توظيف أحوال العرب في التفسير عند الصحابة
أنواع التوظيف ووجوهه
مدخل:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فتعدّ أحوال العرب أحد المصادر المهمّة في تفسير القرآن الكريم، يقول أبو إسحاق الشاطبي (ت: 790هـ): «...معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل، وإن لم يكن ثم سبب خاصّ؛ لا بدّ لمن أراد الخوض في علم القرآن منه، وإلا وقع في الشُّبَه والإشكالات التي يتعذّر الخروج منها إلا بهذه المعرفة»[1].
وعلى الرغم من أهمية أحوال العرب في تفسير القرآن، إلا أن هذا المصدر -كغيره من مصادر التفسير- لم يلقَ عناية بدراسته من خلال تطبيقاته في كتب التفسير ومن ثمَّ بناء القواعد والأحكام النظرية المتعلّقة به انطلاقًا من تطبيقات المفسّرين.
ولذا أردنا في هذه المقالة أن نتناول مسألةً من أبرز المسائل المركزية التي تتعلّق بهذا المصدر من مصادر التفسير، وهي مسألة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير، من خلال تفسير الصحابة رضي الله عنهم؛ نظرًا لمركزية تفسير السَّلَف وأهميته.
وتأتي مقالتنا مقسومة إلى قسمين؛ نتناول في القسم الأول منها: أنوع المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير، وأمّا في القسم الثاني فنبيّن أوجه توظيف الصحابة رضي الله عنهم لأحوال العرب في التفسير، وذلك بعد تمهيد نُبرِز فيه فكرة توظيف أحوال العرب في التفسير وحدود تناولنا للمسألة في المقالة وطريقتنا في ذلك.
تمهيد:
اعتمد الصحابة رضي الله عنهم في تفسيرهم للقرآن على عدد من المصادر؛ كالنظائر القرآنية والسنّة النبوية واللغة العربية والأخبار وغيرها، وتأتي فكرة المقالة في تسليط الضوء على إحدى المسائل المركزية المتعلقة بمصدر أحوال العرب، وهي مسألة أوجه توظيف الصحابة رضي الله عنهم لأحوال العرب في التفسير.
وقد سلَكْنَا في جمع المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير منهجًا استقرائيًّا دقيقًا، اعتمدنا فيه على أكثر من مائتي مصدر، وفصَّلنا منهجنا وطريقتنا في الاستقراء والجمع في دراستنا (المفسِّرون من الصحابة -جمعًا ودراسة وصفية-)[2].
وتعدّ أحوال العرب ضمن مصدر السياق الخارجي للنصّ القرآني، والمراد بالسياق بصورة عامة: «كلّ ما يحيط بالنصّ القرآني من أمور تُعِين على فهمه؛ كحال المخاطَب والغرض الذي سيق له الكلام، والبيئة التي نزل فيها ومعرفة تفاصيل القضايا التي تعرَّض لها، وسابق الكلام ولاحقه.
وينقسم السياق إلى قسمين رئيسين؛ القسم الأول: السياق الداخلي، ويشمل سابق الآية محلّ التفسير ولاحقها من آيات القرآن، وسياق السورة التي ترِد فيها الآية، وسياق القرآن نفسه الذي تنتمي إليه السورة.
وأمّا السياق الخارجي فيشمل مرويات النزول وأحوال العرب والسير والمغازي والإسرائيليات ومرويات التاريخ العام مما يتّصل بما طرقه النصّ القرآني من أحداث ووقائع»[3].
وقد خصصنا مقالتنا هذه بالنظر في المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في تفسير القرآن الكريم.
ويجدر بنا أن ننبّه على أنّ التفسير عملية مركّبة من عدّة عوامل تسهم في إنتاج ثمرته النهائية[4]، ونعني بذلك أنّ الصحابي مثلًا عندما يوظّف أحوال العرب في التفسير فيما يظهر لنا من خلال فهمنا لكلامه فإنه في الحقيقة لم يقتصر على توظيف أحوال العرب فقط، وإنما هناك موارد كامنة أسهمت كذلك في إنتاج الصحابي لهذا المعنى أو غيره كاستخدامه للغة، فهو حتمًا قد وظَّف اللغة في إنتاجه لذلكم المعنى، بالإضافة إلى ما يظهر لنا من توظيفه لأحوال العرب، فهي عملية مركّبة، ولكن لا سبيل لنا إلى دراسة تلك الموارد سوى عن طريق إفراد كلّ موردٍ وحده من خلال جمعِ مروياته والنظر فيها.
وقبل أن نشرع في بيان أقسام المقالة نلمح إلى واقع دراسة تلك المسألة في الدراسات المعاصرة، ثم نبيّن أهمية سلوك الطريقة التي انتهجناها في دراستها من خلال ما يأتي:
- أولًا: واقع دراسة مسألة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير:
لم نقف -فيما طالعناه- على دراسات خصّت هذه المسألة بالدراسة بصورة تطبيقية وَفق منهج اسقرائي منضبط، وجُلّ ما وقفنا عليه في الدراسات التي تناولَت هذه المسألة هي دراسات تناولَت نماذج وأمثلة من توظيف بعض المفسِّرين لأحوال العرب في التفسير، معتمدين في ذلك نظرة مجتزَأة للتفسير المعنيّ بالدراسة دون استقرائه كاملًا، بالإضافة إلى استحضار أُطُرٍ وتنظيراتٍ مسبقة عن أحوال العرب دون السماح للدراسة باستخراج منهج المفسِّر في تلك المسألة بصورة حقيقية[5]، وقد بينَّا أبرز إشكالات هذه الطريقة عند دراسة مناهج المفسِّرين بصورة عامة في مقالة مستقلة[6].
إنّنا ومن خلال ما سبق يمكن لنا القول بأنّ دراسة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير في الدراسات المعاصرة قد جاءت بصورة مشكلة ومجافية عن التفسير، ما يجعلها لا تحقّق شيئًا كبيرًا، ولا تنظر أصلًا إلى التطبيقات الواقعية في كتب التفسير، وبالطبع تأتي نتائجها غير دقيقة، ولا تفتح آفاقًا يمكن مباحثتها والمراكمة عليها في التفسير نفسه أو الاستفادة منها في معرفة منهج المفسِّر وبناء أصول التفسير. وفيما يأتي نبيّن أهمية دراسة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير وَفق الطريقة التي انتهجناها، والله الموفِّق.
- ثانيًا: أهمية دراسة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير:
تعدّ مسألة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير من المسائل شديدة الأهمية، وتبرز أهميتها على عدّة أصعدة، أبرزها ما يأتي:
1- تحديد أوجه توظيف المفسِّر للسياق في التفسير بصورة دقيقة:
إنّ الاستقراء التامّ لكافة الروايات والمواضع التي وظَّف فيها المفسِّر أحوال العرب في التفسير يتيح لنا الوقوف بدقّة على هذه الأوجه، وتحديد أيّ هذه الأوجه أكثر حضورًا عند المفسِّر، ما ينعكس على اكتشاف وبيان كثير من المسائل المركزية في التفسير؛ كمفهوم التفسير والحيثيات المكونة له في الكتب على اختلاف الأزمنة والمناهج والمقاصد.
2- معرفة منهج المفسِّر في توظيف أحوال العرب في التفسير:
إنّ من أبرز الانعكاسات على دراسة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير بصورة دقيقة عند المفسِّر أنها تُوقِفُنا على منهج المفسِّر وطريقته في هذا التوظيف بصورة واقعية من خلال تفسيره، بعيدًا عن تحكيم أيّ تنظيرات مسبقة لم تخرج من رحم كتابه، وبذلك نقف على المنهج الحقيقي للمفسِّر.
3- بناء أصول التفسير وقواعده:
يعدّ بناء أصول التفسير وقواعده مشغلًا من أهم المشاغل في حقل الدراسات القرآنية، وقد أبانَت بعض الدراسات عن وقوع إشكالات مركزية في بنائه المعاصر[7]، وإنّ دراسة أوجه توظيف المفسِّر للمصادر في تفسيره بصورة منهجية دقيقة لَمِن أهم الخطوات وأبرزها في الخطو إلى التأصيل الجيد والبناء الدقيق لأصول التفسير وقواعده حال القيام بها عند كافة المفسِّرين وخاصّة المؤسِّسين والرواد منهم في صناعة التفسير.
القسم الأول: أنوع المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير:
بلغَت المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير (37) رواية[8]، وقد جاءت أحوال العرب التي وظّفها الصحابة في التفسير من خلال هذه الروايات على نوعين:
النوع الأول: أحوال للعرب يتضح معنى الآية دون معرفتها، والمقصود بهذا النوع مجيء أحوال العرب التي حكاها الصحابي لأمر متعلّق بالآية دون أن تتوقف معرفة معنى الآية على هذه الأحوال بل تكون الآية واضحة حتى دون معرفتها، وقد بلغَت مرويات هذا النوع (24) رواية، أيْ ما تمثِّل نسبته (65%) من المرويات التي وظَّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير.
ومن أمثلة هذا النوع ما جاء عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: «كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يحرَّم إلا امرأةَ الأب، والجمعَ بين الأختين. قال: فأنزل الله عز وجلّ: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [النساء: 22]، ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: 23]»[9].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «أنه سمعه يقول: -وسُئل عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال-: كان في جهينة واحد، وفي أسلم واحد، وفي كل حَيٍّ واحد، وهي كُهَّان ينزل عليها الشيطان»[10].
النوع الثاني: أحوال للعرب يتوقف معنى الآية على معرفتها، والمقصود بهذا النوع مجيء أحوال العرب التي حكاها الصحابي لأمر متعلق بالآية لا تتضح الآية ولا يظهر معناها دون معرفة تلك الأحوال، وقد بلغَت مرويات هذا النوع (13) رواية، أيْ ما تمثِّل نسبته (35%) من المرويات التي وظَّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير.
ومن أمثلة هذا النوع ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: «قوله عزّ وجلّ:﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: 3]، قال: كانوا في الجاهلية يَنكِحُون عشرًا من النساء الأيامى، وكانوا يعظِّمون شأن اليتيم، فتفقدوا مِن دينهم شأن اليتيم، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية، فقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: 3]، ونهاهم عمّا كانوا ينكحون في الجاهلية»[11].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «في قوله عز وجلّ: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾ [البقرة: 200]، قال: كانوا يذكُرون آباءَهم في الحج فيقول بعضهم: كان أبي يُطعِم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي يَـجُزّ نواصي بني فلان، ويقال: ويقوم من كلّ قبيلة شاعرُهم وخطيبُهم فيقول: فينا فلان وفينا فلان، ولنا يوم كذا، ووَقَعْنَا ببني فلان يوم كذا، ثم يقوم الشاعر فيُنشِد ما قيل فيهم من الشِّعْر، ثم يقول: مَن يفاخِرُنا فليأتِ بمثل فخرنا. فمَن كان يريد المفاخرة من القبائل قام فذكر مثالب تلك القبيلة وما فيها من المساوئ، وما ذُكِرَت به يَرُدّ عليه ما قال، ثم يفخر هو بما فيه وفي قومه، فكان ذلك من أمرهم حتى جاء الله -عز وجلّ- بالإسلام، وأنزل في كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم. يقول الله -عز وجلّ-: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: 200]، يعني دعوا هذه المفاخرة والمكاثرة واذكروا الله عز وجلّ»[12].
القسم الثاني: أوجه توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير:
أشرنا في القسم الأول إلى أنوع المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير، وفي هذا القسم نبيِّن ما ظهر لنا من أوجه توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير، وسنكتفي بالتمثيل لكلّ وجه من وجوه التوظيف بمثال واحد.
لقد تعدّدت أوجه توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير، ويمكننا أن نُرجِع هذه الأوجه إلى وجهين رئيسين، يمكن تشقيقهما إلى أوجه أخرى أكثر دقة عند دراستها التحليلية، وبيان الأوجه الرئيسة -مرتبة حسَب الأكثر- كما يأتي:
الوجه الأول: بيان المعنى: وعدد المرويات الواردة فيه (32) رواية، ومن أمثلته ما جاء عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أنه سمعه يقول -وسُئل عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال-: كان في جهينة واحد، وفي أسلم واحد، وفي كلّ حَيٍّ واحد، وهي كُهَّان ينزل عليها الشيطان)[13].
الوجه الثاني: بيان المعنى بذكر قصة: وعدد المرويات الواردة فيه (5) روايات، ومن أمثلته ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (قوله عز وجلّ: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة:37]، قال: النسيء هو أن جُنَادة بن عوف بن أمية الكناني، كان يوافي الموسم كلّ عام، وكان يُكنى: أبا ثُمَامة، فينادي: "ألا إن أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يُعَابُ، ألا وإن صَفَر العام الأول العام حلال"، فيحله الناس، فيحرّم صَفَر عامًا، ويحرِّم المحرم عامًا، فذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾[التوبة:37]، إلى قوله عز وجل: ﴿الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة:37]. وقوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾[التوبة:37]، يقول: يتركون المحرم عامًا، وعامًا يحرِّمونه)[14].
ويلحظ أنّ أكثر الأوجه ورودًا في توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير هو بيان المعنى وبلغَت مروياته (32) رواية، ويليه بيان المعنى بذكر قصة وبلغَت مروياته (5) روايات.
وقد جاء توظيف أحوال العرب في التفسير عن خمسة من الصحابة رضي الله عنهم، والجدول الآتي يبيِّن مقدار الوارد عن كلّ واحد منهم، مرتبةً حسَب الأكثر:
م | اسم الصحابي | عدد المرويات |
1 | عبد الله بن عباس | 32 |
2 | عبد الله بن مسعود | 2 |
3 | أنس بن مالك | 2 |
4 | جابر بن عبد الله | 1 |
5 | عائشة بنت أبي بكر | 1 |
المجموع الإجمالي[15] | 38 |
خاتمة:
سلّطنا الضوء في هذه المقالة على مسألة مركزية في مصادر التفسير، ألا وهي مسألة أوجه توظيف أحوال العرب في التفسير عند الصحابة رضي الله عنهم، وبينَّا أنواع أحوال العرب التي اشتملت عليها المرويات ووظّفها الصحابة في التفسير.
وقد بلغَت المرويات التي وظّف الصحابة فيها أحوال العرب في التفسير (37) رواية، وجاءت أحوال العرب فيها على نوعين؛ النوع الأول: أحوال للعرب يتضح معنى الآية دون معرفتها، والنوع الثاني: أحوال للعرب يتوقّف معنى الآية على معرفتها.
وبلغَت أوجه توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير وجهين رئيسين وهما: بيان المعنى، وبيان المعنى بذكر قصة.
وننبّه على أنّ ما ذكرناه في هذه المقالة إنما هو لَبِنة في دراسة أوجه توظيف الصحابة -رضي الله عنهم- لأحوال العرب في التفسير، وأنّ هذا الموضوع بحاجة إلى تكثيف للدراسات التحليلية حوله وتدقيق النظر في الأوجه التي ذكرناها، والتي يمكن تفريع بعضها إلى عدّة أوجه أكثر دقّة، وكذا إعادة النظر فيها بصورة عامة من خلال الدراسة التحليلية المعمقة.
ومن خلال مقالتنا هذه ندعو المؤسّسات العلمية والبحثية والجامعات إلى العناية بدراسة أوجه توظيف السَّلَف بصورة عامة لمصادر التفسير دراسة تحليلية، وكذلك دراسة أوجه توظيف المفسِّرين لمصادر التفسير في تفاسيرهم، فهذه من المشاريع الرائدة شديدة الأهمية والتي تسهم بصورة كبيرة في تأسيس أصول التفسير ومعرفة مناهج المفسِّرين.
كما نرجو أن تكون هذه المقالات التي نسطرها حول أوجه توظيف مصادر التفسير عند الصحابة فاتحة خير لمزيد من البحوث والدراسات حول تفسير السَّلَف.
وصلى اللهُ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
[1] الموافقات للشاطبي، دار ابن عفان، تحقيق: أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ط1، 1417هـ= 1997م، (4/ 154).
[2] ينظر: المفسرون من الصحابة؛ جمعًا ودراسة وصفية، د/ عبد الرحمن المشدّ، إصدار مركز تفسير للدراسات القرآنية، عام 1437هـ= 2016م، (1/ 11- 34).
[3] اطّلعت على مادة للباحث/ خليل محمود اليماني، لم تنشر بعد، ومنها نقلتُ هذه التقسيمات بتصرّف.
[4] وللتوسّع في معرفة هذه الفكرة يمكن الرجوع إلى: (منهج تفسير القرآن بالقرآن؛ رصد لمرتكزات المنهج وجذوره، وتقويم لمنطلقاته وغاياته -محمد عناية الله أسَد سُبحاني أنموذجًا-) للباحث/ خليل محمود اليماني، وهو بحث منشور على موقع مرصد تفسير للدراسات القرآنية تحت الرابط الآتي: tafsiroqs.com/article?article_id=3871
[5] ومن هذه الدراسات: توظيف الطبري المعرفة بعادات العرب لبيان مشكل القرآن الكريم، للدكتور/ عبد الرحيم خير الله عمر الشريف، وهو بحث منشور بمجلة البحوث والدراسات الشرعية، (مج4، ع44، ذو الحجة 1436هـ= سبتمبر 2015م، ص171- 194).
[6] وذلك من خلال مقالة بعنوان: (الطريقة الشائعة في دراسة مناهج المفسّرين؛ عرض وتقويم -كتاب منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم للدكتور/ عبد الوهاب فايد أنموذجًا-)، وهي منشورة على موقع تفسير تحت الرابط الآتي: tafsir.net/article/5357
[7] ينظر: (تأسيس علم أصول التفسير قديمًا وحديثًا؛ قراءة في منهجية التأسيس، مع طرح مقاربة منهجية لتأسيس العلم) للباحث/ خليل اليماني، وهو بحث منشور على موقع تفسير تحت الرابط الآتي: tafsir.net/research/67
- (أصول التفسير في المؤلفات؛ دراسة وصفية موازنة)، إصدار: مركز تفسير للدراسات القرآنية.
- (التأليف المعاصر في قواعد التفسير؛ دراسة نقديّة لمنهجية الحكم بالقاعدية) إصدار: مركز تفسير للدراسات القرآنية.
- ويمكن متابعة السجال الحاصل في قضية أصول التفسير ومناقشتها من خلال مطالعة المواد التي اشتمل عليها ملف أصول التفسير وقواعده من خلال الرابط الآتي: tafsir.net/article/5356
[8] ننبه هاهنا على أمرين هما:
- أولًا: أنّ العدد الكلّي لِما وردَ في كتابنا (المفسرون من الصحابة) تحت عنوان: تفسير القرآن بالتاريخ، قد جاء (55) رواية؛ ونظرًا لطبيعة الكتاب وتوسّعه في أمور كثيرة من تفسير الصحابة، فقد اشتملت الإحصائية المشار إليها فيه على كافة الروايات التي جاء فيها توظيفٌ للتاريخ سواءٌ كان تاريخًا عامًّا أو تاريخًا مختصًّا بالعرب وهو ما أسميناه هنا (أحوال العرب)؛ ولذا جاء عددها (37) رواية، ولا شك أن هذا الحصر يزداد دقة ووضوحًا في الدراسات التحليلية والتي نأمل عناية المختصين بها.
- ثانيًا: سبق وأن نشرنا بحثًا في مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الشرعية، العدد 191، وعنوانه: «تفسير القرآن بتاريخ العرب عند الصحابة رضي الله عنهم؛ جمعًا ودراسة وصفية»، وقد اعتنيت فيه بذكر الموضوعات التي اشتملت عليها المرويات بالإضافة لبعض المباحث الأخرى حسَب طبيعة الوعاء.
[9] أخرجه الطبري في جامع البيان (8/ 133) (8938).
[10] أخرجه الطبري في جامع البيان (5/ 418) (5845).
[11] أخرجه الطبري في جامع البيان (7/ 537) (8472)، وابن أبي حاتم في التفسير (3/ 859) (4756).
[12] أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (4/ 119) (2477)، والطبري في جامع البيان (4/ 196) (3847).
[13] أخرجه الطبري في جامع البيان (5/ 418) (5845).
[14] أخرجه الطبري في جامع البيان (14/ 245) (16706)، وابن أبي حاتم في التفسير (6/ 1793) (10015).
[15] جاء المجموع الإجمالي هنا زائدًا برواية واحدة عمّا أثبتناه في مطلع المقالة لورود رواية مكرّرة عن ابن عباس وابن مسعود فأثبتناها هنا لكليهما.