القِلّة والكثرة في القرآن

الكاتب : أحمد الشرباصي
تَتَتَـبَّعُ هذه المقالة ذِكر القلّة والكثرة في القرآن، وتسلّط الضوء على الاستعمال القرآني لكلّ منهما ودلالاته.

القِلّة والكثرة في القرآن[1]

  تعارَف العامّة من الناس على أنّ القِلَّة تفيد الضّعف والضَّآلة، وأنّ الكثرة تُوحي بالقوّة والغلَبة، وقد يعتمدون في هذا الفهم على مِثْل قول الأَوّل: «وإنما العِزّة للكاثر»، كما أنهم قد يعتمدون على أصلِ المعنى اللغوي لكلمتَيْ قليل وكثير، فإنهما يُستعملان في الأعداد، والعددُ القليل أضألُ بطبيعة الحال من العدد الكثير.

جاء في (مفردات القرآن) للراغب الأصفهاني: «القِلَّة والكَثْرَة يُستعملان في الأعداد، كما أنّ العِظَم والصِّغَر يُستعملان في الأجسام، ثم يُستعار كلّ واحدٍ من الكَثْرَة والعِظَم، ومن القِلَّة والصِّغَر، للآخر»[2].

وفي أساس البلاغة للزمخشري: «في مالِه قِلَّة وقُلٌّ (والرِّبا وإنْ كَثُر فهو إلى قُلّ)، والحمد لله على القُلّ والكُثْر، وأخَذَ قُلَّه وترَك كُثْرَه، أي: أقلّه وأكْثَره»[3].

هذا هو أصل المعنى اللغوي لكلمتي القِلّة والكثرة، وذاك هو متعارَف الناس في استعمالهما وفهمِ معناهما، ولكني تأمّلتُ في استعمال القرآن الكريم لهاتين الكلمتين، فإذا طريقة أخرى لافتة للأبصار والبصائر، وإذا هذه الطريقة تتلخّص في أنّ القرآن الكريم إذا ذكَر (القِلّة) فهو يذكرها غالبًا في مقام المدح والتقدير، والإشارة إلى أنّ القِلّة الطيّبة خير من الكثرة السيئة، وإذا ذكَر (الكثرة) فهو يذكرها غالبًا في مقام الاستخفاف وقِلّة المبالاة، والإشارة إلى أنها لا تُغني ولا تدوم، اللهم إلّا إذا نُسبت الكثرة إلى الله، فإنها حينئذٍ تكون جامعة للحُسنيَيْن؛ لكثرةِ العدد، وجلال القيمة.

ولا يعكِّر على ذلك أنْ نرَى بعض الآيات الكريمة يُذكر فيها الخير والشرّ موصوفَيْن بالكثرة، كقوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [البقرة: 26]، فلهذا وجهه وتأويله.

يقول النيسابوري: «وأهلُ الهدى كثيرٌ في أنفسهم، وحيث يوصَفون بالقِلّة: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]، ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص: 24]؛ إنما يوصَفون بها بالقياس إلى أهل الضلال، وأيضًا فإنّ المهديين كثيرٌ في الحقيقة، وإنْ قلُّوا في الصورة.

إِنَّ الكِرَامَ كثِيرٌ في البِلادِ، وإنْ ** قَلُّوا، كَمَا غَيْرُهُمْ قُلٌّ وإنْ كَثُروا»[4].

ويقول جار الله الزمخشري عند تفسير الآية السابقة: «فإنْ قلت: لم وُصِف المهديون بالكثرةِ والقِلَّةُ صفتُهُم: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾، ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾، (الناسُ كإبلٍ مائةٍ لا تجدُ فيها راحلة)...؟ قلت: أهلُ الهدى كثيرٌ في أنفسهم، وحين يوصَفون بالقِلّة إنما يوصَفون بها بالقياس إلى أهل الضلال، وأيضًا فإنّ القليل من المهديين كثيرٌ في الحقيقة، وإن قلُّوا في الصورة، فسُمُّوا -ذهابًا إلى الحقيقة- كثيرًا:

إِنَّ الكِرَامَ كثِيرٌ في البِلادِ، وإنْ ** قَلُّوا، كَمَا غَيْرُهُمْ قُلٌّ وإنْ كَثُروا»[5].

وقد علّق على هذه العبارة الزمخشرية ابن المنير الإسكندري، بقوله:

«جوابه صحيح، وتنظيره بالبيت وهمٌ؛ لأن الشاعر إنما ذهب إلى أنَّ عدد الكرام وإنْ كان قليلًا منهم في نفسه فالواحد منهم لعموم نفعه وانبساط كَرَمه يقوم مقام ألفٍ من جنسه مثلًا؛ وعدد اللئام وإنْ كثروا فالأكثرون منهم يعدّ بواحد من غيرهم؛ لغلِّ أيديهم وانقباضها عن الجُود، وعدم تعدّي نفعٍ منهم إلى غيرهم، كقول ابن زيد:

النّاسُ ألفٌ مِنهُمُ كَواحِدٍ ** وواحِدٌ كالألفِ إنْ أمْرٌ عَرَا

وأمّا الآية فمضمونها أنّ عدد المهديين كثيرٌ في نفسه، ومضمون الآيات الأُخَر أنّ عددهم قليل بالنسبة إلى كثرة عدد الضالّين؛ فعبّر عنه تارة بالكثرة نظرًا إلى ذاته، وتارة بالقِلّة نظرًا إلى غيره، فليس معنى البيت من الآية في شيء»[6].

ونعود بعد ذلك إلى استعمال القرآن الكريم لكلمتي (القلّة والكثرة) حتى نرى مدى انطباق القاعدة التي استخلصنَاها من قبل.

يقول القرآن المجيد عن أهل النعيم الفائزين بالرضا والرضوان: ﴿أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ* ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ[الواقعة: 11- 14]، فتراه قد وصَفهم بأنهم ﴿ثُلَّةٌ﴾ أي: جماعة، ﴿مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: الأمم السالفة قبل محمد -صلى الله عليه وسلم-، ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾، أي: ما جاء بعد الرسول، فوصَفَ أتباعَ الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذين ينالون رضوان ربهم السابغ بالقِلّة، والقِلّة هنا بالنسبة لسائر الأمم، لا أمّة واحدة، وإلا فسابِقو أمةِ محمدٍ أكثرُ من سابِقِي أيّةِ أمّةٍ منفردة.

ويصف القرآنُ الكريم الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين لا يبغون على أحد، ولا يظلمون غيرهم في شيء، بأنهم قليل، فيقول: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: 24]، أي: وهُمْ قليلٌ، و﴿مَا﴾ هذه مزيدة للإبهام والتعجُّب مِن قِلّتهم كما يقول البيضاوي في تفسيره.

والذين استجابوا لنوح -عليه السلام- وآمنوا به، ليسوا كثيرًا، بل هم قِلّة. ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود: 40]. قيل كانوا تسعة وسبعين: زوجته المسلمة وبنوه الثلاثة ونساؤهم واثنان وسبعون رجلًا من غيرهم.

والذين يشكرون نِعْمة ربهم على وجه الشكر ليسوا عددًا ضخمًا؛ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]. والشكور القليل في العباد هو الذي يتوفّر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه في أكثر أوقاته، ومع ذلك لا يوفّي حقّه؛ لأن توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكرًا آخَر، لا إلى نهاية؛ ولذلك قيل: «الشكور مَن يرَى عَجْزَه عن الشكر»[7].

والذين يعلمون أمْرَ أهل الكهف على وجهه قليلٌ، ولا شك أنّ هذه المعرفة تنبئ عن عِظَمِ المكانة وجلال الرُّتبة، ومن هنا قال الأصفهاني عن القِلّة: «ويُكنى بها تارة عن العِزّة اعتبارًا بقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾، ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾؛ وذلك أنّ كلّ ما يعزُّ يقلّ وجوده»[8]. يقول القرآن عن أهل الكهف: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ[الكهف: 22].

والقلّة المستضعَفة لا يضيرها ضَعفُها ولا قلّتها إذا آمنتْ وأيقنتْ، بل قد تكون هذه القلّة المؤمنة مفتاحًا لنصر الله المبين المفضِي إلى الغلَبة والسيادة والسعادة؛ ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الأنفال: 26].

والناقضون للعهد كثيرون، والثابتون على العهد المقبلون على الله قليل؛ ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [البقرة: 83]. والخطاب لليهود الذين نكثوا عهد الله، ونقضوا ميثاقه، وخالفوا أمره وتولّوا عنه معرضين، إلا مَن عصمه الله فحفظ العهد والميثاق، وهؤلاء قليل جدًّا بالنسبة إلى الناكثين الناقضين المعرضين.

ويقول القرآن: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 246]، والحديث أيضًا عن بني إسرائيل بعد موسى، والجماعة القليلة في ميدان القتال لا تضيرها قلّتها، كما لا تنفع الجماعة الكثيرة كثرتها؛ ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[البقرة: 249].

ولا نريد التوسّع في عرض الآيات والتعليق عليها فيما يتصل بلفظ القِلّة، وحسبنا أن نتدبّر في هذه الآية التي وردت بها كلمة (القلة) وهي تفيد التقدير وعظيم الشأن.

﴿وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [المائدة: 13]، ﴿لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا[الإسراء: 62]، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ[الأعراف: 86]، ﴿وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 76]، ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا* فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا[الكهف: 39- 40]... إلخ.

وننتقل إلى استعمال القرآن الكريم لكلمة (الكثرة) فنجد أنها تأتي غالبًا في مواطن الذمّ والسوء والاستخفاف والاستهزاء.

يقول القرآن: ﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ [المائدة: 100]. والكثرة التي تُعجَب بنفسها لا تغني شيئًا، ولا تقوم مقام القلة الصابرة المتواضعة؛ ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ[التوبة: 25].

وحديث الناس المكثار أغلبه معثار؛ ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].

والكافرون والمجرمون والطاغون والضالون والمفسدون والجاحدون والفاسقون كثيرون، ولكنها كثرة الهباء المنثور الذي لا تقوم له قائمة أمام سلطان الحق القيوم؛ وحسبنا أن نتدبر -لندرك ذلك المعنى- الآيات الآتية:

﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ[الفجر: 11- 12]، ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة: 66]، ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ [الحج: 18]، ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ[الروم: 8]، ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ[الصافات: 71]، ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[الأنعام: 116]، ﴿إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ[هود: 17]، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: 103]، ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا[الفرقان: 50]، ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا[يونس: 36]، ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ[الأعراف: 102]... إلخ.

فإذا نُسبت الكثرة إلى الله فإنها الكثرة الطيبة العامرة الغامرة بكثرة عددها وعِظَم مكانتها وجلالِ قدرها؛ فالله يحدِّث عباده عن الأماكن التي نصرهم فيها -وما أكثرها وما أجلّها- فيقول: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ[التوبة: 25]، وهو سبحانه يتحدّث عن نعمه وآلائه ومغانمه فإذا هي كثيرة حسًّا ومعنًى، وعددًا وقيمةً، فيقول: ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ[النساء: 94]، ويقول: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا[الفتح: 20].

ويتحدَّث عن نعيم الجنة وخيراتها، فإذا هي كثيرة حقًّا وصدقًا: ﴿لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ﴾ [المؤمنون: 19]، ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة: 32- 33]، ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ[ص: 51]... إلخ.

ماذا نستفيد من ذاك؟ نستفيد أنّ القرآن الكريم وهو كتاب حِكمة وتوجيه وتهذيب، يعمد إلى إِلباس بعض الكلمات معاني خاصّة؛ ليثير بها الهِمَم ويصحِّح بها الموازين. ونستفيد أنّ القِلّة الراشدة تسير إلى خير، ولا تضيرها هذه القلة، وأنّ الكثرة الضالة تصير إلى الانخذال والبوار. ونستفيد عدم المبالاة بطغيان المستكثرين، فعمّا قليلٍ يعزّ الحقّ المستضعَف القليل؛ ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[العنكبوت: 69]. ونستفيد أنّ (عِزّة الكاثر) إنما تكون حقًّا وصِدقًا من الله وبالله، سبحانه هو ربُّ العِزّة والجبروت، ومصدر الهداية والتوفيق.

 

[1] نُشرت هذه المقالة في مجلة «الأزهر»، المجلد السادس والعشرون، الجزء الثامن، ربيع الآخر سنة 1374هـ، ص433. (موقع تفسير).

[2] المفردات للأصفهاني، ص420.

[3] الأساس، (2/ 273).

[4] تفسير النيسابوري على هامش الطبري، (1/ 204).

[5] تفسير الكشاف، (1/ 57، 58).

[6] تفسير الكشاف، (1/ 57، 58).

[7] تفسير البيضاوي.

[8] المفردات، ص420.

الكاتب

الدكتور أحمد الشرباصي

من علماء الأزهر الشريف، أسندت إليه أمانة الفتوى في الأزهر، وتوفي عام 1980م.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))