(الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير) للدكتورة فريدة زمرد
عرض وتقويم

الكاتب : بشرى باحي
يُعدُّ كتاب (الدرس المصطلحي للقرآن الكريم) للدكتورة فريدة زمرد من الكتب المهمّة في التأصيل للدرس المصطلحي للقرآن، وإلقاء الضوء على ثغرات هذا المنهج واقتراح عدّة آفاق لتطويره، وتأتي هذه المقالة لتعرِّف بهذا الكتاب، وتبرز موضوعاته ومحتوياته، مع طرح بعض الملاحظات حوله.

بين يدي الموضوع:

  لا شكّ أنّ المقصد الأسمى لكلّ درس قرآني هو إدراك مراد الله -عزّ وجل- من كلامه، وقد عرف هذا الدرس تراكمًا أغنى المكتبة الإسلامية كمًّا وكيفًا. ونشهد اليوم بزوغ نوع جديد من الدراسات القرآنية يروم سبر أغوار المفاهيم القرآنية وتجلياتها في أوضح صورها من أجلِ الوصول إلى ذلك النّسق المفهومي الذي جاء به الوحي الرباني؛ إنها الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم، أو كما تُطلِق عليها الدكتورة فريدة زمرد[1] (علم المصطلح القرآني).

لقد استطاعت الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم أن تتبوّأ مكانة بارزة داخل ميدان الدراسات القرآنية المعاصرة؛ فقد أبانت عن كفاءة منهجها، وأهمية نتائجها بالنسبة للدرس التفسيري خصوصًا، وللدراسات الشرعية عمومًا. ويعتمد منهجها على الاستقراء التامّ لموارد المصطلح المدروس داخل القرآن، ويقوم على عدد من الإجراءات والآليات التي تستوعب تمثّلات المصطلح داخل القرآن الكريم، وتحلّل مؤشرات وروده، وتتّبع جزئياته الدلالية للوصول إلى المفهوم القرآني لذلك المصطلح، بعيدًا عن التطورات الدلالية والإسقاطات المعاصرة التي قد يتعرض لها.

بين يدي الكتاب:

  يعتبر كتاب (الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير)[2] تجربة فريدة تطرّقت للدراسة المصطلحية بشكلٍ يختلف عن ما عهدناه في الدراسات السابقة التي ركّزت على الجانب الوصفي لمنهجها، فهي جاءت لتأصيل الدرس المصطلحي للقرآن، وإلقاء الضوء على ثغرات هذا المنهج واقتراح آفاقٍ لتطويره.

يقع الكتاب في 144 صفحة، وهو عبارة عن مجموعة من الأبحاث والمقالات كُتبت على فترات امتدّت لأكثر من عشر سنوات، الجامع بينها موضوع واحد هو منهج الدرس المصطلحي للقرآن الكريم. فهو يختزل تجربة المؤلِّفة على الصعيدين التنظيري والتطبيقي، تجربة امتدت لسنوات، أطَّرَت فيها الدكتورة العديد من الدورات التدريبية في الدرس المصطلحي للقرآن الكريم، وأشرفَت على العديد من الأطروحات التي طبّقَت هذا المنهج.

ويعالج الكتاب إشكالين مهمّين لهما بالغ الأثر على الجانب التأصيلي والتطويري للدرس المصطلحي للقرآن الكريم، يتمثّل الأول في «إطلاق صفة الاصطلاحية على ألفاظ القرآن»؛ هل يصحّ إطلاق لفظ (مصطلح) على ألفاظ القرآن الكريم؟ وهل يمكن اعتبار كلّ ألفاظ القرآن الكريم (مصطلحات)؟ أمّا الإشكال الثاني فيتمثل في «علميّة الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم»، هل يمكن أن ترقَى الدراسة المصطلحية إلى درجة (عِلم)؟ أم أنّ أقصى ما يمكن أنْ يُطلَق عليها أنها منهج لدراسة المصطلح القرآني؟ وهل تمتلك من المقومات ما يرقى بها إلى مقام العِلمية؟

محتويات الكتاب:

تطرّقت المؤلِّفة في مقدمة الكتاب إلى أهمية الدرس المصطلحي في مجال الدراسات القرآنية المعاصرة، وإلى مقصد الكتاب الذي يتمثّل في مقاربة منهج الدرس المصطلحي للقرآن الكريم عبر ثلاث محطات:

- محطة التتميم: تهدف إلى تأصيل مفهوم المصطلح القرآني، وبيان منهج الدراسة المصطلحية من خلال عرض مكوناته، وخصائصه، وخصوصياته، والدراسات المتقاطعة معه.

- محطة التطوير: تروم الانتقال بهذا النوع من الدرس من مرحلة (الدراسة) إلى مرحلة (العِلم).

- محطة التقويم: تقدِّم بعض ثغرات هذا المنهج وتطبيقاته.

تناول المبحث الأول (التأصيل النظري والتطبيقي لمفهوم المصطلح القرآني)؛ فبعد أن بيّنت أنّ الاعتقادَ السائد بأن الاصطلاح تواضع بين طرفين -وهو الأمر الذي دفعَ بعضَهم إلى التحرّج من إطلاق (المصطلح) في وصف ألفاظ القرآن- اعتقادٌ غير مسَلَّم به؛ إذ الكثير من المصطلحات العلميّة كان مصدرها الطرف الواحد، استعانت بتراثنا القديم لتؤكِّد الحضور القوي لمفهوم (المصطلح القرآني)؛ فمن أبرز المجالات التي أصّلت لهذا المفهوم:

- فقه اللغة: الذي اعتنى بالتطوّر الدلالي الذي أحدثه القرآن الكريم في لغة العرب؛ حيث أتى بالعديد من المفاهيم التي لم تكن متداولة عندهم، وعرف المصطلح القرآني على أنه: «كلّ لفظ أكسبه استعماله في القرآن الكريم دلالة غير التي له في اللغة العربية، مع بقاء أصل الدلالة اللغوية فيه»[3].

- علم أصول الفقه: الذي اعتنى بمبحث الألفاظ الشرعية، ودرس العلاقة بينها وبين الوضع اللغوي، من خلال مفهوم النقل، واعتبر أن أهم ضابط لصفة المصطلحية هي خاصية كثرة الاستعمال، ومن ثم عرف المصطلح القرآني على أنه: «كلّ لفظ استعمل في القرآن بدلالة معيّنة تطرد كليًّا أو جزئيًّا في كلّ موارده»[4].

هذا في ما يخصّ الجانب النظري، وأمّا ما يخصّ الجانب التطبيقي، فقد كانت العناية بألفاظ القرآن واضحة منذ عصر الصحابة، ثم أُلِّفت كتب الغريب والمعاني؛ ومن أبرزها: (مفردات القرآن) للراغب الأصفهاني الذي درس الألفاظ عبر ثلاثة مستويات:

- المستوى اللغوي الذي يُفضِي إلى الأصل الدلالي للفظ.

- المستوى السياقي الذي يتتبع الاستعمالات القرآنية للّفْظِ.

- المستوى الاصطلاحي الذي يحدّد الدلالة القرآنية العامة للّفْظِ من خلال وضع تعريف دقيق له، مع الإشارة إلى الفروق التي تميّزه عن ما يقاربه من ألفاظ، وضبط المفاهيم المرتبطة به وقواعد الاستعمال الخاصّة به.

كما أُلّفت كتب الوجوه والنظائر التي ركّزت على دلالات الألفاظ في سياقها القرآني، لكن غلب عليها تتبّع السياقات على حساب الدلالة العامة، حيث «تم تفسير الكثير من المصطلحات بمصاديقها في الواقع بدل مفاهيمها المجردة»[5].

أمّا المفسرون فقد اعتنوا في تفاسيرهم بالمصطلح القرآني من خلال:

- ضبط مفهومه وتعريفه.

- بيان العلاقات المفهومية بين المصطلحات.

- تحرير كليات المصطلحات القرآنية.

- تحديد المعاني المختلفة للمصطلح في سياقاته القرآنية وذلك لإبراز الدلالات الجزئية للمصطلح.

- تحديد الأصل الدلالي للمصطلح.

- حفظ الدلالة القرآنية من الإسقاط المصطلحي وتصحيح الفهم الخاطئ لها.

أبرزَ المبحث الثاني (أهمية الدرس المصطلحي للقرآن) من جانبين؛ أولًا: محورية المفردة القرآنية وأهميتها داخل النسق القرآني. ثانيًا: حاجة القرآن الكريم إلى المنهج؛ فكان منهج الدراسة المصطلحية بذلك كفيلًا «بإمداد التفسير بأسباب الحياة، وإشباع الرغبة في التجديد لجمهور المتلقِّين والدارسين»[6].

تطرّق المبحث الثالث لـ(منهج الدراسة المصطلحية) من خلال عرض أركانه، وخصائصه، ومميزاته، وسلّط الضوء على خصوصية الدرس المصطلحي للقرآن الكريم.

أولًا: أركان منهج الدراسة المصطلحية:

ميزت فيه بين مرحلتين: مرحلة الدراسة أو الإعداد، ومرحلة العَرْض أو الإنجاز.

تشمل المرحلةالأولى عددًا من الإجراءات المرتبطة بعضها ببعض، وهي:

- الإحصاء: وهو استقراء تامّ للمصطلح المدروس شكلًا، وحجمًا، واشتقاقًا، ومفهومًا، وقضايا؛ بهدف الوقوف على نسبة حضوره، وتجميع موارده.

- الدراسة المعجمية: تهدف إلى تصحيح الأخطاء التي ارتُكبت في مرحلة الإحصاء حيث «تفرز الاصطلاحات من الألفاظ»[7]، ولا يتأتَّى ذلك إلّا من خلال بيان معجمي يكشف عن جذر المصطلح المدروس ومأخذه اللغوي، ويعرف المعاني الخاصّة لمشتقات المصطلح المدروس.

- الدراسة النصيّة: تقوم على الفهم السليم للمصطلح داخل كلّ نصّ، والاستنباط الدقيق لسماته الدلالية واستخلاص كلّ ما له تعلّق بالمصطلح من صفات، أو علاقات، أو ضمائم، أو مشتقات، أو قضايا.

- الدراسة المفهومية: يتم فيها ترتيب وتصنيف نتائج الدراسة النصيّة تصنيفًا مفهوميًّا، يبرز العناصر المكونة لبنية المفهوم، من: تعريف، وصفات، وعلاقات، وضمائم، ومشتقات، وقضايا. وفق ضوابط اشتقاقية أو لغوية، أو مقامية؛ بهدف استخلاص تعريفٍ للمصطلح المدروس.

أمّا المرحلة الثانية والتي تتمثل في العرض المصطلحي، فتتمّ وفق سُلَّم تراتبي يعرض المقومات الدلالية الذاتية للمفهوم، والتي تتمثل في التعريف والصفات والعلاقات، ثم ينتقل إلى الضمائم التي تشكّل الامتداد الداخلي للمفهوم، ثم يكشف عن تشعبات المفهوم وامتداداته خارج ذاته من خلال المشتقات والقضايا.

ثانيًا: خصائص المنهج ومميزاته:

اعتبرت الدكتورة زمرد أن أهم ما يميز الدراسة المصطلحية عن غيرها أنها «تهتم بالمصطلح داخل النصّ، وليس بمعزل عنه، وبالنصّ من خلال المصطلح لا بعيدًا عنه»[8]، وهذا يمنحها قدرًا من الموضوعية والعلمية، فهي تمكن من ضبط المصطلح بتعريف يحدّد ماهيته ولوازمه دون الخروج عن النصّ الذي هو القرآن الكريم.

ثالثًا: خصوصية الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم:

يكتسب الدرس المصطلحي داخل القرآن خصوصية من حيث طبيعة المصدر والمتلقِّي والخطاب؛ فطبيعة مصدره تستوجب مراعاة قدسيّته وتقتضي أن يكون الرسول هو «المبين الأول لهذا النصّ»[9]، وطبيعة متلقِّيه تشمل الإنسان عمومًا دون اعتبار للزمان والمكان، وطبيعة خطابه ولغته المبنية على «منطق التخاطب الذي حكم المتلقِّين زمن الوحي»[10].

وتتمثّل الثمرة الكبرى للدرس المصطلحي للقرآن الكريم في خدمته للدرس التفسيري، وذلك من خلال تحقيق معاني المفردات القرآنية، والكشف عن التطوّر الدلالي الحاصل فيها، وبيان العلاقات المفهومية بين المصطلحات، وتوفير أرضية منهجية ممهّدة للتفسير.

وحتى تميز الدراسة المصطلحية عن ما يقاربها من الدراسات، عقدت المؤلفة في المبحث الرابع مقارنة بينها وبين التفسير الموضوعي، وبينها وبين الدرس الدلالي؛ لتوضح أوجه الائتلاف والاختلاف وأهم الأسس المنهجية التي تقوم عليها. فكان من جملة ما ركّزت عليه:

- أنّ المدخل في التفسير الموضوعي هو المفردة أو الموضوع، ولا يخفى مدى التشعّب الذي تعرفه موضوعات القرآن، أمّا في الدراسة المصطلحية فهو المصطلح، وبالتالي يمكن حصر كلّ المصطلحات القرآنية.

- منهج الدراسة المصطلحية يَعْتَبِر السُّنة «لبنة أساس في بناء الدرس المصطلحي»[11]، وهو أمر مُغيَّب في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.

- الدراسة المصطلحية تملك أدوات منهجية تمكنها من التوصل إلى تعريفٍ اصطلاحي للمفاهيم القرآنية.

- الدرس المصطلحي يخرج من عمومية الدرس الدلالي؛ لأنه يختصّ بالمصطلحات والمفاهيم، ويهدف إلى وضع تعريفٍ لها، لكنهما يتقاطعان في اهتمامهما بمعاني الألفاظ، وتطورها الدلالي، وأُسرتها الاشتقاقية، وعلاقاتها مع الألفاظ المنتمية لنفس حقلها الدلالي.

وعرضت المؤلفة في المبحث الخامس (آفاق تطوير الدرس المصطلحي للقرآن) من جهتي المفهوم والمنهج، واقترحت ضوابط وموجّهات لتجاوز ثغرات المنهج.

فأكّدت على أنّ نتائج الدراسة المصطلحية تعتبر «من أكثر الاحتمالات قربًا من المعنى المراد»[12]؛ فهي إلى جانب إسهامها في الكشف عن نسقية ونظام القرآن الكريم، ترسِّخ لمبدأ تفسير القرآن بالقرآن، وتوجّه التفسير. لكنها في المقابل ومع إيمانها بدقّة وشمولية منهج الدراسة المصطلحية، إلّا أنها أقرّت أنه يحتاج في جانبه التطبيقي إلى مزيد من الضبط على مستوى التعريف، وعلى مستوى استعمال المصادر.

فعلى مستوى التعريف؛ ترجع صعوبة التعريف إلى اختصاصه بمجال القرآن الكريم، وإلى عدم إلمام الكثير من الدارسين بأدوات التعريف وشروطه ومقتضياته، وقد أتت المؤلفة ببعض التعريفات التطبيقية وعمدت إلى تقويمها، واقترحَت -كحَلٍّ لهذه المعضلة-: تمكين الباحثين من الصناعة الحدِّيّة، والاكتفاء بعرض المعاني الكبرى للمصطلح عوض تطلُّب الحدّ الجامع المانع.

أمّا في ما يخصّ استعمال المصادر فقد بيّنت أن التعامل مع النصوص الشارحة للنصّ القرآني يجب أن يخضع للضبط والتمييز بين ما يتعلق منه بالرواية فيُؤخذ وما يتعلق بالدراية فيُمَحَّص، حتى لا يخرج الفهم عن «دائرة التنزيل نصًّا وتاريخًا»[13]، هذا مع إعطاء الأولوية إلى ما صحّ من نصوص السُّنة والتعامل معها على أساس أنها نصوص مبيّنة للنصّ القرآني.

وضمّت الخاتمة خلاصة البحث، وأهم النتائج التي توصل إليها.

أبرز مزايا الكتاب، وأبرز المآخذ:

أبرز المزايا:

الكتاب هو أول إنتاج علمي رصين يعالج الدراسة المصطلحية من الناحية التأصيلية، ويقترح حلولًا لتطويرها؛ لأن أغلب ما أُلِّف في هذا المجال -إذا ما استثنينا ما أَلَّفه الدكتور الشاهد البوشيخي- يدخل ضمن الدراسات التطبيقية، ولا يقارب الجانب النظري للدراسة المصطلحية إلّا من ناحية التعريف بمنهجها ووصف مراحله وآلياته.

أشارت المؤلفة بشكلٍ واضحٍ إلى الهدف من تأليف هذا الكتاب في المقدمة، وسخّرت كلّ جزء منه لخدمة هذا الهدف، فجاء الكتاب على صغر حجمه غنيًّا بالأفكار المركَّزة، بعيدًا عن الحشو، مؤلَّفًا بطريقة متناغمة؛ فقد وظّفَت كلّ مبحث من مباحثه لإبراز مقوِّمٍ من مقوِّمات علمية الدراسة المصطلحية؛ فاستهلَّت الكتاب بالتأصيل النظري والتطبيقي لمفهوم (المصطلح القرآني)، ثم أكّدت على أهمية الدراسة المصطلحية في الدرس القرآني، ثم بيّنت دقّة منهجها، وعرضت مميزاته وخصائصه، ثم سلّطت الضوء على خصوصية الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم، وعلى ثمارها، وفي الأخير عمدَت إلى مقارنتها مع ما يقاربها من الدراسات، ولا سيّما الدّرس الدلالي والتفسير الموضوعي.

اتسم الكتاب بالموضوعية في الطرح، فهو -وإنْ أكّدَ في غير ما موضعٍ على فعالية ودقّة منهج الدراسة المصطلحية- لم يَفُتْه عرض بعض ثغرات تطبيق المنهج التي تتمثل في: وضع التعريف، واستعمال المصادر، وتقديم حلولٍ لتجاوزها؛ سعيًا لتطوير هذا العلم.

الأمثلة المذكورة في الكتاب مختارة بعناية، وقد توسّعت المؤلفة في إيرادها رغبةً منها في مزيد من البيان والإيضاح، وطلبًا لتغطية جُلّ ما ذكَرَتْه من تقسيمات وتفريعات.

أبرز المآخذ:

- الكتاب أولى عنايةً كبيرةً بتعريف المصطلح القرآني والتأصيل له في تراثنا القديم، لكنه غيّب الكشف عن نشأة الدراسة المصطلحية، وإعطاء نبذة عن التطوّر الذي عرفَتْه حينما طبقت على الدرس القرآني. وهي من النقاط المهمّة التي تخدم هدف الكتاب، وهو إبراز علميّة الدراسة المصطلحية.

- الكتاب في مقارنته بين علم دلالة القرآن كما قدّمه إيزوتسو والدراسة المصطلحية جعل الغاية منهما التوصّل إلى النظام المفهومي للقرآن، لكن منهج الدراسة المصطلحية يركِّز على المفهوم الواحد من أجلِ الخلوص إلى وضعِ تعريفٍ له، ولم يوضح الكتاب كيف يمكن تطوير المنهج ليسمح بدراسة النسق المفاهيمي للقرآن.

خاتمة:

الكتاب هو أول تجربة في ميدان التأصيل للدراسة المصطلحية، وقد ركَّز على فكرة الارتقاء بالدراسة المصطلحية إلى مستوى العلمية، لكن بقيت العديد من النقاط التأصيلية إمّا غائبة وإما ذُكِرَت من خلال إشارات ولم تنَل حظها من التحليل؛ أَذْكُر على سبيل المثال: علاقة الدراسة المصطلحية بأصل تفسير القرآن بالقرآن، وبنظرية الحقول الدلالية، والنظرية السياقية.

هذا، ويبقى الجانب التطبيقي هو المحكّ الذي سيكشف عن أصالة هذا العلم وما يجب أن يطرأ عليه من تقويم وتطوير ليوصل إلى كمال الفهم لكتاب الله، وحُسن الانتفاع به.

 

[1] أستاذة التعليم العالي بمؤسسة دار الحديث الحسنية، جامعة القرويين بالرباط، وأستاذة زائرة بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية بالرباط، وخبيرة بمؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) بفاس، وعضو المكتب التنفيذي بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

[2] أشرف على نشره مركز الدراسات القرآنية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط، المغرب.

[3] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص16.

[4] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص17.

[5] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص25.

[6] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص56.

[7] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص65.

[8] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص74.

[9] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص77.

[10] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص77.

[11] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص86.

[12] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص107.

[13] الدرس المصطلحي للقرآن الكريم بين التأصيل والتطوير، ص123.

الكاتب

بشرى باحي

حاصلة على ماجستير العلوم الإسلامية من كلية الآداب - جامعة الحسن الثاني المحمدية، ولها عدد من المشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))