حرف (أم) في القرآن الكريم
حرف (أَمْ) في القرآن الكريم[1]
قسم النحاة (أَمْ) بالنظر إلى اتصال ما بعدها من الكلام بما قبلها إلى نوعين:
1. متصلة: «لا يَستغني ما بعدها عمّا قبلها»[2]، وتعطف المفردات والجُمَل[3].
2. منفصلة أو منقطعة: «انقطعت ممّا قبلها»[4]، وتكون الجملة بعدها جملة مستقلّة بمعنى جديد[5]، وتتضمّن إضرابًا عن الكلام قبلها، وتارة تكون مجرّدة لهذا الإضراب، وتارة تتضمّن معه استفهامًا إنكاريًّا أو استفهامًا طلبيًّا[6]، ولا يليها إلا الجُمَل ظاهرة أو مقدّرة[7].
وتنقسم (أَمْ) المتصلة إلى نوعين:
الأول: أن تكون معادلة لهمزة التسوية[8]، نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 6]، وجاءت في ستّ آيات من القرآن[9].
والهمزة وأَمْ في هذا النوع مجرّدتان لمعنى الاستواء، وقد انسلخ عنهما معنى الاستفهام[10].
والثاني: أن تكون معادلة لهمزة الاستفهام، «التي يُطْلَب بها وبـ(أم) ما يُطلب بـ(أي)»[11]، أي: يُطْلَب بهما التعيين، نحو قوله تعالى: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ [البقرة: 140][12]. و(أَم) المتصلة بنوعيها عاطفة عند جمهور النحاة[13]، وأمّا المنقطعة ففيها خلاف؛ الأكثرون على أنها ليست حرف عطف[14].
قال أبو حيّان: «وزعم ابن مالك أنّ (أَمْ) المنقطعة يُعْطَف بها قليلًا الاسمُ المفرد، وأصحابنا يقولون: ليست للعطف لا لمفرد ولا جملة»[15].
وقال ابن مالك: «وأَم المعتمد عليها في العطف هي المتصلة»[16].
واختلف النحاة في معنى (أم) المنقطعة على أقوال:
الأول: أنها بمعنى (بل) والهمزة مطلقًا، فـ(أم) المنقطعة على هذا القول فيها معنی (بل) الانتقالية، وفيها معنى الهمزة التي تكون للاستفهام الإنكاري غالبًا كما نصّ على ذلك أكثر المفسِّرين. وهذا القول نسبه جماعة إلى البصريين[17]، ونسبه ابن عطية إلى سيبويه في أكثر من موضع من تفسيره[18]، واختار هذا القول جمعٌ من النحاة[19].
والثاني: أنها بمعنى (بل) مطلقًا. ونُسِب إلى الكسائي وهشام[20].
وردّ السيوطيُّ هذا القول بأنّ (أم) في قوله تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [ص: 28]، لا يمكن جعلها بمعنى (بل)[21].
وما ذكره في ردّ هذا القول ظاهر وصحيح. ومن الآيات التي تصلح أيضًا لردّ هذا القول قوله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ﴾ [الأنبياء: 21].
قال مكّي: «وقيل: معناه: بل اتخذوا آلهة. وهو بعيد؛ لقوله: ﴿هُمْ يُنْشِرُونَ﴾؛ لأنه يصير أنه أوجب ذلك لهم، وذلك لا يجوز»[22].
والثالث: قول الفرّاء إنّ العرب تجعل (أم) المنقطعة بمعنى (بل) إذا سبقها استفهام، وأمّا إذا لم تسبق باستفهام، وجاءت مبتدأ بها في أوّل الكلام فهي للاستفهام بمعنى الهمزة و(هل)، إلا أنّ الهمزة و(هل) يُستفهَم بهما في ابتداء الكلام، و(أم) يُستفهَم بها في وسط الكلام[23]. ومثّل الفرّاء على كونها بمعنى (بل) بقول العرب: «هل لك قبلنا حقّ، أم أنت رجل معروف بالظُّلْم»[24]، قال: «يريدون: بل أنت رجل معروف بالظُّلْم»[25].
وقال في قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [التوبة: 16]، مبينًا مذهبه أنّ (أَم) إذا جاءت مبتدأ بها ولم تُسبق باستفهام فهي للاستفهام وليست بمعنى (بل): «وقوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ من الاستفهام الَّذِي يتوسّط في الكلام فيُجعل بـ(أم) ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الَّذِي لَـمْ يتصل بكلام. ولو أُريد به الابتداء لكان إمّا بالألف وإمّا بـ(هَلْ) كقوله: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ وأشباهه»[26]. ويظهر من كلامه هذا أنّ (أم) المنقطعة بعد الخبر للاستفهام كالهمزة و(هل)، إلا أنّ الهمزة و(هل) تأتيان في ابتداء الكلام، و(أم) المنقطعة يُستفهم بها في أثناء الكلام.
وعلى هذا القول درج الإمام الطبري في غير موضع من تفسيره، ومن ذلك قوله في: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 214]: «وأمّا قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ كأنه استفهم بـ(أم) في ابتداء لم يتقدّمه حرف استفهام؛ لسبوق کلام هو به متصل، ولو لم يكن قبله كلام يكون به متصلًا وكان ابتداءً لم يكن إلا بحرف من حروف الاستفهام؛ لأن قائلًا لو كان قال مبتدئًا كلامًا لآخر: «أم عندك أخوك؟» لكان قائلًا ما لا معنى له، ولكن لو قال: «أنت رجل مُدِلٌّ بقوّتك أم عندك أخوك ينصرك؟» كان مصيبًا... فمعنى الكلام: أحسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسوله...»[27].
وأكّد ذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: 3]فقال: «و(أَم) هذه تقرير، وقد بينّا في غير موضع من كتابنا أنّ العرب إذا اعترضت بالاستفهام في أضعاف كلام قد تقدّم بعضه أنها تَستفهِم بـ(أم). وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: ويقولون. وقال: (أم) بمعنى الواو، وبمعنى (بل) في مثل هذا الموضع»[28]. وقوله: «وقد زعم بعضهم...»، ردّ على أبي عبيدة القائل بأنّ (أَم) في هذه الآية بمعنى الواو أو بمعنى (بل)[29].
ومن المواضع التي اختار فيها الطبري أنّ (أم) المنقطعة بعد الخبر للاستفهام كالهمزة، ما رجّحه في قوله تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ [البقرة: 108][30].
وأمّا (أَم) المنقطعة بعد الاستفهام فيقول فيها الطبري بأنها قد ترِد بمعنى (بل) كما سبق نقله عن الفرّاء، واستدلّ على ذلك بقول الفرّاء السابق الذي نقله عن العرب حين قالوا: هل لك قِبَلَنا حقّ أم أنت رجل معروف بالظُّلْم؟ يريدون: بل أنت رجل معروف بالظُّلْم[31].
وخالف الطبري هذا القول في تفسير قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ﴾ [الطور: 30]، فجعل (أم) بمعنى (بل)، وهي واردة بعد الخبر، ولم تُسبق باستفهام[32].
وممّن ذهب إلى هذا القول الهرويُّ في كتابه: (الأزهية)[33]، فجعل (أم) بعد الاستفهام بمعنى (بل)، وبمعنى الهمزة إذا لم يتقدّمها استفهام، واستدلّ على كونها بمعنى الهمزة بجملة من الآيات، وقال بعد ذِكره لتلك الآيات: «معنى (أم) في كلّ ذلك ألِف الاستفهام؛ لأنه لم يتقدّمها استفهام، ونحوها كثير في القرآن»[34].
والرابع: أنها بمعنى همزة الاستفهام مطلقًا، ونَسَبَ أبو حيان والسيوطي هذا القول إلى أبي عبيدة[35].
والذي وقفت عليه في كتابه (مجاز القرآن) أنّه لا يقول بأنها كذلك في كلّ موضع وردَت فيه، ويجعلها بمعنى الهمزة في بعض المواضع[36]، وبمعنى (بل) في مواضع أخرى[37]. وجوّز في بعض المواضع أن تكون بمعنى الواو[38].
وجعل (أم) كالهمزة يستفهم بها ابتداءً -سواء كان ذلك مطلقًا كما حُكي عن أبي عبيدة أو إذا لم تُسبق باستفهام كما يقول الفرّاء والطبري والهروي- من المسائل التي وقع فيها خلاف بين العلماء، فابن قتيبة في (تأويل مشكل القرآن)، قال: «وتكون (أم) بمعنى ألِف الاستفهام»[39]، واستدلّ على ذلك بعدّة أدلّة من القرآن جاءت فيها (أم) منقطعة، ثم قال: «وهذا في القرآن كثير»[40].
وذكر ابن عطية في تفسيره أنّ «أَمْ قد تجيء لابتداء كلام بعد كلام وإن لم يكن تقسيم ولا معادلة ألِف استفهام»[41].
وقال أيضًا: إنّ مجيء (أم) بمعنى ألِف الاستفهام في صدر الكلام لغة يمانية[42]، وتعقّب أبو حيان ابن عطية في كِلا الموضعين، فقال: «ولم أقف لأحدٍ من النحويِّين على أنَّ (أم) يستفهم بها في صدر الكلام. وأين ذلك؟ وإذا صح النقل فلا مدفع فيه ولا مطعن. وحكى الطبري أنَّ (أم) يُستفهم بها في وسط كلام قد تقدَّم صدره، وهذا منه. ومنه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [يونس: 38]، انتهى، وهذا أَيضًا قول غريب»[43].
وقال أيضًا: «فقوله -يعني ابن عطية-: (قد تجيء ابتداء كلام) ليس كما ذكر؛ لأنّها تتقدَّر بِبَلْ والهمزة، فكما أنَّ (بل) لا بدَّ أن يتقدَّمها كلام حتَّى يصير في حيّز عطف الجُمَل، فكذلك ما تضمّن معناه»[44].
وممن ردّ هذا القول أيضًا السيوطي في (همع الهوامع)؛ وعلّل ذلك بقوله: «لو كانت بمعنى الهمزة لوقعت في أول الكلام، وذلك لا يجوز فيها»[45].
والتحقيق في معنى (أم) المنقطعة هو ما اختاره جمعٌ من النحاة من كونها لا يفارقها معنى الإضراب، ثم هي «تارة تكون له مجردًا، وتارة تتضمّن مع ذلك استفهامًا إنكاريًّا أو استفهامًا طلبيًّا»[46]. وهو قول ابن مالك في (التسهيل)، والمالقي في (رصف المباني)، وابن هشام في (مغني اللبيب) و(شرح شذور الذهب)[47].
ومن الأدلة التي تصحّح قول القائلين بهذا القول أن (أم) تجيء في مواضع لا يصح فيها تقدير الإضراب المحض، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ [الطور: 39]. قال ابن هشام: «لو قُدِّرَت للإضراب المحض لزم المحال»[48].
وتجيء في مواضع أخرى لا يصح فيها تقدير الاستفهام مع الإضراب، قال ابن مالك: «ومن علامات ذلك في اللفظ أن يليها استفهام نحو: ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: 84]، ونحو: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ﴾ [الملك: 20]»[49]؛ لأنّ الاستفهام لا يدخل على الاستفهام[50]. وعلى هذا القول فإنّ الأكثر في (أم) المنقطعة أنها بمعنى (بل) والهمزة معًا[51].
ولم يجد أبو حيان -وهو ممّن اختار القول بأنّ (أم) المنقطعة بمعنى (بل) والهمزة[52]- بُدًّا من العمل بهذا القول، فقال في قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ﴾ [يونس: 31]: «و(أم) هنا تقتضي تقدير (بل) دون همزة الاستفهام، [لقوله تعالى][53]: ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: 84]، فلا تتقدَّر بـ(بل) [والهمزة][54]؛ لأنها دخلت على اسم الاستفهام»[55]. وقال بنحو ذلك في قوله تعالى: ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: 84][56]، وقوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِى هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ﴾ [الملك: 20][57].
وفي جميع هذه المواضع دخلت (أم) على اسم الاستفهام.
ويظهر من كلام العلّامة الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان) أنه يذهب إلى قريب من هذا القول، حيث قال: «و(أم) المنقطعة تأتي لثلاثة معانٍ:
الْأَوَّل: أَن تكون بمعنى (بل) الإضرابية.
الثَّانِي: أَن تكون بمعنى همزة استفهام الإنكار.
الثالث: أن تكون بمعناهما معًا، فتكون جامعة بين الإضراب والإنكار، وهذا الأخير هو الأكثر في معناها، خلافًا لابن مالك في (الخلاصة) في اقتصاره على أنها بمعنى: بل[58]»[59].
والقول بأنّ (أَمْ) المنقطعة تجيء بمعنى الهمزة سبق أنه قول أبي عبيدة، قال به في عدّة مواضع من كتابه (مجاز القرآن)، وقال به أيضًا ابن قتيبة في (تأويل مشكل القرآن)، وسبق نقل ذلك عنهما. والصواب أنها لا تأتي بمعنى الهمزة وحدها[60]، وأنّ معنى الإضراب لا يفارقها كما سبق ذلك من قول ابن مالك وابن هشام[61]؛ لأنّ فيها معنى الانتقال من حديث إلى غيره، كما يُقال: دع هذا الكلام، واسمع كذا؛ لأجل الإنكار والتعجيب غالبًا[62]، ثم إنّ الأكثر أن يلازم هذا الإضراب معنى الاستفهام. وقد يفارقه في بعض المواضع كما سبق بيانه[63].
وأنبّه هنا على أنّ قول أبي عبيدة بجواز أن تكون (أم) في قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: 3]، بمعنى الواو قول ضعيف. ولم أعثر على مَن قال بهذا القول من النحاة.
وكذلك قول الزركشي في (البرهان) بأنّ (أم) قد تجيء بمعنى (أو)[64]، واستدلاله على ذلك بقوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى﴾ [الإسراء: 68- 69].
وبقوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُم مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: 16- 17]. وهو قول سبقه إليه ابن قتيبة في (تأويل مشكل القرآن)، ونسبه إلى المفسِّرين[65]، وهذه النسبة محلّ نظر.
فإنْ أراد الزركشي بذلك أنّ (أم) في الآيتين منقطعة وتقدَّر بمعنى (أو) فهو قول لم أقف على مَنْ سبقه إليه غير ابن قتيبة. وإن أراد أن (أم) في الآيتين هي المتّصلة التي تقدَّر بـ(أي). وهي بمعنى (أو)، والمعنى: أأمنتم أيّ الأمرين هذا أو هذا؟ فهو قول قيل به[66]، والصواب أنّ هناك فرقًا في الاستعمال بين (أم) و(أو)، وقد نقل الزركشي نفسه الفرق بينهما[67].
وبعد عرض ما سبق من أقوال النحاة في معنى (أم) المنقطعة، وبيان مذهبهم فيها، يَحْسُن أن أذكر قول أبي القاسم السهيلي في كتابه (نتائج الفِكَر)، وهو قول خالف فيه جماهير النحاة والمفسِّرين، فقال بأنّ (أم) المنقطعة ينبغي ألا تكون في القرآن[68]، وذهب إلى أن جميع ما وقع منها في القرآن إنما هو على أصلها الأول من المعادلة. وإن لم يكن قبلها ألِف استفهام، كما في قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ﴾ [الطور: 30]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ﴾ [الكهف: 9]، وعلّل ذلك بأن القرآن كلّه مبنيّ على تقريع الجاحدين وتبكيت المعاندين، وهو كله كلام واحد، كأنه معطوف بعضه على بعض، فإذا وجدت (أم) وليس قبلها استفهام في اللفظ، فهو متضمَّن في المعنى معلوم بقوّة الكلام، كأنه يقول: أتقولون كذا أم تقولون كذا؟ وأبلغك كذا أم حسبت أن الأمر كذا[69]؟
والسهيلي عالم كبير الشأن معدود في أئمة النحو واللغة[70]، ولم ينصّ على هذا القول أحدٌ قبله فيما اطّلعت عليه من المؤلّفات النحوية[71].
وقد اختار العلّامة ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) هذا القول، واستدلّ على صحّته بأنّ تقدير المعنى في (أم) المنقطعة بـ(بل) والهمزة خارج عن أصول العربية؛ لأنّ معنى الاستفهام الذي تدلّ عليه (أم) بعيد عن معنى الإضراب الذي تدلّ عليه (بل)، وقال بأنّ أصح القولين أنّ الحروف لا يقوم بعضها مقام بعض كما هو قول سيبويه والمحقّقين[72].
وبَيّن -رحمه الله- أن (أم) في القرآن على قسمين:
القسم الأول:
ما يتقدّمه استفهام صريح بالهمزة، وفيه تكون (أم) معادلة للهمزة التي ذُكرت في الآية، والسؤال قائم على تعيين أحد الأمرين أو الأمور، كما في قوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾ [النازعات: 27]، وقوله تعالى: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [الدخان: 37]. و(أم) في هذا النوع هي المتصلة التي سبق الكلام على ضابطها في أوّل هذا المبحث.
والقسم الثاني:
أن ترِد (أمّ) مبتدأة مجرّدة من استفهام لفظي سابق عليها، وهو كثير في القرآن كما في قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ [الكهف: 9]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [الطور: 30]، وغيرها كثير.
وهذا القسم قال عنه ابن القيم: «وليس هذا استفهام استعلام، بل تقريع وتوبيخ وإنكار وليس بإخبار، فهو إذًا متضمِّن لاستفهامٍ سابق، مدلول عليه بقوة الكلام وسياقه، ودلّت أَم عليه؛ لأنها لا تكون إلا بعد تقدُّم استفهام، كأنه يقول: (أيقولون صادق أم يقولون شاعر؟) وكذلك ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ أي: أتصدقونه أم تقولون تقوّله؟! وكذلك: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ﴾، أي: أبَلَغَك خبرهم؟ أم حسبت أنهم كانوا من آياتنا عجبًا؟
وتأمّل كيف تجد هذا المعنى باديًا على صفحات قوله تعالى: ﴿مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: 20]، كيف تجد المعنى: أحضَرَ أم كان من الغائبين؟».
ثم قال: «وهذا يظهر كلّ الظهور فيما إذا كان الذي دخلت عليه (أم) له ضدّ، وقد حصل التردد بينهما، فإذا ذُكر أحدهما استُغني به عن ذِكْر الآخر؛ لأنّ الضد يخطر بالقلب وهلةً عند شعوره بضدّه. فإذا قلت: ما لي لا أرى زيدًا أم هو في الأموات؟ كان المعنى الذي لا معنى للكلام سواه: أحي هو أم في الأموات؟»[73].
وشرع بعد ذلك يقرّر هذه القاعدة بذِكْر عدّة آيات، ويبين التقدير في كلّ منها.
وعند النظر في تفسير العلّامة البقاعي (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) يظهر جليًّا اختياره لهذا القول والعمل عليه، وقد جمعتُ جملة وافرة من كلامه على الآيات التي وردت فيها (أم) مبتدأة مجرّدة من استفهام لفظي سابق عليها، فقدّر قبلها استفهامًا يدلّ عليه السياق، وجعل وجود (أم) في الابتداء دليلًا على أنّ ما دخلت عليه وسط الكلام[74]. ومن أدلة البقاعي على هذا القول أنّ الابتداء بالاستفهام له همزة الاستفهام و(هل)، وليست (أم) من الحروف التي يُبتدأ بها في الاستفهام[75].
وفيما يأتي ذِكْر لبعض تلك المواضع:
1- قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 133]، قال: «فعلم قطعًا من ذِكْرِ حرف العطف أنّ المعطوف عليه محذوف كما قالوه في أحد التقادير في هذه الآية، وفي ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ في سورة الزمر فكان التقدير هنا لتوبيخهم وتقريعهم بأنّ أيّ شقّ اختاروه لزمهم به ما يكرهون: أكنتم غائبين عن هذه الوصية من إبراهيم ويعقوب -علَيْهما السّلامُ- أم حاضرين؟..»[76].
2- قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [آل عمران: 142]، قال -رحمه الله-: «ولـمّا كان السياق يُرشِد إلى أنّ المعنى: أحسبتم أنه لا يفعل ذلك، عادله بقوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾»[77].
3- قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا﴾ [الأنبياء: 43]، قال -رحمه الله-: «ولـمّا أرشد السياق إلى أنّ التقدير: أصحيح هذا الذي أشرنا إليه من أنه لا مانع لهم منّا، عادله بقوله -إنكارًا عليهم-: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأنبياء: 43]»[78].
4- قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ [الكهف: 9]، جعل التقدير: أعلمت أنّ إحياء الأرض بعد موتها وغيره من عجائب قدرتنا، ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾، والواقع أنهم -وإن كانوا من العجائب- ليسوا بعجب بالنسبة إلى كثرة آياتنا، وبالنسبة إلى العجب النباتي الذي أعرضتم عنه بإلفكم له مع كثرة تكرّره فيكم، وهو دليل على إحياء الموتى مرّة بعد مرة[79].
وهذا القول -أعني القول الذي اختاره السهيلي وابن القيم والبقاعي- ينبني على جواز حذف معادل (أم) المتصلة، وهي مسألة خلافية، عَرَضَ لها أبو حيان في تفسيره حين ردّ على الزمخشري اختياره أنّ (أم) في قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 133]، متصلة، ومعادلها محذوف، والتقدير: «أتدّعون على الأنبياء اليهودية، أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوبَ الموتُ؟»[80].
وعلّل الزمخشري ذلك بأنّ الآية خطاب لليهود، وأوائلهم كانوا مشاهدين ليعقوب -عليه السلام- حين أراد بنيه على التوحيد ودين الإسلام، ولو قيل بأنّ (أم) منقطعة بمعنى (بل) والهمزة لكانت الهمزة للإنكار، والمعنى على النفي، أي: ما كنتم حاضرين يعقوب إذ حضره الموت. وهذا الوجه لا يستقيم عنده؛ لأنّ «ذلك كإقامة حجتهم على جحد الإسلام وإنكار أن يكون الأنبياء مسلمين والغرض ضدّ ذلك»[81].
وذهب أبو حيّان إلى أنّ (أم) منقطعة بمعنى بل والهمزة، والاستفهام فيها بمعنى النفي، والمعنى: ما كنتم شهداء يعقوب إذ حضره الموت، فكيف تنسبون إليه ما لا تعلمون[82]؟
وقال في ردّ اختيار الزمخشري: «ولا نعلم أحدًا أجاز حذف هذه الجملة، ولا يُحفظ ذلك، لا في شِعْرٍ ولا غيره، فلا يجوز: أم زيد؟ وأنت تريد: أقام عمرو أم زيد؟ ولا: أم قام خالد؟ وأنت تريد: أخرج زيد أم قام خالد؟ والسبب في أنه لا يجوز الحذف أنّ الكلام في معنى أيّ الأمرين وقع؟ فهي في الحقيقة جملة واحدة. وإنما يحذف المعطوف عليه ويبقى المعطوف مع الواو والفاء إذا دلّ على ذلك دليل...»[83].
وقال ابن هشام: «وأجاز الزمخشري وحده حذف ما عطفت عليه (أم)، فقال في ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ﴾: يجوز كون (أم) متّصلة على أن الخطاب لليهود وحذف معادلها، أي: أتدّعون على الأنبياء اليهودية أم كنتم شهداء. وجوّز ذلك الواحدي أيضًا وقدَّر: أبَلَغَكُم ما تنسبون إلى يعقوب من إيصائه بنيه باليهودية أم كنتم شهداء[84]»[85].
وقد اختار ابن المنير في حاشيته على الكشاف قول الزمخشري؛ لصحة ما علّل به[86]، واختاره كذلك البقاعي[87].
وجوّز البيضاوي والآلوسي كون (أم) في الآية السابقة منقطعة بمعنى بل والهمزة، أو متصلة ومعادلها محذوف[88].
واستظهر ابن عطية أن (أم) هي المنقطعة التي بمعنى بل وألِف الاستفهام[89]، وهو اختيار ابن عاشور[90].
وذهب الطبري إلى أنّ (أم) بمعنى الهمزة[91]، وسبق ذِكْر قوله في (أم) المنقطعة. وهناك قول رابع نقله أبو حيان، وهو أنها بمعنى (بل)[92].
والزمخشري لم يبتدِئ القول بجواز حذف معادل (أم) بل سبقه إليه الأخفش كما نقل ذلك عنه أبو حيان في تفسير قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: 9]، على قراءة التشديد، والتقدير: أهذا الكافر خير أم مَن هو قانت[93].
وحكى أبو حيان في بعض المواضع من تفسيره القول بحذف معادل (أم) المتصلة عن غير الزمخشري[94]، واختاره القرطبي قولًا له في تفسير قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: 33][95].
والقول بأن (أم) في قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: 9] متصلة، والمعادل محذوف مال إليه ابن عطية[96]، وجزم به البقاعي[97]، وجوّزه البيضاوي والآلوسي[98].
والذي يظهر أنّ القول بأنّ (أم) في قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ متصلة ومعادلها محذوف قولٌ يدلّ عليه سياق الآيات، ولهذا قال الآلوسي: «وإلى كون المحذوف المعادل الأول ذهب الأخفش ووافقه غير واحد، ولا بأس به عند ظهور المعنى»[99]. وذهب طائفة من المفسِّرين إلى كون المحذوف في الآخر، والمعنى: أم مَن هو قانت كغيره[100].
وبعد عرض ما سبق من الأقوال يظهر لي -والله أعلم- أنّ القول بأنّ جميع مواضع (أم) التي يُبتدأ بها في القرآن هي (أم) المتصلة، كما ذهب إليه مَن سبق ذِكْرُهُم من العلماء قولٌ له ما يؤيده من الأدلة؛ لأنّ لكلّ حرف من حروف المعاني دلالته الخاصّة التي يتميز بها، ووظيفته التي لا يؤدّيها غيره من حروف المعاني[101].
ومما يقويه أيضًا دلالة السياق عليه، وهذه الدلالة على نوعين:
منها ما يكون ظاهرًا في كشف معادل (أم) المحذوف، نحو قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: 9].
ومنها ما يكون خفيًّا، ويحتاج إلى فضل تأمّل ونظر، نحو قوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [الطور: 29- 30]، وقوله: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ [الكهف: 8- 9].
وقد برع العلّامة البقاعي في العمل بهذا القول، وأجاد في تقدير المعاني فيه بحسب السياق القرآني، فلله درّه، ولولا كراهة الإطالة لنقلتُ جملة من تلك الأقوال التي خالف فيها قول أكثر المفسِّرين؛ استنادًا إلى دلالة السياق، وطلبًا لربط معاني الآيات بعضها ببعض.
ولكن يبقى القول بأنّ (أم) المنقطعة فيها معنى الانتقال وفيها معنى الاستفهام قولًا له حظّه من النظر، وهو القول الذي درج عليه جماهير النحاة والمفسِّرين. ولم يريدوا بذلك أنّ (أم) المنقطعة بمعنى (بل) من كلّ وجه. قال ابن السراج: «ما يقعُ بعد (بل) يقين، وما يقع بعد (أم) مظنون مشكوك فيه»[102]. و(أم) تشبه (بل) في أنّ فيها معنى الانتقال من كلام إلى آخر كما أنّ المنقطعة كذلك. وكذلك يفرّقون بين معنى الاستفهام بالهمزة والاستفهام بـ(أم)، قال ابن الأنباري: «(أم) استفهام متوسّط لا يكون إلا بعد كلام، جعلوا للمتوسط لفظًا يخالف لفظ السابق، فكان للسابق (هل) وأخواتها، وللمتوسط (أم)»[103].
وأكثر المفسِّرين الذين قام البحث على دراسة تفاسير هم يختارون هذا القول، ونصّوا عليه في مواضع كثيرة من تفاسيرهم[104].
[1] هذه المقالة من كتاب: (حروف المعاني التي يحتاج إليها المفسّر ودلالاتها وأثرها في التفسير)، الصادر عن مركز تفسير سنة 1442هـ، تحت عنوان: (الحرف الخامس: أَم)، ص282 وما بعدها. (موقع تفسير)
[2] ارتشاف الضرب، لأبي حيان (2/ 65)، وانظر: مغني اللبيب، لابن هشام، ص51، والإتقان، للسيوطي (2/ 164).
[3] انظر: رصف المباني، للمالقي، ص93.
[4] شرح ابن يعيش على المفصل (8/ 98).
[5] انظر: كتاب المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني (2/ 952)، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 242).
[6] انظر: مغني اللبيب، لابن هشام، ص55. بتصرف يسير، والإتقان، للسيوطي (2/ 164).
[7] انظر: مغني اللبيب، لابن هشام، ص57؛ والبرهان، للزركشي (3/ 181)، ودراسات لأسلوب القرآن، العضيمة (1/ 348).
[8] انظر: الجنى الداني، ص204؛ ومغني اللبيب، ص51.
[9] انظر: دراسات لأسلوب القرآن الكريم (1/ 341).
[10] انظر: الكشاف، للزمخشري (1/ 50) بتصرف يسير.
[11] الجنى الداني، ص205، ومغني اللبيب، ص51.
[12] انظر: دراسات لأسلوب القرآن (1/ 344).
[13] انظر: الجنى الداني، للمرادي، ص205.
[14] انظر: رصف المباني، للمالقي، ص95، والجنى الداني، للمرادي، ص206؛ وحروف العطف بين الدرس النحوي والاستعمال القرآني، ص303.
[15] ارتشاف الضرب (2/ 656).
[16] شرح التسهيل (3/ 359).
[17] انظر: أمالي ابن الشجري (3/ 108)، وارتشاف الضَّرب، لأبي حيان (2/ 654)، والجنى الداني، للمرادي، ص205، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص56، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 242).
[18] انظر: المحرر الوجيز (4/ 102) (سورة النساء: الآية 53)، (6/ 432) (سورة التوبة: الآية 16)، (7/ 150) (سورة يونس: الآية 38)، (12/ 425) (سورة ص: الآية 9).
[19] انظر: أسرار العربية، لابن الأنباري، ص221؛ واللباب في علل البناء والإعراب (1/ 430)، وشرح المفصل، لابن يعيش (8/ 98).
[20] انظر: ارتشاف الضّرب، لأبي حيان (2/ 654)، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 242).
[21] انظر: همع الهوامع (5/ 242- 243).
[22] الهداية إلى بلوغ النهاية (7/ 4744).
[23] انظر: معاني القرآن (2/ 299).
[24] انظر: معاني القرآن (1/ 72).
[25] انظر: معاني القرآن (1/ 72).
[26] انظر: معاني القرآن (1/ 426).
[27] جامع البيان (3/ 635).
[28] جامع البيان (18/ 590).
[29] انظر: مجاز القرآن (2/ 130).
[30] انظر: جامع البيان (2/ 412)، ومنها أيضًا قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 133]، قال -رحمه الله-: «يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ﴾: أكنتم شهداء. ولكنه استفهم بـ(أم)؛ إِذْ كان استفهامًا مستأنفًا على كلام قد سبقه، كما قيل: ﴿الـم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: 1- 3]. وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه، تستفهم فيه بـ(أم)» (2/ 585).
[31] انظر: جامع البيان (2/ 413).
[32] انظر: جامع البيان (21/ 592).
[33] انظر: ص127- 131. ونقله عنه أبو حيان والسيوطي. انظر: ارتشاف الضرب (2/ 654)، وهمع الهوامع (5/ 243).
[34] الأزهية، ص131.
[35] انظر: ارتشاف الضرب، لأبي حيان (2/ 654)، وهمع الهوامع، للسيوطي (5/ 243).
[36] انظر: مجاز القرآن (1/ 59)، (1/ 72)، (1/ 130).
[37] انظر: مجاز القرآن (1/ 14)، (1/ 56)، (2/ 186)، (2/ 204)، (2/ 233).
[38] انظر: (2/ 130)، قال في قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: 3]: «مجازه مجاز (أم) التي توضع في موضع معنى (الواو) ومعنى (بل)، سبيلها: ويقولون، وبل يقولون...» (2/ 130).
[39] ص546.
[40] ص447.
[41] المحرر الوجيز (2/ 212).
[42] انظر: المحرر الوجيز (1/ 497).
[43] البحر المحيط (1/ 574).
[44] البحر المحيط (2/ 225).
[45] همع الهوامع (5/ 244).
[46] مغني اللبيب، لابن هشام، ص55.
[47] انظر: شرح التسهيل (3/ 357)، ورصف المباني، ص95، ومغني اللبيب، ص55، وأساليب العطف في القرآن، للدكتور مصطفى حميدة، ص256.
[48] مغني اللبيب، ص55.
[49] شرح التسهيل (2/ 362)، وانظر: الدر المصون (10/ 392).
[50] انظر: مغني اللبيب، ص55.
[51] انظر: شرح التسهيل (2/ 361).
[52] انظر: البحر المحيط (1/ 499)، (1/ 573)، (2/ 225)، (3/ 387)، (3/ 388).
[53] كذا في المطبوع، ولعل الصواب: «كقوله تعالى».
[54] في المطبوع «فالهمزة» وهو تصحيف.
[55] البحر المحيط (5/ 201).
[56] البحر المحيط (7/ 126). قال -رحمه الله-: «وأم هنا منقطعة، وينبغي أن تقدَّر بِبَلْ وحدها».
[57] البحر المحيط (8/ 425). قال -رحمه الله-: «و(أَمْ) هنا بِمعْنَى (بل) خَاصَّةً؛ لأَنَّ الَّذِي بعدهَا هو اسم استفهام...».
[58] هذا قول ابن مالك في (الخلاصة)، وأمّا في التسهيل فقال: «والمنقطعة ما سواها -يعني المتصلة-، وتقتضي إضرابًا مع استفهام ودونه»، وقد أحسن المرادي في كتابه (توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك) في توجيه كلام ابن مالك في (الخلاصة) بقوله: «فإن قلت: قوله -يعني قول ابن مالك في الخلاصة-: (وبمعنى بل) يقتضي موافقة الكسائي وهشام إذا لم يذكر الاستفهام. قلت: إنما اقتصر على ذكر (بل)؛ لأن اقتضاء المنقطعة إضرابًا لازم، وليس اقتضاؤها الاستفهام بلازم (2/ 1004). وانظر: شرح ابن عقيل (2/ 212).
[59] أضواء البيان (5/ 501).
[60] انظر: بدائع الفوائد، لابن القيم (1/ 357)، وعلّل ذلك ابن القيم بأنه لو قُدِّر الكلام بالهمزة وحدها لم يكن بينه وبين الكلام قبله عُلقة؛ لأن الكلام الأول خبر، و(أم) المقدرة بالهمزة وحدها لا تكون إلا بعد استفهام.
[61] انظر: شرح التسهيل، لابن مالك (3/ 357)، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص55.
[62] انظر: الكشاف (4/ 224).
[63] انظر: شرح التسهيل، لابن مالك، ص362، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص55.
[64] انظر: البرهان في علوم القرآن (4/ 181).
[65] انظر: تأويل مشكل القرآن، ص546.
[66] جوّزه السمين الحلبي في قوله تعالى: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى﴾ [الإسراء: 69]، انظر: الدر المصون (7/ 385).
[67] انظر: البرهان (4/ 186).
[68] انظر: نتائج الفِكَر، ص205.
[69] انظر: البرهان، ص207 بتصرف يسير.
[70] انظر: إنباه الرواة على أنباه النحاة، للقفطي (2/ 162)، والبلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، للفيروزآبادي، ص182.
[71] انظر: بدائع الفوائد (1/ 361).
[72] انظر: بدائع الفوائد (1/ 357) بتصرف يسير.
[73] بدائع الفوائد (1/ 359).
[74] انظر: نظم الدرر (2/ 101)، (3/ 179)، (5/ 81)، (8/ 398)، (9/ 122)، (9/ 247)، (9/ 280)، (9/ 281)، (12/ 424)، (12/ 15)، (15/ 227)، (16/ 337)، (17/ 447)، (19/ 22). وهناك مواضع أخرى.
[75] انظر: نظم الدرر (8/ 398)، قال -رحمه الله-: «وإدخال (أم) المرشد إلى أن مدخوله وسط الكلام، فإن الابتداء له الألِف وحدها».
[76] نظم الدرر (3/ 179).
[77] نظم الدرر (4/ 81).
[78] نظم الدرر (12/ 424).
[79] انظر: نظم الدرر (12/ 15) باختصار وتصرف يسير.
[80] انظر: الكشاف (1/ 147- 148).
[81] حاشية ابن المنير على الكشاف (الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال) (1/ 148).
[82] انظر: البحر المحيط (1/ 574).
[83] انظر: البحر المحيط (1/ 574).
[84] انظر: التفسير البسيط، للواحدي (3/ 345). قال -رحمه الله-: «ويجوز أن يتقدّمه استفهام مضمر، كأنه قيل لليهود: أبَلَغَكُم ما تقولون وتنسبون إلى يعقوب، أم كنتم شهداء حضرتم وصيته؟».
[85] مغني اللبيب، ص55.
[86] انظر: حاشية ابن المنير على الكشاف (1/ 148).
[87] انظر: نظم الدرر (3/ 179).
[88] انظر: تفسير البيضاوي (1/ 107)، وروح المعاني (1/ 614).
[89] انظر: المحرر الوجيز (1/ 498).
[90] انظر: التحرير والتنوير (1/ 730).
[91] انظر: جامع البيان (2/ 585).
[92] انظر: البحر المحيط (1/ 574).
[93] انظر: البحر المحيط (7/ 557)، ولم أعثر على قول الأخفش هذا في كتابه (معاني القرآن)، فلعلّ أبا حيان وجده في كتاب آخر للأخفش.
[94] انظر: تفسير قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [يونس: 38]، وتفسير قوله تعالى: ﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُورٍ﴾ [هود: 13]. (5/ 206، 5/ 270).
[95] انظر: الجامع لأحكام القرآن(12/ 77)، قال -رحمه الله-: «وهو على التحقيق عطف على استفهام متقدّم في المعنى؛ لأنّ قوله: ﴿سَمُّوهُمْ﴾ معناه: ألهم أسماء الخالقين أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض»، وأحسن منه قول البقاعي: «قل سموهم بأسمائهم الحقيقية، فإنهم إذا سمّوهم وعُرفت حقائقهم أنها حجارة أو غير ذلك مما هو مركز العجز ومحلّ الفقر، عُرف ما هم عليه من سخافة العقول وركاكة الآراء، ثم قُل لهم: أرجعتم عن ذلك إلى الإقرار بأنهم من جملة عبيده، ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ﴾...». نظم الدرر (10/ 347).
[96] انظر: المحرر الوجيز (12/ 513). قال -رحمه الله-: «وأمّا القراءة الثانية -يعني التي بتشديد الميم- فإنها (أم) دخلت على (مَن) والكلام على هذه القراءة لا يحتمل إلا المعادلة بين صنفين، فيحتمل أن يكون ما يعادل (أم) متقدمًا في التقدير، كأنه يقول: أهذا الكافر خيرٌ أم من؟ ويحتمل أن تكون (أم) قد ابتدأ بها بعد إضراب مقدر، ويكون المعادل في آخر الكلام، والأوّل أبين».
[97] انظر: نظم الدرر (16/ 466).
[98] انظر: تفسير البيضاوي (5/ 38)، وروح المعاني (13/ 362).
[99] روح المعاني (13/ 362).
[100] انظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (4/ 347)، والتفسير الكبير، للرازي (26/ 429).
[101] انظر: أساليب العطف في القرآن، لمصطفى حميدة، ص278مع تصرف يسير.
[102] الأصول في النحو (2/ 58)، وانظر: أساليب العطف في القرآن، لمصطفى حميدة، ص283.
[103] نقله عن الواحدي في تفسيره (البسيط) (4/ 117).
[104] انظر على سبيل المثال المواضع الآتية: تفسير المحرر الوجيز، لابن عطية (1/ 498)، (2/ 343)، (4/ 101- 102)، (12/ 425)، والكشاف، للزمخشري (1/ 147)، (1/ 196)، (1/ 400)، والبحر المحيط، لأبي حيان (1/ 499)، (1/ 573)، (1/ 592)، (3/ 387)، وروح المعاني، للآلوسي (1/ 614)، (3/ 110)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (1/ 665)، (1/ 747).