين المذكورين، فإن نفيَ خروجهم معه منتهٍ بوفاتِهم ووفاتِه صلى الله عليه وسلم، ونفيَ الزكاة عنهم منتهٍ بوفاتهم.

وثالث هذه السبل: أن يشرحوها بمعناها الخاص الذي دل عليه السياق والقرائن، ولكنهم يسوقون هذا المعنى الخاص مساقَ المعنى العام، فيوهمون بذلك أن هذا المعنى هو معنى لفظة الأبد في كل موضع ذُكرت فيه في القرآن، بل يوهمون أنه هو معناها في أصل وضعها، وليس الأمر كذلك. ومن أمثلته قول الخازن في تفسير قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ‌أَبَدًا﴾ [النساء: 122]: «﴿أَبَدًا﴾: بلا انتهاء ولا غاية. ‌والأبد: عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا انقطاع له، ولا يتجزأُ كما يتجزأُ غيرُه من الأزمنة»[7]. ومنه قول البقاعي في تفسير قوله تعالى: ﴿‌مَاكِثِينَ ‌فِيهِ أَبَدًا﴾ [الكهف: 3]: «﴿أَبَدًا﴾: بلا انقطاع أصلًا؛ فإن ‌الأبد: زمان لا آخر له»[8]. فهذان الشرحان المذكوران للفظة الأبد سِيقَا مساقَ التعريفِ العامِّ -كما ترى- مع أنهما غير صالحين لأنْ تُشرَح بهما اللفظةُ في كثير من المواضع التي ذُكرت فيها في القرآن، كمثل قوله تعالى -في حقِّ تمنِّي اليهود الموت-: ﴿وَلَنْ يَتَمَنوْهُ ‌أَبَدًا﴾ [البقرة: 95]، فهذا النفي لا يمكن أن يقال: إنه لا انقطاع له ولا آخر؛ فإن الكفار يتمنون الموت في النار؛ حيث يقولون: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ ‌الْقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة: 27]، و﴿يَا مَالِكُ ‌لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: 77].

فهذه هي طريقة أكثر المفسرين في التعامل مع لفظة (أَبَدًا) في أكثر مواضعها المذكورة فيها في القرآن، فهم لا يشرحونها في أكثر المواضع، وإذا شرحوها سلكوا في ذلك سُبلًا غير ناهجة ولا قاصدة، تُفضِي إلى فهمها فهمًا ناقصًا أو خاطئًا. ومِن هنا رأيتُ تحريرَ هذه المقالة، قاصدًا فيها إلى شرح لفظة (أَبَدًا) في جميع مواضعها المذكورة فيها في القرآن، ببيان معناها الخاصِّ الذي دل عليه السياق والقرائن في كلِّ موضع بعينه. وذلك بعد الكشف عن أصل اشتقاقها، وتمييز معناها الذاتيِّ الذي وُضعت له في كلام العرب، عن معانيها العارضة التي إنما تُفهم منها في حال استعمالهم لها. وخَتمْتُ المقالة بذِكر النتائج التي توصلتُ إليها، وقد صغتُ هذه النتائج في معانٍ جامعةٍ تصلح لأن تكون ضوابط كلية يُستعان بها في فهم هذه اللفظة حيث وردت في القرآن أو في كلام العرب.

أولًا: الأصل الاشتقاقي لمادة (أبد):

قال ابن فارس: «الهمزة والباء والدال يدل بناؤها على طول المدة، وعلى التوحُّش»[9]. وحاول صاحب المعجم الاشتقاقي أن يجمع بين هذَيْنِ المعنيَيْنِ في أصل واحد، فقال: «المعنى المحوري هو: البقاء الدائم أو الإقامة الدائمة بلا حدٍّ، مع عدم الأُلفة، أي: الأُنسِ»[10].

والذي يظهر أن أصل هذه المادة واحد، وهو الدوام وطول المدة. وأما التوحُّش فهو أصلٌ له فروعٌ في كلامهم، ولكنه ليس أصلًا أصيلًا، بل هو فرع عن الأصل الأول. فإن أمثلة هذا الأصل كلها؛ كقولهم التأَبُّد: التوحُّش، وأَبِدَ الرجلُ: توحش وصار يُنفَر منه، وأَبَدَتِ البهيمةُ: توحشت وصارت نَفُورًا معتاصةً، وتأبدَت الدارُ: خلا منها أهلُها فحلتها الأَوَابِدُ وألِفَتْها، والآبِدَة: الأمر العظيم الذي يُنفَر منه ويُستوحش، وأَوَابِدُ الشِّعر: العويصُ والغرائبُ وما لا يُعرِف معناه على بادئ الرأي، والأَوَابِدُ: القوافي الشُّردُ[11]، فإن هذه الأمثلة كلها مشتقةٌ مِن لفظ الأوابد بمعنى الوحوش، وهذا اللفظ إنما أُخذ مِن لفظ الأبد بمعنى الدهر الطويل، فإن الوحوش إنما سُـمِّيَت أوابد؛ لأنها -فيما زعموا- تعيش أبدًا، أي: عمرًا طويلًا، حتى قيل: إنها لم تَـمُتْ حتف أنفها قطّ، إنما موتها عن آفة ليس إلا.

وأما الأصل الأول؛ فمن أمثلته: أَبَد بالمكان: أطال الـمُقامَ به ولم يبرَحْه، والأوابد: الطير المقيمة بأرض شتاءَها وصيفَها، وتَأَبدَ الشيءُ: بقيَ دهرًا طويلًا، وتَأَبدَ الرجلُ: طالت عزبته، والتأبيد: التخليد، والإِبِدُ: ذاتُ النتاجِ من المال وهي الأَمَة والفرس والأتان؛ لأنهن يَلِدْنَ في كل عام، والآبِدَة: الكلمة أو الفعلة الغريبة والداهية يبقى ذكرُها دهرًا طويلًا[12].

ثانيًا: معنى لفظة (الأبد) واستعمالاتها في كلام العرب:

1- معنى لفظة (الأبد) في كلام العرب:

الوارد من مادة (أبد) في القرآن كلمة واحدة، وهي: الأبد. وقد ذكروا في تعريفها عبارات. فمِن ذلك قولهم: «الأبد: الدهر»[13]، وقولهم: «الدهر المتطاول»[14]، وقولهم: «الأبد: عبارة عن مدة الزمان الممتدّ الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان»[15]. وهي عبارات متقاربة مفادها أنّ الأبد أخص من مطلق الزمان، فهو الزمان الطويل الممتد.

والتعريف الأول هو أشهرها، وهو المثبَت في جُلِّ كتب اللغة بما في ذلك أُمّهاتها. ومع ذلك لم يرتضِه صاحبُ تفسير المنار، فتعقّبه بقوله: «وفيه تساهل»[16]. ولم يُفصِح عن وجه هذا التساهل: وهو -عندي- محتمل لوجوه:

أحدها: أن الدهر هو الزمان مطلقًا، والأبدُ أخص مِن مطلق الزمان، ولا يصلحُ أن يُعرّف الأخص بالأعمِّ. ولكن يدفع هذا الوجه أنهم ذكروا في تعريف الدهر أنه «الزمان الطويل، والأمد الممدود»[17]، فليس تعريف الأبد به من تعريف الأخصِّ بالأعمِّ.

الوجه الثاني: أن معنى الدهر غيرُ واضح وضوحَ ما يُعرف به، فالإحالة عليه إحالة على غير مليء، لا تفيد شيئًا. وهذا قد يجاب عنه بأن وجه الإفادة في هذا التعريف -وأشباهه من تعريفات اللغويين- ليس في كون القارئ عالمـًا بمعنى المعرف به، بل في تعريفه أن هذين اللفظين معناهما واحد، وأنه متى علم معنى أحدها، فليعلَمْ أن معنى الآخر هو ذلك المعنى.

الوجه الثالث: أن لكل لفظ من اللفظين أصل في الاشتقاق يرجع إليه، فالأبد يرجع إلى معنى الدوام وطول المدة، والدهر يرجع إلى معنى الغلبة والقهر[18]، وتعريف أحدهما بالآخر فيه إهدار لأصل هذين اللفظين. وهذا قد يجاب عنه بأن تعريفات اللغويين جارية على التقريب، لا على دعوى التحقيق كحدود المناطقة.

ومهما يكُنْ من شيء، فإن تعريف اللغويين للأبد بأنه الدهر -مع نصِّهم على أن الدهر هو (الزمان الطويل، والأمد الممدود)- تعريف صحيح، لا وجه لأن يقال: (فيه تساهل).

ثم إن كلمة الأبد في كلام العرب تتحمل معنيين يصدق على كل واحد منهما معنى الزمان الطويل الممتدّ، أحدهما مدة الحياة الدنيا، والآخر مدة حياة الإنسان. قال عبد القاهر الجرجاني: «و‌الأبد هو الأمد البعيد، وقد يُطلق على بعيد دون بعيد، ومِن ذلك قولهم: إلى ‌أَبَد الأَبِيد، ‌وأَبَد الآبَاد، ويطلق على بعيد للأبعد منه، وهو آخر جزء مِن أجزاء حياة الرجل أو مدة الدنيا»[19]. وقال ابن القيم: «تأبيد كل ‌شيء ‌بحسبه، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة، وقد يكون لمدة الدنيا»[20].

أما الأبد بمعنى الحياة الدنيا؛ فكقولنا: التوبة لا تنقطع أبدًا. أي: إلى آخر الحياة الدنيا. ومنه حديث: (إن أولَ ما خلقَ اللهُ القلمَ، فقال: اكتُبْ. فقال: ما أكتب؟ قال: اكتُبْ القدر، ما كان وما هو كائن إلى الأبد)[21]، أي: إلى آخر الحياة الدنيا، وقيام الساعة[22]. وأما الأبد بمعنى مدة حياة الإنسان؛ فكقولك: صام زيد ‌الأبد، أي: مدة حياته. وكقولك: لا أفعل هذا أبدًا، أي: مدة حياتي. وكقولك: لا أكلم فلانًا أبدًا، أي: مدة حياتي وحياة فلان.

والأبد بمعنى مدة حياة الإنسان كثيرًا ما يقيد بحال معينة متى زالت انتهت مدة الأبد. قال الزجّاج: «الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياته، ومقدار مدته فيما يتصل بقصته. فتقول: الكافر لا يُقبل منه شيء ‌أبدًا. فمعناه: ما دام كافرًا فلا يُقبل منه شيءٌ... فإذا زال عنه الكفر فقد زال ‌أبدُه»[23].

والظاهر أن أصل معنى لفظة الأبد في كلام العرب إنما هو مدة الحياة الدنيا، وأن دلالتها على ما دون ذلك إنما هي بما احتف بها من قرينة؛ إذ هي لفظة دالة في كلامهم على الزمان المتطاول -كما تقدم بيانه-، وغاية ما كان يمكن للعربيِّ توهُّمه مِن طول الزمان إنما هو هذه المدة. وأما دلالتُها على مدة حياة الإنسان؛ فإنما دلت على ذلك بقرينة العقل والعادة، فإن العقل والعادة دلا على أن الإنسان لا يعيش إلى آخر الحياة الدنيا، وأنه لا بد أن يموت، فيتقيد ما كان منه أو له من خطاب بذلك[24]. وكذلك دلالتها على المدة المقيدة بحال معينة إنما هي بقرينة العقل؛ وذلك أن قولنا: الكافرُ لا يُقبل منه شيءٌ ‌أبدًا، حكم لا بد أن يكون وصف الكفر قيدًا فيه، فيزولَ بزواله، فلو لم يكُنْ هذا الوصف قيدًا فيه لكان بناءُ الكلامِ عليه معيبًا عند كل عاقلٍ[25].

فهذا خلاصة ما تحصل لي من معنى لفظة الأبد في كلام العرب. على أني قد رأيتُ في كلام بعض المتأخرين التنصيص على أن معنى هذه اللفظة إنما هو المدة التي لا نهاية لها البتة. فمِن ذلك ما جاء في كتاب التعريفات للشريف الجرجاني: «الأبد: هو استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب المستقبل... الأبد: مدة لا يُتوهم انتهاؤُها بالفكر والتأمُّل البتة. الأبد: هو الشيء الذي لا نهاية له»[26]. فهذه ثلاثة تعريفات للفظة الأبد جاءت في هذا الكتاب، وقد نصت جميعُها على معنى عدم التناهي، كما ترى.

والذي أرى أن تخصيص لفظة الأبد بهذا المعنى إنما هو اصطلاح حادث لدى طائفة المتكلِّمين غير مستفاد من كلام العرب. وهو وإن كان مفهومًا من بعض نصوص الكتاب والسنة -كقوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ‌أَبَدًا﴾، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الحوض: (ومَن شَرِبَ لم يظمَأْ ‌أَبَدًا)[27]؛ فإنما فُهِمَ بقرائن احتفت باللفظة، لا من معنى اللفظة في أصل وضعها[28]، فهو استعمال خاص جاء في نصوص الشرع زيادةً على ما جاء فيها من الاستعمالات المعهودة لدى العرب. وهذا رأي قد سبقني إليه صاحب تفسير المنار، حيث نبه عليه في موضِعَيْنِ من تفسيره، فقال في أحدهما: «ولم يَكُنْ عندهم شيء بمعنى اللانهاية يدور في كلامهم»[29]. وقال في الموضع الآخر: «على أننا بينا في تفسير ما تقدم مِن الآيات في الخلود والتأبيد معناهما اللغوي، وأنه لم يكُنْ عند العرب لفظ منها ولا من غيرها يدل على التأبيد في الاصطلاح الشرعي، وهو عدم النهاية في الوجود وإن قدِّرَتْ بأُلوف الأُلوف وما لا يُحصى مِن السنين»[30].

ويظهر لي أيضًا أن شيوع هذا التعريف للفظة الأبد بين المتأخرين كان من الأسباب -إنْ لم يكُنْ أهم الأسباب- التي أدت إلى سلوك أكثر المفسرين لتلك السبل غير القاصدة ولا الناهجة التي قدمنا وصفها في شرح هذه اللفظة. فأدى شيوع هذا التعريف ببعضهم إلى شرح هذه اللفظة بمعنى المدة التي لا نهاية لها في مواضع لا يصلح هذا المعنى شرحًا لها، كما أدى شيوع هذا التعريف بآخرين إلى أن يسوقوا هذا المعنى نفسه حين شرحهم لهذه اللفظة مساقَ المعنى العام، فأوهموا بذلك أن هذا المعنى هو معنى لفظة الأبد في كل موضعٍ ذُكِرَت فيه في القرآن، بل أوهموا أنه هو معناها في أصل وضعها، وليس الأمر كذلك. وكأنه استقر في أذهان هؤلاء المفسرين ما شاع بين المتكلِّمين من أن معنى لفظة الأبد هو المدة التي لا نهاية لها، وعليه فلا بأس أن تفسرَ اللفظةُ بهذا المعنى في كلِّ موضع ذُكرت فيه، ولا بأس أن يساق هذا المعنى حين شرح هذه اللفظة مساقَ التفسير العامِّ.

2- استعمال لفظة (الأبد) في كلام العرب:

تُستعمل لفظة الأبد في كلام العرب مضافةً ومعرفةً بالألف واللام ومنكرةً. فتُستعمل مضافةً فتفيد التعظيم والمبالغة. يقال: أَبَدَ الدهر، وأَبَدَ الأبد، وأَبَدَ الأَبِيد، وأَبَدَ الأبدية، وأبَدَ الآبِدِينَ -بالمدِّ-، وأَبَدَ الأبدينَ -كأَرَضِينَ-، وأَبَدَ الآبَادِ -بإضافة المفرد لجمعه-، تراكيب كلها بمعنى المبالغة وتأكيد دوام الأمر[31]. ومنه حديث سراقة بن مالك: (أمْتِعَتُنا هذه لعامِنا هذا، أم لأَبَدٍ؟ فقالَ: لا، بل ‌‌لأَبَدِ الأبد)[32]، وفي روايةٍ: (لا، بل ‌لأَبَدِ ‌أَبَدٍ)[33]، أي: هي لآخر الدهر، وقيام الساعة[34].

وإذا استُعملت لفظة الأبد معرفةً بالألف واللام أفادت استغراق الحدث جميع أجزاء الزمان، ماضيه ومستقبله ليله ونهاره، إلا أن يكون الحدث مختصًّا ببعض أجزاء ذلك الزمان. فإذا قلت: سار زيدٌ الأبد، أفادت استغراق السير جميع أجزاء عُمُرِ زيدٍ، ليلِه ونهارِه إلى آخر حياته. ولا يقال: سار الأبد، والمراد في أيام منه لا في جميعه، إلا أن يُقصد التكثير مبالغةً وتجوُّزًا؛ فيجوز. كما يقال: أتاني أهل الدنيا، وعسى ألا يكون أتاه منهم إلا خمسة فاستكثرهم[35]. فإن كان الحدَثُ مختصًّا ببعض أجزاء الزمان، أفادت استغراقَ جميع أجزاء ذلك البعض، كما إذا قلت: صامَ الأبد، أو سَرى الأبد، فالأولُ يعمُّ جميع أجزاء الزمان دون لياليه، والثاني يعمُّ جميعَ أجزائه دون أيامه[36].

أما إذا استُعملت لفظة الأبد مُنكرة؛ فإنها تفيد استغراق الحدث جميع أجزاء الزمان المستقبل دون الماضي، فتقول: لأصومن ‌أبدًا، فتفيد استغراق الصوم جميع أجزاء عُمُرِك المستقبل القابل للصوم إلى آخر حياتك[37]. ولا يُقال: صام أبدًا، كما يُقال: صام الأبد، إلا أن يرادَ بالماضي المستقبلُ، كقولك: واللهِ لا فعلْتُ ذاك ‌أبدًا، تريدُ معنى: لا أفعل[38]، أو يكون الماضي ممتدًّا إلى المستقبل، كقولك: قد تركْتُ صحبتَك أبدًا حتى تُصلِحَ من حالك، فهو في معنى: قد تركتُ صحبتَك وسأتركُها أبدًا[39].

غيرَ أن أبدًا المنكرة إذا جاءت في سياق الإثبات لم تكن نصًّا في إفادة العموم، إلا أن تدل على ذلك قرينة، فهي تحتمل العموم كما تحتمل ما دونه. وقد بنى الفقهاء على هذا أن لو قال رجل لامرأته: أنتِ طالقٌ ‌أبدًا، وقال: نويتُ يومًا أو شهرًا؛ لم تُطلق سوى طلقة واحدة، وكانت له الرجعة. أمّا إذا جاءت أبدًا في سياق نفي أو نهي؛ فإنها تكون نصًّا في العموم، لا بمقتضاها، ولكن بقرينة النفي أو النهي. فإذا قيل: لا تفعلْ هذا ‌أبدًا، لم يحتمل الكلامُ إلا معنى واحدًا، وهو: لا تفعَلْه في جميع الأزمنة المستقبلة إلى آخر حياتك[40].

ثالثًا: معاني لفظة (الأبد) واستعمالاتها في القرآن الكريم:

وردَتْ كلمة الأبد في القرآن في ثمانية وعشرين موضعًا. ووردت في جميعها منصوبةً منكرةً (أبدًا)، ومسبوقةً بفعل مضارع، إلا موضعًا واحدًا سُبقت فيه بفعل ماض، ولكنه ممتدٌّ إلى المستقبل. ووردت في ثلاثة عشر موضعًا منها في سياق الإثبات، وفي عشرة مواضع في سياق النفي، وفي خمسة مواضع في سياق النهي. وهي في جميع هذه المواضع دالة على استغراق الحدث جميع الزمان المستقبل، إما بقرينة النفي والنهي، وإما بقرائن أخرى احتفت بها.

وهي في تسعة مواضع منها بمعنى مدة حياة الإنسان. وفي ثلاثة مواضع بمعنى مدة حياة الإنسان ولكن مقيدة بحال معينة. وفي اثني عشر موضعًا دالةٌ على مدة ممتدة إلى غير نهاية. وبقيت أربعةُ مواضعَ هي فيها محتملة لمعنيين من معاني التأبيد.

فأما المواضع التسعة التي بمعنى مدة حياة الإنسان؛ فهي قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنوْهُ ‌أَبَدًا﴾ [البقرة: 95]، وقوله: ﴿وَلَا ‌يَتَمَنوْنَهُ أَبَدًا﴾ [الجمعة: 7]، أي: مدة حياتهم[41]. وقوله: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ ‌أَبَدًا﴾ [التوبة: 108]، أي: مدة حياتك[42]. وقوله: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا ‌مَعِيَ ‌أَبَدًا﴾ [التوبة: 83]، أي: مدة حياتكم وحياتي[43]. وقوله: ﴿فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا ‌أَبَدًا﴾ [الكهف: 57]، أي: مدة حياتهم[44]. وقوله: ﴿يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ ‌أَبَدًا﴾ [النور: 17]، أي: مدة حياتكم[45]. وقوله: ﴿مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ‌أَبَدًا﴾ [النور: 21]، أي: مدة حياتكم[46]. وقوله: ﴿وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ ‌أَبَدًا﴾ [الأحزاب: 54]، أي: مدة حياتكم وحياتهن[47]. وقوله: ﴿وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا ‌أَبَدًا﴾ [الحشر: 12]، أي: مدة حياتكم وحياتنا[48].

وأما المواضع الثلاثة التي بمعنى مدة حياة الإنسان ولكن مقيدة بحال معينة؛ فهي قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنا لَنْ نَدْخُلَهَا ‌أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا﴾ [المائدة: 24]، أي: مدة حياتنا وكونهم لم يخرجوا منها[49]. وقوله: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً ‌أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلا الذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِن اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 4]، أي: مدة حياتكم وحياتهم، وكونهم لم يتوبوا ويصلحوا[50]. وقوله: ﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ‌أَبَدًا حَتى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4]، أي: مدة حياتنا وكونكم لم تؤمنوا بالله وحده[51].

فهذه المواضع الاثنا عشر المتقدمة كلها لفظةُ (أبدًا) فيها بمعنى مدة حياة الإنسان؛ إذ كان جميعها إما إخبار عن ناس مكلفين أو خبر منهم أنهم لن يفعلوا أو لا يفعلون، وإما نهي لهم أن يفعلوا، والعقل والعادة دلَّا على أن الإنسان المكلف لا يعيش إلى آخر الحياة الدنيا، وأنه لا بد أن يموت، فتقيد الكلامُ بذلك.

ولفظة (أبدًا) في جميع هذه المواضع دالة على استغراق الحدث جميع الزمان المستقبل؛ إذ كانت في جميعها مسبوقة بفعل مضارع في سياق نفي أو نهي. أما قوله تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ ‌أَبَدًا﴾؛ فهو في معنى المسبوق بنفي؛ إذ المعنى: لئلا تعودوا لمثله أبدًا[52]. وأما قوله تعالى: ﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ‌أَبَدًا﴾؛ فالماضي فيه ممتدٌّ إلى المستقبل[53]، والجملة بعدَه: ﴿حَتى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ﴾ دالة على العموم والاستغراق[54].

وأما المواضع الاثنا عشر الدالة على التأبيد الممتدِّ إلى غير نهاية؛ فهي قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ‌أَبَدًا﴾، في أحد عشر موضعًا -ثمانية منها في أهل الجنة: [النساء: 57، 122. المائدة: 119. التوبة: 22، 100. التغابن: 9. الطلاق: 11. البينة 8]، وثلاثة في أهل النار: [النساء: 169. الأحزاب: 65. الجن: 23]-، وقوله: ﴿‌مَاكِثِينَ ‌فِيهِ أَبَدًا﴾ [الكهف: 3]، والمعنى في الجميع: مدة لا نهايةَ لها.

وهذا المعنى إنما استُفيد في هذه المواضع بقرائن احتفَّتْ بلفظة (أبدًا)، لا مِن مجردها؛ فإن لفظة الأبد في أصل وضعها وفي استعمالها المعهود في كلام العرب لا تدل على الامتداد إلى غير نهاية، ثم هي في هذه المواضع نكرة في سياق الإثبات، فلا تقتضي بمجردها العموم والاستغراق، ولكن القرائن هي التي أدت إلى الجزم بهذا المعنى. ومِن هذه القرائن: تكرُّر هذه الجملة في القرآن تكرارًا يفيد القطع بإرادة الدوام الذي لا نهاية له[55]. ومنها: اقتران لفظة (أبدًا) بلفظتي (خالدين) و(ماكثين)، فإنهما لفظتان دالّتان على طول الزمان، فلما أُتْبِعَا بلفظة (أبدًا) عُلِمَ أن فائدة ذلك إنما هي إرادة الزمان الذي لا نهاية له، لا الزمان المنتهي وإن طال[56]. ومنها: ما جاء من النصوص المصرِّحة بهذا المعنى، كقوله تعالى في أهل الجنة: ﴿إِن الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ ‌مَمْنُونٍ﴾ [فصلت: 8]، وقوله: ﴿إِن هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ ‌مِنْ ‌نَفَادٍ﴾ [ص: 54]، وقوله: ﴿عَطَاءً ‌غَيْرَ ‌مَجْذُوذٍ﴾ [هود: 108][57]. وكقوله في أهل النار: ﴿‌كُلمَا ‌نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: 56]، وقوله: ﴿‌كُلمَا ‌خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾ [الإسراء: 97]، وقوله: ﴿إِنهُ مَنْ يَأْتِ رَبهُ مُجْرِمًا فَإِن لَهُ جَهَنمَ ‌لَا ‌يَمُوتُ ‌فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [طه: 47]، وقوله: ﴿‌كُلمَا ‌أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [الحج: 22][58].

وأما المواضع الأربعة المحتملة لمعنيَيْنِ من معاني التأبيد؛ فأحدها قوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ ‌أَبَدًا﴾ [التوبة: 84]. قيل: (أبدًا) متعلِّقٌ بـ(لَا تُصَلِّ)، والمعنى: ولا تصلِّ على أحد منهم مات مدة حياتك. وقيل: هو متعلِّقٌ بـ(مَاتَ)، والمعنى: ولا تصلِّ على أحد منهم مات موتًا دائمًا مستمرًّا إلى ما لا نهاية له، وهو الموت على الكفر؛ لأن إحياءَ الكافر بالبعث إنما هو للتعذيب دون التنعُّم، وهذا أسوَأُ من الموت، فكأنه لم يحيَ[59].

والقول الأول هو ظاهر الآية، بل هو معناها الذي لا ينبغي العدول عنه. وأما القول الثاني؛ فليس ثمة ما يدعو إليه، ولكن كأن صاحبه رآه وجهًا خفيًّا فعدل إليه اعتمادًا على أن الأول وجه واضح لا حاجة لذكره. وقد حاول بعضهم توجيه هذا القول بأنه إنما جُعِل (أبدًا) متعلِّقًا بـ(مَاتَ) دون (لَا تُصَلِّ)؛ لأنه لو جُعِل متعلِّقًا به لزم أن لا تجوز الصلاةُ على من تاب منهم ومات على الإيمان. ولم يفطن صاحبُ هذا التوجيه إلى أن النهي ههنا كما أنه مقيد بمدة الحياة، فإنه مقيد أيضًا بحال معينة، فيزول بزوالها. وهي كونُ هذا المنهيِّ عن الصلاة عليه (مِنْهُمْ)، أي: من المنافقين. على أن قوله بعدُ: ﴿إِنهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ مُشعِرٌ بأن هذه الحال التي نُهِي عن الصلاة عليهم لأجلها لازمة لهم إلى الموت[60].

والموضع الثاني قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾ [الكهف: 20]. قيل: المعنى: ولن تفلحوا إذًا في الدنيا ولا في الآخرة، فالأبد ممتدٌّ إلى غير نهاية[61]. وقيل: المعنى: ولن تفلحوا إذًا في الدنيا، فالأبد مقيدٌ بمدة حياتهم[62]. وجمهورُ المفسرين على القول الأول، وهو أَوْلَى القولين بالآية؛ لأن القوم كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخرِ، فهم يرجون الفلاح في الآخرة كما يرجونه في الدنيا. بل رجاء المؤمن للفلاح في الآخرة أشد وأوكد من رجائه إياه في الدنيا.

والموضع الثالث قوله تعالى: ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ ‌أَبَدًا﴾ [الكهف: 35]. قيل: إنه كان قائلًا بقِدَمِ العالَـمِ، كافرًا بفناء الدنيا، ولكنه لم يستطِعْ أن ينكر مقتضى الحسِّ، وهو أن أحوال الدنيا كلها متغيِّرةٌ زائلةٌ، فأراد: أن جنتَه باقيةٌ على حالها بقاءَ أمثالِها، وأنه لحسن قيامه عليها، سيعيشُ فيها حتى يأكلَها مدةَ حياتِه[63]. وقيل: أراد: أن ما حَوَتْه هذه الجنةُ من الأشجار والثِّمار، وإن فنيَتْ أشخاصُه، فستخلفُها أشخاصٌ أُخَرُ، وهكذا دائمًا، فهي باقيةٌ ببقاء أنواعِها مدةً لا نهاية لها[64].

والموضع الرابع والأخير قوله تعالى: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ ‌أَبَدًا﴾ [الفتح: 12]. قيل: المعنى: أنهم يُقتَلُون وتُستَأصَلُ شأفتُهم، فلا يَرجِعُ منهم مخبِرٌ[65]. وقيل: المعنى: أنهم يُهْزَمُون، فيتبددون في البلاد النائية، فلا يرجعون إلى المدينة[66]. فـ(أبدًا) على القول الأول بمعنى: مدة الحياة الدنيا، وعلى القول الثاني بمعنى: مدة حياة الرسول والمؤمنين. والآية محتملةٌ للمعنيَيْنِ، ولا مانعَ من حملها عليهما جميعًا.

خاتمة:

حاوَلَتْ هذه المقالةُ شرحَ لفظة (أبدًا) في جميع مواضعها المذكورة فيها في القرآن، شرحًا تامًّا صحيحًا، ببيانِ أصل اشتقاقها، ثم بيان معانيها واستعمالاتها في كلام العرب، لتخلص مِن ذلك إلى الكشف عن معانيها واستعمالاتها في القرآن، وذلك بعد تمهيد كشفت فيه عن سُبلِ المفسرين في التعامل مع هذه اللفظة. وفيما يأتي خلاصة ما تضمنته مِن أفكار:

- أكثر المفسرين لا يشرحون لفظة (أبدًا) في أكثر المواضع المذكورة فيها في القرآن، وإذا شرحوها سلكوا في ذلك سُبلًا غيرَ ناهجة ولا قاصدة، تفضِي إلى فهمها فهمًا ناقصًا أو خاطئًا.

- ومردُّ مادة (أبد) في كلام العرب إلى أصل واحد، وهو الدوامُ وطولُ المدة. والوارِدُ من هذه المادة في القرآن الكريم لفظةٌ واحدةٌ، وهي: الأبد. وقد ذكروا في تعريفها عبارات متقاربةً مفادُها أن الأبد أخص من مطلق الزمان، فهو الزمان الطويل الممتد.

- وكلمة الأبد في كلام العرب تَتَحملُ معنيَيْنِ يصدقُ على كلِّ واحد منهما معنى الزمان الطويل الممتدّ. أحدهما مدة الحياة الدنيا، والآخر مدة حياة الإنسان. والأبد بمعنى مدة حياة الإنسان كثيرًا ما يقيد بحال معينة متى زالت انتهت مدة الأبد. والظاهر أن أصل معنى لفظة الأبد في كلامهم إنما هو مدة الحياة الدنيا، وأن دلالتها على ما دون ذلك إنما هي بما يحتفُّ بها من قرينة.

- وجاء في كلام بعض المتأخرين أن معنى لفظة الأبد إنما هو المدة التي لا نهاية لها البتة. وتخصيص لفظة الأبد بهذا المعنى اصطلاح حادث لدى طائفة المتكلمين غير مستفاد من كلام العرب. وهو وإن كان مفهومًا من بعض نصوص الشرع فإنما فُهِمَ بقرائن احتفت باللفظة، لا من معنى اللفظة في أصل وضعها، فهو استعمال خاص جاء في نصوص الشرع زيادةً على ما جاء فيها من الاستعمالات المعهودة لدى العرب.

- ولفظة الأبد تُستعمل في كلام العرب مضافةً ومعرفةً بالألف واللام ومنكرةً. فتُستعمل مضافةً فتفيد التعظيم والمبالغة. وتستعمل معرفةً بالألف واللام فتفيد استغراق الحدث جميع أجزاء الزمان، ماضيه ومستقبله ليلِه ونهارِه، إلا أن يكون الحدث مختصًّا ببعض أجزاء الزمان، فتفيد استغراق جميع أجزاء ذلك البعض فقط. وإذا استُعملت مُنَكَّرَةً أفادت استغراق الحدث جميع أجزاء الزمان المستقبل دون الماضي، ولا يجوز حينئذ أن تُسبَقَ بفعل ماض كما لو كانت معرفةً، إلا أن يراد بالماضي المستقبل، أو يكون الماضي ممتدًّا إلى المستقبل. ولكن إذا جاءت في سياق الإثبات لم تكُنْ نصًّا في إفادة العموم، إلا أن تدل على ذلك قرينة، أما إذا جاءَتْ في سياق نفي أو نهي؛ فإنها تكون نصًّا فيه، لا بمقتضاها، ولكن بقرينة النفي أو النهي.

- ووردت لفظة الأبد في القرآن الكريم في ثمانية وعشرين موضعًا. وردَتْ في جميعها منكرةً منصوبةً، ومسبوقةً بفعل مضارع، إلا موضعًا واحدًا سُبِقَتْ فيه بفعل ماض، ولكنه ممتدٌّ إلى المستقبل. ووردَتْ في ثلاثة عشر موضعًا منها في سياق الإثبات، وفي عشرة مواضع في سياق النفي، وفي خمسة مواضع في سياق النهي. وهي في جميع هذه المواضع دالةٌ على استغراق الحدثِ جميع الزمان المستقبل، إما بقرينة النفي والنهي، وإما بقرائن أخرى احتفت بها. وهي في تسعة مواضع منها بمعنى مدة حياة الإنسان. وفي ثلاثة مواضع بمعنى مدة حياة الإنسان ولكن مقيدة بحال معينة. وفي اثني عشر موضعًا بمعنى المدة الممتدة إلى غير نهاية. وبقيَتْ أربعة مواضع هي فيها محتملةٌ لمعنيَيْنِ من معاني التأبيد.

آخرُه، والحمدُ لله.

 

[1] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، ضبطه وصححه ورتبه: مصطفى حسين أحمد، دار الريان للتراث- القاهرة، دار الكتاب العربي- بيروت، ط3، 1407هـ= 1987م، (1/ 621).

[2] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ= 1999م، (6/ 29).

[3] سيأتي بيان معنى لفظة (الأبد) في اللغة.

[4] وهذا بناءً على ضابطٍ عامٍّ في فهم هذه اللفظة، سيأتي ذكره في موضعه من هذه المقالة.

[5] تفسير ابن كمال باشا، تحقيق: ماهر أديب حبوش، مكتبة الإرشاد، إسطنبول- تركيا، ط1، 1439هـ= 2018م، (4/ 416).

[6] البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، لابن عجيبة، تحقيق: أحمد عبد الله القرشي رسلان، طبع على نفقة د. حسن عباس زكي، 1419هـ، (4/ 23).

[7] لباب التأويل في معاني التنزيل، للخازن، تصحيح: محمد عليّ شاهين، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1415هـ، (1/ 430). وهذا التعريف الذي ذكره الخازن للفظة (الأبد) أخذه من كتاب المفردات في غريب القرآن. ينظر: المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، دار القلم، الدار الشامية- دمشق، بيروت، ط1، 1412هـ، ص59. ولكن الخازنَ زادَ في التعريفِ عبارةَ: «الذي لا انقطاعَ له»، وهذه الزِّيادةُ هي التي صيرته تعريفًا خاصًّا، لا يصلحُ لأن تُشرَح به لفظةُ (الأبد) في غيرِ هذا الموضعِ.

[8] نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، لبرهان الدين البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، (12/ 7).

[9] معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ= 1979م، مادة (أبد)، (1/ 34).

[10] المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد حسن حسن جبل، مكتبة الآداب- القاهرة، ط1، 2010م، مادة (أبد)، (1/ 87).

[11] ينظر: لسان العرب، لابن منظور، دار صادر- بيروت، ط3، 1414هـ، مادة (أبد)، (3/ 68)؛ وتاج العروس من جواهر القاموس، لمرتضى الزبيدي، من إصدارات: وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، مادة (أبد)، (7/ 371).

[12] ينظر: لسان العرب، لابن منظور، مادة (أبد)؛ وتاج العروس من جواهر القاموس، لمرتضى الزبيدي، مادة (أبد).

[13] جمهرة اللغة، لابن دريد، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين- بيروت، ط1، 1987م، (2/ 1018)؛ والصحاح، لأبي نصر الجوهري، مادة (أبد)، تحقيق: أحمد عبد الغفار عطار، دار العلم للملايين - بيروت، ط4، 1407هـ= 1987م، مادة (أبد)، (2/ 439)؛ ومقاييس اللغة، لابن فارس، مادة (أبد)، (1/ 34)؛ والمحكم والمحيط الأعظم، لابن سيده، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1421هـ= 2000م، (9/ 385)؛ ولسان العرب، لابن منظور، مادة (أبد)، (3/ 68)؛ والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي، المكتبة العلمية- بيروت، مادة (ء ب د)، (1/ 1).

[14] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، (1/ 621).

[15] المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، ص59.

[16] تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م، (6/ 65).

[17] القاموس المحيط، للفيروزآبادي، إشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، ط8، 1426هـ= 2005م، ص394.

[18] ينظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، مادة (دهر)، (2/ 305).

[19] درج الدّرر في تفسير الآي والسور، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق: وليد بن أحمد بن صالح الحسين وإياد عبد اللطيف القيسي، مجلة الحكمة- بريطانيا، ط1، 1429هـ= 2008م، (1/ 235).

[20] شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن القيم، تحقيق: زاهر بن سالم بلفقيه، دار عطاءات العلم- الرياض، دار ابن حزم- بيروت، ط2، 1441هـ= 2019م، (2/ 306).

[21] رواه الترمذي، رقم: (2155، 3319) من حديث عبادة بن الصامت.

[22] ينظر: شرح سنن أبي داود، لابن رسلان، إشراف: خالد الرباط، دار الفلاح- الفيوم، مصر، ط1، 1437هـ= 2016م، (18/ 255)؛ ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، الملا عليّ القاري، دار الفكر، بيروت- لبنان، ط1، 1422هـ= 2002م، (1/ 168).

[23] معاني القرآن وإعرابه، للزجاج، تحقيق: عبد الجليل شلبي، عالم الكتب- بيروت، ط1، 1408هـ= 1988م، (4/ 31).

[24] ينظر: العقد المنظوم في الخصوص والعموم، للقرافي، دراسة وتحقيق: د. أحمد الختم عبد الله، المكتبة المكية، دار الكتبي- مصر، ط1، 1420هـ= 1999م، (2/ 295).

[25] ينظر: مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر، لمحمد الأمين الشنقيطي، دار عطاءات العلم- الرياض، دار ابن حزم- بيروت، ط5، 1441هـ= 2019م، ص392.

[26] التعريفات، للشريف الجرجاني، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان، ط1، 1403هـ= 1983م، ص7.

[27] رواه البخاري، رقم: (6583)؛ ومسلم، رقم: (2290)، من حديث سهل بن سعد.

[28] سيأتي قريبًا الكلامُ على قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا ‌أَبَدًا﴾، وبيانُ القرائن الدالة على أن المقصود بلفظة (أَبَدًا) فيها عدمُ التناهي.

[29] تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (6/ 65).

[30] تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (12/ 178).

[31] ينظر: تاج العروس من جواهر القاموس، لمرتضى الزبيدي، مادة (أبد)، (7/ 372).

[32] رواه ابن ماجه، رقم (2980)، من حديث جابر بن عبد الله.

[33] رواه مسلم، رقم (1218)، من حديث جابر بن عبد الله.

[34] مطالع الأنوار على صحاح الآثار، لابن قرقول، دار الفلاح، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- دولة قطر، ط1، 1433هـ= 2012م، (1/ 161)؛ والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط2، 1392هـ، (8/ 166)؛ وهدي الساري مقدمة فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، قام بإخراجه وتصحيح تجاربه: محبّ الدين الخطيب، المكتبة السلفية- مصر، ط1، 1380هـ، ص73.

[35] ينظر: الكتاب، لسيبويه، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي- القاهرة، ط3، 1408هـ= 1988م، (1/ 216)؛ وشرح كتاب سيبويه، لأبي سعيد السيرافي، تحقيق: أحمد حسن مهدلي وعلي سيد علي، دار الكتب العلمية- بيروت، لبنان، ط1، 2008م، (2/ 111- 113)؛ وشرح التسهيل، لابن مالك، تحقيق: عبد الرحمن السيد ومحمد بدوي المختون، دار هجر- القاهرة، ط1، 1410هـ= 1990م، (2/ 206).

[36] ينظر: حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط1، 1417هـ= 1997م، (2/ 187).

[37] ينظر: حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، (2/ 187).

[38] ينظر: الكتاب، لسيبويه، (3/ 108).

[39] ينظر: معجم القواعد العربية، لعبد الغني الدقر، دار القلم- دمشق، ط1، 1406هـ= 1986م، ص9.

[40] ينظر: أحكام القرآن، لأبي بكر بن العربي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية- بيروت، لبنان، ط3، 1424هـ= 2003م، (2/ 583، 3/ 116)؛ والجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية- القاهرة، ط2، 1384هـ= 1964م، (8/ 259).

[41] ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج، (1/ 177)؛ ودرج الدرر في تفسير الآي والسور، لعبد القاهر الجرجاني، (1/ 235)؛ والجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله القرطبي، (2/ 33)؛ ومدارك التنزيل وحقائق التأويل، لأبي البركات النسفي، تحقيق: يوسف علي بديوي، دار الكلم الطيب- بيروت، ط1، 1419هـ= 1998م، (1/ 111)؛ وبدائع الفوائد، لابن القيم، تحقيق: علي بن محمد العمران، دار عطاءات العلم- الرياض، دار ابن حزم- بيروت، ط5، 1440هـ= 2019م، (1/ 168)؛ وتهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته، لابن القيم، تحقيق: علي بن محمد العمران ونبيل بن نصار السندي، دار عطاءات العلم- الرياض، دار ابن حزم- بيروت، ط2، 1440هـ= 2019م، (2/ 237)؛ وشفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن القيم، (2/ 306)؛ والبحر المحيط في التفسير، لأبي حيان الأندلسي، عناية: صدقي العطار وزهير جعيد والعشا حسّونة، دار الفكر- بيروت، 1420هـ= 2000م، (1/ 499).

[42] ينظر: مدارك التنزيل وحقائق التأويل، لأبي البركات النسفي، (7/ 471).

[43] ينظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لشهاب الدين الألوسي، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1415هـ، (8/ 286)؛ وتفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (10/ 493).

[44] ينظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، (2/ 730)؛ ومدارك التنزيل وحقائق التأويل، لأبي البركات النسفي، (2/ 308)؛ وتفسير ابن كمال باشا، (6/ 285).

[45] ينظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، (3/ 221)؛ وغرائب القرآن ورغائب الفرقان، لنظام الدين النيسابوري، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1416هـ، (5/ 169)؛ ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور، لبرهان الدين البقاعي، (13/ 233)؛ وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لشهاب الدين الألوسي، (9/ 318).

[46] ينظر: تفسير ابن كمال باشا، (7/ 256)؛ وفتح القدير، للشوكاني، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب- دمشق، بيروت (4/ 18).

[47] ينظر: شعب الإيمان، لأبي بكر البيهقي، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: د. عبد العلي عبد الحميد حامد، مكتبة الرشد- الرياض، ط1، 1423هـ= 2003م، (3/ 87).

[48] ينظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، لبرهان الدين البقاعي، (19/ 447)؛ والسراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير، للشربيني، مطبعة بولاق الأميرية- القاهرة، 1285هـ، (4/ 251).

[49] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر الطبري، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر- القاهرة، ط1، 1422هـ= 2001م، (8/ 303)؛ والكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، (1/ 621)؛ والبحر المحيط في التفسير، لأبي حيان الأندلسي، (4/ 220)؛ ولباب التأويل في معاني التنزيل، للخازن، (2/ 28).

[50] ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج، (4/ 31)؛ والهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- جامعة الشارقة، ط1، 1429هـ= 2008م، (8/ 5033)؛ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1422هـ، (4/ 165)؛ والعقد المنظوم في الخصوص والعموم، للقرافي، (2/ 295)؛ وفتح القدير، للشوكاني، (4/ 11).

[51] لم أقِفْ في ما راجعته من كتب التفسير على نصٍّ في بيان معنى لفظة (أَبَدًا) في هذه الآية، والمعنى الذي ذكرته إنما هو بناءً على ما قررناه مِن استعمالات لفظة الأبد في كلام العرب، وقياسًا للآية على شبيهاتها من الآيات.

[52] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر الطبري، (17/ 218)؛ ومشكل إعراب القرآن، لمكي بن أبي طالب، تحقيق: حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة- بيروت، ط2، 1405هـ، (2/ 511).

[53] ينظر: معجم القواعد العربية، لعبد الغني الدقر، ص9.

[54] ينظر: تأويلات أهل السنّة، للماتريدي، تحقيق: مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1426هـ= 2005م)، (9/ 611؛ والتيسير في التفسير، لأبي حفص النسفي، تحقيق: ماهر أديب حبوش وآخرون، دار اللباب- إسطنبول، ط1، 1440هـ= 2019م، (14/ 384)؛ والجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله القرطبي، (18/ 56)؛ وأنوار التنزيل وأسرار التأويل، للبيضاوي، تحقيق: محمد المرعشلي، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط1، 1418هـ، (5/ 205)؛ ومدارك التنزيل وحقائق التأويل، لأبي البركات النسفي، (3/ 468)؛ وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، (8/ 87).

[55] ينظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، شركة الطباعة الفنية المتحدة، ط1، 1393هـ= 1973م، ص310.

[56] ينظر: التيسير في التفسير، لأبي حفص النسفي، (5/ 156)؛ ومفاتيح الغيب، للفخر الرازي، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط3، 1420هـ، (11/ 225، 12/ 469، 16/ 16).

[57] ينظر: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن القيم، (2/ 306)؛ وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، لابن القيم، تحقيق: زائد بن أحمد النشيري، دار عطاءات العلم- الرياض، دار ابن حزم- بيروت، ط2، 1440هـ= 2019م، (2/ 721).

[58] ينظر: مجالس مع محمد الأمين الجكني الشنقيطي، لأحمد بن محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة الشؤون الفنية، ط1، 1428هـ= 2007م، ص56- 57.

[59] ينظر: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، للبيضاوي، (3/ 92)؛ وتفسير ابن كمال باشا (4/ 418)؛ والسراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير، للشربيني، (1/ 639)؛ وتفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (10/ 494).

[60] ينظر: عناية القاضي وكفاية الراضي، للشهاب الخفاجي، دار صادر- بيروت، (4/ 351)؛ وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لشهاب الدين الألوسي، (5/ 342).

[61] ينظر: التفسير البسيط، للواحدي، تحقيق: مجموعة من المحققين، عمادة البحث العلمي- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط1، 1430هـ، (13/ 570)؛ وزاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار الكتاب العربي- بيروت، ط1، 1422هـ، (3/ 73)؛ ومفاتيح الغيب، للفخر الرازي، (21/ 446)؛ وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، (5/ 146).

[62] ينظر: درج الدرر في تفسير الآي والسور، لعبد القاهر الجرجاني، (1/ 235).

[63] ينظر: تأويلات أهل السنة، للماتريدي، (7/ 171)؛ ومفاتيح الغيب، للفخر الرازي (21/ 463).

[64] ينظر: البحر المحيط في التفسير، لأبي حيان الأندلسي، (7/ 176)؛ وعناية القاضي وكفاية الراضي، للشهاب الخفاجي، (6/ 100)؛ وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لشهاب الدين الألوسي، (8/ 262).

[65] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر الطبري، (21/ 258)؛ وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، (7/ 337).

[66] ينظر: التيسير في التفسير، لأبي حفص النسفي، (13/ 453).

كلمات مفتاحية

الكاتب

الدكتور عبد الرحمن بن مايسة

حاصل على الدكتوراه في النحو العربي من جامعة جيلالي ليابس، بالجزائر.‏

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))