قراءة في كتاب
(حماية الفكر في القرآن الكريم؛ دراسة موضوعية)
تأليف: أحمد محمد الفريح

الكاتب : مصطفى فاتيحي
اعتنى كتاب (حماية الفكر في القرآن الكريم؛ دراسة موضوعية‏‏) بتسليط الضوء على اهتمام القرآن الكريم بالأمن الفكري باعتباره المرجعية والمنطلق لمعالجة الآفات السلوكية في الفعل ‏والتصرف، وهذه القراءة تُعرّف بهذا الكتاب، وتستعرض أهدافه ومحتوياته، وأبرز مميزاته، وأهم الملحوظات حوله.

تقديم:

  بقدر ما تتفاقم الإشكالات الفكرية والتصوّرية بقدر ما يحتاج الباحث المسلم إلى الرجوع إلى المصادر المؤسِّسة والبانية لفكره، من أجل تسديد الوجهة وإنهاج الرؤية، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الكتابات التي اهتمت بالأمن الفكري باعتباره المرجعية والمنطلق لمعالجة الآفات السلوكية والعاهات في الفعل والتصرف، ذلك ما نجده في كتاب (حماية الفكر في القرآن الكريم؛ دراسة موضوعية)[1] لأحمد محمد الفريح[2].

وتكمن القيمة العلمية للكتاب من جهة أهمية موضوعه وراهنيته، ومن جهة تناوله الموضوعي من خلال القرآن الكريم بالنظر إلى أهمية القراءة الموضوعية النسقية التي تنتظم في كليات جامعة ومؤسّسة. وذلك ما تهدف إلى بيانه هذه المقالة، من خلال الوقوف عند مقاربة الكاتب للموضوع والإضافة النوعية التي قدّمها، ومنهجية معالجة الإشكال الرئيس، وبيان إمكانات الإفادة مما توصّل إليه المؤلِّف والبناء عليه واستئناف النظر من حيث انتهى.

- محتويات الكتاب:

انتظمت قضايا الكتاب في تمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.

أمّا التمهيد فقد تضمّن تعريف الفكر وتعريف التفكير والفرق بينهما، وكذا أهمية التفكير، انطلاقًا من أهمية المدخل المفاهيمي في تحديد وجهة الموضوع والوفاء بمقتضيات ذلك التحديد.

وفي الفصل الأول: تناول المؤلِّف ما يجب اجتنابه لحماية الفكر؛ كتعطيل الفكر وتقليد الأسلاف، وبيان أهمية الحذر من صحبة السوء والاغترار بهم، وكذا القول على الله بغير علم والاغترار بما عليه أهل الكفر والانبهار به.

وفي الفصل الثاني: عالج الأمور التي ينبغي التزامها لحماية الفكر من خلال التطرق لقضايا وعناصر أساسية، من أهمها: إعمال العقل والبُعد عن الظنّ والتسلّح بالعلم الشرعي والثبات على الحقّ والبعد عن التقليد المذموم. بالإضافة إلى ردّ الحكم إلى الله والرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الاختلاف من خلال القرآن الكريم، مشيرًا إلى أهمية التربية الإيمانية والدعاء بالثبات.

وفي الفصل الثالث: عالج آثار حماية الفكر، سواءٌ على الفرد أو المجتمع، ثم ختم الكتاب بنتائج وتوصيات.

- هدف الكتاب: نصّ المؤلِّف على هدف الكتاب، والمتمثل في الآتي:

- بيان وجوه عناية القرآن الكريم بالفكر وضبطه.

- إبراز دور القرآن الكريم في حماية الفكر وتقويمه.

- بيان الأمور التي ينبغي اجتنابها لحماية الفكر؛ للابتعاد عنها.

- الوقوف على الأمور التي يجب التزامها لحماية الفكر، والتمسّك بها؛ فهي النجاة في الدنيا والآخرة.

- الخروج بدراسة تأصيلية لهذا الموضوع مستوعبة لجميع جوانبه مستندها الوحي؛ للعمل بها في ضوء التأويل عند أهل العلم من المفسِّرين[3].

- منهج الكتاب:

صرّح الباحث بذلك من خلال قوله: تقتضي طبيعة البحث أن أتبع المناهج العلمية الآتية:

- المنهج الاستقرائي.

- المنهج الاستدلالي.

- المنهج الاستنباطي.

- المنهج الوصفي.

ويسير البحث وَفق قواعد التفسير الموضوعي المتعارف عليها عند أهل الفنّ من خلال جمع واستقراء الآيات الواردة في حماية الفكر، ومسلك هذا البحث يتمثّل فيما يأتي:

- الحرص على أن يكون البحث معتمدًا على ما ورد في الكتاب والسنّة الصحيحة، ومستشهدًا على ما أورده بالآيات والأحاديث الثابتة الصحيحة.

- اتّباع منهج التفسير التحليلي في بحث كلّ جزئية، مكتفيًا في ذلك بما يتحقّق به القصد، والاستشهاد له[4].

- إشكالية الكتاب:

معالجة خطورة الفكر المنحرف، والاستدلال على أنه لا يمكن للإنسان أن يتداركه إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إِذْ من الصعب علاج السلوك دون الانتباه إلى ما يُنْتِج ذلك السلوك.

وتتطلب معالجة هذا الموضوع الكشف عن الأمور التي يجب اجتنابها لصيانة الفكر، ثم الأمور التي ينبغي التحلِّي بها لتحصين النفس من الوقوع في الأفكار المنحرفة؛ لذلك بَيَّن المؤلِّف في الفصل الأول: ما يجب اجتنابه لحماية الفكر، ومن ذلك:

آفة التقليد التي هي من أخطر الآفات باعتبار التقليد قبولًا لقول غيرنا بلا حُجّة ولا دليل، كما جاء عن الجرجاني.

ولقد ذمّ القرآنُ الكريم الكفارَ في تقليدهم لآبائهم وأسلافهم فيما هم عليه من الكفر والشِّرك بالله[5].

وقد كان التقليد هو الحائل بينهم وبين اتّباع الهدى وتعقله وأخذ الفرصة الكاملة لإدراك ما جاء فيه، والصورة -كما يرى المؤلِّف- تتكرّر في بعض المذاهب والجماعات من تعطيل الفكر، وتقليد الزعماء أو الرؤساء أو السادة دون تفكير وتحرٍّ للعقل، وكلما رأى الإنسان ذلك يدرك نعمة الإسلام الذي هداه الله إليه، فكم من البشر وقعوا في هذا المستنقع الخطير -وهو التقليد- دون النظر والتفكير. وهنا ينبّه المؤلِّف إلى أهمية الاستمساك بالقرآن الكريم من أجل تجنب هذه الآفة والنجاة من آثارها[6]. ومن آثار التقليدِ المُهلكةِ التعصبُ المقيت للرأي، والترفّعُ والكِبْرُ عن قبول الحقّ، وردُّه.

كما أنّ مما يجب اجتنابه لحماية الفكر من الانحراف والذي أكّد القرآن الكريم عليه =القولُ على الله بغير الحقّ؛ ولذا حرّم الله -عز وجل- على العبد أن يقول عليه، أو على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس له به علم، أو يتكلّم أو يُفتي في دين الله سبحانه، بغير علم...، فالقول على الله بغير علم لا ينبغي التساهل فيه، بل هو من أخطر الأمور على فكر الإنسان وأمن المجتمع، وهي رسالة إلى كلّ من تحت يده من الناشئة كالمربي والمعلم، أو من تحت يده من عامة الناس: كالخطيب في جامعته والكاتب في صحيفته، والمعلّم مع تلاميذه =الحذر أشد الحذر من التقوّل على الله بغير علم، أو التساهل في إصدار الفتوى والتسرع فيها دون نظر وتفكير؛ لما يترتب عليها من آثار خطيرة تضر بالفرد والمجتمع، وكم أدَّت بعض الفتاوى المبنية على أساس خاطئ إلى ضياع الشباب، بل الأُمّة والمجتمع[7].

ولمّا تبيَّنَت الأمور التي يجب اجتنابها من خلال القرآن؛ انتقل المؤلِّف إلى معالجة الأمور التي ينبغي التحلِّي بها، فجعل الفصل الثاني يدور حول: الأمور التي ينبغي التحلي بها لحماية الفكر، وقد تعرّض إلى ما يأتي:

- إعمال العقل والبُعد عن الظنّ، وفي هذا الصدد حاول المؤلِّف أن يعرض المعاني المختلفة للظنّ في القرآن الكريم، مركِّزًا على الظنّ الذي يقود إلى الضلال في العقائد نتيجة فساد التأمل، وسرعة الإيقان، وعدم التمييز بين الدلائل الصائبة والدلائل المشابهة، وكلّ ذلك يفضِي إلى الوهم المعبّر عنه بالظنّ السيئ، أو الباطل، وقد ذكر اللهُ مثله في المنافقين وأنّ ظنّهم هو ظنّ أهل الجاهلية، فقال: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾[آل عمران: 154][8].

ويرتبط بذلك ويعضده التسلحُ بالعلم الشرعي، والتفقّهُ في الدين، مبينًا أن كلمة التفقه وردت في عشرين موضعًا من القرآن، تسعة عشر منها تدلّ على أن المراد به نوع خاصّ من دقّة الفهم، والتعمّق في العلم، الذي يترتب عليه الانتفاع به[9].

ثم بيّن أهمية الثبات على الحقّ والبُعد عن التقليد المذموم؛ ذلك أنّ من أعظم نعم الله سبحانه على العبد هو الثبات على المنهج الحقّ، والاستقامة على الصراط المستقيم وشرعه العظيم وطريقه الموصل إلى جناته ورضوانه...، فالثبات على الأفكار الصحيحة الموافقة لهدي كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- من أعظم النّعم، كما أنّ خطورة الزيغ في الأفكار من أشد النقم[10].

ولمّا بيّن المؤلِّف منهج القرآن في حماية الفكر، أراد أن يكشف عن آثار التزام ذلك المنهج القرآني على الفرد والمجتمع، وثمار صيانة الفكر من خلال القرآن؛ فجاءت معالجة الفصل الثالث لآثار حماية الفكر، وقد تعرّض لما يأتي:

أنّ من أعظم الآثار الناتجة لحماية الفكر على الفرد هو وجود الأمن، وهو أعظم النعم؛ فنعمة الأمن لا تعدلها أيّ نعمة[11].

وأهم أنواع الأمن هو الأمن الفكري، فسليم الفكر موفّق للخير والصلاح في الأقوال والأفعال[12].

ومِن آثار حماية الفكر على الفرد حبُّ العمل وتركُ الأثر الجميل.

وإذا تحقّقت آثار حماية الفكر على الفرد تحقّقت على المجتمع؛ ذلك أن الأمن في الأوطان والسلامة في الأبدان أكبر نعمة، وأعظم مطلب تسعى إلى تحقيقه الأمم والشعوب، ويطمح إليه الأفراد والجماعات على مَرّ العصور. ومن آثار ذلك أيضًا الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، واجتماع الكلمة ونبذ الفُرقة والاختلاف.

أ- أبرز مزايا الكتاب:

أولًا: تقديم دراسة موضوعية حول قضية مهمّة وهي حماية الفكر، والتأصيل لها من القرآن الكريم، وقد نأَى المؤلِّف إلى حدّ بعيد عن الإسقاط؛ لأن مثل هذه الموضوعات يغلب عليها طابع التعسّف في لَيّ أعناق النصوص لتوافق ما تم تقريره سلفًا، فيقع كثير من الكُتّاب في محظورات عديدة، وهو ما نجا منه المؤلِّف إلى حدٍّ كبير.

وكم هو ناجع ومفيد أن يعمد الباحثون إلى جمع القضايا الفكرية والعلمية في القرآن الكريم لتنتظم في كليات وأنساق يسهل تناولها واستثمارها وتحقيق قدر من التراكم العلمي والمنهجي، بحيث تتضافر جهود الباحثين فيبني اللاحقون على أعمال مَن سبقهم. هذا فضلًا عن الأهمية العلمية للتناول الموضوعي؛ لأنه يحافظ على المعاني القرآنية داخل بنية النصّ والخطاب.

ثانيًا: سلامة الأسلوب والبعد عن التقعّر والتعقيد؛ إِذْ نلاحظ في مثل هذه الموضوعات أن ينحو غالب الكُتّاب إلى الإلغاز في العبارة والإكثار من الإشارة حتى يوهموا القارئ بالعمق، فيكون ذلك حائلًا دون تداول الكتب لدى الجمهور والفئات المقصودة.

ثالثًا: تكامل عناصر الكتاب وانسجامها من التحديد الاصطلاحي للفكر والتفكير وبيان أهمية الفكر، إلى تناوُلِ ما يجب تجنّبه وما يجب الحرص عليه، إلى بيان آثار حماية الفكر.

رابعًا: التزام الكاتب بالقضية المحورية للكتاب والانضباط لها وتجنّب كثرة الاستطرادات وتشقيق الأقوال والقضايا الفرعية.

خامسًا: حضور الشخصية العلمية للمؤلِّف وعدم الاستسلام للنقولات والاستشهادات.

سادسًا: البحث غنيّ بالمصادر المؤسِّسة للموضوع، سواءٌ القديمة أو الحديثة.

سابعًا: يمكن اعتبار الكتاب ضمن الكتابات الجادة المعاصرة التي تسعى إلى تجديد الدراسات القرآنية المعاصرة، عبر ربطها بقضايا راهنة والسعي إلى الإجابة عن تحديات فكرية ومنهجية وتصورية.

ب- أبرز الملحوظات على الكتاب:

بالرغم من مزايا الكتاب إلا أنه تَرِد عليه جملة من الملحوظات:

أولًا: صرَّح المؤلِّف باعتماده على مجموعة من المناهج (الاستقرائي والاستدلالي والاستنباطي والوصفي)، ولكن لم تظهر بشكلٍ جلي في متن الكتاب أثناء تناول القضايا التي تستلزم إعمالها؛ من ذلك عدم تبرير المؤلِّف وبيانه لمستنده في حصر المسائل التي يجب تجنبها لحماية الفكر والأمور التي يجب العمل بها. هل كان ذلك نتيجة استقراء تام أو ناقص للقرآن الكريم؟ أو أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد ترجيح واختيار؟

ثانيًا: أثناء تحديد الكاتب لمفهوم الفكر، لم يحرص على بيان المفهوم القرآني له، واكتفى بذكر تعريفاته الرائجة، وكان حَرِيًّا باستنباط تعريف له من خلال تتبّع موارده في القرآن الكريم. ونفس الأمر ينسحب على الأمن الفكري[13].

ثالثًا: أثناء الحديث عن التربية الإيمانية وعلاقتها بالأمن الفكري غلّب الكاتب الجانب الوعظي على الجوانب التصوّرية بالرغم أنه تناوَل موضوعًا فكريًّا منهجيًّا؛ إِذْ نجد المؤلّف يتحدّث عن التربية الإيمانية بطريقة وصفية دون بيان منهج القرآن الكريم في ذلك، وبيان كيف نجعل من التربية الإيمانية منطلقًا لتشكيل التصوّر السليم عند الإنسان، أو بيان كيف يتم ذلك الآن، من خلال استحضار التحديات المطروحة. وفيما يأتي بعض النماذج التي تثبت ذلك، قال: «التربية الإيمانية مهمّة لضمان وحفظ الفكر من الشبهات والشهوات، فالتربية التي تؤسَّس على القرآن والسنّة النبوية، واحتواء المحضن التربوي المناسب من خلال الاتصال بالعلماء الربانيين أصحاب الفكر السليم =تكون لهم بتوفيق الله الموصِّلَ إلى النصر، وإلا فإنّ الإخفاق والإحباط مصير كلّ عمل لا يلتزم بهذه الإيمانيات»[14]. ولا شك أنّ هذا الكلام هو محلُّ اتفاق بين كلّ المسلمين، لكن التنزيل على أرض الواقع هو الذي يبقى محلّ تساؤل، كيف يجد ذلك سبيلًا إلى البرامج والمؤسّسات التي تضطلع بمهمّة التربية.

وكذلك لم يلتزم بالمعنى الذي اختاره للتربية، حيث ذكر: «أقصدُ بالتربية هنا التربية الإيمانية القرآنية، وهو ما يمتاز به القرآن الكريم من خصائص عالية موصلة لغايات سامية؛ إِذْ يأخذ بلُبّ المرء فيجعله يرتقي من حال إلى أحسن، وإلى أفضل بل وإلى أعلى وأسمى في العمل والمعتقَد والفكر ونحو ذلك، وكلّ هذا يدلّ عليه معنى التربية، والتربية إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حدّ التمام»[15].

وهذا يقتضي أن يشير -حسَب ما يسمح به المقام- إلى شواهد ذلك في القرآن الكريم.

رابعًا: هناك الكثير من الموضوعات والقضايا التي لها ارتباط بموضوع الكتاب، ولكن المؤلّف لم يشر إليها من قبيل حجم حضور التساؤل في القرآن الكريم، ودور ذلك في بناء العقلية العلمية. ونفس الأمر فيما يتعلّق بحديثه عن إعمال العقل الذي أشار إليه في جزئية صغيرة، بالرغم مما يطرح ذلك من إشكالات لها تعلّق كبير بحماية الفكر والأمن الفكري.

ويكمن أثر خلوّ الكتاب من تلك المسائل التي ذكرت، بالنظر إلى أن الكاتب يتحدث عن حماية في الفكر في القرآن الكريم، وهي قضايا لها تعلّق كبير بالفكر من جهة، ومن جهة أخرى تحتل مساحة واسعة في القرآن الكريم، فليس من المستحسن تركها أو الذهول عنها.

خامسًا: لم يتمكّن الباحث -بالرغم من الجهد الذي بذله- من إيفاء الضميمة (دراسة موضوعية) التي قـيّد بها عنوان بحثه؛ نظرًا لما تقتضيه الدراسة الموضوعية من جمع وتصنيف ومقارنة وتحليل وتركيب.

ويكمن أثر ذلك على قضية الكتاب أن يزعم الكاتب بدراسة موضوعية لقضية جوهرية، ثم تبقى الكثير من المسائل التي لم يتعرّض لها والكثير من الآيات والسور التي لم يستحضرها، ودليل ذلك هو أن نتساءل: هل كلّ القضايا التي ذكر أنه يجب اجتنابها لحماية الفكر هي فقط الواردة في القرآن؟ ونفس الأمر ينسحب على ما يجب التزامها، وكذا آثار حماية الفكر.

ولذلك يعدّ الكتاب مجرّد مقدمة لموضوع حماية الفكر في القرآن الكريم، لا دراسة موضوعية.

خاتمة:

 نخلص مما سبق بيانه إلى أن المؤلّف عالج موضوعًا مهمًّا، له راهنيته وقيمته وجدواه، بالنظر إلى التحديات الفكرية المطروحة اليوم، والتي تستلزم تضافر جهود الباحثين -كلٌّ من زاوية اشتغاله- من أجل التصدي الجماعي والمدافعة العلمية، بحيث يتم استثمار كلّ الكسب العلمي الإيجابي.

والجهد الذي قدّمه المؤلِّف في موضوع حماية الفكر في القرآن الكريم جهد معتبَر، يمكن للباحثين في الدراسات القرآنية أن يتلمّسوا منه مجموعة من الزوايا التي تحتاج إلى مزيد سبر وتحقيق وتدقيق واستئناف النظر، حسَب ما يستجد ويطرأ في عالم الفكر ومعترك الأفكار.

ولا غرو أنّ التدافع الفكري من خلال المرجعية القرآنية يعدّ ضربًا من أضرب تجديد الدرس القرآني المعاصر، بحيث تحقّق الأجيال المتعاقبة كسبها من الوحي دون أن تبقى عالة على كسب غيرها، من منطلق أن كلمات الله لا نفاد لها، وأنها صالحة لكلّ زمان ومكان، ليس بقول نردّده ونتفنن بصوغ العبارات الرنانة لترداده؛ وإنما بجهود علمية عميقة ومسؤولة.

 

[1] الكتاب صادر عن دار الحضارة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى سنة 2016م. يقع الكتاب في 235 صفحة من الحجم الكبير، والكتاب أصله رسالة ماجستير من جامعة الملك فيصل.

[2] أحمد محمد الفريح من مواليد 1396هـ بالمملكة العربية السعودية، حاصل على البكالوريوس في الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. ماجستير آداب جامعة الملك فيصل تخصّص الكتاب والسنّة.

مرشد طلابي بثانوية الشيخ محمد بن عبد الوهاب. إمام وخطيب وعضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن والسنّة، وعضو الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية.

[3] حماية الفكر في القرآن الكريم، ص10.

[4] حماية الفكر، ص15.

[5] حماية الفكر، ص55.

[6] حماية الفكر، ص58.

[7] حماية الفكر، ص88.

[8] حماية الفكر، ص104.

[9] حماية الفكر، ص116.

[10] حماية الفكر، ص121.

[11] حماية الفكر، ص161.

[12] حماية الفكر، ص166.

[13] ينظر ذلك في ص20 وما بعدها، والصفحة ص162.

[14] حماية الفكر، ص154.

[15] حماية الفكر، ص146.

الكاتب

الدكتور مصطفى فاتيحي

حاصل على الدكتوراه من جامعة القاضي عياض بمراكش - المغرب، وأستاذ التعليم التأهيلي الثانوي.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))