نظرات تحليلية في مصطلح الضعيف عند ابن عطية
من خلال تفسيره (المحرر الوجيز)

تهدف هذه المقالة إلى تعميق النظر في أحد المصطلحات النقدية التي استخدمها ابن عطية في تفسيره (المحرّر الوجيز)، وهو مصطلح الضعيف، وذلك بالوقوف على دلالاته، ومجالات توظيفه عند ابن عطية، وأبرز العلل المرتبطة به، وهي مستلّة من كتاب: (الصناعة النقدية في تفسير ابن عطية).

نظرات تحليلية في مصطلح الضعيف عند ابن عطية من خلال تفسيره (المحرّر الوجيز)[1]

  الهدف من هذا المبحث: تعميق النظر في أحد المصطلحات النقدية التي استخدمها ابن عطية، وهو مصطلح الضعيف؛ للوقوف على دلالاته، ومعرفة المناحِي التي وظّفه ابن عطية فيها، والمجالات التي انتقدها به، وبيان أبرز العلل المرتبطة به.

أولًا: تعريفه:

أ) الضعف في اللغة:

الضَّعف والضُّعف: خلاف القُوَّةِ، يُقال: ضَعُفَ الرَّجُلُ يَضْعُفُ ضَعْفًا وضُعْفًا، ويُستعملان في ضعف البدن وضعفِ الرَّأْي، و(ضَعُفَ) ضَعْفًا وضُعْفًا: هُزِلَ أو مَرِضَ وذهبَتْ قوّته أو صحّته. ويُقالُ: تَضَعَّفْتُهُ واسْتَضْعَفْتُهُ للذي يَتَضَعَّفُهُ الناسُ ويَتَجَبَّرُونَ عليه في الدنيا؛ للفقر ورثاثَةِ الحال. والضَّعْفَةُ: ضَعْفُ الفؤادِ وقِلَّةُ الفِطْنة. ورَجُلٌ مَضْعُوفٌ، بِهِ ضَعْفَةٌ: إذا كان في عقله ضَعْفٌ، ويُقالُ للرَّجُلِ الضرير البصرِ: ضَعِيفٌ. والـمُضَعَّفُ: أحد قداح الـمَيْسِرِ التي لا أنصباء لها، كأنه ضَعُفَ عن أن يكون له نصيب[2].

ب) الضعف في اصطلاح ابن عطية:

واضح من المعنى اللغوي للضَّعف أنّ الضعف يعني ذهاب القوَّةِ والصحة في البدَن أو الرأي، ولم يخرج مصطلح الضعف وما اشتُقّ منه عن هذا المعنى في استعمالات العلماء في الفنون الـمُختلِفَةِ؛ «فالضَّعِيفُ من الكلام عند اللغويين: ما انحطّ عن درجة الفصيح، والضَّعِيفُ في مصطلح الـمُحَدِّثِينَ: ما كان أدنى مرتبةً مِن الحَسَنِ، والضَّعِيفُ مِن الأدلة عند الأُصوليِّينَ: ما كان غير مُنتِج لِمَدْلُولِهِ»[3]، والضَّعِيفُ مِن الخلاف: ما لا يُعتدّ به. ولم يكن ابن عطية بدعًا في ذلك؛ فقد استخدم مصطلح الضعف وما اشتُقّ منه للدلالة عَلَى وَهنِ الأقوال الـمُنتَقَدَةِ، وَذَهَابِ قُوَّتِهَا، وَعَدَمِ صحّتها، وتطرُّقِ الخلل إليها. وبالتأمل في الأقوال المنتقَدة بمصطلح الضعف وما اشتُقّ منه عند ابن عطية، يظهر لنا بجلاء تفاوت درجة الضعف بين تلك الأقوال؛ فمنها ما اشتد ضعفه، ومنها ما هو دون ذلك؛ ولذا كان مصطلح (الضعف) عنده عامًّا شاملًا لكلّ ما دخله الخطأ وتسرّب إليه الخلل، ويمكننا تعريف المفهوم الكلي لمصطلح الضعف عنده بأنَّهُ: (ذَهَابُ قُوَّةِ القَوْلِ التفسِيري بِصُورَةٍ كُلِّيةٍ أَوْ جُزْئية).

فأمّا ذهاب قوّة القول (بصورة كلية) فتعني: قوّة الضعف الساري في جسد القول، وشدّة الفساد المتغلغلة في أجزائه، وظهور بطلانه، وشدّة نكارته؛ لكونه ليس له ما يستند إليه، ولا ما يعتمد عليه لا من كتابٍ، ولا من سُنّةٍ، ولا من لغةٍ، ولا من احتمالٍ يحتمله، ولا من قرينةٍ تسانده، فمثل هذا لا يُلتفت إليه، ولا يُعبأ به، ولا يستقيم توجيهه، ولا يمكن تصحيحه بوجهٍ من الوجوه لذهاب قوّته، وكونه في غاية الضعف والاضمحلال.

وأمّا ذهاب قوّة القول (بصورة جزئية) فتعني: خفّة الضعف المتسرِّب إليه، وعدم تدنِّيه إلى درجة البُطلان، وذلك كائن بـ:

أ) كون القول صحيحًا في ذاته، لكن منع مانع من تصحيحه في الآية.

ب) كون القول ضعيفًا في بعض المواطن دون بعض.

ج) إمكانية توجيه القول وتصحيحه بقيدٍ يضاف إليه، أو بوجهٍ يُصحَّح عليه.

ثانيًا: خصائصه:

أ) وظيفته العلمية:

مصطلح (الضَّعْف) وما اشتُقّ منه أهمّ المصطلحات النقدية على الإطلاق؛ فهو مصطلح نقدي رئيس، وظيفته النقد والحُكم على الأقوال؛ ولذا يتمّ توظيفه في كثير من المجالات والفنون والعلوم في الحُكم على الأقوال، وبيان قيمتها في ميزان النقد. وقد وظّف ابن عطية هذا المصطلح في نقد التفسير، ولم تخلُ أغلبُ مجالات نقد التفسير من استخدامه، ولا أصلٌ مِن أصوله من استعماله؛ فهو أكثر المصطلحات النقدية التي حظيتْ باهتمام ابن عطية في نقد أقوال المفسِّرين ومناهجهم وطرقهم في التصنيف. والسرّ في ذلك راجع إلى:

1- وضوح دلالته في الدلالة على خطأ الأقوال الـمُنتقَدة وضوحًا لا يقبل اللَّبْس أو الخفاء.

2- وَجَازَة عبارته وقِصَرها، بحيث يستغني الناقد به عن كثير من التطويل.

3- كونه مصطلحًا كليًّا مُجملًا، يدلّ على نقد كلّ أوجه الضعف وألوان الخطأ مهما تعدّدت وكَثُرَت.

4- شيوع استعماله وكثرة استخدامه عند العلماء -على اختلاف عصورهم وتباعُد أزمنتهم- في نقد التفسير وغيره من العلوم.

ب) رتبته الأُسَرِيَّة:

مصطلح (الضعف) هو رأس المصطلحات النقدية التي تُعْنَى بنقد الخطأ، وهو المصطلح الأمّ أو المفتاح الذي يُغْنِي عن غيره، وتفتقر إليه جميع المصطلحات النقدية ولا يفتقر هو إليها؛ فما من مصطلح نقدي مستعمَل في نقد الخطأ إلا وهو راجع إليه وداخل تحته، لكونه مصطلحًا كليًّا شموليًّا دالًّا على وجود الخطأ في الأقوال المنتقَدة، مهما اختلف نوع الخطأ ومقداره وسببه وأثره.

ج) قُوّتُه الاستيعابية:

إذا كان مصطلح الضعف هو المصطلح المفتاحي لنقد الخطأ، وكان «المصطلحُ عمومًا هو خزّان العِلم»[4]، ووِعَاؤُهُ الَّذِي يَختَزِنُ بداخله الكثيرَ من القضايا، فإنّ مصطلح (الضعف) مصطلح شديد الاكتناز لكثير من قضايا النقد وإشكالاته؛ إِذْ بمجرد نبشه وإثارته تتفجر كوامنه عن كثير من القضايا النقدية كـ(أسباب الضعف)، و(كيفية دخوله إلى ساحة التفسير)، و(المجالات التي تسرّب إليها)، و(كيفية التعامل مع الخطأ ودفعه)... إلخ، فهو وحده كفيل باستدعاء كثير من الإشكالات النقدية التي أثارها ابن عطية، مما يُجلِّي أهمية تلك المصطلحات في دراسة نقد التفسير، ويُبرز أثرها في تطويره؛ فهي بمثابة الرموز المفهومة التي يكتفي العلماء بالإشارة بها عن الإطالة بذِكْر مقتضياتها ولوازمها؛ فاللفظة المصطلحية تُحِيل قارئها على منهجٍ متكاملٍ من القواعد والأصول، وشبكةٍ ممتدةٍ من العلاقات والمفاهيم.

د) نضجه الاصطلاحي:

مصطلح الضعف هو أنضج المصطلحات النقدية عند ابن عطية؛ لأنه من أقدم مصطلحات النقد وأكثرها شيوعًا؛ ولأنه مصطلح مشترك بين كثير من العلوم والفنون، تتابَع العلماء على استخدامه في نقد الأقوال وبيان تهافتها، رغم تفاوت معنى الضعف في كلّ فنّ منها عن الآخر، ولا شَكّ أنّ كلّ ذلك أسهم في نضج المصطلح وانتقاله إلى طور الاستقلالية، بحيث أصبح مُجَرَّد إطلاقه كافيًا في الدلالة على مضمونه ومراد قائله، دون احتياج إلى شرح أو توضيح أو تركيب أو قيد... إلخ. وهذا النضج في مصطلح (الضعف) أفاد منه ابن عطية في نواحٍ متعدّدة؛ أبرزها ناحيتان:

1- عدم احتياجه إلى بيانِ مراده بمصطلح الضعيف وتأسيسِ تعريفٍ له؛ لكونه بلغ من الشهرة مبلغًا بعيدًا، جَعَلَتْهُ راسخ الاصطلاحية، تزداد قوّته ورسوخه بمرور الأيام والليالي، وكثرة الاستعمال والتداول.

2- عدم احتياجه إلى كثير من الجُمَل والكلمات في نقد الأقوال استغناءً بدلالة مصطلح (الضعف) على المرادِ بأَقصرِ عبارةٍ وأَخصرِ لفظٍ.

هـ) علاقاته:

أ- مرادفاته:

أسلفتُ أنّ ابن عطية استخدم مصطلح (الضّعف) بصورته العامة الشاملة التي تنتقد الخطأ الواقع في التفسير أيًّا كان نوعه أو مقداره أو سببه، وبهذا صار مصطلح (الضّعف) ومشتقاته أوسع المصطلحات النقدية في اصطلاح ابن عطية، وباتساعه تصير جُلّ المصطلحات النقدية مرادفة له من حيث الدلالة على أصل الضعف. لا من حيث الدلالة اللُّغَوِيَّة، وذلك أنّ مصطلح (الضّعف) هو المصطلح الأمّ أو المفتاحي لمصطلحات النقد.

ولـمّا كان الأمر بهذه المثابة فإنّ الكلام عن مرادفات (الضّعف) هو في الحقيقة كلام عن كلّ مصطلحات نقد الخطأ عند ابن عطية؛ ولذا سأكتفي بالإشارة الإجمالية لبعضها لصعوبة الكلام عنها كلِّها في هذه الرسالة. فمِن ذلك المصطلحات الآتية: «خَطأ، مَردُود، بَعِيد، غَلَط، قَبِيح، رَدِيء، فاسِد، غير صحيح، غير قويّ، مُـخْتَلّ، بَيِّنُ الاخْتِلالِ، غير مستقيم، غير ثابت، شاذ، غير واضح، غير جيد... إلخ».

ب- أَضْدَادُه:

بتأمّل المواطن التي استعمل ابن عطية فيها مصطلح (الضعف) وما اشتُقَّ مِنهُ، وَجَدْتُهُ ذَكَر في مقابلة هذا المصطلح عدّة مصطلحات أخرى مضادّة له، هي:

1. الصَّحِيحُ:

مِن أشهر المصطلحات التي اشتهرت مُضادَّتُـها لمصطلح (الضعف) وما اشتُقّ منه (ضَعِيفٌ، فيه ضعفٌ، مُضَعَّف) =مصطلح (الصحيح، والأصح)، وهو دالّ على معنى البراءة من العيب والـمَرضِ، يُقَالُ: صَحّ المريض، وصحّ الخبر، وصحّتِ الصلاة، وصحّتِ الشهادة، وصحّ العقد؛ فهو صحيح[5].

وقد ذكر ابن عطية الصحيح في مقابلة الضعيف أثناء نقده لأقوال المفسِّرين، فكان يُورِدُ قول الـمُفَسِّرِ مُنتقِدًا إيّاه بمصطلح (الضعف، الضعيف)، ويَذْكُرُ القولَ الـمُقابِلَ لَهُ واصفًا إِيَّاهُ بوَصْفِ (الصحيح، الأصح).

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره عند قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ [النحل: 41]، قال: «لـمّا ذكر الله -تعالى- كُفَّارَ مكة الذين أقسموا أنَّ اللهَ لا يبعثُ مَن يموتُ وَرَدَّ عَلَى قولهم؛ ذَكَرَ مُؤمِني مكة المعاصرين لهم، وهم الذين هاجروا إلى أرض الحبشة، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح في سبب الآية؛ لأنّ هجرة المدينة لم تكن وقت نزول الآية، وقالت فِرقة: سبب الآية أبو جندل بن سهيل بن عمرو. قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف؛ لأنَّ أَمْرَ أبي جندل كانَ والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة»[6].

2. القويّ:

من المصطلحات التي استعملها ابن عطية في مقابلة مصطلح (الضعف) ومشتقاته مصطلح (القوي). ومن أمثلة ذلك: ما ذكره ابن عطية عند قوله -تعالى- عن الحجارة: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾ [البقرة: 74]؛ قال: «... وحكى الطبري عن فِرقة أن الخشية للحجارة مستعارة، كما الإرادة للجدار في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: 77]، قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-: وهذا قول ضعيف؛ لأنّ براعة معنى الآية تَـخْتَلّ به؛ بل القويّ أنّ الله -تعالى- يخلق للحجارة قدرًا ما من الإدراك، تقع به الخشية والحركة»[7].

3. الظاهر:

مِن المصطلحات التي استعملها ابن عطية في مقابلة مصطلح (الضّعف) ومشتقاته مصطلح (الظاهر)، والمراد به ما تعطيه ألفاظ الآية بحسب الدلالة اللغوية والسياق الذي وردت فيه. وقد كان ابن عطية ينتقد بعض الأقوال، ويَسِمُها بسِمة (الضعيف)، ويذكر في مقابلها مصطلح (الظاهر) مُرجِّحًا به ومُصَحِّحًا.

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: 282]، قال: «واسمُ كان الضميرُ الذي في قوله: ﴿يَكُونَا﴾، والمعنى في قول الجمهور: فإن لم يكن المستشهَد رجلين، أي: إنْ أغفلَ ذلك صاحبُ الحقّ أو قَصَدَه لعذرٍ ما، وقال قوم: بل المعنى: فإن لم يوجد رجلان. ولا يجوز استشهاد المرأتين إلا مع عدم الرجال، وهذا قول ضعيف، ولفظ الآية لا يعطيه؛ بل الظاهر منه قول الجمهور»[8].

4. الوجه:

جاء في المعجم الوسيط: «وجه الكلام: السبيل الذي تقصده به، ووجه الكلام: الصحة، يُقال: ليس لكلامه وجه»[9].

وقد كان مصطلح (الوجه) أحد المصطلحات التي استعملها ابن عطية في مقابلة الضعيف، وكان استعمالُهُ لَهُ باعتبارين:

 الأول: بيانُ الوَجْهِ الذي لو وَقَعَتِ الآية عليه لكان القَوْلُ الـمُنتَقَدُ صوابًا:

ومثاله: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]، قال: قوله: ﴿وَسَلَامًا﴾ معناه: وسلامة، وقال بعضهم: هي تحية من الله تعالى لإبراهيم عليه السلام؛ وهذا ضعيف، وكان الوَجْهُ أنْ يكون مرفوعًا»[10].

الثاني: بيان القول الصحيح في الآية:

ومثاله: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: 35]، قال: «ويَظْهَرُ تَبَايُنُ ما بينَ قولِه تعالى لمحمد -صلى الله عليه وسلم-: ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، وبينَ قولِه لنوح -عليه السلام-: ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [هود: 46]، وقد تقرّر أنّ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أفضلُ الأنبياء، قال مكي والمهدوي: والخطاب بقولهِ: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والمراد به أُمّته؛ وهذا ضعيف لا يقتضيه اللفظ... قال القاضي أبو محمد: والوجه القوي عندي في الآية هو أنّ ذلك لم يجئ بحسب النبيَّيْنِ، وإنما جاء بحسب الأمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ وقع النهي عنهما والعتاب فيهما، وبيَّن أنّ الأمر الذي نُهِيَ عنه محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- أكبر قدرًا وأخطر مواقعةً من الأمر الذي واقَعه نوح عليه السلام»[11].

5. الحَسَن:

الحَسَنُ ضِدُّ القَبِيح، وهو نَعتٌ لِمَا حَسُنَ، وقد استعمل ابن عطية مصطلح (الحَسَن) في مقابلة (الضعف) وما اشتُقَّ مِنْهُ؛ فَدَلَّ ذلك عَلَى أنّ الحسَن في استعماله مضاد للضعيف.

ومثال ذلك: ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح: 16]، قال: «واختلف الناسُ من القوم المشار إليهم في قوله: ﴿إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيد﴾؛ فقال عكرمة وابن جبير وقتادة: هُم هوازن ومَن حارَبَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في (حنين)، وقال كَعْبٌ: هُم الرُّومُ الذين خرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام (تبوك)، والذين بعث إليهم في غزوة مؤتة، وقال الزهري والكلبي: هم أهل الرِّدّة وبنو حنيفة باليمامة، وقال ابن عباس وابن أبي لَيْلَى: هم الفرس، وقال الحَسَنُ: هم فارس والروم، وقال أبو هريرة: هم قوم لم يَأْتُوا بَعْدُ. والقَوْلانِ الأَوّلانِ حَسَنَانِ؛ لأنهما الذي كشفَ الغيبُ، وباقيهما ضعيف»[12].

فقد ذكر مصطلح (الحَسَن) مع القولَيْنِ اللَّذَيْنِ ارتضاهما، وقابَله بمصطلح (الضعف) مع بقية الأقوال المنتقدة.

6. الأَوْلَى:

الأَوْلَى: أفْعَلُ تفضيل بمعنى: الأحَقّ والأَجْدَر والأَقْرَب، وفلانٌ أَوْلَى بكذا؛ أي: أحرى به وأجدر[13]. وقد وردَت هذه الكلمة عند ابن عطية في مقابَلة انتقاده بـ(الضعف) لبعض أقوال المفسِّرين؛ مرادًا بها تصحيح القول الـمُقترِن بمصطلح (الأَوْلَى)، وبيان خطأ القول المقابِل له المقترِن بمصطلح (الضعف).

ومثال ذلك: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197]، قال: وقوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾؛ قال ابنُ عمر وعكرمة ومُجاهِد وقَتَادَة وابنُ زيد: نَزَلَت الآية في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد، ويقول بعضهم: نحن الـمُتَوَكِّلُونَ، ويقول بعضهم: كيف نحجّ بيتَ اللهِ ولا يُطْعِمُنَا؟! فكانوا يَـبقونَ عالةً على الناس، فَنُهُوا عن ذلك وأُمِرُوا بِالتَّزَوُّدِ، وقال بعض الناس: المعنى: تزوَّدُوا الرفيقَ الصالح، وهذا تخصيص ضعيف، والأَوْلَى في معنى الآية: وتَزَوَّدُوا لمعادكم من الأعمال الصالحة»[14].

7. الصَّوَاب:

الصَّوَاب: ضِدُّ الخطأ، يُقالُ: أَصَابَ فلانٌ في قولِه وفعْلِهِ؛ إذا لم يُخطئ، والصَّوَابُ: إِصَابَةُ الْحَقِّ[15]. وقد كان مصطلح (الصَّواب) أحد المصطلحات التي استخدمها ابن عطية في نقد التفسير كمقابل لمصطلح الضعف ومشتقاته.

ومثال ذلك: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ﴾ [المائدة: 106]، قال: «قوله: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾؛ قال قوم: الشهادة هنا بمعنى الحضور، وقال الطبريالشهادة بمعنى اليمين وليست بالتي تُؤدَّى، قال القاضي أبو محمد: وهذا كلّه ضعيف، والصواب أنها الشهادة التي تُحْفَظ لِتُؤدَّى»[16].

8. عَلَيْهِ النَّاسُ:

وقد وردت هذه الكلمة عند ابن عطية في مقابلة انتقاده بـ(الضعف) لبعض أقوال المفسِّرين، مرادًا بها تصحيح القول المقترِن بمصطلح (عَلَيْهِ النَّاسُ)، وبيان خطأ القول المقابِل له المقترِن بمصطلح (الضعف).

ومثال ذلك: ما ذكره ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ [الطلاق: 4]، قال: «(اللَّائِي) هو جمعُ (ذاتٍ) فيما حكى أبو عبيدة، وهو ضعيف، والذي عليهِ النَّاسُ أَنَّهُ جَمْعُ (الَّتِي)، وقد يَجِيءُ جَمْعًا لِلَّذِي»[17].

ثالثًا: ضَمَائِمُهُ:

1- ضعيفٌ البتّة:

البَتُّ في اللغة: القطع المستأصِل، و(البتّة) اشتقاقه من القَطْع، غير أنه مستعمل في كلّ أمرٍ يُمضَى ولا يُرجَعُ فيه، يُقال: طلقها ثلاثًا بتّةً وبتاتًا، أي: قطعًا لا عَوْدَ فيها، ويُقال: لا أَفْعَلُهُ بَتّة، ولا أفعلُه البتّة؛ لكلّ أمرٍ لا رجعة فيه[18].

وهذا يعني أنّ مراد ابن عطية هنا بقوله: (ضعيف البتّة) ليس مجرّد التضعيف الذي استعمله في كثير من المواطن؛ بل المراد القطع الكامل بضعف القول، والإنكار التامّ لصحّته؛ ولذا مزج مع مصطلح (الضعيف) لفظة أخرى ليحصل مِن مزجهما قوّةٌ للنقد، وشدّةٌ في الردّ لا تحصل بواحد منهما.

وقد استعمل ابن عطية هذا المصطلح في انتقاد بعض الأقوال في المراد مِن همِّ يوسف من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: 24]، قال: «... وقالت فِرقة كان همُّ يوسف بضربها ونحو ذلك، قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف البتة»[19].

2- ضعیف مردود:

المردود مأخوذ مِن: ردَّ الشيءَ يَرُدُّهُ رَدًّا: مَنَعَهُ، وَأَرْجَعَهُ وصَرَفَه[20].

وقد استعمل ابن عطية كلّ مصطلح منهما: (الضعيف - المردود) بانفراده في انتقاد كثير من أقوال المفسِّرين، ولكنهُ رَكَّبَ منهما تركيبًا نقديًّا واحدًا يمنح النقد قوّة أكبر من النقد بمصطلح واحد منهما.

وقد استعمل ابن عطية هذا المصطلح المركب: (ضعيف مردود) مرّة واحدة عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [فاطر: 11]، فقد ذكرَ اختلافَ العلماء في معنى الآية، وكان من ذلك قوله: «ورُوي عن كعب الأحبار أنه قال: المعنى ﴿وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾؛ أي: لا يخترم بسبب قُدرة الله، ولو شاء لأخَّر ذلك السبب. قال القاضي أبو محمد: ورُوِيَ أَنَّه قال حِينَ طُعِنَ عمرُ: لَوْ دَعا الله تعالى لزاد في أجَله؛ فأنكر عليه المسلمون ذلك، وقالوا: إنَّ الله تعالى يقول: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [النحل: 61]، فاحتجّ بهذه الآية، وهو قولٌ ضعيفٌ مَرْدُودٌ؛ يقتضي القول بالأجَلَيْنِ، وبنحوه تمسّكَت المعتزلة»[21].

وواضحٌ أنَّ اللازم الباطل المترتِّب على القول إضافةً إِلَى تَعلُّقِ المعتزلة به انتقده ابن عطية بهذا المصطلح المركب: (ضعيف مردود)؛ إمعانًا في بيان ضعفه، واعتناءً بشدة نقده، ودفعًا للاغترار به.

3- ضعيفٌ متكلَّف:

المتكلَّف: مأخوذٌ من التكلُّف، وهو «اسمٌ لِمَا يُفْعَلُ بِمَشقَّةٍ أو تصنُّعٍ»[22]. وقد استخدم ابن عطية هذا المصطلح مرة واحدة، في انتقاده لقولٍ نقَله الزجاج في تفسير قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾ [الكهف: 108]: «والحِوَلُ بمعنى التَّحَوُّل...، وقال الزجاج عن قوم: هي بمعنى الحِيلة في التنقُّل، قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيفٌ مُتَكَلَّف»[23]. فقد انتقد ابن عطية هذا القول بهذا المصطلح المركَّب: (ضعيفٌ متكلَّف) المفيد لنقد القول، وتعليل ضعفه بالتكلُّف؛ وذلك أنّ الحِوَل وَرَدَ في الآية بمعنى التحوُّل، لا بمعنى الحِيلة، ثمَّ إِنَّ المعنى في الآية: خالدين فيها أبدًا، لا يُريدُونَ عنها تحوُّلًا؛ لرغبتهم فيها وحبّهم لها»[24]، والمُحِبُّ للشيءِ لا يُفَكِّرُ أَبَدًا فِي التَّحَوُّل عنه حَتَّى يُنْفَى عنه التفكير في الاحتيال للانتقال لمنزلٍ آخر، ونفيُ التفكير في الاحتيال للانتقال صادقٌ في أهل الجنة، إلا أنَّ فيه -كما عبّر ابن عطية- تكلُّفًا وضعفًا، وليس هو المراد بالآية[25].

4- ضعيفٌ واهِنٌ:

واهنٌ مأخوذة من الوَهَنِ، وقد عَرَّف ابنُ عطية نفسُه الوَهَنَ؛ فقال: «والوَهْنُ، والوَهَنُ: الضّعفُ واللِّينُ والبِلَى»[26]، وقال أيضًا: «والوَهَنُ في الشخص أو الأمر: الضّعف»[27].

وقد ركّب ابن عطية من الوهن والضّعف مصطلحًا نقديًّا يفيدُ بتركيبه ما لا يُفِيدُه كلُّ جزء منه باستقلاله؛ فهو يدلّ على بلوغ الضعف غايته والوهن منتهاه في الأقوال المنتقَدة به، وأنها صارت في أحطّ درجات الضعف وأنزلها.

وقد استعمل ابن عطية هذا المصطلح المركّب في تفسيره مرة واحدة، عند تفسير قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: 1]، قال: «و(السَّاعَة) القيامة، وأمْرُها مجهولُ التحديد، لم يُعْلَم إلا أنها قربَتْ دون تحديد...، كلُّ ما يُروى في عمرِ الدنيا من التحديد فضعيفٌ واهِنٌ»[28].

وبالتأمّل في المثال المُنتَقَد بهذا المصطلح يتضح لنا أن الخطأ المنتقَد مُتَعَلِّق بالخوض في أمرٍ من أمور الغيب التي لا يحقّ لأحدٍ الخوضُ فيها أو القولُ فيها بالتخرُّص، وقد أراد ابن عطية التشديد في بيان ضعف ذلك بهذا المصطلحِ النقدي المُرَكَّبِ مِن الضعفِ والوَهَنِ.

5- ضَعِيفٌ مُتَنَاقِض:

(مُتَنَاقِض) مأخوذ من التَّناقُض، يُقال: في كلامه تناقُض: يعني أنّ بعضَه يقتضي إبطالَ بعضٍ. والمتناقضان: ما لا يجتمعان ولا يرتفعان في شيءٍ واحد وحالٍ واحدة، نحو: أبيض ولا أبيض. ومن الكلام: ما لا يصحّ أحدهما مع الآخر في شيءٍ واحد وحالٍ واحدة، نحو: هو كذا وليس بكذا.

وقد ركَّب ابن عطية من الضعف والتناقض مصطلحًا نقديًّا، واستعمله مرةً واحدةً، عند انتقاده لبعض الأقوال في تفسير قوله تعالى: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة: 7]، قال ابن عطية: «أي: على أيّ وجهٍ يكون للمشركين عهدٌ وهُمْ قد نَقَضُوا وَجَاهَرُوا بالتعدي؟! ثم استثنَى من عموم المشركين القومَ الذين عُوهِدُوا عند المسجد الحرام، أي: في ناحيته وجِهَته، وقال ابن عباس فيما رُوي عنه: المعنيُّ بهذا قريش، وقال السدّي: المعنيُّ بنو خزيمة بن الديل...، وقال بعضُ مَن قال إنهم قريش: إنَّ هذه الآية نزلَت فلَمْ يستقيموا بل نقضوا، فنزلَ تأجيلُهم أربعةَ أشهرٍ بعد ذلك، وحكى الطبري هذا القول عن ابن زيد، وهو ضعيف مُتَناقِض؛ لأن قريشًا وَقْتَ الأذانِ بالأربعةِ الأشهرِ لم يكُنْ منهم إلا مسلمٌ، وذلك بعد فتح مكة بسَنةٍ، وكذلك خُزاعة، قاله الطبري وغيره»[29].

6- ضعيفٌ مُفرِطٌ:

«يُقال أفرَط: إذا تجاوَزَ الحدَّ في الأمرِ، وأفرَطَ عليه: حَـمَّلَهُ فوق ما يُطيق، وكلّ شيء جاوَزَ قَدْرَه فهو مُفْرِطٌ، يُقال: طُولٌ مُفْرِط، وقِصَرٌ مُفرِط»[30].

وهذا المعنى اللغوي للإفراط استخدمه ابن عطية مركَّبًا مع مصطلح الضعيف مرّة واحدة في تفسيره، لانتقاد قول جاوَزَ قائلوه الحدّ في التفسير؛ فَفَسَّروا بما يُخالف العقل والفطرة ويجافي المنطق السليم، وذلك عند تعرُّضه لذِكْر ألواح موسى من قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾ [الأعراف: 150]، قال: «ورُوي أنها -كانت- لَوْحَانِ وَجُمِعَ؛ إذ التثنيةُ جمعٌ، ورُوي أنها كانت وِقْرَ سبعين بعيرًا يقرأ منها الجزء في سَنَة. قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيفٌ مُفرِطٌ»[31].

7- ضَعِيفٌ مُحْدَث:

حَدَثَ الشيءُ يَحْدُثُ حُدُوثًا، وحَدَاثةً، وأَحْدَثَهُ فهو مُحْدَث وحَدِيث. والحديثُ: الجديدُ من الأشياء، وهو نقيضُ القديم. ومُحدَثَاتُ الأُمُور: جَمْعُ مُحْدَثَة بالفتح، وهي ما لم يكن معروفًا في كتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا إجماع[32].

وقد استخدم ابن عطية هذا المصطلح النقدي الـمُركَّب مرّة واحدة في تفسيره عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ﴾ [الإسراء: 60]، قال: «اختلف الناس في ﴿الرُّؤْيَا﴾، فقال الجمهور: هي رُؤيا عين ويقظة...، وقالَ سَهْلُ بن سعد: إنما هذه الرؤيا أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَرَى بَنِي أُمَيَّةَ يَنزُونَ[33]عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ القِرَدَةِ، فاهتمّ لذلك، وما استجمع ضاحكًا من يومئذٍ حتى مات؛ فنزلَت الآية مُخبِرةً أنّ ذلك من مُلْكِهِم وَصُعُودِهِم المنابر إنما يجعلها الله فتنةً للناس وامتحانًا، و﴿الشَّجَرَةَ﴾ هنا في قول الجمهور: هي شجرةُ الزقّوم، وقالت فِرقة: ﴿وَالشَّجَرَةَ﴾ إشارةٌ إلى القوم المذكورين قَبْلُ في الرؤيَا. قال القاضي أبو محمد: وهذا قولٌ ضعيفٌ مُحْدَثٌ، وليس هذا عن سهل بن سعد، ولا مثله»[34]، وقد ضعَّف ابنُ عطية تفسير ﴿الشَّجَرَةَ﴾ بأنَّ المرادَ بها بنو أُمَيَّةَ، ووَصَمَ هذا التفسير بأنه ضعيفٌ محدَثٌ، وانتقدَ ثبوتَه عن سهل بن سعد أو غيره، وتفسيرُ ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ﴾ بأنّ المراد بها بنو أميّة قول أحدثته الشيعة[35]، وهو قولٌ محدَثٌ لا يُعرف في كتابٍ ولا سُنّةٍ ولا إجماع، فكأنَّ ابن عطية رَمَزَ بقوله: «مُحْدَث» إِلَى مَعنيَيْن:

أ) أنه قولٌ جديدٌ.

ب) أنه قولٌ مبتدَعٌ لم يُعرف في الكتاب ولا في السُّنّة ولا عن السلف الصالح.

وقد ضعَّف هذا القولَ عددٌ من المفسِّرين[36]. وفي هذا المثالِ تَبِينُ براعةُ ابن عطية النقدية في استخدامه المصطلح النقدي المعبِّر عن نوعية الخطأ وسببه، وأنه لم يكن يستخدم المصطلحات النقدية جُزافًا.

8- ضَعِيفٌ لا يَتَّجِه:

وجَّهتُ الشيءَ: جعلتُه على جهةٍ، وأصلُ جِهَته وِجْهَتُهُ، والعربُ تقولُ: وَجِّهِ الحَجَرَ وِجْهَةً مَا لَهُ وِجْهَةٌ مَا لَهُ؛ يُضرَب مثلًا للأمر إذا لم يستقِم من جهة أن يُوجَّه له تدبيرٌ من جهة أخرى، وأصل هذا في الحَجَرِ يُوضع في البناء فلا يستقيم فيُقلب على وجه آخر فيستقيم[37]. وقد استخدم ابن عطية هذا المصطلح مرّة واحدة، ومعناه: أن القول المُنتقَد ضعيف ليس له وجهٌ يُصَحَّح عليه، أو احتمالٌ مقبول يتخرّج عليه، وأنك على أيّ الجهات أدرته فالضعف ماثلٌ فيه، قائمٌ معه، ملازمٌ له. وقد ورَدَ هذا عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ [فصلت: 41]، قال: «قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ يُريد قريشًا، و(الذِّكْر) القرآنُ بإجماعٍ، واختلف الناس في الخبر عنهم أين هو؟ فقالت فِرقة: هو في قوله: ﴿أَوْلَئِكَ يُنَادَونَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: 44]، وقال بعضُ نَحْويِّي الكوفة: الجواب في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾، حَكَى ذلك الطبري، وهو ضعيفٌ لا يَتَّجِه»[38].

9- ضَعِيفٌ بَعِيدُ المَقْصِدِ:

المَقْصِدُ في اللغة مأخوذ من مادَّةِ (قَصَدَ)، وتعني التَّوَجُّه نحو الشيءِ وإتيانه وأَمّهُ، يُقالُ: قَصَدَهُ يَقْصِدُهُ قَصْدًا، وَقَصَدَ لَهُ، أَي: أَتَاهُ وَأَمَّهُ وتوجّه نحوه[39]. ومَقْصِدُ الآية عَلَى هذا: الغرضُ الذي تتوجّه إليه، والغايةُ التي تَؤُمُّها، والهدفُ الذي تَنشُده.

وتُعرف صحة المعنى من ضعفِه بحسب تحقيقه لمقْصِدِ الآية أَوْ لا؛ فما كانَ مُحَقِّقًا لمقصد الآية وفق ما تُعطيه دلالاتها وسياقها كان صحيحًا، وما كان غير مُحَقِّقٍ لمقصِد الآية ولا لغايتها كان ضعيفًا، وهذا ما عَنَاه ابن عطية بذِكره لتلك العبارة النقدية، وقد استعملها في موطن واحد، وبالرجوع إليه يَبِينُ غرضُ ابن عطية. ففي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33]، قال: «والضمير في قوله: ﴿إِنَّهُ﴾ عائد على الوليّ، وقيل: عَلى المقتول، وهو عندي أرجح الأقوال؛ لأنه المظلوم، ولفظة النَّصرِ تُقارِنُ أبدًا الظُّلْم...، وقيل: عَلَى القَتْل، وقال أبو عبيد: على القاتِل؛ لأنه إذا قُتِلَ في الدنيا وخلصَ بذلك من عذاب الآخرة فقد نُصِر، وهذا ضعيفٌ بَعِيدُ المَقْصِدِ»[40]. وقد انتقد ابنُ عطية القول الأخير بقوله: «ضعيفٌ بَعِيدُ المَقْصِدِ»؛ لأنَّ الآية لم تُسَقّ لبيان أنّ القاتل إنْ أُقِيمَ عليه الحَدُّ نَجَّاهُ ذلك من عذاب الآخرة، وأنّ هذا هو معنى نُصرته، بل سِيقَتِ الآية للتغليظ في القتل وتحريمه، وبيان أنّ النُّصرَة حاصلة للمقتول بالمغفرة، أو لِوَلِيّه بالقصاص أو الدية، فالقول بعَودِ الضميرِ عَلَى القاتل لا ينسجم مع مقصدِ الآية، بل يُضَادُّهُ ويُعاكِسُه.

10- ضَعِيفٌ ذَاهِبٌ مَعَ التَّخَرُّصِ:

التَّخَرُّصُ مَأْخُوذٌ من الخَرْص، وأَصْلُ الخَرْص: التَّظَنِّي فيما لا يستيقنه، ومنه قيل: خَرَصْت النَّخْلَ: إِذا حَزَرْت ثَمَرَه؛ لأنَّ الحَزْرَ إنما هو تقديرٌ بظنٍّ لا إحاطة، ثم قيل للكَذِب: خَرْصٌ، لِمَا يَدْخُلُه مِن الظنون الكاذبة[41].

وقد استعمل ابن عطية هذا المصطلح مرة واحدة في نقد التفسير، وذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ [مريم: 18]، فقد بَيَّن معنى الآية، ثم قال: «وقال وَهْبُ بنُ مُنَبِّه: (تَقِيّ) رجلٌ فاجِرٌ كان في ذلك الزمن في قومها؛ فلمّا رَأَتْه مُتَسَوِّرًا عليها ظنّتْه إيَّاهُ فاستعاذَت بالرحمن منه، حكى هذا مكّي وغيره، وهو ضعيفٌ ذَاهِبٌ معَ التَّخَرُّص»[42].

11- ضَعِيفٌ غيرُ مَعرُوف:

استعمل ابن عطية هذا المصطلح مرةً واحدةً في تفسيره، وذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ: 10]، و﴿أَوِّبِي﴾ معناهُ رَجِّعِي معه؛ لأنه مُضاعَفُ آبَ يَؤُوبُ. فقالَ ابنُ عباس وقتادةُ وابنُ زيد وغيرهم: معناه سَبِّحِي معه، أي: يُسَبِّحُ هو وتُرَجِّعُ هي معه التسبيح؛ أي تَرُدُّ بالذِّكْر، ثم ضُوعِفَ الفعل للمبالغة، وقيل: معناه سِيري معه؛ لأنَّ التَّأويب سَيْرُ النهار، وقالَ مُؤرج: ﴿أَوِّبِي﴾ سَبِّحِي بلُغَةِ الحبشة، وهذا ضعيفٌ غيرُ معروف»[43].

فقد انتقد ابن عطية القولَ بكون معنى ﴿أَوِّبِي﴾ سَبِّحِي بِلِسَانِ الحبشة، وبَيَّن أنّ ذلك غير معروف؛ لأنَّ هذا يَسْتَدْعِي كون اللفظة من المُعَرَّبِ، ولم تُشتَهر معرفة ذلك بين أهل اللغة؛ بل المُشتَهر المعروف أنَّ ﴿أَوِّبِي﴾ بمعنى رَجِّعِي، وأنَّ الجبالَ والطَّيْرَ أُمِرَتْ أَنْ تُرَجِّعَ معه بأصواتها.

12- شَاذٌّ ضَعِيفٌ:

شَاذّ أَصلُهُ مِن (شَذّ) الدالّ عَلَى الانفراد والمُفارَقَة، يُقالُ: شَذَّ الرجُلُ؛ إِذا انْفَرَدَ عن الجماعة أو خالَفهم، ويُقال: شَذَّ عن الكلام: خرجَ عن القاعدة وخالَف القياس، وكذلك كلّ شيء مُنْفَرِد فهو شَاذّ، وكلمةٌ شاذّة[44].

ومصطلح الشاذّ من المصطلحات التي «اشتركت غالبُ علوم الشريعة في استخدامِهِ، وهي وإنِ اتَّفَقَتْ في أصل المعنى؛ إِلَّا أَنَّ بينها تَغايُرًا بَيِّنًا؛ نَظرًا للاختلاف في اصطلاح أصحاب كلّ فنّ»[45]. والشاذّ في التفسير هو: «ما خالَفَ طُرُقَ التفسير المُعتَبَرَة، أو جَرَى عَلَى مذهبٍ عَقَدِيّ باطل، أو خالَفَ إِجماعًا مُستقِرًّا»[46].

وقد رَكَّبَ ابنُ عطيَّة مِن مُصْطَلَحَي (الشاذّ والضعيف) مُصطلحًا مُرَكَّبًا يُفيد ضَعْفَ القول، وغرابتَه، وخُرُوجَهُ عن قواعد التفسير المعتبرة عند أرباب هذا الفنّ. واستخدم ابن عطية مُصطلح (شَاذّ ضَعيف) مرةً واحدةً في تفسيره، وذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 43]،قال: «وقوله: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ الكِتَابِ﴾، قيل: يُريدُ اليهود والنصارى الذين عندهم الكتب الناطقة برفض الأصنام وتوحيد الله تعالى، وقال قتادة: يُرِيدُ مَنْ آمَن مِنهم كعبدِ الله بن سلام، وتميم الداري، وسلمان الفارسي الذين يشهدون بتصديق محمد...، وقيل: يُرِيدُ جِنِّيًّا معروفًا، حكاه النقاش، وهو قولٌ شاذٌّ ضعيفٌ»[47]. والناظر في هذا القول الذي حكم عليه ابن عطية بأنه (شاذٌّ ضعيفٌ) يَبِينُ له مصداقُ ذلك النقد، وعُمْقُ تعبيره عن الخلل الواقع في ذلك القول؛ وذلك أنّ الآية تتناول قضيَّة إنكار الكفار لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلًا من قِبَلِ الله، وأَمْر الله له بأنْ يَرُدَّ عليهم قائلًا: «كَفَى بِاللهِ شهيدًا بِصِدْقِي وكَذِبِكُم، وكَفَتْ شهادةُ مَن عنده علمُ الكتاب من اليهود والنصارى ممن آمَن برسالتي وما جئتُ بهِ مِن عند الله، واتَّبَعَ الحقّ فصرّح بتلك الشهادة ولم يكتمها»[48].

فلا يصلح مع سياق الآية وغرضها أن يكون الشاهد جِنِّيًّا؛ بل هذا يُصَادِمُ مَقصِدَ الآيةِ وغَرَضها.

13- ضَعِيفٌ قَلِيلُ التَّمَكُّنِ:

سبق الكلام عن مصطلح (قَلِيل التَّمَكُّنِ) في مصطلحات الضعيف[49].

14- ضَعِيفٌ لا يَصِحُّ:

استعمل ابن عطية هذا المصطلح مرّتين في تفسيره، وواضح من خلالهما أنه يُرِيدُ بالضعفِ ضَعْفَ المعنى، ويُرِيدُ بنفيِ الصحةِ عَدَمَ ثبوتِ القول عن قائله؛ فالتضعيفُ مُتَّجِهٌ إلى المعنى، ونفيُ الصحةِ مُتَّجِهٌ إلى السَّنَد.

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 35]، قال: «واختُلِفَ في هذه الشجرة التي نهى عنها ما هي؟ فقال ابن مسعود، وابن عباس: هي الكَرْم؛ ولذلك حُرِّمَتْ علينا الخَمْرُ، وقال ابنُ جُرَيْجٍ عن بعض الصحابة: هي شجرة التين...، ورُوي عن ابن عباس أيضًا: (أنها شجرة العِلْم، فيها ثَـمَرُ كلِّ شيء)، وهذا ضعيفٌ لا يصحُّ عن ابن عباس»[50].

15- ضَعِيفٌ لا مَعْنَى لَهُ:

كونُ الكلامِ لا معنى له يعني أنه لغوٌ لا يُعتدّ به ولا يُفيد شيئًا؛ ولذا فانتقاد ابن عطية بهذا المصطلح لقولٍ من الأقوال يعني أنّ هذا القول بِمَنْزِلَةِ اللَّغوِ وسقطِ الكلام الذي لا تحصل منه فائدة؛ لأن غاية القول التفسيري أو غيره أن يُنتِج معنًى مفيدًا، فإذا لم يُحقّق هذه الغاية كان بمنزلة اللغو الذي لا يُحتفَى به، ولا يُعتنَى بمضمونه. وقد استعمل ابن عطية هذا المصطلح: (ضعيفٌ لا مَعنى لَه) مرة واحدة في تفسيره، عند الكلام عن قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: 112]، قال: «وأمّا هذه الواو في قوله: ﴿وَالنَّاهُونَ﴾ ولم يتقدّم في واحدة من الصفات قَبْلُ؛ فقيل: معناها الربط بين هاتين الصِّفَتين، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ إذ هُما مِن غَيرِ قَبِيلِ الصفاتِ الأُوَلِ. قال القاضي أبو محمد: لأنَّ الأُوَلَ فيما يخصّ المرء، وهاتان بينه وبين غيره، ووَجَبَ الربط بينهما لتلازمهما وتناسبهما، وقيل: هي زائدة، وهذا قول ضعيفٌ لا معنى له»[51].

16- ضعيفُ المعنى:

استخدم ابن عطية هذا المصطلح مرّة واحدة، عند انتقاده بعضَ الأقوال الواردة في سبب قول زكريا -عليه السلام-: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ [آل عمران: 40]، قال: «اختلفَ المفسِّرون لِـمَ قال زكريا: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾... ذهب الطبري وغيره إلى أنّ زكريا لـمّا رأى حال نفسِه وحال امرأته، وأنها ليست بحال نَسْلٍ؛ سَأَلَ عن الوجه الذي به يكون الغلامُ: أَتُبدِّل المرأةُ خِلْقَتَها أم كيف يكون؟ وهذا تأويل حَسَنٌ لائقٌ بزكريا عليه السلام، وقال مكّي: وقيل: إنما سَأَلَ لأنهُ نَسِيَ دعاءَهُ لطول المُدَّةِ بين الدعاء والبشارة، وذلك أربعون سنة، وهذا قولٌ ضعيفُ المعنى»[52].

وضعفُ معناه ظاهر، وذلك أنّ حال زكريا -عليه السلام- في ذلك الوقت من الضعف والوهن، والرغبة في ولدٍ يلي أمور النبوّة والدعوة، وما في النفس من شدةِ الشَّغَفِ الفِطْرِي بالولد، وغير ذلك ممَّا يَأْبَى أَنْ يَنْسَى الإنسان مثل ذلك.

17- ضعيفٌ مِن جِهَةِ المَعنَى:

هذا المصطلح استخدمه ابن عطية لبيان ضعف المعنى الذي تضمّنه القول، وهو مقارب للمصطلح السابق (ضعيف المعنى)، وقد وقع استخدامه في نقد أقوال المفسِّرين مرّتين في تفسير ابن عطية. وابن عطية بتخصيصه الضعف بكونه من جهة المعنى؛ يلفتُ النظر إلى أنّ الأصل في القول التفسيري صحة معناه؛ فإنْ صحّ المعنى كان صحيحًا مقبولًا حتى وإنْ ضَعُفَ سنده لقائله، فَضَعْفُ سَندِهِ لا يُؤَثِّرُ فِي صحة معناه، وإن كان معناه ضعيفًا كان مردودًا ولو صحّ سنده لقائله. وسأكتفي بالتمثيل بموطن واحدٍ من مواطن وُرُودِ هذا المصطلح، وهو ما أَوْرَدَهُ ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: 106]، قال: «والعامل في قوله ﴿يَوْمَ﴾ الفعل الذي تتعلق به اللام في قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: 105]؛ قال الزجّاج: تقديره: وَيَثْبُتُ لهم عذابٌ عظيم، وقال قوم: العامل فيه ﴿عَظِيمٌ﴾. قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-: وذلك ضعيفٌ من جهةِ المعنى؛ لأنه يقتضي أنَّ عِظَمَ العذاب في ذلك اليومِ»[53].

18- ضَعِيفٌ مِن جِهَةِ اللَّفْظِ:

استعمل ابن عطية هذا المصطلح مرّةً واحدةً في تفسيره، عند تعرُّضه لبيان قول الله تعالى لعيسى -عليه السلام-: ﴿إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِليَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: 55]، قال: «المعنى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ في آخِرِ أمْرِكَ عند نُزُولِكَ وَقَتْلِكَ الدَّجَّالَ؛ ففي الكلام تقديمٌ وتأخير...، ووقع في كتاب مكّي عن قوم: أَنَّ معنى مُتَوَفِّيكَ: مُتَقَبِّلٌ عَمَلَكَ، وهذا ضعيفٌ مِن جِهَةِ اللفظ»[54].

وقد أسّس ابن عطية انتقادَهُ عَلَى الضعف من جهة اللفظ؛ أنّ لفظة (مُتوفِّيكَ) لا تُعطِي أبدًا معنى: مُتَقَبِّلٌ عَمَلَكَ؛ ولذا فَضَعْفُ هذا القول إنما هو من جهة أنّ لفظ الآية لا يُعطِي بحالٍ من الأحوال هذا المعنى.

19- ضعيفٌ جدًّا:

استعمل ابن عطية هذا المصطلح الذي يدلُّ عَلَى كون القول في غاية الوهاء والضعف في انتقاد بعض أقوال المفسِّرين، وورد هذا المصطلح مرَكَّبًا في خصوص النقد التفسيري في ثلاثة مواطن، وكلّها تشترك في كون الأقوالِ المُنتقَدَةِ بها بَيِّنٌ خَطؤها وتهافتها لكلِّ ناظر.

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿قُل لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: 58]، قال: «المعنى: لو كان عندي الآياتُ المقترحة أو العذاب -عَلَى التأويل الآخر-؛ لقُضِيَ الأَمْرُ، أي: لوقع الانفصال وتمّ التنازع لظهور الآية المقترحة، أو لنَزَلَ العذاب بحسب التأويلَيْن...، وقال بعض الناس معنى: ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أي: لَذُبِحَ الموتُ. قال القاضي أبو محمد -رضي الله عنه-: وهذا قول ضعيف جدًّا؛ لأنَّ قائله سمع هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ [مريم: 39]؛ وذَبْحُ الموتِ هنا لائِقٌ، فَنَقَلَهُ إِلَى هذا الموضع دون شَبَهٍ، وأسند الطبري هذا القولَ إِلَى ابنِ جُرَيْجٍ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بهذه السورة، والظنُّ بابن جريج أنه إنما فَسَّر الذي في يوم الحَسْرَةِ»[55].

20- ضعفٌ في فهمِ معنى الكلام:

واضح من هذا المصطلح أنّ الانتقاد ليس موجهًا فيه بالدرجة الأُولى للقول، ولكنه مُوَجَّهٌ بالدرجة الأُولى للمفسِّر أو القائل، بكونه وقعَ له ضعفٌ في فهم المعنى المراد من الآية، ومِن لازمِ ذلك نقدُ المعنى الذي حصل فيه ضعفُ فهمٍ للمفسّر، وإنما قَصَدتُ بذِكْر ذلك أن هناك نوعًا من التغايُر بين هذا المصطلح وما سبقه من مصطلحات؛ ووجه ذلك أنّ هذا المصطلح جَمَعَ بين تضعيفِ القول وتضعيفِ قائله. وانتقادُ الخطأ فيه تابعٌ لانتقاد المفسِّر؛ لكون هذا الخطأ ليس له سبب يُوقِع فيه إلا ضعف فهم معنى الكلام. وقد استخدم ابن عطية هذا المصطلح مرةً واحدةً، عند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، قال: «قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ﴾ عبّر عنه بعضُ الناس بأنّ صفة عيسى...، وقَرَنُوا ذلك بقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ [الرعد: 35]؛ قالوا: معناه صفةُ الجنة. وهذا عندي ضعفٌ في فهمِ معنى الكلام؛ وإنما المعنى: أنّ المثل الذي تتصوره النفوس والعقول من عيسى هو كالمُتَصَوَّرِ مِن آدم عليه السلام؛ إذ الناس كلّهم مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ اللهَ تعالى خَلَقَهُ مِن ترابٍ من غيرِ فَحلٍ، وكذلكَ مثل الجنة عبارة عن المُتَصَوَّرِ مِنهَا»[56].

21- في غايةِ الضعف:

هذا المصطلح النقدي استعمله ابن عطية مرّتين في خصوص نقد أقوال المفسِّرين، وهو واضح الدلالةِ عَلَى كون القول المُنتَقَدِ بهِ في غاية الوهن والوهاء، وأنَّ الضعف قد تمكّن منه غايةَ التَّمَكُّن.

ومن أمثلته: ما ذكره ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم: 32]، قال: «وفي قصص هذه الآية عن ابن زيد وغيره: أنهم لمّا سمعوا كلامَ عيسى -عليه السلام- أذعَنُوا، وقالوا: إِنَّ هذا لأمرٌ عظيم...، وقالت فِرقةٌ: إنَّ عيسى -عليه السلام- كان أُوتي الكتاب وهو في ذلك السنّ، وكان يَصُومُ ويُصَلِّي. وهذا في غاية الضعفِ، مُصَرِّحٌ بِجَهَالَةِ قائله»[57].

رابعًا: قَضَايَاهُ:

مِن أبرزِ القضايا التي ارتبطت بمصطلح الضعيف عند ابن عطية =العِللُ التي أسّس ابن عطية انتقاده للأقوال عليها. ومعرفة تلك العِلَل لها أهمية بالغة في نقد التفسير؛ إِذْ بواسطتها يتمّ التعرفُ عَلَى مَنابعِ الخطأ، وأسبابِ حصوله، وطرقِ استكشافه، وكيفيةِ تلافيه، كما أنّ هذه العِلل تطبع النقد بطابع القوة؛ لكون الحكم النقدي مقترنًا بعلّته مما يدفع عنه شبهة الهوى والتعصّب. وسأسردُ أبرز تلك العلل، ثم أذكرُ تحت كلِّ عِلَّةٍ منها عبارةً لابن عطية فيها التصريح بالعلة، دون التعرّض لنقاش تلك العبارات والأمثلة التي اندرجت تحتها؛ إذ الهدف إبرازُ العِلل التي بنَى عليها انتقادَه لا غير؛ وهي:

1- مُخالَفةُ القولِ للقرآن:

قال ابن عطية: «وهذا ضعيفٌ، يردُّه: ﴿وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [يوسف: 67]؛ فإنَّ ذلكَ لا يَتَرَكَّبُ عَلَى هذا المقصِدِ»[58].

2- مخالفةُ القولِ للسُّنة:

قال ابن عطية: «... وهو قولٌ ضعيفٌ مُنَكِّبٌ عن الأحاديث المأثورة مُطَّرِحٌ لها»[59]. «وهذا ضعيفٌ، يردُّه حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم»[60].

3- مُخالفةُ دلالةِ السياق:

قال ابن عطية: «وهذا القول وإن كانت ألفاظ هذه الآية تَقتَضِيهِ؛ فما قبلها وما بعدها يردُّهُ ويَتبرَّأُ مِنه، ويَـختَلُّ أسلوبُ القولِ به»[61].

4- اختلال براعة معنى الآية:

قال ابن عطية: «وهذا قولٌ ضَعيف؛ لأنَّ براعةَ معنى الآيةِ تختَلُّ به»[62].

5- لكون رصف الكلام واتساق المعنى يَأْبَاهُ:

قال ابن عطية: «وهذا ضعيفٌ يَأْبَاهُ رَصْفُ الكلامِ وَاتْسَاقُ المعنى»[63].

6- مُخالَفةُ القول لدلالة اللفظ:

قال ابن عطية: «وهذا قولٌ ضعيف، ولفظ الآية لا يُعطيه»[64].

7- مُخالفة القول للواقع:

قال ابن عطية: «... وحكى الطبري أنه أراد بذلك العربَ خاصّة. وهو ضعيف؛ لأنّ دعوته ظهرت في العرب وفيمن آمَن مِن غيرهم»[65].

8- مُخالفة القول لدلالة التاريخ:

قال ابن عطية: «... وهذا ضعيف؛ لأنّ الآيَةَ نَزلَتْ عَقِبَ بَدْرٍ»[66].

9- قيام القرائِنِ الدالَّةِ عَلَى ضعفِ القَولِ:

قال ابن عطية: «... وهذا القولُ وإن كانَ تَعَلُّقُهُ بِاللُّغَةِ بَيِّنًا؛ فَضَعِيفٌ لأنّ اقترانَ الليلِ بالمُستَخفِي، والنهارِ بالسَّارِبِ؛ يَرُدُّ عَلَى هذا القول»[67].

10- غرابة القول وافتقاره لدليل يدلّ عليه:

قال ابن عطية: «... وما أدخَلَ النقّاشُ مِن وطءِ الجنّ وأنه يُحبِلُ المرأةَ من الإنسان؛ فضعيفٌ كلّه»[68].

11- كون المعنى ليس مقصودًا بالآية:

قال ابن عطية: «وهذا ضعيف؛ لأنه يقتضي أنَّ الآية في مُنافِقِينَ، والآيةُ إنما هي في كفّارٍ يُعْلِنُونَ مِثْلَ مَا يُبْطِنونَ»[69].

12- إفسادُ القُولِ لِفَصاحَةِ الكلام:

قال ابن عطية: «وهذا ضعيف؛ لأنه يُفْسِدُ فَصاحَةَ الكلام»[70].

13- أنْ لا يَذْكُرَهُ أَحَدٌ مِن أهلِ العلم:

قال ابن عطية: «وهذا ضعيف، لم يَذْكُره أَحَدٌ من العلماءِ بالسِّيرة»[71].

14- معارضة القول لبعض مقرّرات الشريعة:

قال ابن عطية: «وهذا قولٌ ضعيف تُعارِضُهُ مَواضِعُ مِن الشريعة»[72].

15- كونُ القَولِ مُخالِفًا لقولِ مَن شَهِدَ وَقَائِعَ النُّزُولِ:

قال ابن عطية: «وقيل: معنى ﴿خُلِّفُوا﴾ [التوبة: 118]؛ أي: عن غزوة تبوك، قاله قتادة؛ وهذا ضعيفٌ، وقد رَدَّهُ كَعبُ بنُ مالكٍ بنفسِه»[73].

16- تَضَمُّنُ القَولِ لِما فيه ذمٌّ للصحابة:

قال ابن عطية: «وقولُهُ تعالى: ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [الفتح: 18]؛ قال قَومٌ: معناه: مِن كَرَاهَةِ البَيْعَةِ عَلَى الموت ونحوه، وهذا ضعيف؛ فيه مَذَمَّةٌ للصحابة»[74].

17- مُخالَفَةُ القَولِ لِمَقْصِدِ الآية:

قال ابن عطية: «وهذا ضَعِيفٌ خَفِيَ عَلَى قَائِلهِ مَقْصِدُ الآية»[75].

خامسًا: المجالات التي انتُقِدَتْ بمُصْطَلَحِ الضَّعَفِ ومُشْتَقّاتِهِ:

بعد تتبُّع المواطن التي استعمل فيها ابن عطية مصطلح (الضَّعف) ومشتقاته؛ بغية الوقوفِ عَلَى المجالات التي استخدم ابن عطية فيها هذا المصطلح في خصوص النقد التفسيري =ظهرَ لِي أَنَّ الأنواع الكُلِّية الكبرى التي استخدم ابن عطية فيها هذا المصطلح، هي:

1- التفسير:

والمقصود به ما نقَله من أقوالِ أهل العلم في بيان معاني الآيات، وقد كان هذا النوع أكثر استئثارًا بالمصطلحاتِ النقدية عامّةً، ومصطلحِ الضعيف خاصةً، والأمثلة عليه كثيرة جدًّا، يُغنِينا عن ذِكر شيء منها وجودُها في كثير مما سبق التمثيل به في مباحث الرسالة.

2- الفهم الخاطئ لِقَولِ المُفَسِّرِ:

من المجالات التي استخدم ابن عطية فيها مصطلح الضعف ومشتقاته =فهمُ أقوال المفسِّرين على غير وجهِهَا والمرادِ منها.

ومن أمثلة ذلك: انتقاده بمصطلح (الضعيف) لِمَنْ فَهِم قولَ عكرمة في تفسير الجَهالَةِ مِن قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ [النساء: 17]، قال: «وقال عكرمة: أمورُ الدنيا كلُّها جَهالة. قال القاضي أبو محمد: يُرِيدُ الخاصّةَ بها الخارجةَ عن طاعة الله، وهذا المعنى عندي جارٍ مع قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَـهْوٌ﴾ [محمد: 36]، وقد تَأوَّل قومٌ قولَ عكرمة بأنه للذين يعملون السوء في الدنيا. قال القاضي أبو محمد: فكأنَّ (الجهالة) اسم للحياة الدنيا، وهذا عندي ضعيف»[76].

3- الاستنباط:

الاستنباط: استخراج ما خفي من النصّ بطريق صحيح[77]وقد كان الاستنباط أحد المجالات التي استخدم ابن عطية فيها مصطلح الضعف ومشتقّاته، مبينًا ضعف تلك الاستنباطات وتهافتها.

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ [إبراهيم: 22]، قال: «ومعنى قوله: ﴿فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾، أي: رَأَيْتُم ما دَعَوْتُكُم إليهِ بِبَصِيرَتِكُم واعتقَدتُمُوهُ الرَّأْي، وأتَى نظركم عليهقال القاضي أبو محمد: وذكرَ بعضُ الناس أنَّ هذا المكانَ يَبْطُلُ مِنه التقليد، وفي هذه المقالة ضعف عَلَى احتمالها، والتقليدُ وإنْ كانَ بَاطِلًا فَفَسَادُهُ مِن غير هذا الموضع»[78].

كان هذا تطوافًا في مصطلح الضعيف عند ابن عطية وأبرز قضاياه ومتعلّقاته؛ أرجو أن أكون وُفِّقْتُ في عرضها وبيانها، والله من وراء القصد.

 

[1] هذه المقالة من كتاب (الصناعة النقدية في تفسير ابن عطية)، الصادر عن مركز تفسير سنة 1437هـ= 2016م، ص389 وما بعدها. (موقع تفسير).

[2] ينظر: تهذيب اللغة (1/ 482)؛ معجم مقاييس اللغة (3/ 362)؛ لسان العرب (4/ 2587)؛ المعجم الوسيط (1/ 540) [مادة ضعف].

[3] المعجم الفلسفي، لجميل صليبا (1/ 760) بتصرف يسير.

[4] المصطلح الأصولي عند الشاطبي، د. فريد الأنصاري، ص112.

[5] ينظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس (3/ 219)؛ المعجم الوسيط (1/ 570) [مادة صح].

[6] المحرر الوجيز (5/ 356)، وينظر أمثلة أخرى (6/ 505، الشعراء: 195)، (2/ 552، النساء: (38) (8/ 68، الذاريات: 19).

[7] المحرر الوجيز (1/ 258، 259).

[8] المحرر الوجيز (2/ 115)، وينظر: (6/ 137، طه 115).

[9] المعجم الوسيط (2/ 1016) [مادة وجه].

[10] المحرر الوجيز (6/ 180).

[11] المحرر الوجيز (3/ 355).

[12] المحرر الوجيز (7/ 676) باختصار.

[13] المحرر الوجيز (7/ 676) باختصار.

[14] المحرر الوجيز (1/ 486).

[15] ينظر: التعريفات، ص177؛ لسان العرب (4/ 2519) [مادة صوب].

[16] المحرر الوجيز (3/ 285).

[17] المحرر الوجيز (8/ 331).

[18] ينظر: معجم مقاييس اللغة (1/ 170)؛ لسان العرب (1/ 204).

[19] ينظر المحرر الوجيز (5/ 67، 68).

[20] ينظر المعجم الوسيط (1/ 337)؛ لسان العرب (3/ 172) [مادة ردد].

[21] المحرر الوجيز (7/ 208).

[22] مفردات القرآن، للراغب الأصفهاني، ص721.

[23] المحرر الوجيز (3/ 546)، طبعة دار الكتب العلمية.

[24] التفسير الميسر، إعداد نخبة من العلماء، ص304.

[25] ينظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج (3/ 257).

[26] المحرر الوجيز (2/ 363، آل عمران: 139).

[27] المحرر الوجيز (6/ 7، مريم: 4).

[28] المحرر الوجيز (8/ 136، 137).

[29] المحرر الوجيز (4/ 264).

[30] مقاييس اللغة (4/ 490)؛ لسان العرب (5/ 3391) [مادة فرط].

[31] المحرر الوجيز (4/ 52).

[32] ينظر: تهذيب اللغة (4/ 405)؛ لسان العرب (2/ 796) [مادة حدث].

[33] النَّزْو: الوَثَبان، ومنه نَزْوُ التيس، ولا يقالُ إلا للشّاء والدوابّ والبقر في معنى السِّفاد. ينظر: تهذيب اللغة (13/ 258).

[34] المحرر الوجيز (5/ 503: 505) باختصار.

[35] ينظر الشيعة الاثنا عشرية ومنهجهم في تفسير القرآن الكريم، لمحمد إبراهيم العسال، ص195.

[36] ينظر: تفسير القرطبي (13/ 115)؛ تفسير ابن كثير (9/ 38)؛ التحرير والتنوير (6/ 148)؛ أضواء البيان (3/ 440).

[37] ينظر: تهذيب اللغة (6/ 352)؛ مقاييس اللغة (6/ 89) [مادة وجه].

[38] المحرر الوجيز (5/ 473، 474).

[39] لسان العرب (5/ 3643).

[40] المحرر الوجيز (5/ 473).

[41] تهذيب اللغة (7/ 130) [مادة خرص].

[42] المحرر الوجيز (6/ 17).

[43] المحرر الوجيز (7/ 161).

[44] ينظر: تهذيب اللغة (11/ 271)؛ مقاييس اللغة (3/ 139)؛ المعجم الوسيط (1/ 476).

[45] الأقوال الشاذة في التفسير، د/ عبد الرحمن بن صالح الدهش، ص21.

[46] الأقوال الشاذة في التفسير، ص24.

[47] المحرر الوجيز (3/ 320) ط: دار الكتب العلمية.

[48] التفسير الميسر، ص255.

[49] ينظر المصطلح رقم (5).

[50] المحرر الوجيز (1/ 183)، وينظر الموطن الآخر (2/ 221، آل عمران: 45).

[51] المحرر الوجيز (4/ 420).

[52] المحرر الوجيز (2/ 212، 213).

[53] المحرر الوجيز (2/ 313)، ينظر الموطن الآخر: (4/ 547) (هود: 11).

[54] المحرر الوجيز (2/ 237).

[55] المحرر الوجيز (3/ 375)، وانظر الموضعين الباقيين (1/ 86 الفاتحة: 6)، (4/ 160، الأنفال: 20).

[56] المحرر الوجيز (2/ 240، 241).

[57] المحرر الوجيز (6/ 31)، وينظر الموطن الآخر (6/ 371، النور: 28).

[58] المحرر الوجيز (5/ 117، يوسف: 67).

[59] المحرر الوجيز (4/ 86، الأعراف: 172).

[60] المحور الوجيز (5/ 142، يوسف: 88).

[61] المحرر الوجيز (4/ 268، التوبة: 9).

[62] المحرر الوجيز (1/ 259 البقرة: 74).

[63] المحرر الوجيز (1/ 154، البقرة: 26).

[64] المحرر الوجيز (2/ 115 البقرة: 282).

[65] المحرر الوجيز (1/ 350، البقرة: 128).

[66] المحرر الوجيز (4/ 158، الأنفال: 17).

[67] المحرر الوجيز (5/ 184، الرعد: 10).

[68] المحرر الوجيز (5/ 510، الإسراء: 64).

[69] المحرر الوجيز (2/ 329، آل عمران: 117).

[70] المحرر الوجيز (2/ 602، النساء: 73).

[71] المحرر الوجيز (3/ 234، المائدة: 82).

[72] المحرر الوجيز (4/ 242، الأنفال: 69).

[73] المحرر الوجيز (4/ 430، التوبة: 118).

[74] المحرر الوجيز (7/ 679، الفتح: 18).

[75] المحرر الوجيز (8/ 292، الصف: 4).

[76] المحرر الوجيز (2/ 495).

[77] منهج الاستنباط من القرآن الكريم، ص44.

[78] المحرر الوجيز (5/ 240).

الكاتب

الدكتور محمد صالح سليمان

دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن- جامعة الأزهر، ومدير الشؤون العلمية بمركز تفسير، أشرف على عدد من المشروعات العلمية المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))