المنشورات الحديثة في المجلات العلميّة الغربية المتخصّصة في الدراسات القرآنية
ملخّصات مترجمة
الجزء الأول

هناك عددٌ من المجلات الغربية المتخصّصة في الدراسات القرآنية، في هذه المقالة نقدِّم ترجمةً لعددٍ من ملخّصات الدراسات المنشورة في أحد أبرز هذه المجلات خلال عامَيْ 2020 و2021؛ وذلك من أجل لَفْتِ أنظار الباحثين إلى جانب مما يُنْشَر في الدوريات الغربيّة حول القرآن الكريم وعلومه.

  إنّ المتابع للدراسات الغربية حول القرآن يشهد هذه الكثرة والتنوع والتتابع في نشر هذه الدراسات والمقالات والبحوث، بحيث يصعب متابعتها بشكل كامل من قِبَلِ الباحث العربي سواء عبر القراءة أو الترجمة؛ لذا فقد قمنا بتتبع هذه البحوث والدراسات المنشورة في بعض المجلات العلمية المتخصصة، وقمنا بترجمة ملخصاتها التعريفية، بغية الإسهام في ملاحقة هذا النتاج ومتابعة جديدِه بقدرٍ ما، وتقديم صورة تعريفية أشمل عن النتاج الغربي في الدراسات القرآنية تتيح قدرًا من التبصير العامّ بكل ما يحمله هذا النتاج من تنوع في مساحات الدرس.
ونضع بين يديّ القارئ ترجمات لعدد من ملخصات الدراسات المنشورة حديثًا في عامي 2020 و2021، والتي نشرت في مجلة Journal of qur’anic studies.

1- The Qur'an Commentary of al- Bayḍāwī: A History of Anwār al- tanzīl

لـ Walid A. Salehـ[1]

تفسير القرآن للبيضاوي، تاريخ أنوار التنزيل، لوليد صالح

كان تفسير القرآن (أنوار التنزيل) للبيضاوي (توفي 719/ 1319) أحد أهم أعمال التقاليد الدينية الإسلامية. كنصٍّ سُنِّي معتمَد عالميًّا لتدريس التفسير، كان موجودًا في كلّ مكان، كان يُقرأ في إيران الصفوية، كما كان عملًا تستخدمه جميع المدارس السُّنّية، وعلى هذا النحو كان خارج التقسيمات الفقهية للمذاهب. ومع ذلك، فإنّ تاريخَ هذا العمل مجهولٌ. تتتبّع هذه المقالة مسار هذا العمل وتتتبّع تاريخ صعوده إلى الهيمنة، وكيف تم إسقاط الأهمية الجديدة التي اكتسبها بعد القرن التاسع/ الخامس عشر إلى الفترة التي كُتِبَ فيها؟ يستكشف المقال كيف حلّ (الأنوار) محلّ (كشاف) الزمخشري (المتوفى 538/ 1144) في الدوائر العلمية في القاهرة قبل المضيّ في اكتساب سلطة عالمية في العوالم العثمانية. بعد ذلك، يتطرّق المقال إلى الروابط العميقة الجذور التي كانت قائمة بين علماء القاهرة وإسطنبول، وكيف وصلت التطوّرات المملوكية المتأخّرة في القاهرة إلى ثمارها بالكامل في إسطنبول. كما تم توضيح كيف أفَل تفسير (الأنوار) بصعود (تفسير القرآن) لابن كثير (توفي 774/ 1372) في القرن العشرين.

2- Qur'anic Exegesis at the Confluence of Twelver Shiism and Sufism: Sayyid aydar Āmulī’s al- Muḥīṭ al- aʿẓam

لــ Nicholas Boylston

التفسير القرآني في نقطة التقاء الشيعة الاثني عشرية والصوفية، سيد حيدر آملي، لنيكولاس بويلستون

في هذه الورقة، يقدِّم الباحث دراسةً أوّلية لتفسير شيعي صوفي للقرآن، وهو التفسير الذي قام به السيد حيدر آملي في القرن الرابع عشر، (المحيط الأعظم والبحر الخضم في تفسير كتاب الله العزيز المحكم). بالإضافة إلى كونه إسهامًا رائعًا في تاريخ التفسير الباطني للقرآن، يحتلُّ هذا العمل مكانة مركزية في أعمال آملي، حيث يعرض الجوانب الحاسمة لأساليبه واهتماماته الفريدة.

تبدأ الدراسة بتقديم ما نعرفه عن السيرة الفكرية والروحية لآملي، مما يقود إلى اقتراح أن يلعب المحيط الأعظم دورًا مركزيًّا في فهمنا لإسهامات آملي الفكرية ككلّ. ثم يتم تقديم لمحة عامة عن المحتويات والأساليب المستخدمة في الجزء الموجود من هذا النصّ، مع التركيز على فهم آملي للتأويل، وسعيه ليكون شاملًا، وطريقته المميّزة في الاستشهاد المطوّل. وتنتهي الورقة من خلال النظر في شرح آملي للمؤهلات اللازمة لأداء التأويل، وهو عنصر حاسم في مشروعه الأوسع لإظهار التوافق بين الشيعة الاثني عشرية والصوفية.

3- Did Modernity End Polyvalence? Some Observations on Tolerance for Ambiguity in Sunni tafsīr

لـ Pieter Coppens

هل أنهت الحداثة تعدد المعنى؟ بعض الملاحظات على تسامح التفسير السني مع غموض المعنى، لبيتر كويبنز

لاحَظَ العديدُ من المؤلِّفين الانتقال من تقليد التفسير ما قبل الحداثة إلى تقليد حديث أكثر أحادية في تحديد المعنى. تحاول هذه المقالةُ تحديدَ موقع هذا التحوّل بدقّة أكبر من خلال دراسة حالة للتعليقات على (سورة النجم آية ١١)، والذي يتعلق بالجدل حول ما إذا كان النبيّ قد رأى الله. يحاول المقال أن يبيّن أنه منذ القرن التاسع عشر فصاعدًا كان هناك بالفعل إقلال في قبول التعدّد في المعنى في مناقشة هذه الآية، وبلغ هذا الأمر ذروته في اختيار موحّد للتفسير برؤيا ملائكية بدلًا من رؤية إلهية في القرن العشرين. تزعم المقالة أنّ أحد الأسباب الرئيسة لانحسار تعدّد المعنى في هذه المسألة بالذات هو ظهور الاتجاه نحو الاقتراب من السور كوحدة في التفسير، بدلًا من نهجٍ أكثر ذرّية لفصل الآيات التي كانت أكثر شيوعًا في تقاليد التفسير قبل الحداثة، يبدو أنّ الادّعاء في بعض الأحيان بأنّ تراجُع تعدّد المعنى له علاقة بظهور السّلفية أو علماء الفكر الحديث أمثال ابن كثير غير مبرّر.

4- The Appealing Qur'an: On the Rhetorical Strategy of Vocatives and Interpellation in the Qur'an

لـ Thomas Hoffmann

القرآن الجذَّاب، في الاستراتيجيات البلاغية في النداء في القرآن، لتوماس هوفمان

يتم إنشاء وتشكيل الذاتية المسلمة من خلال سمات وتقنيات لغوية - بلاغية معيّنة سائدة في القرآن. تشير هذه الفرضية إلى أنّ الخيارات والاستراتيجيات البلاغية كانت حاسمة لظهور الخطاب القرآني وجنسه الخاصّ، وهو الخطاب المرتبط بسياق الوجود في الحياة Sitz im Leben.

 فيما يتعلّق بالنوع الأدبي والخطاب، يقدّم الخطابُ القرآني نفسَه على أنه مناجاة منفتحة: الاكتفاء الذاتي والإحالة إلى الذات من ناحية، والانفتاح والتوجّه للجمهور من ناحية أخرى. يركّز هذا المقال على هذا الوجه الأخير، أي الطبيعة البراغماتية والتداولية والوظيفية للبلاغة القرآنية. علاوة على ذلك، فإنه يناقش التطبيق التحليلي لمفهوم رومان جاكبسون عن وظائف اللغة، وخاصّة وظيفة لغة معيّنة. هذا هو ما يُسمى بوظيفة اللغة الاسمية، والتي يعتبرها الباحثُ وظيفةً قرآنية بارزة بشكلٍ خاصّ.

موضع الاهتمام المركزي هنا هو للسمات اللغوية الخطابية مثل الكلام المباشر، والدعوات. علاوة على ذلك، تؤكّد المقالةُ أنّ لغة القرآن يجب أن تقترن بالمفهوم النقدي للتلقي، على النحو الذي قدَّمه الفيلسوف الماركسي الفرنسي لويس ألتوسير (1918-1990). عن طريق الخطابات الاستدلالية المنتظمة؛ فعن طريق كلمات مثل {يَا أَيُّهَا}، يخلق القرآن ويشكِّل ذاتية إسلامية فعّالة: الفرد، سواء كان فردًا أو مجموعة، يشعر على الفور وبشكلٍ حدسي بالاعتراف والتخوّف باعتباره متلقيًا مميزًا. نتيجة لهذا الإدراك والتخوّف، تتعرّف الذات في نفس اللحظة على أنها ذات وأنها كذلك تابعة لصوت إلهي قوي. بعبارة أخرى، فإنّ الخطابَ التذويتي أمرٌ بالغ الأهمية لجاذبية القرآن: فالقرآن هو قرآن جذّاب.

5-Scientific Language in the Latin Qur'ans of Robert of Ketton and Mark of Toledo

لـ Julian Yolles

اللغة العلمية في المصاحف اللاتينية، لجوليان يولز

تركّز هذه الورقة على الترجمات اللاتينية للقرآن التي كتبها روبرت من كيتون (توفي 1142-1143) ومارك من طليطلة (ت: 1209)، كما يُنظر إليهما في سياق ترجماتهما السابقة للأعمال العلمية. في الدراسات السابقة، تمّت دراسة المصاحف اللاتينية لروبرت من كيتون ومارك من طليطلة فيما يتعلّق بالسمات اللغوية، وتم اعتبارها منفصلة عن ترجماتهم للنصوص الفلكية والطبية. تقترح هذه الورقة إعادة توحيد خيوط نشاط الترجمة من خلال فحص الطرق التي أثَّر بها الخطاب العلمي على هذه الترجمات اللاتينية للقرآن. توضح الورقة أنّ المترجمين دمجوا خبراتهم العلمية في ترجماتهم للقرآن من خلال استخدام المصطلحات الخاصة بمجالاتهم في علم التنجيم والطب. على أساس هذا الدليل الجديد، يُقال أنّ روبرت من كيتون سعى إلى تعزيز دراسة علم التنجيم وعلم الفلك، بينما شكَّل استخدام مارك من طليطلة المصطلحات الطبية جزءًا من استراتيجية جدلية محسوبة صوّر فيها انتشار الإسلام على أنه المرض الذي يجب معالجته.

6-The Qur'anic Method of Presenting Legislative Rulings: An Analytical Study of adaqa in Sūrat al- Baqara

لـ Abdul Hakim al- Matroudi

المنهج القرآني في عرض القوانين التشريعية، دراسة تحليلية للصدقة في سورة البقرة 
لعبد الحكيم المطرودي

يُعتبر القرآن مصدرًا نظريًّا رئيسًا للتشريع في التقاليد الإسلامية. علاوة على ذلك، اتّفقت المصادر الإسلامية على أنّ الاعتماد على القرآن في القرارات الفقهية للقضايا كان ممارسة راسخة منذ نزوله. ومع ذلك، نجد أنّ بعض الأكاديميين الغربيين لا يَنسبون أيّ دور تشريعي مهمّ للقرآن، لدرجة أنّ بعضهم يدّعي أنّ هذه ظاهرة معاصرة تتعارض مع الممارسات الإسلامية المبكّرة. أمّا أولئك الذين يعترفون بالدّور التشريعي للقرآن، فهم لا يناقشون بالتفصيل المنهجَ القرآني في عرض الأحكام الشرعية.

في ضوء هذه الآراء، ستبدأ هذه الدراسة بإشارة موجَزة إلى انخراط الأكاديميين الغربيين في نقاش الدّور التشريعي للقرآن. وسيركّز بعد ذلك على منهج القرآن في عرض الأحكام الشرعية من خلال دراسة تحليلية لمفهوم الصدقة كما تم التعبير عنه في سورة البقرة، وذلك لتحديد منهج القرآن في عرض الأحكام الشرعية على جمهوره.

خاتمة:

قَدَّمْنَا فيما مَرّ ترجمةً لجملة من ملخّصات الدراسات الغربية المنشورة في أحد أبرز المجلات الغربية المتخصّصة في الدراسات القرآنية، ونحن نأمل من ترجمة هذه الملخصات أن نلفت نظر الدارس العربي لهذه المساحات التي ينشط لها البحث في الدرس الغربي المعاصر، كي يستطيع تكوين صورة أكثر اكتمالًا عن هذا الدرس وعن طبيعة هذه النظرة، كما نأمل بإتاحة ملخصات هذه الدراسات للاطلاع؛ أن تجد هذه الدراسات ذاتها اهتمامًا لدى المترجمين المهتمين بالقرآن ودراساته حتى يمكن للباحث العربي المعاصر أن يطّلع عليها بصورة أكثر عمقًا الأمر الذي يفيد في خَلْق مثاقفة مع الطرح الغربي.

 


[1] تعريب العناوين هو تعريب تقريبي من عمل القسم. (قسم الترجمات).

المؤلف

فريق موقع تفسير

موقع مركز تفسير للدراسات القرآنية

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))