سورة الكهف ويوم الجمعة
التدبير التوحيدي للحدود
قراءة في شعائرية سورة الكهف

المؤلف : طارق محمد حجي
يحاول هذا المقال تقديم قراءة في سورة الكهف، تنطلق من نظرٍ خاص لتركيب السورة وسياقها وأفق دلالاتها، وتستفيد من أطر تلقي السورة الشعائرية «قراءة الكهف في الجمعة» كإطار يمكن من استكشاف موضوعها المركزي، فيبرز الفعالية الشعائرية لهذه السورة في بناء العالم الديني الإسلامي كعالم متمحور حول «البيان الإلهي».

  سورة الكهف من أكثر السور القرآنية التي تحظَى باهتمامٍ شعائري واهتمامٍ فكري وعلمي، حيث يقرأ الكثير من المسلمين سورة الكهف ضمن شعائر الجمعة، وفي التراث حظيت السورة باهتمام كبير بإظهار فضلها في كتب الفضائل والأحاديث، وفي السياق المعاصر كذلك مثّلَت السورة محور اهتمام الكثير من العلماء والباحثين العرب والمسلمين، فكُتبت حولها التفاسير والكتب المفردة لها، ولا يختلف الوضع كثيرًا في الدراسات الغربية، حيث اهتم بها الكثير من الباحثين المهتمين بدراسة القرآن سواء تاريخيًّا أو بنيويًّا، بل واهتم بها الكثير من الدارسين في حقول أخرى أدبية وفلسفية ونفسية.

 في هذا المقال سنحاول تقديم قراءة في سورة الكهف تنطلق من أفق خاصّ في التحليل، يختلف عن الأفق النصِّي المعاصر لدراسة القرآن -خصوصًا الدراسات الغربية-، الدارس لتاريخ النصّ وبنيته ومعناه، حيث نفترض كون السياق التاريخي للقرآن لا يقتصر على العلاقات النصية كما يفترض هذا الدرس، بل يشكل هذا السياق في عمقه صراعًا حول تأسيسات «العالم الديني»، وأنّ دراسة بنية القرآن كـ«نص» ينبغي ألّا تقف عند وظائفه «التقريرية» وتتجاهل الوظائف الخطابية والإنجازية له واشتغاله ضمن «بنية الدين الأساس»، وأنّ معنى القرآن الذي «يخلقه النصّ أمامه» لا يقتصر على المعنى الفقهي أو الكلامي بل يتجاوزه للمعنى الشعائري- الإنجازي، حيث نفترض أن سمة «الشعائرية» هي سمة مركزية في القرآن، حيث تمثل بُعدًا مركزيًّا من أبعاده، تتمثل في كونه «قولًا إنجازيًّا» يقوم بـ«تأسيس العالم»، وسنحاول تطبيق هذه الرؤية لتاريخ القرآن وبنيته ومعناه عبر قراءة سورة الكهف، مستحضرين سياق تلقِّيها الإسلامي الأوسع باعتبار أنّ له قدرة على الكشف عن معناها.

لذلك قسمنا المقال إلى تمهيد نظري عَرَضْنَا فيه للأطر النظرية العامة التي سننطلق منها في معالجتنا سورة الكهف، خصوصًا المفهومين المركزيين ضِمن هذا المقال «شعائرية القرآن» و«الجمعة- كعيد»، ثم قسمَيْن؛ الأول نظري تناولنا فيه بعض الدراسات السابقة لسورة الكهف وناقشناها منهجيًّا وتفصيليًّا، والثاني تطبيقي عرَضْنَا فيه قراءتنا الخاصة للسورة، ولعلاقتها الشعائرية بالجمعة؛ ثم خاتمة أجملنا فيها اشتغال المقال.

المؤلف

الأستاذ طارق محمد حجي

باحث مصري له عدد من المقالات البحثية والأعمال المنشورة في مجال الدراسات القرآنية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))